Professional Documents
Culture Documents
" -ليز" :كنت أعرف أن والداي يتعاطيان المخدرات لكني أدركت أنني وشقيقتي
مختلفتان عنهما.
-كان والداها يتركانها وحيدة وبال طعام حيث تضطر ألكل مكعبات الثلج ومعجون
األسنان
-عندما بدأت االلتحاق بالمدرسة ،كان القمل يتساقط من رأسي على دفتر
مالحظاتي
المخدرات
-تفوّقها الدراسي منحها منحة مالية ومقعدا في جامعة هارفارد لتنطلق في
نجاحاتها
ال يحوي العنوان الرئيسي أي مبالغة ألن ليز موراي تلك المشردة استطاعت أن
تقهر ظروفها وأثبتت القاعدة التي تقول أن هناك عدد قليل من الناس ُيولدون ولديهم
القدرة على إعادة اكتشاف أنفسهم واستعادة الحيوية لالنطالق من جديد في
حياتهم ،وتعد الذكية ليز موراي -التي كانا والداها من مدمني المخدرات -واحدة من
هؤالء القلة .كانا والداها ينفقان كل ما تمتلكه األسرة من نقود على ممارسة
عاداتهما السيئة .فيما كان الجوع واإلهمال القاسم المشترك األكبر لطفولتها فقد
عانت هي وأختها إهماال ً غير عادي .وكثيراً ما افتقرتا إلى أبسط االحتياجات كالغذاء
والمالبس.
وما إن بلغ عمر ليز الخامسة عشرة حتى وجدت نفسها كأي مش ّردة في الشوارع
وليس من مأوى يقيها .لقد تُوفيت والدتها من ج ّراء إصابتها بمرض اإليدز وضاع والدها
في الشوارع .لكن ليز أقسمت على نفسها بعد وفاة والدتها أن تخط ّ لنفسها حياة
لتجنّب هذا المصير العودة إلى المدرسة واالنطالق من جديد في حياتها .في هذا
الموضوع تسرد لنا كيف أنها نجت وغي ّرت حياتها رأساً على عقب وكيف أنها لم
الجميلة التي تعيشها العائلة كالعطالت الممتعة أو األمسيات الجميلة التي يلتئم
فيها شمل األسرة في عيد الميالد .بل إنها بدال ً من ذلك تستعيد الجوع الذي عاشته
ربّما أن ذكرياتها سوف تُعيدها إلى ذلك النزيف الذهني والذهول كطفلة صغيرة ال
تنام الليل كله ،الطفلة التي ترى أن والديها يبذالن كل ما في وسعهما من أجل
الحصول على المخدرات حيث إنهما يخرجان يجوبان الشوارع بحثاً عن ضياعهما في
حين ينام بقية العالم .وبالنسبة لليز التي هي من نيويورك ،والتي قد تجاوز عمرها
اآلن 30عاماً ،من المؤكد أن طفولتها كانت غير آمنة ولم تحظ خاللها بأي عناية .وكان
كل من والديها من المدمنين الذين ُيعانون من مشاكل نفسية خطيرة .وكان منزلهما
يقع في قلب حي برونكس المكان الذي يخلو من القوانين ،وبينما يخرج الوالدان في
رحالتهما االعتيادية ،كانا يتركان ليز وشقيقتها ليزا ،التي هي أكبر منها بسنتين
ليعتنيا بنفسيهما.
.وفي بعض األحيان كان هناك القليل من الطعام في المنزل ما يدفع الفتاتين إلى
أكل مكعبات الثلج ومعجون األسنان .وكثيراً ما بقيتا ألشهر دون غسل جسديهما
وكلما ازداد إدمان والديهما ،كانت شقتهما المكوّنة من ثالث غرف نوم تتحوّل إلى
ج بالجراثيم .وتقول ليز -التي تتذكر طفولتها جي ّداً أنها كانت تشعر
مكان جحيمي يع ّ
برياض األطفال " -كنت أعرف دائماً أن أمي وأبي يتعاطيان المخدرات لكن األمر
استغرق بعض الوقت لكي أدرك أننا مختلفتان عنهما" ..وفي ذلك الوقت كانت
وتقول ليز " :لقد أقدما على مخاطر سخيفة وكانا ال يكترثان لحياتهما كثيراً ،وعندما
لم يصابا بأذى" .وبينما كانت تعرف أن عليها أن تبقى ساكتة على ما يجري في
المنزل ،تقول ليز :كان من الواضح تماماً أنها وليزا يجري إهمالهما بشكل خطير.
