You are on page 1of 22

‫نحو نقد راديكاليي للمركزية الوروبية‬

‫حوار مع ألكسندر أنيفاس وكريم نيسانشيوغلو‬

‫)منشور على موقع مجلة‬


‫‪Viewpoint‬‬

‫في ديسمبر ‪(٢٠١٥‬‬

‫ترجمة‪ :‬محمد كمال‬

‫بحسب السرديية السائدة‪ ،‬كان أصل الرأسمالية سيرورة أوروبية في جوهرها‪ :‬كان نظططام وولطلطد فططي مطططاحن‬
‫ومصانع إنجلترا‪ ،‬أو تحطت أنصطال المقاصطل أثنطاء الثطورة الفرنسطية‪ .‬والماركسطية السياسطية )‪Political‬‬
‫‪ (Marxism‬أو حططتى تحليططل المنظومططات العالميططة )‪ (World-Systems analysis‬لططم تنططج مططن‬
‫هذه المعضلة ذات المركزيططة الوروبيططة‪ .‬فطي كتطاب ) ‪How the West Came to Rule: The‬‬
‫‪ (Geopolitical Origins of Capitalism‬أو "كي ططف س ططاد الغ ططرب‪ :‬الص ططول الجيوسياس ططية‬
‫للرأسمالية" )بلوتو برس‪ ،(2015 ،‬يعيد ألكسندر أنيفاس وكريم نيسانشططيوغلو مفهمططة نظريططة تروتسططكي‬
‫للتطططور غيططر المتكططافئ والمريكططب مططن أجططل تقييططم الططدور الحاسططم للمجتمعططات غيططر الغربيططة فططي ظهططور‬
‫الرأسمالية‪ .‬وفي هذا الطإار‪ ،‬يقطيدمان نظريططة أمميطيطة )‪ (internationalist‬للتغييططر الجتمططاعي ل تريكططز‬
‫على دور العمل الصناعي فحسب‪.‬‬

‫‪ -‬كتابكما الخأير "كيف ساد الغرب" يبدأ بتقييم نقديي لتنظيرات مستوحاة من ماركس بشأن النتقططال‬
‫إلى الرأسمالية مثل نظرية المنظومات العالمية أو الماركسيية السياسية‪ .‬لماذا هططذه التنظيطرات غيطر كافيطة‬
‫لتفسير كيف ساد الغرب؟‬

‫حس ط طننا‪ ،‬ثمط ططة مسط ططألتان متمايزتط ططان‪ ،‬وإن كانتط ططا مترابطط ططتين بإحكط ططام‪ ،‬هنط ططا‪ .‬المسط ططألة الولط ططى هط ططي منهط ططج‬
‫المنظومات العالمية في التحليطل ومفططاهيم الماركسططية السياسططية للنتقططال مططن القطاعييطة إلطى الرأسططمالية‪.‬‬
‫والمسططألة الثانيططة تتضططمن شططرح صططعود الهيمنططة الغربيططة‪ .‬فططي الفصططل الفتتططاحي مططن الكتططاب‪ ،‬نحططن نريكططز‬
‫فقططط علططى المسططألة الولططى بشططأن النتقططال إلططى الرأسططمالية فططي مواجهططة الماركسططية السياسططية وتفسططير‬
‫إيمانويطل والرشططتاين )‪ (Immanuel Wallerstein‬لمنهططج المنظومطات العالميطة فطي التحليطل‪ ،‬وفطي‬
‫الفصططول اللحقططة نربططط هططذه المسططألة بجططدال "صططعود الغططرب"‪ .‬بططدأنا الكتططاب بمثططل هططذه الطريقططة لنطيطهّ‬
‫بحس ططب الماركس ططيين السياس ططيين )‪ ،(Political Marxists‬والنم ططوذج المعييططن م ططن منه ططج النظم ططة‬
‫العالميططة فططي التحليططل الططذي وضططعهّ والرشططتاين‪ ،‬ثمططة اقططتران بيططن هططاتين المسططألتين التططاريخيتين؛ فأصططول‬
‫الرأسططمالية فططي بعططض دول أوروبططا الغربيططة )ل سططيما هولنططدا وإنجلططترا( توضططح كيططف صططعد "الغططرب" إلططى‬
‫موقع الهيمنة العالمية‪.‬‬

‫هططذه المقاربططة غيططر خأاطإئططة تمانمططا‪ ،‬باعتبططار أنيهططا غيططر مكتملططة‪ .‬بمجططرد أن حققططت الرأسططمالية إنجازاتهططا‬
‫الوليية في هولندا وانجلترا‪ ،‬أدى ذلك إلى زيادة الفطوارق المادييطة بيطن هطذه المجتمعطات وغيرهطا‪ .‬ولكطن‬
‫فططي الططوقت نفسططهّ‪ ،‬لططم يطوطترججم ظهططور الرأسططمالية فططي شططمال غططرب أوروبططا علططى الفططور إلططى نططوع مططن علقططة‬
‫القوة الهرمية الطتي مييطزت النظططام الممطيي فطي القططرن التاسطع عشطر‪ .‬وفطي حيطن عرضططت البنطى الجتماعيططة‬
‫للرأسمالية القدرة النتاجيطة لزيطادة البتكطارات التكنولوجيطة )لسيما فطي المجطال العسطكري( والقطدرات‬
‫الماليططة والتنظيميططة الفائقططة‪ ،‬إيل أنن الثططار التنمويططة لططم تكططن فوريططة أو غيططر متمططايزة‪ ،‬بططل متداخألططة وغيططر‬
‫متكافئططة‪ .‬فططي الواقططع‪ ،‬لططول "الكتشططاف" الوروبططي للعططالم الجديططد والفوائططد الماديططة الكططبيرة والمسططتحقة‬
‫لوروبا ‪ -‬الفوائد التي وولزعطت بشطكل غيطر متناسطب علطى هولنطدا وانجلطترا ‪ -‬لجمطا تحقطق هطذا الحتمطال‬
‫)انظر الفصل الخامس(‪ .‬ويمكننا قول الشيء نفسهّ عن آثار المستعمرات في جزر الهند الشرقية على‬
‫التط طيور الرأسططمالي الهولنططدي؛ إذ أنطيطهّ لططول قططدرات الطبقططة الحاكمططة الهولنديططة علططى السططتفادة مططن هططذه‬
‫الكتلة الواسعة – والمتشرذمة – مطن قطوة العمطل فطي آسيا‪ ،‬لجمطا اسطتمر تطيورهطا الرأسطمالي بنفطس طإريقطة‬
‫النماذج الخأرى "العتيقة" لرأس المال ‪ 1‬في دول المدن اليطالية الشمالية مثل جنططوة والبندقيططة )انظططر‬
‫الفصل السابع(‪.‬‬

‫لهططذه السططباب‪ ،‬فططإنن تصطيور أصططول الرأسططمالية فططي شططمال غططرب أوروبططا ل يكفططي فططي حططد ذاتططهّ لتفسططير‬
‫هيمنة السلطة الغربية بعد ذلك‪ .‬ولكن ينبغي تصيور الرأسمالية على أينها ويفرت شططروط وظططروف إمكانيططة‬
‫تفوق دول أوروبا الشمالية الغربية فطي النهايطة والهيمنطة علطى منافسطيهم السطيويين‪ .‬ومطع ذلطك‪ ،‬لطم تكطن‬
‫الرأسمالية البريطانية قططادرة علطى السطيطرة علطى المجتمعططات السطيوية الخأطرى المتطططورة مثططل الصططين إيل‬
‫عنططدما حط طيولت نفسططها إلططى قططوة صططناعية رأسططمالية‪ .‬وعلوة علططى ذلططك‪ ،‬تط طيم تسططهيل التحط طيول الصططناعي‬
‫البريط ططاني بش ططكل ك ططبير م ططن خألل "اكتش ططافات" الع ططالم الجدي ططد‪ ،‬وربم ططا الهط طيم م ططن ذل ططك‪ ،‬م ططن خألل‬
‫استعمار الراضي الهندية الذي لم يكن ممكننا إيل عن طإريق تضافر الضططغوط الداخأليططة والخارجيططة الططتي‬
‫زعزعت بشدة إمبراطإورية المغول في بداية القرن الثامن عشر )انظر الفصل ‪.(8‬‬

‫وبالتالي فإنن اخأتزال سؤال "كيف ساد الغرب" في مجرد شرح التحيول إلى الرأسمالية‪ ،‬كما نراهططا‪ ،‬يوعطيد‬
‫إشططكالية شططائعة بيططن كططل مططن الماركسططيين السياسططيين ومحللططي المنظومططة العالميططة مثططل والرشططتاين وبيططن‬
‫أتباعهّ‪ .‬وفي الوقت نفسهّ‪ ،‬هناك عدد من الشكاليات المحيددة في تنظيراتهم لصول الرأسمالية )انظر‬
‫الفصل الول(‪ .‬ولكن يمكن القول بإيجاز شديد إننا نسيلط الضوء على ثلثا قضايا إشكالية ومترابطة‬
‫بالتفسيرات الماركسية السياسية لظهور الرأسمالية‪ :‬أونل‪ ،‬التزامها المنهجي بتحليلل ذات مركزيططة أوروبيطة‬
‫‪ -‬أو بتعبير أدق‪ ،‬بحسب أتباع برينر‪ ،‬ذات مركزية إنجليزية ‪ -‬لصول الرأسمالية‪ .‬ثانيطنطا‪ ،‬الخلططل الناتططج‬
‫ف ططي دراس ططتهم للعلق ططة بي ططن تك ططوين الرأس ططمالية والجغرافي ططا السياس ططية‪ .‬وثالثنططا‪ ،‬تصط طيورها المجط طيرد للغاي ططة‬
‫ي )‪ (minimalist‬للرأسط ططمالية‪ .‬ولهط ططذه السط ططباب‪ ،‬فإننط ططا نحاجط ططج إنن المقاربط ططات الماركسط ططية‬ ‫والدنط ططو ي‬
‫السياسططية لدراسططة الرأسططمالية واهيططة نظريطنطا وتاريخينططا‪ ،‬علططى الرغططم مططن العديططد مططن التبص طرات والمفططاهيم‬
‫القييمة التي تعرضطها‪ .‬وبالمثطل‪ ،‬فطي حيطن أننطا نسطيلط الضطوء علطى بعطض المسطاهمات الهايمطة الطتي قطيدمها‬
‫والرشتاين وغيره من الباحثين الذين يتبنون منهج المنظومات العالميطة فطي دراسطة أصططول الرأسططمالية‪ ،‬إيل‬
‫أننططا نحاجططج بططأنن هططذه المقاربططة ‪ -‬وخأاصططة طإططرح والرشططتاين لططهّ ‪ -‬ل ي طزال محططدوندا بسططبب مشططكلتين‬
‫معقدتين‪ :‬الستنساخ غير المقصود لنوع معين من المركزية الوروبية التي تمحططو أي فاعليططة ذاتويطيطة غيططر‬
‫أوروبية‪ ،‬وعدم القدرة على توفير تصيور ومؤرجخأن بدرجة كافية للرأسمالية‪.‬‬

