Professional Documents
Culture Documents
.القصة حكاية على شكل أشخاص وأحداث تتحرك ،وهي إما حقيقية ،أو رمزية من نسج الخيال
:هذه الوسيلة من أهم الوسائل التوجيهية في حياة اإلنسان ،والنفس اإلنسانية تميل إلى سماع القصة؛ لعدة أسباب
.في القصة انفعال النفس بالمواقف حين يتخيل اإلنسان نفسه داخل الحوادث ♦
♦ وأحاسيس .المشاركة الوجدانية ألشخاص القصة ،وما يثير ذلك في النفس من مشاعر
♦ عليه وسهل الولد ...).ثم إن النفوس تأنس باالقتداء( :الكالم النظري إذا دعِّم بقصة ،أَحبَّه
:الطفل والقصة
القصة من أهم الوسائل التربوية في حياة الطفل ،تلعب دورًا كبيرًا في شد انتباه الطفل ويقظته الفكرية والعقلية ،وتحتل المركز األول في
ً
مشتاقا إليها، األساليب الفكرية المؤثرة في عقل الطفل؛ لِّما لها من متعة ولذة ،واعتبِّر ذلك في القصة التي تقصها للصبي الصغير ،تجده
.منتب ًها معها ،وتمر عليها األيام الطوال ،فيعيدها لك بأحداثها ونبراتها ،وطريقة ذكرها
:القصص في القرآن
ولذلك ورد في القرآن الكريم منها الشيء الكثير؛ ألنه وسيلة إلى هداية النفس وانقيادها إلى الحق والعدل والفالح والهدى؛ قال هللا
ص ْال َقصَصَ ون ﴾ [األعراف ،]176 :قال اإلمام عبدالرحمن بن ناصر السعدي -رحمه هللا َ ﴿ :]1[-ف ْ
اق ُ
ص ِّ َك ُر َ ص ْال َقصَصَ لَ َعلَّ ُه ْ
م يَ َتف َّ
ص ِّاق ُ تعالىَ ﴿ :ف ْ
َّ
ون ﴾ [األعراف ]176 :في ضربِّ األمثال ،وفي ال ِّعبَر واآليات ،فإذا تفكروا علِّموا ،وإذا علِّموا عمِّلوا َّ ".لَ َعلَّ ُه ْ
م يَ َتفَك ُر َ
منَ ْال َغافِّلِّينَ ﴾ [يوسف ،]3 :وسلك ه لَ ِِّّن َق ْبلِّ ِّ
تم ْْآن وَإِّ ْن ُك ْن َ
ه َذا ْال ُقر َ سنَ ْال َقصَصِّ بِّمَا أَ ْو َ
ح ْينَا إِّلَ ْي َ
ك َ ك أَ ْ
ح َ ص َعلَ ْي َ ن نَ ُق ُّ ح ُ وقال سبحانه وتعالى ﴿ :نَ ْ
صد توجيههم وبناء شخصيتهم بهذه ي صلى هللا عليه وسلم هذا المنهج؛ فكان يقص للصحابة الكثير من المواقف واألحداث الماضية ،ب َق ْ النب ُّ
.الوسيلة
:األسرة والقصة
ُ
القصة ال تنقطع في األسرة في جميع مراحل العمر ،غير أنها تختلف في األسلوب والقوة والنوع ،واألسرة الناجحة تنتقي قصصها جي ًدا،
ة مناسبة سواء القصة المكتوبة أو المشا َ
هدة ،مع توضيح األهداف وال ِّقيَم التي يريدون ترسيخها في الطفل ،وترجمة ذلك إلى أساليبَ تربوي ٍ
.لسن الطفل
ماذا نقص ألطفالنا؟
كثرت فيه األهواء ،واختلطت فيه الرايات ،فيجب أن تكون قصصنا وحكاياتنا لألطفال تدل على كمال الرفعة والبطولة والتميز؛ نحن في عصر ُ
والخلق النبيل ،والشخصية اإلسالمية المتميزة؛ ولذلك فإننا نحكي ُ ربانية الهدف ،إيمانية اإليحاء ،تخدم في الطفل العقيد َة الصحيحة،
يقوم فيهم تلك الصفات والكماالت ِّ :ألطفالنا ما
:القصص من القرآن الكريم 1-