وتتذكر ليز قائلة":عندما بدأت االلتحاق بالمدرسة ،كان القمل يتساقط من رأسي
بشكل متواصل على دفتر مالحظاتي ،وأدركت وعلى نحو سيئ للغاية أن األطفال
اآلخرين يتجنبوني".
وبدأت ليز التي تشعر بالعار والعزلة تهرب من المدرسة ،وعندما كانت ال تذهب إلى
السرقة أو التسكّع في الشوارع ،كانت تقضي معظم يومها على األريكة تشاهد
عروض األلعاب بجانب والدتها التي عادة تكون في حالة غيبوبة. .لقد كانت والدة ليز
شخصية قلقة .وكثيرا ً ما دخلت إلى وحدة الطب النفسي القريبة ،وحاجتها إلى
ًّ
جدا وتسيطر عليها لدرجة أنها في إحدى المناسبات باعت الديك المخدرات مل ّ
حة
الرومي المخصّص لعشاء عيد الميالد لتشتري المخدرات .وفي م ّرة أخرى حاولت أن
عن اإلدمان ،ذهبت ليز نحو دراسة علم النفس في جامعة هارفارد ،وتعمل حالياً
محاضرة متخصّصة في تحفيز الجماهير حيث تسافر إلى دول العالم األخرى ل ُتعلّم
الناس كيفية التخلّص من الظروف القاهرة .وكان العام الماضي قد شهد صدور
س َر الليل) الذي س ّ
جل مبيعات كبيرة في الواليات المتحدة ،وتسرد في هذا كتابها ُ
(ك ِ
الكتاب بشكل صريح رحلتها من الطفولة التي اقترنت بإدمان والديها المخدرات إلى
دراسات إيفي ليج مروراً بمرحلة المراهقة التي قضتها في الشوارع .ومع ذلك تُص ّر
المرارة تجاه والديها .وتقول ليز" :إن ما حدث قد حدث ،ومن نواحٍ كثيرة لقد كنت
ًّ
جدا .كنت أعرف دائماً كم يحبني والداي ،وبغض النظر عن الحالة التي محظوظة
ًّ
جدا. عليها أمي فهي في كل ليلة تقول لي إني بالنسبة لها شيء خاص
أما والدي فكان يقول لي دائماً إنه يحبني أيضاً " ..كانت والدة ليز تعاني من فصام
الشخصية الجزئي ،ووالدها الذي هو ابن مدمن على الكحول ،كان يعاني بشكل
خطير من اضطراب الوسواس القهري ،وترك الكلية عندما اكتشف عالم المخدرات.
وألنهما كانا معاً فقد أصبح األمل ضئيال ً ألي منهما ولكن ليز كانت تدرك دائماً أنهما
كانا بوضع أفضل لو حاوال فعل شيء .وتعترف ليز :لقد كانت أختي ليزا تريدهما أن
يكونا مثل اآلباء اآلخرين لكني كنت أشعر بنوع من التسليم من أن ذلك لن يحدث
أبداً ،ومع ذلك ،ال أزال أتعلم بعض الدروس المهمة منهما.
كانت والدتي تمتلك هذه الروح الرائعة التي تعتقد دائماً بأنها في يوم ما ستنبذ
حياتها .في حين أن والدي كان يوصيني بعدم االهتمام حقاً فيما يفكر فيه أي
شخص آخر ،ويشجعني على قراءة الكثير وأن أعيش من خالل قواعدي ،وهو
بالضبط ما فعلته.
وعندما كان عمر ليز عشر سنوات وفي ليلة كانت والدتها في حالة سكر وهي
تجلس على طرف سريرها أخبرت ليز بأنها تحمل فيروس نقص المناعة البشرية.
وبعد خمس سنوات من تعاطي المخدرات ،توفيت األم بسبب اإليدز دون أن تكون
ابنتها الشغوفة بها بجانبها .وهو أمر الزم ليز حتى يومنا هذا.