‫هذه الشكاليات الكامنة في الماركسيية السياسططية ومنهططج المنظومططات العالميططة فططي التحليطل اتضطح أنهطا‬
‫معقططدة للغايططة عنططد النظططر فططي تاريططخ الرأسططمالية‪ .‬وبططدون فهططم متماسططك للسططياقات الططبين مجتمعيططة )‬
‫‪ (intersocietal‬أو الجيوسياسططية الوسططع الططتي تحط طيولت فيهططا المجتمعططات الوروبيططة )ل سططيما فططي‬
‫شمال غطرب( إلطى الرأسطمالية‪ ،‬ل يمكططن ببسططاطإة تفسطير كيطف ظهططرت الرأسططمالية‪ .‬إنن تكطوين الرأسططمالية‬
‫في أوروبططا ليطس مجطرد ظطاهرة أوروبيططة داخأليططة‪ ،‬ولكنهطا بالتأكيطد ظططاهرة أمميطيطة أو بيطن مجتمعيططة‪ ،‬شطهدت‬
‫قوة‪/‬فاعلية غير أوروبية تؤثر بل هوادة على وتعيد توجيهّ مسار وطإبيعة التطور الوروبي‪ .‬ولذا‪ ،‬فطإنن تتبططع‬
‫هذا الوبعد المم يي‪ ،‬الخارج عن النطاق الوروبي في كثير من الحيان‪ ،‬في أصول الرأسمالية ومططا يسططمى‬
‫"صعود الغرب" هو أحد الموضوعات الرئيسية التي يتناولها الكتاب‪.‬‬

‫فططي حيططن أنن تركيزنططا علططى هططذه المصططادر الممييططة لظهططور الرأسططمالية قططد يبططدو واضط طنحا للبعططض‪ ،‬لكط طنن‬
‫اللفططت للنظططر هططو كيططف تططوفر بعططض المقاربططات النظريططة )الماركس طيية أو غيرهططا( تنظي طرات سوسططيولوجية‬
‫تاريخيطة وموضططوعية لهطذه المصططادر "الممييطة‪ ".‬ومططا إذا كططان النهطج المعنطيي هنططا ويمفجهططم "وحطدة التحليطل"‬
‫الولييططة الططتي تعمططل علططى المسططتوى المحلططي أو العططالمي – كمططا يتضططح فططي الماركسططية السياسططية ومنهططج‬
‫المنظومططات العالميططة فططي التحليططل – ل تطزال المشططكلة قائمططة‪ .‬مططن خألل العمططل مططن تصطيور معييططن لبنيططة‬
‫اجتماعيططة )سططواء كططان ذلططك العبوديططة‪ ،‬القطططاع‪ ،‬الرأسططمالية‪ ،‬ومططا إلططى ذلططك(‪ ،‬فططإنن التنظيططر "للبرنامططج‬
‫الممطيي" يأخأططذ شططكل إعططادة تصطيور مجتمططع محلططي واضططح‪ :‬اسططتقراء مططن مقططولت تحليليططة مسططتمدة مططن‬
‫مجتمططع وينظططر إليططهّ باعتبططاره تجريط طندا قائنمططا علططى الوحططدة‪ .‬ثط طيم ويخفططي هططذا مططا هططو فريططد لي نظططام بيططن‬
‫مجتمعي‪ :‬بنية "فوضوية" مهيمنطة‪/‬فوقيطيطة غيططر قابلططة للخأطتزال فطي النمطاذج المتنوعطة تاريخيطنطا للمجتمعططات‬
‫التي تشيكل أي نظام‪.‬‬

‫وهذه إشكالية بالغة الضرر للماركسية لنن واحططدة مططن السططمات المميطيطزة للنظريططة الماركسططية هططي الوحيجططة‬
‫القويططة بأنيهططا قططادرة علططى تقططديم تص طيور شططامل للبنططى الجتماعيططة‪ ،‬المططر الططذي يتطلططب اسططتيعاب نظططري‬
‫للطترابط بيطن كطل عنصطر داخألهطا "حطتى يتسطنى لشطروط وجودهطا أن تكطون جطزنءا ممطا هطي عليطهّ‪ 2 ".‬وإذا‬
‫أخأططذنا مثططل هططذه الوحيجططة علططى محمططل الجططد‪ ،‬فططإنن الموقططف النظططري "للبرنامططج الممطيي" مططن أجططل مقاربططة‬
‫سططر‬ ‫ماديية تاريخيية للصول الرأسمالية يتطلب التعامل المباشر مع سؤال ما هو "المميي" المفهططوم والومف ي‬
‫في مصطلحاتهّ التاريخية والسوسيولوجية الساسية‪ .‬وبعبارة أخأططرى‪ ،‬كيططف يمكططن للمططرء أن يقطيدم "تعرينفططا‬
‫صطا‬ ‫سوسيولوجنيا" صحينحا لهذا "المميي" – بمعنى "هذا الوبعد مطن الواقطع الجتمططاعي الططذي ينشطأ خأصي ن‬
‫مططن تعططايش أكططثر مططن مجتمططع داخألططهّ" – والططذي "يشطيكل هططذا البوعططد كموضططوع للنظريططة الجتماعيططة ‪...‬‬
‫المشمول بالساس ضمن مفهوم التطور الجتماعي نفسهّ؟" ‪3‬‬
‫إنن إجابتنطا النظريطة عطن هطذه الشطكالية – والنمطاذج ذات المركزيطة الوروبيطة للتحليلت الطتي تنتجهطا –‬
‫ي لمفهوم التطور غير المتكافئ والمريكططب عنطد ليططون تروتسططكي الطتي شططهدت انتعانشطا فطي‬
‫هي إحياء نقد ي‬
‫الونة الخأيرة في مجال العلقات المميية ويرجع الفضل في ذلك إلططى عمطل جوسططتين روزنططبرغ‪ 4 .‬مططن‬
‫خألل اف ططتراض الط ططابع متع ططدد الخطيي ططة للتطط طيور باعتب ططاره "الق ططانون الك ططثر عمومييططة"‪ ،‬ف ططإنن التط ططور غي ططر‬
‫المتكططافئ يططوفر تصططوينبا ضططرورنيا للمفهططوم النطولططوجي للمجتمعططات والمفهططوم الحططادي الخططيي للتاريططخ‬
‫الذي يدعم التحليلت ذات المركزية الوروبية‪ .‬ومن خألل افتراض الطابع التفاعلي بالساس للتعدديية‬
‫الجتماعيططة السياسططية‪ ،‬فططإنن التطططور المريكططب بططدورها تتحططدى الداخألنييططة )‪ (internalism‬المنهجييططة‬
‫للمقاربات ذات المركزية الوروبية في حين تديمر نموذجها القوى للتطور‪.‬‬

‫‪ -‬الماركسيون السياسيون يقيدمون تميينزا حاندا بين الشكال القتصادية القطاعية الضافية لسططتخراج‬
‫الفائض والشكال الرأسمالية غير القسرية لستخراج الفائض‪ .‬وبالتططالي‪ ،‬فهططم قريبططون مططن اسططتخراج مططن‬
‫نوع مثالي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ل يبدو أن ماركس يستخدم مثل هطذا التمييطز الحطاد نظطنرا لنطيطهّ يعتطبر العبوديطة ‪-‬‬
‫علطى سططبيل المثططال ‪ -‬فطي المريكططتين كرأسططمالية جزئيطنطا علططى القططل؛ لنيهططا جططزء مطن مجموعطة أوسططع مطن‬
‫العلقات القتصادية الرأسمالية المميية‪ .‬كيف تحددان الرأسمالية؟‬