منَ ْال َغافِّلِّينَ ﴾ [يوسف ،]3 :وإذا
ه لَ ِّ
ِّن َق ْبلِّ ِّ
تم ْْآن وَإِّ ْن ُك ْن َ
ه َذا ْال ُقر َ سنَ ْال َقصَصِّ بِّمَا أَ ْو َ
ح ْينَا إِّلَ ْي َ
ك َ ك أَ ْ
ح َ ن نَ ُق ُّ
ص َعلَ ْي َ ح ُ
قال سبحانه وتعالى ﴿ :نَ ْ
تأملت في قصص القرآن الكريم وجدتها أحسن القصص؛ فهناك قصة آدم عليه السالم وما كان بينه وبين إبليس والمالئكة ،هناك قصة نوح َ
عليه السالم وما كان من أمره مع قومه وولده ،وهناك قصة إبراهيم مع زوجته سارة وهاجر ،ومع قومه في مواقف كثيرة ،هناك قصة ابنتي
شعيب للفتاة المسلمة ،هناك قصة ابني آدم لإلخوة ،قصة األسباط مع أخيهم يوسف عليه السالم ،هناك أصحاب األخدود ومسيرة الصراع
بين التوحيد والكفر ،قصة أصحاب الرقيم ومسيرة الصراع بين التوحيد والكفر ،قصة أصحاب الفيل ،وأصحاب القرية ،وقصة سبأ وعاقبة الكفر
م هللا ،قصة عاد وثمود ،وم َْدين قوم شعيب ،ومسيرة التكذيب في البشرية ،قصة موسى وفرعون وقارون وهامان ومسيرة الطغيان في بأن ُع ِّ
.األرض ،قصة الذي أماته هللا مائة عام ثم بعثه ،قصة لقمان مع ولده ،قصة صاحب الجنتين
جميع ذلك مذكور في القرآن الكريم بأساليبَ متنوعة من الحوار والسرد والتعقيب ،تحقِّق جمي ُعها مقاصد القصة كاملة ،يمكن تبسيطها
مشوق متميز ،فتتحقق األهداف بإذن هللا
ِّ .وتقريبها للولد بأسلوب
:سيرة النبي صلى هللا عليه وسلم 2-
منذ القديم والناس مولَعون بالحديث عن عظمائهم وأصحاب الفضل فيهم ،والنبي صلى هللا عليه وسلم هو القدوة التي ينبغي أن ترتبط بها
َّللا َكثِّيرًا ﴾ م ْاآل ِّ
خ َر َو َذ َك َر َّ َ َّللا و ْ
َاليَ ْو َ ْجو َّ َ َن َك َ
ان يَر ُ َسن ٌ
َة لِّم ْ َّللا ُأ ْ
سو ٌَة ح َ َسولِّ َّ ِّ ان لَ ُك ْ
م فِّي ر ُ شخصية الطفل في الحياة؛ قال هللا تعالى ﴿ :لَ َق ْد َك َ
[األحزاب ،]21 :الغرض من دراسة السيرة ا لنبوية ليس مجرد الوقوف على الوقائع التاريخية ،وال سردها للطفل للسمر؛ وإنما الغرض منها:
مبادئ وقواع َد مجردة في الذهن َ فهمها
.أن يتصور الولد حقيقة اإلسالم متجسدة في حياة النبي صلى هللا عليه وسلم بعد أن ِّ
:ال َقصص النبوي 3-
وهي القِّصص التي ذكرها النبي صلى هللا عليه وسلم بقوله" :كان فيمن كان قبلكم" ،أو غير ذلك ،وهي قصص كثيرة ،فيها الفائدة والعبرة
والموعظة؛ كقصة ُ
جريج العابد ،وقصة الكِّفل ،وقصة إبراهيم مع سارة والجبار ،وقصة الثالثة الذين آواهم المبيت في الغار ،وقصة أصحاب
َّ
.األخدود ،وقصة األقرع واألبرص واألعمى ،وقصة السحابة والفالح ،وقصة المقترض ألف دينار والخشبة
مشوق وجذاب؛ فإنها
ِّ جميع هذه القصص ترسخ في الولد القِّيم والمبادئ التي نبتغي تنشئته عليها ،خاصة إذا قصها المربي بأسلوب
.حينئ ٍذ من أقوى الوسائل تأثيرًا في نفس وعقل الولد
:قصص العظماء واألمجاد 4-
