You are on page 1of 52

‫ماء زمزم‬

‫د ‪ .‬فهــد العصيـمـي‬

‫‪1‬‬
‫الفهـــرس ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪1‬‬ ‫المقدمــة‬

‫الفصـل الول‬
‫المبحث الول‬
‫‪3‬‬ ‫نبذة تاريخية عن قصة ماء زمزم‬
‫‪3‬‬ ‫أول ‪ :‬زمزم في عهد إسماعيل‬

‫‪6‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬زمزم في عهد عبد المطلب‬

‫‪7‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬زمزم في عهد السلم‬

‫المبحث الثاني‬
‫‪9‬‬ ‫صفة بئر ماء زمزم‬
‫‪16‬‬ ‫زمزم في عهد الملك عبد العزيز‬

‫‪18‬‬ ‫شبكة توزيع مياه زمزم‬

‫المبحث الثالث‬
‫‪21‬‬ ‫مصادر ماء زمزم‬
‫المبحث الرابع‬
‫‪22‬‬ ‫أسماء ماء زمزم‬
‫الفصل الثاني‬
‫المبحث الول‬
‫‪25‬‬ ‫بركة ماء زمزم‬

‫‪2‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪25‬‬ ‫مضنونة شباعة‬

‫‪26‬‬ ‫من سنن الحج‬

‫‪26‬‬ ‫شفاء سقم‬

‫‪27‬‬ ‫ماء زمزم والمنافقين‬

‫المبحث الثاني‬
‫‪29‬‬ ‫فضل ماء زمزم‬
‫‪32‬‬ ‫كيفية التداوي بماء زمزم‬

‫المبحث الثالث‬
‫‪35‬‬ ‫آداب شرب ماء زمزم‬
‫المبحث الرابع‬
‫‪36‬‬ ‫التحليل الكيميائي لماء زمزم‬
‫‪39‬‬ ‫الفحص البكتريولوجي‬

‫‪39‬‬ ‫المن المائي في مكة المكرمة‬

‫المبحث الخامس‬
‫‪41‬‬ ‫مسائل فقهية عن ماء زمزم‬
‫‪44‬‬ ‫الخاتـــمة‬
‫‪45‬‬ ‫المراجــع‬

‫‪3‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫المقدمة‬
‫الحمد ل رب العالمين وأفضل الصلة وأتم التسليم على أشرف النبياء‬
‫والمرسلين ‪ ،‬أما بعد ‪..‬‬
‫فقد جعل ال في خلقه أمراضا ‪ ،‬وهداهم لعلجا تلك المراض ‪ ،‬ومما أوصى به نبينا‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم في علجا تلك المراض شرب ماء زمزم ‪ ،‬فقد ثبت في‬
‫حديث إسلم أبي ذر أن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أنها طعام طعم وشفاء‬
‫سقم " )‪(1‬‬
‫وقد شربها السلف للعلم فأصبحوا علماء ‪ ،‬وشربه اناس لبعض المبتغيات‬
‫فأبلغهم ال مبتغاهم بسببها ‪ ،‬وقد شربها اناس ولم يبلغوا ما شربوها له ‪ ،‬وذلك‬
‫لنهم حين شربوها لم يكونوا يؤمنوا اليمان القوي بما في ماء زمزم من بركة‬
‫وعظمة ‪ .‬وخير مثال معاصر تلك المرأة التي تدعى بليلى الحلو التي ألفت كتابا‬
‫بعنوان " فل تنسى ال " تحكي به قصتها مع مرضها وكيف زال ‪ ،‬فلقد أصاب هذه‬
‫المرأة سرطان – عفانا ال وإياكم منه – بثدييها أعجز كل الطباء في العالم شرقه‬
‫وغربه عن علجه ‪ ،‬فاتجهت إلى ال واعتكفت ببيته وأخذت تلزم زمزم ‪ ،‬ولم تعلم‬
‫عن نفسها إل وقد زال ذلك المرض الخبيث فحمدت ربها وعادت إلى أطبائها الذين‬
‫أعجزهم ال عن علجها فلم يصدقوا أنها هي التي كانت تراجعهم ‪.‬‬

‫‪ ()1‬رواه بن حبان والطبراني ‪ ،‬صحيح الجامع الصغير ‪3322 /‬‬

‫‪4‬‬
‫وحدثنى أحد الخوةعن مريض من أهل منطقة الشمال في المملكة أنه‬
‫أصيب بتليف الكبد وأكد الطباء صعوبة علجه فودع أهله وتوجه إلى مكة وصار‬
‫يشرب من زمزم ويدعو ويتصدق تطبيقا لقوله صلى ال عليه وسلم ] داوو‬
‫مرضاكم بالصدقة[ فبعد مدة أنبت ال له كبدا جديدة مما حير الطباء حيث عادت‬
‫صحته وقوته مما اضطرهم الى إزالة الكبد الولى المتلوثة‬

‫صدق صلى ا عليه وسلم ‪ ) :‬ماء زمزم لما شرب له ( أخرجه أحمد –‬
‫يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني ‪ :‬حقا أنا علمت علما قاطعا بقصة رجل من اليمن‬
‫– أعرفه فهو صديقي ‪ -‬هذا رجل كبير ‪ ,‬نظره كان ضعيفا ‪ ..‬بسبب كبر السن وكاد‬
‫يفقد بصره ! ‪ ,‬وكان يقرأ القرآن وهو حريص على قراءة القرآن ‪ ..‬وهو يكثر من‬
‫قراءة القرآن وعنده مصحف صغير ‪ ..‬هذا المصحف ل يريد مفارقته ‪ ,‬ولكن‬
‫ضعف نظره فكيف يفعل ؟ ! قال ‪ :‬سمعت أن زمزم شفاء فجئت إلى زمزم ‪ ,‬وأخذت‬
‫أشرب منه فرأيته‪ ,‬يأخذ المصحف الصغير من جيبه ويفتحه ويقرأ ‪ ,‬أي وا‬
‫يفتحه ويقرأ وكان ل يستطيع أن يقرأ في حروف هي أكبر من مصحفه هذا ‪ ,‬وقال‬
‫‪ :‬هذا بعد شربي لزمزم ‪ .‬فيا أخي الكريم هذا حديث رسول ا صلى ا عليه‬
‫وسلم ‪ ,‬ولكن الدعاء شرطه أن يكون صاحبه موقنا بالجابة‪ ) :,‬إذا سألك عبادي‬
‫عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم‬
‫يرشدون ( ‪ -‬البقرة ‪(1) 186 :‬‬
‫فسبحان ال العظيم كم هو ماء عظيم ل يحس بلذته ول يتضلع منه إل‬
‫المؤمنون فقط ‪ ،‬فهو فاضح المنافقين فهم ل يستطيعون التضلع منه ‪0‬‬

‫د‪ /‬فهد‬

‫العصيمى‬

‫‪5‬‬
‫)‪ (1‬المصدر " أنت تسأل والشيخ الزنداني يجيب حول العإجاز العلمي في القرآن والسنة "‬

‫تعريف زمزم‪:‬‬

‫زمزم بفتح أوله وسكون ثانيه وتكرير الميم والزاي وهي البئر المباركة المشهورة‬
‫قيل سميت زمزم لكثرة مائها يقال ماء زمزم وزمازم وقيل هو اسم لها وعلم‬
‫مرتجل وقيل سميت بضم هاجر أم إسماعيل عليه السلم لمائها حين انفجرت وزمها‬
‫إياه وهو قول ابن عباس حيث قال لو تركت لساحت على الرض حتى تمل كل شيء‬
‫)‪(#‬‬

‫أسمــــاء مـــــاء زمزم‬


‫أما أسماؤها فزمزم وشباعة ومروية ونافعة وعافية وميمونة وبركة وبرة ومضنونة‬
‫وكافية ومعذبة وشفاء سقم ول شرق ولتذم وسيدة وعنة وبشرى وصافية وعصمة وسالمة‬
‫وميمونة ومباركة وغذية وطاهرة ومغداة وحرمية ومروية ومؤنسة وطيبة وتكتم وشباعة‬
‫العيال – وشراب البرار – وقرية النمل – ونقرة الغراب وهزمة إسماعيل – وحفيرة العباس ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وقال القسطلني ‪ :‬وتسمى ‪ -‬أي زمزم ‪ : -‬الشباعة وبركة ونافعة ومضنونة وبرة‬
‫وميمونة وكافية وعافية ومغذية ومروية وطعام طعم وشفاء سقم وقال الشيخ مرتضى في‬
‫شرح القاموس ما نصه قال بن بري لزمزم اثنى عشر أسما ‪ :‬زمزم ومكتومة ومضنونة‬
‫وشباعة وسقى الرواء وركضة جبريل وهزمة جبريل وشفاء سقم وطعام طعم حفيرة عبد‬
‫المطلب ) قلت ( أي قال الشيخ مرتضى وقد جمعت أسماءها في نبذة لطيفة فجاءت على ما‬
‫ينيف على ستينن اسما مما استخرجتها من كتب الحديث واللغة منه بلفظه ) قوله اثنى عشر‬
‫أسما ( كذا فيه وفي لسان العرب لبن مظور والمعدود كما ترى إنما هو عشرة فلينظر فتوافقا‬
‫أي بن بري والقسطلني في خمسة وتفرد القسطلني بثمانية وبن بري بخمسة فخرجا من‬
‫كلمهما ثمانية عشر إسما ‪ ،‬قال عياض ولها أسماء كثيرة ‪(2).‬‬

‫‪ ()1‬زمزم طعام طعم وشفاء سقم ‪ ،‬يحيى حمزة كوشك ‪ ،‬ط‪ ، 1403 ،1:‬ص ‪27‬‬
‫‪ () 2‬ازالة الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث ماء زمزم لما شرب له ‪،‬‬
‫محمد بن ادريس القادري ط‪ 1330 ، 1 :‬هـ ‪ ،‬مطبعة الجمالية مصر‬

‫‪6‬‬
‫‪------------------------------------------‬‬

‫‪ -#‬معجم البلدان ‪147 / 3/‬‬


‫نبذة تاريخية عن قصة ماء زمزم وحفرها‬
‫الحديث عن زمزم حديث شيق ممتع ‪ ،‬يضرب بنا في بطون التاريخ حتى‬
‫يأخذنا إلى الحديث عن جد العرب ابراهيم عليه السلم ‪.‬‬
‫وزمزم التي يتمتع بها الحاجا ويتضلع من مائها الذي لينضب نتحدث عنها‬
‫من جوانب ثلثة ‪ :‬عهد إسماعيل ‪ ،‬ثم عهد عبد المطلب ‪ ،‬ثم في السلم ‪.‬‬

‫لما لم يرزق الخليل عليه السلم من سارة بغلم ؛ فإنه رحل‬


‫إلى أرض مصر ‪ ،‬فأهدى ملك مصر السيدة هاجر إلى السيدة سارة‬
‫التي وهبتها إلى سيدنا إبراهيم عسى أن يرزقها ال بولد منها‪ ،‬فدخل‬
‫بها فولدت له إسماعيل عليه السلم ‪.‬ثم إن سارة دخلها من الغيرة ما‬
‫يدخل قلوب النساء ‪ ،‬فكان أن رحل إبراهيم عليه السلم بولده وأم‬
‫ولده إلى مكة ‪ ،‬فلما بلغ بهما ربوة عند البيت – وليس بمكة يومئذ‬
‫من أحد وليس بها ماء ‪ -‬ترك لهما جرابا فيه تمر ‪ ،‬وسقاية فيها ماء‬
‫‪ ،‬ثم قفى إبراهيم منطلقا ‪.‬فتبعته أم اسماعيل وهي تسأله أين تذهب‬
‫وتتركنا بهذا الوادي ؟ فقالت له ذلك مرارا ولم يلتفت إليها ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫ال أمرك بهذا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إذن ل يضيعنا ‪ ،‬ثم رجعت ‪.‬‬
‫فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية بحيث ل يرونه استقبل‬
‫بوجهه البيت ثم دعا ربه فقال ‪ " :‬ربنا أني اسكنت من ذريتي بواد‬
‫غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلة فاجعل أفئدة من الناس‬
‫تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " )‪. (1‬‬

‫بهذه الكلمات المضيئة ‪ ،‬دعا إبراهيم ربه ‪ ،‬وهو يعلم أن عناية ال على ولده وزوجه ‪،‬‬
‫وأن ال سبحانه يجازي عباده الجزاء الوفى ‪ ،‬فكيف بخليل ال كم يكون توكله وهو الذي أالقى‬

‫‪ ()1‬سورة ابراهيم ) ‪ - ( 37‬الجزء الثالث عشر ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫في النار من قبل وجاءه جبريل عليه السلم وهو في الهواء فقال ألك حاجة فقال أما إليك فل‬
‫وأما من ال فبلى)‪ ، (1‬فرافقته العناية اللهية كما ترافق المؤمنين دائما في آية من أعجز‬
‫اليات على مر العصور فكان قول ال تبارك وتعالى ‪ " :‬قلنا يا نار كوني بردا وسلما‬
‫على ابراهيم ")‪ ، (2‬وقال تعالى ‪ " :‬فأرادوا به كيدا فجعلناهم السفلين " )‪، (3‬‬
‫فكيف بمن جعله ال أمة وحده " إن إبراهيم كان اأمة قانتا ل حنيفا ولم يك من‬
‫المشركين" )‪. (4‬‬
‫وجعلت أم إسماعيل ترضع اسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت‬
‫وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يلتوي أو قال يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا‬
‫أقرب جبل في الرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هلى ترى أحدا فلم تر أحدا‬
‫فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف ذراعها ثم سعت سعي النسان المجهود حتى‬
‫إذا جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع‬
‫مرات قال ابن عباس قال النبي صلى ال عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما فلما أشرفت على‬
‫المروة سمعت صوتا فقالت صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت قد أسمعت إن كان‬
‫عندك غواث فإذا هي بالملك ثم موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء‬
‫فجعلت تخوضه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهي تفور بعد ما تغرف‬
‫قال ابن عباس قال النبي صلى ال عليه وسلم يرحم ال أم اسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو‬
‫لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك ل تخافي‬
‫الضيعة فإن ههنا بيت ال يبني هذا الغلم وأبوه إوان ال ل يضيع أهله وكان البيت مرتفعا من‬
‫الرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من‬
‫جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كذا فنزلوا في أسفل مكة ف أروا طائ ار عائفا فقالوا إن‬
‫هذا الطائر ليدور على الماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم‬
‫بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا قال وأم اسمعيل ثم الماء فقالوا تأذنين لنا أن ننزل عندك‬
‫قالت نعم ولكن ل حق لكم في الماء قالوا نعم قال عبدال بن عباس قال النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم فألقى ذلك أم اسمعيل وهي تحب النس فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان‬
‫بها أهل أبيات منهم وشب الغلم وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة‬

‫‪ ( )1‬تفسير ابن كثير جـ ‪ 3‬صـ ‪179‬ـ ‪.‬‬


‫‪ ()2‬سورة النبياء الية ) ‪ - ( 69‬الجزء السابع عشر ‪.‬‬
‫‪ ()3‬سورة الصافات الية ) ‪ – (98‬الجزء الثالث و العشرون ‪.‬‬
‫‪ ()4‬سورة النحل الية )‪ – ( 120‬الجزء الرابع عشر ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫منهم وماتت أم اسمعيل فجاء إبراهيم بعد ما تزوج اسمعيل يطالع تركته فلم يجد اسمعيل فسأل امرأته‬
‫فقالت خرج يبتغي لنا ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر في ضيق وشدة وشكت إليه قال‬
‫فإذا جاء زوجك الشبل عليه السلم وقولي له يغير عتبة بابه فلما جاء اسمعيل كأنه آنس شيئا فقال هل‬
‫جاءكم من أحد فقالت نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في‬
‫جهد وشدة قال فهل أوصاك بشيء قالت نعم أمرني أن أق أر عليك السلم ويقول عتبة بابك قال ذاك أبي‬
‫وأمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى ولبث عنهم إبراهيم ما شاء ال ثم أتاهم بعد‬
‫فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت خرج يبتغي لنا قال كيف أنتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم‬
‫فقالت نحن بخير وسعة وأثنت على ال فقال ما طعامكم قالت اللحم قال فما شرابكم قالت الماء قال اللهم‬
‫بارك لهم في اللحم ظاهرا[*‬
‫وذكر الفاكهي خبرا يقتضي أن الخليل عليه السلم حفر زمزم ) بعد أن نبعت العين ( ‪ ،‬وقصته كانت‬
‫بينه وبين ذي القرنين في زمزم لنه قال ‪ :‬حدثنا عبد ال بن عمران المخزومي ‪ ،‬قال ‪ :‬حدثنا عثمان بن ساجا‬
‫قال ‪ :‬بلغنا في الحديث المأثور عن وهب بن منبه قال ‪ :‬كان بطن مكة ليس فيه ماء وليس لحد فيه قرار حتى‬
‫أنبط ) أي أظهر ( ال لسماعيل زمزم فعمرت يومئذ مكة وسكنها من أجل الماء قبيلة منبه قال ‪ :‬كان بطن مكة‬
‫ليس فيه ماء وليس لحد فيه قرار حتى أنبطه ال تعالى لسماعيل لم يكن لحدد بها يومئدذ مقام‪ .‬قال عثمان‬
‫وذكر غيره ‪ :‬أن زمزم تدعى " سابق " وكانت وطأة من جبريل )‪0(1‬‬
‫يذكر باحثو أحداث الكتاب المقدس لدى اليهود و النصارى أن إسماعيل قد ولد سنة ‪ 1910‬قبل‬
‫الميلد ‪ ،‬وهو تاريخ يتفق مع ما ذهب إليه بعض مؤرخي العرب كالمسعودي قبل أولئك الباحثين وكان قدوم‬
‫إسماعيل إلى مكة مع والديه في سنة مولده ‪ .‬ومادام مولد إسماعيل كان سنة ‪ 1910‬قبل الميلد تقريبا ‪ ،‬وهي‬
‫نفسها سنة مقدمه مع والديه إلى مكة فأن ظهور زمزم كان في هذه السنة نفسها ‪ .‬وأما بالنسبة للتقويم‬
‫الهجري فإن ظهور زمزم كان في سنة ‪ 2572‬قبل ميلد الرسول محمد صلى ال عليه و سلم تقريبا ‪ ،‬وبيننا‬
‫‪2‬‬
‫وبين ظهور زمزم بتقويمنا الهجري حوالي أربعة آلف سنة ‪.‬‬
‫وأما ما ارتكبه جرهم من ظلم بحق البيت العتيق ‪ ،‬سلط ال عليهم خزاعة وأصبحوا حكام مكة وظل‬
‫مكان البئر سرا حتى شاءت إرادة ال حفره على يد عبد المطلب بن هشام جد محمد صلى ال عليه و‬
‫سلم وهو ما سوف نتكلم عليه بعد هذا ‪ ،‬وظلت السقيا من ماء زمزم في بني هاشم بن‬
‫‪3‬‬
‫عبد مناف ‪.‬‬

