You are on page 1of 25

‫السأتاذ‪ :‬معزيز بوبكر‬

‫أسأتاذ مساعد ‪,‬جامعة عبد الرحمن ابن خلدون‪ -‬تيارت‬


‫كلية العلوم النسانية والجتماعية‬
‫قسم اللغة العربية آدابها‬
‫موضوع المقال‪ :‬بلغاة اللغة الشعرية ومستويات الغموض في‬
‫القصيدة العربية المعاصرة‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫إنن مامرسة النشامعر الععامصر لطعرائق كتامبية تاملف مامكامن عمعهودا ف العؤعسسَة الششعرية العقدَية‪ ,‬عبامت‬
‫ل‬
‫واضحاما ل يتلف ف كثي عن إنسَامن العصر‪,‬الذي تبن أأطٌروحامت حيامتية لصلة لام باملعصر القدَي ‪,‬فكمام‬
‫أن النظرة الدَيدَة لكل مام ييط باملنسَامن تغيت ‪,‬كذلك الامل ف الشعر ‪,‬حيث أفرز هذا الروق عن‬
‫كل مامهو قدَي‪,‬رؤية نقدَية جدَيدَة تبحث باملسامس ف طٌبيعة الشعر ‪,‬ومامهيته ‪,‬ورساملته‪,‬خامصة عندَمام قصدَ‬
‫الشامعر تطيم القواني الأملوفة ف اللغة ‪,‬وأوهم نفسَه ‪-‬على القل‪ -‬بأمنه يبحث عن غي العتامد ف عامل‬
‫متنامقض ‪,‬ولكنه ف القيقة أيعب بغي العتامد عن عامل معتامد‪.‬لن ماميكم العامل قدَ يكون ثامبتام‪,‬بينمام الوسيلة‬
‫العب بام قدَ تتغي من شخص لخر‪.‬والشامعر حينمام أينتج القصيدَة يبن لنفسَه عاملام شعريام لعهدَ لغيهر به‬
‫لنه متميز بلغة منسَلخة مرتدَة عن العجم الأملوف لدَى النامس لذلك فاملكلما الشعري يتعامرض مع اللغة‬
‫العامدية ويتعامرض مع الفكر أيضام‪.‬‬

‫والذي يبج التنبيه إليه هو)) أن الشعر لغة داخل لغة((‪,1‬وأن فعل الروج أو التمرد عن القواني‬
‫الأملوفة ليعطي للشعر تلك الصفة الشعرية الت يتفرد بام ))إل أنه بدَا لنام أن من العقول ‪..‬قبل التطرق إل‬
‫العامما البحث عن الشعر حيث يوجدَ‪,‬أي البحث ف الفن الذي ولدَ منه الشعر‪,‬واستقى منه اسه‪,‬أي ف‬
‫هذا الصنف الدب الذي أدعي قصيدَة((‪,2‬هذهر الخية الت ل تسَلم من اللبس الذي يكتنف مفهومهام‬
‫بوجود مام يسَمى )) قصيدَة نثرية الت أصبحت شامئعة الستعمامل عندَ كثي من الشعراء‪,‬وسلبت كلمة‬
‫قصيدَة ‪,‬ف الواقع ذلك التحدَيدَ التامما الوضوح الذي كامن لام يوما كامنت تتميز بظهرهام النظمي((‪,3‬والللغة‬
‫صوت والندَللا‪,‬والششعر يتلف عن النثر أيضاما ف هذين‬ ‫‪ la langue‬هنام تقبل النتحليل ف جامنبهام ال ن‬
‫السَتويي باملقدَر الذي ييز الشعر عن النثر‪,‬وهذين السَتويي هام اللذان تتحرك فيهمام اللغة الشعرية‪,‬وقبل‬
‫الدَيث عن اللغة الشعرية ‪,‬ومسَتويامت توظيفهام ‪,‬وعلقة التلقي بام ‪,‬ومكاممن الغموض فيهام لبدَ من‬
‫الدَيث عن اللغة بوصفهام عاممل مهم ف التواصل‪,‬وظامهرة مرموقة من ظواهر التفكي النسَامن‪.‬‬

‫‪- 1‬جامن كوهن‪:‬بنية اللغة الشعرية‪,‬ص ‪129‬‬


‫‪2‬‬
‫جامن كوهن ‪ :‬ما ن‪,‬ص ‪-10‬‬
‫‪3‬‬
‫جامن كوهن ‪:‬ما ن ‪,‬ص ‪- 10‬‬
‫‪36‬‬
‫إنن الللغة ظامهرة من الظنواهر العقدَة فهي ))نشامط موجه للتواصل ف إطٌامر حامجة النسَامن‬
‫ل‬
‫للتبامدلت الجتمامعية‪,‬ينضامف إل هذهر الوظيفة فإنن الللغة معمولة ليعب بام القوما عـ ــن أفكامرهم‬
‫لسَور الت يعب بام الننامس عن جيع أغراضهم‬ ‫ج‬ ‫‪4‬‬
‫وأغراضهم (( وفوق هذهر العوظيفة اللية ‪,‬فإنام جسَر من ا ل‬
‫وأفكامرهم ‪,‬لذلك لبدَ أن تكون طٌيعة هينة واضحة مركزة وسريعة ف أدائهام ‪,‬ول يكتف الفقهامء بذهر‬
‫الوظيفة بل أقروا وظامئف كثية للغة من أنام أداة للفكر ووسيلة للتعبي‪,‬والذي أيعن النظر ف اللغة يدَرك‬
‫أن اللغة تتلون بسَبج الظروف والواقف ‪,‬فهي ل تعرف الثبامت ف جامنبج الشكل وجامنبج الضمون‬
‫فهي إشامرات وأفكامر تصدَر من النسَامن الذي هو مصدَر الفكر الذي رموزهر الكلمامت))ول يسَتطيع‬
‫أحدَ أن يفكر خامرج اللغة أبدَا حت ف الوار الدَاخلي)النولوج(‪.‬والغامية من الكلمة هو التويح عن‬
‫النفس‪,‬ونقل الفكامر إل الخرين أثنامء التتصامل الجتمامعي‪.‬ومن هذا الامنبج كامنت العلقة حامصلة بي‬
‫الكلمة والفكر((‪.5‬‬
‫فاملتووصيل والتعبي من العوظامئف الللغوية الكثر شيوعام قدَيام وحدَيثام عندَ علمامء العربية أو علمامء الغرب‬
‫وقدَ ذكرت جوليام كريسَتيفام )) أن هذهر العوامل الامدية مسَخرة من أجل التواصل والتعبي وتنتهي إل‬
‫‪6‬‬
‫استنتامج فحواهر أن اللغة هي الوجه الوحيدَ الذي يضفي صفة المكامن والواقعية والتمامما على الفكر((‬
‫فهي ل تأمت بدَيدَ ‪ -‬ف الواقع‪ -‬لن المر ل يتلف فيه اثنامن فلكي تكون الفكامر واضحة ومكنة‬
‫وشدَيدَة اللتصامق باملواقع ‪,‬وتاممة من حيث مام تدَعو إليه لبدَ من شرط اللغة‪,‬إن علقة اللغة باملفكر‬
‫قضية قدَية تتجدَ مت وجدَت الثغر النامسبج لذلك‪,‬والشكاملية فلسَفة بقدَر كبي لرتبامط اللغة باملتفكي‬
‫الفلسَفي ))ولعل ذلك مام يؤكدَ العلقة التلزمة بي اللغة والفكر من جهة التماميز بي الغامئية البيولوجية‬
‫والقصدَية اللغوية من جهة أخرى كمام يؤكدَ أن الفيصل بي النسَامن واليوان هام العقل واللغة تبج‬
‫ملكتام العقل واللغة النوع النسَامن القدَرة على العمران والجتمامع وإنتامج النص بوصفه مظهرا من مظامهر‬
‫الثقامفة ((‪,7‬فمام أييز النسَامن العقل‪,‬ويدَفع به للبدَاع والذي يضطلع بذهر الهمة اللغة‪.‬‬
‫ولغة النسَامن من هذهر النامحية ثرية تتسَع لكل أغراضه وأفكامرهر وقامدرة على حل أوجه عدَيدَة قامبلة‬
‫للتأمويل‪.‬وحجم الثراء هذا أيكن البشر من التواصل بفعل الوار‪ -‬طٌبعام التواصل – الذي ل يل فيه‬
‫باملنظامما‪,‬فاملوار هذا موصول ببات ومهامرات موضوعية يتماميز بام البشر‪)).‬فامللغة هيكل حيامة المم‬

‫‪ - 4‬أحدَ يوسف‪:‬سيميامئيامت التواصل وفعاملية الوار )الفامهيم والليامت(‪,‬منشورات متب السَميامئيامت وتليل الطامب جاممعة‬
‫وهران‪,‬الزائر‪,‬ط ‪ ,2004 ,1‬ص ‪22‬‬
‫‪5‬‬
‫ممدَ عبامس‪:‬لبعامد البدَاعية ف منهج عبدَ القامهر الرجامن ‪,‬ص ‪5- 22‬‬
‫‪6‬‬
‫أحدَ يوسف‪ :‬سيميامئيامت التواصل وفعاملية الوار )الفامهيم والليامت(‪ ,‬ص ‪-22‬‬
‫‪ - 7‬أحدَ يوسف‪ :‬سيميامئيامت التواصل وفعاملية الوار )الفامهيم والليامت(‪,‬ص ص ‪28 ,27‬‬
‫‪37‬‬
‫ومفتامح عزهام واستقللام‪.‬وأن حيامتام ل تعرف الدَيومة باملامكامة ولتبن عزهام باملتنطع ولتقق استقللام‬
‫باملتحذلق‪.‬إن الفنامن ل يرقى إل درجة البدَاع إل إذا تكم ف زمامما لغته‪,‬وآية هذا التحكم هو أن يعلهام‬
‫تنبض بامليامة ف أعمامقه‪,‬وأن تلك القدَرة على قول كل مدَهش‪,‬والدَخول ف حوار مع مامهو حيمي‬
‫ومع كل مام يفيض باملدَللة((‪,8‬ولكن لغة الشعر تظل ماملفة للعرف ‪.‬الشعر فامعلية لغوية لن جوهر‬
‫الشامعرية وسرهام ف اللغة لذلك ينبغي لام أن تكون ))نقيض لغة النثر‪,‬ولذلك هي غامية ف ذاتام‪,‬وهي‬
‫لتقدَما فامئدَة بقدَر مام تصنع فناام‪,‬وبلغتهام ف خروجهام عن الأملوف وتليقهام ف عامل العمامق ‪,‬وهي‬
‫القامدرة ‪-‬بعض الشيء ‪-‬على وصف الحسَامسامت التبدَلة‪,‬ول تسَتطيع ذلك إل إذا كامنت ذات صلت‬
‫بزمامنام ومكامنام((‪.9‬‬
‫وكمام أتن المة العربية أمة شعر فإتن ))اللغة العربية لغة شعر‪,‬لماملام وعبقريتهام الت لتفى على العامرف‬
‫بام‪.‬وهي الداة السامسية للقول الشعري‪.‬تامريخ الشعر العرب طٌويل و عريض وهو زاخر باملتجامرب‬
‫الشعرية التميزة الت يكن تشكل الرصيدَ السامس لي شامعر((‪,10‬معن هذا –ف مامنسَبج ‪-‬أتن هذهر‬
‫اللغة مرنة لصنامعة الشعر‪,‬فلفامئدَة من القول بأمنام عامجزة‪,‬ولتسَطيع أن تنهض باملقول الشعري‪,‬بل إتن‬
‫الشامعر الدَيدَ لبدَ أن ليلتم بام وبخزونامتام التاثية والعرفية حت يتمكن من تطويرتامربه الششعرية‪,‬ويرص‬
‫على التفامعل معهام‪.‬‬
‫‪ -1‬اللغة الشعرية وبلغاة الغموض‪:‬‬
‫إنن النشامعر يطلبج ف نصه لغة ثامنية تتلف عن اللغة العتامدة ‪,‬لنه يطمح إل بنامء عامل‬
‫الشعر‪,‬وإشامعة قدَر كبي من اليامء لن النص الشعري لبدَ أن يكون موحيام‪,‬وكل تركيبج يفتقر لذهر‬
‫الامصية فهو خامرج دائرة الشعر‪,‬وإنام الشعر يعتب هذا الأملوف شكل من أشكامل العبثية‪,‬فهو يسَتهدَف‬
‫ف القامما الول التلقي الذي لبدَ أن يعامشرهر معامشرة فيهام كثي من التفامعل والوار بينهمام‪,‬والقـامرئ‬
‫عندَمام يلزما هذا النص واجدَ –ولريبج‪ -‬أن النص لبدَ أن تتعدَد فيه الدَللت‪,‬وهذا التعدَد اللمدَود‬
‫عملية تسَتهوي القامرئ فأيعيدَ تشكيل النص تشكيل جدَيدَا‪,‬تنبن فيه طٌموحامته وآمامله‪.‬ولكن الشامعر‬
‫يبتغي إنتامج واقعام جدَيدَا هذا ))الواقع الدَيدَ ل يكتفي فيه بامستحضامر إمكامنية التدَمي وأدواتام‪,‬ث‬
‫قدَرات التكوين وأدواتام بل يتامج إل لغة جدَيدَة ف معجمهام ‪,‬جدَيدَة ف نوهام ((‪ ,11‬إذ على الشامعر‬
‫أن يتلق تراكيبام جدَيدَة وأسلوبام مغاميرا أيكنه من استعامب هذا الواقع‪,‬وعليه أن يكون واعيام بذا لواقع‬
‫أحدَ يوسف‪:‬السَللة الشعرية ف الزائر علمامت الفوت وسيمامء اليتم‪-‬مب النقدَ والدَراسامت الدبية واللسَامنية كلية الداب‪7-‬‬
‫‪8‬‬