‫صططور مجطيرد للغايططة وأفلطإططونيي‬


‫نحن نتفق تمانما مع تقييمك لتصيور الماركسية السياسية للرأسمالية‪ .‬إنطيطهّ ت ي‬
‫ومفيد جندا في فهم الرأسمالية )السابقة والحاليطة( نظطنرا لنيطهّ يسطتبعد أو يسطتثني الكثير مطن السطيرورات‬
‫السوسيوتاريخية التي كانت ‪ -‬وما زالت ‪ -‬جزنءا ل يتجزأ من التنمية وإعادة إنتاج الرأسطمالية‪ .‬وهطذا لطهّ‬
‫بعط ططض الثط ططار السياسط ططية الهايمط ططة‪ .‬ولط ططذا‪ ،‬فط ططإنن اسط ططتثناء "الشط ططكال القتصط ططادية الضط ططافية" للسط ططتغلل‬
‫والضط طططهاد مط ططن الرأسط ططمالية يط ططدفع الماركسط ططيين السياسط ططيين فط ططي نهايط ططة المطط ططاف إلط ططى اسط ططتبعاد تواريط ططخ‬
‫ت لططهّ علططى نحططو صططحيح‪ ،‬مططن العمططال الداخأليططة للرأسططمالية‪،‬‬
‫الكولونياليططة والعبوديططة‪ ،‬وهططو مثططال أشططر ج‬
‫محتجيططن أنن هططذه الممارسططات كططانت متجططذرة فططي المنطططق القطططاعي أو المطلططق للططتراكم الجيوسياسططي‪.‬‬
‫فططي حيططن أننططا لططن نتمططادى إلططى حططد الزعططم بططأنن الماركسططيين السياسططيين يتجططاهلون الكولونياليططة والعبوديططة‬
‫نفسططها ‪ -‬علططى سططبيل المثططال‪ ،‬تشططارلي بوسططت )‪ (Charlie Post‬لططديهّ بعططض العمططال الرائعططة بشططأن‬
‫هذه المسائل‪ 5 ،‬حتى لو كنا نختلف مططع اسططتنتاجاتهّ النظريططة؛ فأعمططالهّ ورغططم ذلططك تعططرض هططذه التواريططخ‬
‫باعتبارها واقعة خأارج "المنطق" السليم للتطور الرأسمالي‪.‬‬
‫وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬في كتاب "كيف ساد الغرب"‪ ،‬نحن ندرس هذه التواريخ كجوانب تأسيسية ل‬
‫تتجزأ في تكوين الرأسمالية باعتبارها نمط النتاج السائد عالمنيا )انظر الفصططول ‪ 5‬و ‪ 7‬و ‪ .(8‬ونبحططث‬
‫ضططا التكططوين المتشططابك والمتنططوع للتراتبيططات العنصط طرية والجندرييططة والجنسططية المرتبطططة بشططكل ومعيقططد‬ ‫أي ن‬
‫والمؤلسسة لتكوين الرأسمالية‪ .‬مع أخأذ هذه المسائل فطي العتبطار‪ ،‬نجطادل فطي الكتطاب بطأنن الرأسطمالية‬
‫وتفه ططم عل ططى نح ططو أفض ططل باعتباره ططا مجموع ططة م ططن التش ططكيلت‪ ،‬والتجيمع ططات‪ ،‬أو لح ططزم م ططن العلق ططات‬
‫الجتماعي ططة والس ططيرورات المويجه ططة ح ططول إع ططادة النت ططاج الممنهج ططة للعلق ططة بي ططن رأس الم ططال والعم ططل‬
‫والجور‪ ،‬وليس اخأتزالها ‪ -‬سواء من الناحية التاريخية أو المنطقيطة ‪ -‬فطي تلطك العلقطة فحسطب‪ .‬وعطن‬
‫طإريطق الطتركيز علطى مثطل هطذه التشطكيلت والتجمعطات‪ ،‬نحطن نهطدف إلى تسطليط الضطوء علطى كيطف أنن‬
‫تراكطم وإعطادة إنتطاج رأس المطال مطن خألل اسطتغلل مسطألة العمل بطأجر يفطترض وجطود مجموعطة واسطعة‬
‫مططن العلقططات الجتماعيططة المختلفططة الططتي تجعططل مططن هططذه السططيرورات مسططألة ممكنططة‪ .‬قططد تأخأططذ هططذه‬
‫العلقططات الجتماعيططة أشططكانل عديططدة‪ ،‬مثططل أجهططزة الدولططة القس طرية واليططديولوجيات وثقافططات القبططول‬
‫والموافقة‪ ،‬أو أشكال السلطة والستغلل التي ل وتمنح مباشرة أو وتشتق من العلقططة البسططيطة بيططن رأس‬
‫المال والعمل بأجر‪ ،‬مثل العنصرية‪ ،‬والنظام البوي والعمطل بغيطر أجطر‪ .‬ولكطن لكطي نكطون أكطثر واقعيطة‪،‬‬
‫أنت ذكرت مثال العبودية في المريكططتين ‪ -‬وبالمثطل‪ ،‬أشططكال العبوديططة فطي المسطتعمرات الهولنديطة فطي‬
‫شرق آسيا ‪ -‬وهو بالضبط هطذا النطوع مطن التكطوين المطويجهّ نحطو الستنسطاخ المنتظطم للعلقطة بيطن رأس‬
‫المال والعمل بأجر فططي انكلططترا‪ ،‬ولكططن ل يمكطن اخأطتزالهّ فططي تلطك العلقططة نفسططها )انظططر الفصططلين ‪ 5‬و‬
‫‪.(7‬‬

‫‪ -‬مطن جهطة‪ ،‬يقطول المطؤرخ الهنطدي ديطبيش شططاكرابارتي إنن التاريطخ ‪ 1‬هططو "تاريططخ جططوهري ولكنططهّ ومعطيدل‬
‫بشططكل غيططر متسططالو" عططن طإريططق التاريططخ ‪ ،2‬مططن ناحيططة أخأططرى‪ ،‬وبحسططب فيفيططك شططيبر فططإنن "شططاكرابارتي‬
‫يبالغ في سلطة التاريخ ‪ 2‬وقدرتهّ على زعزعة استقرار التاريخ ‪ ،1‬ويقيلل بشكل كطبير مطن منطابع الزعزعطة‬
‫الكامنطة التاريطخ ‪ ".1‬والسطؤال هنطا‪ :‬كيطف يمكطن لنظريطة التططور غيطر المتكطافئ والمريكطب أن تسطاهم فطي‬
‫فهم سيرورات التمايز ضمن دينامييات كوننة الرأسمالية؟ ‪6‬‬

‫هنططاك الكططثير مططن الغمططوض حططول تمييططز شططاكرابارتي بيططن التاريططخ ‪ 1‬والتاريططخ ‪ .2‬ولططذا دعنططا نقطيدم بعططض‬
‫التعريفات السريعة‪:‬‬
‫ض مفططترض مططن لقبططل رأس‬
‫ض مفططترض مططن رأس المططال "مططا ل‬
‫التاريططخ ‪ 1‬يططدل علططى مططا ل‬ ‫‪‬‬
‫المال نفسهّ كشرط مسبق لهّ" و "نتيجتهّ الثابتة‪ 7 ".‬وبالرغم من أنن شاكرابارتي لم يحطيدد ذلططك‪ ،‬إيل أنطيطهّ‬
‫من الواضح أنن ما يقصده هو العمل المجيرد‪.‬‬

‫التاريخ ‪ 2‬يدل على تلك التواريخ التي يواجهها رأس المال "ليس كسوابق" ومحيققة‬ ‫‪‬‬
‫ذاتينططا‪ ،‬ول "كشططكل مططن أشططكال معالجططة حياتهططا الخاصططة‪ "8 .‬التاريططخ ‪ 2‬ليططس "خأططارج" رأس المططال أو‬
‫خأارج التاريخ ‪ ،1‬لكنهّ موجود "في العلقة المباشرة بهّ"‪ 9 ،‬في حين" يقاطإع ويشيكل منطق رأس المال‬

‫نفسططهّ‪ 10 ".‬التاريططخ ‪ 2‬يمكططن أن يشططمل أي ن‬


‫ضططا علقططات غيططر رأسططمالية وعلقططات اجتماعيططة مططا قبططل‬
‫رأسمالية أو محلية‪ ،‬وسيرورات‪ ،‬ولكنن هذا المفهوم ل يتوقف عند هذه العلقات فحسب‪ ،‬ويمكططن أن‬
‫يشير إلى مقولت كونية وعالمية‪ ،‬وعلقات اجتماعية وسططيرورات متنوعططة‪ ،‬بمططا فططي ذلططك السططلع والمططال‬
‫– مقولتين كونيتين مركزيتين لعادة إنتاج الرأسمالية‪11 .‬‬

‫الن‪ ،‬مططن ناحيططة‪ ،‬نحططن نزعططم أنن شططاكرابارتي ل يقليططل مططن منططابع الزعزعططة داخأططل التاريططخ ‪ .1‬فططي كتططابهّ‬
‫صصّ شاكرابارتي فصنل فرعنيا كامنل بعنوان "العمل المجيرد كنقد" حيث يحيلل بدقططة‬
‫"ترييف أوروبا"‪ ،‬يخ ي‬
‫منابع الزعزعة داخأل التاريخ ‪) 1‬ما هو معروف بين الماركسيين باسططم "التنططاقض الومحطيرك"(‪ .‬ومططن ناحيططة‬
‫أخأرى‪ ،‬ل يبطالغ شطاكرابارتي بطأي حطال مططن الحطوال فططي أهميططة التاريططخ ‪ .2‬وهططذا يعنططي أنن الخطططأ يكمططن‬
‫في تفسير شيبر‪ ،‬عن طإريق اخأططتزال التاريططخ ‪ 2‬فططي "ثقافطة محليططة"‪ 12 ،‬ومططن الواضططح أنن شطيبر ل يفهطم‬
‫ما يعنيهّ التاريخ ‪ 2‬فعنل‪ .‬وهذا واضح بشكل خأاص عندما يطذكر شطيبر " النيضطال الكطونيي الطذي تقطوم بطهّ‬
‫الطبقططات التابعططة للطيدفاع عططن إنسططانييتهم الساسطيية" و "اهتمططامهم بالرفططاه كمصططدر أساسططي لعططدم اسططتقرار‬
‫رأس المططال‪ 13 ".‬مططن التعريفططات أعله‪ ،‬يمكننططا أن نططدرك أنطيطهّ عنططدما يططذكر شططيبر "الرفططاه" و "النسططانية‬
‫الساسية"‪ ،‬فهطو‪ ،‬ويططا للمفارقططة‪ ،‬يحتطيج بالتاريطخ ‪" 2‬كمصطدر لعططدم اسطتقرار رأس المطال‪ ".‬لططذا فططإنن وجططرم‬
‫شيبر في تلك الشكالية التي يلصقها بشاكرابارتي أكبر من شاكرابارتي نفسهّ‪.‬‬

‫مسططتنقع الفوضططى الططذي خألقططهّ شططيبر يجططب أن ل يعيقنططا عططن قطراءة شططاكرابارتي بتعططاطإف‪ ،‬أو فططي الواقططع‬
‫قراءتهّ باعتباره ماركسنيا‪ .‬ومثل ماركس‪ ،‬يؤيكد شاكرابارتي ميل رأس المال إلى التعميم والتمييططز علططى حططد‬
‫سواء‪ .‬ولكن تجاوز شاكرابارتي لماركس هطو الطذي يحطيدد تعميطم وتمييطز الميطول خأطارج المنططق الصطلي‬
‫لرأس المال والمتعلقة بهّ كذلك )على الرغم من أينهّ ليس الوحيد الذي قام بذلك(‪ .‬وهططذا يشططمل فهمنططا‬
‫ضا مسطائل الفاعليطة والمقاومطة الطتي تقطع خأطارج علقطة‬
‫لشكال القمع داخأل الرأسمالية العالمية ولكن أي ن‬
‫الجططور‪ .‬كمططا يفتططح المجططال النظططري والتططاريخي والسياسططي للعططتراف بططالطرق الططتي يكططون فيهططا العمططل‬
‫النتاجي أو المطؤثر‪ ،‬أو النضطالت المناهضطة للعنصطرية والطائفطة جطزنءا ل يتجطزأ مطن السياسطة المناهضطة‬
‫للرأسططمالية‪ .‬وينتططج عططن ذلططك رؤيططة نضططالت السططكان الصططليين مططن أجططل الرض باعتبارهططا مكونططات‬
‫ضرورية للمقاومة العالمية‪.‬‬

‫ومططع ذلططك‪ ،‬ثمططة مصططدر إضططافي أو مجططال تعميططم وتمططايز ل يناقشططهّ شططاكرابارتي؛ وهططو المجططال الططبين‬
‫مجتمعيي أو المميي‪ .‬أحططد الفكططار الرئيسططية التطططور غيططر المتكططافئ والمريكططب هططي شطرح كيططف أنن وجططود‬
‫مجتمعططات متعططددة ‪ -‬دول متعططددة ‪ -‬فططي ظ طيل الرأسططمالية يوع طيد مؤش طنرا علططى ميلهططا نحططو التعميططم ونحططو‬
‫التمططايز والتشططرذم فططي الططوقت نفسططهّ‪ .‬وهططذا يعنططي أنن الدولططة القوميططة تعمططل كمعيططار عططالمي لمططا يمكططن أو‬
‫يجب أن يكون عليهّ المجتمع السياسي‪ .‬وفي الوقت نفسهّ‪ ،‬تشيكل السططيرورات الملموسططة للتطططور غيططر‬
‫المتكافئ والمريكب واحدة من أكبر مصادر استمرار التمايز بين الدول القومية‪.‬‬

