You are on page 1of 295

‫السلسلة الذهبية يف شرح أمساء اهلل احلسنى العلية (‪)2‬‬

‫> الوسيط <‬

‫أمساء اهلل احلسنى‬


‫ٰ‬

‫جاللُها ولطائف اقرتانها ومثراتُها‬


‫يف ضوء الكتاب والسنة‬

‫تقديم وتقريظ‬
‫فضيلة الشيخ العالمة حمدث العصر‬
‫شعيب األرنؤوط‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬بسام خضر الشطي‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬حممد عبد الرزاق الطبطبائي‬
‫رئيس قسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة جبامعة الكويت‬ ‫عميد كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية السابق جبامعة الكويت‬

‫الشيخ حاي عمر احلاي‬ ‫د‪ .‬عثمان حممد اخلميس‬

‫تأليف‬
‫ماهر مقدم‬
‫>عرضت هذه األمساء كلها على املفيت العام للمملكة العربية السعودية‬
‫مساحة الشيخ ‪ /‬عبد العزيز آل الشيخ حفظه اهلل ورعاه فأجازها<‬
‫‪C‬‬
‫ا‬
‫إال ملن أراد طبعه‪ ،‬وتوزيعهه انًهن‬
‫بدون حذف‪ ،‬أو إضهنة‪ ،،‬أو تييهر‬
‫ا‬
‫هههرا‬ ‫ةلهههه ‪ ،‬ههها‪ ،‬وهللهههًا ا‬

‫الطبعة اخلامسة والثالثون‬


‫‪2014‬م ـ ‪1436‬ـه‬
‫مزيدة ومنقحة‬
‫‪ ،‬وا صالة وا سالم ىلع رسول ا ‪ ،‬وبعد‪:‬‬ ‫احلمد‬
‫إ واين وأ وايت‪ ...‬هذا ا كتنب اذلي بني أيديكم‪، ،‬و شأن عظيم‬
‫ا‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وكبر‪ ،‬إًه ا كتنب اذلي أثر ىلع حينيت وغر مسنرهن‪ ،‬وقلبهن تمنمن‪ ،‬ةقد‬
‫مقِّصا يف حقوق ريب عً وهللل‪ ،‬ولكن و احلمد أوالا وأ ا‬
‫را‪،‬‬ ‫كنت اغةالا ر ا‬

‫ثم هلذا العمل العجيب ا كبر يف هذا ا كتنب كتب ا تعنىل يل اهلداي‪،‬‬
‫َ‬
‫بنتلربع بطبنعته وتوزيعه ىلع انلنس‪ ،‬حىت ي َروا‬
‫ُّ‬ ‫واإلًنب‪ ،،‬وهلذا ةقد رغبت‬
‫َّ‬
‫ويتذوقوا حالوة من ةيه من املعنين اجلميل‪ ،،‬واثلمرات اجلليل‪ ،،‬ومن لطنئف‬
‫تعنىل أن‬ ‫سهل وبسيط‪ ،‬يستفيد منه اجلميع‪ ،‬لعل ا‬
‫االقرتان‪ ،‬من رشح ٍ‬
‫يهدي به اتلنئهني كمن كتب يل اهلداي‪ ،‬سبحنًه‪.‬‬
‫وإًين آمل أن ينترش بني ماليني املسلمني‪ ،‬كمن اًترش كتنب (حصن‬
‫املسلم)‪ ،‬ألن ةيه أىلع وأعظم األسمنء يف ا وهللود‪ ،‬وقد كتبت هذ املقدم‪،،‬‬
‫ر‬
‫حىت أشجع إ واين ليشنركوين يف نرش هذا العمل العظيم‪ ،‬وإًين أشكر اإل وة‬
‫يف مكتب‪ ،‬اذلهيب أصحنب حقوق نرش ا كتنب ىلع مواةقتهم ىلع هذ‬
‫ا‬
‫را‬ ‫الطبع‪ .،‬وهللًاكم ا‬

‫ﺍ‬
‫( ةنعل ر )‬
‫َ ا َّ‬ ‫َ َ‬
‫اجل َّن َ‪<،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫َ َل َ‬ ‫ا َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ْ َا َ ْ َ ْ ا‬
‫ني اسمن‪ ،‬مِنئ‪ ،‬إِال َواحِدا‪ ،‬من ح ِفظهن د‬‫ِ ت ِسع‪ ،‬وت ِس ِع‬
‫َّ‬
‫قنل ‘‪> :‬إِن‬

‫الح‬ ‫َ‬ ‫الر ِح ه‬


‫يم‬ ‫َّ‬ ‫الر م َ‬
‫ْح هن‬ ‫َّ‬ ‫الرب‬ ‫َّ‬ ‫ه‬
‫الل‬
‫َ‬ ‫َ مَ‬ ‫َ‬
‫الكر ه‬
‫يم‬ ‫ِ‬ ‫المتَ َعال‬
‫ه‬ ‫األْع‬ ‫الع ِل‬ ‫َ‬ ‫القي ه‬
‫وم‬
‫َ ه‬ ‫العز ه‬ ‫َ‬ ‫الغ َّف ه‬
‫َ‬ ‫الغ هف ه‬ ‫َ‬ ‫َه ه‬
‫اجل ِميل‬ ‫يز‬ ‫ِ‬ ‫ار‬ ‫ور‬ ‫الودود‬
‫َه‬ ‫هم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اح هد‬
‫الو ِ‬ ‫َ‬ ‫العفو‬ ‫المقتَ ِد هر‬ ‫ير‬‫الق ِد ه‬ ‫القا ِد هر‬
‫َ ه‬ ‫َ ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الم ِليك‬ ‫الم ِلك‬ ‫يب‬‫المج ه‬
‫ِ‬
‫ه‬ ‫القر ه‬
‫يب‬ ‫ِ‬ ‫األ َح هد‬
‫َ‬ ‫المج ه‬ ‫احلَم ه‬ ‫َ ه‬
‫الغ ِن‬ ‫يد‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫يد‬ ‫ِ‬ ‫الص َم هد‬ ‫َّ‬ ‫المالِك‬
‫السم ه‬ ‫َّ‬ ‫المت ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العظ ه‬ ‫َ‬ ‫ك ه‬
‫يع‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫الق ِوي‬ ‫يم‬ ‫ِ‬ ‫يم‬ ‫احل َ ِ‬
‫كِه‬‫هَ َ‬ ‫الو َّـه ه‬ ‫َ‬ ‫الق َّه ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ابلص ه‬
‫ّب‬ ‫المت‬ ‫اب‬ ‫ار‬ ‫القا ِـه هر‬ ‫ي‬ ‫َ ِ‬
‫اجل َ َّب ه‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫هم‬
‫ار‬ ‫الم مول‬ ‫الو ِل‬ ‫َ‬ ‫الّب‬ ‫المؤ ِم هن‬
‫َّ ه‬ ‫الشه ه‬ ‫َّ‬ ‫اتل َّو ه‬ ‫َّ ه ه‬
‫الر َّزاق‬ ‫يد‬ ‫ِ‬ ‫يم‬ ‫احلَل ه‬
‫ِ‬ ‫اب‬ ‫َّ‬ ‫الرؤوف‬
‫َ ه‬ ‫َّ ه‬ ‫القد ه‬ ‫ه‬ ‫َّ ه‬
‫ارئ‬ ‫ابل ِ‬ ‫اخلََّلق‬ ‫اخلَا ِل هق‬ ‫وس‬ ‫ازق‬ ‫الر ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ه‬ ‫َّ َ‬
‫الكب ه‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫الل ِطيف‬ ‫اس هع‬ ‫الو ِ‬
‫َ‬ ‫السَّل هم‬ ‫الم َص ِو ِر‬ ‫ه‬
‫َ م‬ ‫احلَف ه‬ ‫َ‬ ‫َّ ه‬ ‫َّ‬
‫األك َر هم‬ ‫يظ‬ ‫ِ‬ ‫يم‬ ‫العل ه‬
‫ِ‬
‫ك ه‬
‫ور‬ ‫الش‬ ‫الشا ِك هر‬
‫َّ‬ ‫َ ه‬
‫الم َهيم ِم هن‬ ‫ه‬ ‫اط هن‬ ‫َ‬
‫ابل ِ‬ ‫الظا ِـه هر‬ ‫اآلخ هر‬
‫ِ‬ ‫األ َّول‬
‫َ ه‬ ‫اخلَب ه‬ ‫الف َّت ه‬ ‫َ‬ ‫المب ه‬
‫ه‬
‫الو ِكيل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫اح‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫احلَق‬
‫احلَس ه‬ ‫َ ه‬ ‫الرق ه‬ ‫انلص ه‬ ‫المق ه‬ ‫ه‬
‫يب‬ ‫ِ‬ ‫ارث‬ ‫الو ِ‬ ‫يب‬ ‫َّ ِ‬ ‫ي‬ ‫َّ ِ‬ ‫يت‬ ‫ِ‬
‫َ َّ ه‬ ‫ه َ هِ‬ ‫هَ ِ‬ ‫َ‬
‫المنان‬ ‫المؤخر‬ ‫المقد هم‬ ‫اس هط‬‫ابل ِ‬ ‫َ‬ ‫القابِ هض‬
‫الستِ ه‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ه م‬
‫المح ِس هن‬
‫َّ ه‬
‫ادليَّان‬ ‫احل َ ِي‬ ‫الرف ه‬
‫يق‬ ‫َّ ِ‬
‫هم‬ ‫َّ‬
‫الم َس ِع هر‬‫ه‬ ‫ب‬ ‫الطيِ ه‬
‫َّ‬ ‫المع ِطي‬ ‫الش ِاف‬ ‫السيِ هد‬ ‫َّ‬
‫م‬ ‫اجل َ َو ه‬ ‫َ‬ ‫السب ه‬
‫اإل هل‬
‫ِ‬ ‫الوت هر‬
‫ِ‬ ‫اد‬ ‫احلَك هم‬ ‫وح‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح ابلخاري (‪.)6410‬‬

‫‪4‬‬
‫‪‬‬

‫تقديم فضيلة الشيخ العالمة الفقيه حمدث العصر‬

‫احلمد لل‪َّ ،‬‬


‫والصَّلة َّ‬
‫والسَّلم ْع رسول الل‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد أخرج اإلمام ابلخاري رْحه الل ف >صحيحه< (‪،)2736‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫لل ت ِ مس َعة‬
‫من حديث أيب ـهريرة ~‪ ،‬أن رسول الل ‘ قال‪> :‬إن ِ‬
‫َّ َ‬ ‫م َ َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫م َ م ً َ ً َّ‬
‫واحدا َم من أح َصاـها دخل اجلَنة<‪ ،‬وقد اختلف‬
‫وتِس ِعي اسما ِمائة إَّل ِ‬
‫ه‬
‫وفهم‬ ‫أـهل العلم ف معىن اإلحصاء‪ ،‬واجلامع فيها‪ :‬إحصاء ألفاظها‪،‬‬
‫معانيها‪ ،‬واتلعبد والعمل بمقتضاـها‪.‬‬
‫َّ‬
‫وقد ألف كثي من العلماء ف ـهذا احلديث‪ ،‬وتتبعوا إحصائها‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫تتضمن من الفوائد العلمية‬ ‫ف أدلة الكتاب والسنة الصحيحة‪ ،‬وما‬
‫َّ‬ ‫ه‬ ‫والرتبوية‪َّ ،‬‬
‫وقفت ْع تصنيفه مؤخ ًرا األستاذ ماـهر املقدم ف‬ ‫وممن‬
‫كتابه املوسوم‪> :‬الوسيط< >أسماء الل احلسىن‪ ،‬جَّلهلا ولطائف‬
‫ً‬
‫كثيا منه‬ ‫اقرتانها وثمراتها ف ضوء الكتاب والسنة< وقد قرأ ع َّ‬
‫ل‬
‫صاحيب الشيخ ادلكتور حممد بن يوسف اجلوراين جزاه الل ً‬
‫خيا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫فوجدت املؤلف قد سار ف كتابه ْع تبيان اَّلسم ومعناه ف اللغة‪،‬‬
‫ومعناه الرشيع‪ ،‬ودَّلئل ذلك‪ ،‬وفوائد اقرتانها ف كتاب الل تعاىل؛ ثم‬

‫‪5‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬ ‫ً ِ‬
‫يلتعبد الل‬ ‫إيضاحا للك مسلم؛‬ ‫لطائف معانيها وثمراتها؛ مما يزيدـها‬
‫ِ ً‬
‫بة ل حنو الل َّ‬
‫وادلار اآلخرة اليت‬ ‫تعاىل بها ْع بصية‪ ،‬وتكون مقر‬
‫َّ‬
‫أعدـها الل تعاىل للمتقي‪.‬‬
‫تمَّي كتاب األستاذ ماـهر وفقه الل‪ ،‬أن اعتمد ْع ما َّ‬
‫صح‬ ‫وقد َّ‬

‫ف ابلاب‪ ،‬ثم أضىف ذللك ما اختاره من أقوال أـهل العلم ف رشح ـهذه‬
‫األسماء والصفات‪ ،‬وقد سار فيها ْع منهج أـهل السنة واجلماعة‪،‬‬
‫َ َ ه‬
‫لم مسلك اذلي‬ ‫ومعتقد السلف الصالح ف األسماء والصفات‪ ،‬وـهو ا‬
‫َّ‬
‫أحقيته وصوابه حبمد الل تعاىل‪.‬‬ ‫نعتقد‬
‫َّ‬
‫وقد وفق الل تعاىل األستاذ املقدم ف كتابه‪ ،‬فتوالت طبعاته ف‬
‫َّ‬
‫مدة يسية‪ ،‬وأرجو الل أن يكون ـهذا من اعجل برشى املؤمن؛ ف‬
‫اَّلنتفاع واَّلستفادة مما كتب‪ ،‬وإين أحثه أن يواصل نشاطه العليم‬
‫َّ‬ ‫ه ِ‬
‫ويقدم للناس ما ـهو نافع ماتع لإلسَّلم واملسلمي‪ ،‬وإين أويص لك‬
‫مسلم ومسلم ٍة ف قراءة ـهذا الكتاب املبارك إن شاء الل‪ ،‬ف ابليوت‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واملساجد‪ ،‬واجللسات اإليمانية‪.‬‬

‫واحلمد اذلي بنعمته ُّ‬


‫تتم ا صنحلنت‬
‫ر‬ ‫َّ‬
‫وصىل ا وسلم ىلع ًبينن حممد وىلع آهل وصحبه أمجعني‬

‫‪6‬‬
‫‪‬‬

‫تقديم األستاذ الدكتور‬


‫حفظه اهلل(‪)1‬‬ ‫حممد السيد عبد الرزاق السيد إبراهيم الطبطبائي‬

‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع نبينا حممد وْع‬


‫آل وصحبه أمجعي‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن الغاية من خلق اإلنسان يه عبادة الل وحده َّل رشيك ل‪،‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ} [اذلاريات]‪،‬‬
‫َّ‬
‫وَّل يتحقق اإليمان إَّل بمعرفة اخلالق تبارك وتعاىل‪ ،‬ولكما ازدادت‬
‫معرفة اإلنسان بربه‪ ،‬زادت خشيته ل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ } [فاطر‪ ،]28 :‬ومن معرفة الل تعاىل تعلم أسمائه‬
‫َّ‬
‫احلسىن‪ ،‬فقد ورد ف احلديث املتفق عليه‪ ،‬عن أيب ـهريرة ~‪ ،‬أن‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫رسول الل ‘ قال‪> :‬إن تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪ ،‬منئ‪ ،‬إال واحدا‪ ،‬من‬
‫أحصنهن د ل اجلن‪ ،<،‬ويه لكها أسماء لل تعاىل‪ ،‬والل ـهو اسمه‬
‫األعظم‪ ،‬وإيله ينسب إيله لك اسم‪ ،‬فيقال‪ :‬الرؤوف والكريم من‬
‫أسماء الل تعاىل‪ ،‬وَّل يقال‪ :‬من أسماء الرؤوف أو الكريم الل‪.‬‬
‫قال انلووي‪" :‬واتفق العلماء ْع أن ـهذا احلديث ليس فيه‬
‫حرص ألسمائه سبحانه وتعاىل‪ ،‬فليس معناه‪ ،‬أنه ليس ل أسماء غي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪ ،‬قبل أن تزيد اإلضافات الكثية ف ـهذه الطبعة اليت بلغت نصف تلك الطبعة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪‬‬
‫ـهذه التسعة والتسعي‪ ،‬وإنما مقصود احلديث أن ـهذه التسعة‬
‫والتسعي‪ ،‬من أحصاـها دخل اجلنة بإحصائها‪َّ ،‬ل اإلخبار حبرص‬
‫اسم سميت به‬ ‫األسماء‪ ،‬وهلذا جاء ف احلديث اآلخر‪> :‬أسأ ا بكل ٍ‬
‫َّ‬
‫ًفسا‪ ،‬أو استأثرت به يف علم الييب عندك<‪ ،‬وعلة كونها مائة إَّل‬
‫م‬
‫واحدة‪ ،‬ألن الل ِوتر‪ ،‬حيب الوتر‪ ،‬قال انلووي‪ :‬ومعناه ف حق الل‬
‫تعاىل الواحد اذلي َّل رشيك ل وَّل نظي‪ ،‬ومعىن حيب الوتر‪ ،‬تفضيل‬
‫الوتر ف األعمال‪ ،‬وكثي من الطااعت‪.‬‬
‫واختلف العلماء ف معىن‪> :‬أحصنهن<‪ ،‬فقيل‪ :‬أي‪ :‬حفظها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬أي‪َّ :‬‬
‫مَّي بعضها عن بعض‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‪ :‬أطاقها بأحسن املرااعة‬
‫ّ‬
‫هلا‪ ،‬واملحافظة ْع ما تقتضيه‪ ،‬وصدق بمعانيها‪ ،‬وقيل‪ :‬أي‪ :‬عمل بها‪،‬‬
‫وقيل غي ذلك‪ ،‬والراجح األول‪.‬‬
‫وحنن أمام كتاب جامع لطيف‪ ،‬لألخ الشيخ ماـهر بن مقدم‪،‬‬
‫بارك الل تعاىل ل ف علمه‪ ،‬وحرصه ْع مجع الفوائد ف علم‬
‫َّ‬
‫العقيدة‪ ،‬وقد أورد فيه ما ترجح دليه ف بابه‪ ،‬وـهو نافع ف موضوعه‪،‬‬
‫قدمه بأسلوب مبسط وسلس‪ ،‬فجزاه الل خي اجلزاء‪ ،‬ونفع الل‬
‫تعاىل بعلمه آمي‪ .‬واحلمد لل رب العاملي‪.‬‬
‫ً‬
‫عميد لكية الرشيعة وادلراسات اإلسَّلمية ـ جامعة الكويت سابقا‬
‫ورئيس املؤتمر ادلول للقضايا اإلسَّلمية املعارصة‬
‫أ‪ .‬دحممد السيد عبد الرزاق الطبطبائي‬

‫‪8‬‬
‫‪‬‬

‫تقديم األستاذ الدكتور‬

‫بسام الشطي حفظه اهلل‬


‫(‪)1‬‬

‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع إمام املرسلي‪،‬‬


‫وبعد‪:‬‬
‫ىن هللالهلن وثمراتهن يف ضوء‬ ‫ُ‬
‫احلس ٰ‬ ‫فإن كتاب >أسمنء ا‬
‫ا كتنب وا سن‪ <،‬لألخ الشيخ ماـهر مقدم‪ ،‬إضافة جديدة للمكتبة‬
‫اإلسَّلمية‪ ،‬وتظهر أـهميته من خَّلل العلم بأسماء الل تعاىل‪ ،‬ألنه‬
‫أصل ف لك علم ومنشؤه‪ ،‬ووسيلة جليلة إىل اغية نبيلة‪ ،‬يتعرف‬
‫ً‬
‫ونّباسا هلم ف حياتهم‪ ،‬فاإليمان‬ ‫العباد ْع ربهم جل جَّلل‪،‬‬
‫باألسماء والصفات من غي تعطيل‪ ،‬وَّل تشبيه‪ ،‬وَّل تمثيل‪ ،‬وَّل تأويل‬
‫فاسد‪ ،‬ـهو مفتاح دعوة الرسل‪ ،‬وزبدة رساتلهم‪ ،‬ومطلب نبوتهم‬
‫هم‬ ‫عليهم السَّلم‪ ،‬والل عز وجل حيب أن هحيمد‪ ،‬ه‬
‫وي َّ‬
‫ويثىن عليه‬ ‫مجد‪،‬‬
‫بما ـهو أـهله‪ ،‬وأحب احلمد واملجد ذكر سبحانه وتعاىل بأسماء مجال‪،‬‬
‫وصفات كمال‪ ،‬ونعوت جَّلل‪ ،‬فحقيقة توحيد األسماء والصفات‬
‫يه‪ :‬اإليمان واتلصديق اجلازم بانفراد الل سبحانه وتعاىل‪ ،‬جبميع ما‬
‫وسماه به رسول ‘ من األسماء احلسىن‪ ،‬وجبميع ما‬ ‫سَّم به نفسه‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫ً‬
‫وصف به نفسه‪ ،‬ووصفه به رسول ‘ من الصفات العىل‪ ،‬إثباتا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫ونفيًا‪ ،‬إثباتا بَّل تمثيل‪ ،‬ونفيًا بَّل تعطيل‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ‬
‫بصحة‬ ‫وقت شكك فيه املشككون‬ ‫ٍ‬ ‫جاء ـهذا الكتاب ف‬
‫األسماء‪ ،‬وعدم فهم معانيها‪ ،‬وقلة اَّلرتباط العقدي فيها‪ ،‬وذللك قال‬
‫ابن القيم رْحه الل‪" :‬لك من ل مسكة من عقل يعلم‪ :‬أن فساد العالم‬
‫وخرابه‪ ،‬إنما نشأ من تقديم الرأي ْع الويح‪ ،‬واهلوى ْع العقل‪ ،‬وما‬
‫قلب إَّل استحكم ـهَّلكه‪،‬‬‫استحكم ـهذان األصَّلن الفاسدان ف ٍ‬
‫َّ‬
‫أمة إَّل فسد أمرـها َّ‬
‫أتم فساد‪ ،‬فَّل إلـه إَّل الل‪ ،‬كم نيف بهذه‬ ‫وَّل‬
‫ه‬
‫اآلراء من حق‪ ،‬وأثبت بها من باطل‪ ،‬وأميت بها من ـهدى‪ ،‬وأحي بها‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫من ضَّللة‪ ،‬وكم ـه ِد َم بها من معقل اإليمان‪ ،‬وع ّمر بها من دين‬
‫املتصف بالكمال‪َّ ،‬‬‫َّ‬
‫املزنه عن لك عيب‬ ‫الشيطان" فالل سبحانه وتعاىل‬
‫َّ‬
‫ومثال‪ ،‬قد سهل ْع عباده طريق اهلدى‪ ،‬وقطع املعذرة‪ ،‬وإزاحة العلة‪،‬‬
‫والشبهة‪ ،‬فقال جل جَّلل‪{ :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [األنفال]‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫فشكرا للشيخ أيب عبد الرْحن ْع ما قدم‪ ،‬ووفقه الل تعاىل‬
‫َّ‬
‫وسدد خطاه‪ ،‬واحلمد لل رب العاملي‪.‬‬
‫كتبه أ‪ .‬د‪ .‬بسام الشطي‬
‫رئيس قسم العقيدة وادلعوة‬
‫بكلية الرشيعة ـ جامعة الكويت‬
‫اخلميس ‪ 1430/10/12‬ـه ــ ‪2009/10/1‬م‬

‫‪10‬‬
‫‪‬‬

‫تقديم الشيخ‬

‫حفظه اهلل(‪)1‬‬ ‫حاي بن سامل احلاي‬


‫بسم الل‪ ،‬واحلمد لل‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع رسول الل وآل‬
‫وسلم‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فقد قرأت كتاب األخ الفاضل أيب عبد الرْحن ماـهر‬
‫نافعا ً‬
‫ماتعا‪ ،‬قد مجع مؤلفه حفظه الل أسماء الل‬ ‫مقدم‪ ،‬فألفيته كتابًا ً‬
‫احلسىن اثلابتة اليت أربت ْع تسعة وتسعي ً‬
‫اسما من أسماء الرب‬
‫جهدا ً‬
‫طيبا جزاه الل ً‬ ‫ً‬
‫خيا‪ ،‬ف مجع أسماء‬ ‫العظيم‪ ،‬ولقد بذل املؤلف‬
‫ً‬ ‫الل عز وجل‪ ،‬وكتابه قد حوى هد ً‬
‫ررا ونقوَّل من بعض العلماء‪ ،‬ف‬
‫رشح وبيان أسماء الل عز وجل‪ ،‬ومما يمَّي كتاب أخينا ماـهر جزاه‬
‫صح عن انليب ‘‪،‬‬ ‫خيا‪ ،‬أنه حرص ْع أن يورد ف كتابه ما َّ‬ ‫الل ً‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫صنعا‪ ،‬بأن ذكر الفوائد‬ ‫وجتنب الضعيف‪ ،‬وقد أحسن املؤلف‬
‫الرتبوية‪ ،‬والفرائد اإليمانية‪ ،‬ف معرفة الل تعاىل‪.‬‬
‫َّ‬
‫وإن العلم بأسماء الل وصفاته علم مبارك‪ ،‬ل فوائد عدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫(‪ )1‬أن ـهذا العلم أرشف العلوم‪ ،‬وأفضلها وأعَّلـها‪.‬‬
‫(‪ )2‬أن معرفة الل والعلم به تدعو إىل حمبته وتعظيمه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )3‬أن الل تعاىل حيب أسماءه وصفاته‪ ،‬وحيب ظهور آثارـها ف‬
‫خلقه‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )4‬أن الل خلق اخللق وأوجدـهم من العدم‪ ،‬وسخر هلم ما ف‬
‫السماوات وما ف األرض يلعرفوه ويعبدوه‪.‬‬
‫(‪ )5‬أن أحد أراكن اإليمان الستة ـهو اإليمان بالل وصفاته‬
‫وأسمائه احلسىن‪.‬‬
‫(‪ )6‬أن العلم بالل تعاىل أصل العلوم لكها‪.‬‬
‫(‪ )7‬أن معرفة الل ومعرفة أسمائه وصفاته جتارة راحبة‪.‬‬
‫(‪ )8‬أن العلم بأسماء الل وصفاته ـهو الوايق من الزلل واملقيل‬
‫من العرثات‪.‬‬
‫فهذه مجلة من األسباب العظيمة ادلالة ْع فضل العلم بأسمائه‬
‫وصفاته وشدة حاجة العباد إيلها‪.‬‬
‫جهد تلقريب مثل ـهذا‬ ‫خيا ْع ما بذل من‬ ‫فجزى الل املؤلف ً‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫فالل أسأل أن يرزقنا وإياه‬ ‫سهل ميَّس‪،‬‬‫ٍ‬ ‫العلم للناس بأسلوب‬
‫اإلخَّلص ف القول والعمل‪ ،‬وآخر دعوانا أن احلمد لل رب العاملي‪،‬‬
‫وصىل الل وسلم وبارك ْع نبيه حممد وآل وصحبه أمجعي‪.‬‬
‫كتبه‬
‫أبو عمر‬
‫حاي بن سامل احلاي‬
‫‪/11‬ربيع األول‪ 1430 /‬ـ ‪2009/3/8‬م‬

‫‪12‬‬
‫‪‬‬

‫تقديم الشيخ الفاضل‬


‫حفظه اهلل(‪)1‬‬ ‫د‪ .‬عثمان حممد اخلميس‬

‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع رسول األمي‪ ،‬أما‬


‫بعد‪:‬‬
‫فأي عباد ٍة أعظم من معرفة الل تعاىل‪ ،‬بأسمائه وصفاته‬
‫ٌ‬
‫وأفعال‪ ،‬فهذا علم مطلوب ذلاته‪ ،‬وإنما يرشف العلم برشف املعلوم‪،‬‬
‫ه‬
‫وذلك أن انلفس تطيب وتسعد عند ذكر معبودـها سبحانه وتعاىل‪،‬‬
‫وتأنس وترتاح إذا َّ‬
‫تعرفت ْع فاطرـها وموَّلـها سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫َّ‬
‫وقد قام أخونا ماـهر مقدم حفظه الل وراعه جبمع ما تيَّس ل‬
‫من أسماء الل احلسىن‪ ،‬ونقل أقوال أـهل العلم ف بيان معانيها‬
‫ومدلوَّلتها‪ ،‬وما ينبيغ أن يستشعره املسلم وـهو يتعرف ْع بارئه‬
‫سبحانه‪ ،‬وقد أحسن حفظه الل ف استيعاب ملن كتبه قبله ف‬
‫إضافات نافعة‪ ،‬نفع الل به‪ ،‬وإن كنت‬
‫ٍ‬ ‫ـهذا املوضوع‪ ،‬وأضاف إيله‬
‫لم أوافقه ف بعض ما نسب إىل الل تعاىل من األسماء‬
‫يأت ببدع من القول‬
‫احلسىن(‪ ،)2‬وـهذا رأيي‪ ،‬ول رأيه‪ ،‬ويكفيه أنه لم ٍ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ـهذه املقدمة للطبعة األول‪.‬‬
‫=‬ ‫(‪ )2‬وـهذه األسماء اليت لم يوافقن فيها فقد أثبتها مجهور األئمة من املتقدمي واملتأخرين مثل‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫‪‬‬
‫به‪ ،‬اتبع فيه من ـهو أعلم من ومنه من سلف ـهذه األمة(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ذخرا يوم‬ ‫فأسأل الل جل وعَّل أن ينفع به‪ ،‬وأن جيعلها ل‬
‫القيامة‪ .‬والل أعلم‪ ،‬وصىل الل وسلم وبارك ْع نبينا حممد‪.‬‬

‫وكتبه‬

‫د‪ .‬عثمان بن حممد اخلميس‬


‫‪1430/11/15‬ـه‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(القريب) فقد أثبته لك من‪ :‬ابن القيم‪ ،‬وابن منده‪ ،‬واألصبهاين‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬وسفيان ابن عيينة‪ ،‬وابن‬ ‫=‬
‫السعدي‪ ،‬وابن باز‪ ،‬وابن عثيمي‪ ،‬واألشقر وغيـهم الكثي‪.‬‬
‫(احلي) فقد أثبته لك من‪ :‬ابليهيق‪ ،‬والقرطيب‪ ،‬وابن منده‪ ،‬واألصبهاين‪ ،‬وابن حجر‪ ،‬وابن القيم‪ ،‬وابن‬
‫السعدي‪ ،‬وابن باز‪ ،‬والعثيمي‪ ،‬واهلراس‪ ،‬والقحطاين‪.‬‬
‫َّ‬
‫(املحيط) وقد حذفته كما بينت ف املقدمة‪.‬‬
‫(‪ )1‬وقد علمت أن لك ـهذه األسماء أجازـها سماحة املفيت العام للمملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪‬‬

‫املقدمة‬

‫احلمد لل رب العاملي‪ ،‬والصَّلة والسَّلم ْع خي األنبياء‬


‫واملرسلي‪ ،‬نبيِنا حممد وْع آل وأصحابه الطيبي املزكي‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فإن من اكن ف قلبه أدىن حياة‪ ،‬وطلب للعلم‪ ،‬أو نهمة للعبادة‪،‬‬
‫َّ‬
‫ينبيغ أن يكون أعظم شغله‪ ،‬وأجل مقصوده‪ ،‬معرفة أسماء الل‬
‫تعاىل احلسىن‪ ،‬وصفاته العَّل‪ ،‬ألنه أرشف العلوم‪ ،‬وأفضلها مزنلة‪،‬‬
‫ً‬
‫وأعَّلـها ماكنة‪ ،‬وأجلها رشفا‪ ،‬فهو الفقه األكّب ف ادلين‪ ،‬وأسَّم‬
‫املراتب ف كمال اإليمان وايلقي‪ ،‬وذلك أن رشف العلم يعلو برشف‬
‫معلومه‪ ،‬وَّل أرشف وأفضل من العلم بالل تبارك وتعاىل‪ ،‬بأسمائه‬
‫َّ‬
‫احلسىن‪ ،‬وصفاته العَّل‪ ،‬اليت جاءت ف اآليات والسنة املطهرة‪ ،‬قال‬
‫ابن القيم رْحه الل‪" :‬من اكن ف قلبه أدىن حياة‪ ،‬أو حمبة لربه عز‬
‫وشوق إىل لقائه‪ ،‬فطلبه هلذا ابلاب‬
‫ٍ‬ ‫وجل‪ ،‬وإرادة لوجهه الكريم‪،‬‬
‫وحرصه ْع معرفته‪ ،‬وازدياده من اتلبرص‪ ،‬وسؤال‪ ،‬واستكشافه عنه‪:‬‬
‫ّ‬
‫ـهو أكّب مقاصده‪ ،‬وأعظم مطابله‪ ،‬وأجل اغياته‪ ،‬وليست القلوب‬

‫‪15‬‬
‫‪‬‬
‫الصحيحة‪ ،‬وانلفوس املطمئنة إىل يشء من األشياء أشوق منها إىل‬
‫معرفة ـهذا األمر‪ ،‬وَّل فرحها بيشء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة‬
‫َ َ َّ‬
‫حل‬ ‫احلق فيه‪ ،‬فإذا أرشقت ْع القلوب أنوار ـهذه األسماء‪ ،‬اضم‬
‫عندـها لك نور‪ ،‬ووراء ـهذا ما َّل خيطر بابلال‪ ،‬وَّل تنال عبارة"(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫املتضمنة للصفات العَّل‪ ،‬يه احلياة‬ ‫فالعلم بأسمائه احلسىن‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َّ‬
‫اخلي‬ ‫احلقيقية‪ ،‬اليت َّل أذل وَّل أمجل منها‪" ،‬ومن فقد ـهذه احلياة فقد‬
‫تعوض من ادلنيا‪ ،‬بل ليست ادلنيا بأمجعها‬ ‫تعوض عنها بما َّ‬ ‫لكَّه‪ ،‬ولو َّ‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫عوضا عن ـهذه احلياة‪ ،‬فمن لك يشء يفوت عوض‪ ،‬وإذا فاته الل‪ ،‬لم‬
‫ّ‬ ‫يه ِ‬
‫عوض عنه اليشء ابلتة" ‪ ،‬ألنه لكما اكنت املعرفة بها أتم‪ ،‬والعلم‬
‫(‪)2‬‬

‫بها أكمل‪ ،‬اكنت اخلشية لل تعاىل أعظم وأكرث‪ ،‬قال الل العظيم‪:‬‬
‫{ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ(‪.)4(})3‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫برش ِ‬
‫سيد األولي واآلخرين ‘‪ ،‬جبنة عرضها السماوات‬ ‫وقد‬
‫ً‬
‫اسما من‬ ‫واألرض‪ ،‬ملن أحىص لل تبارك وتعاىل‪ ،‬تسعة وتسعي‬
‫ِ‬
‫أسمائه احلسىن تعاىل‪ ،‬فتسابق العلماء والعارفون‪ ،‬والصديقون‬
‫ً‬
‫والصاحلون‪ ،‬ف لك زمان وماكن‪ ،‬إىل إحصائها‪ ،‬أمَّل منهم ف نيل‬
‫ادلرجات العَّل‪ ،‬عند ربهم األْع‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬اجلواب الاكف (‪.)133‬‬ ‫(‪ )1‬الصواعق املرسلة (‪ ،)161/1‬والوابل الصيب (‪.)64‬‬

‫(‪ )3‬قال ابن عباس ريض الل عنهما‪" :‬اذلين يعلمون أن الل ْع لك يشء قدير" اتلفسي الصحيح (‪ .)172/4‬وـهذا‬
‫(‪ )4‬انظر ابن كثي (‪.)553/3‬‬ ‫من فقهه ~‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪‬‬
‫وإن مما يؤسف ل‪ ،‬أن أكرث املسلمي ايلوم عن ـهذا األمر‬
‫ً‬
‫كثيا من املسلمي ف مشارق‬ ‫اغفلون‪ ،‬ومما يؤسف ل كذلك‪ ،‬أن‬
‫األرض ومغاربها‪ ،‬يتعبدون بأسماء لم تثبت عن الل جل وعَّل‪ ،‬وَّل‬
‫يتعبدون الل بأسماء انترشت من غي ديلل‬ ‫عن رسول ‘‪ ،‬وإنما َّ‬