‫‪.‬والعلوما النسَامنية‪,‬جاممعة سيدَي بلعبامس‪,‬مكتبة الرشامد للطبامعة والنشر والتوزيع – الزائر‪ ,‬د ت‪, 2004 ,‬ص ‪113‬‬
‫‪ - 9‬خليل الوسى‪:‬الدَاثة الشعرية ف حركة الشعر العرب العامصر‪ , ,‬ص ‪97‬‬
‫‪ - 10‬سعيدَ يقطي ‪ :‬من النص إل النص التابط مدَخل إل جامليامت البدَاع التفامعلي‪,‬ص ‪224‬‬
‫‪ - 11‬ممدَ عبدَ الطلبج‪ :‬هكذا تكلم النص استنطامق الطامب الشعري لرفعت سلما‪,‬اليئة الصرية للكتامب ‪,‬د ت ‪,1997,‬ص ‪20‬‬
‫‪38‬‬
‫و))من أجل التحرر من القوالبج الاممدَة للغة‪,‬فإتن الشامعر يرى واجبه الول متمثل باملدَما اليوي‬
‫القدَس ((‪. 12‬فاملعلقة بي الؤلف والقصيدَة تتلف عن العلقة بينهام وبي القامرئ ))فاملقصيدَة الت‬
‫يكتبهام الشامعر ترج من يدَهر إل البدَ‪.‬وقدَ يسَتشف القامرئ فيهام معامن ل تطر على بامل الؤلف أي أن‬
‫من حق القامرئ أن يؤلفهام لنفسَه من جدَيدَ‪...‬إن الشعر يرتبط بشكل عامل من التفسَي يكمن ف سوء‬
‫الفهم((‪13‬من هنام تظل هذهر اللغة غامئمة وغاممضة‪,‬و مظلمة فاملشامعر إذن يقوما بعملية النتهامك لقواني‬
‫الكلما ويرض إل على الدَما وماملفة الرؤية الكلسيكية للغة‪,‬وهو يعتقدَ كمام نعتقدَ معه أن ))جامل‬
‫اللغة ف الشعر يعود إل نظامما الفردات وعلقامتام ببعضهام‪,‬وهو نظامما ل يتحكم فيه النحو بل النفعامل‬
‫والتجربة((‪,14‬ولغة الشعرالدَيث ‪ language poétique‬تتميز بأممور ثلثا‪:‬إنام لغة هدَما تقف ضدَ‬
‫العتيامدي والأملوف والتدَاول والامهز ‪,‬ولغة لتقول باملقيم الروحية وهي عامرية من القيم الخلقية‪,‬وهذا‬
‫أمر ف غامية الطورة والتعقيدَ‪,‬لنام أتسَهم ف توسيع الشروخ بي طٌبقامت التمع‪,‬ول تقيم وزنام لذلك‬
‫التابط الذي دعت إليه الشرائع والفلسَفامت‪,‬فهذا الشعر متمرد على كل العراف والقواني العتامدة‪.‬فهو‬
‫موجه باملسامس إل نبة من النامس هي نبة الثقفي الت تعامرض ف توجهامتام توجه الخرين لنام تعتقدَ‬
‫أن لام الق ف إدارة القرارات الامسة للمة‪,‬من نامحية ثامنية فإن اللغة الشعرية))تنح انفعامل الشامعر‬
‫وتربته الامصة حق الضطلع بهمة النحو ف إقاممة بي مفردات اللغة‪,‬ولشك ف أن إقاممة هذهر العلقة‬
‫ف إطٌامر انفعامل ذات وخامرج قواعدَ النحو‪,‬ستقود ل ماملة إل انزيامح قدَ يتجاموز عتبة الفهم أو يقع‬
‫دونام‪,‬مام يل بماملية البدَاع الشعري ويقف باملشرساملة الششعرية دون غاميامتام((‪,15‬مامذا يعن هذا الكلما ؟‬
‫هل يسَهم هذا ف تشظي النص الشعري ؟‪,‬وتشظي فكر التلقي ول يتمكن من التأمويل وفهم مقامصدَ‬
‫الشامعر ؟ كيف تصبح اللغة طٌتيعة وف خدَمة الشامعر الذي‬
‫يقوما بفعل النتهامك؟هل كل من ينتهك وياملف جدَير باملرعامية والفظ؟ مامذا يقق النزيامح للقصيدَة‬
‫من جامل؟مامهو النوع الفضل ف الشعر‪,‬هل انزيامح الكلمة أما الملة أما الصورة الشعرية أما ليس هنامك من‬
‫فرق سوى أن اللغة سامحرة تامرس بعض من فعل الكيميامء على الكلمة؟‪.‬‬
‫إنن اللغة الشعرية ف وجههام الثاملث هي ))لغة خلق وليسَت لغة تعبي‪,‬لن النتعبي كاملوصف إعامدة‬
‫إنتامج لوجود سلفام‪,‬ف حي أن اللق تاموز لثامل مقق وابتكامر لثامل مام يلبث أن ينقض نفسَه وبام أن‬
‫كل متحقق سيصبح منطلقام‪,‬فإن البدَاع بامللغة إنام هو صيورة دائمة‪,‬أي تريبج تتجدَد فيه آلية اللق‬

‫‪- 12‬أحدَ العدَاوي ‪ :‬أزمة الدَاثة ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪99‬‬


‫‪ - 13‬عبدَ الغفامر مكاموي‪ :‬ثورة الشعر الدَيث من بودلي إل العصر الدَيث ج ‪,1‬ص ‪267‬‬
‫‪ - 14‬أحدَ العدَاوي ‪ : :‬أزمة الدَاثة ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪100‬‬
‫‪ - 15‬أحدَ العدَاوي ‪ :‬أزمة الدَاثة ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪100‬‬
‫‪39‬‬
‫وأدواته بامستمرار((‪,16‬وبام أن الامل على هذا الشكل فأمين تكمن بلغة هذهر اللغة؟وهل كل شامعر يعيدَ‬
‫النتامج أيوصف بأمنه يلق نظامما إبدَاعي ول يلق تعبيا؟إن الشامعر العامصر أسس بلغته الامصة بتحطيم‬
‫العلقة الدَللية الأملوفة ف اللغة الدبية وتاموز اللغة اليومية وقامما بإنتامج صورة جدَيدَة مكونة من صور‬
‫متدَاخلة‪,‬وكل صورة إنام هي فكرة أو جزء للصورة الما‪.‬فوظيفة اللق تظل مسَتبدَة بأمدونيس وقدَ‬
‫كتبج))ولئن كامن الوضوح طٌبيعيام ف الشعر الوصفي أو القصصي أو العامطٌفي الاملص‪,‬لنه يهدَف إل‬
‫التعبي عن فكرة مدَدة أو وضع متدَد‪,‬فإن هذا الدَف لمكامن له ف الشعر الق‪.‬فاملشامعر ل ينطلق من‬
‫فكرة واضحة مدَدة‪,‬بل من حاملة ل يعرفهام‪,‬هو نفسَه‪,‬معرفة دقيقة‪,‬ذلك لنه ل يضع ف تربته‬
‫للموضوع أو الفكرة أو اليدَولوجيام أو العقل أو النطق‪.‬إن حدَسه كرؤيام وفتعاملية وحركة‪,‬هو الذي يوجهه‬
‫‪17‬‬
‫ويأمخذ بيدَهر((‬
‫وبلغة الغموض تكمن ف طٌريقة الربط بي الدَلولت التنامفرة وهجر الشامعر للمعجم القدَي الذي‬
‫ألفه القامرئ وهو يهوى ف أشعامرهر أن ))يامرس النامفرة بامستمرار‪,‬وإذا ل يكن يتحقق إل بواسطة الرق‬
‫السَتمر لقواعدَ اللغة((‪, 18‬من هنام اتسَعت الوة بي الشامعر العامصر والقامرئ ‪,‬وتسَتمر ف التسَامع كلمام‬
‫أوغل الشامعر ف تريبج جيع السَاملك اللغوية الت تنتهي غاملبام بامنزاما الشامعر أمامما هذا الكامئن‬
‫الرهيبج‪,‬فهو ف عملية البحث يدَخل العامنامة القيقة مع اللغة الت تظل متمنعة مهمام حامول الشامعراقنامع‬
‫نفسَه التحكم فيهام‪.‬هذا الدَش للغة يصبح عنصر من العنامصر الهمة ف فلسَفة الغموض وبلغته‪.‬‬

‫يقول خليل حاموي‪:‬‬


‫غييبّيني في بياض صامت المواج‬
‫فيضي يا ليالي الثلج والغربة‬
‫فيضي يا ليالي‬
‫وامسحي ظلي آثار نعالي‬
‫امسحي برقا أداريه‬
‫أداري حية تزهر في جرحي وتترغي‬
‫شرر السألكا في صدغي‬

‫‪ - 16‬أحدَ العدَاوي ‪ :‬ما ن ‪,‬ص ‪100‬‬


‫‪- 17‬ممدَ بنيس‪:‬الشعر العرب الدَيث ‪ 3‬الشعر العامصر‪,‬ص‪ , 84:‬نقل عن ملة الشعر‪,‬العدَد‪,11,‬صيف ‪,1959‬ص ‪.80‬‬
‫‪ - 18‬جامن كوهن‪:‬بنية اللغة الشعرية ‪,‬ص ‪128‬‬
‫‪40‬‬
‫من صدغغ لصدغ‬
‫امسحي الخصب الذي يينبّت‬
‫في السنبّل أضراس الجراد‬
‫امسحيه ثمرا من تسأمرة‬
‫الشمس على طعم الرماد‬
‫ت‬‫امسحي الميت الذي مابرح ت‬
‫تخضير فيه لحية‪,‬فخذ‪,‬وأمعاء تطول‬
‫جاعت الرض إلى شليلل أدغاغل‬
‫من الفرسأان فرسأان المغولل‬
‫هيكل يركع في النار‬
‫تئن الكتب الصفراء تنحيل دخانا‬
‫ل ‪19‬‬
‫في حداءات الخيول‬

‫يقول أدونيس‪:‬‬
‫أنهض نحوكا يا أبعادي‬
‫أرضا‬
‫جسرا كالطفل يرضع أعمدته‬
‫ورقا تكلس فوقه الكلما‬
‫ت في القدالما طويل حتى السرةل‬
‫اللسان ينبّ ت‬
‫ي‬

‫واللغة رماد يتكوما قرب العجيزةل‬


‫ي‬
‫أرضا‬
‫صفّ غصنا غصنا‪-‬‬
‫تتق ي‬
‫الجدار يصير دمعا والدمتع ضحكا‬
‫ت‬‫النهار يكتهل جنينا إلى المو ل‬

‫‪ - 19‬خليل حاموي‪ :‬الدَيوان‪ ,‬دار العودة بيوت ‪,‬ط ‪1972, 2‬ص ص ‪336 ,334‬‬
‫‪41‬‬
‫كل شيء يسافر تحت راية البّراعم‬
‫براعم النشولر والقبّلر‬
‫ش والمطر‬
‫الق ي‬
‫الزرعي والحصايد‬
‫‪20‬‬
‫كيل شيء زهر أسأود‪...,‬‬
‫وقدَ تصبح القصيدَة العامصرة كثيفة مليئة باملسَحر والشامرة وهذا مامأيعمق صفة الغموض ف لغة‬
‫الشعر عندَ أدونيس ‪,‬ولغة غيهر من الشعراء‪,‬فأمدونيس تأمسرهر الكلمة فينقامد إليهام دونام تفكي ‪,‬لنام تامرس‬
‫عليه سلطة مغرية‪,‬وتصبح لغة الشعر هي لغة اللق والرؤيام‪,‬تشبه الضوء اللمع بي السَحر‬
‫والشامرة‪.‬ومعن ذلك ))أن الكلمة ليسَت مرد لفظ متدَد العن بل هي عبامرة عن مسَتقتر تلتقي فيه‬
‫إمكامنامت كثية من الدَللت بتعبي آخر عبامرة عن حتيز يتواجدَ فيه أكثر من احتمامل‪...‬وعندَمام أيعيدَ‬
‫الشامعر تركيبج الكلما يكون قدَ أدخل الكلمة ف شبكة من العلقامت تب ذلك الشدَ الدَللا على‬
‫البوز هنام باملضبط يتنزل الشعر إنه أيرر الكلمة من الواضعة الصطلحية((‪,21‬ولكن إذا كامنت الرؤيام‬
‫مزقة فإن اللغة تتخلخل وتتشكل ف بنامء مصدَوما عامق يامول الشامعر الروب منه‪.‬‬