‫ثمة عامل مركزيي يعمل على إدامة هذا التطور غير المتكطافئ‪ ،‬ويتجلطى فطي أشطكال إقليميطة أو محليطة )‬
‫‪ (territorialized‬وجغرافيطة؛ وهطو بنطاء البنطى التحتيطة المترسطخة مكانينطا )علطى سبيل المثطال‪ :‬مرافطق‬
‫النقططل وتكنولوجيططا التصططالت( اللزمططة لستنسططاخ مويسططع لط طرأس المططال‪ .‬السططتثمارات فططي مثططل هططذه‬
‫البيئات المبنية تحدد المساحات القليمية لتداول رأس المال‪ .‬ولذا يبيين رأس المال مينل واضنحا نحو‬
‫التركيز في مناطإق معينة على حساب أخأرى‪ ،‬وإنتطاج "منططق إقليمطي للقططوة"‪ ،‬إسططفنجيي إلطى حططد مططا لكنطهّ‬
‫قابل للتحديد‪ ،‬وناشئ بطبيعتهّ عن سيرورات تراكم رأس المال في الزمان والمكان‪14 .‬‬

‫هذا النموذج من التنمية غير المتكافئة فريد من نوعهّ داخأل النظام الرأسمالي‪ .‬وتأثير هذه النزعططات هططو‬
‫أنها ستعمل على الدوام لتقويض أي توحيطد "لطرؤوس المططوال المتعطددة" فططي جططزء واحطد مطن "رأس مطال‬
‫ع ططالمي‪ ".‬وكم ططا ق ططال م ططاركس‪" :‬إنن رأس الم ططال موج ططود‪ ،‬ول يمك ططن أن يوج ططد إيل كع ططدد م ططن الرس ططاميل‬
‫وبالتططالي يظهططر تقريططر مصططيره باعتبططاره التفاعططل المتبططادل بيططن الرسططاميل المختلفططة مططع بعضططها البعططض‪".‬‬
‫ويجب بعد ذلك بحكم الضرورة “صد نفسهّ عن نفسهّ‪ ".‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإنن "رأس المال العططالمي‪ ،‬مططن‬
‫دون رؤوس الموال الغريبة التي تواجههّ‪ ،‬والتي تربطهّ بها تبادلت مختلفة‪ ،‬هو ل شيء‪15 ".‬‬

‫وعلوة علططى ذلططك‪ ،‬كمططا أظهططر ديفيططد هططارفي‪ ،‬فططإنن إعططادة النتططاج والتويسططع المكططاني لططتراكم رأس المططال‬
‫ينتجط ططان ويتطلبط ططان إنشط ططاء تكوينط ططات إقليميط ططة جامط ططدة نسط ططبنيا ومريكط ططزة ومنظيمط ططة كط ططذلك‪ .‬وبالتط ططالي يمكط ططن‬
‫للتمركطزات المكانيططة الكثيفططة مططن العلقططات الجتماعيططة الرأسططمالية تططوفير السططس القليميططة للططدول عططن‬
‫طإريططق الش طراف علططى وتوريططد المططوارد اللزمططة للحفططاظ علططى فاعليططة جهططاز الدولططة‪ .‬وبهططذا المعنططى‪ ،‬فططإنن‬
‫الطططابع غيططر المتكططافئ والمريكططب للتطططور الرأسططمالي يعططزز ويكط طيرس التفتططت الجغرافططي الططذي‪ ،‬بطريقتططهّ‬
‫المعاص ططرة‪ ،‬يأخأ ططذ ش ططكل التعددي ططة لل ططدول القومي ططة ذات الس ططيادة‪ .‬نح ططن ن ططرى أنن الجغرافي ططا السياس ططية‬
‫القليمية وما بعد القليمية للرأسمالية غائبة في طإرح شاكرابارتي؛ تلك الجغرافيططا السياسططية الططتي نعتقططد‬
‫أينها ضرورية لفهم أصول الرأسمالية وإعادة إنتاجها المعاصر والمستمر‪.‬‬

‫‪ -‬لقد أكدتما على نقطة ضططعف مشططتركة فططي السططرديات ذات المركزيططة الوروبيططة ومططا بعططد الكولونياليططة‪:‬‬
‫افتراض وجود "تاريخ أوروبي مغلق بإحكام نشأت فيهّ الحداثة قبل أن يتم توسيعها لحنقا على مسططتوى‬
‫العططالم‪ 16 .‬مططا هططي الفكططار الرئيسططية "للتأريططخ الممطيي" للرأسططمالية الططتي مططن المفططترض أن تقضططي علططى‬
‫هذا الضعف؟‬

‫ما نعنيهّ بعبارة "التأريخ المميي" هو أنن أصول وتاريخ الرأسمالية ل يمكن فهمها بشكل صحيح إيل مططن‬
‫خألل مصطلحات "أمميية" ‪ 17‬أو بين مجتمعية‪ ،‬وأنن هذا "الطابع الممطيي" تأسيسطيي للرأسطمالية كنمطط‬
‫إنتاج تاريخي‪ .‬وبالرغم مطن أنن هطذا قطد يبطدو واضطنحا بشطكل حدسطي لكطثير مطن القطيراء‪ ،‬إيل أنينطا فطي هطذا‬
‫الكتاب نوضح كيف فشلت المفاهيم الحالية للرأسمالية حتى الن في أخأذ هذا "الطابع المميي" علطى‬
‫محم ططل الج ططد‪ ،‬مم ططا ي ططؤدي إل ططى تنظيط طرات إش ططكالية لص ططولها وللتنمي ططة ال ططتي تحط طيد لي ططس فق ططط تأريخن ططا‬
‫ضا نقدنا الحالي لها‪.‬‬
‫للرأسمالية‪ ،‬ولكن تحيد أي ن‬

‫في حين كطانت هنططاك العديطد مطن الدراسطات الطتي تشطير تجريبيطنطا لهطذا البوعططد "الممطيي" للظهططور التطاريخي‬
‫للرأسمالية والتنمية‪ ،‬إيل أنها فشلت إلى حد كبير في دمج خأصوصيات "المميي" نظرنيا باعتبططاره عنصطنرا‬
‫طإبيعني ططا للتنمي ططة الجتماعي ططة )انظ ططر أعله(‪ .‬بعب ططارة أخأ ططرى‪ ،‬المص ططادر المميي ططة أو الجيوسياس ططية للتنمي ططة‬
‫وأحيلططت إلططى مجططال الحتمططالت‪ ،‬و"الصططدمات" الخارجيططة وغيرهططا مططن العوامططل الخارجيططة غيططر المف ي‬
‫سططرة‬
‫صططا فرديطنطا‪.‬‬
‫المرتبطططة بطريقططة مخصصططة لنظريططة ومشطيكلة سططلنفا عططن المجتمططع وينظططر إليهططا باعتبارهططا استخل ن‬
‫وتغ لبنططا علططى نقططاط الضططعف النظريططة والتجريبيططة لهططذه المقاربططات‪ ،‬يقطيدم الكتططاب إعططادة بنططاء نظططري لفكططرة‬
‫تروتسططكي عططن التطططور غيططر المتكططافئ والمريكططب الططتي تدمططج البوعططد الططبين مجتمعططي بوضططوح للسططببيية فططي‬
‫مفهومهططا الساسططي للتطططور‪ .‬لقططد كططان الشططيء الكططامن فططي صططياغة تروتسططكي الصططلية هططو إعططادة تعريططف‬
‫أساسي لتصطور ومنططق التططور ذاتطهّ‪ :‬مفهطوم منحطوت عليطهّ فرضطية "أكثر مطن فرضطية أنطولوجيطة واحطدة"‬
‫مفقودة في المقاربات النظرية الجتماعية الخأرى‪18 .‬‬

‫هططذا المنظططور ل يويسططع فقططط النطططاق المكططاني للتحليططل لمعرفططة القطرارات المتميططزة الناشططئة عططن التعططايش‬
‫ضططا بططالتركيز التططام علططى العلقططات‬
‫والتفاعل بيطن المجتمعطات المتعططددة )أي "المميطيطة"(‪ ،‬ولكطن يسطمح أي ن‬
‫المتنوعة للترابط والتكططوين المشطترك بيطن "الغططرب" و "بقيطة العططالم" فطي تأسيسطهم المشططترك‪ ،‬وربمطا غيططر‬
‫المتك ططافئ‪ ،‬للع ططالم الرأس ططمالي الح ططديث‪ .‬م ططن آث ططار التج ططدد عل ططى المس ططتوى القتص ططادي لتويس ططع حقب ططة‬
‫"الس ططلم المغ ططولي" )‪ (Pax Mongolica‬خألل الق ططرن الث ططالث عش ططر الطوي ططل إل ططى تن ططافس "الق ططوى‬
‫العظمططى" بيططن المبراطإوريططة العثمانيططة والمبراطإوريططة النمسططاوية متمثلططة فططي عائلططة هابسططبورغ الكاثوليكيططة‬
‫أثناء القرن السادس عشر إلى "اكتشاف" العالم الجديد وتقسطيمهّ علطى طإطول مسطاحات خأطييطة للسيادة‬
‫إل ططى مكاس ططب اقتص ططادية واس ططتراتيجية أوس ططع م ططن المس ططتعمرات الممت ططدة م ططن المحي ططط الطإلس ططي إل ططى‬
‫المحيط الهنطدي‪ ،‬كطل هطذه السطيرورات والتططورات التاريخيطة كطانت مركزيطيطة فطي انهيطار النظطام القططاعي‬
‫وظهور الحداثة الرأسمالية )راجع الفصول ‪.(8-3‬‬

‫‪ -‬كتب ماركس أنن "العبودية المقينعة للعامل الجير في أوروبا تطلبت كقاعدة لها عبودية خأالصططة تمانمططا‬
‫وسهلة المنال في العالم الجديد‪ 19 ".‬كيف ساهمت "اكتشافات" العالم الجديد في تطططور الرأسططمالية‬
‫ونظام الدولة القليمي الحديث؟‬

