Professional Documents
Culture Documents
كاهن أ م معمار؟
عبدالله سامي محمود
لم يلتفت العلمة ( آلوا موسيل ) لشارات المصادر السلمية العديدة عن المعمار
الرومي ( سنمَار ) – باني ( الخورنق ) و غيرها من القصور– والتي سطرَها في كتابه
عن( الفرات الوسط )1و يكتفي احمد سوسة 2و شريف يوسف 3و واثق إسماعيل الصالحي
4بالشارة للقصر من الناحية التاريخية الوصفية دون إعارة الهتمام للخبر المرتبط
بهذه الشارات حول الجرة – السر التي دفنت كما يبدو مع معمارها الملقى به من فوق
سطح القصر و التي يعتبرها العلمة ( احمد أمين ) 5من نماذج ضعف التعليل عند العرب.
ويدور موضوع القصائد المنظومة عن القصر من قبل الشاعرين عبد المسيح بن عمرو بن
بقيلة وعدي بن زيد العبادي بالتذكير بفناء الحياة وجدوى التعلق بها.تاركين لسنمَار الخلود
1
يقول الشاعر في صفحات المثال الشعبية كضحية تلقت أسوء الجزاء عن عمل الخير.
6
( عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي )
ويضرب بنهاية المعمار( سنمَار )(7المثل في الدب العربي في الجزاء السيئ ,فيقال
( جزاه جزاء سنمَار ) 8التي تنسب نهايته على يد النعمان بن امرئ القيس – حسب اغلب
المصادر التاريخية 9-بالرغم من أنها تنسب ,أيضا ,إلى ( احيحة بن الجلَح ) .10و يعتقد
العلمة ( جواد علي )11إن( بعض القصص الشائع المتواتر عن الجاهليين,مثل قصة يومي
البؤس و النعيم ,و قصة شريك مع الملك المنذر ,و قصة سنمَار و أمثال ذلك ,قصص
و إن اقترن بأسماء جاهلية ,إل أن أصوله غير عربية ,دخلت العرب من منابع خارجية ,
عند شعوب من منابع يونانية و فارسية و نصرانية ,و هو أيضا من القصص الوارد
أخرى,بدليل وجود شبه و مثيل له في أساطير العاجم ,وفي حكايات النصارى)التي تغيب
تماما عن مصادر أهل الخبار يقول( روفائيل بابو اسحق) في كتابه عن مدارس العراق
قبل السلم (12لقد شاد نصارى وادي الرافدين مدارس في اغلب كنائسهم و معابدهم غير
إن أسماءها لم تصل ألينا لما أصابها من الهوال و الضطهادات و الغارات و قد بنوا في
مطاوي القرون الثلثة الولى للميلد كنائس عديدة .و وقف الثاريون على كنائس قديمة
مطمورة في ارض العراق يرتقي عهدها إلى العصر الرابع و الخامس و السادس للميلد .
و من أجمل و اكبر البيع و الكنائس في تلك الزمنة ! كنائس الحيرة و المدائن و تكريت و
13
كنيسة مار دانيال في بابل) .و لعلي بن محمد الحماني العلوي ,يذكر هذه المواضع :
و يقول (محمد بن عبد الرحمن الثرواني ) 14في قصر أبي الخصيب :
2
(من هذا يظهر أن الخورنق و السدير كانا في محل واحد يطلق عليهما الخورنق ,ثم يفصل
15
والى السدير و كان محل للعبادة ) ذلك إلى الخورنق و كان محل الكل و المآدب ,
16
يدعوها بـ ( ديارات الساقف ,و بحضرتها نهر يعرف و الشابشتي في ( الديارات )
بالغدير.على يمينه قصر أبي الخصيب مولى أبي جعفر و عن شماله السدير)( و قصر أبي
الخصيب هذا احد متنزهات الدنيا.وهو مشرف على النجف)(و يصعد من أسفله على درجة
طولها خمسون مرقاة إلى سطح حسن و مجلس فيشرف الناظر على النجف و الحيرة من
طولها خمسون مرقاة إلى سطح افيح ذلك الموضع ثم يصعد منه على درجة أخرى
و مجلس عجيب().و أبو الخصيب هذا ,مولى أبي جعفر المنصور و حاجبه ().و السدير ,
قصر عظيم من أبنية ملوك لخم في قديم الزمان و ما بقي ألن منه 17فهو ديارات و بيع
الذي يعتقد واثق الصالحي(بأنه تألف في بعض للنصارى)تمثل الشائع عن الخورنق,
أجزائه من عدة طوابق )18ويصف ( ابن بطوطة ) في رحلته ,الخورنق بعد خروجه من
19
مشهد علي عليه السلم(:فنزلنا الخورنق,موضع سكنى النعمان بن المنذر وآبائه من ملوك
ماء السماء ,و به عمارة و بقايا قباب ضخمة في فضاء فسيح على نهر يخرج من الفرات )
وهي عمارة القصور التي تحمي ( الكنائس و بيوت الناس) 20على ما يرى جواد علي .
و نعتقد إن ( خربة الخورنق ) بإبعادها ( الستين خطوة) التي وصفها ( موسيل ) 21بكتابه
على ما يرى الباحث الصالحي – ( حسب عن الفرات الوسط تمثل معبدا أو كنيسا –
الخصائص المعمارية العراقية السائدة آنذاك ) والتي ( لم تتأثر بعمارة الكنائس المتبعة في
سورية ) ( فقد تألفت من بناء مستطيل الشكل طوله 27.18م و عرضه 15.06م .22).