‫مزجت بين النار والثلوج‬


‫لن تفهم النيران غاباتي ول الثلوج‬
‫وسأوف أبقى غامضا أليفا‬
‫أسأكن في الزهار والحجارة‬
‫أغيب‬
‫أسأتقصي‬
‫أرى أموج‬
‫‪22‬‬
‫سحر والشارة‬
‫كالضيوء بين ال ي‬
‫بينمام القامرئ إزاء النص القدَما له يعيش حية تتمدَد بوجبهام السَامفة بينهمام ‪,‬القامرئ الذي يبحث عن‬
‫ذاته داخل هذا النسَيج الغاممض الذي يهدَف به الشامعر إل خلخلة كل مامهو معهود عندَ التلقي أو‬
‫اختبامر امكامنامته العرفية أمامما الشامهدَ الت ابتكرهام ف هذهر اللوحامت الشعرية ‪,‬وكأمن الشامعر أصبح قامدرا‬

‫‪- 20‬أدونيس )علي أحدَ سعيدَ( ‪ :‬الثامر الكامملة‪,‬دار العودة‪,‬بيوت ‪178|2‬‬


‫‪ - 21‬ممدَ لطفي اليوسفي ‪ :‬ف بنية الشعر العرب العامصر ‪,‬ص ‪27‬‬
‫‪ - 22‬أدونيس )علي أحدَ سعيدَ‪:‬لعمامل الشعرية الكامملة‪,‬ج ‪,2‬دار العودة بيوت‪,1981,‬ص ‪16‬‬
‫‪42‬‬
‫على القول والتفكي معام‪,‬ولذلك فبلغة الغموض ترجع باملسامس إل)) أن الشامعر قدَ عامد يدَرك بوعي‬
‫كامف طٌبيعة عمله وهي أن يقول الشعر أول‪,‬وأن يتع ف سبيل ذلك كل صورة وكل لفظة تقضي بام‬
‫ضرورة أنه يقول الشعر‪...‬وبذا الطراز من الشعر يكن أن تغن اللغة وتزداد ثراء من جهة‪,‬كمام –يكن‪-‬‬
‫تكوين حامسة شعرية صامدقة لدَى القامرئ((‪ 23‬وهذا المر الخي يظل مهزوزا ف بعض التجامرب الشعرية‬
‫الت تامرس أنامطٌام من الغموض غي الواعي‪)).‬إذا كامن الشعر تاموزا للظواهر ومواجهة للحقيقة البامطٌنة ف‬
‫شيء مام أو ف العامل كله‪,‬فإن على اللغة أن تيدَ عن معنامهام العامدي‪,‬وذلك أن العن الذي تتخذهر عامدة‬
‫ليقود إل إل رؤى أليفة‪,‬مشتكة‪.‬إن لغة الشعر هي لغة الشامرة‪,‬فحي أن اللغة العامدية هي لغة‬
‫اليضامح‪.‬فاملشعر هو‪,‬بعن مام‪,‬جعأل اللغة تقول مامل تتعلم أن تقوله((‪,24‬ومعن هذا أن بلغة الغموض‬
‫تقق ليس فقط ف اللغة الامربة وإنام ف اللغة العامدية البسَيطة الت تقتر بإمكامنية معامنقة الوجود ومعرفة‬
‫ذواتنام فيه‪,‬لام فيهام من عمق ف التعبي عن التجامرب الدَاخلية وف أثنامء المامرسة الفعلية لتاكمامتام‪,‬لن‬
‫هذهر أيضاما تمل رؤية معينة قامبلة للتأمويل والنتجدَد‪.‬‬
‫والنشامعر فيمام يعتقدَ الكثي من النقامد )صامنع كلمامت( فقدَ يكون بسَيطاما ف ألفامظه عميقاما ف‬
‫دللته‪,‬ل تنن الرؤيام ومعامنقة الطلق هي القامما النول ف الششعر‪,‬وقدَ تكون العبسَامطٌة العميقة هي اللغموض‬
‫نفسَه بل هي جوهر الشعر الصيل‬
‫‪2‬المستويات‪:‬‬
‫‪ -‬الللغة وفعل التتمرد على الماضي‪):‬المستوى الول(‬
‫اللغة كنتامج جامعي تتجدَد باملحوال والظروف‪,‬فلغة العصر الدَيث تتلف عن لغة القدَي لام جتدَ‬
‫من أفكامر ومعامرف فمامذا عن لغة الشعر ؟هل ظلت تامبعة لعصرهام أما تاموز فيهام الشامعر عصرهر متمردا‬
‫على مامفيه من قيم ومقولت؟ ث كيف تفجرت الؤسسَة الشعرية القدَية وتكسَرت قدَاســة عمود‬
‫الشعر؟مامهي النصوص الول الت أخذت على عامتقهام هذهر الهمة الليئة باملتفجرات؟كيف نظر النقدَ‬
‫إل النصوص الول وإل التجربة الشعرية العامصرة‪,‬ومامهي النجزات الت قدَمهام للنص الشعري وللقامرئ؟‬
‫هل أسهم النقدَ ف تطوير الشعر العامصر؟هل تغيت وظيفة النقدَ أمامما هذهر التج ــامرب‬
‫الشعرية‪,‬وأسس لنمط شعري جدَيدَ أما اكتفى باملشرح والتفسَي الذي أسهم ف التنفي من النصوص‬
‫الشعرية العامصرة وستلم بغموضهام؟مام الفرق – ف النهامية‪-‬بي النامقدَ العرب والقامرئ العرب العتامد على‬
‫الشكل الشعري الامهزو الذي يرى ف الشعر أنه مظهرا من مظامهر الثقامفة العربية ؟ هل صحيح أن النقدَ‬
‫العرب العامصر ظتل رهي القليمية فلم يسَتفدَ من الغرب والحتكامك الثمر باملمم الخرى ول أيفدَ من‬

‫‪ - 23‬عز الدَين إسامعيل ‪:‬لشعر العرب العامصر قضاميامهر وظواهرهر الفنية والعنوية‪,‬ص ‪194‬‬
‫‪- 24‬ممدَ بنيس‪:‬الشعر العرب الدَيث ‪ 3‬الشعر العامصر‪ ,‬ص ‪85‬‬
‫‪43‬‬
‫التاثا أيضام؟وهل هنامك من صورة للغة الشعر الدَيدَ تتلف عمام كامن مأملوفام ف الذاكرة العربية ؟هذهر‬
‫السئلة وغيهام تبنام على الدَيث عن النصوص الول الت أسسَت للقصيدَة العامصرة‪,‬فاملثامبت ))تامرييام‬
‫أن النصوص الول الت تكنت من كسَر قدَاسة عمود الشعر منهام مثل " هل كامن حبام" للسَيامب‬
‫أو"الكوليا"لنامزك اللئكة‪,‬كامنت تامول أن تفلت من ثقل الامضي الثقامف بلغة تمل ف صلبهام كل‬
‫مفامرقامت ذلك الامضي نفسَه((‪,25‬ومعن هذا أن هذهر النصوص و ف لغتهام الدَيدَة‪,‬أشامرت إل أن‬
‫الروج عن الؤسسَة الشعرية العتيقة‪,‬أمر وارد ولكنه غي مسَوما‪,‬أي مليء باملحتماملت الغرية ‪,‬لكن‬
‫القصامئدَ اللحقة )كاملومس العميامء( و)حفامر القبور( حسَمت قضية الفلت هذهر الت كامنت قامب‬
‫قوسي أو أدن من التحقق‪.‬فاملدَخول إل دو اخل التجامرب الشعرية العامصرة لبتدَ‪ -‬ف نظرنام على‬
‫القل‪ -‬يبدَأ بامللغة وكيف تيزت ف حولتهام عن اللغة القدَية؟‪.‬‬
‫يا إلهي ‪,‬أين إنسانيتي‬
‫يا إلهي‪,‬كيفّ أنجو من مهارات اللغة‬
‫كيل شيء قابل للحتراق‬
‫في احتمالت الكتابة‬
‫بج أيضاما نظيا له ف القل الننقدَي‪,‬فلبندَ من لغة جدَيدَة ومفامهيم‬‫والواقع الششعري عتتطل ع‬
‫جدَيدَة‪,‬أتكن له استقراء أعمامقه‪,‬والحامطٌةبه‪,‬فاملنقدَ ل يواجه الشعر العامصر باملكيفية الت نظر بام‬
‫القدَامى للنصوص الشعرية‪,‬إذ كامنت قدَ سيطرت عليهم الذوقية‪,‬وقليل من التنظيم والنهج‪,‬كمام هو عندَ‬
‫نقامد العصر العبامسي كإبن سلما المحي‪,‬والامحظ وبن قتيبة وعبدَ القامهر الرجامن الذي أحدَثا ثورة‬
‫ف عامل الفامهيم ف كتبه )أسرار البلغة(و)دلئل العجامز(‪,‬و))التتبع لنهج عبدَ القامهر يدَهر ييز‬
‫بي النظم والسلوب‪,‬فاملنظم ف نظرهر مفهوما أعمق من السلوب‪...‬بينمام ليعشرف السلوب بأمنه وسيلة ف‬
‫إقتدَاء‪,‬وطٌريقة ف الكتامبة تتلف من كامتبج إل كامتبج((‪,26‬وبعدَهم ابن خلدَون الذي ليعتب النطفرة ف‬
‫عصرهر والذي نتبه إل السلوب ومامهيته‪.‬‬
‫وعلى كتل فاملواجهة كامنت مصدَومة برواسبج النقدَ القدَي ولكنهام أفضت إل التسَليم باملشعر‬
‫العامصر‪,‬والعتاف به ككامئن أدب له من القومامت مامقدَ يكتبج له النجامح والتميز‪.‬وطٌرحت التجربة‬
‫النقدَية العامصرة جلة من الفرضيامت والقولت تتمحور حول الوظيفة الشعرية ومسَأملة التجدَيدَ وواقع‬
‫هذهر التجربة الشعرية ورصدَ إفرازاتام ))هنام وقع التوقف عندَ مسَامئل هاممة تتعلق حولم " القصيدَة‬
‫الدَيدَة" نذكر منهام تثيل لحصرا‪,‬مسَأملة الرمز وكيفية توظيفه ف خدَمة الشكلت الت يعاملهام الشامعر‬
‫‪ - 25‬ممدَ لطفي اليوسفي‪:‬ف بنية الشعر العرب العامصر ‪,‬ص ‪8‬‬
‫‪- 26‬ممدَ عبامس ‪:‬البعامد البدَاعية ف منهج عبدَ القامهر الرجامن‪,‬ص ‪38‬‬
‫‪44‬‬
‫ومهمام تكن الرموز الت يسَتخدَمهام الشامعر العامصر لبدَ أن تكون مرتبطة باملامضر‪,‬باملتجربة‬
‫الاملية‪,‬ومسَأملة الصورة وكيفية تشكيلهام((‪,27‬فاملنقدَ يرى أن القصيدَة لبدَ لام أن تنهض على حسَن‬
‫التوظيف لذهر الرموز والصور ‪,‬وأن تكون أتكن للقامرئ من فهم مشكلت العصر ‪,‬كمام لأيعقل أن‬
‫تكون هذهر الصور مصبوغة باملصبغة ال ن‬
‫لمعقولة‪.‬‬
‫والشامعر ف توظيف الترمز والصور الختلفة يريدَ أن يقول لغة ويكتفي باملتنبيه إل بعض‬
‫تقنيامتام‪,‬تسَليمام أن الرمز والسطورة تقنية من تقنيامت القصيدَة العامصرة ‪,‬والشامعر ف هذا و))رغم كل‬
‫الامولت التجدَيدَية‪ ...‬ل يفل كثيا بلق البن الشعري اللئم وبتطويرهر‪,‬وإنام هو أسي لظة‬
‫انفعاملية‪,‬تلق فيهام القصيدَة على مام هجس ف نفسَه من شكل مأملوف((‪.28‬فهو حينمام يسَتحضر هذهر‬
‫التقنيامت التعبيية )الترمز والصور(لبدَ أن يدَ ف نفسَه مام له علقة بذلك ‪,‬إذ هذا الختيامر ل يرد‬
‫اعتبامطٌياام‪,‬ولعفوياام‪.‬‬
‫وعلى اللرغم من الركة النقدَية الت واكبت الشعر العامصر ورفدَت الركة البدَاعية واللحظامت الت‬
‫أبدَاهام النقامد هنامك من يدَعو للقول ‪:‬لامذا يظل مفهوما القصيدَة العامصرة غاممضام؟ وأين تكمن الفجوة‬
‫السامسية هل أنام تنبثق عن النقدَ الذي حامول أن أيفسَر ذلك الفهوما ويرسم معامله‪ .‬أما أنام ضامربة‬
‫بذورهام ف عمق القصيدَة الدَيدَة؟‪.‬‬
‫النقدَ أيضاما سامهم ف لغموض هذهر النتجامرب إوذ أننه يفتقر إل الخذ بقولت اللتاثا‪,‬وينزع إل‬
‫صل ف الظنواهر السَبوق إليهام فصلا جدَيرا باملهتمامما ‪,‬من مثل )الشكل‬ ‫القليمية ول يسَتطيع الف و‬
‫والضمون(‪,‬ومن الزالق الت وقع فيهام النقدَ العامصر أنه قامما بدَور الفتسَر لتوى القصيدَة الشعرية‪,‬وافراغهام‬
‫من طٌامقامتام الماملية ‪,‬وتويلهام إل كلما عامدي منطقي من حيث الدَللة‪.‬والتكيبج الذي يقوما به النامقدَ‬
‫ف النهامية ل يعدَو أن يسَامندَ فيه الشامعر ف القضية الطروحة‪.‬وبامصة إذا كامن النامقدَ نامقدَا وفقط ‪,‬فاملنامقدَ‬
‫الذي ليعول عليه هو النامقدَ الشامعر الذي يلق القامييس ويعتدَ بنفسَه معرفيام‪.‬‬
‫فاملنامقدَ باملتخريامت الت يقوما بام‪,‬ويامرسهام على النص إنام يلغي فيهام كل وجود لذهر القصيدَة‬
‫ويتمسَك بلمح قدَ ل يلك فيهام من قدَر سوى أنه يتلف عن القامرئ العامدي ‪,‬ولكن النص لبدَ أن‬
‫يظل حامضرا بميع خصامئصه ومقومامته‪.‬فاملنقدَ ))بعدَ هذا ندَهر عامجزا‪,‬إل حدَ مام‪,‬عن رسم تصتور‬
‫واضح لام أيسَميه"القصيدَة الدَيدَة"‪,‬وطٌبيعي أيضام أن يتدد كثيا أمامما جلة من القضاميام والشكلت الت‬
‫يطرحهام حضور تلك القصيدَة‪...‬بإيامز إنه‪,‬لأيعطي صورة واضحة عن القصيدَة الت أنزت ف ضوء‬