‫رصيح‪ ،‬وَّل سند صحيح‪ ،‬فإن لك الروايات اليت رسدت األسماء‬


‫احلسىن ضعيفة(‪ ،)1‬لم يثبت عن املصطىف ‘ يشء منها‪ ،‬وإنما يه‬
‫واحد من أـهل‬
‫ٍ‬ ‫اجتهادات مدرجة من بعض الرواة‪ ،‬وقد نقل غي‬
‫العلم أن ـهذه الروايات لكها ضعيفة(‪ ،)2‬وقد طبعت ْع شلك‬
‫وريقات صغية‪ ،‬أو ف لوحات تعلق ْع اجلدران‪ ،‬مقترصة ْع ـهذه‬
‫الروايات الضعيفة‪.‬‬
‫وملا اكن ـهذا األمر ف اغية األـهمية واخلطورة‪ ،‬اجتهد علماء‬
‫ربانيون ف مجعها‪ ،‬من أدلة رصحية‪ ،‬ومن طرق صحيحة(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأخيا‪ ،‬ف مجعها من مظانها من‬ ‫فاستعنت بالل جل وعَّل أوَّل‬
‫مبس ًطا‪َّ ،‬ل الطويل اململ‪ ،‬وَّل‬ ‫ً‬
‫رشحا َّ‬ ‫املصادر واملراجع‪ ،‬ورشحتها‬
‫القليل املخل‪ ،‬مبتدأ ف بيان املعىن اللغوي للك اسم‪ ،‬ثم بيان بعض‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬وأشهر ـهذه الروايات‪ :‬رواية الويلد بن مسلم‪ ،‬انظر لَّلسزتادة‪ :‬الرسالة القيمة‪ ،‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬لعبد الل‬
‫بن غصن (ص ‪.)149‬‬
‫(‪ )2‬كشيخ اإلسَّلم ابن تيمية (‪ ،)379/2‬وابن الوزير ف العواصم (‪ )228/7‬والصنعاين ف سبل السَّلم (‪.)108/4‬‬
‫(‪ )3‬كجمع العَّلمة ابن عثيمي رْحه الل ف كتابه (القواعد املثىل)‪ ،‬وادلكتور عبد الل الغصن ف كتابه (أسماء‬
‫الل احلسىن)‪ ،‬واألستاذ ادلكتور اجلليل حممود الرضواين ف كتابه انلفيس القيم (أسماء الل احلسىن اثلابتة ف‬
‫الكتاب والسنة)‪ ،‬وـهو أفضل من أحىص أسماء الل احلسىن‪ ،‬ورشحه من أحسن الرشوح‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪‬‬
‫معانيه الرشعية‪ ،‬ثم ذكر اقرتانه مع أسماء أخر‪ ،‬وـهذا أصعب وأدق‬
‫ما ف ـهذا ابلاب‪ ،‬ثم ذكر بعض جَّلل‪ ،‬وثمراته‪ ،‬فما اكن صوابًا فمن‬
‫ً‬
‫الل تعاىل‪ ،‬وما اكن خطأ فمن نفيس ومن الشيطان‪ ،‬والل تعاىل آمل‬
‫أن يهدينا ملا اختلف فيه من احلق بإذنه‪ ،‬إنه يهدي من يشاء إىل‬
‫رصاط مستقيم‪.‬‬

‫وأسأل الل تبارك وتعاىل أن يرزق اكتبه‪ ،‬وقارئه‪ ،‬ونارشه‪ ،‬ولك‬


‫من ساـهم ف نرشه‪ ،‬مرافقة نبيِنا حممد ‘ ف أْع الفردوس‪" ،‬امهلل‬
‫آمي"‪.‬‬

‫رب العنملني‬ ‫وآ ر دعواًن أن احلمد‬

‫األحد ‪2009/3/1‬‬
‫‪ /4‬ربيع األول‪1430/‬ـه‬

‫‪18‬‬
‫‪‬‬

‫املراد بإحصاء األمساء احلسنى‬


‫ا‬ ‫ا‬
‫تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪ ،‬منئ‪ ،‬إال واحدا‪ ،‬من‬ ‫قال ‘‪> :‬إن‬
‫أحصنهن د ل اجلن‪.)1(<،‬‬
‫إن إحصاء أسماء الل تعاىل احلسىن‪ ،‬شأنه عجب‪ ،‬وفتحه‬
‫عجب‪ ،‬صاحبه قد سيقت ل السعادة‪ ،‬وـهو مستلق ْع فراشه‪ ،‬غي‬
‫ّ‬
‫مرشد عن سكنه‪،‬‬ ‫مشتت عن وطنه‪ ،‬وَّل‬ ‫تعب وَّل مكدود‪ ،‬وَّل‬
‫ٍ‬
‫فالعلم بها أصل لسائر العلوم‪ ،‬فمن أحصاـها كما ينبيغ‪ ،‬أحىص مجيع‬
‫العلوم‪ ،‬ألن املعلومات يه من مقتضاـها‪ ،‬ومرتبطة بها(‪.)2‬‬
‫وقد حقق معىن اإلحصاء اإلمام ابن القيم رْحه الل وذكر أنه‬
‫ثَّلثة أنواع ويه‪:‬‬
‫ّ‬
‫(‪ )1‬إحصاء ألفاظها وعدـها‪.‬‬
‫(‪ )2‬فهم معانيها ومدلوهلا‪.‬‬
‫(‪ )3‬دعـاء الل سـبحانه وتعـاىل بهـا‪ ،‬واتلعبد بمقتضـاـها(‪.)3‬‬
‫فتحصيلها حتصيل معانيها ف القلب‪ ،‬وامتَّلء القلب من آثار ـهذه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬طريق اهلجرتي (‪ ،)394‬بدائع الفوائد (‪.)163/1‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)6957‬ومسلم (‪.)2677‬‬
‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)64/1‬‬

‫‪19‬‬
‫‪‬‬
‫املعرفة‪ ،‬فإن لك اسم ل ف القلب خاضع لل تعاىل‪ ،‬املؤمن به أثر‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫وحال‪َّ ،‬ل حي ّصل العبد ف ـهذه ادلار‪ ،‬وَّل ف دار القرار أجل وأعظم‬
‫منها(‪.)1‬‬

‫‪،]180‬‬ ‫[األعراف‪:‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ}‬


‫أخّبنا ربنا جل جَّلل‪ ،‬أن ل أسماء حسىن‪ ،‬أي بالغة ف احلسن‬
‫نهايته واغيته‪ ،‬انفرد بها عن مجيع املخلوقات بالكمال‪ ،‬واجلمال‪،‬‬
‫َّ‬
‫واجلَّلل‪ ،‬وقد دلت اآلية أن أعظم ما يهدىع الل تعاىل به ويهسأل‪:‬‬
‫أسماؤه احلسىن‪.‬‬

‫وادلاعء بهن ًواعن‪:‬‬

‫األول‪ :‬داعء مسأل‪ ،‬وطلب‪ :‬وـهو سؤال الل تعاىل باسم ما‬
‫يناسب ذلك املطلوب‪ ،‬كأن يقول‪ :‬امهلل اغفر يل إنك أنت الغفور‪،‬‬
‫امهلل ارزقن يا رزاق‪ ،‬أو ادلاعء باسم يدل ف مبناه ومعناه ْع كرثة‬
‫الصفات وسعة املعاين‪ ،‬وادلَّلَّلت‪ ،‬مثل‪ :‬الل‪ ،‬الرب‪ ،‬الح القيوم‪،‬‬
‫املجيد‪ ،‬العظيم‪ ،‬امللك‪ ،‬فإن ادلاعء بها يناسب لك مطلوب ومرغوب‪.‬‬

‫انلوع اثلنين‪ :‬داعء العبندة‪ :‬وـهو اتلعبد لل تعاىل واثلناء عليه‬


‫بأسمائه احلسىن‪ ،‬فلك اسم يتعبد به بما يقتضيه ذلك اَّلسم من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫علما‪ ،‬ومعرفة‪،‬‬ ‫العبودية اخلاصة به إذ لك اسم ل تعبد خمتص به‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فتح الرحيم امللك (ص ‪.)11‬‬

‫‪20‬‬
‫‪‬‬
‫ه‬ ‫ً‬
‫العبد أن الل سميع بصي عليم‪ ،‬أثمر ل حفظ‬ ‫وحاَّل‪ ،‬فإذا علم‬
‫لسانه وجوارحه‪ ،‬وخطرات قلبه‪ ،‬عن لك ما َّل يريض ربه عز وجل‪،‬‬
‫ف ظاـهره وباطنه‪ ،‬وإذا علم أن الل تعاىل جميد‪ ،‬عظيم‪ ،‬كبي‪ ،‬أثمرت‬
‫ل السيع تلعظيمه وإجَّلل‪ ،‬بكل وسيلة رشعية ممكنة‪.‬‬

‫وإذا علم أن ربه سبحانه حسيب‪ ،‬وكيل‪ ،‬انبعثت من العبد قوة‬


‫اتلولك عليه‪ ،‬واتلفويض إيله‪ ،‬والرضا اثلقة به‪ ،‬وبكل ما جيريه‬
‫عليه‪ ،‬ورضاه بما يفعله به‪ ،‬وخيتاره ل‪ ،‬وكذلك أسماؤه اجلميل‪،‬‬
‫واألكرم‪ ،‬تمأل القلوب من أنوار املحبة‪ ،‬والود‪ ،‬والشوق‪ ،‬ومقتىض‬
‫ً‬
‫جابلا لرْحة الل‬ ‫الرْحن الرحيم تقتيض العمل الصالح اذلي يكون‬
‫تعاىل‪ ،‬ومقتىض الغفور الغفار‪ :‬املغفرة‪ ،‬فافعل ما يكون سببًا ف‬
‫مغفرة ذنوبك‪ ،‬وـهكذا‪( ،‬وباجلملة) تبىق حراكته‪ ،‬وأقوال‪ ،‬وخواطره‪،‬‬
‫موزونة بمَّيان الرشع‪ ،‬غي مهملة‪ ،‬وَّل مرسل ٍة حتت حكم الطبيعة‪،‬‬
‫واهلوى‪ ،‬والل جل وعَّل حيب اتلعبد بمقتضيات أسمائه‪> ،‬شكور<‬
‫حيب الشاكرين‪ ،‬و>عليم< حيب لك اعلم‪> ،‬عفو< حيب العفو وأـهله‪،‬‬
‫وأكمل انلاس عبودية‪ ،‬املتعبد جبميع األسماء والصفات‪ ،‬فَّل حتجبه‬
‫عبودية اسم‪ ،‬عن عبودية اسم آخر (‪.)1‬‬

‫**‬ ‫**‬ ‫**‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مدارج السالكي (‪ ،)420/1‬والفوائد (‪ 80‬ـ ‪ ،)82‬ومفتاح دار السعادة (‪ 510/2‬ـ ‪ ،)513‬وفتح الرحيم‬
‫امللك (‪ ،)49‬والقول املفيد ْع اتلوحيد‪ ،‬للعَّلمة ابن عثيمي (‪.)258/2‬‬

‫‪21‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)1‬‬‫أنواع صفات الرَّبِّ عز وجل‬


‫من األصول َّ‬
‫املقررة عند أـهل السنة واجلماعة ف ـهذا ابلاب‪ :‬أن‬
‫َّ‬
‫يتضمن صفة‪،‬‬ ‫أسماءه احلسىن مشتقة من صفاته العَّل‪ ،‬فلك اسم‬
‫وليس بالعكس‪ ،‬فمن أسمائه (الرْحن)‪ :‬يدل ْع صفة الرْحة‪،‬‬
‫َّ‬
‫العزة‪ ،...‬ومن صفاته امليجء‪ ،‬والزنول‪،‬‬ ‫(عزيز)‪ :‬يدل ْع صفة‬
‫واإلرادة‪ ،‬وَّل يسَّم‪ :‬باجلايئ‪ ،‬وانلازل‪ ،‬واملريد(‪.)2‬‬
‫فإذا اكن األمر كذلك‪ ،‬ينبيغ أن يعلم أن صفات الل العَّل‬
‫تنقسم إىل قسمي‪ :‬صفنت ثبوتي‪ ،،‬وصفنت منفي‪.،‬‬
‫ةنثلبوتي‪ ،‬يه‪ :‬الصفات اليت تدل ْع معىن ثبويت ووجودي‪،‬‬
‫وـهذا انلوع ـهو املقصود األعظم(‪ ،)3‬ويه لك صفة أثبتها ربنا جل‬
‫جَّلل ف كتابه احلكيم‪ ،‬أو أثبتها املصطىف ‘ البشي انلذير ‘ ف‬
‫ه‬
‫سنته‪ ،‬ويه لكها صفات كمال‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وْحد‪ ،‬وعظمة‪َّ ،‬ل نقص فيها‬
‫بكثي من الصفات املنفية(‪.)4‬‬
‫ٍ‬ ‫بوجه من الوجوه‪ ،‬وهلذا اكنت أكرث‬
‫والقسم اثلنين‪ :‬ا صفنت املنفي‪ ،،‬وتسَّم (السلبية) ويه‪:‬‬
‫الصفات اليت نفاـها ربنا تبارك وتعاىل ف كتابه‪ ،‬أو نفاـها انليب ‘‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ألحقت فهرس ًا في آخر الكتاب في داللة كل اسم على صفات الرب (ص ‪.)279‬‬
‫(‪ )2‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)161/1‬مدارج السالكين (‪ ،)140/1‬القواعد المثلى البن عثيمين (‪.)30‬‬
‫(‪ )3‬الاكفية الشافية (‪ ،)116‬والصفات اإلهلية لدلكتور حممد بن أمان اجلايم (‪.)203‬‬
‫(‪> )4‬رشح العقيدة الواسطية< َّلبن عثيمي (‪> ،)142/1‬رشح القواعد املثىل< (‪ 130‬ـ ‪.)139‬‬

‫‪22‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬
‫ف سنته‪ ،‬ويه صفات نقص ف حقه‪ ،‬تهضاد كمال وجَّلل‪.‬‬
‫وا صفنت اثلبوتي‪ ،‬تنقسم كذلك إىل قسمي‪ :‬صفنت ‪،‬ات‪،‬‬
‫وصفنت أةعنل‪.‬‬
‫ةصفنت اذلات‪ :‬يه الصفات اليت َّل تنفك عن الل حبال من‬
‫األحوال‪ ،‬فيه مَّلزمة ذلاته العلية ْع ادلوام‪ ،‬ف األزل واألبد‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ّ‬
‫الح‪ ،‬والعليم‪ ،‬الوتر)‪.‬‬ ‫الوجه‪ ،‬وايلدين‪ ،‬والعيني‪( ،‬ومن األسماء‪:‬‬
‫وا صفنت الفعلي‪ :،‬يه الصفات اليت تتعلق بمشيئته وإرادته‪،‬‬
‫ِ‬
‫إن شاء فعلها‪ ،‬وإن شاء لم يفعلها‪ ،‬ولك صفات األفعال متعلقة‪،‬‬
‫وصادرة عن صفات ثَّلث‪ :‬القدرة الاكملة‪ ،‬واملشيئة انلافذة‪،‬‬
‫واحلكمة الشاملة‪.‬‬
‫ومن أمثلتها‪ :‬الزنول إىل السماء ادلنيا‪ ،‬واَّلستواء ْع العرش‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫واملحبة‬ ‫والض ِحك‪ ،‬والفرح‪ ،‬والعجب‪ ،‬والغضب‪ ،‬والسخط‪،‬‬
‫ِ‬
‫واملسعر)‪.‬‬ ‫وحنوـها‪( ،‬ومن األسماء‪ :‬الرب‪ ،‬والرزاق‪ ،‬والقيوم‪ ،‬والشاف‪،‬‬

‫ويه كذلك نواعن‪:‬‬


‫األول‪ :‬صفات فعلية هلا سبب معلوم‪ :‬مثل الرض‪ ،‬فالل عز‬
‫وجل إذا وجد سبب الرض‪ ،‬ريض‪ ،‬كما قال عز شأنه‪{ :‬ﭺ ﭻ‬
‫ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬
‫ﮉ} [الزمر‪( .]7 :‬ومن األسماء‪ :‬الشكور‪ ،‬والغفور‪ ،‬والقريب‪ ،‬واحلليم)‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪‬‬
‫اثلنين‪ :‬صفات ليس هلا سبب معلوم‪ ،‬مثل‪ :‬الزنول إىل السماء‬
‫ادلنيا لك يللة‪ ،‬حي يبىق ثلث الليل اآلخر‪.‬‬
‫وا رصفنت املنفي‪ ،‬كذ ا ًواعن‪:‬‬
‫ً‬ ‫َّ َّ‬
‫األول‪ :‬صفنت منفي‪ ،‬متصل‪ :،‬وـهو نيف لك ما يناقض صفة من‬
‫صفات الكمال اليت وصف الل تعاىل بها نفسه‪ ،‬أو وصفه بها رسول‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫صىل الل عليه وسلم‪ِ ،‬‬
‫يتصور قيامه‬ ‫وسيم متصَّل؛ ألن املنيف معىن‬
‫ِ‬
‫اكلسنة‪ ،‬وانلوم املناف لكمال قيوميته‪ ،‬اجلهل‬ ‫باذلات املنيف عنها‪:‬‬
‫املناف لكمال علمه‪ ،‬الظلم املناف لكمال عدل‪.‬‬
‫اثلنين‪ :‬صفنت منفي‪ ،‬منفصل‪ :،‬ويه تزنيه الل تعاىل عن أن‬
‫ٌ‬
‫أحد من خلقه‪ ،‬ف يش ٍء من خصائصه اليت َّل تنبيغ ل‪،‬‬ ‫يشاركه‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ألوـهيته‪ ،‬والودل‪ ،‬والصاحبة‪،‬‬ ‫كنيف الرشيك عنه ف ربوبيته‪ ،‬ويف‬
‫ً‬ ‫وانلصي‪ ،‬وغي ذلك‪ ،‬ه‬ ‫وانلِ ِد‪َّ ،‬‬
‫وس ِيم منفصَّل؛ ألن املنيف يشء‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫منفصل عن اذلات‪ ،‬وـهو أمر متعلق بها‪ ،‬لكنه خارج عنها‪ ،‬فنيف‬
‫الودل‪ ،‬والزوجة‪ ،‬أشياء منفصلة عن تلك اذلات(‪ .)1‬ومن األسماء‬
‫ادلالة ْع الصفات املنفية‪( :‬السَّلم‪ ،‬والسبوح‪ ،‬والقدوس‪ ،‬والصمد‪)...‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫"ومما تقدم يظهر للناظر أن اإلثبات مقصود ذلاته‪ ،‬وأما انليف‬
‫وح مر ٌز وْحاية لإلثبات"(‪.)2‬‬
‫فهو مقصود لغيه‪ ،‬فهو حصن ِ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر >رشح القواعد املثىل< (‪ 130‬ـ ‪َّ )139‬لبن عثيمي‪> ،‬القواعد اللكية لألسماء والصفات< (‪)158‬‬
‫د‪ .‬إبراهيم البريكان‪> ،‬انليف ف صفات الل عز وجل< أيب حممد سعيداين (‪ 120‬ـ ‪.)124‬‬
‫(‪> )2‬القواعد اللكية لألسماء والصفات< (‪.)155‬‬

‫‪24‬‬
‫‪‬‬

‫اسم اهلل األعظم‬


‫أخّب الصادق املصدوق ‘ أن لل تعاىل ً‬
‫اسما أعظم‪ ،‬اذلي إذا‬
‫ه‬
‫ديع به أجاب‪ ،‬وإذا سئل به أعطى‪ ،‬فقد ذـهب معظم أـهل العلم أن‬
‫اسم اجلَّلل (الل) ـهو اَّلسم األعظم(‪ )1‬ملا جاء عن انليب ‘‪:‬‬
‫(‪ )1‬أنه سمع أحد الصحابة يدعو بهذا ادلاعء‪> :‬امهلل إين أسأ ا أين‬
‫أشهد أًا أًت ا ‪ ،‬ال هلإ إال أًت‪ ،‬األحد ا صمد‪ ،‬اذلي م يدل و م يودل‪،‬‬
‫َ‬ ‫و م يكن هل ا‬
‫كفوا أحد< فقال ‘‪> :‬واذلي ًفيس بيد ‪ ،‬لقد سأل ا‬
‫ٰ‬
‫أعطى<(‪.)2‬‬ ‫بنسمه األعظم‪ ،‬اذلي إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به‬
‫ً‬
‫(‪ )2‬وسمع ‘ رجَّل يصل ثم داع‪> :‬امهلل إين أسأ ا بأن ا‬
‫َّ‬
‫احلمد‪ ،‬ال إلهه إال أًت‪ ،‬املننن‪ ،‬بديع ا سموات واألرض‪ ،‬ين ‪،‬ا اجلالل‬
‫بنسمه‬ ‫واإلكرام‪ ،‬ين يح ين قيوم< فقال انليب ‘‪> :‬لقد داع ا‬
‫ٰ‬ ‫ُ‬
‫أعطى<(‪.)3‬‬ ‫العظيم‪ ،‬اذلي إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به‬
‫َّ‬
‫واالسم األعظم ـهو‪ :‬ما دل ْع مجيع ما لل سبحانه من صفات‬
‫وتضمن ما ل من نعوت العظمة واجلَّلل واجلمال‪ ،‬فهذا ـهو‬‫َّ‬ ‫الكمال‪،‬‬
‫َّ‬
‫اَّلسم األعظم ملا دل عليه من املعاين اليت يه أعظم املعاين‪،‬‬
‫وأوسعها(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬صحيح ابن ماجه (‪.)3112‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح أيب داود (‪.)1493‬‬ ‫(‪ )1‬انظر ص‪.31‬‬
‫(‪ )4‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)26‬وجمموع الفوائد (‪ )250‬للعَّلمة ابن السعدي‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪‬‬

‫وصية عزيزة‬
‫َّ‬
‫إن إحصاء أسماء الل احلسىن مطلب "عظيم انلفع‪َّ ،‬ل يلقاه إَّل‬
‫ه‬
‫أصحاب انلفوس الرشيفة‪ ،‬واهلمم العايلة"(‪ .)1‬فهو أول ما ترصف‬
‫إيله العناية‪ ،‬وأرشف ما رصفت فيه األنفس هلذه الغاية‪ ،‬اذلي عليها‬
‫مدار السعادة‪ ،‬فَّل تزال مرتقيًا ف املعايل ْع قدر حتصيلك هلا‪،‬‬
‫واتلعبد بمقتضاـها‪ ،‬تكون لك الزلىف عند الل تعاىل‪ ،‬ف ادلرجات‬
‫العَّل ف جنات املأوى‪ ،‬فاحرص راعك الل تعاىل أن يكون ّ‬
‫ـهمك‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫ـهما واحدا‪ ،‬وـهو إحصاء أسماءه احلسىن‪ ،‬فاجتهد ف اتلفقه فيه‪ ،‬ف‬
‫يللك ونهارك‪ ،‬ف حرضك وسفرك‪ ،‬ف منشطك ومكرـهك‪ ،‬فإنه سوف‬
‫ً‬
‫عظيما ف املعرفة‪ ،‬واملحبة‪ ،‬والشوق‪ ،‬والذلة‪ ،‬واألنس‬ ‫يفتح لك بابًا‬
‫يعّب عنه ِ‬ ‫َّ‬
‫جل وعَّل‪ ،‬ما َّل يصفه الواصفون‪ ،‬وفوق ما ِ‬
‫املعّبون‪.‬‬ ‫بالل‬
‫ً‬
‫فإن دخلت فيه‪ ،‬وفتح لك ابلاب‪ ،‬فَّل أكون مبالغا إن قلت‬
‫لك‪ :‬رأيت ما َّل عي رأت‪ ،‬وَّل أذن سمعت‪ ،‬وَّل خطر ْع قلب برش‪،‬‬
‫ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ألن "صاحب ـهذا احلال ف جنة معجلة‪ ،‬قبل جنة اآلخرة‪ ،‬ويف‬
‫نعيم اعجل"(‪ )2‬ليس ل مثيل ف ـهذه ادلار‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬رسالة ابن القيم إىل أحد إخوانه (‪.)29‬‬ ‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)205/2‬‬

‫‪26‬‬
‫‪‬‬

‫اسم اجلاللة (اهلل)(‪ )1‬جل شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} آية الكريس [ابلقرة‪]255 :‬‬

‫ـهذا اَّلسم اجلليل ـهو أعظم األسماء احلسىن وأعَّلـها‪َّ ،‬‬


‫تفرد الل‬
‫به تبارك وتعاىل عن مجيع العاملي‪ ،‬وقد قبض الل تعاىل أفئدة‬
‫ِ‬
‫التسيم به‪ ،‬من غي مانع وَّل وازع‪ ،‬قال‬ ‫اجلاـهلي وألسنتهم عن‬
‫تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ}‬
‫[لقمان‪.)2(]25 :‬‬
‫وـهذا اَّلسم العظيم جامع جلميع األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات‬
‫العَّل‪ ،‬دال عليها باإلمجال‪ ،‬فإذا داع به العبد‪ ،‬فقال‪( :‬امهلل)(‪ )3‬فقد‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اذل َّ‬ ‫ِ‬
‫والفعلية‪.‬‬ ‫اتية‬ ‫داع بكل أسمائه تعاىل احلسىن‪ ،‬وصفاته العىل ‪،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪( :‬ا ) أصله (اإللهه)(‪" ،)5‬واإللـه ف لغة‬
‫ملعان أربعة يه‪ :‬املعبود‪ ،‬وامللجأ‪ ،‬واملفزوع إيله‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫العرب‪ ،‬أطلق‬
‫ً‬
‫عظيما‪ ،‬واذلي حتتار العقول فيه"(‪.)6‬‬ ‫واملحبوب ًّ‬
‫حبا‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ذو األلوـهية والعبودية للك الّبية‪:‬‬
‫ً‬ ‫ه ًّ‬ ‫تؤهله قلوب العباد‪ًّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫حبا‪ ،‬وذَّل‪ ،‬وخوفا‪،‬‬ ‫‪ )1‬فهو تعاىل اذلي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لم ندخله ف (‪ )99‬ألنه ـهو األصل ف إسناد األسماء لكها إيله كما سيأيت‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي (يا الل) انظر جَّلء األفهام (‪.)117‬‬ ‫(‪ )2‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)268‬واألسىن للقرطيب (ص‪)348‬‬
‫(‪ )5‬بدائع الفوائد (‪.)492/1‬‬ ‫(‪ )4‬مدارج السالكي (‪.)32/1‬‬
‫(‪ )6‬منهج جديد دلراسة اتلوحيد للشيخ عبد الرْحن عبد اخلالق (ص ‪ ،)12‬واألسىن (‪ 348‬ـ ‪.)351‬‬

‫‪27‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫وفزاع إيله ف احلوائج‪ ،‬وانلوائب‪.‬‬ ‫ً‬
‫وخضواع‪،‬‬ ‫ً‬
‫وتعظيما‪،‬‬ ‫ً‬
‫ورجاء‪،‬‬ ‫ً‬
‫وطمعا‪،‬‬
‫حبق‪ ،‬املستحق للعبادة وحده‪،‬‬ ‫‪ )2‬فهو سبحانه اإلل املعبود ٍّ‬

‫وإخَّلص ادلين ل‪ ،‬دون ما سواه‪ ،‬ولك ما عبد من دونه باطل من‬


‫عرشه إىل قرار أرضه‪.‬‬
‫‪ )3‬وـهو الل اجلامع لصفات األلوـهية‪ ،‬املنعوت بنعوت الربوبية‪،‬‬
‫املنفرد بالوحدانية باألزيلة‪ ،‬واألبدية الَّسمدية‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ )4‬فهو جل وعَّل اجلامع للك صفات الكمال‪ ،‬وعلو الشأن‪،‬‬
‫واجلَّلل‪ ،‬والعظمة‪ ،‬واجلمال‪ ،‬بغاياتها ْع الكمال األقىص‪ ،‬اذلي ل‬
‫أمجل األسماء احلسىن‪ ،‬اليت َّل أحسن منها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫لك َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫واملّبأ عن اآلفات‬ ‫انلقائص‪ ،‬والشوائب‪،‬‬ ‫املزنه عن‬ ‫‪)5‬‬
‫َّ‬
‫واملعايب‪َّ ،‬ل رشيك ل‪ ،‬وَّل شبيه‪ ،‬وَّل مثيل ‪ ،‬وَّل نِد ‪ ،‬وَّل نظي ‪ ،‬وَّل‬
‫معي ل(‪ ،)1‬لكمال من لك الوجوه‪.‬‬
‫َّ‬
‫هللالل (ا ) هللل هللالهل‪ :‬قال ‘‪> :‬ال أحيص ثننء عليا‬
‫هم َ‬ ‫أًت كمن أثنيت ٰ‬
‫ىلع ًفسا<(‪ )2‬كيف حيىص جَّلل ـهذا اَّلسم‬
‫ِ‬
‫اجلليل اذلي ل من لك كمال أكمله وأعَّله‪ ،‬وأوسعه‪ ،‬وأعظمه‪ ،‬فما‬
‫َّ‬
‫ذكر ـهذا اَّلسم ف قليل إَّل كرثه‪ ،‬وَّل عند خوف إَّل أزال‪ ،‬وَّل عند‬
‫يق إَّل‬ ‫َّ‬ ‫َ ٍّ َ ٍّ‬
‫كرب إَّل كشفه‪ ،‬وَّل عند ـهم وغم إَّل فرجه‪ ،‬وَّل عند ِض ٍ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ ،)27/3( ،)32/1‬جمموع الفتاوى (‪ ،)202/13‬األسىن (‪.)348‬‬
‫(‪ )2‬مسلم (‪.)486‬‬

‫‪28‬‬
‫‪‬‬
‫َو َّسعه‪ ،‬وَّل تعلَّق به ضعيف إَّل َّ‬
‫قواه‪ ،‬وَّل ذيلل إَّل َّ‬
‫أعزه‪ ،‬وَّل فقي إَّل‬
‫مغلوب إَّل نرصه‪ ،‬فهو اَّلسم‬ ‫ٍ‬ ‫أغناه‪ ،‬وَّل مستوحش إَّل آنسه‪ ،‬وَّل‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫اذلي تكشف به الكربات‪ ،‬وتستزنل به الّباكت‪ ،‬وجتاب به‬
‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫ادلعوات‪ ،‬وترفع به ادلرجات‪ ،‬وتستجلب به احلسنات‪ ،‬وتستدفع به‬
‫ِ‬
‫السيئات(‪ ،)1‬فَّل أعظم من جَّلل (الل) تبارك وتعاىل‪.‬‬
‫َّ‬
‫(ا ) االسم األعظم‪ :‬ذـهب معظم أـهل العلم إىل أن اسم‬
‫اجلَّللة (الل) ـهو اَّلسم األعظم(‪ ،)2‬اذلي إذا هد ِ َ‬
‫يع به أجاب‪ ،‬وإذا هس ِئل‬
‫به أعطى‪ ،‬قال اإلمام الغزايل‪" :‬اعلم أن ـهذا اَّلسم أعظم األسماء‬
‫التسعة والتسعي‪ ،‬ألنه دال ْع اذلات اإلهلية اجلامعة لصفات اإلهلية‬
‫لكها حىت َّل يشذ منها يشء‪ .)3("...‬وذلك ملا يل من األدلة‪:‬‬
‫ه‬ ‫م‬
‫(‪ )1‬أنه أكرث األسماء ِذك ًرا ف القرآن‪ ،‬حيث ذكر (‪)2724‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫مرة(‪ ،)4‬وافتتح سبحانه به ف كتابه الكريم ثَّلثا وثَّلثي آية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫(‪ )2‬أنه اَّلسم الوحيد اذلي ورد ف لك األحاديث اليت أخّب بها‬
‫الرسول ‘ أن فيها اسم الل األعظم(‪.)5‬‬
‫(‪ )3‬أن الل تبارك وتعاىل يضيف سائر األسماء احلسىن إىل‬
‫ـهذا اَّلسم العظيم‪ ،‬كقول‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ}‬
‫ه‬
‫[األعراف‪ ،)6(]180 :‬يقال‪( :‬الل) الرْحن‪ ،‬والرحيم‪ ،‬والقدوس‪ ،‬والسَّلم‪...‬‬
‫ً‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الكم ابن القيم نقَّل من تيسي العزيز احلميد (ص ‪ )30‬بترصف يسي‪.‬‬
‫(‪ )3‬املقصد األسىن (‪.)37‬‬ ‫(‪ )2‬انظر >اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص‪.)130‬‬
‫(‪ )5‬انظر >اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص‪.)130‬‬ ‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬عمر األشقر (‪.)33‬‬
‫ا‬ ‫َّ‬
‫(‪ )6‬وكما ف احلديث‪> :‬إن تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪.<...‬‬

‫‪29‬‬
‫‪‬‬
‫من أسماء الل‪ ،‬وَّل يقال‪( :‬الل) من أسماء الرْحن‪ ،‬وَّل من أسماء‬
‫َّ‬ ‫العزيز‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬ه‬
‫فعلم أن اسمه (الل) جل وعَّل مستلزم جلميع‬
‫معاين األسماء احلسىن‪ ،‬دال عليها باإلمجال(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )4‬أنه أكرث ما يدىع الل جل وعَّل بلفظ‪( :‬امهلل) ومعناه‪ :‬يا‬
‫الل‪ ،‬قال احلسن ابلرصي‪" :‬امهلل جممع ادلاعء"‪" ،‬فإذا قال السائل‪:‬‬
‫امهلل إين أسألك‪ :‬كأنه قال‪ :‬أدعو الل اذلي ل األسماء احلسىن‪،‬‬
‫والصفات العىل بأسمائه وصفاته"(‪.)2‬‬
‫(‪ )5‬أن الل تبارك وتعاىل قبض عنه األفئدة واأللسنة‪ ،‬فلم‬
‫أحد ْع التَّ ِ‬
‫سيم به‪.‬‬
‫ٌ‬
‫يتجارس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪ )6‬أنه اذلي يفتتح به لك أمر تّباك وتيمنا‪.‬‬
‫َّ ٌ‬
‫(‪ )7‬أنه متعارف عند اجلميع‪ ،‬لم تنكره أمة من األمم‪.‬‬
‫(‪ )8‬أنه إذا ارتفع من األرض قامت الساعة(‪.)3‬‬
‫َّ ٌ‬
‫اثلمرات‪ :‬عندما يعلم املؤمن أن الل تعاىل متصف بهذا اَّلسم‬
‫ِ‬
‫العظيم‪ ،‬ينبيغ ل أن يقوم حبقه من اتلعبد‪ ،‬اذلي ـهو كمال احلب‪ ،‬مع‬
‫َّ‬
‫كمال اذلل واتلعظيم‪ ،‬اذلي َّل يشء أطيب للعبد‪ ،‬وَّل أذل‪ ،‬وَّل أـهنأ‪ ،‬وَّل‬
‫حمبته تعاىل‪ ،‬ودوام ذكره‪ ،‬ف لسانه‪ ،‬وقلبه‪،‬‬ ‫أنعم لقلبه وعيشه‪ ،‬من َّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاـهرا وباطنا‪ ،‬وـهذا‬ ‫وعقله‪ ،‬والسيع ف مرضاته واخلشوع واخلضوع ل‬
‫ـهو الكمال اذلي َّل أكمل للعبد بدونه "ومن اكن كذلك فقد َّ‬
‫تم ل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬بدائع اتلفسي (‪ 491/1‬ـ ‪.)493‬‬ ‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ 32/1‬ـ ‪.)33‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ )268‬واألسىن (ص ‪ 345‬ـ ‪.)354‬‬

‫‪30‬‬
‫‪‬‬
‫غناه بالل تعاىل‪ ،‬وصار من أغىن العباد‪ ،‬ولسان حال يقول‪:‬‬
‫مال عن انلاس لكهـم‬
‫غنيت بَّل ٍ‬
‫وإن الغىن العايل عن اليشء َّل به‬
‫َّ‬
‫فيال من غىن ما أعظم خطره وأجل قدره"(‪.)1‬‬

‫‪ 1‬ـ اهلل (الرَّبُّ) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭖﭗﭘﭙﭚ} [الفاحتة]‪.‬‬


‫وقال سبحانه‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [يس]‪.‬‬
‫والمدبِر‪،‬‬ ‫َّ‬
‫والسيد‪ ،‬ه‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬يطلق ا رب ْع‪ :‬املالك‪،‬‬
‫ِ‬
‫واملرِّب‪ ،‬والقيِم‪ ،‬ه‬
‫والمنعم‪ ،‬ه‬
‫والمصلح‪ ،‬واملعبود‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والرب ف األصل من الرتبية‪ ،‬وـهو إنشاء اليشء حاَّل فحاَّل إىل‬
‫ً‬ ‫َّ ً‬
‫معرفا باأللف والَّلم مطلقا إَّل لل عز وجل‪،‬‬ ‫اتلمام‪ .‬وَّل يقال (ا رب)‬
‫ً‬
‫ويطلق مضافا ل ولغيه‪ ،‬حنو‪{ :‬ﮆ ﮇ}‪ ،‬وإذا أطلق ْع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غيه أضيف‪ ،‬كرب ادلار‪ ،‬ورب الفرس‪ ،‬لصاحبهما(‪.)2‬‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا رب اذلي َّل رب نلا سواه‪:‬‬
‫الع َّباد‪ ،‬يملك املالك واململوك‪ ،‬ومجيع‬
‫‪ )1‬فهو رب األرباب‪ ،‬ومعبود ه‬