‫‪---------------------------------------‬‬
‫*‪ -‬البداية والنهاية‪ /‬ابن كثير ‪ 1‬ص ‪155‬‬

‫ثانياا ‪ :‬زمزم في عهد عبد المطلب ‪:‬‬


‫إليكم ماذكره ابن كثير فى تفسيره‬
‫‪ ()1‬زمزم طعام طعم وشفاء سقم ‪ /‬يحيى حمزة كوشك ‪ /‬ط ‪ 1403 / 1 :‬ص ‪16‬‬
‫‪ 2 2‬زمزم طعام طعم وشفاء سقم – يحيى حمزة كوشك – ص ‪ – 16‬ط ‪1403 – 1‬هـ ‪1983 -‬م‬
‫‪ 3‬مجلة الجح – عبدال عبد المطلب بوقس – العدد ‪ – 11‬الجزء ‪ – 1‬ص ‪ – 3‬السنة ‪ 1419 – 53‬هـ‬ ‫‪3‬‬

‫‪9‬‬
‫عن عبد ال بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه حدثني‬
‫عبد ال بن سعيد عن الصنابحي قال كنا ثم معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح‬
‫إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم كنا ثم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فجاءه رجل فقال يا رسول ال عد علي مما أفاء ال عليك يا ابن الذبيحين فضحك‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقيل له وما الذبيحان فقال إن عبد المطلب لما أمر‬
‫بحفر زمزم نذر ل إن سهل له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرجا السهم‬
‫على عبد ال فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من البل ففداه بمائة من البل‬
‫وإسماعيل الثاني وهذا حديث غريب جدا وقد رواه الموي في مغازيه حدثنا بعض‬
‫أصحابنا أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن‬
‫القرشي حدثنا عبيد ال بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان حدثنا عبد ال‬
‫بن سعيد حدثنا الصنابحي قال حضرنا مجلس معاوية رضي ال عنه فتذاكر القوم‬
‫إسماعيل أو إسحاق وذكره كذا كتبته من نسخة مغلوطة وإنما عول ابن جرير في‬
‫اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى فبشرناه بغلم حليم فجعل هذه البشارة‬
‫هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى وبشروه بغلم عليم وأجاب البشارة بيعقوب‬
‫بأنه قد كان بلغ معه السعي أي العمل ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولد مع‬
‫يعقوب أيضا قال وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقل من‬
‫بلد كنعان قال وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك هذا‬
‫مااعتمد عليه في تفسيره وليس ما ذهب إليه بمذهب ول لزم بل هو البعيد جدا‬
‫والذي استدل بن محمد بن كعب القرظي انه إسماعيل أثبت واصح وأقوى وال أعلم‬
‫))‪(1‬‬
‫‪----------------------------------‬‬

‫‪ -1‬تفسير ابن كثير‪/‬جا ‪ 4‬ص ‪19‬‬

‫واستمرت زمزم مدفونة ل ياعرف مكانها ‪ ،‬إلى أن أظهرها عبد المطلب‬


‫جد النبي صلى ال عليه وسلم بعلمات عرف بها موضعها في رؤيا رآها ‪،‬‬

‫‪10‬‬
‫فحفرها وأظهرها ‪ .‬وقد تحدث بعض المؤرخين القدامى والمحدثين عن‬
‫الرؤيا التى رآها عبد المطلب وأمر فيها بحفر بئر زمزم ‪ ،‬ويذكر الزرقي عن‬
‫مهدي بن أبي المهدي عن عبد ال بن معاذ الصنعاني عن معمر الزهري قال ‪:‬‬
‫أول ما ذكر من عبد المطلب بن هاشم أن قريشا خرجت فارة من أصحاب الفيل‬
‫وهو غلم شاب فقال ‪ :‬وال ل أخرجا من حرم ال ابتغي العز في غيره ‪،‬‬
‫فجلس عند البيت وأجلت عنه قريش ‪ .‬فلم يزل ثابتا في الحرم حتى أهلك ال‬
‫الفيل وأصحابه ‪ .‬فرجعت قريش وقد عظم فيها لصبره وتعظيمه محارم ال‬
‫فبينما هو في ذلك وقد ولد له أكبر بنيه فأدرك وهو الحارث ‪ ،‬فأتى عبد المطلب‬
‫في المنام فقيل له ‪ :‬احفر زمزم بين الفرث والدم عند نقرة الغراب في قرية‬
‫النمل مستقبلة النصاب ‪ ،‬فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد‬
‫الحرام ينظر ما سمى له من اليات ‪ ،‬فنحرت بقرة فانفلتت من جازرها‬
‫بحشاشة نفسها حتى غلبها الموت في المسجد في موضع زمزم فجزرت‬
‫تلك البقرة في مكانها حتى احتمل لحمها فأقبل غراب يهوي حتي وقع في الفرث فبحث عن‬
‫قرية النمل فقام عبد المطلب فحفر هنالك ‪ ،‬فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب ما هذا الصنيع ؟‬
‫إنا لم نكن نزنك بالجهل لم تحفر في مسجدنا ؟ فقال عبد المطلب ‪ :‬إني لحافر هذا البئر ومجاهد‬
‫من صدني عنها فطفق هو وابنه الحارث وليس له ولد يومئذ غيره ‪ ،‬حتى إذا أمكن الحفر‬
‫واشتد عليه الذى نذر أن وفا له عشرة من الولد أن ينحر أحدهم ثم حفر حتى أدرك سيوفا‬
‫دفنت في زمزم حيث دفنت فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا ‪ :‬يا عبد المطلب أجزنا‬
‫مما وجدت ‪ ،‬فقال عبد المطلب ‪ :‬هذه السيوف لبيت ال الحرام ‪ ،‬فحفر حتى أنبط الماء في‬
‫)‪ .(1‬القرار ثم بحرها حتى ل ينزف ثم بنى عليها حوضا‬

‫ثالثاا ‪ :‬زمزم في السإلم ‪:‬‬


‫المسلمون في بقاع الرض يتشوقون لزيارة هذا المكان باعتباره منسكا من مناسك‬
‫الحج ‪ ،‬فالنفوس ظامئة حتى ترتوي من هذا النبع الصافي ‪ ،‬الذي فيه الشفاء من كل داء ‪.‬‬

‫‪ ()1‬مرجع سابق ‪ ،‬يحيى حمزة كوشك ص ‪ ، 18‬ط‪ 1403 ، 1:‬هـ ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫والقرآن الكريم وإن لم يشر نصا إلى زمزم ‪ ،‬فقد أشار إلى موضعها ضمنا وهو يورد‬
‫مناسك الحج في كثير من آياته ‪.‬‬
‫والسنة الشريفة أشارت إليها في أحاديث كثيرة ‪ ،‬فلقد ثبت في حديث اسلم أبي‬
‫ذر أن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬أنها طعام طعم وشفاء سقم " ‪(1) .‬‬
‫وقال الإمام أحمد ‪ ،‬عن جابر بن عبد ال قال قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬ماء زمزم لما شرب له " )‪. (2‬‬
‫وروى بن ماجه والحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل ‪ " :‬اذا شربت من‬
‫زمزم فاستقبل الكعبة واذكر اسم ال وتنفس ثلثا وتضلع فإذا فرغت فاحمد ال فعن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬إن آية ما بيننا وبين المنافقين ل يتضلعون‬
‫من ماء زمزم")‪ . (3‬ويقول المام أبو حنيفة " أن يأتى زمزم بعد صلة ركعتين قبل‬
‫الخروجا إلى الصفا فيشرب منها ويتضلع ويقول ‪ :‬اللهم أني أسألك رزقا واسعا‬
‫وعلما نافعا وشفاء من كل داء " ‪(4).‬‬

‫ذكر أخذ القرامطة الحجر السود إلى بلدهم‪:‬‬


‫وفيها خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين وتوافت الركوب هناك‬
‫من كل مكان وجانب وفج فما شعروا إل بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية فانتهب‬
‫أموالهم واستباح قتالهم فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من‬
‫الحجاج خلقا كثي ار وجلس أميرهم أبو طاهر لعنه ال على باب الكعبة والرجال تصرع حوله‬
‫والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في يوم التروية الذي هو من أشرف اليام وهو يقول‬
‫أنا ال وبال أنا أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا فكان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فل‬
‫يجدي ذلك عنهم شيئا بل يقتلون وهم كذلك ويطوفون فيقتلون في الطواف وقد كان بعض أهل‬
‫الحديث يومئذ يطوف فلما قضى طوافه أخذته السيوف فلما وجب أنشد وهو كذلك‬
‫كفتية الكهف ل يدرون كم لبثوا‬ ‫ترى المحبين صرعى في ديارهم‬
‫فلما قضى القرمطي لعنه ال أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الفاعيل القبيحة أمر أن تدفن القتلى‬
‫في بئر زمزم ودفن كثي ار منهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام ويا حبذا تلك القتلة‬

‫‪ ()1‬رواه ابن حبان والطبراني ‪ ،‬صحيح الجامع الصغير ‪. 3322 ،‬‬


‫‪ ()2‬أخرجه ابن ماجه في سننه والمام أحمد في مسنده ‪.‬‬
‫‪ ()3‬رواه ابن ماجه في سننه وعبد الرزاق في مصنفه ‪.‬‬
‫‪ () 4‬مجلة لواء السلم ‪ ،‬صبحي محمود ‪ ،‬السنة ‪ ،33‬العدد ‪1398 ،4‬هـ ‪ ،‬ص‬
‫‪. 47‬‬

‫‪12‬‬
‫وتلك الضجعة وذلك المدفن والمكان ومع هذا لم يغسلوا ولم يكفنوا ولم يصل عليهم لنهم‬
‫محرمون شهداء في نفس المر هدم قبة زمزم وأمر بقلع الكعبة ونزع كسوتها عنها وشققها‬
‫بين أصحابه ‪,‬و أخذ الحجر السود معه‪(1) .‬‬
‫ذكر ابن القيم فى نونيته أن ابو طاهر القرمطي بمكة يوم التروية نهبوا أموال الحاج وقتلوهم‬
‫حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه وقلع الحجر السود وانفذه الى هجر فخرج اليه أمير‬
‫مكة في جماعة من الشراف فقاتلوهم فقتلهم أجمعين وقلع باب الكعبة وأصعد رجل ليقلع الميزاب‬
‫فسقط فمات فطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام بدون كفن ول غسل‬
‫ول صلة على أحد منهم وأخذ كسوة البيت فقسمها في اصحابه ونهب دور أهل مكة )‪(2‬‬

‫‪------------------------------------------‬‬
‫‪ -1‬البداية والنهاية‪ /‬ابن كثير ‪ 11/‬ص ‪160‬‬
‫‪ -2‬نونية ابن القيم ج ‪ 1‬ص ‪509‬‬

‫صفة بئر ماء زمزم ‪:‬‬


‫قال بن جبير في رحلته يصف قبة زمزم بالحالة التى كانت عليها في عصره‬
‫سنة ‪ 578‬هـ ‪ :‬وقبة زمزم تقابل الركن السود ومنها إليه أربع وعشرون خطوة‬
‫ومن ركنها إلى مقام إبراهيم عشر خطوات وداخلها مفروش بالرخام البيض‬
‫الناصع البياض وتنور البئر في وسطها مائل عن الوسط إلى جهة الجدار الذي‬
‫يقابل البيت المكرم ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وعمقها إحدى عشرة قامة حسبما ذرعناه وعمق الماء سبع قامات وباب‬
‫القبة ناظر إلى الشرق وتنور بئر زمزم من الرخام قد ألصق بعضه ببعض إلصاقا‬
‫وأفرغ في أثنائه الرصاص ‪ ،‬وكذلك داخل التنور وحفت به من أعمدة الرصاص‬
‫الملصقة إليه إبلغا في قوة لزه ورصه عامودا قد خرجت لها رؤوس قابضة على‬
‫حافة البئر دائرة بالتنور كله ودوره أربعون شبرا وارتفاعه أربعة أشبار ونصف‬
‫وغلظة شبر ونصف ‪ ،‬وقد استدارت بداخل القبة سقاية سعتها شبر وعمقها نحو‬
‫شبرين وارتفاعها عن الرض خمسة أشبار تمل ماء للوضوء ‪ ،‬وحولها مصطبة‬
‫دائرة يرتفع الناس إليها ويتوضؤون عليها ولها أي القبة مطلع على درجا من‬
‫عمود في الجهة التي تقابل باب الصفا في النصف العلى نمن زمزم صندقة من‬
‫قربصة الخشب عجيبة تأنق الصانع فيها وأحذق بأعلها شباك شرجب من الخشب‬
‫رائق الخلل والتفريج ‪ ،‬وداخل شباك قبة زمزم سطح شبه فحل الصومعة وفي ذلك‬
‫السطح يؤذن المؤذن الزمزمي ‪.‬‬
‫ويصف التقي الفاسي الموضع الذي فيه زمزم فيقول ‪ :‬وأما صفة الموضوع‬
‫الذي فيه زمزم فهو بيت مربع وفي جدرانه تسعة أحواض للماء يملن من بئر‬
‫زمزم فيتوضأ الناس منها إل واحدا منها معطل ‪ ،‬وفي الحائط الذي يلي الكعبة‬
‫شبابيك ‪ .‬وهذا البيت مسقوف بالساجا ما خل الموضع الذي يحاذي بئر زمزم فإنما‬
‫عليه شباك خشب ولم أدر من عمل هذا الموضع على هذه الصفة وهي غير الصفة‬
‫التي ذكرها المام الزرقي فيه ‪.‬‬
‫ويتضح من قول الفاسي أنه قد جرت عمارة بيت زمزم بعد عصر الزرقي‬
‫وهذا المر ليس بشئ بعيد ؛ فقد تولى الخلفة إلى زمن المام الفاسي كثير من‬
‫الخلفاء ومعظمهم من العباسيين ‪.‬‬
‫والعباسيون لهم ولع ببئر زمزم ؛ لن السقاية كانت للعباس بن عبد المطلب )‬
‫رضى ال عنه ( جدهم وهي أعظم مفخرة لهم ولبد أن كثيرا منهم قاموا بعمارة‬
‫بئر زمزم ‪.‬‬
‫ويصف المام الفاسي العمارة التي أجريت على بيت زمزم ‪ :‬وكانت ظلة‬
‫المؤذنين التي فوق البيت الذي فيه بئر زمزم قد خربت لكل الرضة لساطينها‬
‫الخشب والرضة دابة صغيرة كنصف العدسة تأكل الخشب وتفسده كثيرا فشدت‬
‫الظلة المذكورة بأخشاب تمنعها من السقوط في سنة ‪ 821‬هـ ‪ ،‬فلما كان السابع‬

‫‪14‬‬
‫من شهر ربيع الول سنة ‪ 822‬هـ هدمت الظلة المذكورة وأزيل المقرنص‬
‫الخشبي الذي كان تحتها ليصلح والدرابزين الذي كان يطيف بها وبسطح البيت‬
‫الذي فيه بئر زمزم ‪ ،‬فوجد الخشب المقرنص مركبا خرابا لكل الرضة له فاقتضى‬
‫الحال قلعه وأن يبني فوق الجدار الذي يلي الخلوة التي كانت إلى جانب هذا البيت‬
‫أساطين دقيقة من آجر بالنورة لئل تفسدها الرضة كما أفسدت الساطين الخشب‬
‫قبلها ليعمل عليها ظلة للمؤذنين وأن يقوي الجدار الشامي من هذا البيت وهذا‬
‫الجدار الذي يلي الكعبة نحو ذراع باليد وذلك لحكام البناء ونزلوا به في الرض‬
‫نحو قامة وبنوا ذلك مخالطا للساس الول ووجدوا الساس الذي يلي مقام الشافعي‬
‫عريضا محكم البناء فبنوا عليه وأكملوا ما سلخ من االجدارين حتى اتصل ذلك‬
‫بالسقف وعملوا في كل من الجدارين ثلثة عقود بالنورة وفيما بين كل عقد من‬
‫العقود التي في الجدار الذي يلي الكعبة اسطوانة دقيقة من رخام مشدودة‬
‫بالرصاص ‪.‬‬
‫وهذه السطوانة الدقيقة تركوا لها مح ل‬
‫ل خاليا من البناء في الجدار المذكور ‪،‬‬
‫وأوسعوا في الشبابيك التي في هذين الجدارين في الحواض التي تلي هذين‬
‫الجدارين من داخل البيت لتساع عرض الجدارين ‪ ،‬وبنوا أعاليها بحجارة غير‬
‫منحوته وكل ذلك بالنورة ‪.‬‬
‫وسلخوا من الجدار الشرقي من البيت الذي فيه زمزم أيضا ما فوق العتبة‬
‫العليا من هذا الجدار إلى أعله وبنوا بالنورة والجر وبنوا بها أسطوانتين فوق هذا‬
‫الجدار الشرقي يشدان الدرابزين الخشب المخروط الذي يكون في ذلك ولم يكونا‬
‫قبل ذلك ‪ .‬وكشفوا سقف هذا البيت وأخرجوا من ذلك ما كان متخربا من الخشب‬
‫وعوضوا عنه بخشب جيد وبنوا فوق الجدار الغربي من هذا البيت ثلث أساطين‬
‫دقيقة من آجر بالنورة وبنوا اسطوانتين مثل ذلك إحداهما في الجدار الشامي‬
‫والخرى في الجدار اليماني من هذا البيت ‪.‬‬
‫ونصبوا أسطوانة من خشب بين هاتين السطوانتين تحاذي السطوانة‬
‫الوسطى من الساطين الجر المشار إليهما وركبوا بين كل من الست الساطين‬
‫أخشابا وستروا جميع هذه الخشاب بألواح من خشب مدهونة وركبوا فيما بين‬
‫الساطين المشار إليها سقفا من خشب مدهون ساترا لمقدار ما بين الست الساطين‬
‫؛ إل أنهم جعلوا ما بين السطوانة الجر الوسطى والسطوانة الخشب المقابلة لها‬