‫‪ - 27‬ممدَ لطفي اليوسفي ‪:‬ف بنية الشعر العرب العامصر‪ ,‬ص ‪11‬‬
‫‪ - 28‬ممدَ لطفي اليوسفي ‪:‬ما ن‪,‬ص ‪14‬‬
‫‪45‬‬
‫التحولت الجتمامعية واليامرات الت رافقت تلك التحولت((‪,29‬ومن المور الت يبج التنبيه إليهام هو‬
‫أن الصوات الشعرية غدَت متشامبة فعامقت وظيفة النقدَ‪,‬برغم أنام مكومة ممومة بقلق البحث عن لغة‬
‫تتجاموز سقف اليل السَامبق‪.‬ول يغبج عن ذهن الشامعر العامصر هذا المر فلقدَ ظتل مسَكونام بضرورة‬
‫تريبج جيع السَاملك‪,‬وأصبح لكل شامعر وعي حامد بضرورة التجاموز‪,‬وكل شامعر أضحى أيثل صوتام‬
‫متفردا وأيامرس حضورهر وتأمثيهر وخامصة الفحول من مثل بدَر شامكر السَيامب وممود درويش ونزار‬
‫قبامن‪,‬وسعدَي يوسف‪,‬وعلى أحدَ سعيدَ ‪.‬وت الفلت من الامضي بكل أثوابه هكذا قاملت القصامئدَ‬
‫العامصرة وبذا ستلم النقدَ‪,‬ول يعدَ الشعر ذلك الكلما الوزون والقفى بل تغيت الفامهيم تغيا جذريام و‬
‫داعبت كل مام لعلقة له باملقدَس‪.‬‬
‫وأصبح ))الشعر كلماام‪,‬إنه نشامط لغوي‪...‬ويظل مرد عمل لغوي‪,‬ينهض على إعامدة النظر ف‬
‫النظامما اللغوي‪,‬والمسَامك بام يتضمنه من قواني توليدَية تسَمح بتمزيق ذلك النظامما اللغوي التعامرف‬
‫نفسَه‪,‬قصدَ خلق ذرى تعبيية جدَيدَة‪,‬بعن آخر أن الشعر ينبن على تفجي اللغة‪,‬وجعلهام تضيف إل‬
‫نفسَهام‪,‬ومن داخلهام عنصرا آخر هو اليقامع ((‪,30‬ولذلك فكل شيء يتأمسس نتيجة لعملية بنامء الكلما‬
‫وف الكلما‪,‬وكل شيء ف هذهر العملية يتم ف)) نطامق اللغة وبواسطتهام‪,‬ومن ث تصبح شعرية النص‬
‫‪31‬‬
‫بدَورهام‪,‬متولدَة عن اللغة وكيفية تشامبكهام ف شكل خطامب متفترد((‬
‫في كيل قطرة من المطر‬
‫حمراءي أوصفراء من أجنة الزهر‬
‫كل دمعغة من الجياع والعراة‬
‫وكيل قطرة تراق من دما العبّيد‬
‫فهي ابتساما في انتظار مبّسم جديد‬
‫أو حلمة تويردت على فم الوليد‬
‫في عالم الغد الفتيي‪,‬واهب الحياة !‬
‫مطر‪...‬‬
‫مطر‪...‬‬
‫‪32‬‬
‫مطر‪...‬‬

‫‪ - 29‬ممدَ لطفي اليوسفي‪ :‬ف بنية الشعر العرب العامصر ‪,‬ص ‪16‬‬
‫‪ - 30‬ممدَ لطفي اليوسفي ‪ :‬ف بنية الشعر العرب العامصر ‪,‬ص ‪24‬‬
‫‪ - 31‬ممدَ لطفي اليوسفي ‪:‬ما ن ‪,‬ص ‪25‬‬
‫‪46‬‬
‫الهم حصل التجاموز وتأمسيس للتجربة العامصرة ‪,‬وحصل ضيامع للقامرئ بفعل الغموض الذي اكتنف‬
‫هذهر القصامئدَ‪,‬وبفعل مام تشامبك ف نسَيجهام من رؤى وأفكامر وفوضى ف الصور والرموز‪,‬وبامت أكيدَا أنه‬
‫ليكن عزل القصيدَة العامصرة عن بنامئهام اللغوي إذ فيه تظهر الطامقة الماملية وجيع المكامنامت‬
‫الدَللية‪,‬وربام هذا مامل يفهمه القامرئ العامدي‪,‬فظل النص الشعري مموما بمى الغموض بل البامما‬
‫أحيامنام ‪.‬وأخيا ))أن ابتكامر الشكامل ونتهام واستقدَامهام ليس أهم مام ف الوضوع‪,‬ولكن أهم مامفيه أن‬
‫نلك القدَرة على شحن هذهر الشكامل باملشعرية الت ل حدَاثة بدَونام((‪,33‬وهذا مامنعتقدَ أن رواد هذهر‬
‫التجربة بدَءا باملتسَيامب وانتهامء عندَ أدونيس قدَ تفطن إليه‪)).‬إن القصيدَة الشعرية هنام ليسَت التعبي‬
‫المي عن عامل غي عامدى‪,‬إنام هي التعبي غي العامدي عن عامل عامدي‪.‬إن القصيدَة الشعرية هي كيميامء‬
‫الفعل الت تدَثا عنهام رامبو تلك الكيميامء الت تتمع بفضلهام‬
‫لملة كلمامت ل تتمع من وجهة نظر العاميي الستعماملية للغة((‪34‬ولذلك كامنت مصيبة‬ ‫داخل ا ل‬
‫اللغموض تيمن على القصيدَة العربية العامصرة هيمنة أخرجتهام من نطامق الأملوف فأمصبح اللعبج‬
‫باملكلمامت من القولت الفضلة عندَ الشامعر‪,‬فلم تعدَ القصيدَة تلك القطعة الوديعة ‪.‬وكأمن بام ف‬
‫تشظيهام تعب عن تشظي هذا الواقع النسَامن الليم ف أغلبه‪,‬ومع ذلك لننكر وعي الشامعر بذا‬
‫القصدَ‪,‬وإنام الذي ينبغي هو أن يقصدَ الشامعر الغموض الواعي الذي أيقدَما خدَمة للقامرئ وللثقامفة‬
‫بعاممة‪.‬حيث يكن أن نطبق على اللغة ف القول الشعري))أنام لغة خامرج – داخل اللغة‪,‬والقصود أنام‬
‫لغة خامرجة على اللغة العامدية‪,‬بظللام ومعامنيهام وتركيبهام‪,‬وهي لغة داخل اللغة‪,‬لناملترج عن أسوار اللغة‬
‫ف نظاممهام النحوي والدَللا والتكيب من حيث أنام نظامما‪,‬لذلك فهي نظامما خروج على اللغة بامللغة ف‬
‫آن واحدَ((‪.35‬يقول أنسَي الامج ف مموعته الشعرية "لن"‪:‬‬
‫ب ييثير اللجلد اللجليد يثير الضرب‬‫الضر ي‬
‫الفجيعةي القشعريرة‬
‫ويقول ف موضع آخر من الموعة نفسَهام‪:‬‬
‫" أرفض العصر! لتصيدوني!‬
‫آخرون آخرون‪.‬أنا ظيل‪,‬أرييد‬

‫‪- 32‬بدَر شامكر السَيامب‪:‬ديوان أنشودة الطر ‪,‬دار مكتبة اليامة بيوت‪.1969,‬نقل عن ممدَ لطفي اليوسفي‪,‬ف بنية الشعر العرب‬
‫العامصر‪,‬ص ‪38‬‬
‫‪- 33‬أحدَ العدَاوي ‪:‬أزمة الدَاثة ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪115‬‬
‫‪ - 34‬جامن كوهن ‪ :‬بنية اللغة الشعرية ‪,‬ص ‪113‬‬
‫‪ - 35‬بشرى البسَتامن‪ :‬قراءات ف النص الشعري الدَيث‪ ,‬ص ص ‪144, 143‬‬
‫‪47‬‬
‫هذا‪.‬مرحبّا!أنت أيضا؟ ليس‬
‫هناكا واحد؟‬
‫يقول ف مقطع آخر‪:‬‬
‫ل‪,‬لم‪.‬جاءت‬‫جاءت الصورية؟ ك ي‬
‫الصورة؟ كل‪ .‬لم جاءت الصورية؟‬
‫‪36‬‬
‫أجل ‪.‬لاسأترتح‬

‫الشامعر أيضام يتأمل حينمام يلق اللغة ويرهق النفس حينمام يسَعى للبحث عن شكل لغوي أيبهر‬
‫ويدَهش وعن فامعلية أكب للكلمة‪,‬فمشكلة الشعر كاممنة – ولريبج‪ -‬ف مام يتفي خلف هذهر اللغة من‬
‫فكرة‪,‬مامعدَا هذا المر فإن الشامعر العامصر تكن – وإل حدَمام – أن يلق حيمية وترابط بي الشيامء‬
‫التنامفرة إل درجة الغرابة والتنامقض ‪,‬ويوتلدَ إزاء ذلك صور مبدَعة تكتسَح حس التلقي‪,‬وأتعامرض البامدئ‬
‫البلغية الت كامنت قامئمة ف الستعامرة والامز‪,‬من هنام وف هذا اللط الواضح ف فضامء النص الشعري‬
‫ظهرت جاملية الغموض الت هيمنت على التلقي و استأمنس لام ف مراحل تطور القصيدَة العامصرة ‪.‬‬
‫فلم يعدَ الغموض – على هذا‪ -‬عيبام ف هذهر النصوص بقدَر مام العيبج ف عدَما مواكبة القامرئ‬
‫لام‪,‬وقدَ يقدَر النقدَ عكس هذا المر ويثبت اتسَامع الوة بي القصيدَة والقامرئ وبي جهل الشامعر للغة‬
‫والتحاممل عليهام وبي القامرئ البامحث عن القيقة من خلل مام أيعرض عليه من نصوص ‪.‬‬
‫وهنام ))إشامرة إل انتهامك الترما‪,‬بيث يصبح كل شيء حلل‪,‬على صعيدَ القيم‪,‬فإنه كذلك على‬
‫صعيدَ العرفة‪,‬إشامرة إل اكتشامف الهول‪.‬سواء ف الذات أو ف الطبيعة‪.‬إشامرة تقول إن الرئي وجه‬
‫اللمرئي‪,‬والسَوس عتبة لغي السَوس((‪,37‬فهذا النراف عن الطريقة العربية ف نظم الشعر ‪،‬نظر إليه‬
‫النقدَ بوجوهر متلفة فتامرة ))يسَميه الغموض ‪,‬وحينام التعقيدَ ‪,‬وحينام العراب‪,‬وحينام باملامل‪,‬أي الذي أحيل‬
‫عن الق‪,‬وهي كلهام صفامت كامن أيطلقهام النص من قيمته الشعرية((‪ 38‬ول يسَلم من هذا التقدَير النقدَي‬
‫القدَامى ول الدَثي فكتل ماملف لطريقة العرب ف صنامعة الشعر قدَ يلوصم بذهر الوصامف وقدَ يتسَم‬
‫ضحية أوال؟!غي أن الخاملفي كثي‬ ‫شعرهر بذا الغموض والتعقيدَ ‪,‬ول ندَري مون الشامعر الذي كامن ال ن‬
‫بدَايةا "بأمب نواس" و"أب تامما" و"البحتي" و"التنب "و"ابن الرومي" وإل الن فكل ماملف للعرف‬