‫العباد‪ ،‬وـهو خالق ذلك ورازقه‪.‬‬


‫ِ‬
‫‪ )2‬فاسم الرب ل اجلمع اجلامع جلميع املخلوقات‪ ،‬فهو رب لك‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انلهاية َّلبن األثي (‪ ،)338‬املفردات (‪.)336‬‬ ‫(‪ )1‬انظر طريق اهلجرتي (‪.)68‬‬

‫‪31‬‬
‫‪‬‬
‫يشء‪ ،‬وخالقه‪ ،‬والقادر عليه‪َّ ،‬ل خيرج يشء عن ربوبيته‪ ،‬ولك َم من‬
‫ٌ‬
‫ف األرض والسموات‪ ،‬عبد ل ف قبضته‪ ،‬وحتت قهره(‪.)1‬‬
‫‪ )3‬فهو تعاىل السيد املطاع‪ ،‬اذلي َّل شبه ل‪ ،‬وَّل مثل ف سؤدده‪،‬‬
‫فهو سبحانه اذلي يسوس مربوبه‪ ،‬ويربيه كيف‪ ،‬وكما شاء(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫‪ )4‬فهو سبحانه اذلي رّب مجيع املخلوقات بنعمه‪ ،‬وأوجدـها‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وأعدـها للك كمال يليق بها‪ ،‬وأمدـها بما حتتاج إيله‪ ،‬أعطى لك يش ٍء‬
‫ه‬ ‫َّ‬ ‫مَ ّ‬
‫الَّلئق به‪َّ ،‬‬
‫ثم ـهدى لك خملوق ملا خلق ل‪ ،‬وأغدق ْع عباده‬ ‫خلقه‬
‫ابلقاء ‪.‬‬
‫ٰ‬
‫(‪)3‬‬ ‫بانلِعم العظيمة‪ ،‬اليت لو فقدوـها لم يكن هلم‬
‫وـهذا اَّلسم اجلليل جيمع الكثي من صفات األفعال‪" ،‬بل إنه إذا‬
‫ه‬
‫فرد يتناول ف دَّلتله‪ ،‬سائر أسماء الل احلسىن‪ ،‬وصفاته العليا"(‪.)4‬‬
‫أ ِ‬
‫ٌ‬
‫عزيز ف نفوس‬ ‫وهلذا اكن ـهذا اَّلسم العظيم الكبي الشأن‪،‬‬
‫وقلوب األنبياء‪ ،‬واألويلاء‪ ،‬وأول األبلاب‪ ،‬تلضمنه معاين اجلَّلل‬
‫واجلمال والكمال‪ ،‬هلذا اكن تصدير ادلاعء ف اغلب أدعية القرآن‬
‫َّ‬
‫الكريم‪ ،‬وسنة احلبيب ‘ به‪ ،‬ف ِمن داعء أبوينا عليهما السَّلم‪:‬‬
‫{ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ}‬
‫[األعراف]‪ ،‬وداعء موىس عليه السَّلم‪{ :‬ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ} [القصص‪ ،]24 :‬وداعء إبراـهيم عليه السَّلم‪{ :‬ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬األسىن (‪ ،)394/1‬مدارج السالكي (‪ )2( .)34/1‬انظر‪ :‬تفسي الطّبي (‪ ،)62/1‬ومعارج القبول (‪.)80‬‬
‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)40‬واتلفسي (‪ )39‬الكـهما للعَّلمة ابن سعدي‪.‬‬
‫(‪ )4‬فقه األسماء احلسىن‪ ،‬د‪ .‬عبد الرزاق ابلدر (‪.)79‬‬

‫‪32‬‬
‫‪‬‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ} [إبراـهيم]‪ ،‬وداعء نبيِنا ‘‪:‬‬
‫{ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ} [املؤمنون]‪ ،‬وداعء أول‬
‫العلم‪{ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [آل عمران‪ ،]8 :‬وداعء عباد‬
‫الرْحن األصفياء‪{ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ}‬
‫[الفرقان‪.]74 :‬‬

‫فقد ورد ـهذا اَّلسم املبارك "ف أكرث من (‪ )900‬موضع ف كتاب‬


‫الل تبارك وتعاىل"(‪ ، )1‬ناـهيك عن كرثة وروده ف السنة املطهرة‪ ،‬فقد‬
‫َّ‬
‫عده بعض أـهل العلم من الصحابة "كأيب ادلرداء‪ ،‬وابن عباس ريض‬
‫الل عنهم‪ ،‬أنه اسم الل األعظم"(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫وربوبيته هللل وعال خللقه ًواعن‪:‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )1‬ربوبي‪ ،‬اعم‪ :،‬ويه جلميع اخلَّلئق بَ ِرـهم وفاجرـهم‪ ،‬مؤمنهم‬
‫واكفرـهم‪ ،‬حىت اجلمادات‪ ،‬ويه تربيته هلم باخللق‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬واإلصَّلح‪،‬‬
‫والرزق‪ ،‬واإلنعام‪ ،‬والسيادة‪ ،‬وامللك‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )2‬ربوبي‪ ،‬نص‪ :،‬ويه تربيته سبحانه ألصفيائه‪ ،‬بإصَّلح‬
‫قلوبهم‪ ،‬وأرواحهم‪ ،‬وأخَّلقهم‪ ،‬وأعماهلم‪ ،‬فيغذيهم باإليمان‪ ،‬وخيرجهم‬
‫من الظلمات إىل انلور‪ ،‬وتيسيـهم لليَّسى‪ ،‬وجتنيبهم للعَّسى‪،‬‬
‫ِ‬
‫لك ّ‬ ‫ِ‬
‫رش‪ ،‬وهلذا اكن أكرث داعئهم‬ ‫وتيسيـهم للك خي‪ ،‬وحفظهم من‬
‫بهذا اَّلسم اجلليل‪ ،‬ألنهم يطلبون منه الربوبية اخلاصة(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر‪> :‬اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص ‪.)146‬‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن لألشقر (ص ‪.)41‬‬
‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)486/5( ،)39/1‬وفتح الرحيم امللك (‪.)40‬‬

‫‪33‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬ ‫* محد مجيع املخلوقنت ٰ‬
‫ىلع ربوبيته‪" :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭞ ﭟ‬
‫ٌ‬
‫إخبار عن ْحد الكون أمجعه ناطقه‬ ‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [الزمر]‪ ،‬ـهذا‬
‫وبهيمه لل رب العاملي‪ ،‬عقيب قضائه باحلق والعدل بي اخلَّلئق‬
‫أمجعي‪ ،‬وهلذا حذف فاعل احلمد من قول‪> :‬وقيل< يلفيد العموم‬
‫واإلطَّلق‪ ،‬حىت َّل يسمع إَّل حامد لل تعاىل من أويلائه ومن أعدائه‪،‬‬
‫َّ‬
‫ومن مجيع خملوقاته‪ ،‬فهو تعاىل املحمود بربوبيته ف ادلنيا واآلخرة‪،‬‬
‫كما قال تعاىل عن أـهل اجلنة‪{ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇ ﮈ} [يونس]"(‪.)1‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ربوبية‬ ‫هللالل ا رب‪ :‬من هللالل ربوبيته تبارك وتعاىل أنها‬
‫ِ‬
‫للك العاملي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [الشعراء]‪ .‬والعاملي‪ :‬لك ما سوى‬
‫الل تعاىل(‪ ،)2‬ومن هللالهلن أنها ربوبية مزنـهة عن لك انلقائص والعيوب‬
‫املتضمنة للك كمال وتعظيم‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﮠ(‪ )3‬ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ} [انلحل]‪ ،‬ويه ربوبية عظمة وجَّلل‪ ،‬مزنـهة عن الشبيه واملثال‪،‬‬
‫َّ‬
‫ربوبية‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ} [الواقعة]‪ ،‬ويه‬
‫َّ‬
‫جل جَّلل‪{ :‬ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫عطف ورْحة‪ ،‬قال‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ} [الفاحتة]‪ .‬وقال تعاىل‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ} [يس]‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسي ابن كثي (‪ ،)75/4‬الصواعق املرسلة (‪.)1496/4‬‬
‫(‪ )3‬ألن التسبيح معناه اتلزنيه‪ ،‬وـهو إبعاد لك نقص عن املوصوف‪ ،‬انظر (ص ‪.)263‬‬ ‫(‪ )2‬ابن كثي (‪.)53/1‬‬

‫‪34‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫فاقرتان ربوبيته برْحته‪ ،‬اكقرتان استوائه ْع عرشه برْحته‪ ،‬قال‬
‫َّ‬
‫عز شأنه‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ} [طه]‪ ،‬فوسع تعاىل لك‬
‫سرت ومغفرة‪ ،‬قال‬
‫يشء بربوبيته‪ ،‬ورْحته(‪ ،)1‬ومن هللالهلن أنها ربوبية ٍ‬
‫تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [سبأ]‪ ،‬فدل ْع أن من أخص‬
‫صفات ربوبيته الرْحة‪ ،‬والرأفة‪ ،‬واملغفرة‪ ،‬وأنها من موجبات‬
‫ربوبيته اجلليلة‪ ،‬ويه ربوبيَّة عزة‪ ،‬وقوة‪ ،‬وغلبة‪ ،‬ومنعة‪ ،‬قال‬
‫سبحانه‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [ص]‪،‬‬
‫ومن هللالهلن أنها ربوبية كرم‪ ،‬وعطاء‪ ،‬وجود بَّل حدود‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [اَّلنفطار]‪.‬‬
‫ومن هللالل ربوبيته أنه "قد استوى ْع عرشه وتفرد بتدبي‬
‫ملكه‪ ،‬فاتلدبي لكه بيديه‪ ،‬ومصي األمور لكها إيله‪ ،‬فمراسيم‬
‫ِ‬
‫اتلدبيات نازلة من عنده‪ْ ،‬ع أيدي مَّلئكته ف لك ساعة وحي‪:‬‬
‫خيلق ويرزق‪ ،‬حيي ويميت‪ ،‬خيفض ويرفع‪ ،‬يعطي ويمنع‪ ،‬يقبض‬
‫ويبسط‪ ،‬يعز ه‬
‫ويذل‪ ،‬يكشف الكرب عن املكروبي‪ ،‬وجييب دعوة‬
‫ِ‬
‫املضطرين"(‪ )2‬فـ{ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} [األعراف]‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للعبد أن يكتيس ثوب العبودية‪ ،‬وخيلع‬
‫ِ‬
‫علو‬ ‫َّ‬
‫الربوبية‪ ،‬لعلمه أن ربه ـهو املنفرد بها‪ ،‬من‬ ‫عن نفسه رداء‬
‫ّ‬
‫الشأن‪ ،‬والقهر‪ ،‬والفوقية(‪ ،)3‬فيِّب نفسه ْع الطاعة والعبودية لرب‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪.)35/1‬‬
‫(‪ )3‬انظر أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪ .‬حممود الرضواين (ص‪.)694‬‬ ‫(‪ )2‬انظر الصَّلة وحكم تاركها (‪.)172‬‬

‫‪35‬‬
‫‪‬‬
‫الّبية‪ ،‬واتباع انليب ‘ ف لك سننه السنية‪" ،‬وأن حيسن تربية من‬
‫هجعلت تربيته إيله‪ ،‬فيقوم بأمره ومصاحله كما قام احلق به" ‪ ،‬ومن‬
‫(‪)1‬‬

‫آمن بربوبية الل تعاىل اجلليلة‪ ،‬ذاق طعم اإليمان اذلي عليه الفَّلح‬
‫ف ادلنيا‪ ،‬ويف ادلار األخروية‪ ،‬قال ‘‪،> :‬اق طعم اإليمنن‪ ،‬من ريض‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫بن ربن وبنإلسالم دينن وبمحمد ‘ رسوال<(‪ ،)2‬وينبيغ للعبد أن‬
‫يتوسل إىل ربه بهذا اَّلسم اجلليل ف لك مطلوب ومرغوب‪ ،‬فإن‬
‫َّ‬
‫العلية‪.‬‬ ‫اإلجابة من لوازم ربوبيته‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 3‬ــ اهلل (الرمحن الرحيم) جل ثناؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ}‬


‫[ابلقرة]‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ـهذان اَّلسمان الكريمان مشتقان من‬
‫(ا رمح‪ْ )،‬ع وجه املبالغة‪ ،‬والرْحة ف اللغة يه‪" :‬الرقة‪ ،‬والشفقة‪،‬‬
‫واحلنان‪ ،‬والعطف‪ ،‬والرأفة"(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا رمحن ا رحيم اذلي َّل‬
‫أرحم منه ف العاملي‪:‬‬
‫‪ )1‬فهو تعاىل أرحم الراْحي‪ ،‬وخي الراْحي‪ ،‬ذو الرْحة الواسعة‪،‬‬
‫اليت َّل اغية بعدـها ف الرْحة‪ ،‬وَّل نظي هلا ف الورى‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬مسلم (‪.)43‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن للقرطيب (‪.)395/1‬‬
‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)498/2‬اتلوحيد َّلبن منده (‪.)47/2‬‬

‫‪36‬‬
‫‪‬‬
‫ئ هلا‪ ،‬وَّل حدود هلا‪ ،‬قد‬‫‪ )2‬فبحار رْحته تبارك وتعاىل َّل شاط َ‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫وسعت لك يشءٍ‪ ،‬ف األرض والسموات العَّل(‪.)1‬‬
‫‪" )3‬فجميع ما ف العالم العلوي والسفل‪ ،‬من حصول املنافع‪،‬‬
‫ِ‬
‫واملسار واخليات‪ ،‬من آثار رْحته تعاىل‪ ،‬كما أن ما رصف عنهم من‬
‫ِ‬
‫املاكره‪ ،‬وانلِقم‪ ،‬والسيئات‪ ،‬من آثار رْحته تعاىل"(‪.)2‬‬
‫‪ )4‬فهو تعاىل أرحم بنا من لك راحم‪ ،‬أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا‬
‫وأوَّلدنا [بل ومن] أنفسنا(‪.)3‬‬
‫الفرق بني (ا رمحن) و(ا رحيم)‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن (ا رمحن)‪ :‬أشد مبالغة من (ا رحيم)‪ ،‬ألن بناء فعَّلن‬
‫السعة والشمول‪ ،‬فهو جيمع لك‬ ‫أشد مبالغة من فعيل‪ ،‬فهو يدل ْع َّ‬
‫َ‬
‫معاين الرْحة‪ ،‬وذللك َّل يهث َّىن وَّل جيمع‪ ،‬فدل ْع أنه تعاىل ذو الرْحة‬
‫ِ‬
‫الشاملة‪ ،‬اليت وسعت لك اخلَّلئق ف ادلنيا‪ ،‬إنسهم وجنهم‪ ،‬مؤمنهم‬
‫واكفرـهم‪ ،‬فما من موجو ٍد ف ـهذا الوجود‪ ،‬إَّل وقد شملته رْحته‪ ،‬أما‬
‫(ا رحيم)‪ :‬فهو ذو الرْحة الواسعة للمؤمني يوم ادلين‪ ،‬فاكن‬
‫للمؤمني احلظ وانلصيب األكّب من ـهذين اَّلسمي ف ادلارين(‪.)4‬‬
‫اثلنين‪ :‬أن (ا رمحن) دال ْع الصفة اذلاتية‪ ،‬اليت َّل تنفك عن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر فتح الرحيم امللك (‪.)15‬‬ ‫(‪ )1‬قال سبحانه‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [األعراف‪.]56 :‬‬
‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪.)405‬‬
‫(‪ )4‬كما ف احلديث‪ ...> :‬ةيكملهن منئ‪ ،‬رمح‪ ،‬ألويلنئه يوم القينم‪ <،‬صحيح ْع رشط الشيخي‪ ،‬انظر "زوائد‬
‫املوطأ واملسند" صالح الشايم (‪.)53/1‬‬

‫‪37‬‬
‫‪‬‬
‫الل تعاىل‪ ،‬و(ا رحيم) دال ْع الصفة الفعلية اليت تتعلق بمشيئته‪.‬‬
‫ٌ‬
‫اثلنلث‪ :‬أن (ا رمحن)‪ :‬خمتص به َّل جيوز أن ي ه َس ََّّم به أحد غي‬
‫الل تعاىل‪ ،‬وَّل يوصف به غيه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬
‫ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ} [اإلرساء‪ ،]110 :‬فعادل به اسم‬
‫اجلَّللة (الل)‪ ،‬اذلي َّل يرشكه فيـه غيه‪ .‬أمـا (ا رحيم)‪ :‬فيوصف بــه‬
‫املخلوق‪ ،‬قال تعاىل ف وصف انليب ‘‪{ :‬ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ} [اتلوبة] ‪ .‬ـهذا إن ذكرا ً‬
‫مجيعا‪ ،‬أما إن‬ ‫(‪)1‬‬
‫ً‬
‫ذكر أحدـهما منفردا عن اآلخر فهو متضمن ل(‪.)2‬‬
‫ٰ‬
‫تعنىل لعبند ‪:‬‬ ‫* أًواع رمحته‬
‫ا‬
‫أوال‪ :‬رمح‪ ،‬اعم‪ :،‬ويه جلميع اخلَّلئق‪ ،‬فلك اخللق مرحومون‬
‫برْحة الل تعاىل‪ ،‬بإجيادـهم وتربيتهم‪ ،‬ورزقهم‪ ،‬وإمدادـهم بانلعم‬
‫والعطايا‪ ،‬وتصحيح أبدانهم‪ ،‬وتسخي املخلوقات واجلمادات هلم‪،‬‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫وغي ذلك من انلعم‪ ،‬اليت َّل تعد وَّل حتىص‪.‬‬
‫ا‬
‫ثنًين‪ :‬رمح‪ ،‬نص‪ :،‬اليت تكون بها سعادة ادلنيا واآلخرة‪ ،‬ويه َّل‬
‫ِ‬
‫تكون إَّل خلواص عباده املؤمني‪ ،‬فيْحهم تعاىل ف ادلًين‪ :‬بتوفيقهم‬
‫إىل اهلداية إىل الرصاط املستقيم‪ ،‬وينرصـهم ْع أعدائهم‪ ،‬ويدفع عنهم‬
‫الرشور واملهالك واملصائب‪ ،‬ويرزقهم احلياة الطيبة انلافعة‪ ،‬اليت تعود‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر ـهذه الفروق‪ :‬تفسي الطّبي (‪ ،)84/1‬لسان العرب (‪ ،)230/1‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)125/1‬بدائع‬
‫(‪ )2‬تفسي سورة النساء َّلبن عثيمي (‪.)11/1‬‬ ‫الفوائد (‪ ،)24/1‬األسىن للقرطيب (‪.)476‬‬

‫‪38‬‬
‫‪‬‬
‫عليهم باملنافع ادلنيوية‪ ،‬وادلينية(‪ ،)1‬وتتجىل ف اآل رة‪ :‬ف أْع‬
‫مظاـهرـها وكماهلا‪ ،‬ف السعادة األبدية‪ ،‬ف دخوهلم جنات الل تعاىل‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫العلية‪ ،‬واتلمتع برؤية رب الّبية(‪.)2‬‬
‫ٰ‬
‫استوى‪ :‬يقرن الل تبارك وتعاىل استواءه‬ ‫* ا رمحن ٰ‬
‫ىلع العرش‬
‫ً‬
‫كثيا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫ْع العرش بهذا اَّلسم اجلليل‬
‫ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ} [الفرقان]‪ ،‬وذلك أن العرش ـهو‬
‫أعظم املخلوقات ْع اإلطَّلق‪ ،‬املحيط بها من مجيع اجلهات‪ ،‬والرْحة‬
‫حميطة جبميع اخلَّلئق‪ ،‬وسعت من ف األرض والسموات‪ ،‬فاستوى ْع‬
‫أوسع املخلوقات‪ ،‬وـهو عرشه‪ ،‬بأوسع الصفات‪ ،‬ويه رْحته(‪.)3‬‬
‫اخللق‪ ،‬كتب‬ ‫ٰ‬
‫قىض ا‬ ‫* رمحته سبقت غضبه‪ :‬قال ‘‪> :‬ملن‬
‫َّ‬ ‫كتنب ةهو عند ‪ ،‬موضوع ٰ‬
‫ىلع العرش‪ :‬إن رمحيت تيلب(‪)4‬‬ ‫ٍ‬ ‫يف‬
‫غضيب<(‪" ،)5‬وـهذا الكتاب العظيم الشأن‪ ،‬اكلعهد منه سبحانه‬
‫للخليقة لكهم‪ ،‬بالرْحة هلم‪ ،‬والعفو عنهم‪ ،‬واملغفرة واتلجاوز والسرت‪،‬‬
‫واإلمهال واحللم‪ ،‬فاكن قيام العالم العلوي والسفل‪ ،‬بمضمون ـهذا‬
‫الكتاب‪ ،‬اذلي لوَّله لاكن للخلق شأن آخر"(‪.)6‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ} [يونس]‪ ،‬اقرتن ف كتاب الل تعاىل بي اسم (ا رحيم) مع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر جمموع الفتاوى (‪ ،)79/8‬وشفاء العليل (‪ ،)263‬أحاكم من القرآن (‪ )184 ،25/1‬ابن عثيمي‪.‬‬
‫(‪ )2‬كما جاء ف احلديث القديس عن اجلنة‪..> :‬أًت رمحيت‪ ،‬أرحم با من أشنء< ابلخاري (‪ ،)4569‬مسلم (‪.)2846‬‬
‫(‪ )3‬انظر مدارج السالكي (‪ ،)34/1‬خمترص الصواعق املرسلة (‪.)121/2‬‬
‫(‪ )4‬ويف رواية‪( :‬سبقت غضيب)‪ )5( .‬ابلخاري (‪ ،)7404‬مسلم (‪ )6( .)2751‬خمترص الصواعق املرسلة (‪.)303‬‬

‫‪39‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫موضعا‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع مزيد من‬ ‫(اليفور) ف اثني وسبعي‬
‫صفات الكمال‪ ،‬إضافة ْع الكمال ف لك اسم بمفرده‪ ،‬ففيه "تكثي‬
‫طرق اتلعظيم للمحمود سبحانه‪ ،‬بتكثي صفات كمال‪ ،‬ادلالة ْع‬
‫عظمته"(‪ :)1‬فمن ذلك‪" :‬أن مغفرة الل تعاىل لعبده‪ ،‬مع استحقاقه‬
‫للعقوبة بمقتىض عدل‪ ،‬إن ـهو إَّل أثر من آثار رْحة الل تعاىل‪ ،‬وـهذا‬
‫من مقتىض رْحته اليت كتبها ْع نفسه‪ ،‬وإَّل لاكن مقتىض العدل‪،‬‬
‫أن يؤاخذ العبد ْع ذنبه‪ ،‬كما جيزيه ْع صالح عمله"(‪. )2‬‬
‫وا كمنل اآل ر‪ :‬أن املغفرة ختلية عن اذلنوب‪ ،‬اليت بها زوال‬
‫املكروه‪ ،‬والرْحة حتلية‪ ،‬أي‪ :‬بها حصول املطلوب‪ ،‬وـهو انلعمة‪،‬‬
‫واإلحسان(‪ ،)3‬هلذا قدم سبحانه (اليفور) ْع (ا رحيم) وـهو أول‬
‫بالطبع‪ :‬ألن املغفرة سَّلمة‪ ،‬والرْحة غنيمة‪ ،‬والسَّلمة تطلب قبل‬
‫الغنيمة‪ ،‬فجمع بينهما لفائدة عظيمة ويه‪ :‬اجلمع بي الوقاية‪ ،‬ويه‪:‬‬
‫انلجاة من لك مرـهوب‪ ،‬والعناية‪ :‬اليت بها حصول لك مرغوب(‪.)4‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [احلج]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع اغية‬
‫الكمال من الرْحة لعباده‪ ،‬وأْع درجاتها‪ ،‬فلوَّل رأفته ويه‪ :‬أشد‬
‫ً‬
‫الرْحة‪ ،‬وأبلغها‪ ،‬ما أبىق الل أحدا من الكفرة‪ ،‬والفجرة‪ ،‬والظلمة‬
‫َّ‬
‫يدب ْع األرض‪ ،‬لكن لشدة رْحته أن أبقاـهم ْع ذنوبهم‪ ،‬ويسبغ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬القواعد اللكية لألسماء والصفات عند السلف‪ .‬د‪ .‬إبراـهيم الّبيكان (‪.)91‬‬
‫(‪ )2‬ولل األسماء احلسىن‪ ،‬عبد العزيز بن نارص اجلليل (‪ )3( .)147‬أي من لوازم الرْحة ومقتضاـها‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)112/1‬تفسي آل عمران (‪ ،)515 ،193/1‬والنساء (‪ )102/2‬للعَّلمة ابن عثيمي‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪‬‬
‫عليهم آَّلءه وإنعامه‪ ،‬وإمهال‪ ،‬كذلك إمساكه السموات أن تقع ْع‬
‫األرض‪ ،‬إن ـهو إَّل أثر من آثار رْحته سبحانه‪.‬‬
‫لق منئ‪،‬‬ ‫هللالل ا رمحن ا رحيم‪ :‬من جَّلهلما‪> :‬أن ا‬
‫رمح‪ ،،‬أًًل منهن رمح‪ ،‬واحدة بني اجلن واإلنس‪ ،‬وابلهنئم‪ ،‬واهلوام‪،‬‬
‫ةبهن يتعنطفون‪ ،‬وبهن يرتامحون‪ ،‬وبهن تعطف ا وحش ٰ‬
‫ىلع ودلهن‪،‬‬
‫ا‬ ‫َّ‬
‫وأ ر ا تسعن وتسعني رمح‪ ،،‬يرحم عبند يوم القينم‪ ،<،‬ويف لفظ‪:‬‬
‫>لك رمح‪ ،‬طبنق من بني ا سمنء واألرض<(‪ .)1‬فاشرتك لك اخلَّلئق بهذه‬
‫ً‬
‫الرْحة‪ ،‬واستأثر الل جل جَّلل املؤمني بتسعة وتسعي رْحة يوم‬
‫القيامة‪ ،‬فاكنت هلم الرْحة اتلامة‪ ،‬ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬
‫عمت حىت الاكفر‪" ،‬فإنه تعاىل قرن الرْحة مع‬ ‫ومن هللالهلن أنها َّ‬

‫العلم ف السعة والشمول‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬


‫ﯢ ﯣ} [اغفر‪ ،]7 :‬فلك ما بلغه علم الل تعاىل‪ ،‬وعلم الل تعاىل‬
‫بالغ للك يشء‪ ،‬فقد بلغته رْحته‪ ،‬فكما يعلم تعاىل الاكفر‪ ،‬يرحم‬
‫َّ‬
‫بدنية‪ ،‬دنيوية‪ ،‬خمتصة‬ ‫الاكفر‪ ،‬لكن رْحته للاكفر رْحة جسديَّة‪،‬‬
‫بادلنيا‪ ،‬من الرزق‪ ،‬والطعام‪ ،‬والرشاب‪ ،‬وامللبس‪ ،‬واملسكن‪ ،‬واملنكح‪،‬‬
‫وغي ذلك‪ ،‬أما املؤمنون فرْحتهم أخص من ـهذه وأعظم‪ ،‬ألنها رْحة‬
‫إيمانية‪ ،‬دينية‪ ،‬دنيوية"(‪ ،)2‬أخروية‪ ،‬أبدية‪.‬‬
‫ومن هللالل رمحته‪ :‬أنها رْحة بعزة‪ ،‬وقوة‪ ،‬وغلبة‪ ،‬ومنعة‪َّ ،‬ل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر رشح الواسطية للعَّلمة (‪َّ )249/1‬لبن عثيمي‪.‬‬ ‫(‪ )1‬مسلم (‪ 2752‬ـ ‪.)2753‬‬

‫‪41‬‬
‫‪‬‬
‫رْحة ضعف وذلة اكلّبية‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ} [الشعراء]‪.‬‬
‫ومن هللالهلن‪" :‬أنه تعاىل أوجب ْع نفسه الرْحة‪ ،‬وـهو إجياب‬
‫تفضل وإنعام‪ ،‬ليس إجياب استحقاق‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ} [األنعام‪.)1("]54 :‬‬
‫ٰ‬
‫تعنىل‪ :‬أنها َّل تقترص ْع املؤمني فقط‪ ،‬بل‬ ‫ومن هللالل رمحته‬
‫ً‬
‫تكريما هلم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯛ‬ ‫تمتد لتشمل ذريتهم من بعدـهم‪،‬‬
‫ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ‬
‫ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ‬
‫ﯱ ﯲ} [الكهف‪.)2(]82 :‬‬
‫ومن هللالهلن‪ :‬أنه كما "خلق اجلنة برْحته [كذلك أنه خلق] انلار‬
‫ً‬
‫أيضا برْحته‪ ،‬فإنها سوطه اذلي يسوق به عباده املؤمني إىل جنته‪،‬‬
‫ِ‬
‫ويطهر بها أدران املوحدين من أـهل معصيته‪ ،‬وسجنه اذلي يسجن فيه‬
‫أعداءه من خليقته"(‪.)3‬‬
‫ٌ‬
‫ومن هللالل رمحته‪ :‬أنها تتضمن أنه َّل يهلك عليه أحد من‬
‫املؤمني‪ ،‬من أـهل توحيده َّ‬
‫وحمبته ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي يثمران جتريد حمبة الل عز وجل‪،‬‬
‫وعبودية الرجاء واتلعلق برْحة الل تعاىل‪ ،‬واتلعرض لألسباب اليت‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية ملعايل الشيخ صالح آل الشيخ (‪.)359/1‬‬
‫(‪ )4‬الصَّلة َّلبن القيم (‪.)174‬‬ ‫(‪ )3‬اجلواب الاكف (‪.)168‬‬ ‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬الرضواين (‪.)240‬‬

‫‪42‬‬
‫‪‬‬
‫تستوجب رْحته تعاىل اخلاصة اليت من أعظمها‪ ،‬طاعة الل تعاىل‬
‫ورسول ‘ {ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ} [آل عمران]‪،‬‬
‫وامتَّلء القلب بالرْحة والعطف مع اإلنسان‪ ،‬واحليوان‪ ،‬قال ‘‪:‬‬
‫>ا رامحون يرمحهم ا ‪ ،‬ارمحوا من يف األرض‪ ،‬يرمحكم من يف ا سمنء<(‪،)1‬‬
‫ُ‬
‫وقال ‘ وـهو ْع املنّب‪> :‬ارمحوا ترمحوا‪ ،‬واغفروا ييفر لكم<(‪.)2‬‬

‫‪ 4‬ـ ـ اهلل (احليّ) جل جالله‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ} [الفرقان‪.]58 :‬‬


‫ِ‬
‫ـهذا اَّلسم اجلليل يدل ْع كمال حياة الرب تبارك وتعاىل‬
‫وتمامها‪ ،‬من مجيع الوجوه‪ ،‬كما أفاد (أل) لَّلستغراق‪.‬‬
‫ً‬
‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه تعاىل ـهو اليح اذلي َّل يموت أبدا‪:‬‬

‫(‪ )1‬فهو تعاىل ذو احلياة الاكملة ف وجودـها‪ ،‬والاكملة ف زمانها‪ ،‬والاكملة‬


‫َ ٍّ‬ ‫َّ َ‬
‫آخ َر ل بأمد(‪.)3‬‬‫أول ل ِحبد‪ ،‬وَّل ِ‬ ‫ف لك أوصافها‪ ،‬فهو سبحانه يح َّل‬
‫م َ ه‬ ‫ه‬
‫حقها زوال‪ْ ،‬ع‬ ‫الح‪ :‬اذلي لم ت مسبَ مق حياته بعدمٍ ‪ ،‬وَّل يل‬
‫َّ‬ ‫(‪ )2‬وـهو‬
‫ادلوام‪ ،‬فوجوده من ذاته ذلاته‪ ،‬لم يستفده من غيه‪.‬‬
‫تأخذه سنَ ٌة وَّل ٌ‬
‫نوم‪ ،‬وَّل نقص‪،‬‬ ‫ه‬ ‫(‪ )3‬ومن كمال حياته وتمامها‪ :‬أنه َّل‬
‫ِ‬
‫ٌ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حال من األحوال‪.‬‬
‫وَّل ضعف‪ ،‬وَّل سهو‪ ،‬وَّل غفلة‪ ،‬وَّل عجز‪ ،‬بأي ٍ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)897‬‬ ‫(‪ )1‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)925‬‬
‫(‪ )3‬انظر ابن جرير (‪ ،)386/5‬تفسي آل عمران َّلبن عثيمي (‪ ،)7/1‬األسىن (‪.)376‬‬

‫‪43‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )4‬وـهو اذلي به َح َيا لك ّ‬
‫يح‪ ،‬فهو اذلي حيي األجسام بعد العدم‬
‫وحييىي انلفوس بنور اهلدى واإليمان بعد اجلهل‪.‬‬
‫(‪ )5‬ومن كماهلا‪ :‬أنه تعاىل اكمل القدرة‪ ،‬نافذ اإلرادة‪ ،‬واملشيئة‪ ،‬ف‬
‫ِ‬
‫وحي(‪َّ )1‬ل يعىص عليه أمر مهما يكون‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وقت‬
‫ٍ‬ ‫لك‬
‫هللالل اليح‪ :‬أنه جيمع لك صفات اذلات وـهو أصلها‪َّ ،‬ل‬
‫تفوته صفة كمال ابلتة‪ :‬من السمع‪ ،‬وابلرص‪ ،‬والعلم‪ ،‬واإلرادة‪،‬‬
‫واملشيئة‪ ،‬والالكم‪ ،‬وسائر صفات الكمال(‪.)2‬‬

‫‪ 5‬ـ اهلل (القَيُّوم) عز شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ} [طه‪]111 :‬‬


‫َ ُّ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬القيوم من ِص َيغ املبالغة‪ ،‬ف القيام ْع‬‫املع ٰ‬
‫اليشء‪ ،‬والراعية ل‪ ،‬واملحافظة‪ ،‬واإلصَّلح(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القيوم‪ :‬اذلي ل‬
‫َّ‬
‫القيومية الاكملة ْع لك يشء‪ ،‬من لك الوجوه‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪ )1‬فهو تعاىل القائم بنفسه مطلقا‪َّ ،‬ل بغيه أزَّل وأبدا‪ ،‬فلم‬
‫حيتاج إىل أحد بوج ٍه من الوجوه‪ ،‬لكمال غناه وقدرته‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو اذلي قامت به مجيع املخلوقات‪ ،‬من ف األرض‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)679/2‬الصواعق املرسلة (‪ ،)1024/3‬شأن ادلاعء (‪.)80‬‬
‫(‪ )2‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪ ،)205‬وجمموع الفتاوى (‪ ،)311/18‬وزاد املعاد (‪.)204/4‬‬
‫(‪ )3‬اللسان (‪ ،)355/11‬شأن ادلاعء (‪.)80‬‬

‫‪44‬‬
‫‪‬‬
‫والسموات‪ ،‬فَّل بقاء هلا‪ ،‬وَّل صَّلح إَّل به سبحانه‪ ،‬فيه فقية إيله‬
‫من لك وجه‪ ،‬وـهو غن عنها من لك وجه‪ ،‬حىت العرش وْحلته‪ ،‬فإن‬
‫العرش إنما قام بالل‪ ،‬وْحلة العرش ما قامت إَّل بالل تعاىل‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه القائم ْع لك العوالم‪ ،‬العلوي‪ ،‬والسفل‪ ،‬وما‬
‫فيهما من خملوقات‪ ،‬ف مجيع أحواهلم‪ :‬بتدبيـهم‪ ،‬وأرزاقهم‪ ،‬وحفظهم‪،‬‬
‫وقت وحي‪.‬‬
‫ويف لك شؤونهم‪ ،‬بالعناية والراعية‪ ،‬ف لك ٍ‬
‫(‪ )4‬وـهو ابلايق اذلي َّل يزول وَّل حيول‪ ،‬ادلائم ف ديمومته‬
‫بالكمال واجلَّلل‪ ،‬ف لك األحوال‪ :‬بذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬
‫(‪ )5‬وقيامه تعاىل بتدبي اخلَّلئق وترصيف لك أمورـهم بتمام‬
‫العدل‪ ،‬والقسط‪ ،‬قال الل العظيم‪{:‬ﭮ ﭯ} [آل عمران‪.]18 :‬‬
‫(‪ )6‬ومن تمام قيوميته‪ :‬أن قامت السموات واألرض واستقرتا‬
‫وثبتتا بأمره‪ ،‬وقدرته‪ ،‬بَّل عمد يعمدـهما(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬يقرن الل تبارك وتعاىل بي (اليح)‬
‫ِ‬
‫و(القيوم) ف كتابه‪ ،‬ألن عليهما مدار األسماء احلهسىن لكها‪ ،‬وترجع‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضم ٍن‪،‬‬ ‫معانيها إيلهما‪ ،‬فهما‬
‫َ‬
‫وأصدقه‪ ،‬ويدل ْع بقائها‪ ،‬ودوامها‪ ،‬بنهاياتها‪ ،‬وحقائقها ْع الكمال‬
‫ً ً‬
‫األقىص‪ ،‬وانتفاء انلقص والعدم عنها‪ ،‬أزَّل وأبدا‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬جامع ابليان (‪ ،)388/5‬اشتقاق أسماء الل (‪ )105‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)84/2‬الآللئ‬
‫ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية (‪ ،)237/1‬تفسي ابن السعدي (‪.)303/5‬‬