‫فططي الواقططع‪ ،‬كططانت "اكتشططافات" عططام ‪ 1492‬حاسططمة فططي تشططكيل المجتمعططات الوروبيططة الرأسططمالية‬
‫الحديثة‪ ،‬فقد ميثلت ناقنل أساسنيا للتطور غير المتكططافئ والمريكططب الطتي ووللطد مططن خأللهطا النظطام العططالمي‬
‫الحديث‪ .‬في كتاب "كيف ساد الغرب"‪ ،‬نططدرس مجموعططة واسططعة مططن السطيرورات والتطططورات المختلفططة‬
‫الططتي أثيططر فيه ططا "العططالم الجديططد" عل ططى المسططارات التنموي ططة المتفاوتططة "للعططالم الق ططديم" ف ططي تحولتهمططا‬
‫المتنوعة )وغير النتقالية( إلى الحداثة الرأسمالية‪.‬‬

‫نحططن ننظططر‪ ،‬علططى سططبيل المثططال‪ ،‬فططي كيططف أنن التفططاعلت الططبين مجتمعيططة والنزاعططات والص طراعات بيططن‬
‫الوروبييططن والهنططود الوحمططر الططتي وقعططت فططي المريكططتين كططانت حاسططمة فططي ظهططور المفططاهيم الحديثططة‬
‫ي‪.‬‬
‫للسيادة على الراضي وتطوير المركزية الوروبية‪ ،‬والعنصرية العلمية والمؤسسة الحديثة للنظام البو ي‬
‫كما نبحث علطى وجططهّ الخصطوص فطي مسططألة كيطف سطعى المشطيرعون السطبان فططي القطرن السطادس عشططر‬
‫إلى التوفيق بين تزايطد اتسطاع الفجطوة بيطن المسطيحية كأيديولوجيطة عالميطة شطاملة وبيطن مواجهطة الشطعوب‬
‫غيططر المسططيحية فططي المريكططتين‪ .‬اسططتجابة المشط طيرعين لهططذه المشططاكل دعططت إلططى إعططادة مفهمططة فكططرة‬
‫"العالمية" على أساس تمييز أنطولوجيي بين الوروبيين و "الهنود"‪.‬‬

‫ولذا‪ ،‬في حين كان المستعمرون يرتكبون "أكبر إبادة جماعية فططي تاريططخ البشطرية" ‪ 20‬فططي المريكططتين‪،‬‬
‫إيل أ نن هططؤلء المططؤدلجين فططي أوروبططا كططانوا منشططغلين بهططدم سططلطة المسططيحية الططتي أثبتططت أنهططا غيططر قططادرة‬
‫صططنوان‬‫علططى مفصططلة خأططبرات العططالم الجديططد‪ .‬ومططن تحططت النقططاض الناتجططة عططن ذلططك ظهططر التصطوران ال ل‬
‫ي‬
‫للططذات الوروبييططة والخأططر غيططر الوروبط طيي‪ ،‬ممططا ميهططد الطريططق لجهططزة أيدولوجيططة – المركزيططة الوروبيططة‪،‬‬
‫والعنصطرية‪ ،‬والنظططام البططوي – عملططت علططى شططرعنة ويلت الكولونياليططة وتحفيططز تطططور الرأسططمالية‪ .‬كمططا‬
‫شططهدت المواجهططة السططتعمارية فططي المريكططتين )لول مططرة فططي التاريططخ( تطططوير أشططكال خأطييططة للسططيادة‬
‫القليمية )راجع الفصل ‪.(5‬‬

‫نحن نوضح كذلك كيف أنن نهب المعادن والموارد المريكية الثمينة مطن لقبطل الوروبييطن زاد مطن تفطاقم‬
‫الخأتلف الناشططئ بالفعططل بيططن إقطاعييططة المبراطإوريططات اليبيريططة والرأسططمالية الناشططئة فططي شططمال غططرب‬
‫أوروبا‪ .‬والواقع أنن تطور الرأسمالية في إنجلترا نفسها كطان معتمطندا علطى المجطال المويسطع للفاعليطة التي‬
‫تقططدمها دول المحيططط الطإلسططي‪ .‬وكمططا نوضططح‪ ،‬فططإينهّ لططم يتططم التغلططب علططى حططدود الرأسططمالية الزراعيططة‬
‫النجليزي ططة ف ططي نهاي ططة المط ططاف إيل م ططن خألل المزي ططج الجتم ططاعي للراض ططي المريكي ططة‪ ،‬وعم ططل العبي ططد‬
‫الفارقة‪ ،‬ورأس المال النجليزي‪ .‬ل يقتصر المر على أنن المجال المويسع للتداول المتضططمن مططن لقبططل‬
‫التجططارة الثلثيططة عططبر الطإلسططية المربحططة وفيططر العديططد مططن الفططرص للرأسططماليين النجليططز لتوسططيع مجططال‬
‫نشاطإهم‪ ،‬ولكنن الجمع بين سطيرورات العمطل المختلفطة عططبر المحيطط الطإلسطي أدى إلطى تمكيطن إعطادة‬
‫تشططكيل العمططل فططي بريطانيططا أثنططاء الثططورة الصططناعية‪ .‬كمططا ق طيدم السططتغلل الوحشططي للعبيططد فططي الم طزارع‬
‫مجموعة من "المدخألت" التي ساهمت فطي الثطورة الصطناعية‪ .‬وفطي هطذا الصطدد‪ ،‬مطن بيطن أمطور أخأطرى‪،‬‬
‫كانت هنطاك حاجططة للتطداخأل الحقيقطي للعمطل تحطت رأس المطال فطي المصطنع البريطططاني‪ ،‬وإنشطاء العمططل‬
‫"الحر" بأجر في أوروبططا‪ ،‬وكشططرط مسطبق أساسططي لطهّ كطانت "العبوديططة غيطر المشططروطإة فطي العطالم الجديططد‬
‫قاعدة لهّ كذلك‪".‬‬

‫‪ -‬ينظط ططر الفيط ططبرييون الجط ططدد )‪) (Neo-Weberian‬نس ططبة إل ططى م ططاكس في ططبر ‪ (Max Weber‬إل ططى‬
‫المنافسة الجيوسياسية باعتبارها القوة الدافعة وراء تشكيل الدولة في أوروبا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬وبطريقططة واقعيططة‪،‬‬
‫يفترضون أنن السياسة المميية تجري ضمن سياق الفوضى‪ .‬إذا لم تكن الفوضى هي القطوة الدافعطة وراء‬
‫السياسة‪ ،‬فما الذي يفيسر الطبيعة التي تميل للحرب لنظام الدولة القطاعي في أوروبا؟‬

‫باخأتصار‪ ،‬تكمن الجابة عن هذا السؤال في خأصوصيات علقات النتاج القطاعيططة الططتي‪ ،‬علططى مططدى‬
‫أواخأر العصور الوسطى وأوائل العصور الحديثة‪ ،‬انحدرت فططي أزمططة شططاملة عمومييطة‪ .‬للوهلطة الولطى‪ ،‬قططد‬
‫يبدو هذا وكطأنهّ عطودة غيطر مشطروعة لهطذا النطوع مطن التنظيطر الطداخألنيي ) ‪ (internalist‬ذات المركزيطة‬
‫الوروبية الذي ننتقده في الكتاب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬عنططد توسططيع نطططاق التحليططل خأططارج أوروبططا‪ ،‬مططن المهططم أن‬
‫ندرك أنن العلقطات الجتماعيطة القطاعيطة فطي أوروبططا – ومعهطا النظطام الجيوسياسطي الناشطئ – جنبنطا إلى‬
‫جنب مع العناصطر التكنولوجيطة والعسطكرية‪ ،‬واليديولوجيطة كلهطا تحمل أص نل بيطن مجتمعطيي كمطا نوضح‬
‫في الكتاب )راجع الفصول ‪(8 ،6 ،4 ،3‬‬

‫مع أخأطذ هطذه المصطادر الوروبيطة الضطافية والطبين مجتمعييطة فطي تكطوين القططاع الوروبطي فطي العتبطار‪،‬‬
‫فكيططف ولطيطدت القطاعيطيطة مثططل هططذا النظططام الجيوسياسططي التنافسطيي الطذي يميطل إلطى الحططروب؟ نحططن هنططا‬
‫نسططير جزئينططا علططى خأطططى عمططل روبططرت برينططر )‪ (Robert Brenner‬حططول هططذا الموضططوع‪ .‬فططي حالططة‬
‫غياب هذا النوع مطن النشطاط القتصطادي غيطر المسطبوق الذي تطوفره العلقطات الجتماعيطة الرأسطمالية‪،‬‬
‫كططانت الحططرب هططي الوضططع المناسططب لتوسططيع الفططوائض المتاحططة للطبقططات الحاكمططة فططي ظط طيل النظططام‬
‫القطاعي‪ .‬عرضت العلقات النتاجية القطاعية حططوافز قليلططة للفلحيططن أو اللططوردات لدخأططال مسططتمر‬
‫وممنهططج لسططاليب تكنولوجيططة أكططثر إنتاجيططة‪ ،‬وخأاصططة مططع وصططول الفلحيططن المباشططر لوسططائل النتططاج‬
‫والعاشة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تكمن مصالح اللوردات في استخراج المزيططد مططن الفططوائض مططن خألل وسططائل‬
‫قسط طرية مباشططرة‪ .‬ويمكططن أن يتططم ذلططك عططن طإريططق دفططع الفلحيططن إلططى حططدود إعاشططتهم أو عططن طإريططق‬
‫السططتيلء علططى أراضططي لططوردات آخأريططن‪ .‬نتططج هططذا المسططار الخأيططر فططي سططيرورة “تراكططم سياسططي" بيططن‬
‫اللوردات أنفسهم – عملية مدفوعة بحرب تكوين الدولة‪21 .‬‬

‫هذه الحالة تعني أنن الطبقة الحاكمة الرستقراطإية طإالبت بالوسطائل السياسطية واليديولوجيططة والعسططكرية‬
‫من أجطل اسطتغلل الفلحيططن وانطتزاع الفططائض لغططرض اسطتهلك اللططوردات‪ .‬ولكططن‪ ،‬خألفنطا للمبراطإوريططات‬
‫التابعة في آسيا‪ ،‬لم تكن هذه الوسائل خأاضعة لسيطرة – أو مريكزة في – دولة مركزيططة مويحططدة‪ ،‬ولكنهططا‬
‫بطدنل مططن ذلطك تنططاثرت بيطن طإبقططة النبلء‪ .‬هططذا التنططاثر للقطدرات القسطرية يعنططي أنن السططلطة السياسطية فططي‬
‫أوروبا كانت متشرذمة ومقيسمة وبالتالي ذات قدرة تنافسية عالية‪ ،‬مع تزايد الصطراع بيططن اللططوردات علططى‬
‫الراضي داخأل وخأارج "الدول" القطاعية على حد سواء )انظر الفصول ‪ 4‬و ‪ 6‬و ‪.(8‬‬