‫‪ - 36‬نقل عن مامضرة قدَمهام الدَكتور قامدة عقامق‪,‬يوما‪,2005|2|8:‬حول ملمح التجدَيدَ وطٌرائق التعاممل مع اللغة ف القصيدَة‬
‫العامصرة‬
‫‪ - 37‬أدونيس)علي أحدَ سعيدَ(‪:‬الشعرية العربية‪,‬دار الداب‪-‬بيوت‪,‬ط ‪,1989 , 2‬ص ‪62‬‬
‫‪ - 38‬أدونيس )علي أحدَ سعيدَ(‪:‬ما ن ‪,‬ص ‪57‬‬
‫‪48‬‬
‫مرفوض إل حي‪)),‬إن شعرية الدَاثة ل تكتف بام استهدَفته بعض الراحل الشعرية السَامبقة من تصوير‬
‫الواقع‪,‬أو نقله من التكوين الوجودي إل التكوين اللغوي‪,‬ول تعدَ تكتفي بنقدَ الواقع وتعريته‪,‬أو حت‬
‫بحامولة تعدَيله‪.‬إنام تسَعى لنتامج واقع جدَيدَ ولكل مبدَع شروطٌه الت يسَتحضرهام لظة هذا‬
‫النتامج((‪.39‬من هنام كامن الدَما والتجريبج و التخريبج لكل الشروط والعراف الت لتقتيدَ البدَاع الششعري‬
‫‪,‬وكامعن ف النهامية خلخلة العؤوسعسَة الششعرية العقدَية بام تمله من قدَاسة ومزيتةة وخصوصية‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة الشعرية‪):‬المستوى الثاني(‬
‫صورة الششعرية؟ هل لكل شامعر أنامط تتعلق به؟مامحظ الشعر القدَي من هذهر الصور‬ ‫مام القصود بامل ل‬
‫وفيمام كامنت تتجلى؟مام علقة الصورة بامليامل؟ومام أنواعهام ف النص الشعري؟هل تتولت الصورة أما بقيت‬
‫ثامبتة؟مام الفرق بي الرسامما والشامعر؟ هذهر السئلة وغيهام تشدَنام شدَا للجامبة عنهام حت نتبتي كيف أنام‬
‫من مقومامت الشعر ‪,‬وكيف تسَامهم ف غموضه وتعقيدَهر ودائمام لبدَ من القول أول بأمن ))الشعر ليس‬
‫عاملام مسَطحام يتمكن منه القامرئ دون عنامء‪,‬إنه عامل سحري جيل يوج باملركة واللوان‪..‬الشعر عامل ل‬
‫يعتف باملدَود‪,‬والبعامد النطقية إنه عامل التخطي والتجاموز والسَعي وراء الطلق للمسَامك به‪,‬وتسَيدَهر ف‬
‫التجربة الشعرية بواسطة الكلمة واليقامع والرمز والصورة((‪.40‬‬
‫فهذا التميز الذي يتميز به الشعر عن غيهر من الوشامئج الفكرية هو الذي يتكه يرتامد عوال غي‬
‫العوال التوقعة والأملوفة ‪,‬إن جاملية الشعر تكمن ف هذا الروج عن غي التوقع إنه ))صيامغة جاملية‬
‫لليقامع الفي الذي يكم تربتنام النسَامنية الشامملة‪.‬وهو بذلك مامرسة للرؤية ف أعمامقهام‪,‬ابتغامء‬
‫استحضامر الغامئبج من خلل اللغة‪,‬إنه مغاميرة للنثر الذي قوامه العقل والنطق والوضوح((‪,41‬فاملشعر ل‬
‫أتعرف وجهته فيأمت مبامغتام غريبام وهو)) عدَو النطق‪,‬والكمة والعقل ندَخل معه إل عامل السرار نتحدَ‬
‫باملسطوري العجيبج السَحري‪,‬ومن هنام كامن الغموض اللغز‪,‬والتعمية ف القصيدَة لنام عامل متموج‬
‫متدَاخل‪,‬كثيف بشفامفية عميق بتللؤ يقودنام ف سدَي من الشامعر والحامسيس ((‪.42‬‬
‫وقدَ ))ارتبطت الصورة الشعرية ف القصيدَة العمودية‪,‬ببعض القيود والقوالبج الامرجية الفروضة‬
‫عليهام‪,‬المر الذي جعل الشامعر يسَعى جامهدَا لبلورة فكرته ف صورة جزئية لترج عن إطٌامر البيت‬
‫الشعري ولتتجاموز أسسَه وأبعامدهر الأملوفة‪,‬ومن ث جامءت صورهر جزئية ومصورة ف الستعامرة أوالكنامية أو‬

‫‪ - 39‬ممدَ عبدَ الطلبج‪ :‬هكذا تكلم النص استنطامق الطامب الشعري لرفعت سلما ‪ ,1997‬ص ‪19‬‬
‫‪- 40‬عبدَ الميدَ هيمة‪ :‬الصورة الفنية ف الطامب الشعري الزائري العامصر ‪,‬منشورات إتامد الكتامب الزائريي‪,‬دار هومة‪,‬ط ‪,1‬‬
‫‪,2003‬ص ‪55‬‬
‫‪ - 41‬إبراهيم رمامن ‪ :‬الغموض ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪85‬‬
‫‪ - 42‬عبدَ الميدَ هيمة‪:‬الصورة الفنية ف الطامب الشعري الزائري ‪,‬ص ‪55‬‬
‫‪49‬‬
‫التشبيه أو السَنامت البدَيعية‪,‬وعندَمام تررت القصيدَة العامصرة من بعض قيودهام أخذ الشامعر أيعب عن‬
‫قضاميامهر ف صورة فنية تتوافق مع حاملته الشعورية والنفسَية‪...‬فاملصورة تسَبــح ف‬
‫النزمامن والكامن وفق مام تتوافق مع الاملت الشعوريةوالنفسَية للشامعروالتشكيل بذا الفهوما "معنامهر‬
‫إخضامع الطبيعة لركة النفس وحامجتهام‪.‬وعندَئةذ يأمخذ الشامعر كل الق ف تشكيل الطبيعة والتلعبج‬
‫‪43‬‬
‫صور‬ ‫بفرداتام وبصورهام النامجزة كذلك كيفمام شامء(( ‪.‬ومعن هذا أن الشامعر العامصروهويقوما بتشكيل ال ت‬
‫يتلف عن نظيهر ف القدَي ‪,‬إذ كامنت مصورة ف القدَي ف الستعامرة والكنامية والبدَيع‪,‬فقدَ كامن تعاممله‬
‫صورة الدَيدَة أصبحت تتشكل من الاملة الشعورية‬ ‫مع الطبيعة تعامملبسَيطاما برغم مامفيه من كمامل‪,‬أمام ال ل‬
‫والنفسَية للشامعر ومرتبطة ارتبامطٌاما رهيباما باملكامن والزمامن ‪,‬فهي نتامج لذهر الامصية‪,‬وركامما لكلهام‪.‬‬
‫وصفوة القول ))إن الفكرة هي صورة عقلية للتجربة‪,‬ف حي أن الصورة الشعرية هي العامدل الفن‬
‫للفكرة‪,‬فاملشامعر بامستطامعته أن يول الفكامر إل تامرب شعرية بتوفي مامأيكن تسَميته "باملنامخ‬
‫الشعري"وبتوظيف الدوات الفنية وعلى رأسهام الصورة((‪.44‬هذا القوما السامس ف الوقامئع الشعرية ))والت‬
‫تسَامهم إل حدَ كبي ف تتي هيكليتهام‪,‬وهي تتفوق كعنصر أسامس‪,‬على عنصري اللغة واليقامع‪,‬ولعل‬
‫مك ذلك هو التجة‪,‬إذ أن اللغة الامصة تسَقط باملنتقامل من لغة إل لغة‪,‬كذلك فإن الوسيقى تذوب‬
‫عندَهام‪,‬ومام يبقى فقط الصور اللقة‪,‬النامبضة باملركة‪,‬والشبعة بامليامءات والرموز((‪45,‬فاملتجربة الشعرية‬
‫ف أسامسهام تربة لغة‪)),‬إذ أن اللغة هي إيقامع الرؤية‪,‬وهي الرمز والصوت والصورة والعن والفعامل‪,‬وف‬
‫آخر المر هي البنامء الشعري كله‪...‬الشعر عملية ترميز‪,‬واللغة الشعرية هي اللغة الرمزية‪.‬الرمز‬
‫اللفظ‪,‬الصورة‪,‬السطورة‪...‬هو تكثيف للواقع ل تليل له‪,‬قامبل للتفجي والتفسَي الدَد‪,‬له القدَرة على‬
‫البث التواصل للمعامن والشامعر بظللام وإيامءاتام ((‪ 46‬من هنام كامنت الصور ف تامزج مع القومامت‬
‫الخرى تقوما مقامما الواقع القامدر على البث التواصل والتجدَد ‪,‬والذي يعمل على التلون ث يكشف عن‬
‫ذات نفسَه‪,‬ولغة هذا الواقع هي لغة النون والنرفض والتدَمي الت تسَعى دائماما للتشكل وفق الواقف‬
‫والحدَاثا‪.‬لنن الششعر عملية تريدَية‪,‬وعملية إحاملة الزئي على الكلي‪,‬والامص إل العامما‪ ,‬تفامعلية بي‬
‫الذات والوضوع وبي الشامعر والعامل‪,‬وعملية تغيي للمعطى الوضوعي للعامل والواقع‪.‬فهو ماملفة للعراف‬
‫والتقامليدَ السَامئدَة للنظامما اللغوي والجتمامعي معام‪,‬والنهوض بذهر الهمة أمر فيه صعوبة وتعقيدَ مامل يقم‬
‫صور الظليلة‪,‬الوحية التعدَد الشامهدَ والوجه‪.‬‬ ‫الشامعر بوعي كاممل بامنتقامء ال ل‬