‫‪15‬‬
‫خاليا من السقف وركبوا في هذا الموضع الخالي قبة من خشب مدهونة وجعلوا‬
‫فوقها ساترة لها من خشب وجريد وقصب وجعلوا رفرفا من خشب مدهون يليق‬
‫بهذا السقف الذي هو ظلة للمؤذنين ‪.‬‬
‫وأتقنوا تسمير السقف والقبة والرفرف اتقانا كثيرا بمسامير وكلليب من‬
‫حديد وجعلوا فوق السقف المدهون سقفا من خشب غير مدهون ودكوا ما فوق‬
‫السقف العلى بالجر والنورة وطلوا ما فوق الجر بالنورة وطلوا ما فوق القبة‬
‫التي في وسط هذا السقف بالجبس وأتقنوا ذلك وأصلحوا جميع سطح البيت الذي‬
‫فيه زمزم بالنورة والجر وجعلوا درابزين من خشب مخروط بجميع جوانب البيت‬
‫الذي فيه زمزم خل الجانب اليماني ‪.‬‬
‫وجعلوا درابزين أيضا بطيف بجانبي ظلة المؤذنين اليماني والشرقي ولم يكن‬
‫قبل ذلك درابزين في هذين الجانبين وجعلوا شباكا من حديد فوق بئر زمزم ليمنع‬
‫من السقوط فيها بعد أن ضيقوا سعة الفتحة التي كانت تحاذي بئر زمزم بأخشاب‬
‫مسمرة جعلت درابزين من خشب مخروط يطيف بجوانب هذه الشبابيك ‪.‬‬
‫وكان قبل ذلك في موضع هذه الدرابزين أخشاب مرتفعه القامة يطيف بما‬
‫يحازي البئر من الجوانب الربعة مطلية بالنورة وزنة الشباك الحديدي الذي فوق‬
‫بئر زمزم اثنتان وستون مناكل من مائتين وستون درهما ‪ ،‬وزادوا حديدا في بعض‬
‫الشبابيك التي في الجدار الغربي من بيت زمزم ووسعوا الدرجة التي يصعد منها‬
‫إلى سطح البيت الذي فيه زمزم وإلى ظلة المؤذنين لضيق الدرجة التي عمرت في‬
‫سنة ‪ 818‬هـ ‪ ،‬لما عمرت الخلوة التي إلى جانب هذا البيت سبي ل‬
‫ل وجعلوا لهذه‬
‫الدرجة درابزين خشب غير مخروط‪.‬‬
‫واستحسنت توسعة هذه الدرجة وكذا جميع ما عمر من جدران بين زمزم‬
‫وما صنع في سطحه من ظلة المؤذنين وغيرها استحسانا كثيرا وكان الفراغ من‬
‫ذلك في أثناء رجب سنة ‪ 822‬هـ ‪ ،‬وكان القائم بأمر مصروف هذه العمارة الجانب‬
‫الكبير العالي خواجة شيخ علي بن محمد بن عبد الكريم الجيلني نزيل مكة‬
‫المشرفة ‪.‬‬
‫وكان إلى جانب هذا البيت خلوة فيها بركة تمل من زمزم ‪ ،‬ويشرب منها من‬
‫دخل إلى الخلوة وكان لها باب إلى جهة الصفا ثم سد وجعل في موضع الخلوة بركة‬

‫‪16‬‬
‫مقبوة وفي جدارها الذي يلي الصفا صنابير يتوضأ الناس منها على أحجار نصبت‬
‫عند الصنابير وفوق البركة المقبوة خلوة فيها شباك إلى الكعبة وشباك إلى جهة‬
‫الصفا وطابق صغير إلى البركة ‪.‬‬
‫وكان عمل ذلك على هذه الصفة في سنة ‪ 807‬هـ ‪ ،‬ثم هدم ذلك حتى وقع‬
‫الرض في العشر الول من ذي الحجة سنة ‪ 817‬هـ ‪ ،‬لما قيل من أن بعض‬
‫الجهلة من العوام يستنجي هناك ‪ ،‬وعمر عوض ذلك سبي ل‬
‫ل لمولنا السلطان الملك‬
‫المؤيد أبي النصر شيخ ينتفع الناس بالشراب منه ‪.‬‬
‫وصفة هذا السبيل بيت مربع مستطيل فيه ثلثة شبابيك كبار من حديد فوق كل‬
‫شباك لوح من خشب بصنعة حسنة منها واحد إلى جهة الكعبة واثنان إلى جهة‬
‫الصفا وتحت كل شباك حوض في داخل البيت وفيه بركة حاملة للماء وله سقف‬
‫مدهون يراه من دخل السبيل وبابه إلى جهة الصفا وله رفرف خشب من خارجه‬
‫مدهون وفوق ذلك شراريب من حجارة ملونة وجاءت عمارته حسنة وفرغ منه في‬
‫شهر رجب سنة ‪ 818‬هـ ‪ ،‬وابتدئ في عمله بأثر سفر الحجاجا وفي موضع هذه‬
‫الخلوة كان مجلس عبد ال بن العباس رضي ال عنهما على مقتضى ما ذكره‬
‫الزرقي والفاكهي وبين الحجر السود إلى وسط جدار البيت الذي فيه زمزم واحد‬
‫وثلثون ذراعا وسدس ذراع الحديد ‪.‬‬
‫و في سنة ‪933‬هـ ‪ ،‬عامل لدائر بيت زمزم طراز مذهب كتب فيه اسم‬
‫السلطان سليمان سللة آل عثمان ‪ ،‬وفي سنة ‪ 948‬هـ جدد بيت زمزم ‪ .‬ويضيف‬
‫القاضي بن ظهيرة المخزومي أن هذا التجديد تم على يد المير خوشكلدي فرخمت‬
‫أرضه ‪ ،‬وجعل عليه سقف فوقه مظلة مسقوفة بالخشب المزخرف عليه جملون في‬
‫وسطه قبة مصفحة من الرصاص ‪.‬‬
‫ويصف الكردي بئر زمزم آنذاك فيقول ‪ " :‬بئر زمزم من عند الماء أسفل إلى‬
‫فوق بالحجر المبلط بالنورة المحكمة والجبس ومن الرض من محل البنيان إلى‬
‫المحل يقوم عليه الجابد رخام قائم ‪ ،‬وفي أعلى هذا البنيان دائر من رصاص أيضا‬
‫ومنه إلى الرض عمد لطيفة من رصاص لحفظ الرخام لصغره من السقوط في البئر‬
‫‪ ،‬ثم من محل وقوف الجابد إلى نصف قامته عمد لطيفة من النحاس بين كل واحد‬
‫فتحة نحو ذراع بطوق دوائر عليها من فوق مسبوك فيه رصاص وهذا البناء من‬

‫‪17‬‬
‫عمل الوالي الجل خوشكلدي في زمن المرحوم السلطان العظم سليمان وذلك في‬
‫أواسط سنة ‪ 973‬هـ ‪.‬‬
‫وقد اجدد الدائر والرصاص برخام وحديد في زمن مولنا السلطان عبد الحميد‬
‫خان ‪ ،‬ثم في زمن مولنا السلطان عبد المجيد خان ‪ ،‬ويضيف الكردي ‪ :‬وقد صدر‬
‫المر من السلطان أحمد الول بن السلطان محمد الثالث ابن مراد الثالث بن سليم‬
‫الثاني بن سليمان الول بن سليم الول فاتح مصر بعمل شباك حديد يجعل في بئر‬
‫زمزم ليمنع الغرق عمن وقع في البئر فجعل على قدر تدوير البئر وجعل له ست‬
‫سلسل وربطت بالحديد في دائرة البيت العلى وجعل الشباك المذكور في داخل‬
‫البئر وصار الماء فوقه قدر ثلثي قامة فصار من يقع في البئر يمنعه الشباك من‬
‫الغرق والهلك ‪.‬‬
‫وقبل وضعه كان من يقع في البئر يغرق ويموت ‪ ،‬ومما يذكر أنه ورد المر‬
‫السلطاني الحمدي العثماني على يد الباشا حسن أفندي بفعل شباك من حديد يمنع‬
‫ما يطيح فيها من آدمي وغيره فجعل الشباك المذكور في مدة مديدة وجعله من حديد‬
‫ونحاس مسترة في بعضه البعض على قدرته وبرغم بئر زمزم المبارك من أسفل‬
‫بستة سلسل غلظ مسبوكة في الحديد الفوقاني الدائر على فمها مشاهدة لكل واحد‬
‫طول كل واحد اثنين وعشرين ذراعا وربع ‪ ،‬بذراع اليد ‪.‬‬
‫وصار الماء طافيا على الشباك المذكور نحو ثلثي قامة وركب في زمزم‬
‫المباركة سنة ‪ 1025‬هـ ثم وقع عام ‪ 1027‬هـ تغير ماء زمزم من الحديد‬
‫والنحاس المجعولين في الشباك أمسكه عن أن يصعد فاتفق مجئ الفندي السيد‬
‫الشريف محمد بن السيد مصطفي القناوي ليلة من الليالي فأنكر طعم الماء وسأل‬
‫عن الحال فأخبر بأنه بسبب الشباك والسلسل ووقع الدلو ما وقع فاشتبك ولم يطلع‬
‫مفدي إلى الجهة الخرى فوقع ما أراد ال سبحانه وتعالى كذلك ‪ ،‬وزاد طعم الحديد‬
‫والنحاس في الماء فأمر صبيحته بقلعه وأخرجه من زمزم هو والسلسل وألقى عند‬
‫القبة العباس والسلسل في داخله مدة من الزمن وزال ذلك الطعم وتيرس طلوع‬
‫الدلو ونزوله‪.‬‬
‫وجاء في منائح الكرم أن سليمان بك صنجق جدة غير قبة زمزم وذلك سنة‬
‫‪ 1072‬هـ ‪ ،‬ويصف الكردي بيت زمزم في ذلك الحين فيقول ‪ :‬وهي بيت مربع‬
‫وفي جدرانه ثمانية شبابيك ثلثة مواجهة للكعبة وثلثة جهة المدرجا واثنان بجانب‬

‫‪18‬‬
‫الباب ‪ ،‬والباب في وسط وفي هذين الشباكين حوضان ممتلن من زمزم للشراب‬
‫وفوق قبة البئر بيت آخر مقام على أعمدة لشيخ زمزم أي رئيس المؤذنين يصعد‬
‫إليه بدرجا من جهة مقام الحنبلي ‪ ،‬فيطلع رئيس المؤذنين وهو شيخ زمزم ليؤذن‬
‫ويتبعه سائر المؤذنين في جميع الوقات ‪.‬‬
‫ويضيف الكردي أنه في سنة ‪ 1112‬هـ عمر ابراهيم بك دائرة بئر زمزم‬
‫بالتلبيس والتبيض خارجا وداخ ل‬
‫ل ثم غير الرفرف الخارجا على بئر زمزم مما يلي‬
‫مقام الحنبلي وجددوا أخشابه التي على الطبقة العليا محل المكبرين وجددوا ما كان‬
‫يحتاجا إلى تغيير وطلوا حلتها بالذهب وجددوا المقامات وسقاية العباس فإنها‬
‫خرجت من كثرة الهوية وتطاول السنين ‪ ،‬ونقضوا القبة جميعها إلى الساس‬
‫وجددوها بالحجارة الشمسية وزينوها بأنواع التبيض وجعلوا لها خزانتين وفتحوا‬
‫لها طاقة من الجهة الشرقية وجعلوا لها من باطن الطاقة حوضا للسبيل الحاصل‬
‫الملصق للقبة‪.‬‬
‫وفي عهد السلطان عبد الحميد الول سنة ‪ 1200‬هـ حصل تعمير في المسجد‬
‫الحرام بتعديل العمدة المائلة وتعمير بعض القبب التي في سقف المسجد وتعمير‬
‫بئر زمزم وتعمير أيضا في بعض منائر المسجد ‪.‬‬
‫ويقول الكردي ‪ " :‬وقد جددت في زماننا شبا بيك بيت زمزم ورخام أرضها‬
‫وأصلح فمها والداربزين الذي على فم البئر كل ذلك على يد سيدنا الشريف عبد ال‬
‫بن الشريف محمد بن عون والحاجا عزت باشا في سلطنة السلطان عبد العزيز خان‬
‫وكان ذلك العمل في سنة ‪ 1279‬هـ ‪.‬‬
‫وقد وصف الكردي حالة بئر زمزم في عصره فقال ‪ :‬هو بئر مدورة الفوهة عليه‬
‫قطعة من الرخام المرمر على قدر سعة فمه ‪ ،‬ويبلغ ارتفاعها عن بلط الرض التي‬
‫حول البئر من داخل القبة ذراعين ونصف ذراع اليد ‪ ،‬وأرض بيت زمزم مفروش‬
‫بالرخام البيض ويحيط بفم البئر من أعلى درابزين معمول من الحديد الثخين وفوق‬
‫الدرابزين شبكة من حديد وضعت فوق تلك الدرابزين سنة ‪ 1332‬هـ ‪ ،‬وكان‬
‫ل من الفغان ألقى بنفسه أهتمت الحكومة الكردية بذلك‬‫السبب في وضعها أن رج ل‬
‫الحادث وخشيت من تكراره فرأت أن تعمل حائ ل‬
‫ل يمنع كا من أراد أن يلقي بنفسه‬
‫في البئر فتقرر عمل الشبكة المذكورة وقاية لذلك ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫أما البناء القائم على بئر زمزم فهو بناء مربع الشكل من الداخل طول كل‬
‫ضلع منه أحد عشر ذراعا بذراع اليد ‪ ،‬وسطح البئر مغموس بالحجر والنورة في‬
‫الجهة الشرقية لباب قبة زمزم ‪ ،‬وعلى جناح الباب الشمالي طاقة عليها شباك ثخين‬
‫وكان في جدار الطاقة سبيل قديم قد أبطل عمله ومن الجهة الغربية مما يلي الكعبة‬
‫المعظمة ثلث منافذ ولكل منفذ شباك سميك وعلى نحو نصف سطح البئر من الجهة‬
‫الغربية المقابلة للكعبة المعظمة مظلة قائمة على أربع أساطين لطاف وضعت اثنان‬
‫منها على جدار البئر المامي مما يلى الكعبة المعظمة واثنان على حد منتصف‬
‫سطح البئر من الجهة الشرقية ‪ ،‬وأما نصف السطح الشرقي فهو شمس ليس عليه‬
‫ما يظله وفوق السقف جمالون مصفح بألواح من الرصاص على شكل بديع ويحيط‬
‫بالمظلة من جهاتها الثلث ‪ ،‬الشمالي والغربي والجنوبي خمسة شبابيك أحدها من‬
‫جهة الشمال وثلثة من الجهة الغربية وواحد من الجهة الجنوبية ‪ ،‬وذلك معمول‬
‫من السلك الحديد الدقيق والمظلة مدهونة بصباغ أخضر ‪ ،‬وهذه المظلة خاصة‬
‫برئيس الوقتين الذي يبلغ المؤذنين الذان في الوقات الخمسة وهم على منابر‬
‫المسجد الحرام السبعة ‪ ،‬وهو أيضا يبلغ عموم المبلغين في صلة الجمعة والعيدين‬
‫ويبلغ كل إمام يؤم الناس خلف مقام ابراهيم في الصلوات الخمس‪.‬‬

‫أما في عهد الملك عبد العزيز ‪:‬‬


‫أما في عهد الملك عبد العزيز آل سعود – رحمة ال عليه‪ -‬أمر أن يبني على‬
‫حسابه الخاص سبيلن أحدهما بالجهة الشرقية مما يلي باب قبة زمزم على الجناح‬
‫الجنوبي والثاني بجوار حجرة الغوات من الجهة الجنوبية بجانب السبيل القديم‬
‫المعمول في زمن سلطين آل عثمان ‪ ،‬وأمر الملك أيضا بتجديد عمارة السبيل‬
‫القديم بحيث يشبه السبيلين الجديدين ‪ ،‬وتم بالفعل اعادة بناء السبيل المجاور لباب‬
‫قبة زمزم بالرخام والمرمر وكتبت عليها جميعا هذا السبيل أنشأه المام عبد العزيز‬
‫بن عبد الرحمن بن سعود ‪ ،‬وصارت هذه السبل الثلث سقاية لمن يريد سرب ماء‬
‫زمزم من الحجاجا والوطنيين والمجاورين ‪.‬‬
‫ويقول المهندس يحيى كوشك في كتابه ) زمزم طعام طعم وشفاء سقم ( ‪" :‬‬
‫كان ماء زمزم يستخرجا من البئر بواسطة الدلو وكان يوضع في حنفيات‬
‫) خزان مكشوف من أعلى ( وكل حاجا يدلي بإنائه داخل الحنفية لكي يشرب منه‬