سيَرهم عِّبر ًة وعظة تحمل من الصحابة والتابعين والصالحين والمجدِّدين والفاتحين والنابغين والمتميزين في كل زمان ومكان؛ فإن في ِّ
ون ِّمنَ ْال ُ
مهَاج ِِّّرينَ ون ْاألَ َّو ُل َ
َالسابِّ ُق َ
المستمع على االقتداء والتأسي ،وتصنع فيه روح المبادرة واالنطالق والتجديد؛ كما قال هللا تعالى ﴿ :و َّ
ِّيم ﴾ ك ْال َف ْو ُز ْال َعظ ُخالِّ ِّدينَ فِّيهَا أَبَ ًدا َذلِّ َ
ح َتهَا ْاألَ ْنهَا ُر َ
ج ِّري تَ ْ ج َّنا ٍ
ت تَ ْ ضوا َع ْن ُه وَأَ َع َّد لَ ُه ْ
م َ م َو َر ُ ِّي َّ ُ
َّللا َع ْن ُه ْ ان َرض َ
س ٍ م بِّ ِّإ ْ
ح َ َار وَالَّ ِّذينَ اتَّبَ ُع ُ
وه ْ و َْ
َاأل ْنص ِّ
[].التوبة100 :
:القصص النافع من األدب الرمزي العام 5-
وهي القصص التي تكون على لسان الحيوان أو الجماد ،ولكنها تدل على حقائق في الحياة والنفوس والعباد ،وهي من ضرب الم َثل الطيب
.ألخذ العبرة والعظة
]كيف نحكي ألوالدنا؟[2
:إن تأثر الولد بالحكاية يتوقف على عوامل عدة
وضوح أحداث الحكاية لدى الطفل :فإن الحكاية الغامضة مملَّة وصعبة الحفظ؛ ولذلك يجب أال يكون في القصة محسنات بديعية ،وال صور •
.بيانية؛ فإن ذهن الطفل غير مستعد لذلك ،بل عليك بالبساطة والوضوح ،والتركيز على التشويقُ ،
بلغة بسيطة سهلة جذابة
فحاول تغيير األسلوب والصوت وطريقة اإللقاء •
ِّ شدة انفعال الصبي بالقصة يتوقف على أسلوب القصة ،وشدة انفعالك أنت بأحداثها؛
بحسب األحداث ،يجب أن تحسن اختيار الوقفات لشد انتباه الطفل ،أدخل الحوار والتكرار واالستفهام بين الحين والحين؛ ليزداد اإلقبال
واالستيعاب والتشويق ،وأحيانًا اقطع القصة ليزداد شوق الطفل إليها ،الحاصل أنه من يجيد فن الرواية لألطفال فإنه سيتعايش مع القصة
بث روح الحكاية في نفوس األطفال ِّ .وأحداثها ،ويقف على ما فيها من التشويق واإلثارة ،حتى يتمكن بذلك من
التركيز على القِّيم المستنبطة من القصة :القاص ينبغي أن يالئم األحداث لألبعاد التربوية والتعليمية :مثال ذلك :هذه القصة في حسن •
الجوار والتكافل مع الجار ،يتم تقديمها بأسلوب بسيط وممتع ،عنوان القصة" :جوار سعيد بن العاص"[ :أراد جاره بيع داره بمائة ألف درهم،
بكم تشترون مني جوار سعيد بن العاص؟ فقالوا :وهل ُيشترى جوار قط؟! قالُّ :
ردوا علي داري ،ال أبيع ،وخذوا فباعها وقال للمشترينَ :
حب بي ،وإن غِّبت حفظني ،وإن شهدت ق َّربني ،وإن سألته قضى حاجتي ،وإن لم قعدت سأل عني ،وإن رآني ر َّ
ُ مالكم؛ ال أد ُ
َع جوار رجل إن
ً
أسأله بدأني ،وإن نابتني نائبة فرج عني ،فبلغ ذلك سعيدا ،فبعث إليه بمائة ألف درهم"[ ،]3انظر كيف تقصها للطفل الصغير مع تبسيط
.ال ِّقيَم الجمالية التي تحتويها؛ ألنها هي المقصودة للتأثير في نفس وعقل الطفل ،وال بأس أن تستعين في هذا بالتحضير والتشاور مع الغير