‫‪ - 43‬عمر الدَقامق وآخرون‪:‬تطور الشعر العرب الدَيث والعامصر‪,‬مكتبة الثقامفة الدَينية‪.‬دط‪,‬دت‪,‬ص ‪228‬‬
‫‪ - 44‬عبدَ الميدَ هيمة‪ :‬الصورة الفنية ف الطامب الشعري الزائري‪,‬ص ص ‪56 , 55‬‬
‫‪- 45‬حيدَر توفيق بيضون ‪ :‬ممود درويش شامعر الرض التلة‪ ,‬دار الكتبج العلمية‪,‬بيوت ط ‪ – 1991 ,1‬لبنامن‪,‬ص ‪88‬‬
‫‪ - 46‬إبراهيم رمامن ‪ :‬أوراق ف النقدَ الدب‪ ,‬دار الشهامب للطبامعة والنشر‪ ,‬ط ‪ ,1985 ,1‬ص ‪236‬‬
‫‪50‬‬
‫وهذا الشكل من إدراك العامل ليكن إل بوسامطٌة اللغة الت هي ))أهم أدوات المامعة ف إدراك‬
‫العامل وتنظيمه‪,‬وعلى ذلك ليكن أن نتحدَثا عن لغة مفامرقة للثقامفة والواقع ‪,‬وليكن من ثة أن‬
‫نتحدَثا عن نص مفامرق للثقامفة والواقع أيضام طٌاملام أنه نص داخل إطٌامر النظامما اللغوي للثقامفة((‪,47‬فهذا‬
‫التبامدل بي النص الشعري وبي الواقع الثقامف هو الذي أيكن للشامعر أو لغيهر من صنع الصور الختلفة‬
‫والت أيعب بام عن نظرته تامهر التمع ‪,‬إن سلبام أو إيامبام‪,‬رفضام أو قبول‪,‬أو أن تكون هذهر الصور مزوناما‬
‫مامدياما على نفس الشامعر ومعتقدَهر وثقامفته‪)),‬لن الصورة هي الوسيلة الفنية الت ينقل بام الشامعر‬
‫التجربة‪,‬والطريق الفضل للتعبي عن الاملة الت أيعامنيهام‪,‬فاملصور ف القصيدَة الدَيثة غريبة غي‬
‫مأملوفة‪,‬لكنهام توحي بأمشيامء متعدَدة((‪ 48‬وهذهر الغرابة ف الصور هي الت دفعت القامرئ للتأمفف من هذهر‬
‫التجامرب العامصرة ووسهام باملغموض وكأمن الري خلف الغرابة والغموض أصبح سنة أدبية فامضلة‬
‫))وأشبامهر ذلك مام ينامل بعدَ مكامبدَة الامجة إليه ‪,‬وتقدَما الطاملبة من النفس به‪,‬فإن قلت فيجبج على هذا‬
‫أن يكون التعقيدَ والتعمية وتعمدَ مام يكسَبج العن غموضام مشرفام له وزائدَا ف فضله ‪,‬وهذا خلف‬
‫مامعليه النامس((‪,49‬فعلى الشامعر أن يدَرك أن أهل العرفة قليل ‪,‬فليس كل من أعرضت عليه النصوص‬
‫الشعرية بقامدر على أن يهتدَي إل وجه الكشف عمام اشتملت عليه الصور والفكامر من معامن‪,‬فهذهر‬
‫الهمة مهمة قامسية شامقة ‪,‬لن قراءة الشعر تتطلبج الراس والدَربة وحسَن التأمويل‪.‬‬
‫صورة ف خلود الشعر فإنه ))يكفي أن نلحظ أن قصامئدَ أب تامما والتنب‬ ‫وباملعودة إل دور ال ل‬
‫والبحتي والعري‪,‬وسواهم من الشعراء العرب ‪,‬ل يكتبج لام اللود ‪,‬لول الطامقامت الامئلة من الصور الت‬
‫وقعت عليهام‪,‬كذلك باملنسَبة لقصامئدَ أو أعمامل شعراء أدبامء عامليي فإنام حامزت على الشهرة العاملية‬
‫وتسَتنم العصور والمكنة بفضل مام احتوت عليه نتامجامتم من هذا القدَر الهم من الصور((‪ ,50‬فاملشامعر‬
‫عقل يتلف عن العقول الخرى ))إن العقلية الشامعرة تتلف عن عقلية العامل اختلفام جوهريام‪.‬إن العامل‬
‫يتنامول الشيامء جزءا فجزءا‪,‬إنه يعتمدَ العقل والواس‪,‬وهام آلتامن للتجزئة‪.‬إننه يتنامول‬
‫الوجود ف ظامهرهر‪,‬ولكنه لع ينفذ إل بامطٌنه‪,‬أنمام النشامعر فيقصدَ إل معرفة تتغلغل ف بواطٌن الشيامء‪,‬يسَهام‬
‫إحعسَامساما مبامشراا‪,‬معتمدَا ف ذلك على بصيةة أو حدَةس ينقل إليه الوحدَة اليوية الت تربط بي أجزاء‬

‫‪ - 47‬نصر حاممدَ أبو زيدَ‪ :‬مفهوما النص‪ ,‬دراسة ف علوما القرآن‪ ,‬الركز الثقامف العرب‪-‬الدَار البيضامء‪,‬ط ‪,1988 ,4‬ص ‪24‬‬
‫‪ - 48‬إبراهيم رمامن‪ :‬أوراق ف النقدَ الدب ‪,‬ص ‪225‬‬
‫‪ - 49‬عبدَ القامهر الرجامن ‪:‬أسرار البلغة ف علم البيامن‪,‬تقيق السَيدَ ممدَ رشيدَ رضام‪,‬دار العرفة‪,‬بيوت لبنامن د ت‪ ,‬د ت‪,‬ص‬
‫‪118‬‬
‫‪ - 50‬حيدَر توفيق بيضون‪ :‬ممود درويش شامعر الرض التلة ‪,‬ص ‪89‬‬
‫‪51‬‬
‫الوجود‪...‬الشامعر ينظر إل الواقع نظرة صدَاقة وتعامطٌف‪..‬فهو باملفيلسَوف أشبه‪,‬ل يطيع ول يأممر‪,‬بل هو‬
‫‪51‬‬
‫يسَعى دوامام ف أن أيصامدق ويشامرك ((‬
‫وهذهر الصامدقة والشامركة يتلف فيهام عن التلقي لنصوصه‪,‬فهو يلق أجواء التغلغل إل دواخل‬
‫الشيامء وينتقي مام يروق له من صور –وليهم إن كامنت متعامرضة مع الواقع‪ -‬لنه صامنع كلمامت ومتب‬
‫صور بواسطة حدَسه وإذن فاملدَس والصورة متلزمامن‪,‬ومن هذهر النامحية ))فاملصورة معطى مركبج معقدَ‬
‫من عنامصر كثية من اليامل والفكر والوسيقى‪,‬واللغة ‪.‬هي مركبج يؤلف وحدَة غريبة لتزال ملبسَامت‬
‫التشكيل فيهام وخصامئص البنية ل تدَد على نو واضح إنام الوحدَة السامسية الت تزج بي الكامن‬
‫والزمامن((‪.52‬‬
‫صورة الششعرية تتزج امتزاجاما كبيا باملذات البدَعة برغم انتقامئهام من‬‫من نامحية أخرى فإنن ال ل‬
‫صور ف منأمى عن الذات البدَعة الت أسهمت ف تشكيلهام ‪,‬فاملشامعر أعامد‬ ‫الطبيعة‪,‬فل يكن فهم هذهر ال ل‬
‫صورة‬‫تشكيلهام تشكيل يتلفا فيه مامكامة الواقع ولذلك فهي تركيبج معقدَ متنامقض‪,‬ويعود الهتمامما بامل ل‬
‫اليوما إل كون اللغة العاممية والفنية والعلمية لتسَتغن عن الصورة‪,‬كمامأنام))مصباما تلتقي فيه روافدَ متعدَدة‬
‫ومتدَاخلة‪,‬تسَتمدَ دفقهام من البلغة‪,‬واللسَامنيامت‪,‬والنثروبولوجيام‪,‬والفلسَفة الشطاملتية((‪,53‬كمام يتهنيأمف‬
‫صورة عنصرا مهماما يسَامهم ف الغموض غاملباموهو "الندَهشة والفامجأمة" الت ))لتنشأم من الغراب ف‬ ‫ال ل‬
‫النتصوير‪,‬ولمن الغراق ف البعدَ التخييلي‪,‬ول ف السطورية الت يلجأم إليهام الشعر الدَيث‪,‬بل تنشأم أولا‬
‫من انتهامك حرمة الدَود العجمية‪,‬لتصل إل وضع قدَ يصل العن ف نقيضه‪.‬فيطرأ على اللغة جدَيدَ ل‬
‫ف صدَى معامنيه ف مياثه القدَي((‪ 54‬يقول أزراج عمر‪:‬‬ ‫يسَبق للستعمامل تريبج طٌامقامته التعبيية‪,‬ولععر ع‬
‫متى يجلس الغيم خلفي‬
‫لنهي أسأبّاب حزن الشجر‬
‫وأبدأ في رسأم تفاحة خصركا البّحر بيتي ‪.‬‬
‫وكل المرايا‪.‬‬
‫سأجون الوجوه الذليلة‬
‫يهاجر بحر الظنون‬
‫فتبّقين بحري‬

‫‪ - 51‬مصطفى نامصف‪ :‬الصورة الدبية‪ ,‬دار الندَلس للطبامعة والنشر والتوزيع‪,‬بيوت‪ ,‬ط ‪,1983 ,3‬ص ‪132‬‬
‫‪ - 52‬إبراهيم رمامن ‪:‬الغموض ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪254‬‬
‫‪- 53‬حبيبج مونسَي‪:‬شعرية الشهدَ ف البدَاع الدب‪,‬دراسة‪,‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪,‬دط‪,‬ينامير ‪,2003‬ص ‪98‬‬
‫‪ - 54‬حبيبج مونسَي‪ :‬ما ن ‪,‬ص ‪99‬‬
‫‪52‬‬
‫وأكسر كل القيود‬
‫‪55‬‬
‫وتبّقين قيدي‬
‫صور وعتلحقهام لعتجسَيدَ عحاملة نفسَنية لنصل إليهام إلن‬ ‫و ))التأممل ف هذهر اللنووحة ليلحظ عتلحم ال ل‬
‫بامستبطامن ذات النشامعر الت فجرت الننص إل دللت بعيدَة ليكن الوصول إليهام((‪,56‬وأن لنامذلك‬
‫ونن ل نعرف عن هذهر الذات إل أنام ذات غريبة تمع التنامقضامت والتشتت ف اختيامراتام الشعرية‪,‬إذ‬
‫ليكن أن نقول باملقصدَ الذي يريدَهر إل بفرض قراءات تقوما بقامما التفكيك والتكيبج ‪ ,‬وتقدَما من‬
‫الفرضيامت النفسَية والجتمامعية مام يلزما هذهر الصور الطامئشة‪.‬‬
‫أمام ممود درويش فيقول ف قصيدَة )أحدَ الزعت(‪:‬‬
‫أنا الرصاص البّرتقال الذكريات‬
‫أنا البّلد وقد أتت وتقمصتني‬
‫‪57‬‬
‫أنا الذهاب المستمر إلى البّلد‬
‫صراعامت والعنف داخل أرض‬ ‫من هذهر الومضامت فإنن مامضي البطل‪,‬هو هذا الامضي الليء بامل ش‬
‫البتقامل فلسَطي‪,‬أمام الامضر مؤل يتلخص ف اللجوء الصيي التوما ‪,‬أمام السَتقبل فهو لظة الطموح‬
‫والعمل على حسَم التنامقض ‪,‬أي اغتاب النام عن الوطٌن ومنه أيضام قولمن قصيدَة "أحدَ الزعت"‪:‬‬
‫لتأخذوه من الحماما‬
‫ل ترسألوه إلى الوظيفة‬
‫ل ترسأموا دمه وسأاما‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫فهو البّنفسج في قذيفة‬
‫فهذهر صورة كلية رسم شامعر))دون أن ليظهر جزئيامتام تامركام للمتلقي تليلهام وتيلهام بأمي شكل‬
‫رأى‪,‬وبأمي لون أراد((‪,59‬الصورة موغلة ف الغموض إذ يمع بي قرائن متعدَدة ليربط بينهام ف الواقع‬
‫رابط‪,‬وهذا مام أيعطي للمتلقي حرية التأمويل بعدَ مام ليعمل الفكر ف سطورهام‪.‬وتسَليمام ))بأمن الصورة هي‬
‫وحدَة متدَاخلة بي السَي والنطقي‪,‬التعي والرد‪,‬البامشر وغي البامشر‪,‬الزئي والكلي‪,‬العرضي‬
‫والضروري‪,‬الامرجي والدَاخلي‪,‬الزء والكل‪,‬الظهر والوهر‪,‬الشكل والضمون‪...‬فإن هذهر الوانبج‬

‫‪ - 55‬عمر أزراج‪:‬وحرسن الظل‪,‬الشركة الوطٌنية للنشر والتوزيع‪,‬الزائر ‪,1976,‬ص ‪100‬‬