‫‪45‬‬
‫‪‬‬
‫َ َّ‬ ‫ُّ‬
‫فكمال األوصاف ف (اليح)‪ ،‬وكمال األفعال ف (القيوم)(‪ ،)1‬فدَّل‬
‫َ َّ‬
‫أجل منها‪ ،‬وكمال صفات اذلات‪،‬‬ ‫ْع كمال اذلات اليت َّل أكمل وَّل‬
‫واألفعال‪ ،‬اليت َّل أْع منها‪" ،‬اذلي فيهما الكمال اذلايت والكمال‬
‫السلطاين" ‪" .‬فانتظم ـهذان اَّلسمان صفات الكمال‪َّ ،‬‬
‫أتم انتظام" ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫عد ٌ‬‫َّ‬
‫مجع من أـهل العلم(‪ )4‬أنهما اسم الل األعظم(‪.)5‬‬ ‫هلذا‬
‫هللالل (القيوم)‪ :‬أنه جامع جلميع صفات األفعال‪َّ ،‬ل يتعذر‬
‫عليه فعل ممكن‪ ،‬اكخللق‪ ،‬والرزق‪ ،‬واإلنعام‪ ،‬واإلحياء‪ ،‬واإلماتة(‪.)6‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يثمران للعبد اتلولك‬
‫ْع الل‪ ،‬واَّلستسَّلم ل تعاىل ف ظاـهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬ف رغبته ورـهبته‪،‬‬
‫قال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ } [الفرقان‪ ،]85 :‬ومن داعء انليب ‘ >امهلل ا أسلمت‪ ،‬وبا‬
‫آمنت‪ ،‬وعليا تولكت‪ ،‬وإيلا أًبت‪ ،‬وبا نصمت‪ ،‬امهلل إين أعو‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعًتا ال إلهه إال أًت أن ت ُ ِضلَّين‪ ،‬أًت ُّ‬
‫اليح اذلي ال يموت‪ ،‬واإلنس‬ ‫َّ‬
‫ُّ‬
‫جلن يموتون<(‪.)7‬‬ ‫وا ِ‬
‫وهلذين اَّلسمي الكريمي تأثي خاص ف إجابة ادلعوات(‪،)8‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪ ،)311/18‬رشح العقيدة الطحاوية (‪ ،)125‬األسىن (‪.)378‬‬
‫(‪ )3‬رشح العقيدة الطحاوية (‪.)125‬‬ ‫(‪ )2‬رشح العقيدة الواسطية‪ ،‬ابن عثيمي (‪.)166/1‬‬
‫(‪ )5‬جمموع الفتاوى (‪ ،)311/18‬ومدارج السالكي‬ ‫(‪ )4‬اكبن تيمية وابن القيِم وغيـهما‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ .)488/1‬كما جاء أن انليب ‘ سمع رجَّل يدعو فقال‪> :‬امهلل إين أسأ ا بأن ا احلمد‪ ،‬ال هلإ إال أًت‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫املننن‪ ،‬ين بديع ا سمنوات واألرض‪ ،‬ين ‪،‬ا اجلالل واإلكرام‪ ،‬ين ُّ‬
‫يح ين قيوم< فقال ‘‪> :‬لقد سألت ا بنسمه‬
‫ٰ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أعطى< سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)3411‬‬ ‫األعظم‪ ،‬اذلي إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به‬
‫(‪ )7‬مسلم (‪.)2717‬‬ ‫(‪ )6‬اتلبيان (‪ ،)205‬والصواعق املرسلة (‪.)2290‬‬
‫(‪ )8‬كما ف احلديث السابق اذلكر‪ ،‬أنهما مظنة اَّلسم األعظم‪ ،‬انظر ص ‪.29‬‬

‫‪46‬‬
‫‪‬‬
‫أمر‬ ‫َّ‬
‫(أـهمه) ٌ‬ ‫وكشف الكربات‪ ،‬وإاغثة اللهفات‪ ،‬فقد اكن ‘ إذا حزبه‬
‫قال‪> :‬ين ُّ‬
‫يح ين قيوم‪ ،‬برمحتا أستييث<(‪ ،)1‬وتكفي اذلنوب والسيئات‬
‫العظام‪ ،‬قال ‘‪> :‬من قنل‪ :‬استيفر ا العظيم اذلي ال هلإ إال هو‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اليح القيوم‪ ،‬وأتوب إيله‪ ،‬غ ِف َر هل‪ ،‬وإن اكن ة َّر من ا ًحف<(‪. )2‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 7‬ـ ‪ 8‬ـ (العلي‪ ،‬األعلى‪ ،‬املتعال) عز شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [ابلقرة]‪.‬‬


‫وقال عز شأنه‪{ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ} [األْع]‬
‫َّ‬
‫وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ} [الرعد]‬

‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬العلو‪ :‬السمو واَّلرتفاع‪ ،‬ويطلق ْع العظمة‬
‫واتلمجيد‪ ،‬واتلجّب(‪ ،)3‬ويأيت بمعىن‪ :‬الغلبة‪ ،‬والقهر(‪ ،)4‬والع ُّ‬
‫ل‪:‬‬
‫ًّ‬
‫علوا‪ :‬إذا ارتفع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العلو‪ ،‬يقال‪ :‬عَّل يعلو‬ ‫الرفيع‪ ،‬وـهو مشتَق من‬
‫وأعجز من رامه‪ ،‬ول معنيان‪ :‬أحدـهما‪ :‬علو املاكن‪ ،‬واثلاين‪ :‬علو‬
‫األىلع‪ْ :‬ع وزن أفعل اتلفضيل‪ ،‬وـهو اذلي ارتفع عن غيه‪،‬‬
‫ٰ‬ ‫املاكنة‪ ،‬و‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫العلو مجيعها ‪ ،‬فدل ْع‬
‫(‪)6‬‬ ‫وفاقه ف وصفه ‪ ،‬فهو جيمع معاين‬ ‫(‪)5‬‬

‫اتلفضيل املطلق ف العلو‪ ،‬واملتعنيل‪ :‬من العلو‪ ،‬أي املرتفع‪ ،‬وـهو يدل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)1622‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)2290‬‬
‫(‪ )3‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ} [القصص‪.]4 :‬‬
‫(‪ )4‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ} [املؤمنون‪.]91 :‬‬
‫(‪ )5‬لسان العرب (‪ 3088/5‬ـ ‪ ،)3091‬معجم مقاييس اللغة (‪ 112/4‬ـ ‪ ،)120‬األسىن (‪.)201‬‬
‫(‪ )6‬اتلفسي الكبي َّلبن تيمية (‪.)135/6‬‬

‫‪47‬‬
‫‪‬‬
‫ْع كمال العلو‪ ،‬ونهايته‪ ،‬وصيغت الصفة بصيغة اتلفاعل‪ ،‬لدلَّللة‬
‫ْع أن العلو صفة ذاتية ل‪َّ ،‬ل غيه(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫ومعىن متقارب‪،‬‬ ‫اشتقاق واحد‪،‬‬ ‫دلت ـهذه األسماء اجلليلة ْع‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫العلو‪" ،‬وأعظم املباينة‪ ،‬وأجلها‪ ،‬وأكملها"(‪ ،)2‬املطلق‬ ‫فتدل ْع كمال‬
‫ه‬
‫لل من مجيع الوجوه‪ ،‬فَّل أحد حييص أفراد كمال علوه إَّل ـهو تعاىل‪.‬‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو العل األ ٰ‬
‫ىلع املتعنل‪:‬‬ ‫املع ٰ‬
‫(‪ )1‬اذلي ل علو اذلات (املاكن)‪ :‬أي أنه تبارك وتعاىل عل‬
‫ِ‬
‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق مجيع خلقه‪ ،‬قال‬
‫ٍ‬ ‫يشء‪،‬‬ ‫لك‬ ‫بذاته أْع من‬
‫تعاىل‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ(‪ )3‬ﮍ} [طه]‪.‬‬
‫(‪ )2‬وعلو القدر (املاكنة)‪ :‬أي علو الصفات‪ ،‬وعظمتها‪ ،‬فلك‬
‫صفة من صفاته تعاىل ل من الكمال أعَّلـها‪ ،‬واغيتها من لك الوجوه‪،‬‬
‫فَّل يقاربها صفة أحد‪ ،‬وَّل يقدر أحد من اخلَّلئق من َّ‬
‫أوهلم إىل‬
‫ِ‬
‫آخرـهم‪ ،‬من إنسهم وجنهم‪ ،‬أن حييطوا بمعاين صفة من صفاته‬
‫الكمال العَّل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮘ ﮙ ﮚ} [انلحل‪.]60 :‬‬
‫(‪ )3‬وعلو القهر والغلبة‪ :‬فهو سبحانه الغالب اذلي َّل يهغلب‪،‬‬
‫والقاـهر اذلي َّل يهقهر‪ ،‬فلك املخلوقات حتت قهره‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬خاضعون‬
‫ِ‬
‫لعلوه سبحانه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام‪.]18 :‬‬
‫(‪ )4‬املتعايل عن الشبيه‪ ،‬وانلظي‪ ،‬واملثيل‪ ،‬جلت صفاته أن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬الصواعق املرسلة (‪.)338/4‬‬ ‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)159/2‬تفسي الطاـهر بن اعشور (‪.)274/15‬‬
‫(‪ )3‬أي‪ :‬عَّل وارتفع كما يليق بكمال وجَّلل‪ .‬الطّبي (‪.)184/5‬‬

‫‪48‬‬
‫‪‬‬
‫شبها‪ ،‬وتعالت ذاته أن تشبه من اذلوات شيئًا‪.‬‬
‫تقاس بصفات خلقه ً‬
‫(‪ )5‬وـهو اذلي عَّل عن لك عيب‪ ،‬ونقص‪ ،‬وسوء‪ ،‬ورش‪َّ ،‬‬
‫مزنه‬
‫عنه من مجيع وجوـهه‪ ،‬لكمال سبحانه ْع اإلطَّلق‪.‬‬
‫(‪ )6‬وـهو العل عن لك كمال يساويه‪ ،‬أو يقرب منه‪ ،‬أو يدانيه‪،‬‬
‫ألنه ليس فوقه ما جيب ل من املعاين اجلَّلل والكمال أحد‪.‬‬
‫يستحق العبادة إَّل‬
‫ِ‬ ‫(‪ )7‬املتعايل عن لك الرشيك ف عبادته‪ ،‬فَّل‬
‫ـهو‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ} [املؤمنون]‪.‬‬
‫(‪ )8‬وـهو املتعايل عن الرشيك ف ربوبيته‪ ،‬فليس ل ظهي‪ ،‬وَّل‬
‫ً‬
‫معي‪ ،‬وَّل ول من اذلل‪ ،‬وَّل نصي من خلقه أحدا‪.‬‬
‫(‪ )9‬وـهو اذلي تعاىل عن الصاحبة‪ ،‬والودل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [اجلن]‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )10‬وـهو اذلي جل عن إفك املفرتين‪ ،‬واملبطلي‪ ،‬وإحلاد‬
‫كبيا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮋ‬ ‫ً‬ ‫امللحدين ف حقه سبحانه وتعاىل‪ًّ ،‬‬
‫علوا‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [اإلرساء]‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )11‬وـهو اذلي تعاىل أن حياط به وصف الواصفي‪ ،‬وجل عن‬
‫لك ثناء‪ ،‬فهو أعظم‪ ،‬وأجل‪ ،‬وأْع مما يهثىن عليه‪.‬‬
‫(‪ )12‬وـهو تعاىل أْع من أن يدركه اخللق باألبصار الفانية بَّل‬
‫حجاب ‪ ،‬فليس لكمال ِ‬
‫علوه تعاىل حد‪ ،‬وَّل عد‪ ،‬وَّل نِد‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬اللسان (‪ ،)3089/4‬معجم مقاييس اللغة (‪ 112/4‬ـ ‪ ،)120‬تفسي الطّبي (‪،)406/5‬‬
‫اتلفسي الكبي (‪ 135/6‬ـ ‪ ،)140‬جمموع الفتاوى (‪ 119/16‬ـ ‪ ،)124‬انلونية (‪ ،)213/2‬األسىن (‪.)213/2‬‬

‫‪49‬‬
‫‪‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ}‬
‫[الشورى]‪ ،‬ذلك أن العل من اخللق قد يتفق علوه‪ ،‬وَّل تصحبه ف ِ‬
‫علوه‬
‫بالقهر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫مستعل‬
‫ٍ‬ ‫حكمة‪ ،‬فكم من ع ٍّ‬
‫ل وـهو سفيه‪ ،‬ظالم‪ ،‬جهول‪،‬‬
‫وابلطش بغي احلق‪ ،‬أما الرب فعلوه سبحانه املطلق من لك الوجوه‪،‬‬
‫علية‪ ،‬شاملة ف مجيع أفراد ِ‬
‫علوه‪ ،‬وهلذا قال سبحانه‬ ‫مقرون حبكم َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وتعاىل‪{ :‬ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ} أي‪ :‬بليغ ف ـهاتي الصفتي‪،‬‬
‫فعلوه تعاىل ف ذاته عن حكمة‪ ،‬وعلوه ف قهره لعباده عن حكمة‪،‬‬
‫وعدم إدراك اخللق ل باألبصار حلكمة‪ ...‬إَّل ما َّل نهاية‪.‬‬
‫ىلع املتعنل‪ :‬أنها تدل ْع صفة العلو اذلاتية‬ ‫هللالل العل األ ٰ‬
‫َّ‬ ‫ً ً‬
‫العلية‪ ،‬فهو‬ ‫لل تعاىل‪ ،‬اليت َّل تنفك عنه أزَّل وأبدا‪ ،‬ويه من لوازم ذاته‬
‫ِ‬ ‫اعل ْع خلقه ْع ادلوام ‪ ،‬ةمن هللالل ر‬
‫علو تعاىل ْع لك يشء‪ ،‬أنه َّل‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ٍ‬
‫خيىف عليه يشء‪ ،‬من عرشه إىل قرار أرضه‪ ،‬يسمع ويرى‪َّ ِ ،‬‬
‫الَّس‬
‫ِ‬
‫بالعلو األْع‪.‬‬ ‫وانلجوى‪ ،‬ويزنل لك يللة إىل السماء ادلنيا‪ ،‬وـهو‬
‫فهو سبحانه "فوق مجيع خلقه‪ ،‬مباين هلم‪ ،‬وـهو مع ـهذا َّ‬
‫مطلع ْع‬
‫ِ‬
‫أحواهلم‪ ،‬مشاـهد هلم‪ ،‬مدبِر ألمورـهم الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬متلكم بأحاكمه‬
‫القدرية‪ ،‬وتدبياته الكوينة‪ ،‬وبأحاكمه الرشعية"(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫وفوقيته‬ ‫اثلمرات‪ :‬من شهد مشهد ِ‬
‫علو الل تعاىل ْع خلقه‪،‬‬
‫لعباده من لك الوجوه‪َّ ،‬‬
‫وتعبد بمقتىض ـهذه الصفة العلية‪ ،‬يصي لقلبه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أما استواؤه ْع العرش‪ :‬فهو صفة فعلية تتعلق بمشيئته‪ .‬انظر جمموع الفتاوى (‪.)68/6‬‬
‫(‪ )2‬توضح الاكفية الشافية (‪.)116‬‬

‫‪50‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صمدا يعرج القلب إيله ناجيًا ل مطرقا‪ ،‬واقفا بي يديه(‪ ،)1‬ف‬
‫السؤال‪ ،‬والرغبة‪ ،‬والرـهبة‪ ،‬واذلل‪ ،‬واملحبة‪ ،‬ويتجىل ـهذا املشهد للعبد‬
‫عند سجوده‪ ،‬وتسبيحه تعاىل بعلوه املطلق اذلي ـهو ف اغية اذلل‬
‫ّ‬
‫للعبد‪ ،‬واغية العزة واملجد للرب‪ ،‬فَّل يزال العبد يعلو بعز العبودية‪،‬‬
‫اليت َّل ّ‬
‫أعز منها ف لك الوجود‪ ،‬إىل أن يصل إىل دار اخللود‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ اهلل (الكريم) جل جالله‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [اَّلنفطار]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا كريم‪ :‬ابليه الكثي اخلي‪ ،‬العظيم انلفع‪،‬‬
‫ً‬
‫كريما‪ ،‬وذللك قيل‬ ‫سيم اليشء انلافع اذلي يدوم نفعه‬‫والعرب ت ه ِ‬
‫ً‬
‫كريما ‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وخطر‬ ‫للناقة احلوار‪ :‬كريمة‪ ،‬ويسَّم اليشء اذلي ل ٌ‬
‫قدر‬
‫(‪)2‬‬

‫والكريم ـهو‪ :‬اذلي ل لك كمال وصفات‪ ،‬فهو اجلامع ألنواع اخلي‪ ،‬والرشف‪،‬‬
‫والفضائل(‪ ،)3‬ويطلق ْع اليشء احلسن املحمود‪ ،‬يوصف بالكرم(‪،)4‬‬
‫والكريم‪َّ :‬‬
‫الصفوح‪ ،‬ويأيت بمعىن العزيز‪ ،‬أي‪ :‬اذلي َّل يهغلب ‪.‬‬
‫(‪)6()5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ )82‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬كما قالت بلقيس عن كتاب سليمان عليه السَّلم‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} [انلمل]‪.‬‬
‫(‪ )3‬ومنه احلديث‪> :‬إن ا كريم بن ا كريم يوسف بن يعقوب< ألنه اجتمع ل رشف َّ‬
‫انلبوة‪ ،‬والعلم‪ ،‬واجلمال‪.‬‬
‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ} [الشعراء] ‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫هه‬
‫أكرمه بالضم‪ :‬إذا غلبته فيه‪.‬‬ ‫(‪" )5‬يقال‪ :‬اكرمت الرجل‪ :‬إذا فاخرته ف الكرم‪ ،‬فكرمته‬ ‫ﭱﭲ} [يوسف]‪.‬‬
‫(‪ )6‬األسىن للقرطيب (‪ 99/1‬ـ ‪ ،)112‬جمموع الفتاوى (‪ ،)294/16‬خمتار الصحاح ( ‪ ،)308‬اشتقاق أسماء الل (‪.)176‬‬

‫‪51‬‬
‫‪‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا كريم اذلي َّل أكرم منه‪:‬‬
‫(‪ )1‬فهو أكرم األكرمي‪َّ ،‬ل يوازيه أي كريم‪ ،‬وَّل يعادل فيه نظي‪.‬‬
‫(‪)2‬وـهو تعاىل ابليه‪ :‬الكثي اخلي‪ ،‬العظيم انلفع‪ ،‬اذلي َّل ينقطع‪.‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )3‬وـهو سبحانه الكريم‪َّ :‬‬
‫الصفوح اذلي يعفو عن عبده الزَّلت‪،‬‬
‫ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وييَّس ل سبل األوبة واخليات‪.‬‬ ‫بل ويبدل سيئاته حسنات‪،‬‬
‫(‪ )4‬وـهو تعاىل دائم اخلي‪ ،‬بَّل انقطاع وَّل انتهاء‪ ،‬يبدأ بانلعمة‬
‫قبل اَّلستحقاق‪ ،‬ويعطي قبل ادلاعء‪ ،‬ويبتدئ باإلحسان من غي‬
‫طلب اجلزاء‪ ،‬ويعطي ما زاد ْع منتىه الرجاء‪ ،‬وَّل يبايل كم‬
‫أعطى‪ ،‬وملن أعطى‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو تعاىل الكريم‪ :‬العزيز‪ ،‬املنيع‪ ،‬العظيم اجلناب‪ ،‬الغالب‬
‫اذلي َّل يهغلب‪ ،‬وَّل يهرام جنابه‪ ،‬وَّل يوصل إىل كنه ذاته‪.‬‬
‫(‪ )6‬وـهو الكريم‪ :‬ل رشف اذلات‪ ،‬وكمال الصفات‪ ،‬والزناـهة‬
‫كرموا من وجه‪،‬‬‫عن لك انلقائص واآلفات‪ ،‬خبَّلف اخللق‪ ،‬فإنهم إن ه‬
‫ه‬
‫سفلوا من وجه آخر‪ ،‬وبيق الكريم بالكمال من لك وجه واعتبار‪.‬‬
‫(‪ )7‬والل تعاىل الكريم‪ :‬اذلي ل قدر عظيم‪ ،‬وخطر كبي‪ ،‬ليس‬
‫ل مثيل‪ ،‬وَّل عديل‪ ،‬فَّل يساميه أحد ف كمال قدره وشأنه‪.‬‬
‫(‪ )8‬ومن كرمه اذلي ليس ل حدود‪ ،‬وَّل مقيد بقيود‪ :‬أنه تعاىل‬
‫يسرت مساوئ األخَّلق(‪ ،)1‬بإظهار معايلها مع ما فيها من العيوب‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)241/2‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪ ،)286‬شأن ادلاعء (‪،)71‬‬
‫اشتقاق أسماء الل (‪ ،)302‬األسىن (‪ ،)121/1‬نظم ادلرر للبقايع (‪.)228/5‬‬

‫‪52‬‬
‫‪‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬اقرتن ـهذا اَّلسم اجلليل باسم‬
‫ٌ‬
‫كريم يستحي إ‪،‬ا رةع ا رهللل إيله‬ ‫احلي) قال ‘‪> :‬إن ربكم ُّ‬
‫حي‬ ‫( ر‬
‫ِ‬
‫َ َّ‬ ‫ُ َّ ُ ُ ا‬
‫زائد ف الكمال‪،‬‬‫يديه‪ ،‬أن يردهمن صفرا نئبتني<(‪ ،)1‬فدل ْع معىن ٍ‬
‫وـهو أن حياءه تعاىل ـهو ترك ما ليس يتناسب مع سعة كرمه وجوده‪،‬‬
‫َّ‬
‫فدل ْع أن حياءه حياء كرم‪ ،‬وبر‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وجود بَّل حدود(‪.)2‬‬
‫(‪ )2‬اقرتن بصفة الكمال (ا وهلله) اذلاتية‪ ،‬كما جاء عن انليب‬
‫العظيم‪ ،‬وبوهللهه ا كريم‪،‬‬ ‫‘ أنه إذا دخل املسجد‪ ،‬قال‪> :‬أعو‪ ،‬بن‬
‫وسلطنًه القديم من ا شيطنن ا رهلليم<(‪ ،)3‬فإن من معاين الكريم‬
‫كما سبق‪ :‬اجلامع ألنواع اخلي‪ ،‬والرشف‪ ،‬والفضائل‪ ،‬املوصوف بغاية‬
‫َّ‬ ‫احلسن‪ ،‬واجلمال‪ ،‬وابلهاء‪َّ ،‬‬
‫املزنه عن انلقائص واآلفات‪ ،‬فدل ـهذا‬
‫اَّلقرتان ْع أن وجه الل تبارك وتعاىل اذلي ـهو من صفات اذلات‪،‬‬
‫موصوف بأْع صفات الكمال‪ ،‬من اغية احلسن‪ ،‬وابلهاء‪ ،‬واجلمال‪،‬‬
‫أحد من األنام‪.‬‬ ‫َّ‬
‫واجلَّلل‪ ،‬املزنه عن مشابهة ٍ‬
‫رب َّ‬ ‫ِ‬
‫العزة واجلَّلل‪:‬‬ ‫كما جاء عن املصطىف ‘ فيما حيكيه عن‬
‫ٰ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫اًتىه إيله‬ ‫>‪ ...‬حجنبه انلور‪ ،‬و كشفه ألحرقت سبحنت وهللهه من‬
‫من لقه< والسبحات‪ :‬مجع هسبهحة‪ ،‬ويه‪ :‬مجال الوجه‪ ،‬وبهاؤه‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ونوره‪ ،‬وجَّلل(‪ ،)5‬ونعوت اتلعايل‪ ،‬وهلذا اكن ‘ يسأل ربه أن يرزقه‬


‫رؤية وجهه الكريم‪ ،‬اذلي ـهو أعظم نعيم‪ ،‬ف جنات انلعيم املقيم‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪ )2( .)3556‬انظر مدارج السالكي (‪ )3( .)259/2‬صحيح أيب داود (‪ )4( .)466‬مسلم (‪)179‬‬
‫(‪ )5‬ذكر انلووي أن ـهذا قول مجيع الشارحي للحديث من اللغويي واملحدثي‪ ،‬رشح صحيح مسلم (‪.)13/3‬‬

‫‪53‬‬
‫‪‬‬
‫إىل وهللها ‪ ،‬وا شوق ٰ‬
‫إىل لقنئا<(‪.)1‬‬ ‫>‪ ...‬امهلل إين أسأ ا ذلة انلظر ٰ‬
‫َّ‬
‫فدل ـهذا اَّلقرتان ْع كمال‪ ،‬وعظمة صفات اذلات‪ ،‬واألفعال‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [انلمل]‪ ،‬دل ـهذا‬
‫اَّلقرتان اجلليل ْع اجتماع عدة كماَّلت‪ ،‬من ذلك‪ :‬أنه ليس لك‬
‫كريما‪ ،‬وليس لك كريم ًّ‬
‫غنيا‪ ،‬أما الل تعاىل فغناه مع كمال‬ ‫ً‬ ‫ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫غن(‪)2‬‬

‫مغن لك‬
‫الكرم‪ ،‬وكرمه عن كمال غىن‪ ،‬فهو مع ـهذا الغىن املطلق‪ٍ ،‬‬
‫عباده من أفضال وإحسانه ف يلله ونهاره‪.‬‬
‫وا كمنل اآل ر‪" :‬أنه تعاىل حمسن إىل عبده مع غناه عنه‪ ،‬يريد‬
‫َّ‬
‫الرض‪َّ ،‬ل جللب منفعة إيله من العبد‪ ،‬وَّل‬ ‫به اخلي‪ ،‬ويكشف عنه‬
‫َّ‬
‫مرضة"(‪ ، )3‬بل من حمض فضله وكرمه‪ ،‬وجوده إيله‪ ،‬فهو تعاىل‬ ‫دلفع‬
‫من كمال غناه وكرمه‪ ،‬أنه خلق العباد يلعبدوه‪َّ ،‬ل ليزقوه‪ ،‬وَّل‬
‫يلطعموه‪ ،‬بل ـهو رازق العاملي(‪،)4‬أما العباد فإنهم لفقرـهم وحاجتهم‬
‫ً‬
‫بعض حلاجته إىل ذلك‪ ،‬وانتفاعه به اعجَّل أو‬
‫إنما حيسن بعضهم إىل ٍ‬
‫ً‬
‫آجَّل‪ ،‬ولوَّل ذلك انلفع ملا أحسن إيله‪ ،‬فهو ف احلقيقة إنما أراد‬
‫اإلحسان إىل نفسه‪ ،‬أما الل سبحانه مع كمال استغنائه عن عباده‪،‬‬
‫ه‬
‫فهو جيود عليهم ف لك وقت من آَّلئه‪ ،‬يريد اإلحسان إيلهم‪َّ ،‬ل إىل‬
‫نفسه سبحانه(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬رواه النسايئ ف املجتىب (‪ ،)54/3‬وصححه األبلاين ف صحيح النسايئ (‪.)1305‬‬
‫(‪ )3‬إاغثة اللهفان (‪.)41/1‬‬ ‫(‪ )2‬املقصود من الغىن ـهنا ـهو عدم اَّلحتياج إىل أحد‪.‬‬
‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫(‪ )5‬انظر إاغثة اللهفان (‪.)41/1‬‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪‬‬
‫هللالل ا كريم‪ :‬من هللالل كرمه تعاىل أنه يسهل خيه وجوده‪،‬‬
‫ويقرب تناول ما عنده بأيَّس األسباب‪ ،‬ألنه سبحانه ليس بينه وبي‬
‫العبد حجاب‪ ،‬فهو تعاىل يعطي بغي سبب‪ ،‬وبدون عوض‪ ،‬ألنه بدأ‬
‫اخللق بانلعم‪ ،‬وختم أحواهلم بانلعم(‪ ،)1‬ومن هللالهل أنه َّل تستعظمه‬
‫املسائل وادلعوات‪ ،‬مهما كرثت‪ ،‬وكّبت‪ ،‬قال ‘‪> :‬إ‪،‬ا داع أحدكم‬
‫ال يتعنظم عليه يشء أعطن <(‪.)2‬‬ ‫ةليعظم رغبته‪ ،‬ةإن ا‬
‫ومن هللالل كرمه‪ :‬أنه تعاىل خيص عباده املؤمني من فضله‪،‬‬
‫حي كريم‪ ،‬يستحي‬ ‫فَّل يَ هرد سؤاهلم إذا سألوه‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ربكم ٌّ‬
‫ِ‬
‫ا‬ ‫َّ‬
‫صفرا نئبتني< ‪ ،‬بل ويزيدـهم من‬
‫(‪)3‬‬ ‫إ‪،‬ا رةع ا رهللل إيله يديه أن يردهمن‬
‫األجر‪ ،‬واثلواب ْع قدر السؤال‪ ،‬قال ‘‪> :‬أةضل العبندة ادلاعء<(‪.)4‬‬
‫ب إيلهم‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يعطي ويثن‪ ،‬كما فعل بأويلائه‪َّ ،‬‬
‫حب َ‬
‫اإليمان‪َّ ،‬‬
‫وكره إيلهم الكفر والفسوق والعصيان(‪ ،)5‬ثم يدخلهم ف‬
‫اآلخرة اجلنان‪ ،‬فمنه السبب‪ ،‬ومنه املسبب‪.‬‬
‫ومن هللالل كرمه‪ :‬أنه تعاىل أسبغ صفة اسمه (ا كريم) ْع‬
‫َّ‬
‫أعظم عطاياه ف اآلخرة‪ ،‬ويه جنته‪ ،‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ} [النساء]‪" ،‬وإذا اعتّبت مجيع ما قيل ف معىن‬
‫الكرم‪ ،‬علمت أن اذلي وجب لل تعاىل من ذلك َّل حيىص"(‪.)6‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح أيب داود (‪ ،)1333‬وبنحوه مسلم (‪.)6753‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن (‪.)116/1‬‬
‫(‪ )4‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)1579‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح الرتمذي (‪.)3556‬‬
‫(‪ )6‬املصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪ )5‬األسىن (‪.)113/1‬‬

‫‪55‬‬
‫‪‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن الل سبحانه وتعاىل‬
‫أحق من َّ‬
‫تسَّم بالكرم‪ ،‬فيسأل لك يشءٍ‪ ،‬فيزنل حاجاته به وحده‪ ،‬ف‬
‫َّ‬
‫يلله ونهاره‪ ،‬فإنه كريم َّل يرد من سأل‪ ،‬ثم جيب عليه أن يتصف‬
‫ه ه‬ ‫َّ‬
‫بالكرم‪ ،‬ويسىع ف أسبابه‪ ،‬ويتحىل به ف خلقه‪ ،‬ويف قول‪ ،‬وفعله‪،‬‬
‫فيصفح َّ‬
‫عمن أساء ل‪ ،‬ويقابل املحسن بأكرث من إحسانه ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ 10‬ـ ـ اهلل (الودود) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [ـهود]‪.‬‬


‫هِ‬ ‫املع ٰ‬
‫الود‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬الودود من صيغ املبالغة‪ ،‬أي‪ :‬كثي‬
‫ِ‬ ‫َمه‬ ‫َّ‬ ‫ه‬
‫احلب‪ ،‬وألطفه ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫املحبة‪ ،‬تقول‪ :‬وددته إذا أحببته‪ ،‬وـهو أصىف‬ ‫والود‪:‬‬
‫ويأيت ْع معنيي‪ :‬األول‪ :‬فعول بمعىن فاعل‪ :‬أي اذلي حيب أنبياءه‬
‫ورسله‪ ،‬وأويلاءه‪ ،‬وعباده الصاحلي‪ ،‬ومن آثار ذلك‪ :‬أنه يرض عنهم‬
‫بأعماهلم‪ ،‬وحيسن إيلهم ويمدحهم بها‪.‬‬
‫اثلنين‪ :‬فعول بمعىن مفعول‪ ،‬أي‪ :‬مودود‪ ،‬يعن‪ :‬املحبوب اذلي‬
‫َّ‬
‫املحبة العظَّم ‪ ،‬فَّل يشء‬ ‫حيبه أنبياؤه‪ ،‬ورسله‪ ،‬وعباده املؤمنون‪،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫أحب إيلهم منه سبحانه‪ ،‬فيه نسيمهم‪ ،‬وروح أبدانهم "فَّل تعادل‬ ‫َّ‬

‫حمبة أخرى‪َّ ،‬ل ف أصلها‪ ،‬وَّل ف‬ ‫حمبة الل تعاىل ف قلوب أصفيائه َّ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫كيفيتها‪ ،‬وَّل ف متعلقاتها"(‪ ،)4‬فهو سبحانه يود أويلاءه‪ ،‬ويودونه(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)75/6‬روضة املحبي َّلبن القيم (‪.)46‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن (‪ )123/1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )4‬احلق الواضح (ص ‪ )5( .)69‬الاكفية الشافية (‪)245‬‬ ‫(‪ )3‬جَّلء األفهام (‪ ،)447‬وأشتقاق أسماء الل (‪)152‬‬

‫‪56‬‬
‫‪‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا ودود املحبوب للك معبود‪:‬‬
‫‪ )1‬املتودد إىل أويلائه بمعرفته ونعوته اجلميلة‪.‬‬
‫‪ )2‬واملتودد إىل املذنبي بعفوه‪ ،‬وسرته‪ ،‬ورْحته‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ )3‬واملتودد إىل مجيع خلقه برزقه‪ ،‬وآَّلئه الواسعة‪ ،‬وألطافه ونعمه‬
‫َّ‬
‫واجللية‪.‬‬ ‫َّ‬
‫اخلفية‬
‫‪ )4‬وـهو املحبوب املستحق أن َّ‬
‫حيب ذلاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪" :‬وما ألطف اقرتان اسم (ا ودود)‬
‫بـ(ا رحيم) و(اليفور)‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [ـهود]‪،‬‬
‫وقال سبحانه‪{ :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ} [الّبوج]‪ ،‬فإن الرجل قد يغفر‬
‫ه‬
‫حيبه‪ ،‬وكذلك قد يرحم من َّل حيبه‪ ،‬والرب تعاىل‬
‫ملن أساء إيله وَّل ِ‬
‫يغفر لعبده‪ ،‬إذا تاب إيله‪ ،‬ويرْحه‪ ،‬وحيبه مع ذلك‪ ،‬فإنه سبحانه حيب‬
‫اتلوابي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ} [ابلقرة‪ ،]222 :‬وإذا تاب الل‬ ‫َّ‬
‫ْع عبده َّ‬
‫أحبه‪ ،‬ولو اكن منه ما اكن(‪ ،)2‬فارتباط ـهذا اَّلسم الكريم‬
‫حمبة الل لَّلستغفار من اذلنوب‪،‬‬ ‫جلي ًة‪ْ ،‬ع َّ‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫باملغفرة‪ ،‬يدل دَّللة‬
‫وحمبته لألوبة والرجوع‪ ،‬وأن ذلك من أعظم مقتضيات‪ ،‬وموجبات‬
‫َّ‬
‫املودة‪ ،‬اليت تقتيض املغفرة والرْحة ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬
‫هللالل ا ودود‪ :‬من هللالل ـهذا اَّلسم املبارك أنه يدل ْع‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫املحبة لل تبارك وتعاىل‪ ،‬اليت نطق بها الكتاب والسنة‪ ،‬ويه‬ ‫صفة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪.)124‬‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل للرازي (‪ ،)274‬فتح الرحيم (‪ 40‬ـ ‪ ،)41‬جَّلء األفهام (‪.)318‬‬

‫‪57‬‬
‫‪‬‬
‫فعلية َّ‬
‫علية‪ ،‬تتعلق بمشيئته وقدرته‪ ،‬تقتيض اإلحسان‪ ،‬واثلواب‪،‬‬ ‫صفة َّ‬

‫واإلنعام‪ ،‬واإلكرام‪.‬‬
‫لربه جل وعَّل فضل من الل‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أن َّ‬
‫حمبة العبد ِ‬
‫وقوته‪ ،‬فهو تعاىل اذلي َّ‬
‫أحب عبده فجعل‬ ‫وإحسان‪ ،‬ليست حبول العبد َّ‬
‫أحبه العبد بتوفيقه‪ ،‬جازاه الل تعاىل ٍّ‬
‫حبب آخر‪،‬‬ ‫املحبة ف قلبه‪ ،‬ثم ملا َّ‬
‫َّ‬