‫‪20‬‬
‫كما كان هناك مغاريف مربوطة إلى الحنفيات بحبل أو سلسلة ليغترف بها من ماء‬
‫زمزم كل من يرغب في الشرب ‪.‬‬
‫ونظرا لما كان لهذه الطريقة من أضرار صحية ‪ ،‬ونتيجة للتطور الذي تشهده‬
‫البلد ارتأت مديرية الوقاف سنة ‪ 1373‬هـ طرح مناقصة لعمل مظلة زمام بئر‬
‫زمزم يوضع بها خزانان كبيران وبكل خزان إثنا عشر صنبورا وكذلك توسعة مكان‬
‫المكبرية التي كانت فوق بئر زمزم وعمل سلم خارجي لهذه المظلة يوصل إلى‬
‫المكبرية ‪ ،‬وقد تم طرح هذا المشروع في مناقصة ورست على والدي السيد ‪/‬‬
‫حمزة كوشك بمبلغ عشرون ألف ر ‪.‬‬
‫وأثناء العمل اقترح والدي على الشيخ حمزة مرزوقي وكان مديرا للوقاف‬
‫وقتها ومقره في الحميدية ‪ ،‬وضع مضخة غاطسة في البئر لستخراجا ماء البئر‬
‫بطريقة وفيرة ونظيفة ‪.‬‬
‫وكان هناك اعتقاد خاطئ في ذلك الحين بأن مياه البئر ل يمكن استخراجها‬
‫بواسطة المضخات ‪ ،‬وتم شراء مضخة من شركة الجفالي وأحضر والدي غططاسا‬
‫للقيام بتركيبها داخل البئر وذلك بعد النتهاء من بناء المظلة والخزانين وتركيب‬
‫صنابير المياه وأصبحت المضخة بذلك تضخ ماء زمزم إلى خزان علوي من الزنك‬
‫ومنه إلى الصنابير الموزعة حول البئر ‪.‬‬
‫وبعد رفع المياه بواسطة المضخة أصبحت مياه زمزم أكثر عذوبة لن الدلء‬
‫كانت تأخذ من سطح الماء أما المضخة فتأخذ من عمق مترين تحت سطح الماء ‪.‬‬
‫وكانت المضخة تعمل بالكهرباء ‪ ،‬وليس لها صوت بسبب أي إزعاجا‬
‫للطائفين والعاكفين والمصلين ‪ ،‬ثم ركبت مضخة ثانية ‪ ،‬ويعتبر هذا الوضع تحولل‬
‫كبيرا في تاريخ بئر زمزم لنه بذلك تم تغيير أسلوب استخراجا الماء من الصنابير ‪،‬‬
‫وقد ظل الدلو يستخدم جنبا إلى جنب مع المضخات لستخراجا الماء للراغبين في‬
‫الشرب من الدلء في ذلك الوقت " ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫شبكة توزيع مياه زمزم ‪:‬‬
‫تتكون شبكة توزيع مياه زمزم من مضخات ذات طرد مركزي مركبة على‬
‫البئر وتدار بالكهرباء ‪ ،‬وقوتها ‪ 20‬حصانا وتتصل هذه الشبكة بخزان باب السلم‬
‫وتمده بالماء في ماسورة من الحديد المجلفن قطرها ثلثة بوصات ‪ ،‬وفي اليام‬
‫العادية تشتغل المضخات بين ست وسبع ساعات يوميا ومتوسط الضخ ‪ 750‬لترا‬
‫في الدقيقة ‪ ،‬أما في موسم الحج فإن المضخات تعمل لمدد أطول ‪ ،‬ومجموع عدد‬
‫الصنابير التي تتكون منها شبكة التوزيع ‪ 194‬صنبورا منها ‪ 155‬في غرف‬
‫الزمازمة والخلوي ‪ 39 ،‬صنبورا في منطقة زمزم ‪.‬‬
‫وتخفيفا على الزوار والطائفين خصصت وزارة الحج والوقاف غرفا في‬
‫الطابق الرضي لتخزين مياه زمزم في أوعية ‪ ،‬وهذه الغرف متصلة بشبكة مياه‬
‫زمزم ومجهزة ببراميل أغلبها من المعدن أو الفخار ‪ ،‬ويمل الزمازمة قواريرهم من‬
‫البراميل ويمرون على زوار بيت ال ليسقونهم ‪ ،‬وفي شهر رمضان وأيام الجمع‬
‫وفي شهور الصيف تنتشر في الحرم مئات الدوارق لسقيا الزوار والعاكفين حول‬
‫البيت للتعبد ‪(1).‬‬

‫‪ ()1‬زمزم شراب البرار ‪ ،‬الطبعة الولى ‪1417‬هـ ‪ ،‬ص ‪. 94 – 82‬‬

‫‪22‬‬
‫مصــــــادر مــــاء زمزم‬
‫يترواح عمق بئر زمزم من ‪ 20 – 19‬مترا ‪ ،‬وتنقسم مصادر البئر إلى ثلثة‬
‫مصادر كالتالي ‪:‬‬
‫المصدر الرئيسي ‪ :‬وهو عبارة عن فتحة تتجه ناحية الكعبة المشرفة في اتجاه‬
‫الركن المواجه لحجر اسماعيل وطولها ‪45‬سنتيمترا وبها غور إلى الداخل ويتدفق‬
‫منها القدر الكبر من المياه ‪.‬‬
‫المصدر الثاني ‪ :‬وهو عبارة عن فتحة بطول ‪ 70‬سنتمترا ومقسومة من الداخل‬
‫إلى فتحتين ارتفاع كل واحدة منهما ‪ 30‬سنتيمترا باتجاه اجياد ‪.‬‬
‫المصادر الفرعية ‪ :‬وهي فتحات صغيرة من أحجار البناء تخرجا منها المياه ‪ ،‬توجد‬
‫خمس منها في المسافة التي بين الفتحتين الساسيتين وقدرها متر واحد ‪ ،‬كما‬
‫توجد ‪ 21‬فتحة أخرى تبدأ من جوار الفتحة الساسية الولى وباتجاه جبل قبيس‬
‫والصفا والمروة حتى تصل إلى الفتحة الثانية ‪.‬‬
‫وفي الحقيقة ‪ ،‬فإن هذه الفتحات الصغيرة تكون موزعه ‪ ،‬ل في مستوى‬
‫واحد ‪ ،‬ولكن في مستويات مختلفة ‪ ،‬كما تتدفق مياهها بكميات متفاوتة ‪.‬‬
‫ويأتي ماء زمزم من خلل شقوق في صخور ما قبل الكامبري وتغطي هذه‬
‫الصخور في مكة المكرمة بالحصى والرمل وبعض الرسوبيات الخرى ‪ ،‬وتختلف‬
‫سماكتها من مكان لخر وتأتي مكوناتها من الصخور النارية المجاورة ‪.‬‬
‫ويتكون الجزء العلوي من بئر زمزم من رسوبيات الوديان ‪ ،‬ويعلو طبقة‬
‫الصخور الموجودة في داخل البئر طبقة من الرمل الناعم يصل سمكها إلى حوالي‬
‫‪ 16‬مترا )‪(1‬‬
‫ومن أهم مصادر ماء زمزم المطار والسيول ‪ ،‬فقد تحدثت كتب التاريخ عن‬
‫علقة المطار والسيول ببئر زمزم فقال الزرقي في تاريخه " ثم كان قد قل ماؤها‬
‫)أي زمزم ( جدا حتى كادت تجف في سنة ثلث وعشرين وأربع وعشرين ومائتين‬
‫‪ ،‬فضرب فيها تسعة أذرع سحا في الرض في تقرير جوانبها ثم جاء ال بالمطار‬
‫والسيول في سنة خمس وعشرين ومائتين فكثر ماؤها "‬
‫)( مجلة القافلة ‪ ،‬أحمد عبد القادر المهندس ‪ ،‬العدد الول ‪ ،‬المجلد الثاني‬ ‫‪1‬‬

‫والربعون ‪ ،‬محرم ‪ 1414‬هـ ‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪23‬‬
‫كما جاء في موضع آخر من تاريخ الزرقي ‪ :‬أنه " يأتي على زمزم زمان‬
‫تكون أعذب من النيل والفرات ‪ ،‬قال أبو أحمد الخزاعي ‪ :‬وقد رأينا ذلك في سنة‬
‫احدى وثمانين ومائتين ‪ ،‬وذلك أنه أصاب مكة أمطار كثيرة فسال واديها بأسيال‬
‫عظام في سنة تسع وسبعين وسنة ثمانين ومائتين فكثر ماء زمزم وارتفع حتى كان‬
‫قارب رأسها فلم يكن بينه وبين شفتها العليا إل سبعة أذرع أو نحوها وما رأيتها قط‬
‫كذلك ول سمعت من يذكر أنه رآها كذلك ‪ ،‬وعذبت جدا حتى كان ماؤها أعذب من‬
‫مياه مكة التي يشربها أهلها وكنت أنا وكثير من أهل مكة نختار الشرب منها‬
‫لعذوبتها ‪ ،‬وأنا رأيتها أعذب من مياه العيون ولم أسمع أحدا من المشايخ يذكر أنه‬
‫رآها بهذه العذوبة ثم غلظت بعد ذلك في سنة ثلث وثمانين وما بعدها وكان الماء‬
‫في الكثرة على حاله وكنا نقدر أنها لو كانت في بطن وادي مكة لسال ماؤها على‬
‫وجه الرض لن المسجد أرفع من الوادي وزمزم أرفع من المسجد وكانت فجاجا‬
‫مكة وشعابها في هاتين السنتين وبيوتها التي في هذه المواضع تتفجر ماء "‪.‬‬
‫وقد حدث في عام ‪ 1388‬هـ أن هطلت أمطار غزيرة على مكة المكرمة‬
‫ودخل السيل الحرم المكي الشريف ووصل إلى باب الكعبة ‪ ،‬وحيث أنه لم يكن في‬
‫ذلك الحين شبكة لتصريف المياه في الحرم فقد جرى ضخ المياه المتجمعة وشكلت‬
‫لجنة لفحص مياه بئر زمزم ‪ ،‬وكان البئر داخل غرفة وقمنا بفتح الغرفة ولحظنا أن‬
‫المياه تتدفق من فوهة البئر إلى الخارجا وكان البسطاء يقولون أن " البئر ينظف‬
‫نفسه " ‪ ،‬وكان في يدي منديل من الورق فألقيته على سطح الماء فإذا بالماء‬
‫يجرف المنديل إلى الخارجا ‪ ،‬ووجدت خرطوما على سطح الرض طوله حوالي‬
‫مترين فأخذته ووضعت طرفه وسط البئر فتدفق الماء من الطرف الخر – الكلم‬
‫السابق ليحي كوشك عضو اللجنة المكونة – ويدل هذا على أن هناك ضغطا يدفع‬
‫الماء من أسفل إلى أعلى مما يؤكد أن بئر زمزم يعمل كبئر ارتوازي عندما تهطل‬
‫المطار ‪ ،‬وعندما تذوقت مياه البئر وجدتها حلوة بالفعل ‪ ،‬وقد تم أخذ عينات من‬
‫البئر وتحليلها وتبين أنها أحلى من أي مياه في مكة ‪ ،‬وقد ظل اندفاع المياه من‬
‫البئر على هذا النحو لفترة من الزمن حتى خف الضغط وبدات المياه تنقص تدريجيا‬
‫حتى عاد البئر إلى وضعه الطبيعي أي إلى حوالي ثلثة أمتار من فوهة البئر ولكن‬
‫ذلك استغرق فترة طويلة ‪ ،‬وهذا دليل على أن مصادر بئر زمزم تختلف عن المياه‬
‫الجوفية ‪ ،‬حيث أنه لم يحدث ذلك في بئر الدوادية على سبيل المثال فلو أن المياه‬

‫‪24‬‬
‫الجوفية ارتفعت في المنطقة كلها لرتفعت المياه في بئر الدوادية وفي البار‬
‫المحيطة بالحرم الشريف ‪ ،‬وهذا يعطي قناعة بأن هناك مصدرا مستق ل‬
‫ل ببئر زمزم ‪.‬‬
‫والشئ الخر أنه عندما حللنا مياه زمزم عند الكشف على البئر بعد الحداث‬
‫التي وقعت في الحرم المكي الشريف في محرم عام ‪ 1400‬هـ أثبتت التحاليل‬
‫للعينات المأخوذة من المصادر الرئيسية للبئر عدم وجود أي تلوث بها واختلف‬
‫‪1‬‬
‫نوعياتها عن المصادر الخرى ‪) .‬‬
‫‪2‬‬
‫بركة مـــــــاء زمزم ‪:‬‬
‫مضنونة شباعــة ‪:‬‬
‫تحت ) باب ما جاء في زمزم ( روى البخاري)‪ (3‬عن أنس ابن مالك قال ‪:‬‬
‫كان أبو ذر يحدث أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال ‪ :‬فرجا سقفي وأنا بمكة‬
‫فنزل جبريل عليه السلم ففرجا صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من‬
‫ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرجا إلى‬
‫السماء الدنيا ‪.‬‬
‫وأورد بعده عن الشعبي أن ابن عباس رضي ال عنه حدثه قال سقيت رسول‬
‫ال صلى ال عليه و سلم من زمزم فشربه و هو قائم ‪.‬‬

‫وروى مسلم)‪ (4‬من حديث ابي ذر في قصة إسلمه الطويلة منها ‪ :‬قال أبو‬
‫ذر فكنت أنا أول من حياه بتحية السلم فقلت ‪ :‬السلم عليكم يا رسول ال فقال ‪:‬‬
‫وعليك و رحمة ال ثم قال ‪ :‬من أنت ؟ قال ‪ ،‬قلت ‪ :‬من غفار ثم قال ‪ :‬متى كنت‬
‫هاهنا قال ‪ ،‬قلت ‪ :‬قد كنت ها هنا منذ ثلثين بين ليلة و يوم فقال ‪ :‬فمن كان يطعمك‬
‫؟ قال ‪ ،‬قلت ‪ :‬ما كان لي طعام إل ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن)‪ (5‬بطني و‬
‫ما أجد على كبده سخفة جوع)‪ (6‬قال ‪ :‬إنها مباركة ‪ ،‬إنها طعام طعم ‪.‬‬

‫‪ ()1‬زمزم طعام وشفاء سقم ‪ ،‬يحيى حمزة كوشك ‪ ،‬ط ‪ 1403 ،1 :‬هـ ‪ ،‬ص ‪70‬‬
‫‪ 2‬بركة ماء زمزم ودعاء الحفاظ عندها– محمد أحمد عباس – ط ‪ – 1‬ص ‪1412 – 27 ، 15‬هـ‪1992-‬م‬
‫‪ ( )3‬كتاب الصلة ‪ ،‬باب كيف فرضت الصلة في السراء ‪ ، 458/ 1‬صحيح مسلم اليمان باب السراء ‪/ 1‬‬
‫‪. 148‬‬
‫‪ ( )4‬كتاب فضائل الصحابة ‪ ،‬باب فضائل أبي ذر ـ رضي ال عنه ـ ‪. 1921 / 4‬‬
‫‪ ( )5‬جمع عكنة ‪ :‬وهو ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمنا ـ القاموس المحيط ) عكن ( ‪.‬‬
‫‪ ( )6‬أي ‪ :‬رقة الجوع وهزاله ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫واورد الهيثمي في مجمع الزواد رضي ال عنه قال ‪ ،‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه و سلم ) زمزم طعام طعم و شفاء سقم)‪ ( (1‬قال الهيثمي رواه البزار و‬
‫الطبراني في الصغير و رجال البزار رجال الصحيح ‪.‬‬
‫وعن ابي الطفيلي عن ابن عباس قال سمعته يقول كنا نسميها شباعة‬
‫) يعني زمزم ( وكنا نجدها نعم العون على العيال ‪.‬‬
‫وقال الرزقي حدثني محمد بن يحيى عن الواقدي عن ابن أبي سبرة عن‬
‫عمر بن عبد ال بن أبي الحكم عن عبد ال بن غنمة عن العباس بن عبد المطلب‬
‫قال ‪ :‬تنافس الناس في زمزم في الجاهلية حتى كان أهل العيال يغدون بعيالهم‬
‫فيشربون منها فتكون صبوحا لهم وقد كنا نعدها عونا على العيال)‪. (2‬‬

‫من سـنن الحج و العمرة ‪:‬‬


‫بوب البخاري في صحيحة باب شرب ماء زمزم في الحج و العمرة ‪ ،‬وبوب‬
‫ابن خزيمة في صحيحة ) باب استحباب الشرب من ماء زمزم بعد الفراغ من‬
‫طواف الزيارة ( ‪.‬‬
‫واعقبه ) باب استحباب الستقاء من ماء زمزم ان النبي صلى ال عليه و‬
‫سلم قد اعلم أنه عمل صالحا و اعلم أن لول أن يغلب المستقا منها على الستقاء‬
‫لنزع معهم ‪.‬‬
‫وعن السائب _ رحمه ال _ أنه كان يقول اشربوا من سقايا العباس فإنه من‬
‫السنة ‪.‬‬
‫وقد ذكر المام أحمد رضي ال عنه في مسنده ) أن النبي صلى ال عليه و‬
‫سلم ذهب إلى زمزم وشرب منها و صب على رأسه ( في حجة الوداع بعد أن طاف‬
‫و صلى ركعتين خلف المقام ثم رجع إلى الركن فأستلمه)‪. (3‬‬
‫وحديث أصحاب الصحاح و السنن و السير المشهورة و المذكورة في حجة‬
‫الوداع ‪ ،‬والذي جاء فيه أنه صلى ال عليه و سلم و بعد أن طاف طواف الفاظة و‬

‫‪ ( )1‬رواه لبزار بإسناد صحيح في الترغيب والترهيب للمنذري ‪. 209 / 2‬‬


‫‪ ( )2‬أخبار مكة ‪ 51 / 2‬ـ ‪. 52‬‬
‫‪ ( )3‬مسند المام أحمد ‪. 394 / 3‬‬

‫‪26‬‬
‫صلى الظهر بمكة أتى بني عبد المطلب و هم يسقون على زمزم فقال ‪ :‬انزعو بني‬
‫عبد المطلب فلو ل أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعة معكم)‪. (1‬‬
‫قال ابن طاوس كان أبي يقول هو من تمام الحج ) أي الشرب من زمزم (‬

‫شفـاء سقــم ‪:‬‬


‫وأخرجا الهيثمي في الزوائد عن أبي ذر قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫و سلم ) زمزم طعام طعم و شفاء سقم ( قال الهيثمي ‪ ،‬قلت ‪ :‬في الصحيح منه‬
‫طعام طعم زواة البزار و الطبراني في الصغير و رجال البزار رجال الصحيح‬
‫وروى السخاوي في كتابه تاريخ المدينة الشريفة في سيرة أحمد ابن عبد‬
‫ال الشهاب نزيل مكة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وسمع سنن أبي داود على القاضي نجم الدين الطبري و أخيه زين‬
‫الدين و تاريخ الزرقي و كان حصل للقاضي ضرر أيام و ليته لقوص فأهدى له‬
‫الشهاب ماء زمزم فشرب به للستشفاء فشفي ‪.‬‬
‫وذكر الزرقي في تاريخه عن مجاهد قال ‪ :‬ماء زمزم لما شرب له أن شربته‬
‫تريد شفاء شفاك ال ‪ ،‬وإن شربته لظمأ أرواك ال ‪ ،‬و إن شربته لجوع أشبعك‬
‫ال ‪ ،‬وهي هزمة جبريل لعقبة وسقيا إسماعيل عليه السلم ‪.‬‬
‫وروى المام أحمد في مسنده ‪ ،‬قال حدثنا عفان حدثنا همام أخبرنا أبو جمرة‬
‫قال ‪ :‬كنت أدفع الناس عن ابن عباس فأحسبت أياما فقال ؟ ما حسبك ؟ قلت الحمى‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال ‪ ) :‬أن الحمى من فيح جهنم‬
‫فأبردوها بماء زمزم)‪. ( (2‬‬