‫‪ - 56‬عبدَ الميدَ هيمة ‪:‬الصورة الفنية ف الطامب الشعري الزائري العامصر ‪,‬ص ‪58‬‬
‫‪ - 57‬ممود درويش‪:‬الموعة الكامملة‪,‬دار العودة بيوت‪,1978,‬نقل عن ممدَ لطفي اليوسفي ف بنية الشعر العرب العامصر‪,‬ص ‪72‬‬
‫‪ - 58‬ممود درويش‪:‬ما ن‪,‬نقل عن حيدَر توفيق بيضون ممود درويش شامعر الرض التلة‪,‬ص ‪91‬‬
‫‪ - 59‬حيدَر توفيق بيضون‪:‬ممود درويش شامعر الرض التلة‪,‬ص ص ‪91 ,90‬‬
‫‪53‬‬
‫التعامرضة حي تعامل باملوسامئل اللئمة تؤدي إل صور من الشخصيامت والحدَاثا واللبسَامت الت تعب‬
‫عن أفكامر وعواطٌف جاملية وتنقل أفكامرا وانفعاملت ساممية((‪.60‬لذلك كامنت الصور الشعرية متمنعة ف‬
‫كل أحوالام عن القامرئ العامدي الذي يهمه من قراءة الشعر تقيق لذة القراءة وحسَبج‪,‬بينمام قدَ تكون‬
‫مغرية للقامرئ النموذجي الذي يتجاموز اللذة إل خلفية النص ويامول انتامج بدَائل أخرى لذهر القصيدَة أو‬
‫تلك‪.‬‬
‫الصورة بين الواقع المحطم والخيال المتسلط‪) :‬المستوى الثالث(‬
‫صورة هي قوة خاملقة بواسطتهام يدَد الشامعر موقفه‪,‬ويقوما بتفتيت الوجود وإعامدة بنامئه وكل هذا‬ ‫ال ل‬
‫ليس بنأمى عن الععيامل الذي ليسَامعدَ على إشامعة الطامقة اليامئية والقيامما بعملية الذب للقامرئ الذي‬
‫ينتهي به المر – ف النهامية – إل الستجامبة والشامركة والنتامج‪,‬واليامل قوة ذات شأمن ف إنتامج الشعر‬
‫أو الصور الشعرية وعليه))فاملتعبي الفن هو وحدَهر القامدر على أن يلق المامل من مموع جامنبي كل‬
‫منهمام ليكتفي بذاته‪.‬وف هذا الضوء نفهم كيف يقق اليامل صفة عليام ف التوازن والعتدَال فيشيع‬
‫الرضام باملنطلق والتحرر من جهة والتعة باملقاملبج النسَق من جهة ثامنية((‪61‬ع‪,‬فلتخلق الدَللة ومن ث‬
‫يكن القول إنن اليامل يرتبط ارتبامطٌام ضروريام باملواقع ‪ ,‬ث إن اليامل ))ليس مرد تصور أشيامء غامئبة عن‬
‫الس‪,‬إنام هو حدَثا معقدَ ذو عنامصر كثية‪,‬ليضيف تامرب جدَيدَة((‪.62‬وهومصطلح فلسَفي توغل ف‬
‫الدَراسامت النسَامنية وقتوة اليامل أننه))يسَتحضر الدَيث الغامئبج والغريبج‪,‬ويفجر الكبوت ف التجربة‬
‫واللغة‪.‬ليخرجه على نسَق ايامئي‪,‬حامفل باملتعدَد والتلبس ليهدَف إل فهمه وتدَيدَهر‪.‬بول إل تتسَسَه‬
‫ليامل الت تتدَاخل فيه الدَود‪,‬وتلتقي فيه الامدة باملروح‪,‬ويكون مسَرحاما‬
‫وتثله بعي ا ع‬
‫للقراءة‪,‬للذهول‪,‬للبحث‪,‬للوعي الماملا الدَيدَ الفامرق للوعي الماملا السَامئدَ((‪.63‬‬
‫وهنامك تسَامؤل نراهر مشروعام ف هذا الشأمن من نو مام علقة اليامل ومام وظامئفه ف النص الشعري‬
‫وكيف ليسَهم ف غموض الصور الشعرية ؟))واليامل هو القوة الدراكية الت تتوسط بي الس الشتك‬
‫وبي العقل وتربط مامبي عامل الس وعامل العقل أو بي عامل العقل وعامل الشيامء ((‪ ,64‬ومهمة اليامل‬
‫هي أن أيقرب الصورة الذهنية ف شكل حسَي ليتم إدراكهام ))وعي اليامل هي الت ترتسَم فيهام الصور‬

‫‪ - 60‬سي كرما ‪:‬الوسوعة الفلسَفية ‪ ,‬ص ‪278‬‬


‫‪- 61‬مصطفى نامصف‪:‬الصورة الدبية‪ ,‬ص ‪14‬‬
‫‪ - 62‬مصطفى نامصف‪:‬ما ن‪,‬ص ‪18‬‬
‫‪ - 63‬إبراهيم رمامن‪:‬الغموض ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪249‬‬
‫‪ - 64‬حسَي خري‪ :‬الظامهرة الشعرية العربية –الضور والغيامب – إتامد الكتامب العرب ‪,‬دمشق ‪,‬د ط‪ ,2001 ,‬ص ‪171‬‬
‫‪54‬‬
‫الرمزية الت ينبغي أن نعب منهام إل إدراك القيقة الرموز إليهام‪.‬واليامل يشبه الرحم‪:‬كمام يتكون الني ف‬
‫‪65‬‬
‫الرحم‪,‬تتكون العامن ف اليامل وتتشكل بصور متلفة‪,‬هكذا ينقلنام اليامل من العلوما إل الهول((‬
‫فكرة اليامل هذهر ل تكن وليدَة العهدَ الدَيث بل إن العرب تدَثوا عن اليامل والتخيل والوهم‪,‬كمام‬
‫المم الخرى حيث إن اليامل مشتك بي العرب واليونامن ‪,‬فحي أن التخييل منشأمهر عرب‪)),‬والتخييل‬
‫ف عرف الفلسفة هو اليهامما ويقامل له التخييل أيضام وهو أن يذكر لفظ له معنيامن قريبج وغريبج فإذا‬
‫سعه النسَامن سبق إل فهمه القريبج ومراد التكلم الغريبج وأكثر التشامبامت من هذا النس ‪,‬ومنه قوله‬
‫تعامل‪" :‬والسَموات مطويامت بيمينه" ((‪.66‬‬
‫وأعتقدَ العرب أن الوهم مام ل وجوعد له ول لجزائه كلهام أو بعضهام ف الامرج‪,‬ولو وجدَ لكامن‬
‫مدَركام بإحدَى الواس من مثل قوله تعامل‪" :‬كأمنه رؤوس شيامطٌي"والياملا هو العدَوما الذي ركبته الخيلة‬
‫من أمور موجودة‪)) ...‬إل أن اليامل ف الشعر العرب القدَي أداة معرفية فمهمام ابتعدَ عن الواقع يظل‬
‫مرتبطام به‪,‬فهو قوة نفسَية تعي العقل ف عملية الدراك والتفكي دون أن تتجاموز السَتوى السَي‪,‬ف‬
‫حي أنه ف الشعر الدَيث ل يتمثل الواقع كمام هو بل يعيدَ صيامغته على نو يتجاموز الواقع‬
‫الامدي‪,‬فيحطم الواجز بي الامديامت والعنويامت‪,‬ويقرب بي النسَامن والطبيعة فيمتزج بام ويقيم علقامت‬
‫بينه وبينهام تسَمح له بتشخيصهام والوار معهام وسامع نبضهام((‪,67‬وهذا ليعن أن اليامل يتلف ف‬
‫العصر الدَيث عن القدَي ولكنن الطريقة ف ارتيامدهر والنتعاممل معه‪,‬فاملنشامعر العامصر رأى أن‬
‫يتحن اليامل ليتجاموز به الواقع بامديامته ومعنويامته‪,‬ويسَعى إل تقريبج الطبيعة من النسَامن على اعتبامر أنام‬
‫صنيع باملوار والتنجشخيص ومن ثة‬ ‫أيضام ملوق لبتدَ أن يتحامور مع الخلوق "النسَامن" ‪,‬فيسَمح له هذا ال ن‬
‫العفوهم ‪.‬‬
‫ف العيامل أننه يعـلقوما)) بوظيفة تشكيلية‪..‬ويلق عاملام جدَيدَا يلق أشيامء أو صور أو‬ ‫ومن وظامئ ج‬
‫مثاملت ل يسَبق لام أن وجدَت من قبل ومن هنام يتبي الطامبع اللق والبدَاعي للخيامل(( ‪68‬ومن هنام‬
‫كامن الغموض يكتنف الصور الشعرية الت تتعامطٌى اليامل ف إنشامئهام‪.‬كمام ))ليكن القول إتن الصورة ف‬
‫الشعر العامصر تسَيدَ للفكر والشعور حيث تعتمدَ على التجسَيدَ والتشخيص وتراسل مدَركامت الواس‬
‫وعلى الرؤية الشمولية الت تلملم شتامت الصورة الزئية التنامثرة ليتشكل منهام صورة كلية شولية ف النص‬

‫‪- 65‬أدونيس)علي أحدَ سعيدَ(‪ :‬الشعرية العربية‪,‬ص ‪70‬‬


‫‪ - 66‬حسَي خري‪:‬الظامهرة الشعرية العربية‪ -‬الضور والغيامب‪, -‬ص ‪173‬‬
‫‪ - 67‬عبدَ الميدَ هيمة‪:‬الصورة الفنية ف الطامب الشعري الزائري‪,‬ص ‪59‬‬
‫‪ - 68‬حسَي خري ‪:‬الظامهرة الشعرية العربية‪-‬الضور والغيامب‪ -‬ص ص ‪171 ,170‬‬
‫‪55‬‬
‫الشعري((‪ ,69‬هذا التتعامطٌي للقصيدَة العامصرة مع الصورة‪,‬وهذا السَعي إل الشمولية ف التشكيل‪,‬وهذا‬
‫القحامما للحواس‪,‬هو الذي يعل التنفامذ لعامل الصورة الدَيدَة أمر مفوف بخامطٌرة كبية ‪,‬قدَ لتصل‬
‫ب فيه الروح‬ ‫باملتلقي إل طٌامئل ‪,‬لنه يقوما بفعل التأمويل‪,‬الذي يكون –ف الغاملبج‪-‬نوع من العبث لتدَ ل‬
‫ولتكتبج له اليامة إلن بعدَ ارتدَاء الق والنطق‪.‬و))واذا قندَر للخيامل الششعري ف ظل الدَاثة أن يعل‬
‫ت كثيةة تنحه‬ ‫الغموض خامصية شعرية جيدَة‪.‬وتزخر باملتعدَد الدَللا واليامئي التفتح على قراءا ة‬
‫ت‬
‫أبعامدا جاملية وتامريية عميقة ‪,‬فإنن سقوط هذا اليامل ف هاموية البامما منرات كثية‪.‬ليعله غريبام فقط‬
‫ضروري الذرف ارتيامد اليامل‪.‬‬ ‫عن التمع ‪,‬بل منامفيام للشعرية ف أصلهام((‪ 70‬من هنام يصبح من ال ن‬
‫فلكي ليصبح العيامل أداة ابدَاعية لتسَهم ف قودَرالششعر وتفسَربوعي مامعشلكل على العتلقي لبلندَ أون يتعفامععل‬
‫ضمون الننص‪,‬لنن هذا الننص عندَمام ليطرح ف السَوق الدبية يتعرض لزات كثية‬ ‫مع البدَجع والتلقي ولم و‬
‫باملقيامس إل الصورة الكامملة الت يتوههام البدَع له‪.‬ومثل هذهر العملية عأشامعت ظامهرة الغموض ومنيزت‬
‫صور‬ ‫التجامرب الشعرية العامصرةبام وتكنت منهام حت غدَا الشعر العامصر مفوفاما باملضبامبية‪.‬وجامءت ال ل‬
‫الشعريةالت هي وليدَة اليامل بعيدَاة عن العقل والنطق‪,‬واننر عن ذلك سقوط الشعر ف هاموية الغموض‬
‫واللعقل‪.‬‬
‫صورة بين المعقول واللمعقول )المستوى الرابع(‬ ‫ال ل‬
‫الشامعر ف تعاممله مع الطبيعة يسَعى إل التلعبج باملشيامء الواقعة ‪,‬فيقوما باملتشويه والعبث‬
‫كاملطفل‪,‬فتظهر هذهر الختيامرات مزيفة‪ ,‬لتوسم القيقة بشيء وقدَ ل تضيف شيئام ذا شأمن‪ ,‬هذا الذي‬
‫يظهر لكن قدَ يكون الشامعر ليأزيف لنن عامل الوجدَان من المكن أل يكون مطامبقام لعامل‬
‫الواقع‪,‬فاملشامعر أيعيدَ هندَسة الواقع باملقيامس إل واقعه النفسَي ‪,‬لذلك الامنبج النفسَي يتحكم ف هندَسة‬
‫النص والتمكي له عندَ التلقي‪,‬فكمام أنه لكي يأمخذ الفقي أطٌلبته لبدَ أن يلحف ف السَؤال ‪,‬ولبندَ أن‬
‫تكون اليئة دليل حاملك على فقرهر وعوزهر‪,‬يتوسل بام للغي‪,‬كذلك الشامعر لبندَ أن يتامر الوقامئع والصور‬
‫تبعام لاملته النفسَية ‪)),‬وأن ليضع الطبيعة لركة النفس وحامجامتام وبذلك يكون للشامعر كل الق وكل‬
‫الرية ف تشيكل الطبيعة والتلعبج بعنامصرهام وفق تصورات الشامعر الامصة وهذا التلعبج تدَفع إليه‬
‫الرغبة اللحة لثامرة القامرئ‪,‬وخلق عنصر الدَهشة‪,‬بصور غي متوقعة تطف البصامر وتشيع ف النص سة‬
‫الغرابة والغموض((‪.71‬‬