‫وـهذا ـهو اإلحسان املحض ْع احلقيقة‪ ،‬إذ منه السبب‪ ،‬ومنه املسبب‪.‬‬
‫وـهو تعاىل حيبهم لكمال إحسانه‪ ،‬وسعة ِ‬
‫بره‪ ،‬بل حب العباد ل‬
‫ربهم‪ ،‬حب وضعه ف قلوبهم‪ ،‬فانقادوا ل‬ ‫بمحبتي من ِ‬‫َّ‬ ‫تعاىل‪ ،‬حمفوف‬
‫جزاء حبِهم‪ ،‬وكمل هلم َّ‬
‫َ‬ ‫ت قلوبهم‪ ،‬ثم َّ‬ ‫َّ م‬ ‫ً‬
‫حمبته‪،‬‬ ‫أحبهم‬ ‫طواع‪ ،‬واطمأن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫وآخرا(‪.)1‬‬ ‫والفضل لكه منه‪ ،‬واملنة لل أوَّل‪،‬‬
‫ومن هللالل ا ودود‪ :‬أنه يرزق أويلاءه َّ‬
‫حمبة انلاس‪ ،‬فيحببهم إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عظيما‪ ،‬وودادا ف قلوب‬ ‫خلقه‪ ،‬فيجعل لعباده الصاحلي هو ًّدا‪ ،‬أي ًّ‬
‫حبا‬
‫العباد‪ ،‬وأـهل السماء‪ ،‬وأـهل األرض‪ ،‬من غي تودد منهم‪ ،‬وَّل تعر ٍض‬
‫َّ‬
‫لألسباب اليت تكسب بها انلاس‪ ،‬مودات القلوب من قرابة‪ ،‬أو‬
‫ًّ‬
‫صداقة‪ ،‬أو اصطناع غيه‪ ،‬أو غي ذلك‪ ،‬داَّل ْع ما هلم عندـهم من‬
‫هِ‬
‫الود‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ} [مريم](‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬احلق الواضح (‪ 69‬ـ ‪ ،)70‬توضيح الاكفية الشافية (‪.)125‬‬
‫(‪ )2‬ابن السعدي (‪ ،)140/5‬نظم ادلرر للبقايع (‪ )559/4‬بترصف‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل جعل املودة والرْحة آية ْع وحدانيته ف‬
‫األلوـهية‪ ،‬وكمال رْحته ف أسَّم العَّلقة بي الزوجي‪ ،‬قال الل‬
‫‪ ،]21‬وارتضاـها‬ ‫[الروم‪:‬‬ ‫العظيم‪{ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ}‬
‫تلكون نهاية للمتخاصمي مع اآلخرين‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [املمتحنة‪ ،)1(]7 :‬أي‪" :‬حمبة‬
‫بعد ابلغضة‪ ،‬ومودة بعد انلفرة‪ ،‬وألفة بعد الفرقة"(‪.)2‬‬
‫اثلمرات‪ :‬من ظهر ل اسم (الودود) وكشف ل عن معاين ـهذا‬
‫ّ‬
‫اَّلسم ولفظه‪ ،‬وتعلقه بظاـهر العبد وباطنه‪ :‬اكن احلال احلاصل ل من‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫حال اشتغال هح ٍّ‬ ‫ً‬
‫ب وشوق‪ ،‬وذلة‪،‬‬ ‫مناسبا ل‪ ،‬فاكن‬ ‫حرضة ـهذا اَّلسم‬
‫ومناجاة‪َّ ،‬ل أحىل منها‪ ،‬وَّل أطيب‪ ،‬حبسب استغراقه ف شهوده معىن‬
‫وحظه من أثره ‪ ،‬وهلذا اكن ِ‬ ‫ِ‬
‫سيد األولي واآلخرين ‘‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ـهذا اَّلسم‬
‫ِ‬ ‫ربه الودود‪ ،‬أن يرزقه َّ‬ ‫يَّلزم سؤال ِ‬
‫حمبته اليت يه أعظم املحاب‪ ،‬فاكن‬
‫ُ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫عمل‬
‫ٍ‬ ‫ب‬ ‫وح‬ ‫ا‪،‬‬ ‫حيب‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫وح‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ب‬ ‫من داعئه‪...> :‬امهلل وأسأ ا ح‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٰ ُر‬ ‫ر‬
‫إىل حبا<(‪ ،)4‬ومن داعئه أيضا‪> :‬امهلل ارزقين حبا‪ ،‬وحب‬ ‫يقربين‬
‫ُّ‬
‫من ينفعين حبه عندك‪.)5(<...‬‬
‫َّ‬
‫وينبيغ للمؤمن أن يتودد إىل الل تعاىل‪ ،‬باَّلشتغال باألسباب‬
‫اليت تقتيض حمبَّته تعاىل‪ ،‬من األقوال‪ ،‬واألفعال‪ ،‬وأعظمها‪ ،‬طاعة‬
‫الل ورسول ‘‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬ابن كثي (‪.)460/4‬‬ ‫(‪ )1‬مع الل اَّلسم األعظم (‪ )189‬د‪ .‬سلمان العودة‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح الرتمذي (‪.)3235‬‬ ‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)165/3‬‬
‫َّ‬
‫وحسنه‪ ،‬ووافقه األرنؤوط ف جامع األصول (‪.)341/4‬‬ ‫(‪ )5‬أخرجه الرتمذي (‪،)3491‬‬

‫‪59‬‬
‫‪‬‬
‫ﭴ ﭵ} [آل عمران‪" ،]31 :‬فمن اتبع رسول فيما جاء به‪ ،‬وصدق ف‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫وأحبه الل"(‪ ،)1‬وأن َّل يه َواد من حاد‬ ‫أحب الل‪،‬‬ ‫اتباعه‪ ،‬فذلك اذلي‬
‫الل ورسول‪ ،‬ولو اكنوا من أـهله‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [املجادلة‪.]22 :‬‬

‫‪ 11‬ـ ‪ 12‬ـ اهلل (الغفور‪ ،‬الغفَّار) عز وجل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ} [احلِجر]‪.‬‬


‫وقال تعاىل‪{ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [نوح]‪.‬‬
‫الس مرت َّ‬
‫واتلغطية‪ ،‬وال ِمغفر‪ :‬ما‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬أصل اليفر‪ِ :‬‬
‫املع ٰ‬
‫َّ‬
‫يوضع ْع رأس املحارب حال احلرب‪ ،‬يتوَّق به السهام‪ ،‬وـهو يفيد‬
‫فائدتي‪ :‬السرت‪ ،‬والوقاية‪ ،‬فاملغفرة يه‪ :‬سرت اذلنب‪ ،‬واتلجاوز عنه(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫وـهذان اَّلسمان الكريمان من صيغ املبالغة‪ ،‬يدَّلن ْع كرثة‬
‫مغفرة الل تعاىل‪ ،‬وكرثة من يغفر هلم فالكرثة واقعة ف الفعل‪ :‬وـهو‬
‫كرثة غفرانه ذلنوب عباده‪ ،‬ويف املحل‪ :‬كرثة املغفور هلم(‪.)3‬‬
‫والفرق بينهمن أن اليفور‪ :‬ـهو اذلي يغفر اذلنوب مهما عظمت‪،‬‬
‫َّ‬
‫وكّبت‪ .‬واليفنر‪ :‬ـهو اذلي يغفر اذلنوب مهما تعددت‪ ،‬وكرثت‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬األسىن للقرطيب (‪.)430/1‬‬
‫(‪ )2‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)52‬جامع العلوم واحلكم (‪َّ )407/2‬لبن رجب‪ ،‬تفسي آل عمران للعَّلمة ابن عثيمي‬
‫(‪ )3‬تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي (‪.)252/2‬‬ ‫رْحه الل (‪.)166/2‬‬

‫‪60‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫ةنليفور‪ :‬لذلنوب اثلقال العظام‪ ،‬واليفنر‪ :‬للكم والكرثة من اذلنوب‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الكمية‬
‫(‪)1‬‬ ‫واآلثام‪ ،‬ةنليفور املبالغة باعتبار الكيفية‪ ،‬واليفنر باعتبار‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو اليفور اليفنر‪:‬‬
‫‪ )1‬املبالغ ف السرت ذلنوب عباده‪ ،‬ف الَّس واجلهار‪ ،‬اذلي يغطيهم‬
‫بسرته‪ ،‬ف لك األحوال‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ )2‬فهو تعاىل َّل يطلع ْع ذنوب عباده أحد غيه‪ ،‬فَّل يشهرـهم‪،‬‬
‫وَّل يفضحهم بي خلقه‪.‬‬
‫ه‬
‫املتجاوز عن خطاياـهم وذنوبهم‪ ،‬مهما عظمت‪،‬‬ ‫‪ )3‬فهو سبحانه‬
‫ومهما كرثت‪َّ ،‬ل تزال آثار ذلك تشمل اخلليقة آناء الليل وانلهار‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ه‬ ‫مرة بعد َّ‬‫‪ )4‬فهو يغفر ذنوب عباده َّ‬
‫مرة‪ ،‬إىل ما َّل حيىص‪ ،‬لكما‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫تكررت املغفرة من الرب(‪.)2‬‬ ‫تكررت توبة العبد من اذلنب‪،‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬اقرتن ـهذان اَّلسمان بـ(العًيً)‪،‬‬
‫َّ‬
‫قال تعاىل ‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} [امللك]‪ ،‬وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﭷ‬
‫َّ‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [ص]‪ ،‬دل ـهذان‬
‫كمال لل تعاىل‪ ،‬واليت منها‪ :‬أنه‬
‫ٍ‬ ‫اَّلقرتانان ْع مزيد من صفات‬
‫عزته‪ ،‬فهو تعاىل مع كمال َّ‬
‫عزته‬ ‫ٌ‬
‫عًيً ف مغفرته‪ ،‬غفور ف َّ‬ ‫سبحانه‬
‫اليت من معانيها أنه‪ :‬القوي الغالب‪" ،‬العظيم املنيع اجلناب‪ ،‬فهو‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املقصد األسىن (‪ ،)95‬ورشح أسماء الل احلسىن للرازي (‪ ،)220‬ورشح مصابيح السنة للبيضاوي‬
‫(‪ ،)60/2‬وأسماء الل احلسىن اثلابتة (‪ ،)663‬ويف الكتاب املقدس (‪ )488‬للرضواين‪.‬‬
‫(‪ )2‬شأن ادلاعء (‪ ،)52‬تفسي أسماء الل (‪ )46‬بترصف‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪‬‬
‫تعاىل مع ذلك غفور ملن تاب إيله وأناب‪ ،‬بعد ما عصاه وخالف أمره‪،‬‬
‫يغفر‪ ،‬ويرحم‪ ،‬ويصفح‪ ،‬ويتجاوز"(‪ ،)1‬فَّل يعاجل العقوبة فور وقوع‬
‫السيئة‪ ،‬بل يمهل للتوبة واألوبة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فمغفرته تعاىل عن َّ‬
‫ضعف وعجز و ِذلة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫عزة‪ ،‬وقدرة‪َّ ،‬ل عن‬
‫"خبَّلف من يتصف بالعزة من املخلوقي‪ ،‬فإنه ف الغالب تكون‬
‫ً‬
‫عزته تغلب مغفرته‪ ،‬أو من اتصف باملغفرة‪ ،‬فتجد عنده ضعفا‪،‬‬
‫عزة" ‪ ،‬وملا اكن من معاين العزيز أنه‪ :‬املنيع الغن‬ ‫وليس عنده َّ‬
‫(‪)2‬‬

‫اذلي َّل يهوصل إيله‪ ،‬فَّل ترضه معصية العباد‪ ،‬وَّل تنفعه طاعتهم‪،‬‬
‫َّ‬
‫دل ْع أن مغفرته تعاىل نلا فضل حمض منه ْع اإلطَّلق ف‬
‫احلقيقة‪ ،‬ألنه سبحانه َّل ينتفع باملغفرة هلم‪ ،‬وَّل يرضه كفرـهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬واقرتن (اليفور) بـ(ا رحيم)‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ‬
‫َّ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [انلحل‪ ،]18 :‬دل ـهذا‬
‫اَّلقرتان اجلليل‪ ،‬اذلي جاء ف سياق اتلذكي باإلنعام(‪ ،)3‬أن الل تعاىل‬
‫يسرت ويتجاوز عن اتلقصي ف أداء شكرـها‪ ،‬ومن اتلفريط ف‬
‫كفرانها‪ ،‬واإلخَّلل بالقيام حبقوقها‪ ،‬وـهو مع ذلك (رحيم) بكم‪،‬‬
‫فلم يعاجلكم بالعقوبة ْع كفرانها‪ ،‬بل يفيضها عليكم‪ ،‬مع‬
‫استحقاقكم لقطعها‪ ،‬وحرمانكم منها(‪.)4‬‬
‫يدَّلن ْع سرت الل تعاىل ف‬
‫ِ‬ ‫هللالل اليفور اليفنر‪ :‬أنهما‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬تفسي سورة (ص) َّلبن عثيمي (‪.)706/8‬‬ ‫(‪ )1‬انظر ابن كثي (‪.)524/4‬‬
‫ً‬
‫(‪ )3‬ذكر الل ف ـهذه السورة بضعا وعرشين من أمهات انلعم‪.‬‬
‫(‪ )4‬تفسي ابليضاوي (‪ ،)257/2‬وأيب السعود (‪ )51/4‬بترصف‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪‬‬
‫احلال ويف املآل‪ ،‬وتغطية القبيح عن اطَّلع الغي ل‪ ،‬وإىل العفو‬
‫َّ َ‬
‫وتضمنا ْع كمال الصّب واحللم ل تعاىل‪ ،‬واإلمهال‬ ‫وإسقاط احلق‪،‬‬
‫َّ‬
‫وتضمنا نيف انلقائص اليت‬ ‫واألناة‪ ،‬وكرم اذلات والصفات وغي ذلك‪،‬‬
‫تضاد ـهذه الصفات(‪ ،)1‬ومن هللالهلمن‪ :‬أنه مهما بلغ عظم اذلنب‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫واستغفر منه العبد‪ ،‬وأخلص ووحد الرب‪" ،‬غفر الل ل لك ما صدر‬
‫نقص وعيب"(‪ ،)2‬قال تعاىل ف‬
‫منه من ذنب‪ ،‬وأزال عنه ما ترتب من ٍ‬
‫احلديث القديس‪> :‬ين ابن آدم! و بليت ‪ً،‬وبا عننن ا سمنء ثم‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫استيفرتين‪ ،‬غفرت ا وال أبنيل‪ ،‬ين ابن آدم! و أتيتين بقراب األرض‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ا‬ ‫ُ ُ‬
‫رشك يب شيئن‪ ،‬ألتيتا بقرابهن ميفرة<(‪.)3‬‬
‫طنين‪ ،‬ثم لقيتين ال ت ِ‬
‫اثلمرات‪ :‬ـهذان اَّلسمان الكريمان يثمران ف قلب العبد تويق‬
‫معايص الل تعاىل‪ ،‬ومراقبة األعمال ف الظاـهر وابلاطن‪ ،‬ويثمران قوة‬
‫الرجاء ف قلب العبد‪ ،‬وقطع ايلأس من رْحته تعاىل‪ ،‬وينبيغ للمؤمن أن‬
‫يسترت عن انلاس بذنبه‪ ،‬ويعرتف به لربه‪ ،‬فإنه أرىج ف املغفرة ذلنبه(‪.)4‬‬

‫‪ 13‬ـ اهلل (العزيز) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [الشعراء]‬

‫ىن ا ليوي‪ :‬العًيً‪ :‬من صيغ املبالغة ْع وزن فعيل‪،‬‬ ‫املع ٰ‬


‫معان جَّلل وكمال‪ ،‬اليت َّل حتيط‬ ‫وـهذا اَّلسم اجلليل حيمل ف َّ‬
‫طياته‬
‫ٍ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)137‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن للقرطيب (‪ )2( .)155/1‬تفسي ابن سعدي (‪.)251‬‬
‫عليه<‪ .‬ابلخاري (‪ )2661‬ومسلم (‪.)2770‬‬ ‫(‪ )4‬قال ‘‪> :‬إن العبد إ‪،‬ا اعرتف بذًبه ثم تنب إىل ا ‪ ،‬تنب ا‬

‫‪63‬‬
‫‪‬‬
‫بها العبارة‪ ،‬وَّل يشار إيلها بإشارة‪ ،‬فمنها‪ :‬أنه الغالب‪ ،‬واجلليل‬
‫الرشيف‪ ،‬الرفيع الشأن والقدر‪ ،‬والقوي القاـهر‪ ،‬والرفيع املنيع‪،‬‬
‫واملنقطع انلظي‪ ،‬اذلي يصعب منال‪ ،‬ووجود مثله(‪.)1‬‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو العًيً‪ :‬اذلي َّل َّ‬
‫أعز منه‬ ‫املع ٰ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ْع اإلطَّلق‪ ،‬ل مجيع معاين العزة‪ ،‬وصفا‪ ،‬وملاك‪ ،‬ف أسَّم معانيها‪،‬‬
‫وأْع كماهلا‪ ،‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ} [يونس‪.]65 :‬‬
‫(‪ )1‬فهو تعاىل العزيز‪ :‬ل عزة الغلبة والقهر‪ ،‬فهو تعاىل الغالب‬
‫اذلي َّل يهغلب‪ ،‬والقاـهر اذلي َّل يهقهر‪.‬‬
‫(‪ )2‬ول عزة اَّلمتناع‪ :‬فهو املنيع سبحانه‪ ،‬فَّل ينال منه‪ ،‬وَّل‬
‫يرام جنابه‪ ،‬وَّل يلحقه سوء‪ ،‬لعظمته‪ ،‬وجَّلل(‪.)2‬‬
‫(‪ )3‬ول عزة القوة والقدرة‪ :‬فهو تعاىل الشديد ف َّ‬
‫قوته‪ ،‬اذلي‬
‫لعزته الصعاب‪ ،‬وَّلنت َّ‬
‫لقوته الشدائد الصَّلب‪.‬‬ ‫ذلت َّ‬

‫(‪ )4‬وـهو تعاىل املنقطع انلظي‪ ،‬اذلي َّل شبيه ل‪ ،‬وَّل مثيل ل‪،‬‬
‫وَّل عديل‪ ،‬لكمال من مجيع الوجوه واَّلعتبارات‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو سبحانه العزيز الشديد ف نقمته‪ ،‬إذا انتقم من‬
‫ٌ‬
‫أعدائه(‪ ،)3‬فَّل يقدر أحد ْع دفعه‪ ،‬أو منعه مىت أراده سبحانه‪.‬‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل العزيز‪ :‬اذلي يهب العزة ملن يشاء من عباده(‪،)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)374/5‬املفردات (‪ ،)563‬األسىن للقرطيب (‪.)240‬‬
‫(‪ )3‬صح عن قتادة‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)470/4‬‬ ‫(‪ )2‬ابن كثي (‪ )343/4‬بترصف يسي‪.‬‬
‫َّ‬
‫دنيوية اعمة يمنحها ملن شاء من خلقه‪ ،‬قد تكون للمؤمن والاكفر والفاجر‪.‬‬ ‫(‪ )4‬وـهذه َّ‬
‫العزة‬

‫‪64‬‬
‫‪‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﮓ ﮔ ﮕ} [آل عمران‪.]26 :‬‬
‫يذل أنصاره‪ ،‬فيعز أـهل‬ ‫ه‬
‫(‪ )7‬وـهو اذلي َّل يضام جاره‪ ،‬وَّل ِ‬
‫اإليمان‪ ،‬ويذل أـهل الكفران‪{ ،‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ} [املنافقون]‪.‬‬
‫(‪ )8‬وـهو سبحانه‪ :‬اجلليل الرفيع الشأن‪ ،‬والقدر‪ ،‬ل رشف‬
‫اذلات‪ ،‬واتلفرد ف كمال انلعوت‪ ،‬والصفات‪.‬‬
‫(‪ )9‬ومن تمام َّ‬
‫عزته‪ :‬براءته من لك نقص‪ ،‬وسوء‪ ،‬وعيب‪:‬‬
‫{ﯺ(‪ )1‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ} [الصافات]‪.‬‬
‫(‪ )10‬ومن كمال َّ‬
‫عزته سبحانه أنه أمنع األبصار أن تدركه‪،‬‬
‫ّ‬
‫تكيفه ‪.‬‬ ‫وعن األوـهام أن‬ ‫(‪)2‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال الل العظيم‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ‬


‫َّ‬
‫تكرر ـهذا اَّلقرتان ف ـهذه السورة بعد‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛ} [الشعراء]‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ختم قصص األنبياء مع َ‬
‫أم ِمهم ثماين مرات‪ ،‬يلدل ْع مزيد من‬
‫َّ‬
‫قدره الل ألنبيائه من َّ‬
‫انلرص‪،‬‬ ‫صفات الكمال العَّل‪ ،‬اليت منها‪ :‬أن ما‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫واتلأييد ِ‬
‫اختصهم بها‪ ،‬وما قدره‬ ‫والرفعة‪ ،‬ـهو من آثار رْحته اليت‬
‫سبحانه ألعدائهم من اخلذَّلن والعقوبة من آثار َّ‬
‫عزته‪ ،‬فنرص رسله‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫وجناـهم برْحته‪ ،‬وانتقم من أعدائه فأـهلكهم َّ‬
‫بعزته‪ ،‬فدل ْع أن ما‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬معناـها تزنيه وإبعاد لك سوء عن املوصوف‪ ،‬انظر (‪.)267‬‬
‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬الطّبي (‪ ،)90/7‬ابن كثي (‪ ،)457/3‬إبطال اتلأويَّلت ألخبار الصفات (‪ )666‬ابن السعدي‬
‫(‪ ،)300/5‬شفاء العليل (‪ ،)511/2‬الضياء الَّلمع (‪ ،)85/1‬األسىن (‪ ،)240‬تفسي سورة النساء َّلبن عثيمي (‪)424/1‬‬

‫‪65‬‬
‫‪‬‬
‫ٌ‬
‫صادر‬ ‫حكم به تعاىل بي الرسل وأتباعهم‪ ،‬وأـهل ِ‬
‫احلق وأعدائهم‪،‬‬
‫عن َّ‬
‫عزة ورْحة‪ ،‬وأنه تعاىل من كمال وعظيم شأنه‪ :‬أنه سبحانه عزيز‬
‫ف رْحته‪ ،‬رحيم ف َّ‬
‫عزته‪ ،‬وـهذا ـهو أْع الكمال‪ :‬العزة مع الرْحة‪،‬‬
‫والرْحة مع َّ‬
‫العزة‪ ،‬فهو رحيم بَّل ضعف‪ ،‬وَّل ذلة ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫عزة َّ‬
‫قوة‪ ،‬وغلبة‪،‬‬ ‫عزته جل وعَّل كما يه َّ‬
‫هللالل العًيً‪ :‬أن َّ‬
‫ه َ‬
‫وقهر‪ ،‬ورفعة‪ ،‬فإن من جَّلهلا أنها مقرتنة بكماَّلت أخر‪ ،‬من‬
‫احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬والرْحة‪ ،‬واملغفرة‪ ،‬فيه عزة حكمة‪ ،‬وعزة رْحة‪،‬‬
‫وعزة عدل‪ .‬قال تعاىل‪{ :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ}‬
‫[آل عمران]‬

‫وقال تعاىل‪{ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ} [الروم] {ﭼ ﭽ ﭾ}‬


‫ه‬ ‫َّ‬ ‫عزته تعاىل َّ‬
‫فلما اكنت َّ‬
‫استحق أن حيمد‬ ‫عزة جَّلل وكمال‪،‬‬ ‫[ص]‬

‫عليها ْع ادلوام‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭶ ﭷ ﭸ} [الّبوج]‪.‬‬


‫َّ‬
‫إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث للعبد َّ‬
‫العزة ف دين‬ ‫اثلمرات‪:‬‬
‫َّ‬
‫الل تعاىل ‪ ،‬وأن ـهذه العزة تعلو ف اتباع أمره تعاىل‪ ،‬وسن ة نبيِه‬
‫‘ ‪ ،‬والسي مع الصاحلي من عباده‪ ،‬فإنه تعاىل كتبها ل‪ ،‬وحلزبه‪،‬‬
‫قال تعاىل ‪{ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ} [املنافقون]‪ ،‬فمن أراد َّ‬
‫العزة ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬فليطلبها‬
‫عز شأنه‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫من الل تعاىل وحده‪ ،‬قال َّ‬
‫ِ‬
‫ﯤ} [فاطر‪ ،]10 :‬وَّل تكون إَّل بطاعته‪ ،‬واتباع أمره‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬شفاء العليل (‪ ،)405‬وتفسي ابن كثي (‪ ،)457/3‬وفقه األسماء احلسىن‪ ،‬د‪ .‬عبد الرزاق ابلدر (‪،)42‬‬
‫وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)146‬‬

‫‪66‬‬
‫‪‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫خاش ًعا‪ ،‬يكون‬ ‫ً‬
‫خاضعا‪ ،‬وسجو ِدك ِ‬‫ِ‬ ‫واعلم أن ْع قدر ركوعك‬
‫عزك ف دينك‪ ،‬ودنياك‪ ،‬وآخرتك‪ ،‬قال ‘ ملن سأل مرافقته ف اجلنة‪:‬‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫>أع رِين ٰ‬
‫ًفسا بكرثة ا سجود<(‪ ،)1‬وعليك أن تتذلل ألويلائه وأـهل‬ ‫ىلع ِ‬
‫طاعته‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [احلجر]‪ ،‬وقال‬
‫سبحانه‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ} [املائدة‪ ،]54 :‬وأن َّ‬
‫تعزت ْع أـهل كفرانه‪،‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﮭ ﮮ ﮯ} [املائدة‪ ،]54 :‬وأن تعفو عمن َ‬
‫أساء إيلك‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫بعفو إال عًا<(‪.)3()2‬‬
‫ٍ‬ ‫من عباده‪ ،‬قال ‘‪> :‬ومن زاد ا عبدا‬

‫‪ 14‬ـ اهلل (اجلميل) جل وعال‬

‫ثبت ـهذا اَّلسم الرشيف عن الصادق املصدوق ‘ ف قول‪:‬‬


‫مجيل حيب اجلمنل<(‪.)4‬‬ ‫>إن ا‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬اجلمنل ـهو‪ :‬احلهسن الكثي‪ ،‬وابلهاء‪ ،‬وـهو ضد‬
‫املع ٰ‬
‫القبح‪ ،‬ويكون ف الفعل‪ ،‬واخللق(‪.)5‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل وعَّل ـهو اجلميل‪:‬‬
‫اذلي َّل أمجل منه سبحانه‪ ،‬بل اجلمال لكه ل‪ ،‬واجلمال لكه منه‪،‬‬
‫ٌ ه‬ ‫ِ‬ ‫ه َّ‬
‫حيب اجلمال‪،‬‬‫يستحق أن حيب ذلاته من لك وج ٍه سواه‪ ،‬فإنه مجيل ِ‬
‫ِ‬ ‫فَّل‬
‫َّ َّ‬
‫ويكيف ف كمال مجال‪ ،‬أن لك مجال ظاـهر وباطن ف ادلنيا واآلخرة‪،‬‬
‫َّ‬
‫فمن آثار صنعته ومجال‪ ،‬فما الظن بمن صدر عنه ـهذا اجلمال؟‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )4‬مسلم (‪.)91‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن (‪ )243‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )2‬مسلم (‪.)2558‬‬ ‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2620‬‬
‫(‪ )5‬املفردات (‪ ،)202‬ولسان العرب (‪.)685/1‬‬

‫‪67‬‬
‫‪‬‬
‫ّ‬
‫فاألمر أجل وأعز مما خيطر بابلال‪ ،‬أو يعّب عنه املقال‪.‬‬
‫ومجنهل سبحانه ْع (مخس‪ )،‬مراتب‪ :‬مجال اذلات‪ ،‬ومجال األسماء‪،‬‬
‫ومجال الصفات‪ ،‬ومجال األفعال‪( ،‬ومجال امللك والسلطان)‪.‬‬
‫األول‪ :‬أمن مجنل اذلات‪ :‬وما ـهو عليه‪ٌ ،‬‬
‫فأمر َّل يدركه سواه‪ ،‬وَّل‬
‫يعلمه غيه‪ ،‬وليس ف املخلوقي منه‪ ،‬إَّل تعريفات تعرف بها إىل من‬
‫ٌ‬
‫أكرمه من عباده‪ ،‬فإن ذلك اجلمال مصون عن األغيار‪ ،‬حمجوب‬
‫بسرت الرداء واإلزار(‪ ،)1‬فَّل يمكن ملخلوق أن يعّب عن بعض مجال‬
‫ذاته تعاىل‪ ،‬حىت أن أـهل اجلنة مع ما ـهم فيه من انلعيم املقيم‪ ،‬اذلي َّل‬
‫ٌ‬
‫يوصف‪ ،‬فيما َّل عي رأت‪ ،‬وَّل أذن سمعت‪ ،‬وَّل خطر ْع قلب برش‪،‬‬
‫َّ‬ ‫إذا رأوا َّ‬
‫ربهم وتمتعوا جبمال‪ ،‬نسوا ما ـهم فيه من انلعيم‪ ،‬وتَّلىش ما ـهم‬
‫فيه من األفراح‪ ،‬وودوا لو تدوم ـهذه احلال‪ ،‬اليت يه أْع نعمة وذلة‪،‬‬
‫ً‬
‫واكتسبوا من مجال‪ ،‬ونوره‪ ،‬مجاَّل إىل ما ـهم فيه من اجلمال‪.‬‬
‫اثلنين‪ :‬مجنل األسمنء‪ :‬فإنها لكها حسىن‪ ،‬بل أحسن األسماء ْع‬
‫اإلطَّلق‪ ،‬وأجلها‪ ،‬فيه ف اغية احلسن واجلمال‪ ،‬اذلي ليس فوقها‪ ،‬أو‬
‫بعدـها كمال‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ} [مريم‪ ،]65 :‬وقال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ} [األعراف‪.]180 :‬‬
‫اثلنلث‪ :‬مجنل ا صفنت‪ :‬فيه أْع الصفات‪ ،‬وأكملها‪ ،‬وأعظمها‪،‬‬
‫ً‬
‫وأوسعها‪ ،‬وأكرثـها تعلقا بالل‪ ،‬اذلي لم يبق صفة كمال إَّل اتصف‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اجلواب الاكف (‪ ،)331‬بدائع الفوائد (‪ ،)300/1‬الفوائد (‪.)203‬‬

‫‪68‬‬
‫‪‬‬
‫بها‪ ،‬ووصف بغايتها‪ ،‬حبيث َّل حتيط اخلَّلئق ببعض تلك الصفات‬
‫ً‬
‫خصوصا أوصاف الرْحة‪ ،‬والّب‪،‬‬ ‫بقلوبهم‪ ،‬وَّل تعّب عنها ألسنتهم‪،‬‬
‫واإلحسان‪ ،‬واجلود‪ ،‬والكرم‪ ،‬فإنها من آثار مجال‪.‬‬
‫ا رابع‪ :‬مجنل األةعنل‪ :‬فلكها ف اغية احلسن واجلمال‪ ،‬ألنها‬
‫دائرة بي أفعال الّب واإلحسان‪ ،‬اليت حيمد عليها‪ ،‬ويثىن عليه‬
‫بها‪ ،‬وي هشكر عليها‪ ،‬وبي أفعال العدل اليت حيمد عليها‪ ،‬ملوافقتها‬
‫للحكمة واحلمد‪ ،‬فليس ف أفعال عبث وَّل سفه‪ ،‬وَّل سدى وَّل‬
‫ظلم‪ ،‬بل لكها خي‪ ،‬وـهدى‪ ،‬ونور‪ ،‬ورْحة‪ ،‬وعدل‪ ،‬قال تعاىل‪ { :‬ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ} [ـهود] ‪ ،‬وقال عز شأنه‪{ :‬ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ} [السجدة‪.]7 :‬‬
‫(اخلنمس‪ :‬مجنل ا سلطنن)‪ :‬فلك مجال ف ادلنيا وما حوته‬
‫األكوان من أصناف اجلمال‪ ،‬ولك مجال ف دار انلعيم‪ ،‬فإنه أثر مجال‪،‬‬
‫وكيف يقدر أحد أن يعّب عن مجال‪ ،‬وقد قال أعرف اخللق به ‘‪:‬‬
‫ىلع ًفسا< ‪.‬‬ ‫أحيص ا‬
‫ثننء عليا أًت كمن أثنيت ٰ‬ ‫>ال ِ‬
‫(‪)2()1‬‬
‫ً‬
‫هللالل اجلميل‪ :‬قال ‘ واصفا جَّلل ومجال ربه تبارك‬
‫ٰ‬ ‫ْ ُ ُ ُ‬
‫اًتىه‬ ‫وتعاىل‪> :‬حجنبه انلور‪ ،‬و كشفه ألحرقت سبحنت وهللهه(‪ )3‬من‬
‫إيله بِّص من لقه< ‪ ،‬فإذا اكنت هسبهحات وجهه األْع‪َّ ،‬ل يقوم‬ ‫(‪)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مسلم (‪.)486‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫انظر ما سبق‪ :‬الفوائد (‪ ،)202‬وتوضيح الاكفية الشافية (‪ ،)117‬وفتح الرحيم امللك (‪ ،)31‬بهجة قلوب األبرار (‪)291‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أي نوره‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وبهاؤه‪ ،‬رشح صحيح مسلم (‪ ،)13/3‬املفهم بما أشلك ف صحيح مسلم (‪.)410/1‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مسلم (‪.)293‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪69‬‬
‫‪‬‬
‫يشء من خلقه‪ ،‬ولو كشف حجاب انلور من تلك السبهحات‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫هلا‬
‫َّلحرتق العالم العلوي والسفل‪ ،‬فما الظن جبَّلل ذلك الوجه الكريم‪،‬‬
‫وعظمته‪ ،‬وكّبيائه‪ ،‬وكمال‪ ،‬قال ابن عباس ~‪( :‬حجب اذلات‬
‫ب‬‫بن صفنت‪ ،‬وحجب ا صفنت بنألةعنل)‪ ،‬فما ظنك جبمال هحج َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وس َ‬
‫رت بنعوت العظمة واجلَّلل(‪.)1‬‬ ‫ه‬
‫بأوصاف الكمال‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫إن من ِ‬ ‫َّ‬
‫أعز أنواع املعرفة‪ ،‬معرفة الرب سبحانه‬ ‫اثلمرات‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫وتعاىل باجلمال‪ ،‬ويه معرفة خواص اخللق‪ ،‬ولكهم عرفه بصف ٍة من‬
‫صفاته‪ ،‬وأتمهم معرفة من عرفه بكمال‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬ومجال سبحانه‪،‬‬
‫َّ‬
‫ليس كمثله يشء ف سائر صفاته‪ ،‬وذلك أنه تعاىل إذا جتىل ف صفات‬
‫اجلمال والكمال‪ ،‬وـهو كمال األسماء‪ ،‬ومجال الصفات‪ ،‬ومجال األفعال‪،‬‬
‫اذلات‪ ،‬فيستنفد ّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫حبه من قلب العبد‪ ،‬قوة احلب‬ ‫ادلال ْع كمال‬
‫لكها‪ ،‬حبسب ما عرفه من صفات مجال‪ ،‬ونعوت كمال‪ ،‬فيصبح فؤاد‬
‫ً‬ ‫املحبة ً‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫فاراغ إَّل من َّ‬
‫طبعا‪َّ ،‬ل تكلفا‪ ،‬فينبيغ‬ ‫حمبته‪ ،‬فتبىق‬ ‫عبده‬
‫ّ‬
‫فيجمل ظاـهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬باجلمال‬ ‫للعبد أن َّ‬
‫يتعبد بهذا اَّلسم اجلليل‪،‬‬
‫اذلي حيبه تعاىل من األقوال‪ ،‬واألفعال‪.‬‬
‫ّ‬
‫فيجمل ظاـهره وجوارحه بالطاعة‪ ،‬ومن ذلك الصدق ف األقوال‪،‬‬
‫وطيب الالكم مع األنام‪ ،‬وبدنه بإظهار نعمه عليه ف بلاسه وتطهيه‬
‫مجيل‬ ‫ل‪ ،‬من األجناس‪ ،‬واألدران(‪ ،)2‬لقول رسول الل ‘‪> :‬إن ا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الصواعق املرسلة (‪ ،)1082/3‬الفوائد (‪ ،)203‬اجلواب الاكف (‪ )2( .)323‬الفوائد (‪ )207‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪‬‬
‫تعنىل أن ٰ‬
‫يرى أثر ًعمته ٰ‬
‫ىلع عبد <(‪ ، )1‬ولقول‬ ‫ٰ‬ ‫حيب اجلمنل‪ ،‬وحيب‬
‫َّ‬
‫‘ أليب األحوص حي رآه رث اثلياب‪> :‬أ ا منل؟< قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‬
‫ةلر أثر ًعم‪ ،‬ا عليا وكرامته< ‪،‬‬ ‫‘‪> :‬ةإ‪،‬ا آتنك ا منالا‪َ ُ ،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫جيمل باطنه‪ :‬باإلخَّلص‪ ،‬وحسن اَّلعتقاد‪ ،‬واإليمان‪ ،‬وحسن‬‫وأن ِ‬


‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الظ ِن‪ ،‬وسَّلمة القلب من احلقد‪ ،‬وال ِغل‪ ،‬ولك ذنب وكفران‪.‬‬

‫‪15‬ـ ‪16‬ـ ‪17‬ـ اهلل (القادر‪ ،‬القدير‪ ،‬املقتدر) سبحانه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ}‬


‫[األنعام‪]65 :‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪.‬‬
‫وقال جل وعَّل‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵﭶ} [القمر]‪.‬‬
‫املعنهى ا ليهوي‪ :‬القهندر والقديهر يكـونـان مـن القـدرة‪،‬‬
‫ويكونان من اتلقدير(‪ ،)3‬تدل ـهذه األسماء اجلليلة ْع معاين القدرة‬
‫الاكملة‪ ،‬اليت َّل تتخلف عنه جل وعَّل‪ ،‬وَّل يعرتضه عجز‪ ،‬وَّل‬
‫يفوته يشء‪ ،‬وتقدير املقادير قبل اخللق واتلصوير‪.‬‬
‫ٌ‬
‫يشء‬ ‫والفرق بني هذ األسمنء‪ :‬أن (القندر) اذلي َّل يعجزه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تغييا أو إاعدة‪ ،‬و(املقتدر) أكرث مبالغة‪ ،‬ألن‬ ‫إعداما‪ ،‬أو‬ ‫إجيادا أو‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح النسايئ (‪.)5224‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)1742‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب (‪ ،)47/5‬املفردات (ص ‪ ،)657‬وانلهاية (‪.)22/4‬‬

‫‪71‬‬
‫‪‬‬
‫زيادة املبىن تدل ْع زيادة املعىن‪ ،‬فهو جيمع دَّللة اسم القادر‪،‬‬
‫والقدير‪ ،‬فهو أبلغ منهما ف ادلَّللة ْع الوصف‪ ،‬ومعناه‪ :‬اتلام القدرة‬
‫ََ‬
‫بمن َع ٍة وقوة ‪( ،‬والقدير)‬ ‫ٌ‬
‫يشء‪ ،‬وَّل حيتجز عنه‬ ‫اذلي َّل يمتنع عليه‬
‫ـهو الفاعل ملا يشاء ْع ما تقتضيه احلكمة(‪.)1‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القندر القدير املقتدر‪:‬‬
‫‪ )1‬املتنايه ف القدرة واَّلقتدار‪َّ ،‬ل يمتنع عليه يشء ف لك‬
‫األقطار‪" ،‬ل انلفوذ املطلق والسلطان‪ ،‬واتلرصف اتلام‪ ،‬ف لك األكوان‪،‬‬
‫َّل يعارضه معارض‪ ،‬وَّل ينازعه منازع‪ ،‬وَّل خيرج عن قبضته‪،‬‬
‫خمالف‪ ،‬أو طائع"(‪.)2‬‬
‫‪" )2‬وـهو سبحانه مقدر لك يش ٍء وقاضيه‪ ،‬وـهو ْع لك يشء قدير‪،‬‬
‫ٌ‬
‫عجز وَّل فتور‪ ،‬وَّل يعجزه يشء‪ ،‬وَّل يفوته مطلوب" ‪.‬‬ ‫َّل يعرتضه‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ )3‬ومن كمال قدرته تعاىل إجياد املعدوم‪ ،‬وإعدام املوجود‪،‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫واملصلح للخَّلئق ْع وجه َّل يقدر عليه أحد غيه‪ ،‬فضَّل منه وإحسانا‪.‬‬
‫‪ )4‬ومن تمام قدرته سبحانه أنه يوجد اخلَّلئق من غي معاجلة‪،‬‬
‫شيئا إنما يقول ل‪> :‬كن فيكون< {ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬ ‫فإذا أراد ً‬

‫ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ} [ابلقرة]‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ )5‬وـهو تعاىل مقدر مقادير اخلَّلئق‪ ،‬قبل أن خيلق األرض‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انلهاية (‪ ،)22/4‬وتفسي أيب السعود (‪ ،)161/2‬وشأن ادلاعء (‪ ،)86‬وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)543‬‬
‫(‪ )2‬موسوعة ل األسماء احلسىن للرشبايص (‪ )354/1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )3‬شأن ادلاعء (‪ ،)85‬تفسي أسماء الل للزجاج (‪.)59‬‬

‫‪72‬‬
‫‪‬‬
‫والسماوات الطوابق‪ ،‬خبمسي ألف سنة(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ} [املمتحنة]‪ ،‬قرن الل تعاىل (القدير) مع (اليفور) و(ا رحيم)‬
‫ٌ‬
‫فيه مزيد من الكمال‪ ،‬وذلك‪ :‬أن مغفرته تعاىل ورْحته لعباده عن‬
‫كمال القدرة‪" ،‬فَّل يتعاظم عليه ذنب أن يغفره‪ ،‬وَّل عيب أن‬
‫يسرته"(‪ ،)2‬وَّل رْحة أن يوصلها‪ ،‬فليس لك من ل قدرة‪ ،‬وقوة‪ ،‬يغفر‬
‫ويرحم ملن قدر عليه‪ ،‬وليس لك من يغفر ويرحم ل قدرة نافذة‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه مع كمال القدرة‪ ،‬فهو موصوف باملغفرة‪ ،‬مع سعة الرْحة‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [انلحل]‪ ،‬واملعنـى‬
‫املستفاد من اقرتان ـهذين اَّلسمي الكريمي‪ :‬أن قدرته ف إجياد‬
‫األشياء‪ ،‬أو إعدامها‪ ،‬أو تغييـها‪ٌ ،‬‬
‫منوط بالعلم‪ ،‬فيه قدرة شاملة‪ ،‬عن‬
‫تمام العلم واخلّبة بما يأمر به‪ ،‬من األحاكم وغيـها‪ ،‬وأنه عليم‬
‫بمصاحله أو مفاسده(‪ ،)3‬فوسع علمه لك يشء مع قدرته ْع لك‬
‫َّ‬
‫يشء‪ ،‬وكذلك دل ـهذا اَّلقرتان اجلليل‪ْ :‬ع كمال عز وجل ف‬
‫َّ‬
‫الوصفية‪ ،‬ألن العلم بدون قدرة عجز‪ ،‬والقدرة بدون علم مظنة‬
‫اإلفساد‪ ،‬والظلم‪ ،‬والطغيان ‪ ،‬والل تعاىل َّ‬
‫مزنه عن لك نقصان‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫هللالل القدير‪ ،‬القندر‪ ،‬املقتدر‪ :‬إن آثار قدرة الل تبارك‬


‫ه‬
‫وتعاىل ف ـهذا الكون املعجز‪َّ ،‬ل تعد وَّل حتىص‪ ،‬فيه أكّب من أن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)856‬‬ ‫(‪ )1‬كما ف مسلم (‪.)2653‬‬
‫(‪ )4‬ولل األسماء احلسىن (‪.)354‬‬ ‫(‪ )3‬نظم ادلرر (‪ )42/8 ،290/4‬بترصف‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪‬‬
‫ه‬
‫حتاط به عبارة‪ ،‬أو يشار إيله بإشارة‪ ،‬فأينما وقع انلظر ْع يشء ف‬
‫اآلفاق‪ ،‬ويف األنفس‪ ،‬رأيت كمال قدرة القادر‪ ،‬فبقدرته خلق الكون‬
‫وما فيه‪ ،‬وبقدرته أمسك السماوات أن تقع ْع األرض إَّل بإذنه‪،‬‬
‫ه َّ‬ ‫ه َّ‬ ‫ً‬
‫مجيعا أينما كنا‪ ،‬وحيث كنا‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫يأت بنا‬
‫وبكمال قدرته ِ‬
‫{ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ} [ابلقرة]‪ ،‬ومن هللالل قدرته تعاىل أنه خلق السموات واألرض‬
‫َّ‬
‫ستة أيام‪ ،‬وما َّ‬
‫مسه من تعب‪ ،‬وَّل عجز‪ ،‬وَّل نصب(‪،)1‬‬ ‫وما بينهما ف‬
‫وـهو ٌ‬
‫قادر تعاىل أن خيلقهما ف حلظ ٍة واحد ٍة‪ ،‬وبكلمة واحدة‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬من ثمرات ـهذه األسماء أنها تورث املؤمن‬
‫اإلجَّلل واملهابة [لل تعاىل]‪ ،‬واخلوف‪ ،‬واخلشية [منه سبحانه]‪،‬‬
‫ورجاء اإلنعام‪ ،‬وخوف اَّلنتقام‪ ،‬لشمول قدرته‪ ،‬ألنواع ما نفع ورض‪،‬‬
‫ورس ‪ ،‬وتورث كمال احلب لل تعاىل‪َّ ،‬‬
‫وقوة اإليمان‪ ،‬وبرد‬ ‫ّ‬ ‫وساء‬ ‫(‪)2‬‬

‫ايلقي‪ ،‬وكمال اثلقة به تعاىل ف لك ما حيدث ف ـهذا الكون‪ ،‬من‬


‫جليل أو حقي‪ ،‬إنما ـهو بإذن من الل تعاىل القدير‪.‬‬

‫‪ 18‬ـ اهلل (العفوُّ) عزَّ شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬العفو ْع وزن فعول من العفو‪ ،‬وـهو من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [ق‪.]38 :‬‬
‫(‪ )2‬شجرة املعارف للعز بن عبد السَّلم (‪.)73‬‬

‫‪74‬‬
‫‪‬‬
‫صيغ املبالغة‪ ،‬والعفو‪ :‬ـهو اتلجاوز عن اذلنب‪ ،‬وترك العقاب عليه‪،‬‬
‫وأصله املحو والطمس‪ ،‬مأخوذ من قوهلم‪ :‬عفت الرياح اآلثار‪ ،‬إذا‬
‫درستها‪ ،‬وحمتها‪ ،‬ويأيت بمعىن الكرثة والزيادة‪ ،‬فعفو املال ما يفضل عن‬
‫انلفقة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ} [ابلقرة‪،]219 :‬‬
‫والعفو كذلك‪ :‬ما يسهل قصده‪ ،‬وتناول‪ ،‬وقد يكون بمعىن‪ :‬ابلذل‪،‬‬
‫قال سبحانه‪{ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ} [البقرة‪.)1(]178 :‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو العفو‪:‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )1‬الكثي الصفح عن ذنوب عباده‪ ،‬إىل ما َّل نهاية ل‪ ،‬فهو جل‬
‫َّ‬
‫باللكية‪ ،‬فَّل يطالب‬ ‫وعَّل يتجاوز عن اذلنوب‪ ،‬ويزيل آثارـها عنهم‬
‫بها العباد يوم القيامة‪ ،‬ويمحوـها من ديوان الكرام الاكتبي‪ ،‬بل‬
‫وينسيها من قلوبهم‪ ،‬كيَّل خيجلوا عند تذكرـها‪ ،‬ويثبت ماكن لك‬
‫ِ‬
‫سيئ ٍة حسنة(‪" ،)2‬والغالب أن العفو يكون عن ترك الواجبات‪،‬‬
‫واملغفرة عن فعل املحرمات"(‪.)3‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل كثي اخلي "يعطي اجلزيل من الفضل‬
‫واإلنعام"(‪ ،)4‬اذلي َّل ينقطع آناء الليل‪ ،‬وأطراف انلهار‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو تعاىل يقبل العفو وـهو السهل(‪ )5‬بتيسي الواجبات ْع‬
‫عباده "ملا يقع من العبد من تقصي وضعف‪ ،‬فالل أوجب الوضوء ملن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)3019/4‬املفردات (ص‪ ،)574‬اشتقاق أسماء الل (ص ‪ ،)134‬األسىن (‪.)147/1‬‬
‫(‪ )3‬رشح الواسطية للعَّلمة ابن عثيمي رْحه الل (‪.)92/2‬‬ ‫(‪ )2‬رشح أسماء الل احلسىن للرازي (‪.)340‬‬
‫(‪ )5‬تفسي القرطيب (‪.)213/3‬‬ ‫(‪ )4‬اَّلعتقاد للبيهيق (ص ‪.)56‬‬

‫‪75‬‬
‫‪‬‬
‫أراد الصَّلة إذا انتقض وضوؤه‪ ،‬ولكنه عفا عمن َّل جيد املاء أن‬
‫يتيمم مرااعة لضعف العباد"(‪.)1‬‬
‫اذلنب"(‪)2‬‬ ‫(‪" )4‬وـهو اذلي يبذل اتلوبة‪ ،‬واثلواب مع وجود‬
‫واستحقاقه للعقاب‪.‬‬
‫(‪ )5‬والل تعاىل عفو يسهل خيه‪ ،‬ويقرب تناول ما عنده بأيَّس‬
‫األسباب‪ ،‬ألنه تعاىل ليس بينه وبي العباد حجاب‪.‬‬
‫ٰ‬
‫تعنىل ًواعن‪" :‬عفو العنم‪ :‬عن مجيع املجرمي‪ ،‬من‬ ‫وعفو‬
‫الكفار وغيـهم‪ ،‬بدفع العقوبات املنعقدة أسبابها‪ ،‬واملقتضية لقطع‬
‫انلعم عنهم‪ ،‬فهم يؤذونه بالسب والرشك وغيـها من أصناف‬
‫ّ‬
‫ويدر عليهم انلعم‪ ،‬الظاـهرة‬ ‫املخالفات‪ ،‬وـهو يعافيهم‪ ،‬ويرزقهم‪،‬‬
‫وابلاطنة‪ ،‬ويبسط هلم ادلنيا‪ ،‬ويعطيهم من نعيمها ومنافعها‪ ،‬ويمهلهم‬
‫وَّل يهملهم‪ ،‬بعفوه وحلمه‪.‬‬
‫انلوع اثلنين‪ :‬عفو اخلنص‪ :‬ومغفرته للتائبي‪ ،‬واملستغفرين‪،‬‬
‫وادلاعي‪ ،‬والعابدين‪ ،‬واملصابي باملصائب املحتسبي"(‪.)3‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال الل العظيم‪{ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪ ،‬أي‪ :‬إن‬
‫ً‬
‫أكمل العفو ـهو اذلي يصدر عن قدرة تامة‪ْ ،‬ع اَّلنتقام واملؤاخذة(‪،)4‬‬
‫َّ‬
‫عجز وَّل ِذلة‪ ،‬كما يقال‪" :‬العفو عند املقدرة"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ضعف وَّل‬ ‫ٍ‬ ‫َّل عن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬عمر األشقر (ص‪.)255‬‬
‫(‪ )4‬رشح الواسطية للهراس (‪.)77/2‬‬ ‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪.)28‬‬ ‫(‪ )2‬األسىن (‪.)148/1‬‬

‫‪76‬‬
‫‪‬‬
‫هللالل العفو سبحنًه وتعنىل‪:‬‬
‫(‪ )1‬أن ما عفا الل عنه ف ادلنيا‪ ،‬فالل أكرم من أن يعود عفوه‬
‫يوم القيامة‪ ،‬فهو كريم َّل يرجع ف عفوه‪ ،‬فهذه سنة الل مع أويلائه‪.‬‬
‫(‪ )2‬من هللالهل‪ :‬أنه كما يعفو ف ادلنيا عن املذنبي اتلائبي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫املرصين‪.‬‬ ‫فإنه تعاىل ف اآلخرة يعفو عن املوحدين‬
‫ذنب عبده‪ ،‬مهما اكن جرمه‪ ،‬حىت عن‬ ‫(‪ )3‬أنه تعاىل يعفو عن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ه ِ‬
‫حسنـات‪ ،‬بل ويدر عليه من اآلَّلء واخليات(‪،)1‬‬
‫ٍ‬ ‫ويبَدل سيئاتـه‬ ‫حقه‪،‬‬
‫فمن اذلي يكافئ اذلنب بمثل ـهذا غي الرب سبحانه!‪.‬‬
‫(‪ )4‬من هللالل عفوه أنه بعد حلم وإعذار‪ ،‬وعن كمال الغىن‬
‫والقدرة واَّلنتقام‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء]‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )5‬أنه دل عباده ْع األسباب‪ ،‬اليت ينال بها عفوه الكريم‪ ،‬من‬
‫األعمال‪ ،‬واألخَّلق‪ ،‬واألقوال‪ ،‬واألفعال‪.‬‬
‫(‪ )6‬أنه لوَّل هللالل عفوه تعاىل‪ ،‬لغارت األرض بأـهلها‪ ،‬لكرثة ما‬
‫يهرتكب من املعايص ْع ظهرـها(‪.)2‬‬
‫اثلمرات‪ :‬عندما يؤمن املؤمن بأن َّ‬
‫ربه ل كمال العفو‪ ،‬فإن ذلك‬
‫َّ‬
‫املحبة‪ ،‬ويه حمبة العبد لربه‪ ،‬اليت تثمر ل من‬ ‫يغرس ف قلبه شجرة‬
‫ينابيع اآلثار واثلمرات الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬من الرجاء‪ ،‬واَّلنقطاع‪،‬‬
‫واألمل‪ ،‬والركون ل تعاىل وحده‪ ،‬ومن ذلك اتلعبد بهذا اَّلسم الكريم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كما جاء ف اقرتانه مع (الكريم) ف ادلاعء اذلي علمه انليب ‘ لعائشة >امهلل إنك عفو كريم‪ <..‬صحيح‬
‫(‪ )2‬ابن كثي (‪ ،)142‬الشواكين (‪ ،)1556‬وتفسي السعدي (‪ )759‬األسىن (‪.)149/1‬‬ ‫الرتمذي (‪.)3513‬‬

‫‪77‬‬
‫‪‬‬
‫مع خلقه‪ ،‬ابتغاء وجهه تعاىل‪ ،‬حىت يدخل ف الزمرة اليت أثىن عليها ف‬
‫َّ ِ‬
‫كتابه‪ ،‬وسنة نبيه ‘‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ} [آل عمران‪]134 :‬‬
‫المىن‪ ،‬ويه َّ‬
‫حمبته تعاىل‪ ،‬ألنه تعاىل‬ ‫تعبد به‪ ،‬نال أسَّم مراتب ه‬ ‫فمن َّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬
‫كريم‪ ،‬حتب العفو‪ ،‬ةنعف‬ ‫عفو‬ ‫حيب العفو وأـهله >امهلل إًا‬ ‫ِ‬
‫ا‬ ‫عين< ‪ ،‬وكذلك نال َّ‬ ‫ر‬
‫العزة ف ادلنيا‪ ،‬قال ‘‪> :‬ومن زاد ا عبدا‬ ‫(‪)1‬‬
‫ا‬ ‫بعفو إال ًّ‬
‫عًا<(‪ ،)2‬والعىل ف اآلخرة‪ ،‬قال ‘‪> :‬من كظم غيظن وهو‬ ‫ٍ‬
‫ىلع رؤوس اخلالئق يوم القينم‪ ،‬ح ٰ‬
‫ىت‬ ‫ٰ‬ ‫قندر ٰ‬
‫ىلع أن ينفذ ‪ ،‬داع ا‬
‫ر‬
‫خير من احلور العني من شنء<(‪.)3‬‬

‫‪ 19‬ـ ‪20‬ـ اهلل (الواحد‪ ،‬األحد) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ} [إبراـهيم]‪.‬‬


‫وقال عز شأنه‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ} [اإلخَّلص]‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬األحد‪ :‬ـهو اسم بن نليف ما يذكر معه من‬
‫العدد‪ ،‬تقول‪ :‬ما أتاين منهم أحد‪ ،‬فمعناه‪َّ :‬ل واحد أتاين وَّل اثنان‪،‬‬
‫وـهو بانليف أعم من الواحد‪ ،‬وَّل جيوز وصف يشء ف جانب اإلثبات‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بأحد‪ ،‬إَّل الل األحد‪ ،‬فَّل يقال‪ :‬رجل أحد‪ ،‬وَّل ثوب أحد‪.‬‬
‫وا واحد ف الكم العرب‪ ،‬ل معنيان‪:‬‬
‫أحدهمن‪ :‬اسم ملفتتح العدد‪ ،‬فيقال‪ :‬واحد‪ ،‬اثنان‪ ،‬ويمكن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬صحيح أيب داود (‪.)4777‬‬ ‫(‪ )2‬مسلم (‪.)6592‬‬ ‫(‪ )1‬انظر اهلامش رقم (‪ )1‬من الصفحة السابقة‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫جعله وصفا ألي يشء يريد‪ ،‬فيصح القول‪ :‬رجل واحد‪ ،‬وثوب‬
‫واحد‪ .‬واثلنين‪ :‬اذلي َّل نظي ل‪ ،‬وَّل مثيل‪ ،‬يقال‪ :‬فَّلن واحد العالم‪،‬‬
‫أي َّل نظي ل ف العالم(‪.)1‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ا واحد األحد‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وتفرد بكل كمال‪ ،‬وباين‬ ‫(‪ )1‬اذلي توحد جبميع الكماَّلت‪،‬‬
‫بأحديته مجيع املوجودات‪ ،‬حبيث َّل يشاركه فيها مشارك(‪ ،)2‬فمن ذلك‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫وعلوـها ْع مجيع‬ ‫أ) أنه توحد ف ذاته‪ ،‬ف كماهلا‪ ،‬وعظمتها‪،‬‬
‫ً‬ ‫اخلَّلئق‪ ،‬فـ"تعالت ذاته أن تشبه ً‬
‫شيئا من اذلوات أصَّل"(‪.)3‬‬
‫َّ‬
‫ب) اذلي توحد ف كمال صفاته‪ ،‬فلكها عَّل‪َّ ،‬ل نقص فيها‪ ،‬وَّل‬
‫ْحد‪ ،‬وثناء‪ ،‬وجمد‪.‬‬
‫مثيل هلا‪ ،‬وَّل أْع منها‪ ،‬ألنها لكها صفات ٍ‬
‫َّ‬
‫ ـج) وتوحد ف كمال أسمائه‪ ،‬فلكها حسىن ليس فيها اسم سوء‪،‬‬
‫فَّل أحسن منها‪ ،‬وَّل ِ َّ‬
‫سيم ل بها‪ ،‬وليس هلا منتىه ف عددـها‪ ،‬وكمال‬
‫متعلقاتها‪ ،‬ألنبائها عن أحسن املعاين‪ ،‬وأرشفها‪.‬‬
‫َّ‬
‫د) اذلي توحد ف كمال أفعال‪ ،‬فلكها حكمة‪ ،‬وـهدى‪ ،‬ليس فيها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خال عن املصلحة‪ ،‬مألت اخلليقة عدَّل‪ ،‬ورْحة‪ ،‬وإحسانا‪.‬‬ ‫فعل ٍ‬
‫َّ‬
‫وآخريته بادليمومة‬ ‫تفرد ف َّ‬
‫أويلته ف الوجود بَّل ابتداء‪،‬‬ ‫(‪ )2‬اذلي َّ‬

‫بَّل انتهاء قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ} [احلديد‪.]3 :‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)277/1‬تفسي أيب مظفر السمعاين (‪ ،)161/1‬رشح كتاب اتلوحيد للغنيمان (‪.)257/1‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)124/1‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)486/5‬‬

‫‪79‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املتفرد‪َّ ،‬ل مثيل‪ ،‬وَّل شبيه‪ ،‬وَّل عديل ل‪ ،‬متوحد‪َّ ،‬ل‬ ‫(‪ )3‬وـهو‬
‫رشيك ل‪ ،‬وَّل صاحبة‪ ،‬وَّل ودل‪.‬‬
‫ِ‬
‫املتفرد عن لك نقص‪ ،‬وعيب‪ ،‬وسوء‪ ،‬لكمال ْع‬ ‫(‪ )4‬وـهو تعاىل‬
‫اإلطَّلق‪ ،‬واتلمام‪ ،‬والكمال‪ ،‬من لك وجه‪ ،‬ويف لك حال‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )5‬املنفرد ف ربوبيته‪ ،‬فَّل رشيك ل ف ملكه‪ ،‬وَّل معي‪ ،‬وَّل‬
‫املزنه عن الرشيك ف خصائصه وحقوقه‪.‬‬ ‫منازع‪ ،‬وَّل مغالب‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫املتفرد‬ ‫حبق‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ألوـهيته‪ ،‬فهو اإلل املعبود ٍّ‬ ‫(‪ )6‬وـهو الواحد األحد ف‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫املحبة‪ ،‬واتلعظيم‪ ،‬ليس ل نِد‪ ،‬وَّل ِضد‪ ،‬وَّل عديل‪.‬‬ ‫ف‬
‫تفرع ـهو عن يشءٍ‪،‬‬‫يتفرع عنه يشء‪ ،‬وَّل َّ‬ ‫(‪ )7‬وـهو اذلي لم ّ‬
‫وليس ل ماكفئ من خلقه يساميه‪ ،‬أو يساويه‪ ،‬أو يقرب منه أو يدانيه(‪.)1‬‬
‫(‪ )8‬وـهو سبحانه اذلي يوحده عباده‪ ،‬ويعتمدون عليه‪،‬‬
‫ويقصدونه ف مجيع حواجئهم ادلنيوية‪ ،‬وادلينية(‪.)2‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ} [اإلخَّلص]‪ ،‬اقرتن اسم (األحد) بـ(ا صمد)‪ :‬دل ـهذا اَّلقرتان‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫أنه تعاىل متوحد ف صمديته‪ ،‬صمد ف أحديته‪ ،‬فاألحدية‪ :‬دلت ْع‬
‫نيف انلعوت السلبية‪ ،‬من نيف الرشيك‪ ،‬والشبيه‪ ،‬واملثلية‪ ،‬والصمدية‪:‬‬
‫إثبات لك صفات الكمال العلية‪ ،‬وصفات الرب نواعن‪ :‬صفات ثبوتية‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [اإلخَّلص]‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة ف‪ :‬طريق اهلجرتي (‪ ،)214‬ابن جرير (‪ ،)265/3‬ابن كثي (‪ ،)793/4‬اشتقاق أسماء الل‬
‫(‪ ،)90‬وفتح الرحيم امللك (‪ ،)36‬وبهجة األبرار (‪ .)291‬األسىن (‪.)230‬‬

‫‪80‬‬
‫‪‬‬
‫وصفات سلبية‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع اجتماع لك صفات الكمال لرب‬
‫َّ ٌ‬
‫الّبية‪" ،‬فاألحدية دالة ْع انفراده املطلق‪ ،‬والصمدية ْع كمال املطلق‪،‬‬
‫وـهذه يه جمامع اتلوحيد العليم اَّلعتقادي"(‪ ،)1‬وهلذا قال شيخ اإلسَّلم‬
‫ابن تيمية‪" :‬فإن ـهذين اَّلسمي يستلزمان سائر األسماء احلسىن‪ ،‬وما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فيها من اتلوحيد لكه قوَّل وعمَّل‪.)2("..‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫هللالل ا واحد األحد‪ :‬أنهما يدَّلن ْع أعظم خصائص الرب‬
‫جل جَّلل‪ ،‬وـهو توحيده اخلالص ف العبودية‪ ،‬ملا َّ‬
‫تفرد به من األلوـهية‪،‬‬
‫َّ‬
‫العلية‪ ،‬وـهذا ـهو املقصد األْع‪،‬‬ ‫والربوبية‪ ،‬وأسمائه احلسىن‪ ،‬وصفاته‬
‫اذلي جاء به مجيع األنبياء واملرسلي‪ ،‬للك َّ‬
‫الّبية‪ ،‬فـ"اتلوحيد َّ‬
‫أول دعوة‬
‫الرسل‪ ،‬وأول منازل الطريق‪ ،‬وأول مقام يقوم به السالك إىل الل‪ ،‬فهو‬
‫أول ما يدخل به ف اإلسَّلم‪ ،‬وآخر ما خيرج به من ادلنيا‪ ،‬فهو أول‬
‫واجب وآخر واجب‪ ،‬فاتلوحيد‪ :‬أول األمر‪ ،‬وآخره"(‪.)3‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬عندما يدرك املؤمن بأحديته تعاىل‪ ،‬ووحدانيته ف‬
‫الوجود ْع اإلطَّلق‪ ،‬ينبيغ ل أن يوحد ربه ف حمبته‪ ،‬وخوفه‪ ،‬ورجائه‪،‬‬
‫وداعئه‪ ،‬ولك عباداته‪ ،‬ف ظاـهره وباطنه‪ ،‬وباجلملة "جيب ْع العبيد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫توحيده‪ :‬عقدا‪ ،‬وقوَّل‪ ،‬وعمَّل"(‪" ،)4‬فإن حاجة العبد إىل توحيد الل‬
‫تعاىل ف عبادته وحده َّل رشيك ل‪ ،‬أعظم من حاجة اجلسد إىل روحه‪،‬‬
‫نظي ته ه‬
‫قاس به‪ ،‬فإن حقيقة‬ ‫ٌ‬ ‫والعي إىل نورـها‪ ،‬بل ليس هلذه احلاجة‬
‫العبد روحه وقلبه‪ ،‬وَّل صَّلح هلا‪ ،‬إَّل بإهلها اذلي َّل هلإ إَّل ـهو"(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر جمموع الفتاوى (‪ 107/17‬ـ ‪ ،)325‬وزاد املعاد (‪ )2( .)316/1‬بيان تلبيس اجلهمية (‪.)409/2‬‬
‫(‪ )5‬انظر طريق اهلجرتي (‪.)99/1‬‬ ‫(‪ )4‬تفسي السعدي (‪.)485/5‬‬ ‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)433/3‬‬

‫‪81‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 21‬ـ اهلل (القريب) عز وجل‬

‫[ابلقرة‪]186 :‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ}‬


‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو القريب‪:‬‬
‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق مجيع خلقه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫اذلي َّل أقرب منه خللقه‪ ،‬وـهو‬
‫ُُ‬
‫وقربه من لقه ًواعن‪:‬‬
‫ا ٌ ٌّ‬
‫أوال‪ :‬قرب اعم‪ :‬من لك أحد‪ ،‬بعلمه‪ ،‬وخّبته‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬ومشاـهدته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإحاطته بكل األشياء‪ ،‬وـهو فوق لك املخلوقات‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ا‬
‫ثنًين‪ :‬قرب نص‪ :‬من اعبديه‪ ،‬وسائليه‪ ،‬وحمبيه‪ ،‬وـهو قرب‬
‫املحبة‪ ،‬وانلرصة‪ ،‬واتلأييد ف احلراكت‪ ،‬والسكنات‪ ،‬واإلجابة‬‫َّ‬ ‫يقتيض‬
‫ٌ‬
‫لدلاعي‪ ،‬والقبول واإلثابة للعابدين‪ ،‬وـهو قرب َّل تدرك ل حقيقة‪،‬‬
‫ه‬
‫وإنما تعلم آثاره من لطفه بعبده‪ ،‬وعنايته به‪ ،‬وتوفيقه‪ ،‬وتسديده(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫ٌ‬
‫ترغيب وبشارة‪ ،‬ملن تقرب لل بالعبادة‪،‬‬ ‫ﰊ} [ـهود]‪ ،‬ف ـهذا اَّلقرتان‬
‫ً‬
‫مغروسا ف فِ َطر العاملي‪ ،‬بأن الل تعاىل فوق مجيع‬ ‫لما اكن‬‫ألنه َّ‬
‫اخللق أمجعي‪ ،‬جاء ـهذا اَّلقرتان املبي‪ ،‬يلبي أنه تعاىل مع ِ‬
‫علوه فوق‬
‫ِ‬
‫لك خلقه‪ ،‬فهو قريب منهم‪ ،‬أقرب إيلهم من أنفسهم‪ ،‬فيسمع الكمهم‪،‬‬
‫وجييب داعءـهم‪.‬‬
‫هللالل القريب‪ :‬سبحان الل تعاىل ما أعظمه‪ ،‬وما أقربه‪ ،‬فهو‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)491/5‬احلق الواضح (‪.)64‬‬

‫‪82‬‬
‫‪‬‬
‫سموات هم مستَ ٍو ْع عرشه‪ ،‬فوق لك خلقه‪ ،‬أقرب‬
‫ٍ‬ ‫جل وعَّل فوق سبع‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫إىل العبد من عنق راحلته إيله‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن اذلين تدعوًه سميع‬
‫ُ‬
‫قريب‪ ،‬أقرب إىل أحدكم من عنق راحلته<(‪ ،)1‬بل ـهو أقرب من‬
‫انلفس إىل انلفس‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫علوه‪ ،‬عل ف قربه(‪.)2‬‬ ‫ٌ‬
‫قريب ف ِ‬ ‫ﭟ} [ق‪ ،]16 :‬فهو سبحانه‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث العبد السيع ف القرب‬
‫من الل تعاىل بالعبودية‪ ،‬ومن أجلها ادلاعء "فلكما استحرض القلب‬
‫َّ‬
‫وتصور ذلك‪،‬‬ ‫قرب الل تعاىل منه‪ ،‬وأنه أقرب إيله من لك قريب‪،‬‬
‫أخىف داعءه ما أمكنه‪ ،‬ولم يتأت ل رفع الصوت به"(‪.)3‬‬

‫‪ 22‬ـ اهلل (اجمليب) عز وجل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ} [ـهود]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املجيب‪:‬‬
‫‪ )1‬دلعوة ادلاعي‪ ،‬وسؤال السائلي‪ ،‬وعباده املستجيبي‪ ،‬ومأمل‬
‫آن حي‪.‬‬
‫الطابلي‪ ،‬ف لك ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حيب‬
‫‪ )2‬فهو تعاىل َّل خييب مؤمنا داعه‪ ،‬وَّل يرد مسلما ناجاه‪ ،‬و ِ‬
‫سبحانه أن يسأل العباد مجيع مصاحلهم‪ ،‬ادلنيوية‪ ،‬وادلينية(‪.)4‬‬
‫‪ )3‬فهو تعاىل يعلم حاجة املحتاجي قبل سؤاهلم‪ ،‬وقد َع ِلمها‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)845‬‬ ‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)505/5‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)2992‬ومسلم (‪.)2704‬‬
‫(‪ )4‬فقه األسماء (‪.)251‬‬

‫‪83‬‬
‫‪‬‬
‫ف األزل‪ ،‬فدبَّر أسباب كفاية احلاجات‪ ،‬خبلق األطعمة واألقوات‪ ،‬ف‬
‫لك اللحظات‪ ،‬وتيسي األسباب واآلَّلت املوصلة إىل مجيع َّ‬‫ِ‬
‫املهمات ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وإجابته سبحانه وتعاىل ًواعن‪:‬‬


‫اعم‪ ،‬دلاعني‪ :‬مهما اكنوا‪ ،‬وأينما اكنوا‪ ،‬وْع ِ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬
‫حال‬
‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫إهللنب‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫أوال‬
‫َّ‬
‫اكنوا‪ ،‬كما وعدـهم بهذا الوعد املطلق‪ ،‬الصادق اذلي َّل يتخلف‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ا‬
‫ثنًين‪ :‬إهللنب‪ ،‬نص‪ :،‬للمستجيبي ل‪ ،‬املنقادين لرشعه‪ ،‬املخلصي‬
‫ل ف ادلاعء‪ ،‬والعبادة‪ ،‬وهلذا عقب ذلك بقول‪{ :‬ﯶ ﯷ}‬
‫وكذلك للمضطرين‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬ ‫[ابلقرة‪]186 :‬‬

‫ﯝ ﯞ} [انلمل‪ ،]62 :‬وللك من انقطع رجاؤه من املخلوقي(‪،)2‬‬


‫ِ‬ ‫َّ‬
‫وتعلق قلبه برب العاملي‪ ،‬فما أرسع اإلجابة هلذا‪.‬‬

‫{ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ}‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ا‬
‫ويفرج كربن‪ ،‬ويرةع قومن‪،‬‬ ‫[الرْحن] قال ‘‪> :‬من شأًه أن ييفر ‪ً،‬بن‪،‬‬
‫ً‬
‫جائعا‪ ،‬ويكسو‬ ‫كسيا‪ ،‬ويغن ً‬
‫فقيا‪ ،‬ويشبع‬ ‫ً‬ ‫ويضع آ رين<(‪ ،)3‬وجيّب‬
‫ويقصم َّ‬
‫جب ً‬ ‫ه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ارا(‪،)4‬‬ ‫مظلوما‪،‬‬ ‫عريانا‪ ،‬ويشيف مريضا‪ ،‬ويعاف مبتىل‪ ،‬وينرص‬
‫فسأل أـهل سمواته وأرضه ْع اختَّلفهم وـهو يسعفهم ف مراداتهم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫هللالل املجيب‪ :‬إن إجابته فضل وإحسان‪ ،‬ليست كإجابة‬
‫األنام‪ ،‬اذلي يغضب عند السؤال‪ ،‬والل يغضب إن لم يهطلب منه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬موسوعة ل األسماء احلسىن للرشباص (‪ ،)242/1‬ورشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪.)266‬‬
‫(‪ )4‬الوابل الصيِب (‪.)62‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح موارد الظمآن (‪.)1487‬‬ ‫(‪ )2‬انظر احلق الواضح (‪.)65‬‬