‫اللططوردات النططاجون فططي نهايططة سططيرورة الططتراكم الجيوسياسططي شطيكلوا السططاس للدولططة السططتبدادية‪ .‬يمثططل‬
‫نظام الدول الستبدادية في أوروبا الحديثة "منظومة إعادة نشر وإعادة شططحن الهيمنططة القطاعيططة"‪22 ،‬‬
‫وظططل هططذا النظططام خأاضطنعا للقواعططد النظاميططة للططتراكم الجيوسياسططي الططذي تفاعططل – وفططي بعططض الحططالت‬
‫اندمططج – مططع المنطططق الناشططئ لطتراكم رأس المططال التنافسطيي الطذي رافططق تلططك الططدول الطتي كططانت تتحطيول‬
‫بالفعططل إلططى الرأسططمالية موض طنحا الحالططة المتوطإنططة فططي عص طلر مييزتططهّ الحططرب‪ .‬مططا جعططل هططذه الحقبططة مططن‬
‫الحرب الدائمة شديدة الوطإأة كانت الزمة المعيممة لعلقات النتاج القطاعية التي عانت منها أوروبا‪.‬‬

‫كان استمرار الصراع المسيلح طإوال هذه الحقبة ليس مجرد نتيجة للدينامييات البنيويية المعتادة للوضططع‬
‫القطاعي – الميل نحو التراكم الجيوسياسي – ولكن‪ ،‬بدنل من ذلك‪ ،‬كانت عملية إعادة إنتاج الطبقة‬
‫الحاكمططة نفسططها فططي أزمططة وتحططت التهديططد نظ طنرا لنن القطططاع اسططتنفد تقريبنططا كططل الحتمططالت الممكنططة‬
‫لمزيد من التويسع الداخألي )أي داخأل أوروبططا(‪ .‬وهطذا بطدوره تسطبب فطي هبطوط حطاد فطي عائطدات النظطام‬
‫القطططاعي‪ ،‬وتفططاق جم بسططبب الزمططة الديموغرافيططة الناجمططة عططن الطططاعون‪ ،‬ممططا أدي إلططى زيططادة كططبيرة فططي‬
‫ثططورات الفلحيططن والصط طراعات الطبقيططة بشططكل عططام )انظططر الفصططل ‪ .(3‬تفططاقجم هططذا الوضططع الخطيططر و‬
‫"جرى تأكيده مرا نرا" عن طإريق التهديد الجيوسياسي المستمر المنبثق عططن المبراطإوريططة العثمانيططة )انظططر‬
‫الفصل ‪ .(4‬وفي ظيل هذه الظروف‪ ،‬أصبح وجود حالة حرب شبهّ مستمرة – تشططمل الصطراعات داخأططل‬
‫الطبقططة الحاكمططة والجهططود المسططتمرة لسططحق تمططرد الفلحيططن – "ضططرورة" سوسططيولوجية )راجططع الفصططل‬
‫‪.(6‬‬

‫‪ -‬علطى عكطس سطرديات الماركسطية السياسية الطتي تؤيكطد على السطباب الداخأليطة لتططيور الرأسطمالية فطي‬
‫إنجلترا‪ ،‬أنتما تؤيكدان على الطدور الحاسطم للعوامططل الخارجيططة عطبر "امتيططاز التخلططف" أو "سططوط الضططرورة‬
‫الخارجية‪ ".‬ما هي العوامل الخارجية التي سططاهمت فططي تططور الرأسطمالية فططي إنجلططترا ومطا مطدى ارتباطإهطا‬
‫بالعوامل الداخألية مثل الصراع الطبقي بين اللوردات والفلحين الذي أدى إلى الرأسمالية الزراعية؟‬

‫الماركسيون السياسيون حيددوا على نحو صحيح وجود طإبقططة حاكمطة إنجليزيططة متجانسطة نسطبنيا كتفسططير‬
‫لتويجهّ إنجلترا الغريب نحو الرأسمالية الزراعية‪ .‬وعلى عكس الفرنسيين‪ ،‬حيث تنافست الدولططة والنبلء‬
‫على فوائض الفلحين‪ ،‬عملت الطبقة الحاكمة النجليزيطة فطي انسطجام تطام لمصطادرة الفلحيطن وتطويطق‬
‫الراضي‪ .‬وعن طإريق "تجريد" الفلحين من الرض بهذه الطريقة‪ ،‬وتركيز وسائل النتططاج فططي يططد الطبقططة‬
‫الحاكمة‪ ،‬رأينا ظهور طإبقة مميزة من الرأسماليين‪ ،‬من جهة‪ ،‬والعيمال المأجورين من جهة أخأططرى‪ .‬ولكططن‬
‫لماذا أظهرت إنجلترا على وجهّ التحديد هذه الوحططدة الغريبططة للطبقططة الحاكمططة؟ تكمططن الجابططة بحسططب‬
‫بيري أندرسون‪ ،‬من بين أمور أخأرى‪ ،‬فططي نططزع العسططكرة النسططبية للطبقططة الحاكمططة النجليزيططة أثنططاء القططرن‬
‫السططادس عشططر‪ .‬فططي حيططن أنن الططدول السططتبدادية الحديثططة فططي بقيططة أوروبططا كططانت وتمريكططز وتويسططع قططدراتها‬
‫العسكرية في شكل الجيوش والستثمار في السلحة‪ ،‬إيل أنن إنجلترا كانت تتراجع عسكرنيا‪.‬‬

‫التفسططير الواضططح لنططزع العسططكرة هططو وعزلططة انجلططترا النسططبية عططن الضططغوط الجيوسياسططية – فهططي ليسططت‬
‫بحاجططة إلططى جيططش لنيهططا ظليلططت فططي منططأى نسططبنيا عططن الحططروب المتعططددة الططتي كططانت تجتططاح أوروبططا فططي‬
‫ذلططك الططوقت‪ .‬ونحططن نحايجططج أنن أحططد السططباب الرئيسططية – يمكططن القططول إنطيطهّ السططبب الوحيططد الكططثر‬
‫أهمية – في وعزلة إنجلترا هو أنها كانت غير مهيمة لطموحات واهتمامططات القططوى الجيوسياسططية الكططبرى‬
‫فططي ذلططك الططوقت – إذ كططانت توعط طيد "متخلفططة نسططبنيا"‪ ،‬مجططرد دولططة منعزلططة ل علقططة لهططا بإعططادة إنتططاج‬
‫المسططيحية والقطططاع المططبراطإوري‪ .‬وفططي القططرن السططادس عشططر‪ ،‬كططان أحططد أهططم التهديططدات الططتي تططواجهّ‬
‫القوى العظمى في العالم المسيحي هو الجنوب الشرقي حيث المبراطإورية العثمانية‪.‬‬
‫قططام العثمططانيون بعمليططات توغططل سطريع فططي جنططوب شططرق أوروبططا واسططتولوا علططى شططرق البحططر المتوسططط –‬
‫وكطان فطي هطذا الطوقت محططور المصطالح الجيوسياسططية الوروبيططة‪ .‬وبالتطالي كططانوا بمثابططة العطازل‪ ،‬أو المركططز‬
‫الجيوسياسي للجاذبية‪ ،‬الذي امتصّ أقطوى دولطة فطي أوروبطا داخأطل مطداره الخطاص‪ ،‬وتططرك إنجلطترا معزولطة‬
‫نسطبنيا عطن مكائطد عائلطة هابسطبورغ‪ ،‬والطدول البابويطة‪ ،‬والطدول المطدن فطي إيطاليطا و )بدرجطة أقطل( منعزلطة‬
‫عن الفرنسيين‪ .‬لقد كانت تلك العزلطة الطتي أحطدثها العططازل العثمططاني هططي الطتي أدت إلطى تجططانس الطبقطة‬
‫الحاكمططة النجليزيططة‪ ،‬وميكنتهططا مططن القيططام بمثططل هططذا العمططل المونحططد ضططد الفلحيططن‪ .‬وبالتططالي ل يمكننططا‬
‫فهم تاريخ محاصرة الراضي من لقبل اللوردات إيل إذا نظرنا إليهّ من وجهة نظر عثمانية‪.‬‬

‫‪ -‬بحسططب أنططدريهّ توسططيل )‪ ،(André Tosel‬لططم يكططن عططام ‪ 1991‬نهايططة الماركسططية ولكططن نهايططة‬
‫ضا منظطونرا حتمينطا مبالغنطا فيطهّ للتططور التطاريخي‪ .‬كيطف تفسطران عطودة‬
‫الماركسيية‪-‬اللينينيية التي تضمنت أي ن‬
‫ظهور التطور غير المتكافئ والمريكب في النظرية الماركسية؟‬

‫قد يصيح تروتسكي قائنل‪" :‬إعادة ظهور؟ مططا هطذا الهطراء! لقطد تحطدثنا دائنمططا عططن التططور غيطر المتكططافئ‬
‫والمريكططب! ومططع ذلططك‪ ،‬مططن المططثير للهتمططام أنيططهّ علططى الرغططم مططن أنن التروتسططكيين دائنمططا مططا يحتيجططون‬
‫بالتطور غير المتكافئ والمريكب‪ ،‬إيل أينهّ في العقد الماضي فقط كان هناك مثل هططذا السطتعمال الصططارم‬
‫والمبتكر لتلك الفكرة‪ ،‬سطواء مطن الناحيطة النظريطة أو مطن الناحيططة التاريخيططة‪ .‬ربمططا الكططثر إثططارة للهتمططام‬
‫أنن الكثير من هذه البتكارات تأتي من أنططاس تخليططوا منططذ فططترة طإويلططة عططن التروتسططكية كمشططروع سياسطيي‬
‫)أو لم يكونوا جزنءا منها في المقام الول(‪ .‬هذا‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬هو السبب في أننططا نعططارض توصططيف جططون‬
‫هوبسون )‪ (John Hobson‬للتطور غير المتكافئ والمريكب بأنهّ "فكرة نيو تروتسكية"‪23 .‬‬