‫‪ - 69‬عمر الدَقامق وآخرون‪:‬تطور الشعرالعرب الدَيث والعامصر‪,‬ص ‪229‬‬


‫‪ - 70‬إبراهيم رمامن‪ :‬الغموض ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪250‬‬
‫‪ - 71‬عبدَ الميدَ هيمة‪ :‬الصورة الفنية ف الطامب الشعري الزائري‪,‬ص ‪61‬‬
‫‪56‬‬
‫من هنام تغيت رساملة الشعر وتغيت طٌريقة بنامء النصوص الشعرية وحصل انفجامر رهيبج عصف‬
‫باملبنية التعامرف عليهام‪,‬أسامسهام تلعبج الشامعر باملطبيعة والعبث بام فيهام من جامل ‪,‬وأصبحت مهمة‬
‫الشعر تدَميية لكل مأملوف‪,‬فكتامبة القصيدَة لبدَ أن يقوما على التجاموز والرفض والغرابة والغموض‬
‫واللمنطق‪,‬هذا الفهوما للقصيدَة الدَيدَة هو الذي خلبج لبج العقل الشعري العرب العامصر‪,‬وأضحت‬
‫القصيدَة بوجبه فضامء مليء باملتنامقضامت والرق والغموض والفلسَفة‪,‬يدَعو هذا الفهوما ))إل كتامبة‬
‫القصيدَة بل مفهوما منطقي عقلن‪,‬وإنام بفهوما منطقي انفعاملا إيامب‪...‬الششعر – ف الشنهامية‪ -‬لهو فهم‬
‫عمام ل أيفهم((‪.72‬يقول أدونيس‪:‬‬
‫ثدي النملة يفرز حليبّه ويغسل السأكندر‬
‫الغرس جهات أربع ورغيفّ واحد‬
‫ثمة رأس كالصندوق يلبّس حذاء النبّيوة‬
‫سأيرة ترتسم على جبّين المقاهي‬
‫عرس يدور تحت سأراويل الموت‬
‫‪73‬‬
‫حجر يتثاءب‬
‫ومن الفامهيم الت أسهمت ف هذا التوجه للقصيدَة الدَيثة "الصوفية" الت هي فكرة ))تقبل‬
‫وجود ال بامعتبامرهر الواقع الوحدَ‪,‬على أن كل الشيامء والظواهر فيض عنه‪.‬وتبعام لذلك فإن الدَف‬
‫السى للحيامة هو التامد باملذات اللية من خلل التأممل والوجدَ((‪74‬والتصوف فكرة قدَية شامعت عندَ‬
‫المم الختلفة وقدَ أفامدت الدب والشعر خامصة إفامدة عظيمة لن العجم الصوف يكامد يطغى ف‬
‫التجامرب الشعرية العامصرة وأيشكل بفردهر فضامء كبيا إل جامنبج القول الخرى من مثل الدَين والثوري‬
‫والقومي والتجريدَي والفلسَفي والسَيامسي‪...‬و))إذا أضفنام إل هذا كله مدَى تأمثي النص القرآن ف‬
‫شعرية النص الصوف‪,‬عرفنام أن الكتامبة القرآنية ولدَت تذوقام جدَيدَا للغة الفنية‪,‬ومامرسة كتامبية‬
‫جدَيدَة‪,‬وكيف أن القرآن أصبح منبع الدب((‪.75‬‬
‫ومن أشهر الشعراء التمكني فيه "صلح عبدَ الصبور" ‪",‬بدَر شامكر السَيامب"‪",‬خليل‬
‫حاموي"‪",‬عفيفي مطر"‪",‬عبدَ الوهامب البيامت"و" أدونيس علي أحدَ سعيدَ"‪.‬وقدَ كامن "النفري "و"ابن‬
‫العرب" و"السَهروردي"‪,‬و"اللج" و‪",‬الغزالا"‪",‬رابعة العدَاوية" وغيهم كثي نامذج مفضلة عندَ هؤلء‬

‫‪- 72‬عبدَ الميدَ هيمة‪:‬ما ن ‪,‬ص ‪62‬‬


‫‪ - 73‬الثامر الكامملة مج ‪,2‬ص‪ 181 ,177:‬نقل عن ابراهيم رمامن ‪:‬الغموض ف الشعر العرب الدَيث‪,‬ص ‪267‬‬
‫‪ - 74‬سي كرما‪:‬الوسوعة الفلسَفية‪,‬ص ‪279‬‬
‫‪ - 75‬أدونيس )علي أحدَ سعيدَ(‪:‬الشعرية العربية‪,‬ص ‪51‬‬
‫‪57‬‬
‫الشعراء‪,‬والشخصيامت الصوفية الت تسَتدَعيهام القصامئدَ الدَيدَة ل تكن شخصيامت منفعلة ف عصرهام بل‬
‫كامنت فامعلة فيه ولذلك فإن بعض الشعراء ل يكامد ينفصل عن هذهر الفكامر الت ظلت عندَهر رؤيام‬
‫تسَامهم ف دائرة التواصل))لكونام تؤكدَ امكامنامت هامئلة للتفامعل حي التلقي‪,‬وذلك بفضل الطامقة‬
‫لكامئي الذي تتشكل به وتعرض‪,‬والذي يسَتجيبج إل آفامق‬ ‫التخييلية الكبية الت تتوي عليهام‪,‬والنطامبع ا ج‬
‫انتظامر واجسعة لختلف شراجئح التلقي(( هذا المر ل يغبج على أكثر لشعراء الششعر العامصر‪,‬وخامصةا‬
‫‪76‬‬

‫عندَمام أصعبح النشامعر مسَبقاما يعرف الععينة الت أيقدَما لام الششعر‪,‬عكمام أنن العجم ال ل‬
‫صوف‬
‫ل‬
‫أصبح مشحوناما بعامن غزيرة تتلط فيهام على التلقي – حت ولو كامن متفاام‪ -‬الشدَللت‪,‬ويصبح الننص‬
‫موغلا ف اللغموض إل حدَ التعتيم أحيامناام‪ .‬يقول أدونيس‪:‬‬
‫وقلت أيها الجسد انقبّض وانبّسط‬
‫واظهر واختفّ‬
‫‪77‬‬
‫فانقبّض وانبّسط وظهر واختفى‬
‫))إن لغة الصوفية لغة كشف وليسَت لغة وصف‪.‬والتصوفة العرب قدَ متزقوا الطامب الشعري العرب‬
‫القدَي من الدَاخل‪,‬وخلقوا نطام جدَيدَا ف الكتامبة‪,‬والقصيدَة الدَيدَة إذ تسَتدَعي تلك اللغة تكون قدَ‬
‫أشامرت‪,‬ولو بطريقة متشمة‪,‬إل أنام تتنتزل داخل تلك الطٌر لتواصل معامنامة البحث الت بدَأت‬
‫قدَيام((‪.78‬‬
‫صورة الششعريةكامنت ف القدَي تقوما بتقدَي العن الشسَي ولتسَامهم ف وضوح‬ ‫وف الق ‪ ,‬فإنن ال ل‬
‫الششعر‪,‬لنن الششعر عندَهم كامن صنامعة وضرب من الننسَج وججنس من التصوير وهذا الكلما على بسَامطٌته‬
‫مهم ف تقدَير الشعر ونقدَهر وإتامحة الفرصة أمامما الشامعر ليبي عن مقدَرته الفكرية واللغوية والنفسَية‪,‬وهذا‬
‫يعن أن العرب قدَ تفطنوا من جهة أخرى إل )) أن اللغة العربية لغة شامعرة‪..‬ف أصوات الروف‬
‫وتوقيعهام‪,‬وف تركيبج الفردات‪,‬وف تكوين العبامرات‪,‬فهي لغة الشعر والفن والمامل والتصوير((‪79,‬وهذا‬
‫الوعي كامن سامئدَا ف الشعر الامهلي ولكن ل يكن التصوير أثيا عندَهم ‪,‬وهذا ليعن أنم ل يأرفدَوا‬
‫أشعامرهم بذا النوع الفن‪,‬فلقدَ امتزجت ذواتم باملطبيعة وانتقوا منهام مام ينامسبج الطبع الامهلي‪,‬وقدَ تطور‬
‫خطر النتصوير بعدَمام تنسَس الععرب مام ف القرآن الكري من تصوير‪,‬وكأمن هذا النتصويرالذي أيهيمن على‬

‫‪ - 76‬آمنة بلعلى‪:‬تليل الطامب الصوف ف ضوء النامهج النقدَية العامصرة‪,‬منشورات الختلف‪,‬ط ‪ ,2002 ,1‬ص ‪175‬‬
‫‪ - 77‬أدونيس)علي أحدَ سعيدَ(‪ :‬الموعة الكامملة )نولت العامشق(‪,‬دار العودة بيوت‪,‬ط ‪,1971 ,2‬ص ‪144‬‬
‫‪ - 78‬ممدَ لطفي اليوسفي‪:‬ف بنية الشعر العرب العامصر‪152 ,‬‬
‫‪ - 79‬صلح عبدَ الفتامح الاملدَي ‪ :‬نظرية التصوير الفن عندَ سيدَ قطبج‪,‬شركة الشهامب‪,‬الزائر‪,‬دت‪,1982,‬ص ‪23‬‬
‫‪58‬‬
‫ص على هذا المر)التصوير(‬ ‫الننص القدَس عنصر من عنامصر إعجامزهر وقوته ‪,‬وكامن من اللشعراء من عحجر ع‬
‫ف أشعامرهر ابن اللرومي واللبحتي والتنب وأب نلواس وبعض شعراء الغزل‪.‬‬
‫أمام الصورة الشعرية الن فقدَ غدَت مركبة ومعقدَة لتدَاخل مكونامتام ))أصبحت الصورة الدَيثة‬
‫مضمامرا معرفياما معقدَا‪,‬تتدَاخل فيه الثقامفامت القدَية باملدَيثة والشعبية باملكامديية‪,‬على نو غريبج يعل‬
‫منهام تركيبة صعبة للفهم‪.‬عسَية عن الذوق‪.‬ل يصل القامرئ إل تريج دللتام إلن عب كتدَ عقلي‬
‫‪80‬‬
‫صور وغزارتام هي‬ ‫صور الكلية‪.‬وهندَسة ال ل‬ ‫صور مركبة‪,‬و ل‬‫صور مفردة‪,‬و ل‬‫صور أنواع ل‬‫شامق(( ‪.‬كمام أن ال ل‬
‫صدَى ف النفوس‪,‬وفنية‬ ‫عملية أسامسية ف العمل الفن لنام تكسَبج الششعر باملسامس إيامئية بعيدَة ال ن‬
‫القصيدَة لتتولدَ من جاملية الجزاء )) إنن فنيتهام القيقية تتولدَ من الوشامئج الت تربطهام بجموع‬
‫القصيدَة‪,‬ومن دورهام ف الضامءة والستضامءة‪,‬أي من موقعهام ف جسَدَ القصيدَة‪,‬إن هذا الوقع هو الذي‬
‫ينحهام اليامة ويعلهام منبعام للدَللت((‪,81‬فاملشعراء العامصرون يهدَفون على التدَواما للتعبي باملصور‬
‫بدَعوى أن اللغة العامدية عامجزة عن احتواءالتجربة الشعورية‪,‬واخراج مامف الشعور‪,‬لذلك نم عن لغة‬
‫الشعر العامصر التعقيدَ والعمق والغموض‪.‬ومهمام يكن من أمر فإن الصورة تكون ))مشية إل شيء ف‬
‫الطبيعة الامرجية‪..‬أو تكون مشية إل شيء ف طٌبيعة الفنامن الدَاخلية من حيث ارتبامط الواطٌر ف مرى‬
‫الشعور أو صلتهام بامللشعور‪,‬أو تكون الصورة كيامنام مسَتقل بنفسَه مكتفيام بذاته‪,‬فل هو يشي إل شيء‬
‫بعينه ف الطبيعة الامرجية أو ف الطبيعة الدَاخلية‪,‬وهامهنام يكون ارتكامز العمل الفن على تكوينه‬
‫البحت((‪ 82‬وهذا مام يعتقدَ الشعر العامصر أنه يقوما به‪.‬‬

‫‪ - 80‬إبراهيم رمامن ‪:‬الغموض ف الشعر العرب الدَيث ‪,‬ص ‪265‬‬


‫‪ - 81‬نسَيبج نشاموي‪:‬الدَارس الدبية ف الشعر العرب العامصر‪,‬طٌبع الؤسسَة الوطٌنية للفنون الطبعية‪-‬الرغامية‪,1984,‬ص ‪471‬‬
‫‪ - 82‬زكي نيبج ممود‪ :‬ف فلسَفة النقدَ‪,‬ص ‪5‬‬
‫‪59‬‬

You might also like