‫مــاء زمـزم والمنافقــين ‪:‬‬


‫أخرجا الحاكم في مستدركه قال ‪ :‬اخبرنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب التقفي‬
‫حدثنا احمد ابن يحيى محمد بن الصباح حدثنا إسماعيل بن زكريا عن عثمان بن‬
‫السود قال ‪ :‬جاء رجل إلى ابن العباس فقال من أين جئت ؟ فقال من ماء زمزم‬
‫فقال له ابن العباس ‪ :‬أشربت منها كما ينبغي ؟ قال وكيف ذلك يا ابن العباس ؟ قال‬

‫‪ ( )1‬الحج باب حجة النبي ـ صلى ال عليه وسلم ـ ‪. 892 / 2‬‬


‫‪ ( )2‬مسند المام أحمد ‪ 291 / 1‬وذكر كذلك الرواية ابن حجر في الفتح ‪. 176 / 10‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ :‬إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر اسم ال وتنفس ثلثا وتضلع منها فإذا‬
‫فرغت منها فأحمد ال _قال رسول ال صلى ال عليه و سلم ‪ ) :‬آية بيننا و بين‬
‫المنافقين أنهم ل يتضلعون من زمزم)‪. ( (1‬‬
‫قال الحاكم ‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إن كان‬
‫عثمان بن السود سمع من ابن العباس ‪.‬‬

‫قال الرزقي)‪ (2‬حدثني حدي عن سعيد بن عثمان قال ‪ :‬حدثنا سعيد رجل من‬
‫النصار عن أبيه عن جده أن رسول ال صلى ال عليه و سلم قال ‪ :‬علمة ما بيننا‬
‫و بين المنافقين أن يدلو دلوا من ماء زمزم فيتضلعون منها ما استطاع منافق قط‬
‫يتطلع منها ‪.‬‬

‫وقال)‪ (3‬وحدتني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساجا قال ‪ :‬أخبرني‬


‫مقاتل عن الضحاك ابن مزاحم قال ‪ :‬بلغني أن التضلع من ماء زمزم براءة من‬
‫النفاق و أن ماؤها يذهب الصداع و أن الطلع فيها يجلو البصر و أنه سيأتي عليها‬
‫زمان يكون أعذب من النيل و الفرات ‪.‬‬
‫وعن الواقدي عن عبد الحميد بن عمران عن خالد بن كيسان عن ابن عباس‬
‫قال ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه و سلم ‪ :‬التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق‬
‫‪.‬‬
‫وقال الرزقي)‪ : (4‬حدثني جدي عن عبد الحميد عن عثمان بن السود‬
‫مجاهد عن ابي عباس قال ‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه و سلم في صفة زمزم‬
‫فأمر بدلو ‪ ،‬فنزعت له من البئر فوضعها على شفة البئر ‪ ،‬ثم وضع يده من تحت‬
‫عراقي الدلو ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬بسم ال ثم ركع فيها و اطال ‪ ،‬ثم اطال فرفع رأسه فقال ‪:‬‬
‫الحمد ل ثم عاد فقال ‪ :‬بسم ال ثم ركع فيها فأطال وهو دون الول ثم رفع رأسه‬
‫فقال ‪ :‬الحمد ل ‪ ،‬ثم ركع فيها فقال ‪ :‬بسم ال وهو دون الثاني ‪ ،‬ثم رفع رأسه فقال‬

‫‪ ( )1‬سنن ابن ماجه ‪ ،‬المناسك ‪ .‬باب الشرب من زمزم ‪ 1017 / 2‬ـ سنن الدارقطني ‪ 288/ 2‬ـ المستدرك ‪1‬‬
‫‪. 472 /‬‬
‫‪ ( )2‬أخبار مكة ‪ . 2/52‬وحسنه بمجموع الروايات الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة صـ ‪. 360‬‬
‫‪ ( )3‬أخبار مكة ‪. 52 / 2‬‬
‫‪ ( )4‬أخبار مكة ‪. 57 / 2‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ :‬الحمد ل ‪ ،‬ثم قال صلى ال عليه و سلم ) علمة ما بيننا و بين المنافقين لم‬
‫يشربوا منها قط حتى يتضلعوا ( ‪.‬‬

‫فضـــــل مـــــــاء زمزم ‪:‬‬


‫لم تكن عين زمزم خيرا و بركة على هاجر و ابنها فحسب ‪ ،‬بل كان فيها‬
‫الخير والبركة جميعا ل لهذه البقعة من الرض ‪ .‬فزمزم – في الحقيقة – كانت هي‬
‫مقدمة عمران مكة التي سمت مكانتها بين العرب ‪ ،‬بعد بناء الخليل إبراهيو و ولده‬
‫إسماعيل عليهما السلم البيت الحرام ‪ .‬وعلى مدى تاريخ زمزم ‪ ،‬الذي يبلغ نحو‬
‫أربعة آلف عام ‪ ،‬ظلت هي المصدر الئيسي لسقاية حجاجا بيت ال الحرام ‪.‬‬
‫وقد ثبت في الصحيحين ‪ ،‬ان النبي صلى ال عليه و سلم شرب من ماء‬
‫زمزم ‪ ،‬و قال ‪ ) :‬إنها مباركة ‪ ،‬إنها طعام طعم و شفاء سقم ( ‪ .‬وقد ذكر ‪ ،‬أنه‬
‫عليه الصلة و السلم ‪ ،‬بعث إلى سهيل بن عمرو ‪ ) :‬إن جاءك كتابي هذا ليل ‪،‬‬
‫فل تصبحن ‪ ،‬و‘ن جاءك نهارا فل تمسين ‪ ،‬حتى تبعث إلي بماء زمزم ( ‪.‬‬
‫وعن ابن العباس رضي ال عنهما قال ‪ ) :‬سقيت رسول ال صلى ال عليه‬
‫و سلم من زمزم ‪ ،‬فشرب وهو قائم ( أخرجه البخاري ‪.‬وفي لفظ آخر ) أن النبي‬
‫صلى ال عليه و سلم شرب دلوا من ماء زمزم قائما ( أخرجه خزيمة ‪ .‬وعن‬
‫عائشة رضي ال عنها قالت ‪ ) :‬كان رسول ال صلى ال عليه و سلم يحما ماء‬
‫زمزم في الداوى و القرب ‪ ،‬وكان يصب على المرضى ويسقيهم ( أخرجه‬
‫الترميذي والحاكم و البيهقي ‪.‬‬
‫ماء زمزم سيد المياه وأشرفها وأجلها قدرا ‪ ،‬وأحبها إلى النفوس وأغلها‬
‫ثمنا ‪ ،‬وأنفسها عند الناس ‪ ،‬وهو هزمة جبريل وسقيا ال اسماعيل ‪ ،‬وثبت في‬
‫الصحيح ‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال لبي ذر وقد أقام بين الكعبة‬
‫وأستارها أربعين ما بين يوم وليلة ‪ ،‬ليس له طعام غيره ‪ ،‬فقال النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم " إنها طعام طعم " )‪ (1‬وزاد غير مسلم بإسناده " وشفاء سقم")‪(2‬‬

‫)( أخرجه مسلم )‪ ( 2473‬في فضائل الصحابه ‪ :‬باب من فضائل أبي ذر‬ ‫‪1‬‬

‫رضى ال عنه ‪.‬‬


‫)( أخرجه البزار والبيهقي ‪ 5/148‬والطيالسي ‪ ، 2/158‬والطبراني في "‬ ‫‪2‬‬

‫الكبير" و " الوسط " واسناده صحيح كما قال الحافظ المنذري في " الترغيب‬
‫والترهيب " ‪ ، 2/133‬والهيثمي في " المجمع " ‪. 3/286‬‬

‫‪29‬‬
‫يقول ابن القيم‪:‬وقد جربت أنا وغيري من الستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة‬
‫واستشفيت به من عدة أمراض ‪ ،‬فبرأت بإذن ال ‪ ،‬وشاهدت من يتغذي به اليام‬
‫ذوات العدد قريبا من نصف الشهر‪ ،‬أو أكثر ول يجد جوعا ‪ ،‬ويطوف مرارا ‪(1) .‬‬
‫فالحديث السابق يدل على فضلها وأنها طعام وشفاء سقم ‪ ،‬وأنها مباركة‬
‫والسنة الشرب منها كما شرب النبي صلى ال عليه وسلم ولما فيها من البركة ‪،‬‬
‫وهي طعام طيب مبارك طعام يشرع التناول منها إذا تيسر كما فعله النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪(2).‬‬
‫وقد ورد أن ماء زمزم أفضل من ماء الكوثر ‪ ،‬والتحقيق في ذلك ) قال‬
‫القسطلني ( على قوله صلى ال عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في صحيحه‬
‫خرجا سقفي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلم ففرجا صدري ثم غسله بماء زمزم‬
‫ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه الحديث‬
‫ما نصه وموضع الترجمة قوله ثم غسله بماء زمزم لنه يدل على فضل زمزم حيث‬
‫اختص غسله بها دون غيرها من المياه ) وقد قال شيخ السلم البلقيني ( أنه‬
‫أفضل من الكوثر لن به غسل قلبه الشريف ولم يكن يغسل إل بأفضل المياه ‪.‬‬
‫الحديث المتقدم أخرجه مسلم أيضا والبلقيني ذكر ذلك في تاريخ مكة ونقل الشيخ‬
‫سيدي عبد المجيد الزبادي ما نصه وذكر صاحب المواهب اللدنية وغير واحد قالوا‬
‫أنه أفضل مياه الدنيا والخرة ‪(3) .‬‬
‫وفيما رواه الدارقطنى والحاكم وصححه ‪ ،‬عن ابن العباس عن النبي صلى‬
‫ال عليه و سلم قال ‪ ) :‬ماء زمزم لما شرب له ‪ ،‬إن شربته لتستشفي ؛ شفاك ال‬
‫‪ ،‬وإن شربته لشبعك ؛ أشبعك ال ‪ ،‬وإن شربته لقطع ظمئك ؛ قطعه ال ‪ ،‬وهي‬
‫هزمة حبريل وسقيا ال إسماعيل ( ورواه الحاكم و زاد فيه ‪ ) :‬وإن شربته‬

‫)( زاد المعاد ‪ ،‬بن القيم الجوزية ‪ ،‬ط ‪ 1406 ، 13 :‬هـ ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫بيروت ‪ ،‬ص ‪ ، 392‬ج ‪4:‬‬


‫)( المجلة العربية ‪ ،‬عبد العزيز بن باز ‪ ،‬السنة ‪ ، 17‬العدد ‪ ، 191‬ذي الحجة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 1413‬هـ ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬


‫)(إزالة الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث ماء زمزم لما شرب له ‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫محمد بن ادرسي القادري ‪ ،‬ط‪ 1330 ، 1:‬هـ ‪ ،‬مطبعة الجمالية ‪ :‬مصر ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مستعيذا أعلذك ال ( قال ‪ :‬اللهم إني اسألك علما نلفعا و رزقا واسعا ‪ ،‬وشفاء من‬
‫‪1‬‬
‫كل داء ( ‪.‬‬
‫قال البكري رحمه ال تعالى ‪ :‬وأنا قد جربت ذلك فوجدته صحيحا على أني‬
‫لم أشربه إل على يقين من هذا وتصديق بالحديث ‪ .‬وقد شربه جمع من العلماء‬
‫لمطالب فنالوها ‪ ،‬فقد صح عن إمامنا الشافعي رضى ال عنه أنه شربه للعلم فكان‬
‫فيه الغاية ‪ ،‬وشربه للرمي فكان يصيب من كل عشرة تسعة ‪ ،‬وشربه أبو عبد ال‬
‫الحاكم لحسن التصنيف وغيره فكان أحسن أهل عصره تصنيفا ‪ ،‬وقال الحكيم في‬
‫نوادر الصول عن والده أنه اشتد عليه بالليل الراقة وهو يطوف يخشى أنه إن‬
‫خرجا من المسجد أن يتلوث باذى الناس وكان في الموسم فتوجه إلى زمزم وشرب‬
‫منها ورجع فلم يحس بالبول حتى أصبح ‪.‬‬
‫وهذا من الغرائب فإن زمزم تدر الراقة ‪ ،‬ونحوه ما جرى لبعض الصحاب‬
‫أنه أصابه اسهال فشربه فذهب عنه مع أنه يطلق البطن غالبا قال الشبلي والولى‬
‫يبتغي شربه لشفاء القلب من الخلق الذميمة وتحليته بالخلق العلية ‪ ،‬فإذا قصد‬
‫شربه استقبل القبلة ثم ذكر ال تعالى وسماه ثم يقول ‪ :‬اللهم بلغني عن نبيك صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه قال ‪ :‬ماء زمزم لما شرب له ‪ ،‬اللهم وأني اشربه لكذا وسمي‬
‫حاجته ويشرب كثيرا حتى يتضلع لقوله عليه الصلة والسلم ) آية ما بيننا وبين‬
‫المنافقين أنهم ل يتضلعون من زمزم( ‪(2).‬ويتضح من هذا الحديث الشريف‬
‫كيفية التداوي بماء زمزم وهي‪:‬‬
‫‪ ‬يؤتى بالمريض الذي يرجى له الشفاء بماء زمزم ويصب عليه شخص‬
‫آخر من ماء زمزم بنية أن يشفيه ال تعالى من مرضه ‪.‬‬
‫‪ ‬واليسر أن يغتسل المريض بماء زمزم بنية الستشفاء ‪.‬‬
‫‪ ‬وعلى المريض بعد ذلك أن يشرب منه ويكثر ويتضلع حتى يمتلئ جنبه‬
‫وأضلعه ‪.‬‬

‫‪ 2 1‬مجلة الزهر – العدد ‪1402 – 13‬هـ ‪ 1981 -‬م – ص ‪2090‬‬


‫‪ (3)2‬رواه البخاري والترميذي والبيهقي ‪ -‬الجامع الصغير للسيوطي – الجزء ‪– 1‬‬
‫ص ‪. 296‬‬

‫‪31‬‬
‫ولبد من استحضار النية بالشفاء ‪ ،‬تصديقا واعتقادا بقول الصادق‬
‫المصدوق الذي ل ينطق عن الهوى ‪ ،‬والخلص النفسي بقبول التداوي بهذا‬
‫الماء الشافي‪.‬‬
‫عن يحيى عن عبدال قال ‪ ،‬حدثني نافع عن عمر رضي ال عنهما عن‬
‫التبي صلى ال عليه و سلم )الحمى من فيح جهنم ؛ أبردوها بالماء ( أو قال ‪:‬‬
‫) ماء زمزم ( ‪(1) .‬‬
‫فكانت أسماء بنت الصديق رضى ال عنها ترش على بدن المحموم شيئا‬
‫من ماء زمزم بين يديه وثوبه ‪.‬‬

‫‪ ()1‬أخرجه البخاري وأحمد – صحيح البخاري – الجزء ‪ – 3‬ص ‪1191‬‬

‫‪32‬‬
‫ويروي الزرقي في ) تاريخ مكة ( عن الضحاك بن مزاحم أنه كان يقول‬
‫‪ :‬بلغني أن التضلع من ماء زمزم براءة فى النفاق ‪ ،‬وأن ماءها مذهب للصداع ‪،‬‬
‫وأن الطلع فيها يجلو البصر ‪ ،‬وأنه سيأتي عليها زمان تكون أعذب من النيل‬
‫والفرات ‪.‬‬
‫وكم من رجل كان قد أصيب بداء الصداع و ما أن أتى إلى بئر زمزم وشرب‬
‫منه بنية الشفاء فكان الشفاء ‪ ،‬نعم إن هذا ليس بعجيب و ل بغريب لن ماء‬
‫زمزم لما شرب له ‪ ،‬وكم قرأنا في الصحف أحوالل من هذا القبيل يتعجب منها‬
‫المرء ‪ ،‬وقد ذكر لي أحد الفارقة و هو يقسم برب العالمين أنه كان يعاني من‬
‫صعوبة شديدة في فمه منذ سنين و لما أتى إلى ماء زمزم وشرب منه بنية‬
‫الشفاء وهبه ال تعالى الشفاء حقا إن ماء زمزم لما شرب له )‪.(1‬‬
‫ومن فضائل ماء زمزم أيضا مارواه بن عباس رضي ال عنهما قال ‪ :‬كان‬
‫أهل مكه ل يسابقهم أحد إل سبقوه و ل يصارعهم أحد إل صرعوه حتى رغبوا‬
‫عن ماء زمزم ‪ ،‬وقد ورد في فضل ماء زمزم وبركته أخبار كثيرة وروايات ل‬
‫حصر لها نجد تفسيرها فيما قاله العلمة المناوى في شرح الجامع الصغير عند‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له لنه سقيا ال وغياثه لولد‬
‫خليله فبقي غياثا لمن بعده فمن شربه باخلص وجد ذلك الغوث ‪ ،‬قال الحكيم‬
‫الترمذي ‪ :‬هذا جار للعباد على مقاصدهم وصدقهم في تلك المقاصد والنيات لن‬
‫الموحد إذا رابه أمر فشأنه الفزع إلى ربه فإذا فزع إليه واستغاث به وجد غياثا‬
‫وإنما يناله العبد على قدر نيته فإن النيه تبلغ بالعبد عناصر الشياء والنيات على‬
‫قدر طهارة القلوب وسعيها إلى ربها وعلى قدر العقل والمعرفة يقدر القلب على‬
‫الطيران إلى ال تعالى ‪ ،‬فالشارب لزمزم على ذلك ‪.‬‬

‫وماء زمزم قد شرب منه النبياء الخيار الذين اصطفاهم ال تعالى‪ ،‬وشرب منه‬
‫العلماء والعاملون والئمة البرار وشرب منه أولوا الهداية السرار ‪ ،‬ويشرب منه‬
‫جميع المؤمنين إلى أن تقوم الساعة ‪ ،‬ويشرب الجميع بإيمان ويقين وصدق إواخلص‬
‫والشرب بالدلو من نفس البئر أحلى وأصفى وألذ وأطعم كما هو مجرب عند جميع‬

‫)( الشافيات العشر من الكتاب والسنة ‪ ،‬محي الدين عبد الحميد ‪،‬ط ‪، 2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1414‬هـ ‪ ،‬مكتبة الخدمات الحديثة ‪ :‬جدة ‪ ،‬ص ص ‪. 251 ، 248‬‬