‫‪84‬‬
‫‪‬‬
‫لك حال ‪" ،‬فَّل َّ‬‫ِ‬
‫يتّبم‬ ‫(‪)2‬‬ ‫انل َوال(‪ ،)1‬بل يهكرم من يسأل‪ ،‬ويلوذ به ف‬
‫َّ‬

‫سمع عن‬‫ٌ‬ ‫ِ‬


‫امللحي‪ ،‬وكرثة ادلاعي ْع ادلوام‪ ،‬فَّل يشغله‬ ‫بإحلاح‬
‫سمع"(‪ ،)3‬ومن هللالل إجابته أنه يستجيب ادلاعء من الاكفرين‪ ،‬إذا‬
‫ٍ‬
‫َّ‬
‫أخلصوا ل ادلاعء حال الشدة‪ ،‬ولم يكونوا قبل ذلك قد عرفوه ف‬
‫ساعة وَّل حي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [العنكبوت‪.]65 :‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم يورث العبد حمبته تعاىل واتلعلق به‪،‬‬
‫ورجاءه‪ ،‬والطمع فيما عنده‪ ،‬واتلرضع بي يديه‪ ،‬ويذـهب عنه داء‬
‫القنوط من م‬
‫روحه‪ ،‬فعند ذلك يزنل حاجاته به‪ ،‬ويعظم راغئبه وسؤال‪،‬‬
‫ومن مقتىض ـهذا اَّلسم أن يكون املؤمن جميبًا لربه فيما أمر به ونهاه‬
‫عنه‪ ،‬حىت يترشف ويتعرض هلذا الوعد الصادق العظيم منه سبحانه‬
‫اذلي َّل يتختلف‪{ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ} [اغفر‪.]60 :‬‬

‫‪ 23‬ـ ‪ 24‬ـ ‪ 25‬ـ اهلل (امللك‪،‬املليك‪،‬املالك) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} [طه‪.]114 :‬‬


‫وقال جل وعَّل‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵﭶ} [القمر]‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال ‘‪> :‬من م يسأل ا ييضب عليه<‪ .‬صحيح الرتمذي (‪.)3373‬‬
‫(‪ )2‬قال ‘‪> :‬ليس يشء أكرم ٰ‬
‫ىلع ا من ادلاعء< صحيح ابن ماجه (‪.)3825‬‬
‫(‪ )3‬انظر إاغثة اللهفان (‪.)3/1‬‬

‫‪85‬‬
‫‪‬‬
‫ٰ‬
‫تسىم ملا األمالك‪ ،‬ال‬ ‫رهللل‬ ‫قال ‘‪> :‬إن أ نع اسم عند ا‬
‫عً وهللل<(‪.)1‬‬ ‫من ا إال ا‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬امللا ـهو‪ :‬احتواء اليشء‪ ،‬والقدرة ْع‬
‫اَّلستبداديَّة‪ ،‬انلافذ األمر ف ملكه ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫* الفرق بني هذ األسمنء‪ :‬أن املن ا‪ :‬ـهو صاحب امللك‪ ،‬أو من‬
‫ل ملكة اليشء‪ ،‬املترصف بفعله‪ ،‬وامللا هو‪ :‬املترصف بفعله‪ ،‬وأمره‪.‬‬
‫واملليا‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬وـهو املالك العظيم امللك‪ ،‬فهو اسم‬
‫كيته‪ ،‬فله علو الشأن‪،‬‬‫العلو املطلق للملك ف هملكه‪ ،‬وملم َّ‬
‫ِ‬ ‫يدل ْع‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫والفوقية ف وصف امللكية ْع ادلوام‪ ،‬أزَّل وأبدا‪ ،‬فهذا‬ ‫والقهر‪،‬‬
‫اَّلسم يشمل معىن امللك‪ ،‬واملالك(‪.)3‬‬
‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو امللا املليا املن ا‪:‬‬
‫َّ‬
‫‪ )1‬ل امللك لكه‪ ،‬ول احلمد لكه‪ ،‬أزمة األمور لكها بيده‪ ،‬ومصدرـها‬
‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق مجيع خلقه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫منه‪ ،‬ومردـها إيله‪ ،‬وـهو‬
‫‪ )2‬ومن تمام ملكه سبحانه أنه َّل ختىف عليه خافية ف أقطار‬
‫مط ِل ًعا ْع أرسارـهم وعَّلنيتهم‪.‬‬ ‫ملكه‪ً ،‬‬
‫اعلما بنفوس عبيده‪َّ ،‬‬
‫ٌِ‬
‫متفرد وحده بتدبي اململكة‪ ،‬يسمع‬ ‫‪ )3‬ومن كمال ملكه أنه تعاىل‬
‫ويرى‪ ،‬ويعطي ويمنع‪ ،‬ويثيب ويعاقب‪ ،‬ه‬
‫ويكرم ويهي‪ ،‬وخيلق ويرزق‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انلهاية (‪ ،)358/4‬اللسان (‪.)4266/7‬‬ ‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2143‬‬
‫(‪ )3‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)972/4‬زاد املسي (‪ ،)104/8‬والقرطيب (‪ ،)248/11‬الرازي (‪ ،)188‬األسماء والصفات‬
‫للبيهيق (‪.)46‬‬

‫‪86‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬
‫ويقدر َ‬
‫ويقيض‪.‬‬ ‫ويأمر وينىه‪ ،‬ويميت وحيي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫‪ )4‬سلطانه جل جَّلل نافذ ف السماوات وأقطارـها‪ ،‬ويف األرض‬
‫وما عليها وما حتتها‪ ،‬ويف ابلحار واجل َ ِو‪ ،‬يداول األيام بي انلاس‪،‬‬
‫ويقلب ادلول‪ ،‬يذـهب بدولة ويأيت بأخرى‪.‬‬
‫‪ )5‬فهو تعاىل مالك امللوك واألمَّلك لكها‪ِ ،‬‬
‫يرصفهم حتت أمره‬
‫ونهيه‪ ،‬وـهو يؤيت امللك من يشاء‪ ،‬ويزنع امللك ممن يشاء(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املترصف ف املمالك لكها وحده‪ ،‬ت َرصف َم ِل ٍك قادر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫‪ )6‬فهو‬
‫قاـهر‪ ،‬رحيم‪ ،‬فترصفه ف اململكة دائر بي العدل‪ ،‬واإلحسان‪،‬‬
‫واحلكمة‪ ،‬واملصلحة‪ ،‬والرْحة‪َّ ،‬ل تتحرك ذرة ف ملكه إَّل بإذنه‪ ،‬وَّل‬
‫تسقط ورقة إَّل بعلمه(‪{ )2‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽ} [يس]‪.‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭛ ﭜ ﭝ‬
‫عز شأنه‪{ :‬ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫ﭞ ﭟ ﭠﭡ} [الفاحتة]‪ ،‬وقال َّ‬

‫ﮏ} [الفرقان‪ ،]26 :‬قرن (ا رمحن ا رحيم) بـ(من ا)‪ :‬وذلك أن ثبوت‬
‫امللك ل تعاىل ف ذلك ايلوم اذلي ه‬
‫يدل ْع كمال القهر‪ ،‬واَّلستعَّلء‪،‬‬
‫واإلحاطة‪ ،‬واتلفرد ف احلساب واملجازاة‪ ،‬إَّل أنه تعاىل مع لك ـهذه‬
‫ٌ‬
‫رحيم‪ ،‬وأن من رْحته تعاىل بعباده‪ :‬أنه ـهو‬ ‫ٌ‬
‫رْحن‬ ‫العظمة فهو ملك‬
‫ِ‬
‫املتفرد بامللك فيه‪ ،‬وذلك أنه حياسب عباده‪ ،‬بالعدل‪ ،‬والقسط‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ} [آل عمران‪.]26 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)40‬وتفسي األسماء (‪ ،)62‬وطريق اهلجرتي (‪ ،)228‬شفاء العليل (‪.)652/2‬‬

‫‪87‬‬
‫‪‬‬
‫أحد‪ ،‬وـهذا ـهو‬ ‫ٌ مَ‬ ‫ه ِ‬ ‫َّ‬
‫والفضل‪ ،‬فَّل يظلم مثقال ذرة‪ ،‬وَّل حيمل أحد ِوزر ٍ‬
‫الملك‪.‬‬‫الكمال‪ :‬هملك مع الرْحة‪ ،‬ورْحة مع ه‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ} [احلرش‪،]23 :‬‬


‫اقرتنت ـهذه األسماء اجلليلة بـ(امللا)‪ ،‬بليان‪ :‬أنه تعاىل مع كونه‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫متزن ٌه ف ملكه‬
‫قدوس‪ ،‬أي‪ِ :‬‬ ‫ملاك ً‬
‫قاـهرا‪ ،‬بَّل ممانعة‪ ،‬وَّل مدافعة‪ ،‬إَّل أنه‬
‫ٌ‬
‫انلقائص‪ ،‬واجلور‪ ،‬والظلم‪ ،‬وسالم‪ :‬أي َس ِل َم عباده من ظلمه‬ ‫من َّ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫مؤمن‪ :‬وـهو اذلي يهؤمن عبيده من اجلور والظلم‪،‬‬ ‫وجوره كذلك‪،‬‬
‫ؤمن من شاء من اخلوف‪ ،‬وغيـها من األسماء اليت ه‬‫ه ِ‬
‫تدل‪ْ :‬ع كونه‬ ‫وي‬
‫ملاك َّل حيسن‪ ،‬وَّل يكمل إَّل مع ـهذه ِ‬‫ً‬
‫الصفات‪ ،‬من الرْحة(‪،)1‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫والعزة‪ ،‬واهليمنة‪ ،‬فدل ْع انفراده تعاىل ف‬ ‫والقدوسية‪ ،‬والسَّلم‪،‬‬
‫ملكه بالكمال‪ ،‬مع انتفاء عنه لك انلقائص‪ ،‬واملعايب‪ ،‬واملذام‪.‬‬
‫هللالل امللا املليا املن ا‪ :‬من جَّلل ملكه تعاىل أنه‬
‫ٌ‬
‫مقارن حلمده ف لك األحوال واألوقات ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ِ‬
‫{ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ} [اتلغابن‪ ،]1 :‬فامللك واحلمد ف حقه متَّلزمان‪،‬‬
‫فلك ما شمله ملكه وقدرته‪ ،‬شمله ْحده‪ ،‬فهو حممود ف ملكه‪ ،‬ول‬
‫امللك والقدرة مع ْحده‪ ،‬فكما يستحيل خروج يش ٍء من املوجودات‬
‫عن ملكه وقدرته‪ ،‬يستحيل خروجها عن ْحده‪ ،‬وحكمته‪ ،‬فإن‬
‫ً‬
‫عجزا‪،‬‬ ‫ً‬
‫نقصا‪ ،‬واحلمد بَّل ملك يستلزم‬ ‫امللك بَّل ْحد يستلزم‬
‫واحلمد مع امللك اغية الكمال واجلَّلل‪ ،‬فوسط امللك بي اجلملتي‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي الرازي (‪ ،)243/1‬بترصف‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫فجعله حمفوظا حبمد قبله(‪ ،)1‬وْحد بعده(‪،)2‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه َّل ينازعه ف ملكه معارض‪ ،‬وَّل يمانعه مناقض‪،‬‬
‫فهو بتقديره متفرد‪ ،‬وبتدبيه متوحد‪ ،‬ليس ألمره مرد‪ ،‬وَّل حلكمه رد(‪.)3‬‬
‫ٰ‬
‫تعنىل‪ :‬أن ملكه حق ثابت بَّل زوال‪ ،‬وَّل‬ ‫ومن هللالل ملكه‬
‫انتقال‪ ،‬وَّل نقصان ْع ادلوام(‪ ،)4‬فلم يكن ل رشيك فيه‪ ،‬وَّل معي ل‬
‫أحد من اخللق‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫فيه من ٍ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ} [اإلرساء‪ ،]111 :‬ورصف أموره فيه باحلكمة‪،‬‬
‫والعدل‪ ،‬واحلق‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} [املؤمنون‪.]116 :‬‬
‫اثلمرات‪ :‬إذا اكن ربنا سبحانه وتعاىل ـهو ملك امللوك‪َّ ،‬ل‬
‫ينازعه فيه منازع‪ ،‬وَّل يشاركه فيه مشارك‪ ،‬فإن ذلك يوجب نلا أن‬
‫يكون ـهو تعاىل مَّلذنا ومعاذنا‪ ،‬ورجاءنا‪ ،‬فَّل غىن نلا عنه طرفة‬
‫عي ف لك أحوانلا‪ ،‬فينبيغ نلا أن نوحده تعاىل ف لك شؤوننا وأمورنا‪.‬‬

‫‪ 26‬ـ ـ اهلل (الصمد) جل ثناؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ} [اإلخَّلص]‬


‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫معان جليلة‬
‫ٍ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا صمد ف اللغة‪ :‬يدل ْع عدة‬
‫ورفيعة‪ ،‬وكثية‪ ،‬وهلذا اكنت العرب ِ‬
‫تسيم أرشافها بهذا اَّلسم‪ ،‬لكرثة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ} [سبأ‪.]1 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر شفاء العليل (‪ ،)609‬طريق اهلجرتي (‪ ،)230‬بدائع الفوائد (‪ )3( .)87/1‬رشح األسماء للاكفييج (‪.)132‬‬
‫ً‬
‫(‪ )4‬كملوك ادلنيا‪ ،‬إن أعطوا نقص من ملكهم‪ ،‬فضَّل أن يثبت هلم ملك ْع ادلوام‪ ،‬انظر تفسي الرازي (‪.)243/1‬‬

‫‪89‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫املسَّم به(‪ ،)1‬فيطلق ْع السيد املطاع‪ ،‬اذلي َّل‬ ‫الصفات املحمودة ف‬
‫يقىض دونه أمر‪ ،‬وـهو اذلي يصمد ويقصد إيله ف احلوائج‪ ،‬وـهو اذلي‬
‫َّل جوف ل‪ ،‬فَّل يأكل وَّل يرشب‪ ،‬وـهو السيد اذلي ينتيه إيله‬
‫السؤدد ف لك يشء‪ ،‬وـهو ادلائم ابلايق‪ ،‬وـهو اذلي َّل خيرج منه يشء‪،‬‬
‫ويطلق ْع العايل اذلي تناىه علوه‪ ،‬من قوهلم‪ :‬بناء مصمد‪ ،‬أي‪:‬‬
‫َّ‬
‫معىل(‪ ،)2‬وـهو الرفيع ف لك يشء‪ ،‬لكرثة خصال اخلي فيه‪ ،‬وكرثة‬
‫األوصاف احلميدة ل(‪.)3‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا صمد املصمود للك موجود‪:‬‬
‫َ‬
‫(‪ )1‬السيد اذلي قد ك همل ف سؤدده‪ ،‬والرشيف اذلي قد كمل ف‬
‫رشفه‪ ،‬والعظيم اذلي قد كمل ف عظمته‪ ،‬واحلليم اذلي قد كمل ف‬
‫حلمه‪ ،‬والغن اذلي قد كمل ف غناه‪ ،...‬وـهو اذلي قد كمل ف أنواع‬
‫الرشف والسؤدد‪ ،‬وـهو الل سبحانه ـهذه صفاته‪َّ ،‬ل تنبيغ إَّل ل(‪.)4‬‬
‫(‪ )2‬فهو اذلي تقصده اخلَّلئق لكها‪ ،‬إنسها وجنها‪ ،‬بل العالم‬
‫ّ‬
‫وملماتها ادلقيقة‪ ،‬واجلليلة‪ ،‬فجميع‬ ‫بأرسه العلوي والسفل‪ ،‬حباجاتها‬
‫الاكئنات فقية إيله بذاتهم‪ ،‬ف إجيادـهم‪ ،‬وإعدادـهم‪ ،‬وإمدادـهم‪ ،‬ليس‬
‫ألحد غىن عنه مثقال ذرة واحدة(‪ ،)5‬وَّل حلظة‪ ،‬وَّل خطرة‪ ،‬وَّل خطوة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الصواعق املرسلة (‪.)1024/3‬‬
‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)2495/4‬الطّبي (‪ ،)222/30‬وابن كثي (‪ ،)570/4‬وتفسي سورة اإلخَّلص َّلبن تيمية (‪ 35‬ـ ‪.)60‬‬
‫(‪ )3‬ولك املعاين السابقة ثبتت عن السلف‪ ،‬ولكها يصح أن يوصف به ربنا تعاىل‪ ،‬كما ذكر ذلك ابلغوي ف تفسيه‬
‫(‪ ،)321/7‬وابن كثي (‪ )570/4‬بعد أن ذكر قول احلافظ الطّباين ف كتاب السنة‪.‬‬
‫(‪ )5‬تفسي ابن السعدي (‪.)621/5‬‬ ‫(‪ )4‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)681/4‬‬

‫‪90‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )3‬وـهو اذلي َّل جوف ل‪ ،‬فَّل يأكل وَّل يرشب‪ ،‬وـهو يهط ِعم وَّل‬
‫يه َ‬
‫طعم(‪ ،)1‬املستغن عما سواه‪ ،‬اذلي حيتاج إيله لك ما عداه‪.‬‬
‫(‪ )4‬ـهو تعاىل َّ‬
‫الصمد‪" :‬اذلي لم يدل ولم يودل‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو اذلي َّل يموت وَّل يورث‪ :‬ألنه ليس يشء يودل إَّل سيموت‪،‬‬
‫وليس يشء يموت إَّل سيورث‪ ،‬والل تعاىل َّل يموت وَّل يورث"(‪.)2‬‬
‫َّ ه‬
‫انلافذ أمره ف أرضه وسمواته‪،‬‬ ‫(‪ )6‬وـهو سبحانه السيِد املطاع‪،‬‬
‫َّل يقىض دونه أمر‪ ،‬إَّل بإذنه ومشيئته‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو تعاىل الرفيع الشأن والقدر‪ ،‬فهو واسع الصفات‪،‬‬
‫وعظيمها‪ ،‬اذلي لم يبق صفة كمال إَّل اتصف بها‪ ،‬بغايتها‪ ،‬وكماهلا(‪،)3‬‬
‫حبيث َّل حتيط اخلَّلئق لكهم‪ ،‬من أوهلم وآخرـهم‪ ،‬وإنسهم وجنهم‪،‬‬
‫بواحد ٍة منها‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [الزمر‪.]67 :‬‬
‫(‪ )8‬وـهو سبحانه الصمد اذلي تناىه علوه‪ ،‬ل العلو املطلق من‬
‫لك الوجوه‪ :‬بعلو اذلات‪ ،‬واتلعايل ف لك الصفات "من قوهلم‪ :‬بناء‬
‫همصمد‪ ،‬املاكن املرتفع‪ ،‬وبناء همصمد‪ ،‬أي همعىل" ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫(‪ )9‬وـهو تعاىل الصمد‪" :‬اذلي ليس كمثله يشء‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [اإلخَّلص]"(‪ ،)5‬فليس ل من خلقه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي ابن جرير (‪ ،)222/30‬انلهاية (‪.)52/3‬‬
‫(‪ )2‬الك املعنيي صح عن أيب بن كعب ريض الل عنه‪ ،‬صحيح الرتمذي (‪.)3364‬‬
‫(‪ )3‬بهجة قلوب األبرار (ص ‪.)291‬‬
‫(‪َّ )5‬‬
‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)681/4‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن للقرطيب (‪.)186/1‬‬

‫‪91‬‬
‫‪‬‬
‫نظي يساميه‪ ،‬أو قريب يدانيه(‪.)1‬‬
‫(‪ )10‬وـهو سبحانه املصمود إيله ف احلوائج وانلوازل‪ ،‬املقصود‬
‫إيله ف َّ‬
‫الراغئب‪ ،‬املستغاث به عند املصائب ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫هللالل ا صمد‪ :‬أنه انفرد تعاىل بصمديته ف الوجود من لك‬


‫ٌ‬ ‫ٍّ‬
‫الوجوه‪ ،‬ف لك يشء‪ ،‬إىل حد تنقطع دونه اآلمال‪ ،‬فليس صمد سوى‬
‫ه‬
‫الل(‪ ،)3‬ةمن هللالهل‪ :‬أنه دال ْع مجلة أوصاف عديدة َّل حتىص‪ ،‬وَّل‬
‫معينة‪ ،‬فهو متعلق بالصفة من حيث‬ ‫تهستقىص‪ ،‬فَّل ختتص بصفة ّ‬
‫دَّلتلها ْع الكرثة‪ ،‬والزيادة‪ ،‬والسعة‪ ،‬حبيث يدخل ف معناه ّ‬
‫املعّب عنه‪،‬‬
‫باللفظ الكثي من معاين أسماء الل وصفاته‪ ،‬فهو يتضمن مجيع صفات‬
‫الكمال‪ ،‬من نعوت العظمة واجلَّلل‪ ،‬املستوجب لغايته ْع الكمال(‪.)4‬‬
‫اثلمرات‪ :‬جيب أن يعلم لك ملكف‪ ،‬أن َّل صمدية‪ ،‬وَّل‬
‫وحدانية إَّل لل تعاىل وحده‪ ،‬فينبيغ ل أن يصمد إىل ربه تعاىل ف‬
‫احلوائج لكها‪ ،‬ويكون مفزعه‪ ،‬واغيته‪ ،‬ومقصده ف لك أحوال‪ ،‬ـهو ربه‬
‫تعاىل‪ ،‬ومن جعله الل تعاىل مقصد عباده ف مهمات دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪،‬‬
‫ٍّ‬
‫وأجرى ْع لسانه ويده حوائج خلقه‪ ،‬فقد أنعم عليه حبظ من معىن‬
‫َّ‬
‫ـهذا الوصف‪ ،‬وعليه أن يتخلق بأخَّلق السيادة‪ ،‬والسادة‪ ،‬حىت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يكون مصمودا‪ ،‬وبابه مقصودا(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬تفسي سورة اإلخَّلص (‪ ،)35‬وإبطال اتلأويَّلت أليب يعىل (‪.)668‬‬ ‫(‪ )1‬ابن كثي (‪،)793/4‬‬
‫(‪ )3‬انظر معالم اتلزنيل للبغوي (‪ ،)321/7‬ونظم ادلرر (‪.)588/8‬‬
‫(‪ )5‬األسىن (‪ ،)186/1‬القاموس (‪.)753‬‬ ‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪ ،)176/1‬جمموع الفتاوى (‪.)178/17‬‬

‫‪92‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 27‬ـ اهلل (احلميد) جل جالله‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الشورى]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلميد‪ :‬صيغة مبالغة ْع وزن فعيل‪ ،‬واحلمد‬
‫نقيض اذلم‪ ،‬وـهو أعم وأصدق ف اثلناء ْع املحمود من املدح‬
‫والشكر‪ ،‬وـهو أوسع الصفات‪ ،‬وأعم املدائح‪ ،‬ويأيت بمعىن‪ :‬فاعل‪ ،‬أي‪:‬‬
‫حامد‪ ،‬وبمعىن مفعول‪ ،‬أي‪ :‬حممود‪ ،‬فهو تعاىل حامد‪ ،‬وحممود(‪.)1‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو احلميد‪ :‬ل احلمد لكه‪،‬‬
‫اذلي ل مجيع املحامد‪ ،‬واملدائح ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬فهو‪:‬‬
‫(‪ )1‬املحمود ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬فله من األسماء‬
‫أحسنها‪ ،‬ومن الصفات أكملها‪ ،‬ومن األفعال أتمها وأحسنها‪ ،‬فإنها‬
‫خال عن احلكمة‬
‫ٍ‬ ‫دائرة بي الفضل والعدل‪ ،‬ليس فيها فعل‬
‫واملصلحة‪ ،‬فَّل جيري ف أفعال الغلط‪ ،‬وَّل يعرتضه اخلطأ‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل املحمود ف رشعه‪ ،‬فإنه أكمل الرشائع‪ ،‬وأنفعها‬
‫للك اخلَّلئق‪ ،‬ملا فيه من العدل‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬والرْحة اليت َّل نظي هلا‪.‬‬
‫(‪ )3‬املحمود ف قضائه‪ ،‬وْع أحاكمه القدرية‪ ،‬والرشعية‪،‬‬
‫واجلزائية‪ ،‬ف األول واآلخرة‪ ،‬حيمد عليها ألنها لكها حق‪ ،‬وعدل‪،‬‬
‫وـهدى‪ ،‬مزنـهة عن الرش‪ ،‬والعبث‪ ،‬والظلم‪ ،‬وانلقص‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)156/3‬وتفسي الطّبي (‪ ،)179/13‬طريق اهلجرتي (‪ ،)231‬تفسي سورة لقمان (‪)204/7‬‬
‫َّلبن عثيمي‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪‬‬
‫ّ‬
‫والول‬ ‫(‪ )4‬املحمود ْع وحدانيَّته‪ ،‬وتعايله عن الرشيك َّ‬
‫وانلظي‪،‬‬
‫ِ‬
‫من اذلل(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪ )5‬وـهو اذلي جيعل من يشاء من عباده حممودا‪ ،‬فيهبه ْحدا من‬
‫عنده‪ ،‬فيحمده اخللق‪ ،‬ويثنون عليه‪.‬‬
‫(‪ )6‬فمن كمال ْحده‪ ،‬يوجب أن َّل ينسب إيله رش‪ ،‬وَّل سوء‪،‬‬
‫وَّل نقص ف ذاته‪ ،‬وَّل ف أسمائه‪ ،‬وَّل ف أفعال‪ ،‬وَّل ف صفاته‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو اذلي حيمد من يستحق احلمد‪ ،‬فهو يصف من يستحق من‬
‫عباده الصفات الاكملة بما يستحقه‪ ،‬وهلذا أثىن ْع أنبيائه‪ ،‬وْع أويلائه(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )8‬وـهو املحمود بكل لسان‪ ،‬وْع لك حال‪ ،‬فجميع املخلوقات‬
‫ناطقة حبمده‪ ،‬من اجلمادات‪ ،‬وانلاطقات‪ ،‬ف مجيع األوقات‪ْ ،‬ع آَّلئه‬
‫وإنعامه‪ ،‬وْع كمال‪ ،‬وجَّلل(‪.)3‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ} [الّبوج]‪ ،‬العزة صفة كمال لل عز‬
‫كمال أخرى‪ ،‬واقرتان العزة باحلمد‪ ،‬صفة كمال‬
‫ٍ‬ ‫وجل‪ ،‬واحلمد صفة‬
‫ثاثلة لل تعاىل‪ ،‬فهو تعاىل ل احلمد ْع َّ‬
‫عزته وغلبته‪ ،‬وْع إعزازه‬
‫ألويلائه‪ ،‬ونرصه حلزبه وجنده‪ ،‬والل تعاىل حممود ف عزته‪ ،‬ألنها‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ} [اإلرساء]‪.‬‬
‫(‪ )2‬جَّلء األفهام (‪ ،)244‬شأن ادلاعء (‪ ،)78‬بدائع الفوائد (‪ ،)178/2‬شفاء العليل (‪ ،)511/2‬تفسي سورة الّبوج‬
‫(‪ )3( .)462/10‬قال سبحانه‪{ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ} [اإلرساء‪.]44 :‬‬

‫‪94‬‬
‫‪‬‬
‫جارية عن سنن الرْحة‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬والعدل(‪.)1‬‬
‫فعزته تعاىل رْحة ألويلائه‪ ،‬وعدل ألعدائه‪ ،‬فيه َّ‬
‫عزة ْحد‬ ‫َّ‬
‫َّ َ‬
‫مزنـهة عن لك العيوب وانلقائص‪ ،‬اكلظلم واجلور‪ ،‬كما‬ ‫كذلك‪ ،‬ألنها‬
‫يكون ف اغلب أعزاء املخلوقي‪ ،‬اذلين إذا أعزوا وغلبوا أرسفوا‪،‬‬
‫استحق سبحانه أن حيمد ْع َّ‬
‫عزته‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وظلموا‪ ،‬أو سفهوا‪ ،‬وذللك‬
‫تلزنـهها عن لك انلقائص‪ ،‬وشموهلا للك األوصاف‪ ،‬واملدائح‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [احلديد]‪ ،‬أي‪ :‬ومن يعرض عن اإلنفاق‪،‬‬
‫فإن الل تعاىل غن عنه‪ ،‬وعن إنفاقه‪ ،‬حممود ف ذاته‪َّ ،‬ل يرضه اإلعراض‬
‫عن شكره‪ ،‬وَّل ينفعه اتلقرب إيله بشكر من َّ‬
‫نعمه‪ ،‬ل مجيع املحامد‪،‬‬
‫وإن كفره مجيع اخلَّلئق(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [السشورى]‪ ،‬دل ـهذا‬
‫اَّلقرتان ْع أنه تعاىل حممود ْع وَّليته‪ ،‬ألنها وَّلية كمال ْع‬
‫َّ‬
‫اإلطَّلق‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬أ) أنه ينرش رْحته لعباده‪ ،‬ويتوَّلـهم بإحسانه‪،‬‬
‫ب) ومنها‪ :‬أنه سبحانه حيمد من يطيعه‪ ،‬فَّييده من فضله‪ ،‬ويصل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وجّبا ل‪،‬‬ ‫حبله ادلائم حببله ‪ ،‬هلل) أنه تعاىل يوايل عبده إحسانا إيله‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫ورْحة‪ ،‬خبَّلف املخلوق‪ ،‬فإنه يوايل املخلوق تلعززه به‪ ،‬وتكرثه‬


‫بمواَّلته‪ ،‬ذلل العبد وحاجته(‪ ،)4‬د) ومنها‪ :‬أنه سبحانه حممود ْع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ينظر ولل األسماء احلسىن (‪.)383‬‬
‫(‪ )2‬ابليضاوي (‪ ،)376/3‬نظم ادلرر للبقايع (‪ )3( .)12/6‬ينظر تفسي ابليضاوي (‪ ،)239/3‬نظم ادلرر (‪.)63/6‬‬
‫(‪ )4‬مفتاح دار السعادة (‪.)494/1‬‬

‫‪95‬‬
‫‪‬‬
‫عدوـهم‪ ،‬وحيفظهم من كيدـهم‪ ،‬ويدفع‬ ‫ِ‬ ‫وَّليته ألويلائه‪ ،‬ينرصـهم ْع‬
‫ّ‬
‫عنهم الرشور‪ ،‬ولك ما يرضـهم‪ ،‬ف دنياـهم وأخراـهم‪.‬‬
‫ه‬
‫هللالل احلميد‪ :‬أنه تعاىل حممود من وجوه َّل حتىص‪ ،‬وجوانب‬
‫ه‬
‫َّل تستقىص‪ ،‬ل أسماء وأوصاف‪ ،‬ومدائح وثناء‪َّ ،‬ل يعلمها ملك‬
‫هم‬ ‫َّ‬
‫مقرب‪ ،‬وَّل نيب مرسل‪ ،‬تقرص بَّلاغت الواصفي عن بلوغ كن ِهها‪،‬‬
‫بالواحد منها‪ ،‬ومع ذلك فلله سبحانه‬
‫ِ‬ ‫وتعجز األوـهام عن اإلحاطة‬
‫َّ‬
‫تتحرك به اخلواطر‪ ،‬وَّل‬ ‫وتعاىل حمامد‪ ،‬ومدائح‪ ،‬وأنواع من اثلناء‪ ،‬لم‬
‫ملتوسم‪ ،‬وَّل سنحت ف فكر‪ ،‬فهو‬ ‫ِ‬ ‫ـهجست ف الضمائر‪ ،‬وَّل َّلحت‬
‫ً‬ ‫حممود ف الكون لكِه‪ً ،‬‬
‫دائما بدوامه‪َّ ،‬ل يزول أبدا(‪ ،)1‬ف ادلنيا‬
‫ٌ‬
‫تعاىل‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫﭬ} [الروم]‪ .‬وقال سبحانه‪{ :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫ﰂ} [القصص‪.]70 :‬‬

‫اثلمرات‪ :‬مىت عرف املؤمن أن الل تعاىل متصف باحلمد‪،‬‬


‫فينبيغ ل أن يسىع إىل ْحده تعاىل ْع آَّلئه‪ ،‬وأوصاف كمال‪ ،‬ف‬
‫رسه‪ ،‬وعلنه‪ ،‬ف لسانه‪ ،‬وقلبه‪ ،‬وأراكنه‪ ،‬فإن أفضل خلقه من َّلزم‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫يوم القينم‪ ،‬احلمندون<(‪)2‬‬ ‫ْحده‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬اعلم أن ر عبند ا‬
‫"ثم جيب (ْع العبد) أن يسىع ف خصال احلمد‪ ،‬ويه اتلخلق باألخَّلق‬
‫احلميدة‪ ،‬واألفعال اجلميلة‪ ،‬ويرتك نقيضها‪ ،‬ويدع سفسافها"(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)1571‬‬ ‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ ،)250‬بدائع الفوائد (‪.)87/1‬‬
‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)189/1‬‬

‫‪96‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 28‬ـ ـ اهلل (اجمليد) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [ـهود]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬املجيد من صيغ املبالغة ْع وزن فعيل‪،‬‬
‫وأصل املجد‪ :‬الكرثة‪ ،‬والسعة‪ ،‬وبلوغ انلهاية‪ ،‬وَّل يكون إَّل ف‬
‫ٌ‬
‫حممود‪ ،‬يقال‪ :‬رجل ماجد‪ :‬إذا اكن َس ِخ ًّيا واسع العطاء‪ ،‬فإن املجد ف‬
‫لغة العرب‪ :‬كرثة أوصاف الكمال‪ ،‬وكرثة أفعال اخلي‪ ،‬فهو يدل ْع‪:‬‬
‫رشف اذلات‪ ،‬واجلميل الفعال‪ ،‬واملنيع املحمود‪ ،‬والرفيع العايل‪،‬‬
‫والكريم‪ ،‬وعظيم القدر‪ ،‬والشأن واجلَّلل(‪.)1‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو املجيد ل املجد لكه‪:‬‬
‫‪ )1‬الكريم املتنايه ف الكرم‪ ،‬اذلي َّل كرم فوق كرمه(‪.)2‬‬
‫‪ )2‬فهو تعاىل ابلالغ الغاية ف املجد األْع‪ ،‬والرشف اتلام‪ ،‬من‬
‫لك كمال أعَّله‪ ،‬فهو سبحانه‪:‬‬
‫أ) الرشيف ذاته‪ ،‬ب) اجلميل أفعال‪ ،‬ـج) اجلزيل عطاؤه‬
‫ونوال(‪ ،)3‬د) العظيم ف أوصافه‪ ،‬ه) الكبي ف سلطانه‪.‬‬
‫‪ )3‬وـهو املنيع اذلي َّل يه ه‬
‫رام‪ ،‬وَّل يهوصل إىل جنابه‪ ،‬فَّل يلحقه‬
‫سوء‪ ،‬وَّل ّ‬
‫رش من عباده‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ )4‬وـهو اذلي اد ًفسه لكمال‪ ،‬وعظمته‪ ،‬يقول الل ف احلديث‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي األسماء (‪ ،)53‬املفردات (‪ ،)463‬لسان العرب (‪ ،)4138/5‬جَّلء األفهام (‪ ،)317‬بدائع الفوائد‬
‫(‪ ،)160/1‬املنهاج (‪ ،)197/1‬القاموس (‪ )2( .)33/1‬انظر‪ :‬بدائع الفوائد (‪ )3( .)160‬املقصد األسىن (‪.)110‬‬