‫ولكن مسألة تاريخانيية التطور غير المتكافئ والمريكب مهيمة للغاية ونحن نطرحها بشكل جزئي في هططذا‬
‫الكتاب‪ .‬على الرغم من أيننا ندرك سياق ظهورها فططي المناقشططات بيططن الثططوار فططي أوائططل القططرن العشطرين‪،‬‬
‫إيل أننا ل نفحصّ عودة ظهورها الخأير‪ .‬وعلى الرغم من أيننا نضططع دراسططة الرأسططمالية فططي سططياق مططا بعططد‬
‫عططام ‪ ،2008‬لكطنن تاريططخ التطططور غيططر المتكططافئ والمريكططب كمشططروع فكططري لططديهّ تاريططخ مختلططف‪ .‬ومططن‬
‫منظططور انعزالططي أكططاديمي‪ ،‬فططإنن انتشططار فكططرة التطططور غيططر المتكططافئ والمريكططب متجططذر فططي مجموعططة مططن‬
‫الشططكاليات الفكريططة الططتي كططان يتصططارع بشططأنها الماركسططيون )وبالتططالي غيططر الماركسططيين( داخأططل مجططال‬
‫العلقات المميية – على وجهّ التحديد‪" ،‬لماذا ل يوجد علم اجتماع تاريخي ودولي؟ "أو بشططكل أعطيم‪،‬‬
‫لماذا كطان مططن الصطعب الربطط بيطن الوضططاع الجتماعيطة والجيوسياسطية للتنظيططر‪ 24 .‬لقطد أذهططل التططور‬
‫غيططر المتكططافئ والمريكططب الكططثير مينططا كوسططيلة مفيططدة بشططكل ملحططوظ للجابططة عططن هططذه السططئلة‪ .‬ولكططن‬
‫هناك سياق تاريخي وسياسي واسع يستحق التفسير‪.‬‬

‫فططي البدايططة‪ ،‬نعططم‪ ،‬وضططع عططام ‪ 1991‬وسططقوط التحططاد السططوفيتي نهايططة بقايططا التنظيططر المرحل طيي )داخأططل‬
‫ضا لمجموعة من السئلة السياسية الططتي ميزقططت الكططثير مططن‬
‫الماركسيية على القل(‪ .‬ولكنهّ فتح الباب أي ن‬
‫الثط ططوابت القديمط ططة )والشط ططكالية( لليسط ططار )اللينينط طيي( والماركسط طيي‪ .‬ونحط ططن نط ططرى فط ططي هط ططذه الفط ططترة تفط ططوق‬
‫النيوليبرالي ططة‪ ،‬والطبيع ططة المتغيي ططرة لنم ططوذج الدول ططة‪ ،‬والتقلب ططات المتزاي ططدة لم ططا يس ططمى العولم ططة والت ططداخأل‬
‫المتزايططد للحيططاة الجتماعيططة تحططت كنططف تراكططم رأس المططال‪ .‬كططل هططذه التطططورات فتحططت احتمططالت‬
‫سياسية جديدة وضروريات لططم يتشططابك معهطا "اليسططار القطديم" علطى نحطلو كطا ل‬
‫ف بطالرغم مططن حرصططهّ علطى‬
‫هويططة "العامططل"‪ .‬بعططد التفكيططر فططي هططذا التاريططخ السياسططي والفكططري‪ ،‬فططإينهّ ليططس مططن المسططتغرب أن تظهططر‬
‫التطططور غيططر المتكططافئ والمريكططب فططي سططياق أصططبحت فيططهّ البنططى النظريططة المسططتمدة مططن تجططارب القهططر‬
‫الفريططدة – ومططن وجهططات نظططر اسططتثنائية – غيططر ذي صططلة علططى نحططو متزايططد إن لططم تكططن عديمططة الفائططدة‬
‫للتجارب التي عاشتها طإبقة البروليتاريا على مستوى العالم‪.‬‬

‫وفي الوقت نفسهّ‪ ،‬النتشار المتزايد للتصيورات ما بعد البنيويية‪ ،‬وما بعد الكولونياليطيطة‪ ،‬واللعرقيططة النقديططة‪،‬‬
‫والنسططويية للطريقططة الططتي تعمططل بهططا الرأسططمالية – والسططلطة بشططكل عططام – طإططرح حاجططة مفاهيميططة أكططبر‬
‫للتعام ططل مططع أس ططئلة الحدودييططة )‪ ،(liminality‬والتهجيططن‪ ،‬والتططداخأل وهلططم جط طيرا‪ .‬تميططل العدي ططد مططن‬
‫التجاهط ططات الكط ططثر دوغمائيط ططة عط ططن الماركسط ططية إلط ططى تجاهط ططل‪ ،‬وتهميط ططش أو المعط ططاداة الص ط طريحة لهط ططذه‬
‫المقاربات المختلفة‪ ،‬ويواصل العديططد منهططا فعططل ذلططك )التفكيطر فطي مختلطف حطالت القصططاء المتثاقطل‬
‫"لسياسططات الهويططة" الططتي ل ت طزال تسططود التنظيمططات السياسططية المختلفططة الططتي ت طيدعي التح طيرر والثططورة(‪.‬‬
‫التطور غير المتكافئ والمريكب هو فكطرة – نظرينطا علطى القطل – أكطثر تعاطإنفطا مطع هطذه التجاهطات "مطا‬
‫بعد الوضعيية" ولديها الكثير من القواسطم المشططتركة معهططا )أو بطالحرى نحطن نراهططا بهططذه الطريقطة(‪ .‬وفطي‬
‫ي‬
‫ال ططوقت نفس ططهّ‪ ،‬ه ططي فك ططرة تظ ططل مقترن ططة ف ططي ك ططثير )ولي ططس بالض ططرورة جمي ططع( الن ططواحي بالنه ططج الم ططاد ي‬
‫التاريخيي‪ ،‬والتحليل الطبقطيي والكتابطات الماركسطيية‪ .‬ولطذا نحطن نطرى أنن التططور غيطر المتكطافئ والمريكطب‬
‫يشيكل إطإانرا يمكن مططن خأللطهّ سطد الثغطرات النظريططة والسياسططية بيطن المقاربططات النقدييطة الماركسطيية وغيطر‬
‫الماركسية بشكل مثمر‪ .‬في كتاب "كيف ساد الغرب"‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬نحن نسعى لفتح حططوار مططع‬
‫مقاربات ما بعد الكولونيالية‪ ،‬بدنل من تجاهلها‪.‬‬

‫‪ -‬يقططول مايكططل لططوي إنن "سياسططة التطططور غيططر المتكططافئ والمريكططب" تتكططون مططن ثلثا مشططاكل مترابطططة‬
‫جدلنيا‪ :‬إمكانيطة ثطورة بروليتاريطة فطي البلطدان "المتخلفططة"‪ ،‬والنتقطال المتواصططل مطن الديمقراطإيطة إلطى ثططورة‬
‫اشططتراكية‪ ،‬والتمططدد المم طيي للسططيرورة الثوريططة‪ 25 .‬مططا هططو الططدور الططذي تلعبططهّ السططيرورة الثوريططة العالميططة‬
‫المسط ططتمرة فط ططي تحليلكمط ططا‪ ،‬حيط ططث توعط ط طيد التطط ططور غيط ططر المتكط ططافئ والمريكط ططب فط ططوق تاريخيط ططة )‪trans‬‬
‫‪ ،(historical‬أو ‪ -‬على وجهّ الدقطة ‪ -‬فططوق نسططقية )‪ ،( transmodal‬أي متجاوزة للنمط أو‬
‫الشكل؟‬

‫ربمططا ينبغططي توضططيح مططا نعنيططهّ بططالتطور غيططر المتكططافئ والمريكططب الططتي تعمططل بطريقططة فططوق نسططقيية‪ .‬عنططد‬
‫استخدامها بشكل عام‪ ،‬على المستوى فوق النسقيي‪ ،‬فإنن أفضل طإريقة هي فهم التططور غيطر المتكطافئ‬
‫والمريك ططب باعتباره ططا الفرض ططية الساس ططية أو النطولوجي ططة للتاري ططخ البش ططري‪ .‬بعب ططارة أخأ ططرى‪ ،‬إنيه ططا تح ططدد‬
‫مجموعة مجيردة من المحيددات الطتي تصطف الحالططة العامطة الطتي تطواجهّ جميطع المجتمعططات بغطض النظططر‬
‫عططن السططياق التططاريخي‪ .‬ولططذلك‪ ،‬عنططدما توسططتخدم عنططد هططذا المسططتوى فططوق النسططقيي‪ ،‬فططإنن التطططور غيططر‬
‫سط ططر القليط ططل عط ططن هط ططذه‬
‫المتكط ططافئ والمريكط ططب تخبرنط ططا الكط ططثير عط ططن السط ططيرورات التاريخيط ططة الواقعيط ططة‪ ،‬وتف ي‬
‫السططيرورات كططذلك‪ .‬وعنططد هططذا المسططتوى مططن التجريططد فهططي ل تشطيكل نظريططة‪ .‬ومططع ذلططك‪ ،‬هططذه ليسططت‬
‫الطريق ططة الوحي ططدة ال ططتي يمك ططن م ططن خألله ططا اس ططتخدام التنمي ططة غي ططر المتكافئ ططة والمريكب ططة‪ .‬ف ططي الكت ططاب‪،‬‬
‫نستخدم الفكرة بطريقة نسقيية‪ .‬من الفرضية النطولوجية فوق النسططقية يمكننططا اسططتخلص مجموعططة مططن‬
‫السئلة للبحث‪ ،‬ول سيما النتباه إلطى‪ (1) :‬تعدديطيطة التنميطة المجتمعيطة‪ (2) .‬التفاعططل بيطن المجتمعطات‬
‫الناشططئة عططن هططذه التعدديطيطة‪ (3) .‬الشططكال المجتمعططة المركبيططة للتنميططة الططتي تنبثططق عططن هططذه التفططاعلت‪.‬‬
‫ولكنن هذه الفتراضات النطولوجية والمنهجية العامة وحدها ل تشيكل نظرية علططى هططذا النحططو – علططى‬
‫القططل ليططس بططالمعنى الماركسط طيي علططى وجططهّ التحديططد‪ .‬وهططذا يعنططي أنن النظريططة ليسططت ممكنططة إيل علططى‬
‫مسط ططتوى معيط ططن تاريخنيط ططا ترتبط ططط فيط ططهّ الحط ططداثيات النطولوجيط ططة والمنهجيط ططة للدراسط ططة بمقط ططولت تاريخيط ططة‬
‫وسوسيولوجية ثابتة وملموسة‪ .‬نحن نعتقد أنن هذا مفيد في أنطيطهّ بوسططعنا النظططر فططي التطططور غيططر المتكططافئ‬
‫والمريكب من خألل خأصوصيتها التاريخية‪ ،‬وهو أمر يختلف في سياقات تاريخية مختلفة‪ ،‬دون التخلططي‬
‫بالضططرورة عططن الفرضططية فططوق النسططقيية‪) .‬وهططذا يوضططح كيططف يعمططل مفهططوم "نمططط النتططاج" فططي الفكططر‬
‫الماركسيي(‪.‬‬