‫‪33‬‬
‫الناس ‪ ،‬ومن عجيب أمر ماء زمزم أن لونه كلون جميع المياه ولكن طعمه يختلف‬
‫عنها ‪ ،‬ان طعمه لذيذ سائغ للشاربين ‪ ،‬انه يمتاز بطعمه الخاص ومنافعه‬
‫الخاصة)‪.(1‬‬
‫وتحقيقا لقوله صلى ا عليه وسلم ‪ ) :‬ماء زمزم لما شرب له (‪:‬‬
‫وأن الدعاء مستجاب عند شرب زمزم‪ ،‬فقد تنوعت نيات ا لصحابة ومن‬
‫بعدهم من الصالحين في قضاء حاجات دنيوية وأخروية‪ ،‬وإيمانا ا منهم‬
‫بما أخبر به صلى ا عليه وسلم أنه للما شرب له‪ ،‬ورجاء من ا تعالى‬
‫بحصول المطلوب والمأمول الذي نوووه وقد نال كثيرون – بل من ل‬
‫ييحصى كما قال الحافظ ابن حجر في جزء ماء زمزم ) ص ‪– ( 191‬‬
‫مطالبهم التي شربوا ماء زمزم من أجلها في الدنيا‪ ،‬والمأمول من ا‬
‫تعالى أن يحقق لهم ما سألوه في الخرة‪.‬‬
‫وإليك أخبارهم في ذلك‪..‬‬
‫عمر بن الخطاب رضي ا عنه عند شربه لزمزم‪:‬‬
‫شلرب ماء زمزم‬ ‫روي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي ا عنه أنه لما و‬
‫دعا بقوله‪ ) :‬اللهم إني أشربه لظمأ يوم القيامة (‪ .‬الجوهر المنظم في‬
‫فضائل ماء زمزم لحمد بن محمد بن شمس الدين‪.‬‬
‫عبد ا بن عباس رضي ا عنهما عند شربه لزمزم‪..‬‬
‫وهذا حبر المة وترجمان القرآن سيدنا عبد ا بن عباس رضي ا‬
‫عنهما كان إذا شرب ماء زمزم قال‪ ) :‬اللهم إني أسألك علما ا نافعا ا ورزقا ا‬
‫واسعا ا وشفاء من كل داء (‪ .‬المستدرك للحاكم ) ‪.( 473 / 1‬‬
‫وهذا من جوامع الدعاء الذي تضمن خيري الدنيا والخرة ‪..‬‬
‫المام أبو حنيفة رحمة ا عليه لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫يذكر أن المام أبو حنيفة رحمة ا عليه شرب ماء زمزم ليكون من أعلم‬
‫العلماء‪ ،‬فكان كذلك ‪ ،‬وناهيك به علما ا وصلحا ا وفضلا ‪.‬‬
‫المام عبد ا بن المبارك رحمه ا عند شربه لزمزم ‪..‬‬
‫روي عنه أنه أتى زمزم فاستقى منه شربة ‪ ،‬ثم استقبل الكعبة ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر عن النبي صلى ا‬
‫عليه وسلم أنه قال ‪ :‬ماء زمزم لما شرب له ‪ ،‬وهذا أشربه لعطش يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬ثم شربه ‪ .‬تاريخ بغداد )‪. 116 /10‬‬
‫شرب تلميذذ للمام ابن عيينة ماء زمزم بنية أن يحدثه شيخه مئة حديث‬ ‫ي‬

‫)( زمزم طعام طعم وشفاء سقم ‪ ،‬يحيى حمزة كوشك ‪ ،‬ط ‪ 1403 ، 1 :‬هـ ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪31 ، 29‬‬

‫‪34‬‬
‫روى أبو بكر الدينوري في كتابه المجالسة عن الحميدي قال ‪ :‬كنا عند‬
‫سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث ) ماء زمزم لما شرب له ( فقام رجل من‬
‫المجلس ‪ ،‬ثم عاد فقال ‪ :‬يا أبا محمد ‪ :‬أليس الحديث الذي حدثتنا به في‬
‫زمزم صحيحا ا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال الرجل ‪ :‬فإني شربت الن دلولا من زمزم‬
‫على أنك تحدثني بمئة حديث ‪ ،‬فقال له سفيان ‪ :‬اقعد ‪ ،‬فقعد فحدثه بمئة‬
‫حديث ‪ .‬جزء ابن حجر ) ص ‪. ( 191‬‬
‫رحم ا المام سفيان بن عيينة ما أحرصه على أداء العلم ‪ ،‬رحم ا هذا‬
‫السائل ‪ ،‬ما أحرصه على العلم ‪ ،‬والتحايل اللطيف في طلبه ‪ .‬المام‬
‫الشافعي رحمه ا لمما شرب زمزم ‪..‬‬
‫قال الحافط ابن حجر رحمه ا ‪ :‬واشتهر عن الشافعي المام أنه شرب‬
‫ماء زمزم للرمي ‪ ،‬فكان يصيب من كل عشرة تسعة ‪ .‬أخبار الذكيار لبن‬
‫الجوزي ) ص ‪. ( 105‬‬
‫وفي رواية أخرى ‪ :‬أن المام الشافعي رحمه ا قال ‪ :‬شربت ماء زمزم‬
‫لثلث ‪ ،‬للرمي ‪ :‬فكنت أصيب العشرة من العشرة ‪ ،‬والتسعة من العشرة ‪،‬‬
‫وللعلم ‪ :‬فها أنا كما ترون ‪ ،‬ولدخول الجنة ‪ :‬فأرجو حصول ذلك ‪.‬‬
‫الجوهر المنظم ) ص ‪. ( 45 – 44‬‬
‫المام ابن خزيمة لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫روي عن المام ابن خزيمة أنه سئل من أين أوتيت العلم ؟ فقال ‪ :‬قال‬
‫رسول ا صلى ا عليه وسلم ‪ ) :‬ماء زمزم لما شرب له ( ‪ ،‬وإني لما‬
‫شربت سألت ا علما ا نافعا ا ‪ .‬سير أعلم النبلء ) ‪. ( 370 / 14‬‬
‫والد الحكيم الترمذي لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫روي عن والد الحكيم الترمذي قال ‪ :‬حدثني أبي رحمه ا قال ‪ :‬دخلت‬
‫الطواف في ليلة ظلماء ‪ ،‬فأخذني من البول ما شغلني ‪ ،‬فجعلت أعتصر –‬
‫أي أقاوم خروجه – حتى آذاني ‪ ،‬وخفت إن خرجت من المسجد أن أطأ‬
‫بعض القدام وذلك أيام الحج ‪ ،‬فذكرت هذا الحديث – أي ماء زمزم لما‬
‫شرب له – فدخلت زمزم فتضلعت منه ‪ ،‬فذهب عني إلى الصباح ‪ .‬تفسير‬
‫القرطبي ) ‪. ( 370 / 9‬‬
‫المام الحاكم لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫روي عن المام الحافظ المحدث أبي عبد ا الحاكم رحمه ا أنه شرب‬
‫ماء زمزم لليحسن التصنيف ‪ ،‬ولغير ذلك ‪ ،‬فصار أحسن أهل عصره‬
‫تصنيفا ا ‪ .‬تذكرة الحفاظ للذهبي )‪. ( 3/1044‬‬
‫المام الخطيب البغدادي لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫روي عن المام الخطيب البغدادي رحمه ا أنه لما حج شرب من ماء‬

‫‪35‬‬
‫زمزم ثلث شربات ‪ ،‬وسأل ا عز وجل ثلث حاجات ‪ ،‬أخذاا بالحديث ‪) :‬‬
‫ماء زمزم لما شرب له ( ‪ ،‬فالحاجة الولى ‪ :‬أن يحدث بتاريخ بغداد بها ‪،‬‬
‫والثانية ‪ :‬أن يملي الحديث بجامع المنصور ‪ ،‬والثالثة ‪ :‬أن يدفن عند قبر‬
‫بشر الحافي ‪ ،‬قال ‪ :‬فقضى ا له ذلك ‪ .‬تذكرة الحفاظ ) ‪. ( 1193 / 3‬‬
‫المام ابن العربي المالكي لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫روي عن المام القاضي أبي بكر محمد بن العربي أنه قال ‪ :‬ولقد كنت‬
‫بمكة مقيما ا في ذي الحجة سنة تسع وثمانين وأربعمئة ‪ ،‬وكنت أشرب‬
‫ماء زمزم كثيراا ‪ ،‬وكلما شربته نويت به العلم واليمان ‪ ،‬حتى فتح ا لي‬
‫ببركته في المقدار الذي يسره لي من العلم ‪ ،‬ونسيت أن أشربه للعمل ‪،‬‬
‫وياليتني شربته لهما ‪ ،‬حتى يفتح ا علي فيهما ‪ ،‬ولم ييقمدر ‪ ،‬فكان‬
‫صغوي إلى العلم أكثر منه إلى العلم ‪ ،‬ونسأل ا الحفظ والتوفيق برحمته‬
‫‪ .‬أحكام القرآن ) ‪. ( 1124 / 1‬‬
‫والد المام ابن الجزري لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫قال الحافظ السخاوي في ترجمة المام ابن الجزري رحمه ا ‪ :‬كان أبوه‬
‫تاجراا ‪ ،‬ومكث أربعين سنة لم يرزق ولداا ‪ ،‬فحج وشرب ماء زمزم بنية‬
‫أن يرزقه ا ولداا عالماا ‪ ،‬فولد له محمد الجزري بعد صلة التراويح سنة‬
‫) ‪751‬هـ ( ‪ .‬الضوء اللمع ) ‪. ( 255 / 9‬‬
‫وناهيك بابن الجزري علما ا وصلحا ا ‪..‬‬
‫المام الحافظ ابن حجر العسقلني لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه ا ‪ :‬وأنا شربته مرة وسألت ا وأنا حينئذ‬
‫في بداية طلب الحديث أن يرزقني حالة الذهبي – المام الحافظ شمس‬
‫الدين محمد بن أحمد ) ت ‪748‬هـ ( – في حفظ الحديث ‪ ،‬ثم حججت بعد‬
‫مدة تقرب من عشرين سنة ‪ ،‬وأنا أجد من نفسي المزيد على تلك المرتبة‬
‫‪ ،‬فسألته رتبة أعلى منها ‪ ،‬فأرجو ا أن أنال ذلك ‪ .‬جزء في حديث ماء‬
‫زمزم لبن حجر ) ص ‪. ( 191‬‬
‫قال تلميذه الحافظ السخاوي ‪ :‬وقد حقق ا له ذلك ‪.‬‬
‫وقال المام السيوطي بعد أن ذكر خبر ابن حجر وشربه زمزم ‪ :‬فبلغها‬
‫وزاد ‪ .‬طبقات الحفاظ ) ص ‪. ( 547‬‬
‫المام الكمال ابن الهمام لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫قال المام الفقيه الصولي المحدث الكمال ابن الهمام محمد بن عبد‬
‫الواحد ) ت ‪861‬هـ ( بعد أن ذكر خبر شيخه ابن حجر وشربه زمزم ‪:‬‬
‫والعبد الضعيف يرجو ا سبحانه شربه للستقامة والوفاة على حقيقة‬
‫السلم معها ‪ .‬فتح القدير شرح الهداية ) ‪. ( 400 / 2‬‬

‫‪36‬‬
‫المام السيوطي لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫قال المام أبو بكر السيوطي ‪ :‬ولما حججت شربت من ماء زمزم لمور ‪،‬‬
‫منها ‪ :‬أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني ‪ ،‬و في‬
‫الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر ‪ .‬حسن المحاضرة ) ‪. ( 338 / 1‬‬
‫قال تلميذ السيوطي المام شمس الدين محمد بن علي الداودي المالكي‬
‫صاحب طبقات المفسرين ‪ :‬والذي نفسي بيده إن الذي أعتقده وأدين ا‬
‫به أن الرتبة التي وصل إليها – السيوطي – من العلوم واطلع عليها لم‬
‫يصل إليها أحد ‪ ،‬ول وقف عليها غيره من مشايخه ‪ ،‬فضلا عمن هو‬
‫دونهم ‪ .‬الجوهر المنظم ) ص ‪. ( 45‬‬
‫شرب الشيخ أحمد بن محمد بن آق شمس الدين ماء زمزم ‪ ،‬وتحقيق ا‬
‫لماله ‪..‬‬
‫قال صاحب الجوهر المنظم ‪ -‬الشيخ أحمد بن محمد بن آق المتوفى في‬
‫حدود القرن الثاني عشر ‪ ،‬بعد أن ذكر أخبار شرب العلماء لزمزم ‪،‬‬
‫وتحقيق ا لمالهم التي شربوا زمزم من أجلها ‪ : -‬وأنا العبد الفقير‬
‫الجامع لهذه الرسالة معترفاا بالتقصير ‪ ،‬ولقد تضلعت من ماء زمزم‬
‫مراراا ‪ ،‬وجربت ذلك تكراراا ‪ ،‬فلم أنو به شيئا ا من المقاصد الجليلة‬
‫والحقيرة ‪ ،‬واليسيرة والعسيرة ‪ ،‬إل ونلتها في الحال على أحسن منوال ‪،‬‬
‫بعون ا الملك المتعال ‪ ،‬فال أحمد على ذلك وأشكره لما هنالك ‪ .‬الجوهر‬
‫المنظم ) ص ‪. ( 46‬‬
‫الشيخ ظفر أحمد العثماني التهانوي لما شرب زمزم ‪..‬‬
‫قال العلمة المحدث الفقيه الشيخ ظفر أحمد العثماني التهانوي – أحد كبار علماء‬
‫الهند وباكستان ) ت ‪1394‬هـ ( عن أربع وثمانين سنة ‪ : -‬وقد شربت ماء زمزم‬
‫في أول حجتي لمور من الدين والدنيا ‪ ،‬نلت أكثرها ‪ ،‬ثم شربته في الحجة الثانية‬
‫لمور كذلك ‪ ،‬فزت بكثير منها ‪ ،‬ثم في الثالثة لمور أرجو ا سبحانه أن أنالها ‪،‬‬
‫وقد كانت بلساني يلكنة شديدة كانت تعوقني عن إلقاء الدروس في المدارس وعن‬
‫الخطابة على المنابر ‪ ،‬فلم أصدر من أول حجتي بعد الشرب من زمزم لزوالها ‪ ،‬إل‬
‫وأنا أجد من نفسي القدرة على الدرس والخطابة ‪ ..‬وقد رزقني ا بفضله وكرمه‬
‫قدرة تامة على الخطابة والوعظ والتذكير ‪ ،‬وقبولا في قلوب السامعين ‪ ،‬ول‬
‫الحمد حق حمده والصلة والسلم نبيه سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫إعلن السنن ) ‪208 / 10‬‬
‫قال أبو حازم عمر بن أحمد العبدويي الحافظ سمعت الحاكم أبا عبد ال إمام أهل الحديث في آلف يقول‬
‫قال العبدويي وسمعت أبا عبد الرحمن‬ ‫شربت ماء زمزم وسألت ال ان يرزقني حسن التصنيف‬
‫السلمي يقول كتبت على ظهر جزء من حديث أبي الحسين الحجاجي الحافظ فأخذ القلم وضرب على‬
‫الحافظ وقال أيش أحفظ أنا أبو عبد ال بن البياع أحفظ مني وأنا لم أر من الحفاظ إل أبا علي‬

‫‪37‬‬
‫النيسابوري وأبا العباس بن عقدة وسمعت السلمي يقول سألت الدارقطني أيهما أحفظ ابن مندة أو ابن‬
‫قال أبو حازم أقمت ثم أبي عبد ال العصمي قريبا من ثلث سنين‬ ‫البيع فقال ابن البيع أتقن حفظا‬
‫ولم أر في جملة مشايخنا أتقن منه ول أكثر تنقي ار وكان إذا أشكل عليه شيء أمرني أن أكتب إلى الحاكم‬
‫أبي عبد ال فإذا ورد جواب كتابه حكم به وقطع بقوله قال الحافظ أبوصالح المؤذن أخبرنا مسعود بن‬
‫علي ‪(1)1‬‬
‫من القصص المعاصرة ‪:‬‬
‫قالت مؤلفة كتاب ) فل تنس ال ( ليلى الحلو بعد أن شفاها ال من السرطان الذي أصابها‬
‫في ثدييها بعد أن شربت واغتسلت من ماء زمزم ‪ ،‬وبعد حدوث الية الكبرى آية شفائي التي‬
‫لم تكن متوقعة ‪ ،‬وبعد هاته النهاية المباركة ‪ ،‬صرت أومن مع كل من عاش معي قصتي بأن‬
‫هناك قوة وقدرة خفية ل تصل العقول لدراكها ‪ ،‬أل وهي قوة ال ‪ ،‬ومادامت هذه القوة معك ‪،‬‬
‫فامل بالمل حياتك لن ال معك وأبواب السماء مفتوحة دائم ا لك وعلوك في الرض ل يأتي‬
‫إل عن طريق اتباعك ل … فل تنس ال …" )‪.(2‬‬

‫يسرية شفيت من قرحة قرمزية في عينها اليسرى بعد استعمالها ماء زمزم‬

‫يذكر أحد الخوة المسلمين بعد عودته من أداء فريضة الحج فيقول ‪ :‬حدثتني سيدة فاضلة اسمها – يسرية‬
‫عبد الرحمن حراز – كانت تؤدي معنا فريضة الحج ضمن وزارة الوقاف عن المعجزة التي حدثت لها ببركات‬
‫ماء زمزم فقال ‪ :‬إنها أصيبت منذ سنوات بقرحة قرمزية في عينها اليسرى نتج عنها صداع نصفي ل يفارقها‬
‫ليل نهار ‪ ,‬ول تهدئ منه المسكنات ‪ ..‬كما أنها كادت تفقد الرؤية تماما بالعين المصابة لوجود غشاوة بيضاء‬
‫عليها ‪ ..‬وذهبت إلى أحد كبار أطباء العيون فأكد أنه ل سبيل إلى وقف الصداع إل باعطائها حقنة تقضي عليه‬
‫‪ ,‬وفي نفس الوقت تقضي على العين المصابة فل ترى إلى البد‬