ونرى في القصة الشهيرة عدد من الصور المتراكبة يمكننا أن نباشر بتفكيكها بالعودة أول
إلى ياقوت في موسوعته البلدانية حين أورد القصة مرتين بالتفاصيل المعروفة عن
المعمار الرومي( سنمَار) ثم أعادة نفس تفاصيل القصة بدون الشارة لقصة المعمار.يقول
ياقوت 23عن الملك النعمان( :بينما هو ذات يوم جالس في مجلسه في الخورنق فأشرف
وعلى على النجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والنهار مما يلي المغرب
الفرات مما يلي الشرق و الخورنق مقابل الفرات يدور عليه على عاقول كالخندق
فأعجبه ما رأى من الخضرة و النور و النهار فقال لوزيره :أرأيت مثل هذا المنظر و
حسنه ؟ فقال :ل و ال أيها الملك ما رأيت مثله لو كان يدوم! قال :فما الذي يدم ؟ قال:ما
عند ال في الخرة,فقال :فبم ينال ذلك ؟ قال :بترك هذه الدنيا و عبادة ال والتماس ما
عنده ),وفي ذلك يقول عدي بن زيد العبادي : 24
زهد الرهبان وتصوف حيث يرى العلمة( جواد علي )(25في شعر عدي بن زيد,
المتصوفين ,فيه تذكير بالخرة و تزهيد في الدنيا,و وعظ بمصير محزن يلحق المغرورين
العتاة المتجبرين)وهي مشاعر عميقة استثارها الحساس الديني لنصارى الحيرة بالتغيرات
3
التي هددت كيانهم تتضح في جملة القصائد التي تستدر العبرة والعظة وكذلك في قصص
قصة المعمار سنمَار و قصة البرامكة التي يذكرها ( الشابشتي )26في ذات مغزى منها
كتاب الديارات (:قال :لما نزل الرشيد الحيرة ,وقت منصرفه من الحج ,ركب جعفر بن
يحي إلى السدير فطافه و نظر إلى بنائه.ثم وقعت عينه على كتاب في أعله فأمر من صعد
إلى الموضع فقرأه .فقال في نفسه:قد جعلته فأل لما أخافه من الرشيد .فقرئ ,فإذا هو :
فحزن جعفر لذلك و صار ينشد البيات و يقول :ذهب و ال أمرنا ). 27
قالها(عند غلبة خالد بن الوليد و يذكر ( ياقوت ) 28أبيات لعبد المسيح بن عمرو بن بقيلة
على الحيرة في خلفة أبي بكر الصديق ,رضي ال عنه :
و يشير اسم المعمار إلى أصل ديني يدل إلى القمر ,ذلك المعبود الثير في ديانات العرب
فالسم يتكون من مقطعين الول ,سين ,و هو اسم القمر .و ينقل صاحب ( لسان العرب )
عن أبي عمرو و ابن سيده ,القول في ( السنمَار ) 29بمعنى القمر المضئ .والثاني ,مار,
أي العابد للله عند النصارى ليصبح المعنى عابد الله أو عبد سين .وإن الصخرة المشار
الذين لها في القصة,هي صخرة المذبح التي تهدمت مخلفة 30وجعا ومعاناة للنصارى
انتقلت باغتهم السلم في دورهم فصاروا يبثون أحزانهم في قصص و أشعار
عبر الروايات و الرواة .
الهوامش
4
– 1الفرات الوسط – رحلة وصفية /آلوا موسيل – ت :صدقي حمدي و عبد المطلب عبد
الرحمن داود /حا 57الصفحات . 156-149
– 2تاريخ حضارة وادي الرافدين /ج /2د .احمد سوسة – ص .250
– 3تاريخ فن العمارة العراقية /شريف يوسف – ص .221
– 4حضارة العراق /ج / 3العمارة قبيل السلم /د .واثق إسماعيل الصالحي – ص 260و
ص .261
– 5فجر السلم /ج / 1احمد أمين – ص .49
– 6معجم البلدان /ج / 2ياقوت الحموي – ص .402-401
– 7المصدر السابق –ص .401
- 8المفصل في تاريخ العرب قبل السلم /ج / 3جواد علي – ص .200
–9المصدر السابق – ص .202
-10نفسه – ص . 201
-11نفسه /ج – 8ص . 376
-12مدارس العراق قبل السلم /روفائيل بابو اسحق – ص .49
-13الديارات /الشابشتي – ت :كوركيس عواد – ص . 237
-14ياقوت – ص .531
-15الصالحي – ص .260
-16الشابشتي – ص .236
-17الشابشتي توفي 388هـ .
-18الصالحي – ص .260
-19رحلة ابن بطوطة – ص . 199
-20جواد علي /ج – 8ص . 296
-21موسيل – ص . 156
-22الصالحي – ص . 257-256
-23ياقوت – ص , 402جواد علي /ج – 9ص . 679
-24المصدر السابق .
-25جواد علي /ج – 9ص . 678
-26الشابشتي – ص . 238
-27ياقوت – ص . 542ترد القصة باختلف مع الشابشتي ,حيث ل يظهر القلق و الترقب الذي
يسبق ذكر البيات .
-28ياقوت – ص . 402
-29لسان العرب /ج / 7ابن منظور – ص ( 277مادة سنمَر ) .
-30يذكر شريف يوسف إن القصر ( أصبح في القرن الرابع عشر الميلدي خرابا و ل يعرف
اليوم موقعه ).ص . 219و ينقل احمد سوسة عن دائرة المعارف السلمية انه ( كان خربا في
القرن الخامس عشر الميلدي ).ص . 250و يعلق العلمة آلوا موسيل حول خربة القصر
التي ( أخذت جميع المواد الصالحة فيها أو أنها تؤخذ الن و تنقل ).ص . 156و المقصود بـ
( الن ) هو عام 1915م .
5