]متى نحكي ألطفالنا؟[4
ما هي أفضل األوقات لحكاية القصص لألطفال؟
قصة لكل موقف (التربية باألحداث) :تكون القصة أكثر تشوي ًقا وأعمق تأثيرًا حينما تأتي موافق ًة للحالة الشعورية والظروف النفسية التي 1-
َّ
قص ُ
ضجيج الولد على الجار يتم توقيفه لن ضا نذكر له قصص الصبر واالحتساب ،وحين ُ
يكث ُر يمر بها المستمع ،مثال ذلك :حين يكون الولد مري ً
عق أمه برفضه شراء األغراض من َّ عليه قصة من قصص اإلساءة للجار ،وجزاء ذلك في الدنيا واآلخرة ،وحين تنتهي عقوبة الطفل الذي
:المتجر ،نذكر له حكاية الثالثة الذين آواهم المبيت إلى الغار ،أو قصة الرجل الذي يطوف الكعبة بأمه على ظهره وهو يقول
إني لها مطيَّة ال أذعر إذا ِّ
الركاب نفَرت ال أن ِّف ُر
ما حملت وأرضعتني أكثر هللاُ ربي ذو الجالل أكبَ ُر
].ثم قال الرجل :يا بن عمر ،أترى أني جزيتها؟ قال" :ال ،وال بطلقة واحدة ،ولكنك أحسنت ،وهللا ُيثيبك على القليل كثيرًا"[5
قصة قبل النوم :إن القصة في هذا الوقت لها أهمية كبرى؛ فإن الطفل في هذا الوقت خاصة يعيش بخياله ،ويتصور األشياء ،ويضيف إلى 2-
ما هو واقعي شي ًئا من الخيال حسبما يتراءى له ،ووَف ًقا لحالته المعنوية وأحاسيسه الوجدانية ،وقد تعمل فيه القصة في النوم ،والقصة في
قصص قبل النوم؛ باالبتعاد عن قصص العنف
ِّ سنَ اختيار
هذا الوقت تثبت في ذاكرة الطفل ،وتختمر في عقله أثناء النوم ،فعلى المربي أن يح ِّ
.والحيوانات الخرافية المفزعة ،حتى ال ينطبع ذلك في ذاكرة الطفل ويرى كوابيس مفزعة
قصة عند الطلب :فإن الطفل حين يطلب قصة ،فهو في كامل االستعداد النفسي واالنفعالي لسماعها والتأثر بأحداثها؛ فالطفل حينما 3-
ً
درسا" ،فال تكن عن هذا من الغافلين خل ًقا ،أو لقِّنِّي
!يقول لك" :احكِّ لي حكاية" ،فهي فرصة ثمينة ،كأنه يقول لك" :علِّمني ُ
:نموذج لمنهج الحكاية وكيفية ترسيخ أهدافها
خلق الصدق والمراقبة في شخصية الطفل.الخلق الذي نريد ترسيخه :نريد ترسيخ ُ
ُ
القصة التي نحكيها للولد :ذكر قصة األقرع واألبرص واألعمى (رواها البخاري ومسلم) ،في الوقت المناسب ،وبالطريقة المناسبة للسن
.والقدرات
ُ
وكذب غيره الحكم التي نبينها له :صِّدق األعمى ومراقبته هلل تعالى هو الذي جعله ينال رضوان هللا تعالى ،وأن يدوم عليه الفضل والخير،
.هو الذي صيَّره إلى ما كان عليه من الفقر وسوء الحال
:المشاركة والمراقبة والمثوبة
ن صادقين في أقوالنا حتى يدوم علينا الفضل والخير؛ فإن هللا يراقبنا • ُ
.لنك ْ
اختيار حاالت ومواقف يتم عبرها امتحان صدق الطفل من كذبه ،ومجازاته على ذلك بحسب حاله (وضع دراهم في مكان قريب من •
).الطفل ،وضع حلوى األخ في مكان قريب منه ،امتحان الطفل بإيصال أمانة ُتعلِّمه أنها غير محسوبة وأنت تعلم حسابها