‫‪--------------------------------------------------------‬‬

‫)‪ -(1‬سيرة أعلم النبلء‪/171 /17/‬‬

‫)‪ (2‬فل تنس ال ‪ ،‬ليلى الحلو ‪ ،‬ص ‪162‬‬

‫وفزعت السيدة يسرية لهذا النبأ القاسي ‪ ,‬ولكنها كانت واثقة برحمة ا تعالى ومطمئنة إلى أنه‬
‫سيهيئ لها أسباب الشفاء رغم جزم الطب والطباء بتضاؤل المل في ذلك ‪ ..‬ففكرت في أداء عمرة ‪,‬‬
‫كي تتمكن من التماس الشفاء مباشرة من ا عند بيته المحرم وجاءت إلى مكة وطافت بالكعبة ‪ ,‬ولم‬
‫يكن عدد الطائفين كبيرا وقتئذ ‪ ,‬مما أتاح لها – كما تقول – أن تقبل الحجر السود ‪ ,‬وتمس عينها‬
‫المريضة به ‪ ..‬ثم اتجهت إلى ماء زمزم لتمل كوبا منه وتغسل به عينها ‪ ..‬وبعد ذلك أتمت السعي‬
‫وعادت إلى الفندق الذي تنزل به ‪ ،‬فوجئت بعد عودتها إلى الفندق أن عينها المريضة أصبحت‬
‫سليمة تماما ‪ ,‬وأن أعراض القرحة القرمزية توارت ولم يعد لها أثر يذكر كيف تم استئصال قرحة‬
‫بدون جراحة ؟! ‪ ..‬كيف تعود عين ميئوس من شفائها إلى حالتها الطبيعية بدون علج ؟! وعلم‬
‫الطبيب المعالج بما حدث ‪ ,‬فلم يملك إل أن يصيح من أعماقه ا أكبر إن هذه المريضة التي فشل‬
‫الطب في علجها عالجها الطبيب العظم في عيادته اللهية التي أخبر عنها رسوله الكريم صلى ا‬
‫عليه وسلم ‪ ) :‬ماء زمزم لما شرب له ‪ ,‬إن شربته تستشفي شفاك ا ‪ ,‬وإن شربته لشبعك أشبعك ا‬

‫‪38‬‬
‫– وإن شربته لقطع ظمئك قطعه ا ‪ ,‬وهي هزمة جبرائيل وسقيا ا إسماعيل ( رواه الدارقطني‬
‫والحاكم‬

‫إخراج حصاة بدون جراحة‬

‫ومثل هذه الحكاية وحكايات أخرى نسمع عنها من أصحابها أو نقرؤها ‪ ,‬وهي إن دلت على شيء‬
‫فإنما تدل على صدق ما قاله الرسول صلى ا عليه سلم عن هذه البئر المباركة زمزم‬

‫فيروي صاحب هذه الحكاية الدكتور فاروق عنتر فيقول‬

‫لقد أصبت منذ سنوات بحصاة في الحالب ‪ ,‬وقرر الطباء استحالة إخراجها إل بعملية جراحية ‪,‬‬
‫ولكنني أجلت إجراء العلمية مرتين ‪ ..‬ثم عن لي أن أؤدي عمرة ‪ ,‬وأسأل ا أن يمن علي بنعمة‬
‫الشفاء وإخراج هذه الحصاة بدون جراحة ؟‬

‫وبالفعل سافر الدكتور فاروق إلى مكة ‪ ,‬وأدى العمرة وشرب من ماء زمزم ‪ ,‬وقبل الحجر السود ‪ ,‬ثم‬
‫صلى ركعتين قبل خروجه من الحرم ‪ ,‬فأحس بشيء يخزه في الحالب ‪ ,‬فأسرع إلى دورة المياه ‪ ,‬فإذا‬
‫بالمعجزة تحدث ‪ ,‬وتخرج الحصاة الكبيرة ‪ ,‬ويشفى دون أن يدخل غرفة العمليات لقد كان خروج هذه‬
‫الحصاة مفاجأة له وللطباء الذين كانوا يقومون على علجه ‪ ,‬ويتابعون حالته )‪(1‬‬

‫فسبحان الذي جعل شفاءها من السرطان المرض الذي أعجز كل الطباء في ماء زمزم ‪.‬‬
‫‪--------------------------------------------------‬‬
‫)‪ (1‬المصدر " العجاز العلمي في السلم والسنة النبوية " لمحمد كامل عبد الصمد‬

‫آداب شربها ‪:‬‬


‫تحدث المام الفاسي عن آداب شرب ماء زمزم فيقول أنه يستحب لشاربه أن‬
‫يستقبل القبله ‪ ،‬ويذكر اسم ال تعالى ويتنفس ثلثا ويتضلع منه ويحمد ال تعالى ‪،‬‬
‫ويدعو بما كان يدعو به ابن عباس اذا شرب ماء زمزم ‪ .‬لن في مستدرك الحاكم‬
‫من حديث ابن عباس السابق وكان بن عباس إذا شرب من ماء زمزم قال ‪ :‬اللهم‬
‫إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء ‪ .‬ول يقتصر على هذا الدعاء‬
‫بل يدعو بما أحبه من أمر الخرة من دعاء ويتجنب الدعاء بما فيه مأثمة ‪.‬‬
‫وقال العلماء رحمهم ال من أراد أن يشرب من ماء زمزم فينبغي له أن يأخذ‬
‫السقاء بيده اليمنى ويستقبل الكعبه الشريفه ويقول اللهم أنه بلغني عن نبيك صلى‬

‫‪39‬‬
‫ال عليه وسلم أنه قال ماء زمزم لما شرب له اللهم إني أشربه لكذا ويذكر ما يريد‬
‫ثم يشرب ويتنفس ثلثا ويسمي ال في ابتداء كل مرة ويحمده عند فراغها)‪.(1‬‬
‫لما روي أن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال ‪ :‬كنت عند ابن عباس‬
‫رضي ال عنهما فجاءه رجل فقال له من أين جئت ؟ قال ‪ :‬من زمزم ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫فشربت كما ينبغي ؟ قال ‪ :‬وكيف ذلك ؟ قال إذا شربت منها فاستقبل الكعبة واذكر‬
‫اسم ال عز وجل ثم تنفس ثلثا وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد ال تعالى فان النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم قال آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم ل يتضلعون من زمزم ‪.‬‬

‫)( زمزم طعام طعم وشفاء سقم ‪ ،‬يحيى حمزة كوشك ‪ ،‬ط ‪ 1403 ، 1 :‬هـ ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪. 33‬‬

‫‪40‬‬
‫‪1‬‬
‫التحليل الكيميائي لماء زمزم ‪:‬‬
‫تم في عام ‪ 1392‬هـ ‪ ،‬تكلف احدى الشركات الشتثمارية بعمل تحليل‬
‫لمياه زمزم كيميائيا و بكترويولوجيا ‪ .‬وفيما يلي نتائج التحليل الكيمائي الذي قامت‬
‫به الشركة ) معبرا عنها بجزء من المليون ( ‪:‬‬

‫‪7.1‬‬ ‫الس الهيدروجيني‬


‫‪244‬‬ ‫كالسيوم‬
‫‪63‬‬ ‫مغنسيوم‬
‫‪329‬‬ ‫بيكربونات‬
‫‪497‬‬ ‫كلوريد‬
‫‪399‬‬ ‫كبريتات‬
‫‪443‬‬ ‫نيترات‬
‫وفي عام ‪ 1979‬م أجرى تحليل كيميائي جديد لماء زمزم كانت نتائجه كالتلي‬
‫) معبرا عنها بجزء من المليون ( ‪:‬‬

‫‪184.4‬‬ ‫كالسيوم‬
‫‪169‬‬ ‫مغنسيوم‬
‫‪178‬‬ ‫بوتاسيوم‬
‫‪377.8‬‬ ‫سيليكا‬
‫‪345.5‬‬ ‫كلوريد‬

‫وفي بداية عام ‪ 1980‬م اجرى تحليل كيميائي جديد لماء زمزم كانت نتائجه‬
‫كالتالي ) معبرا عنها بجزء من المليون ( ‪:‬‬

‫‪7.3‬‬ ‫الس الهيدروجيني‬

‫مجلة القافلة – د‪ .‬أحمد عبد القادر المهندس ‪ -‬العدد ‪ – 1‬ص ‪1414 – 45 ، 43‬هـ ‪ 1993 -‬م‬ ‫‪1‬‬

‫‪41‬‬
‫‪136‬‬ ‫كالسيوم‬
‫‪77.8‬‬ ‫مغنسيوم‬
‫‪255‬‬ ‫صوديوم‬
‫‪118‬‬ ‫بوتاسيوم‬
‫‪400‬‬ ‫كبريتات‬
‫‪329‬‬ ‫بيكربونات‬
‫وفي اثناء عملية تنظيف بئر زمزم في بدايو عام ‪1400‬هـ ‪ ،‬كلف الغواصون‬
‫بأخذ عينات من المصادر الرئيسية لمياه زمزم و تم تحليلها في مختبر مصلحة‬
‫المياه و الصرف الصحي بالمنطقة الغربية وفيما يلي نتائج التحليل الكيميائي لماء‬
‫زمزم للمصدر المتجه إلى ناحية الكعبة المشرفة ) جزء من المليون ( ‪:‬‬

‫‪198‬‬ ‫كالسيوم‬
‫‪43.7‬‬ ‫مغنسيوم‬
‫‪335‬‬ ‫كلوريد‬
‫‪370‬‬ ‫كبريتات‬
‫‪0.15‬‬ ‫حديد‬
‫‪0.15‬‬ ‫منجنيز‬
‫‪0.12‬‬ ‫نحاس‬
‫‪0.85‬‬ ‫كلوريد‬

‫وفيما يلي يعرض الجدول مدى تميز ماء زمزم بأنه نقي ول لون له ول رائحة ذو‬
‫مذاق مالح قليل ‪:‬‬
‫نتائج تحاليل مياه زمزم مع‬
‫المقارنة بمقاييس منظمة الصحة العالمية‬

‫رقم العينة‬ ‫العنصر‬

‫‪42‬‬
‫الحدود‬ ‫‪Zm - 72‬‬ ‫‪Zm - 71‬‬ ‫‪Zm - 70‬‬
‫العالمية‬
‫المسموح بها‬
‫‪-‬‬ ‫‪7.5‬‬ ‫‪7.6‬‬ ‫‪7.5‬‬ ‫الس‬
‫الهيدروجيني‬
‫‪1500‬‬ ‫‪1489‬‬ ‫‪1485‬‬ ‫‪1499‬‬ ‫الملح الذائبة‬
‫‪-‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪12‬‬ ‫البوتاسيوم‬
‫‪-‬‬ ‫‪333‬‬ ‫‪331‬‬ ‫‪332‬‬ ‫الصوديوم‬
‫‪150‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪54‬‬ ‫المغنسيوم‬
‫‪200‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪104‬‬ ‫الكالسيوم‬
‫‪600‬‬ ‫‪359‬‬ ‫‪362‬‬ ‫‪360‬‬ ‫الكلوريدات‬
‫‪400‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪286‬‬ ‫‪290‬‬ ‫الكبريتات‬
‫‪-‬‬ ‫‪393‬‬ ‫‪397‬‬ ‫‪390‬‬ ‫البيكربونات‬
‫وتؤكد التحاليل الكيمائية ومقارنتها بالمواصفات العالمية خاصة منظمــة الصــحة‬
‫العالمية على أن ماء زمزم صالح تماما للشرب و أن أثره الصحي جيد ‪ ،‬وقد وجــد‬
‫ــا‬
‫ــأثر تمام‬
‫ــزم يت‬‫ــاء زم‬
‫من التحاليل الكيميائية المتعددة لماء زمزم أن تركيب م‬
‫بالجفاف الذي ينتج عنه زيادة تركيز الملح في الماء عن طريق التبخر ‪.‬‬

‫الفحص البكتريولوجي ‪:‬‬


‫وفي اثناء عملية تنظيف بئر زمزم في بداية عام ‪ 1400‬هـ ‪ ،‬كلف الغواصون‬
‫بأخذ عينات لمياه زمزم و تم تحليلها في مختبر مصلحة المياه و الصرف الصحي‬
‫بالمنطقة الغربية على النحو التالي ‪:‬‬

‫الختبارات التأكيدية‬ ‫العدد للمجموعة القولونية‬ ‫مكان أخذ العينات‬


‫للمجموعة القولونية في‬ ‫في ‪100‬سم ‪3‬‬
‫‪ 100‬سم ‪3‬‬
‫‪20‬‬ ‫‪180‬‬ ‫اتجاه المروه‬
‫صفر‬ ‫‪40‬‬ ‫اتجاه الكعبة‬

‫‪43‬‬
‫‪60‬‬ ‫‪340‬‬ ‫اتجاه الصفا‬
‫وعن طريق معالجة مياه زمزم بالشعة فوق البنفسجية اصبحت المياه خالية من‬
‫الجراثيم إلى حد كبير ‪ ،‬وبالتالي ل يوجد هناك أحتمال لتغيير طعمها أو أحتوائها‬
‫على البكتيريا ‪.‬‬

‫ماء زمزم في الخاتبار‬


‫قال أحد الطباء في عام ‪ 1971‬إن ماء زمزم غير صالح للشرب ‪،‬‬
‫استناد اا إلى أن موقع الكعبة المشرفة منخفض عن سطح البحر ويوجد‬
‫في منتصف مكة ‪ ،‬فل بد أن مياه الصرف الصحي تتجمع في بئر زمزم‬
‫ما أن وصل ذلك إلى علم الملك فيصل رحمه ا حتى أصدر أوامره‬
‫بالتحقيق في هذا الموضوع ‪ ،‬وتقرر إرسال عينات من ماء زمزم إلى‬
‫معامل أوروبية لثبات مدى صلحيته للشرب ‪ ..‬ويقول المهندس‬
‫الكيميائي معين الدين أحمد‪ ،‬الذي كان يعمل لدى وزارة الزراعة والموارد‬
‫المائية السعودية في ذلك الحين ‪ ،‬أنه تم اختياره لجمع تلك العينات ‪..‬‬
‫وكانت تلك أول مرة تقع فيها عيناه على البئر التي تنبع منها تلك المياه‬
‫وعندما رآها لم يكن من السهل عليه أي يصدق أن بركة مياه صغيرة ل‬
‫يتجاوز طولها ‪ 18‬قدما وعرضها ‪ 14‬قدما ا ‪ ،‬توفر مليين الجالونات من‬
‫المياه كل سنة للحجاج منذ حفرت من عهد إبراهيم عليه السلم ‪..‬‬
‫وبدأ معين الدين عمله بقياس أبعاد البئر‪ ،‬ثم طلب من أن يريه عمق المياه‪ ،‬فبادر‬
‫الرجل بالغتسال‪ ،‬ثم نزل إلى البركة‪ ،‬ليصل ارتفاع المياه إلى كتفيه‪ ،‬وأخذ يتنقل‬
‫من ناحية لخرى في البركة‪ ،‬بحثا ا عن أي مدخل تأتي منه المياه إلى البركة‪ ،‬غير‬
‫أنه لم يجد شيئاا ‪ ..‬وهنا خطرت لمعين الدين فكرة يمكن أن تساعد في معرفة‬
‫مصدر المياه ‪ ،‬وهي شفط المياه بسرعة باستخدام مضخة ضخمة كانت موجودة‬
‫في الموقع لنقل مياه زمزم إلى الخزانات ‪ ،‬بحيث ينخفض مستوى المياه بما يتيح‬
‫له رؤية مصدرها غير أنه لم يتمكن من ملحظة شيء خلل فترة الشفط‪ ،‬فطلب‬
‫من مساعده أن ينزل إلى الماء مرة أخرى ‪ ..‬وهنا شعر الرجل بالرمال تتحرك‬
‫تحت قدميه في جميع أنحاء البئر أثناء شفط المياه ‪ ،‬فيما تنبع منها مياه جديدة‬
‫لتحلها ‪ ،‬وكانت تلك المياه تنبع بنفس معدل سحب المياه الذي تحدثه المضخة ‪،‬‬
‫بحيث أن مستوى الماء في البئر لم يتأثر إطلقا ا بالمضخة ‪ ..‬وهنا قام معين الدين‬
‫بأخذ العينات التي سيتم إرسالها إلى المعامل الوروبية ‪ ،‬وقبل مغادرته مكة‬
‫استفتسر من السلطات عن البار الخرى المحيطة بالمدينة ‪ ،‬فأخبروه بأن معظمها‬
‫جافة ‪ ..‬وجاءت نتائج التحاليل التي أجريت في المعامل الوروبية ومعامل وزارة‬
‫الزراعة والموارد المائية السعودية متطابقة‪ ،‬فالفارق بين مياه زمزم وغيرها من‬

‫‪44‬‬
‫مياه مدينة مكة كان في نسبة أملح الكالسيوم والمغنسيوم‪ ،‬ولعل هذا هو السبب‬
‫في أن مياه زمزم تنعش الحجاج المنهكين ‪ ..‬ولكن الهم من ذلك هو أن مياه زمزم‬
‫تحتوي على مركبات الفلور التي تعمل على إبادة الجراثيم !! وأفادت نتائج‬
‫التحاليل التي أجريت في المعامل الوروبية أن المياه صالحة للشرب ‪..‬‬

‫ويجدر بنا أن نشير أيضا ا إلى أن بئر زمزم لم تجف أبداا من مئات السنين‪ ،‬وأنها‬
‫دائما ما كانت توفي بالكميات المطلوبة من المياه للحجاج ‪ ،‬وأن صلحيتها للشرب‬
‫تعتبر أمراا معترفا ا به على مستوى العالم نظراا لقيام الحجاج من مختلف أنحاء‬
‫العالم على مدى مئات السنين بشرب تلك المياه المنعشة والستمتاع بها ‪ ..‬وهذه‬
‫المياه طبيعية تماماا ول يتم معالجتها أو إضافة الكلور إليها ‪ ..‬كما أنه عادة ما‬
‫تنمو الفطريات والنباتات في البار‪ ،‬مما يسبب اختلف طعم المياه ورائحتها أما‬
‫بئر زمزم فل تنمو فيها أية فطريات أو نباتات ‪ ..‬فسبحان ا رب العالمين )‪(1‬‬