‫عودة إلى لطوي‪ ،‬نحطن نطرى أنن تعمقطهّ فطي سياسطة التططور غيطر المتكطافئ والمريكطب يحطدثا علطى مسطتوى‬
‫ملموس من التحليل‪ ،‬مستوى متأثر بالتصور فوق النسقيي للتطور غير المتكافئ والمريكططب‪ ،‬ولكنطيطهّ ليططس‬
‫مسططتمندا منططهّ‪ .‬ولططذلك‪ ،‬فططإنن الشططكاليات الططتي يحططددها لططوي قاصططرة علططى مجموعططة مططن الشططكاليات‬
‫التاريخيططة )ول سططيما تلططك العائططدة إلططى القططرن العشطرين( الططتي ل توجططد بالضططرورة فططي سططياقات مختلفططة‪،‬‬
‫سططواء كططان ذلططك اليططوم أو فططي أوائططل العصططر الحططديث )الططذي هططو محططور تحليلنططا(‪ .‬ومططا إذا كططانت هططذه‬
‫الشططكاليات متحيققططة فططي عصططور مختلفططة فهططذا عمططل علططم الجتمططاع التططاريخي والنشططاط السياسططي‪ ،‬ول‬
‫يمكن استنتاجهّ من أي مزاعم فوق نسقييهّ فحسب‪.‬‬

‫هططل كططانت إشططكاليات لططوي آنييططة أو يمكططن إدراكهططا فططي محططور تحليلنططا )أي أصططول للرأسططمالية(؟ حسطننا‪،‬‬
‫بعططض ايدعططاءاتهّ – علططى وجططهّ التحديططد وجططود البروليتاريططا ومسططألة النتقططال مططن الديمقراطإيططة إلططى الثططورة‬
‫الشتراكية – تفطترض الرأسطمالية‪ ،‬وبالتطالي ل يمكطن اعتبارهطا جطزنءا مطن تاريطخ أصطولها‪ .‬الطريقطة التي تطيم‬
‫بهططا تططأطإير المشططكلة الثالثططة – التمديططد الممطيي للسططيرورة الثوريططة – تمثطيطل مشططكلة فططي حططد ذاتهططا؛ فهططي‬
‫تفترض قيام ثورة داخألية ‪ -‬محليية ‪ -‬تمتد إلططى الخططارج ‪ -‬دوليطنطا‪ .‬تعططاني مثططل هططذه الراء مططن هططذا النططوع‬
‫من الداخألنيية )أو النزعة القومية المنهجية( التي تغلب عليها التطور غير المتكافئ والمريكب‪.‬‬

‫ومططع ذلططك‪ ،‬يمكططن القططول بططأنن هنططاك العديططد مططن الطططرق الططتي لعبططت مططن خأللهططا "السططيرورات الثوريططة‬
‫الممييططة" دونرا ها نمططا أثنططاء الحقبططة الططتي نتناولهططا فططي هططذا الكتططاب‪ .‬خأططذ علططى سططبيل المثططال‪ ،‬أزمططة العططالم‬
‫المسطيحي‪ .‬لقطد شططهدت أوروبططا انهيطار القطططاع وثطورات الفلحيطن ممفصططلة علطى غطرار ثطورة دينيطة‪ .‬وفططي‬
‫الوقت نفسهّ‪ ،‬ثورات الفلحين ضد العطالم المسطيحي عملطت على تسطهيل تونسطع المبراطإوريطة العثمانيطة‬
‫نح ططو الراض ططي المس ططيحية‪ ،‬وبالت ططالي إض ططعاف البابوييططة وإمبراطإوري ططة هابس ططبورغ‪ .‬وف ططي المريك ططتين ل ططدينا‬
‫سلسلة من الثورات التي قامت بها مجتمعات السكان الصليين ضد المبرياليططة اليبيريططة‪ .‬وفططي الططوقت‬
‫نفسهّ‪ ،‬في آسيا كانت المجتمعات المحلية تقاوم محاولت السطتعمار السطتيطاني مطن لقبطل اليطبيريين‪،‬‬
‫وفي وقت لحق‪ ،‬من لقبل القوى الهولندية‪.‬‬
‫نحن نرى أن هذه التواريخ المميية غير الوروبيططة المتفاوتططة والمتقاطإعططة كططانت حاسططمة فططي انهيططار النظططام‬
‫الجتمطاعي فطي أوروبططا‪ .‬لقطد نتطج عططن حططام هطذا النظططام الجتمططاعي المتطداعي وسططائل بديلطة للسطتغلل‬
‫ي‪ .‬وعلوة علططى‬ ‫والنظططام الجتمططاعي ‪ -‬مثططل الرأسططمالية والعنصطرية والشططكال الحديثططة مططن النظططام البططو ي‬
‫صططا لسططحق أو السططيطرة علططى هططذه الحركططات المميطيطة‬ ‫ل‬
‫ذلططك‪ ،‬اوسططتخدمت هططذه السططاليب الجديططدة خأصي ن‬
‫المتمردة‪ .‬وأعتقد أنن الهدف هنا هو هدف جوهري بالسطاس – فرضطية أنطولوجيطة لتنميطة غيطر متكافئطة‬
‫ومريكبططة وفططوق نسططقية والمؤشطرات المنهجيططة الططتي تنبثططق عنهططا والططتي تسططاعدنا علططى فهططم الصطراع الطبقططي‬
‫وفعاليية التطابع بمصططلحات بيطن مجتمعيطة بطدنل مطن مصططلحات محليطة أو قوميطة‪ .‬تسطاعدنا التططور غيطر‬
‫ضططا علططى إدراك مططدى تقططاطإع السططيرورات الثوريططة المتفاوتططة والمتعططددة وانططدماجها‬
‫المتكططافئ والمريكططب أي ن‬
‫علططى مسططتوى العططالم‪ .‬وهططذه مسططألة هايمططة اليططوم‪ ،‬بنفططس الهميططة الططتي كططانت عليهططا عنططدما كتططب لططوي‬
‫أطإروحتهّ‪.‬‬

‫ألكسندر أنيفاس ‪ :Alexander Anievas‬مدرس العلوم السياسية والعلقات‬ ‫‪‬‬


‫الدولية بجامعة كامبريدج‬

‫كري ططم نيسانش ططيوغلو ‪:Kerem Nisancioclu‬محاض ر ف ي الدراس ات الدولي ة بكلي ة الدراس ات‬
‫الشرقية والفريقية ‪ SOAS‬بجامعة لندن(‪.‬‬

‫ورابط الحوار‪:‬‬

‫‪https://viewpointmag.com/2015/12/01/towards-a-radical-critique-of-‬‬
‫‪eurocentrism-an-interview-with-alexander-anievas-and-kerem-‬‬
‫‪nisancioglu/‬‬

‫‪1.‬‬ ‫‪Karl Marx, Capital, Volume III, trans. David Fernbach‬‬


‫‪(Harmondsworth: Penguin, 1981), 728.‬‬
2. Bertell Ollman, “Marxism and Political Science: Prolegomenon to
a Debate on Marx’s Method,” in Social and Sexual Revolution: Essays
on Marx and Reich (London: Pluto Press, 1979), 99-156, 105.

3. Justin Rosenberg, “Why Is There No International Historical


Sociology?” European Journal of International Relations, Vol. 12 No.
3 (2006): 307–340, 308.

:‫انظر‬ .4

5. Rosenberg, “Why Is There No International Historical Sociology?

.‫ضا في هذه القائمة لبعض الكتابات المعاصرة عن التطور غير المتكافئ والمريكب‬
‫وانظر أي ن‬

6. Charlie Post, The American Road to Capitalism: Studies in Class-


Structure, Economic Development, and Political Conflict, 1620–1877
(Leiden: Brill, Historical Materialism Book Series, 2011.

7. Dipesh Chakrabarty, Provincializing Europe (Princeton, NJ:


Princeton University Press, 2008, 2nd Edn.), 70; Vivek Chibber,
Postcolonial Theory and the Spectre of Capital (London: Verso, 2013),
229.

8. Chakrabarty, Provincializing Europe, 63.

9. Karl Marx, Grundrisse, trans. Martin Nicolaus (Harmondsworth:


Penguin, 1973), 105–106.

10. Chakrabarty, Provincializing Europe, 66.

.ّ‫المصدر نفسه‬ .11


،ّ‫ ولكطن ليطس باعتبارهطا المنتطج الخطاص بطه‬،‫"يجد رأس المال أنن السطلعة موجطودة بالفعطل‬ .12
‫ ولكططن ل بوطيد مططن‬... ّ‫ ولكن ليس كعنصططر فططي عمليططة الستنسططاخ الخاصططة بططه‬،‫وكذلك يجد تداول النقود‬
.‫تدمير كل النسقين كأشكال مستقلة وتابعة لرأس المال الصناعي‬

" Marx quoted in Chakrabarty, Provincializing Europe, 64.

13. Chibber, Postcolonial Theory and the Spectre of Capital, 235.

14. Chibber, Postcolonial Theory and the Spectre of Capital, 235.

15. David Harvey, Spaces of Global Capitalism (London: Verso, 2006),


102; Ray Kiely, “Capitalist Expansion and the Imperialism-
Globalization Debate: Contemporary Marxist Explanations,” Journal
of International Relations and Development Vol. 8, No. 1 (2005): 27–
57, 41; David Harvey, The New Imperialism (Oxford: Oxford
University Press, 2003), 103.

16. Marx, Grundrisse, 401, 421.

17. Alexander Anievas and Kerem Nisancioglu, How the West Came
to Rule (London: Pluto Press, 2015), 40.

18. Jairus Banaji, Theory as History (Leiden: Brill, 2010), 253.

19. Justin Rosenberg, “The Philosophical Premises of Uneven and


Combined Development,” Review of International Studies, 39, 3
(2013): 569-597, 581-83.

20. Karl Marx, Capital, Volume I, trans. Ben Fowkes (London:


Penguin Books, 1976), 925.
21. Tzvetan Todorov, The Conquest of America: The Question of the
Other (Norman: University of Oklahoma Press, 1982), 5.

22. Robert Brenner, “The Social Basis of Economic Development,” in


John Roemer, ed, Analytical Marxism (Cambridge: Cambridge
University Press, 1986), 23-53, 31–32.

23. Perry Anderson, Lineages of the Absolutist State (London: New


Left Books, 1974), 18.

24. John M. Hobson, “What’s at Stake in the Neo-Trotskyist Debate?


Towards a Non-Eurocentric Historical Sociology of Uneven and
Combined Development,” Millennium, Vol. 40, No. 1 (2011): 147-166.

25. Rosenberg, “Why Is There No International Historical Sociology?”

26. Michael Löwy, The Theory of Revolution in the Young Marx


(Chicago: Haymarket, 2010), 1; see also his The Politics of Combined
and Uneven Development: The Theory of Permanent Revolution
(London: New Left Books, 1981)

http://www.nama-center.com/DialogueDatials.aspx?Id=56

You might also like