.وتعترف ليز " :كلما كبرت أكثر بدأت أبعد نفسي عن مرض والدتي وأبحث عن
حياتي الخاصة في الشوارع .وفي الشارع كان هناك اللعب والضحك والصداقة
والمغامرة ،وكل األشياء الحلوة التي لم أتمكن من الحصول عليها في المنزل أو في
المدرسة" .وفي الوقت الذي توفيت فيه والدتها ،كان والدها في ملجأ للمش ّردين
فيما ت عيش ليزا مع إحدى العوائل الصديقة لهم .وتقول ليز إنها صنعت لها عائلة
جديدة من صديقاتها في الشوارع ،بما في ذلك حبيبها األول الذي كان يمارس
باستمرار دور الفتوّة عليها وكذلك يتالعب بمشاعرها .وتقول ليز" :لقد كان من
السهل اإلبقاء على تلك العالقة ،ومن ثم فقدان السيطرة على جميع حياتي ،إال
أنني أعرف جي ّداً أنني ال أريد أن أنتهي إلى ما انتهى إليه والداي".
عاشت ليز تجربة مفاجئة .لقد التقت فتاة صغيرة أخرى في حفلة أحدثت تحوّال ً جذرياً
في حياتها وذلك من خالل دفعها للتسجيل في مدرسة ثانوية بديلة ،والتي تشبه
المدارس الخاصة للمحرومين .وتقول ليز التي بدأت بالتقديم إلى المدرسة على
ي أن أكون خالصة لظروفي ،وأنه الفور " :في تلك اللحظة أدركت أنه لم يتو ّ
جب عل ّ
باستطاعتي أن أغي ّر حياتي على نحو صحيح بدال ً من انتظار المستقبل المجهول كما
.لقد حصلت ليز على مكان في إحدى مدارس مدينة نيويورك البديلة ،وبدأت بدراسة
إلكمال دبلوم الدراسة الثانوية على الرغم من أنها ال تملك مكاناً لتعيش فيه .وتقول:
ي أن أنام في مترو األنفاق أو أن أذاكر في الساللم ،لكن األصدقاء ق ّ
دموا "كان عل ّ
.برعت ليز في المدرسة ومن خالل العمل الجاد والتصميم تمكنت من الحصول على
عبارة عن منحة تق ّ
دمها صحيفة نيويورك تايمز إلى الطالب ،وحصلت ليز على
.ومع ذلك ،تعترف ليز بأن الكلية لم تبهرها كثيراً في بعض األحيان حيث تقول " :لقد
ًّ
جدا ،وفي بعض األحيان كنت أرغب شعرت بأنني أضع قدمي في عالمين مختلفين
في أن أدعو أصدقائي القدامى للمجيء للجامعة وأن يدخلوا معي إلى المحاضرات.
وأحضرت إحداهن إلى جامعة هارفارد " .لقد توفي والد ليز من جراء مرض اإليدز
بينما كانت ال تزال ليز في الجامعة وكان أسفها الوحيد هو أن والديها قد فارقا الحياة.
.تخ ّرجت ليز في صيف عام 2009وتعيش حالياً في نيويورك مع شريكها جيمس
الذي التقت به في المدرسة الثانوية البديلة .وتذهب ليزا ،التي تعمل حالياً مدرسة
إلى الكلية حيث تعيش في مكان قريب .ولم تلمس أي من األختين المخدرات ويبدو
ممة دائماً
أنهما خاليتان تماماً من مشاكل والديهما .وتقول ليزا " :كانت أختي ليز مص ّ
على فعل شيء وأعتقد بأنها نجحت ألنها رفضت أن يعوقها تاريخها المؤذي".
.وتضيف ليز" :أشياء سيئة كثيرة تحدث للناس في كل وقت ولكن أن يبقى اإلنسان
حبيساً لها ويعيش اإلشفاق على الذات فإنه لن يتح ّرك إلى األمام .وتضيف ليز ،التي
تعتبر اآلن واحدة من أبرز المتحدثين الملهمين في العالم ،حيث شاركت في إلقاء
محاضرات مع توني بلير وميخائيل غورباتشوف والداالي الما" ،هذا هو أول شيء
أحاول أن أوصله إلى من يسمعني ،وباإلمكان أن تقدم رؤية لمستقبلك الذي ال