‫المكتب\زمزم\زمزم\ ‪tasabeeh.mht‬‬ ‫‪\-C:\WINDOWS‬سطح‬ ‫‪-1‬‬

‫المن المائي في مكة المكرمة ‪:‬‬


‫نظرا للطبيعة الجغرافية القاحلة لمنطقة مكة المكرمة التي أدت إلى قلة‬
‫الموارد الطبيعية للمياه ‪ ،‬فقد أنجزت حكومة المملكة العربية السعودية الكثير من‬
‫المشروعات في قطاع المياه من خلل مصلحة المياه و الصرف الصحي ‪ ،‬وتم‬
‫التركيز بشكل خاص و مكثف لتلبية إحتياجات مكة المكرمة والمشاعر المقدسة من‬
‫مياه لخدمة ضيوف الرحمن ‪ ،‬وفيما يلي عرض موجز لهذه النجازات ‪:‬‬
‫‪ ‬يقدر انتاجا بئر زمزم ما بين ‪ 85.5 – 11‬لتر ‪ /‬ثانية ‪ .‬ويوزع ماء زمزم‬
‫بشكل جيد على ثلجات خاصة في الحرمين الشريفين وذلك بعد التعقيم‬
‫ليكون صالحا للشرب و نافعا للجسم بإذن ال ‪.‬‬
‫‪ ‬تم تمديد شبكات أنابيب خطوط مياه منى وعرفات بتكلفة تزيد عن ‪17.6‬‬
‫مليون ر ‪.‬‬
‫‪ ‬تم إنجاز عدد من المشروعات لتحسين مصادر تغذية شبكة مياه مكة‬
‫المكرمة ورفع كفاءتها لسد ‘حتياجات الحجاجا بتكلفة تزيد عن ‪ 22‬مليون‬
‫ر‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ ‬تم حفر آبار لزيادة مخزون المياه في مكة المكرمة بتكلفة تزيد على ‪3.4‬‬
‫مليون ر ‪.‬‬
‫ومن أجل مواكبة التوقعات المستقبلية في زيادة عدد الحجاجا ‪ ،‬ولهمية توفر‬
‫المياه و الصرف الصحي للعداد الكبيرة من الحجاجا ‪ ،‬فقد تمت دراسة و إنشاء‬
‫بعض المشروعات التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬تنفيذ مشروعات المياه لزيادة كميات المياه الواردة لمكة المكرمة بتكلفة‬
‫تزيد على ‪ 93.4‬مليون ر ‪.‬‬
‫‪ ‬إنشاء خزانات لمكة المكرمة بتكلفة تزيد على ‪ 83.3‬مليون ر ‪.‬‬
‫‪ ‬تنفيذ مجموعة من المشروعات لتوسع شبكتي المياه و الصرف الصحي‬
‫بمكة المكرمة بتكلفة تزيد على ‪ 465‬مليون ر ‪.‬‬
‫مسائل متفرقة فقهيه عن ماء زمزم ‪:‬‬
‫الدعاء عن شرب زمزم‪:‬‬
‫فرع ذكر الحسن البصري رحمه ال في رسالته المشهورة إلى أهل مكة أن الدعاء يستجاب في‬
‫خمسة عشر موضعا في الطواف وعند الملتزم وتحت الميزاب وفي البيت وعند زمزم وعلى‬
‫الصفا والمروة وفي المسعى وخلف المقام وفي عرفات وفي منى وعند ااثلجمرات الثل ‪1‬‬
‫وجاء فى حاشية ابن عابدين ‪2‬ص ‪ 499‬وفي الفتح ويستحب أن يأتي زمزم بعد الركعتين ثم يأتي‬
‫الملتزم قبل الخروج إلى الصفا وقيل يأتي الملتزم ثم يصلي ثم يأتي زمزم ثم يعود إلى الحجر‬
‫اهداء ماء زمزم ‪ :‬استهدى النبي صلى ال عليه وسلم سهيل بن عمرو من ماء زمزم«‬
‫وبإسناده عن جابر رضي ال عنه قال »أرسلني صلى ال عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن يفتح مكة‬
‫إلى سهل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ول تترك‪ ،‬فبعث إليه بمزادتين« وعن عروة بن الزبير‬
‫أن عائشة رضي ال عنها »كانت تحمل ماء زمزم‪ ،‬وتخبر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان‬
‫يفعله« رواه الترمذي وقال حديث حسن السناد ورواه البيهقي هكذا ثم قال وفي رواية »حمله رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم في الداوى والقرب‪ ،‬وكان يصب على المرضى ويسقيهم«‪2‬‬

‫نقل ماء زمزم ‪:‬أما الحكام ففيه مسائل إحداها اتفقت‬


‫نصوص الشافعي والصحاب على جواز نقل ماء زمزم إلى جميع‬
‫‪3‬جاء في حاشية ابن عابدين ويستحب حمله إلى البلد‬ ‫البلد‪ ،‬واستحباب أخذه للتبرك‪،‬‬
‫فقد روى الترمذي عن عائشة رضي ال عنها أنها كانت تحمله وتخبر أن رسول ال كان يحمله‬
‫الترمذي أنه كان يحمله وكان يصبه على المرضى ويسقيهم وأنه حنك به الحسن والحسين رضي ال‬

‫‪46‬‬
‫عنهما ‪ 4‬يقول المام الفاسي يجوز نقل ماء زمزم إلى البلدان باتفاق المذاهب الربعة بل‬
‫هو مستحب عند المالكية والشافعية والفرق عند الشافعية بينه وبين حجارة الحرم في‬
‫عدم جواز نقلها وجواز نقل ماء زمزم أن الماء بشئ يزول فل يعود ‪ ،‬أشار إلى هذه‬
‫التفرقة الشافعي فيما حكاه عنه البيهقي والصل في جواز نقله ما رويناه في جامع‬
‫الترمذي عن عائشة أنها حملت من ماء زمزم في القوارير وقالت ‪ :‬حمل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم الداوي والقرب وكان يصب على المرضى ويسقيهم ورويناه في‬
‫شعب اليمان للبيهقي وفي سننه وقال أبو عيسى ‪ :‬هذا حديث حسن غريب ل نعرفه إل‬
‫من هذا الوجه انتهى ‪ .‬ويدل لذلك ما رويناه عن ابن عباس رضي ال عنهما أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم استهدى سهيل بن عمرو من ماء زمزم ‪ .‬أخرجه الطبراني في‬
‫مسند رجاله ثقات ‪ ،‬ورويناه في تاريخ الزرقي أن النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫استعجل سهي ل‬
‫ل في إرسال ذلك إليه وأنه بعث الى النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫براويتين ‪.‬‬
‫‪----------------------------------------‬‬

‫‪-1‬المجموع ‪8‬ص ‪190‬‬


‫‪ -3‬المجموع ‪7‬ص ‪3842‬‬ ‫‪ -2‬المجموع ‪ 7‬ص ‪383‬‬
‫‪4‬حاشية ابن عابدين ‪2‬ص ‪625‬‬

‫وروي أن كعب الحبار حمل من ماء زمزم اثنتى عشرة راوية إلى الشام ‪ ،‬وجاء عنه‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه حنك به الحسن والحسين رضي ال عنهما مع تمر العجوة‬
‫) ( ‪.‬من خصائصه‬
‫‪1‬‬

‫أنه يكره الستنجاء به واستعماله في النجاسات كما قاله ابن بشير وبن هارون وعليها حمل‬
‫العلماء قول بن شعبان ل يغسل بماء زمزم ميت ول نجاسة كما يأتي ‪ ،‬وقيل يجوز وهو ما للتتائي‬
‫وقال انه ظاهر المختصر ونصه في الصغير عند قول الشيخ خليل وندب جمع ماء وحجر ثم ماء‬
‫ونبه بقوله ماء على مخالفة بعض أهل العلم في قوله يكره بالماء لنه مطعوم وعلى قول بن‬
‫حبيب ل يجزء الحجر مع القدرة على الماء وظاهره دخول ماء زمزم وهو كذلك خلفا لبن منه‬
‫بلفظه وظاهره أى المختصر في قوله ثم ماء حيث أى المختصر في قوله ثم ماء حيث أطلق وأما‬

‫)‪ (1‬زمزم طعام طعم وشفاء سقم ‪ ،‬يحيى حمزة كوشك ‪ ،‬ط ‪ 1403 ، 1 :‬هـ ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪. 36‬‬

‫‪47‬‬
‫الستنجاء بالماء العذب أعني غير ماء زمزم وغير الماء النابع في بين أصابعه صلى ال عليه‬
‫وسلم فالمعروف فيه الباحة كما تقدم ‪ ،‬قال القلشاني مسألة المطلوب الجمع بين الماء والحجار‬
‫فان اقتصر‬
‫على الماء أجزأه بغير خلف وان اقتصر على الحجار مع عدم الماء ولم تنتشر‬
‫النجاسة عن فم المخرجا فكذلك ) قال الخطاب ( قال في كتاب الجنائز فى النوادر‬
‫عن ابن شعبان ل يغسل بماء زمزم ميت ول نجاسة قال الشيخ ابن أبي زيد ما ذكره‬
‫في ماء زمزم ل وجه له عند مالك وأصحابه ونقله عنه ابن عرفة في كتاب الجنائز‬
‫بلفظ قوله ول يغسل بماء زمزم ميت ول نجاسة خلف قول مالك وأصحابه قال بن‬
‫عرفة وأبعد منه سماعي إبتداء قراءتي فتوى ابن عبد السلم ل يكفن بثوب غسل‬
‫بماء زمزم )‪. (1‬‬
‫وتحدث المام الفاسي عن حكم التطهير بماء زمزم فقال أنه صحيح بالجماع‬
‫على ما ذكر الماوردي في حاوية والنووي في شرح المهذب ‪ ،‬وينبغي توقي ازالة‬
‫النجاسة به وخصوصا مع وجود غيره ‪ ،‬وخصوصا في الستنجاء به ‪ ،‬فقد قيل أنه‬
‫يورث الباسور وقال أن ذلك جرى لمن استنجى به وجزم المحب الطبري بتحريم‬
‫ازالة النجاسة به وان حصل به التطهير واخذ ذلك من كلم الماوردي ووافقه في‬
‫الجزم بذلك وأخذه من كلم الماوردي الشيخ كمال الدين النشائي في كتابه جامع‬
‫المختصرات وشرحه ‪ ،‬ولبن شعبان من أصحابنا المالكية ‪ :‬ما يوافق ما ذكره‬
‫الماوردي في منع التطهير بماء زمزم لنه قال ‪ :‬ل يغسل بماء زمزم ميت ول‬
‫نجاسة ‪ ،‬ومقتضى ما ذكره بن حبيب من المالكية استحباب الو ضوء به ومذهب‬
‫الشافعي رضي ال عنه استحباب الوضوء والغسل به ولم يكره الوضوء به إل‬
‫أحمد بن حنبل في رواية عنه ‪.‬‬
‫حيث جاء فى المجموع ج ‪1‬ص ‪135‬فمذهب الجمهور كمذهبنا أنه ل يكره الوضوء والغسل به‪،‬‬
‫وعن أحمد رواية بكراهته لنه جاء عن العباس رضي ال عنه أنه قال وهو ثم زمزم »ل أحله‬
‫لمغتسل‪ ،‬وهو لشارب حل وبل« ودليلنا النصوص الصحيحة الصريحة المطلقة في المياه بل‬
‫فرق‪ ،‬ولم يزل المسلمون على الوضوء منه بل انكار‪ ،‬ولم يصح ما ذكروه عن العباس‪ ،‬بل حكى‬
‫عن أبيه عبد المطلب ولو ثبت فقد أجاب أصحابنا بأنه محمول على أنه قال في وقت ضيق الماء‬

‫)( ازالة الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث ماء زمزم لما شرب له ‪ ،‬محمد‬ ‫‪1‬‬

‫بن ادريس القادري ‪،‬ط‪ ، 1330 ، : 1:‬مطبعة الجمالية ‪ :‬مصر ‪ ،‬ص ‪41‬‬

‫‪48‬‬
‫لكثرة الشاربين وأما المتغير بالمكث فنقل ابن المنذر التفاق على أنه ل كراهة فيه إل ابن سيرين‬
‫فكرهه‪ ،‬ودليلنا النصوص المطلقة ولنه ل يمكن الحتراز منه فأشبه المتغير بما يتعذر صونه عنه‬
‫وأما المسخن فالجمهور أنه ل كراهة فيه ‪.‬‬
‫جاء فى نيل الوطار ‪ ،‬ج ‪1‬ص ‪22‬‬
‫ل بأس برفع الحدث من ماء زمزم لن قصاراه أنه ماء شريف متبرك به ظاه ار الذي وضع‬
‫وقد جاء عن علي كرم ال وجهه في‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يده فيه بهذه المثابة‬
‫حديث له قال فيه ثم أفاض رسول ال صلى ال عليه وسلم فدعا بسجل من ماء زمزم فشرب‬
‫وهذا الحديث هو في أول مسند علي من مسند أحمد بن حنبل‬ ‫منه وتوضأ رواه أحمد انتهى‬
‫وقد جاء فى حاشية الطحاوى على مراقى الفلح ‪1‬ص ‪16‬‬
‫فائدة يجوز الوضوء والغسل بماء زمزم بل ثوابه أكثر وفصل صاحب لباب المناسك آخر الكتاب‬
‫فقال يجوز الغتسال والتوضوء بماء زمزم إن كان على طهارة للتبرك فل ينبغي أن يغتسل به‬
‫جنب ول محدث ول في مكان نجس ول يستنجي به ول يزال به نجاسة حقيقية وعن بعض العلماء‬
‫تحريم ذلك‬

‫القول أنه يجوز للمسلم الوضوء منها والستنجاء وكذلك الغسل من‬ ‫وخلصة‬
‫الجنابة إذا دعت الحاجة إلى ذلك وقد ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه نبع الماء من‬
‫بين أصابعه ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا الماء ليشربوا ويتوضؤوا وليغسلوا ثيابهم‬
‫وليستنجوا كل هذا واقع وماء زمزم إن لم يكن مثل الماء الذي نبع من بين أصابعه‬
‫صلى ال عليه وسلم لم يكن فوق ذلك فكلهما ماء شريف فإذا جاز الوضوء والغتسال‬
‫والستنجاء وغسل الثياب من الماء الذي نبع من بين أصابعه صلى ال عليه وسلم‬
‫فهكذا يجوز من ماء زمزم ‪ ،‬وبكل حال فهو ماء طهور طيب يستحب الشرب منه ول‬
‫حرج في الوضوء منه ول حرج في الستنجاء إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما تقدم والحمد‬
‫ل )‪. (1‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على سيد النام محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬

‫‪ ()1‬المجلة العربية ‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪ -‬رحمه ال ‪ ، -‬السنة ‪ ، 17‬العدد ‪، 191‬‬


‫ذي الحجة ‪ ، 1413‬ص ‪. 18‬‬

‫‪49‬‬
‫فتلك هي ماء زمزم ‪ ،‬وتوصلنا إلى عدة نتائج منها ‪:‬‬
‫أن زمزم قد نضبت عدة مرات وأعيد حفرها ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أهم مصادر ماء زمزم المطار والسيول ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن لزمزم عدة أسماء ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫فضلها عظيم وحسي رواه السلف للخلف ومازلنا ونحس بذلك ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫لها آداب في شربها فعلية وقولية ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫يجوز للمسلم الوضوء منها والستنجاء وكذلك الغسل من الجانبة إذا‬ ‫‪-6‬‬
‫دعت الحاجة إلى ذلك ‪ ،‬كما أنه يجوز نقلها من بلد آخر ‪.‬‬

‫والصلة و السلم على أشرف النبياء و المسلمين ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫المراجــــــــــع‬
‫إزالة الدهش والوله عن المتحير في صحة حديث ماء‬ ‫‪-1‬‬
‫زمزم لما شرب له ‪ ،‬محمد بن ادريس القادري ‪ .‬ط ‪-1 :‬‬
‫‪ 1330‬هـ ‪ ،‬مطبعة الجمالية ‪ :‬مصر ‪.‬‬
‫زاد المعاد ‪ ،‬ابن القيم الجوزية ‪-0 ،‬ط ‪– 13 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪1406‬هـ ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ :‬بيروت – الجزء الرابع ‪.‬‬
‫زمزم طعام طعم وشفاء سقم ‪ ،‬يحيى حمزة كوشك ‪-0‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ط‪1403 – 1:‬هـ ‪.‬‬
‫الشافيات العشر من الكتاب والسنة ‪ ،‬محي الدين عبد‬ ‫‪-4‬‬
‫الحميد ‪-0 ،‬ط‪1414-2:‬هـ ‪ ،‬مكتبة الخدمات الحديثة ‪:‬‬
‫جدة ‪.‬‬
‫فل تنس ال ‪ ،‬ليلى الحلو ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬محمد بن علوي المالكي ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫المجلة العربية ‪ ،‬السنة ‪ ، 17‬العدد ‪ ، 191‬ذي الحجة‬ ‫‪-7‬‬
‫‪ 1413‬هـ ‪.‬‬
‫مجلة القافلة ‪ ،‬العدد الول ‪ ،‬المجلد ‪ ، 42‬محرم‬ ‫‪-8‬‬
‫‪1414‬هـ ‪.‬‬
‫مجلة لواء السلم ‪ ،‬السنة ‪ ، 33‬العدد ‪. 1398 ، 4‬‬ ‫‪-9‬‬
‫مجلة الحج ‪ ،‬عبدال بوقس ‪ ،‬العدد ‪ 1419 ، 11‬هـ‬ ‫‪-10‬‬
‫‪.‬‬
‫مجلة الحج ‪ ،‬عبدال بوقس ‪ ،‬العدد ‪ 1419 ، 1‬هـ‬ ‫‪-11‬‬

‫‪51‬‬
‫بركة ماء زمزم ودعاء الحفاظ عندها ‪ ،‬محمد أحمد‬ ‫‪-12‬‬
‫عباس ‪ ،‬ط ‪1412 ، 1‬هـ ‪.‬‬
‫مجلة القافلة ‪ ،‬أحمد عبد القادر المهندس ‪ ،‬العدد ‪، 1‬‬ ‫‪-13‬‬
‫‪1414‬هـ ‪.‬‬
‫كيف يكون ماء زمزم علجا ‪ ،‬محمد حرب ‪ ،‬المجلة‬ ‫‪-14‬‬
‫العربية ‪ ،‬العدد ‪ 155‬ن ‪ 1410‬هـ ‪.‬‬
‫مجلة الزهر ‪ ،‬العدد ‪ ، 13‬أحمد عمر هشام ‪،‬‬ ‫‪-15‬‬
‫‪1401‬هـ ‪.‬‬
‫تفسير القرآن الكريم ابن كثير ‪.‬‬ ‫‪ 16‬ـ‬
‫صحيح البخاري ‪.‬‬ ‫‪ 17‬ـ‬
‫صحيح مسلم ‪.‬‬ ‫‪ 18‬ـ‬
‫أخبار مكة للزراقي ‪.‬‬ ‫‪ 19‬ـ‬
‫فضل ماء زمزم ‪ .‬ساند بكداس ط‬ ‫‪ 20‬ـ‬
‫‪. 1416‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪\__C:\WINDOWS‬سطح المكتب\زمزم\زمزم\شبكه الشبح ‪ -‬العجاز العلمي للقران‪.‬‬
‫‪tasabeeh.mht‬‬

‫المكتب\زمزم\زمزم\ش ـ ــايجية‪mht.‬‬ ‫‪\C:\WINDOWS‬سطح‬

‫‪52‬‬

You might also like