‫‪97‬‬
‫‪‬‬
‫َُ ر‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬
‫عنل‪ ،‬يمجد‬‫القديس‪> :‬أًن اجلبنر‪ ،‬أًن املتكرب‪ ،‬أًن امللا‪ ،‬أًن املت ِ‬
‫ًفسه‪.)1(<..‬‬
‫َّ‬
‫‪ )5‬وـهو اذلي جمده خلقه لعظمته‪ ،‬قال تعاىل‪..> :‬وإ‪،‬ا قنل(‪:)2‬‬
‫َّ َ‬
‫{ﭞ ﭟ ﭠ}‪ ،‬قنل‪ :‬ادين عبدي<(‪.)3‬‬
‫‪" )6‬ل اتلعظيم واإلجَّلل‪ ،‬ف قلوب أويلائه األبرار‪ ،‬وأصفيائه‬
‫األخيار"(‪ ،)4‬جلزيل خياته‪ ،‬وإحسانه املدرار‪.‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ}‬
‫َّ‬
‫زائد‪ ،‬وذلك أن املجيد من معانيه‬
‫كمال ٍ‬‫ٍ‬ ‫[ـهود] دل ـهذا اَّلقرتان ْع‬
‫ً‬
‫ـهو‪ :‬املنيع املحمود‪ ،‬ألن العرب َّل تقول للك حممود‪ :‬جميدا‪ ،‬وَّل للك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منيعا غي حممود‪ ،‬اكللص‬ ‫منيع جميدا‪ ،‬ألن الواحد قد يكون‬
‫ً‬
‫املتحصن ببعض القَّلع‪ ،‬وقد يكون حممودا غي منيع‪ ،‬أما املجيد‪،‬‬
‫منيعا َّل يرام‪ ،‬واكن ف منعته حسن‬ ‫ً‬ ‫فهو من مجع بينهما‪ ،‬فاكن‬
‫اخلصال‪ ،‬مجيل الفعال‪ ،‬والل سبحانه وتعاىل جيهل عن أن يرام‪ ،‬أو‬
‫حمسن‪ ،‬منعم‪ّ ،‬‬
‫ممجد‪َّ ،‬ل يستطيع العبد أن‬ ‫ٌ‬ ‫يوصل إيله‪ ،‬وـهو مع ذلك‪:‬‬
‫َّ‬
‫حييص نعمته‪ ،‬ولو استنفد فيها مدته(‪.)5‬‬
‫وا كمنل اآل ر‪ :‬أن احلمد‪ :‬كرثة الصفات‪ ،‬واخليات‪ ،‬واملجد‪:‬‬
‫عظمة الصفات‪ ،‬وسعتها‪ ،‬فهو ْحيد لكرثة صفاته احلميدة‪ ،‬املجيد‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬رواه أْحد ف مسنده (‪ )5608‬وصحح إسناده شعيب األرناؤوط (‪.)432/9‬‬
‫(‪ )5‬املنهاج للحلييم (‪.)197/1‬‬ ‫(‪ )4‬السعدي (‪.)315/1‬‬ ‫(‪ )3‬مسلم (‪.)395‬‬ ‫(‪ )2‬أي‪ :‬العبد‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫‪‬‬
‫لعظمتها‪ ،‬وعظمة ملكه وسلطانه‪ ،‬فإذا مجع بينهما‪ ،‬صار احلميد‪:‬‬
‫أخص بكرثة الصفات‪ ،‬واملجيد‪ :‬أخص بعظمتها(‪ ،)1‬فذللك اكن‬
‫"احلمد واملجد إيلهما يرجع الكمال لكه"(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫هللالل املجيد‪ :‬أنه تتجىل فيه عظمة الصفات‪ ،‬وكرثتها‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وسعتها‪ ،‬وتمامها‪ ،‬وكماهلا‪ ،‬حبيث َّل يستطيع أحد من اخللق إحصاءـها‪،‬‬
‫واإلحاطة بواحدة منها‪ ،‬فلك وصف من أوصافه عظيم شأنه‪ ،‬فهو‬
‫َّ‬
‫العليم الاكمل ف علمه‪ ،‬الرحيم اذلي وسعت رْحته لك يشءٍ‪ ،‬القدير‬
‫اذلي َّل يعجزه يشء‪ ،‬احلليم الاكمل ف حلمه‪ ،‬إىل َّ‬
‫بقية أسمائه وصفاته‪،‬‬
‫يدل ْع مجلة أوصاف عديدة‪ ،‬وـهو متناول جلمي ِعها‪َّ ،‬ل ختتص‬ ‫فهو ه‬

‫معينة‪ ،‬كمثل العظيم‪ ،‬والصمد‪ ،‬وهلذا جاء ـهذان اَّلسمان‬‫بصفة َّ‬


‫ٍ‬
‫مقرتنان ف التشهد‪ ،‬بطلب الصَّلة من الل ْع رسول‪ ،‬ألنه ف مقام‬
‫ّ‬
‫واتلعرض لسعة العطاء وكرثته‪ ،‬ودوامه‪ ،‬فإنه يرشع‬ ‫طلب املزيد‪،‬‬
‫لدلايع‪ ،‬أن خيتم داعءه باسم من األسماء احلسىن مناسب ملطلوبه(‪.)3‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن السيع‬
‫احلثيث إىل تعظيم ربه تعاىل وتمجيده‪ ،‬بكل وسيلة رشعية ممكنة‪،‬‬
‫حىت ينال بها رضوان الل تعاىل‪ ،‬اذلي ـهو أكّب من لك يشء‪ ،‬وينبيغ‬
‫للعبد أن يه ِ‬
‫مجد ما جمده الل تعاىل‪ ،‬من ذلك كتابه الكريم باتلَّلوة‪،‬‬
‫والعمل باتلزنيل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [ق]‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬جَّلء األفهام (‪.)316‬‬ ‫(‪ )1‬توضيح الاكفية (‪ ،)118‬وفتح الرحيم (‪.)23‬‬
‫(‪ )3‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)144/1‬اتلبيان ف أقسام القرآن (‪ ،)125‬جَّلء األفهام (‪ ،)318‬تفسي السعدي‬
‫(‪ ،)379/2‬احلق الواضح (‪.)33‬‬

‫‪99‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 29‬ـ ـ اهلل (الغين) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬


‫ﮯ ﮰ} [فاطر]‪.‬‬
‫ألحد(‪.)1‬‬
‫ٍ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬اليين‪ :‬ـهو اذلي ليس بمحتاج‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا شهريع‪ :‬الل ـهو الينهي‪ :‬اذلي َّل أغنـى منه ْع‬
‫اإلطَّلق‪ ،‬واللك إيله فقي حمتاج إيله‪ ،‬من مجيع الوجوه واَّلعتبارات‪:‬‬
‫(‪ )1‬فهو الغن تعاىل بذاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬فَّل حيتاج‬
‫ّ‬
‫إىل أحد‪ ،‬ولك موجود ف ـهذا الوجود حمتاج إيله‪ ،‬ف إجياده‪ ،‬وإعداده‪،‬‬
‫وإمداده‪ ،‬ف أمور دينه‪ ،‬ودنياه(‪ ،)2‬ف لك حلظة‪ ،‬وخطوة‪.‬‬
‫(‪ )2‬من كمال غناه‪ :‬أنه َّل تنفعه طاعة الطائعي‪ ،‬وَّل ترضه‬
‫معصية العاصي(‪ ،)3‬لكمال‪ ،‬وكمال صفاته‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو تعاىل الغن‪ :‬فهو حمسن إىل عبده‪ ،‬مع غناه عنه‪ ،‬يريد‬
‫به اخلي‪ ،‬ويكشف عنه الرض‪َّ ،‬ل جللب منفعة إيله من العبد‪ ،‬وَّل‬
‫ً‬
‫دلفع مرضة‪ ،‬بل رْحة منه وإحسانا(‪.)4‬‬
‫(‪ )4‬ومن كمال غناه تزنـهه عن انلقائص والعيوب‪ ،‬وعن لك ما‬
‫يناف غناه‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬أ) أنه لم يتخذ صاحبة‪ ،‬ب) وَّل ً‬
‫ودلا‪ ،‬ج) وَّل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2577‬‬ ‫(‪ )2‬توضيح الاكفية الشافية (‪.)119‬‬ ‫(‪ )1‬لسان العرب (‪.)3308/5‬‬
‫ُّ‬
‫(‪ )3‬قال الل العظيم‪> :‬ين عبندي إًكم لن تبليوا ًفيع ةتنفعوين‪ ،‬ولن تبليوا رضي ةترضوين< مسلم (‪.)2577‬‬
‫(‪ )4‬إاغثة اللهفان (‪.)41/1‬‬

‫‪100‬‬
‫‪‬‬
‫ويلا من اذلل‪ ،‬ه) ولم يكن ل ً‬ ‫ً‬
‫رشيكا ف امللك‪ ،‬د) وَّل ًّ‬
‫كفوا أحد(‪.)1‬‬
‫وي ِع هدـهم‬
‫(‪ )5‬من سعة غناه تعاىل وكرمه‪ ،‬أنه يأمر عباده بداعئه‪َ ،‬‬

‫بإجابة دعواتهم‪ ،‬وإسعافهم جبميع مراداتهم‪ ،‬ويؤتيهم من فضله ما‬


‫سألوه‪ ،‬وما لم يسألوه(‪.)2‬‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل الغن‪ :‬املغن من يشاء من عباده‪ْ ،‬ع قدر‬
‫حكمته‪ ،‬وابتَّلئه‪{ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [انلجم]‪" ،‬واملغن‬
‫خواص خلقه بما أفاض ْع قلوبهم من املعارف الربانية‪ ،‬واحلقائق‬
‫اإليمانية"(‪ ،)3‬فاستغنوا به ف لك أمورـهم ادلنيوية‪ ،‬وادلينية‪.‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1 :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ}‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫[ابلقرة]‪ ،‬أي أن الل تعاىل‪ٌّ :‬‬
‫حليم َّل يعجل‬ ‫غين عما يتصدقون به‪،‬‬
‫َّ‬
‫بالعقوبة ْع من يمن بصدقته منكم‪ ،‬ويؤذي فيها من يتصدق بها‬
‫عجز‪ ،‬أو فقر‪ ،‬إنما عن‬
‫ٍ‬ ‫عليه(‪ ،)4‬فحلمه ْع عباده‪َّ ،‬ل عن حاجة‪ ،‬أو‬
‫تام‪ ،‬وما استلزم غناه من كمال العزة‪ ،‬واملنعة‪َّ ،‬‬
‫ولما اكن من‬ ‫غىن ّ‬

‫معىن الغىن أنه يغن عباده من إنعامه وآَّلئه‪ ،‬ومع ذلك يهكفر وَّل‬
‫ويعىص وَّل حيمد‪ ،‬فلوَّل حلمه وإمهال اذلي َّل يرام‪،‬‬ ‫يشكر‪ ،‬ه‬
‫َّ‬
‫لعاجلهم بالعقاب والعذاب‪ ،‬ولكنه ـهو الغن احلليم بكل األنام‪.‬‬
‫ﭟ} [األنعام‪:‬‬ ‫(‪ )2‬وقال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫‪ ،]133‬أي أن الل جل شأنه ـهو (اليين) عن إيمان العباد‪ ،‬وطاعتهم‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬املصدر السابق (‪ ،)47‬وفتح الرحيم امللك (‪.)38‬‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬احلق الواضح (‪.)48‬‬
‫(‪ )4‬تفسي الطّبي (‪.)43/3‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪.)629/5‬‬

‫‪101‬‬
‫‪‬‬
‫َّل ينفعه إيمانهم‪ ،‬وَّل يرضه كفرـهم‪ ،‬ومع ذلك فهو (‪،‬و رمح‪ :)،‬بهم‪،‬‬
‫فلم يكن غناه عنهم ً‬
‫مانعا من اتلفضل عليهم برْحته‪ ،‬وفيه تنبيه أن‬
‫ما سبق ذكره(‪ )1‬ليس نلفعه‪ ،‬بل لرتْحه ْع عباده‪( ،‬وـهذا أكمل الكمال)‪:‬‬
‫فإن الرْحة هلم‪ ،‬مع الغىن عنهم‪ ،‬يه اغية اتلفضل‪ ،‬واتلطول"(‪.)2‬‬

‫(‪ )3‬وقال سبحانه ‪{ :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ} [ابلقرة]‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫دل ـهذا اَّلقرتان ْع أنه تعاىل حممود ْع غناه من مجيع الوجوه‪ ،‬وذلك‬
‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫اذلايت‪:‬‬ ‫أن غناه تعاىل وصف ذايت‪ ،‬وفعل‪ ،‬والكـهما حممود عليه‪ ،‬ةينن‬
‫أنه الغن بذاته وصفاته عن مجيع خلقه‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أنه َّل يلحقه‬
‫رضر‪ ،‬أو نقص منهم‪ ،‬وأما غنن الفعل‪ :‬أنه تعاىل يغن من يشاء ْع‬
‫مغن غيه‪ ،‬وـهذا أقىص‬
‫مقتىض حكمته وخّبته‪ ،‬فهو الغن بنفسه‪ٍ ،‬‬
‫الكمال‪" ،‬ألنه ليس لك غن حيمد ْع غناه‪ ،‬اكلغن ابلخيل‪ ،‬فإنه‬
‫ً‬
‫اكلفقي‪ ،‬بل أسوأ حاَّل منه"(‪ ،)3‬لكن الغن املحمود ـهو الغن بذاته‪،‬‬
‫املغن غيه من إحسانه‪ ،‬وإنعامه‪.‬‬
‫هللالل اليين‪ :‬من هللالل غناه تعاىل أن ملكه َّل ينفد‪ ،‬مهما‬
‫َّ‬
‫أن َّ‬
‫أولكم‬ ‫أعطى وأسبغ‪ ،‬يقول الل ف احلديث القديس‪> :‬ين عبندي و‬
‫َّ‬
‫وآ ركم‪ ،‬وإنسكم وهللنكم قنموا يف صعيد واحد ةسأ وين‪ ،‬ةأعطيت‬
‫ْ‬
‫لك إنسنن مسأتله‪ ،‬من ًقص ‪ ،‬ا ممن عندي‪ ،‬إال كمن ينقص ا ِمخيط إ‪،‬ا‬
‫ُ‬
‫أد ل ابلحر<(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬فتح القدير (‪ ،)239/2‬وتفسي ابليضاوي (‪ )519/1‬بترصف يسي‬ ‫(‪ )1‬أي‪ :‬من إرسال الرسل لعباده‪ ،‬آية (‪.)130‬‬
‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2577‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي سورة النساء َّلبن عثيمي (‪.)311/2‬‬

‫‪102‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أن خزائن السموات واألرض والرْحة بيده‪ ،‬وأن جوده‬
‫ْع خلقه متواصل‪ ،‬وأن يده الكريمة َّ‬
‫سحاء الليل وانلهار‪ ،‬وخيه ْع‬
‫خلقه مدرار(‪.)1‬‬
‫اثلمرات‪ :‬إذا شهد القلب غىن الرب‪ ،‬استغىن به عن لك‬
‫اخللق‪ ،‬وـهذا ـهو العز للعبد‪ ،‬قال الل ف احلديث القديس‪> :‬ين ابن‬
‫آدم تفرغ لعبنديت أمأل صدرك غ ٰ‬
‫ىن‪ ،‬وأسد ةقرك<(‪ .)2‬فهذا "ـهو الغن‬
‫احلقييق‪ ،‬ف ادلنيا‪ ،‬ويف املعاد‪ ،‬وابلايق بغناه أبد اآلباد"(‪.)3‬‬

‫‪ 30‬ـ ـ اهلل (احلكيم) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال الل عز وجل‪{ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ} [املائدة‪.]38:‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬احلكيم‪ :‬صيغة مبالغة‪ْ ،‬ع وزن فعيل‪ ،‬ويأيت‬
‫َّ‬
‫معان‪ :‬األول‪ :‬العالم بأحاكم األمور‪ ،‬صاحب احلكمة‪.‬‬‫ٍ‬ ‫ْع عدة‬
‫اثلاين‪ :‬احلاكم اذلي يفصل بي األمور‪ .‬اثلالث‪ :‬املحكم املتقن‬
‫ِ‬
‫لألشياء‪ ،‬املدقق فيها‪ ،‬اذلي يضع األشياء ف أحسن مواضعها‪ ،‬الرابع‪:‬‬
‫اذلي يمتنع عن فعل القبائح‪ ،‬ويمنع نفسه منها(‪.)4‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو احلكيم وـهو أحكم احلنكمني‪:‬‬
‫(‪ )1‬احلكيم ف أقوال‪ ،‬ويف أفعال‪ ،‬ويف أحاكمه‪ ،‬فَّل يقول‪ ،‬وَّل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ٰ‬ ‫َّ‬
‫مألى‪ ،‬ال يييضهن ًفق‪ ،،‬سحنء ا ليل وانلهنر‪ ،‬أرأيتم من أًفق منذ لق ا سموات‬ ‫(‪ )1‬قال ‘‪> :‬إن يمني ا‬
‫(‪ )2‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)1359‬‬ ‫واألرض ةإًه م ينقص من يف يمينه<‪.‬‬ ‫؟‬

‫(‪ )3‬األسىن (‪ )4( .)270‬لسان العرب (‪ ،)951/2‬املفردات (‪ ،)248‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)91/2‬تفسي األسماء (‪)43‬‬

‫‪103‬‬
‫‪‬‬
‫يفعل‪ ،‬وَّل يفصل‪ ،‬إَّل احلق‪ ،‬والعدل‪ ،‬والصواب(‪.)1‬‬
‫(‪ )2‬فهو اذلي حيكم األشياء ويتقنها‪ ،‬فَّل تفاوت فيها‪ ،‬ويضعها‬
‫ف أحسن مواضعها‪ ،‬ويزنهلا ف أفضل منازهلا الَّلئقة بها(‪.)2‬‬
‫(‪ )3‬وـهو تبارك وتعاىل احلكيم‪ :‬اذلي َّل يدخل ف تدبيه خلل‪،‬‬
‫َّ‬
‫وَّل زلل(‪ ،)3‬اذلي أوجد اخللق بأحسن نظام‪ ،‬ورتبه بأكمل إتقان‪.‬‬
‫(‪ )4‬وـهو احلكيم‪ :‬ل احلكمة العليا‪ ،‬ف خلقه‪ ،‬وأمره‪ ،‬فَّل خيلق‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫عبثا‪ ،‬وَّل يرشع هس ًدى ‪ ،‬وَّل ه‬
‫يرتك عباده ـهمَّل‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫شيئا‬
‫(‪ )5‬وـهو احلكيم‪ :‬ل احلكم ف األول واآلخرة‪ ،‬ول األحاكم‬
‫اثلَّلثة‪ :‬األحاكم ادلينية الرشعية‪ ،‬واألحاكم القدرية الكونية‪،‬‬
‫واألحاكم اجلزائية‪َّ ،‬ل يشاركه فيها مشارك(‪.)5‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ}‬
‫ً‬
‫موضعا‪ ،‬فيه‬ ‫[املائدة]‪ ،‬كرث ـهذا اَّلقرتان ف القرآن‪ ،‬حنو ستة وأربعي‬
‫دَّللة جلية ْع أـهميته‪ ،‬ملا حواه من مزيد من الكماَّلت اليت َّل‬
‫ه‬
‫حتىص‪ ،‬إضافة ْع كمال لك اسم ْع انفراده‪ ،‬فتكون عًة أكمل‪،‬‬
‫وحكم‪ ،‬أكمل‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫فعزته َّل تقتيض ً‬
‫ظلما‪ ،‬وَّل‬ ‫أوالا‪ :‬أن َّ‬
‫عزته تعاىل مقرونة باحلكمة‪َّ ،‬‬

‫جورا‪ ،‬وَّل سوء فعل‪ ،‬كما قد يكون من أعزاء املخلوقي‪ ،‬اذلين إذا‬ ‫ً‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر شأن ادلاعء (‪.)73‬‬ ‫(‪ )1‬ابن كثي (‪ ،)459 ،184/1‬األسماء والصفات للبيهيق (‪.)22‬‬
‫(‪ )5‬نفس املصدر‪.‬‬ ‫(‪ )4‬تفسي ابن السعدي (‪.)621/5‬‬ ‫(‪ )3‬ابن جرير (‪.)608/1‬‬

‫‪104‬‬
‫‪‬‬
‫َعزوا وغلبوا‪ ،‬أرسفوا وظلموا‪ ،‬وكذلك العزيز منهم قد تأخذه َّ‬
‫العزة‬
‫باإلثم‪ ،‬فيظلم‪ ،‬وجيور‪ ،‬وييسء اتلرصف‪ ،‬وتقع أفعال ف طيش‪،‬‬
‫َّ‬
‫ويترصف بدون حكمة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فيتهور ف ترصفاته‪،‬‬ ‫وسفه‪،‬‬
‫ّ‬
‫بالعز الاكمل‪ ،‬فإن ـهذه‬ ‫وكذلك حكمه تعاىل وحكمته مقرونان‬
‫حال من األحوال‪ ،‬خبَّلف هحكم‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫العزة َّل خترج عن احلكمة بأي ٍ‬
‫م‬
‫وحكمته‪ ،‬فإنهما يعرتيهما اذلل واهلوان‪ ،‬فإذا اقرتنت‬‫املخلوق ِ‬
‫بعزته‪ ،‬صار ل سلطان َّ‬
‫وقوة‪ ،‬ولم تفته األمور‪ ،‬فجمع الل‬ ‫حكمته َّ‬

‫سبحانه نلفسه بي العزة واحلكمة(‪.)1‬‬


‫ا‬
‫ثنًين‪ :‬أن العزة‪ :‬كمال القدرة‪ ،‬واحلكمة‪ :‬كمال العلم‪ ،‬وبهاتي‬
‫الصفتي يقيض سبحانه وتعاىل ما يشاء‪ ،‬ويأمر وينىه‪ ،‬ويثن‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫ويعاقب‪ ،‬فهاتان الصفتان‪ :‬مصدر اخللق‪ ،‬واألمر(‪.)2‬‬
‫ثنثلان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ} [املائدة]‪ ،‬أي‪ :‬أن مغفرتك صادرة عن َّ‬
‫عزة‪:‬‬
‫عجز عن‬
‫ٍ‬ ‫ويه كمال القدرة‪ ،‬وعن حكمة‪ ،‬ويه كمال العلم‪َّ ،‬ل عن‬
‫جهل وخفاء عليك بمقدار جرائمهم‪ ،‬وـهذا ألن‬
‫اَّلنتقام منهم‪ ،‬وَّل عن ٍ‬
‫العبد قد يغفر لغيه لعجزه عن اَّلنتقام منه‪ ،‬وجلهله بمقدار إساءته‬
‫إيله‪ ،‬والكمال‪ :‬ـهو مغفرة القادر العالم‪ ،‬وـهو العزيز احلكيم(‪.)3‬‬
‫رابعن‪ :‬أنه تعاىل إذا قىض ً‬ ‫ا‬
‫أمرا اكن ف اغية اإلتقان واإلحاكم‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬القواعد املثىل (‪ ،)10‬وتفسي ابلقرة (‪ ،)302/3‬وتفسي آل عمران (‪َّ )140/2‬لبن عثيمي‪.‬‬
‫(‪ )3‬جمموع الفتاوى (‪ ،)180/14‬ومدارج السالكي (‪.)379/2‬‬ ‫(‪ )2‬اجلواب الاكف (‪.)81‬‬

‫‪105‬‬
‫‪‬‬
‫ٌ‬
‫فَّل يستطيع أحد نقض يش ٍء منه‪ ،‬أو نقض ما دبَّره‪ ،‬وَّل يمتنع عليه‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫يتحول‪ ،‬وَّل‬ ‫يشء إذا أراده‪ ،‬فلك ما دبَّره حبكمته َّل يتخلف‪ ،‬وَّل‬
‫ٌ‬

‫يتغي‪ ،‬ألنه (عًيً) نافذ قوته وقدرته‪ْ ،‬ع ما يريده‪( ،‬حكيم)‪ :‬يعلم‬
‫أنه كيف ينبيغ أن يفعل‪ ،‬ما يريده(‪.)1‬‬
‫ا‬
‫نمسن‪ :‬أنه تعاىل عزيز ف انتقامه‪ ،‬فيمن خالفه من أعدائه‪،‬‬
‫وأنه بمقتىض حكمته وعدل‪.‬‬
‫ا‬
‫سندسن‪ :‬أنه سبحانه جدير بإعزاز من انقطع إيله‪ ،‬وأنه تعاىل إذا‬
‫َّ ً‬
‫أعز أحدا‪ ،‬منعته حكمته من اتلعرض ل بإذَّلل بفعل‪ ،‬أو مقال ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ا‬
‫سنبعن‪ :‬أي‪ :‬أنه تعاىل القادر القوي ْع اثلواب والعقاب‪ ،‬اذلي‬
‫َّل يثيب‪ ،‬وَّل يعاقب‪ ،‬إَّل عن حكمة وصواب‪ ،‬وـهو يغلب من يشاء‬
‫َّ ٌ‬ ‫َّ‬
‫يغرت أحد فيظن أنه إلـهمال ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫بعزته‪ ،‬ويمهله إن شاء حبكمته‪ ،‬فَّل‬
‫ً‬
‫هللالل احلكيم‪ :‬أنه إذا أمر بأمر اكن حسنا ف نفسه‪ ،‬وإذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قبيحا ف نفسه‪ ،‬وإذا أخّب خبّب اكن ِصدقا‪ ،‬وإذا‬ ‫نىه عن يشء اكن‬
‫ً‬
‫فعَّل اكن صوابًا‪ ،‬وإذا أراد ً‬
‫شيئا اكن أول باإلرادة من غيه‪ ،‬فهو‬ ‫فعل‬
‫حكيم ف إراداته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وأحوال(‪.)4‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه أحكم خلق األشياء ْع مقتىض حكمته‪ ،‬ل‬
‫َّ‬
‫احلكمة ف ما فعله‪ ،‬وخلقه‪ ،‬ويه حكمة تامة اقتضت صدور ـهذا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬ابليضاوي (‪ ،)475/1‬نظم ادلرر (‪.)562/5‬‬ ‫(‪ )2‬نفس املصدر (‪.)552/5‬‬ ‫(‪ )1‬نظم ادلرر (‪.)192/3‬‬
‫(‪ )4‬مدارج السالكي (‪.)427/3‬‬

‫‪106‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫اخللق‪ ،‬ونتج منها ارتباط املعلول بعلته‪ ،‬وارتباط السبب بنتيجته‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وتيسي لك خملوق لغايته‪ ،‬فبحكمته خلق َّ‬
‫فسوى‪ ،‬وقدر فهدى‪ ،‬وأسعد‬
‫َّ‬
‫وأشىق‪ ،‬وأضل وـهدى‪ ،‬ومنع وأعطى‪ ،‬فهو تعاىل اذلي يضع األشياء ف‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫خواصها‪ ،‬ومنافعها‪ ،‬ويرتب أسبابها‪ ،‬ونتاجئها ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫مواضعها‪ ،‬ويعلم‬
‫اثلمرات‪ :‬عندما يؤمن العبد بكمال حكمته سبحانه‪ ،‬وأنه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫حكيم ف أمره‪ ،‬ونهيه‪ ،‬وقضائه‪ ،‬ه‬
‫وحكمه‪ ،‬فإنه يمتلئ قلبه أمنا وطمأنينة‬
‫ً‬
‫وتسليما حلكمه‪ ،‬وينبيغ للمؤمن "أن يتعلم احلكمة‬ ‫بقضاء الل وقدره‪،‬‬
‫ً‬
‫حكيما يضع األشياء مواضعها‪،‬‬ ‫ويطلبها عند أـهلها‪ ،‬حىت يكون‬
‫وحقيقة احلكمة إصابة الصواب‪ ،‬وموافقة احلق‪ ،‬والعدل‪ ،‬ف القول‬
‫كثيا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯩ ﯪ‬‫ً‬ ‫والعمل" ‪ ،‬فمن أوتيها فقد أويت ً‬
‫خيا‬ ‫(‪)2‬‬

‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ} [ابلقرة‪" ،]276 :‬واحلكمة يه القرآن"(‪،)3‬‬


‫فمن أرادـها‪ ،‬فليطلبها ف "املعرفة بالقرآن‪ :‬ناسخه‪ ،‬ومنسوخه‪،‬‬
‫وحمكمه‪ ،‬ومتشابهه‪ ،‬ومقدمه‪ ،‬ومؤخره‪ ،‬وحَّلل‪ ،‬وحرامه‪ ،‬وأمثال"(‪.)4‬‬

‫‪ 31‬ـ ـ اهلل (العظيم) جل جالله‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [ابلقرة]‪.‬‬


‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫مشبهة‪ ،‬ملن اتصف بالعظمة‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬العظيم صفة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬األسىن (‪.)383‬‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن ف الكتاب املقدس (‪ )300‬د‪ .‬الرضواين‪.‬‬
‫(‪ )3‬قول ابن مسعود‪ ،‬انظر معاين القرآن وإعرابه (‪.)351/1‬‬
‫(‪ )4‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما ف تفسيـها‪ ،‬انظر اتلفسي الواضح (‪.)378/1‬‬

‫‪107‬‬
‫‪‬‬
‫والعظم‪ :‬الكّب‪ ،‬والقوة‪ ،‬واتلعظيم‪ :‬اتلبجيل‪ ،‬والعظمة‪ :‬الكّبياء‪،‬‬
‫فالعظيم يطلق ملعنيي‪:‬‬
‫ّ‬
‫العلو‪،‬‬ ‫أحدهمن‪ :‬عظم األجسام‪ ،‬وكرثة أجرامها‪ ،‬واثلنين‪:‬‬
‫والقدر‪ ،‬ورفع املزنلة‪ ،‬فيستعمل للمحسوس‪ ،‬واملعقول‪ ،‬ومنه عظيم‬
‫القوم‪ :‬من ل العظمة‪ ،‬والرياسة منهم(‪.)1‬‬
‫وـهذا اَّلسم اجلليل‪ ،‬لربنا العظيم‪ ،‬حيمل ف مبناه‪ ،‬ومعانيه‪،‬‬
‫َّ‬
‫اجلَّلل‪ ،‬والعظمة‪ ،‬والرشف‪ ،‬والسؤدد‪" ،‬اذلي جاوز قدره‪ ،‬وجل عن‬
‫حدود مجيع العقول‪ ،‬حىت َّل تتصور اإلحاطة بكنهه‪ ،‬وحقيقته"(‪" ،)2‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ورشاع‪،‬‬ ‫فلفظه موضوع لدلَّللة ْع السعة‪ ،‬والكرثة‪ ،‬والزيادة‪ ،‬لغة‪،‬‬
‫املعّب عنه‪ ،‬باللفظ الكثي من معاين أسماء‬ ‫ّ‬ ‫حبيث يدخل ف معناه‬
‫الل تعاىل‪ ،‬وصفاته العلية‪َّ ،‬ل خيتص بصفة معينة"(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو العظيم ْع اإلطَّلق‪:‬‬
‫(‪ )1‬العظيم ف ذاته‪ :‬اليت ليس كمثلها يشء‪ ،‬فمن عظمته أن‬
‫السماوات واألرض ف كف الرْحن أصغر من اخلردلة(‪ ،)4‬وغيه‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الزمر‪ ،]67 :‬قال ‘‪> :‬من‬
‫ا سمنوات ا سبع يف ا كريس إال كحلق‪ ،‬بأرض ةالة‪ ،‬وةضل العرش‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)3004/4‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)111‬األسىن (‪.)232‬‬
‫(‪ )3‬انظر بدائع الفوائد (‪.)175/1‬‬ ‫(‪ )2‬انلهاية (‪ ،)259/3‬واملقصد األسىن (‪.)64‬‬
‫(‪ )4‬رواه عبد الل بن أْحد ف السنة (الرد ْع اجلهمية) (‪ .)476/2( )1090‬كما قال ابن عباس ريض الل عنهما‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪‬‬
‫ىلع ا كريس كفضل تلا الفالة ٰ‬
‫ىلع تلا احللق‪.)1(<،‬‬ ‫ٰ‬

‫فإذا اكنت ـهذه العظمة ف الكريس‪ ،‬والعرش‪ ،‬وـهما من‬


‫خملوقاته‪ ،‬فكيف بعظمة الل تعاىل اذلي ل املثل األْع‪ ،‬اذلي استوى‬
‫ْع عرشه‪ ،‬وعَّل فوق مجيع خلقه سبحانه‪.‬‬

‫(‪ )2‬وـهو العظيم ف صفاته‪ :‬فهو موصوف بكل صفة كمال‪ ،‬ل‬
‫فيها من الكمال أكمله‪ ،‬وأعظمه‪ ،‬وأوسعه‪ ،‬فهو العظيم ف لك يشء‪،‬‬
‫ٌ‬
‫عظيم ف ـهباته وعطائه‪ ،‬فهو‬ ‫عظيم ف رْحته‪ ،‬عظيم ف قدرته‪،‬‬
‫العظيم املطلق‪ ،‬فَّل أحد يساويه‪ ،‬وَّل عظيم يدانيه(‪.)2‬‬

‫(‪ )3‬العظيم ف أفعال‪ :‬ألنها تنبئ عن سعة احلكمة‪ ،‬والعدل‪،‬‬


‫والفضل‪ ،‬واملشيئة‪ ،‬واإلرادة انلافذة‪ ،‬املنفردة عن املعي‪ ،‬والرشيك‪،‬‬
‫وانلصي‪ ،‬وسعت متعلقاتها وآثارـها لك اخلليقة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫(‪ )4‬من معاين عظمته‪ :‬أنه َّل يستحق أحد من اخللق أن يهعظم‬
‫كما يعظم الل تبارك وتعاىل‪ ،‬فهو املستحق من عباده أن يعظموه ف‬
‫قلوبهم‪ ،‬وألسنتهم‪ ،‬وجوارحهم(‪.)3‬‬

‫(‪ )5‬ومن كمال عظمته أنه تعاىل َّل يمكن اَّلمتناع عليه‬
‫ً‬
‫كرـها‪ ،‬وَّل خيالف أمره ً‬
‫قهرا ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫باإلطَّلق‪ ،‬فَّل يمكن أن يعىص‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)109‬‬
‫(‪ )2‬بدائع الفوائد (‪ ،)63/1‬ورشح انلونية للهراس (‪ ،)68/2‬وأسماء الل احلسىن لألشقر (ص ‪.)146‬‬
‫(‪ )4‬املنهاج (‪.)195/1‬‬ ‫(‪ )3‬احلق الواضح (ص ‪ ،)27‬واتلفسي (‪.)1232‬‬

‫‪109‬‬
‫‪‬‬
‫هم‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل العظيم اذلي يع ِظم الرزق‪ ،‬واألجر‪ ،‬واثلواب‪ ،‬ملن‬
‫يشاء من العباد‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫ُ‬ ‫ﰇ ﰈ ﰉ} [الطَّلق]‪ ،‬وقال ‘‪َ > :‬م ْن َّ‬
‫رس أن يعظم ا رزقه‪ ،‬وأن‬
‫َّ‬
‫يمد يف أهللله‪ ،‬ةليصل رمحه<(‪.)1‬‬
‫َّ َ‬ ‫َّ‬
‫(‪ )7‬ومن كمال عظمته‪ ،‬أنه عظم نفسه‪ ،‬وجمدـها‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫َ َّ‬
‫{ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الزمر‪ ،]67 :‬وعظمه خلقه‪ ،‬وأثنوا عليه بما ـهو‬
‫َّ‬
‫أـهله فيف احلديث >وإ‪،‬ا قنل‪{ :‬ﭞﭟﭠ} قنل‪ :‬ادين عبدي<(‪.)2‬‬
‫ً‬
‫صاحبة‪ ،‬وَّل ً‬
‫ودلا‪ ،‬قال الل‬ ‫(‪ )8‬ومن تمام عظمته أنه لم يتخذ‬
‫العظيم‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ(‪ )3‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [اجلن]‪.‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ}‬
‫[ابلقرة]‪" ،‬فلله عز وجل صفة كمال من اسمه (العل)‪ ،‬وصفة كمال‬
‫من اسمه (العظيم) وصفة ثاثلة من اجتماعهما‪ ،‬فقد حاز بهذا‬
‫اَّلقرتان العلو بكل أنواعه‪ ،‬ومجع العظمة بكل صورـها‪ ،‬فهو عظيم‬
‫اعل ف عظمته سبحانه‪.‬‬
‫ف علوه‪ٍ ،‬‬
‫ولعل تقديم اسم (العل) ْع (العظيم) من تقديم السبب ْع‬
‫ّ‬
‫فالعلو‪ :‬رفعته‪،‬‬‫املسبب‪ ،‬ألنه سبحانه عظم‪ ،‬لعلوه ْع لك يشء"(‪" ،)4‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫وعلو ذاته‪ ،‬والعظمة‪ :‬عظمة قدره‪ ،‬ذاتا‪ ،‬ووصفا"(‪ ،)5‬فاجتمع الكمال ف‬
‫علوه‪ ،‬وعظمته‪ ،‬الكمال لكه‪ ،‬أعَّله‪ ،‬وأعظمه‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬أي عظمته‪ .‬الصحاح (‪.)157‬‬ ‫(‪ )2‬مسلم (‪.)395‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)6291‬‬
‫(‪ )5‬الصواعق املرسلة (‪ 1364/4‬ـ ‪.)1371‬‬ ‫(‪ )4‬ولل األسماء احلسىن (‪.)244‬‬

‫‪110‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫هللالل العظيم‪ :‬إن األجسام وإن عظمت أقدارـها‪ ،‬وتباعدت‬
‫حميط بها ‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا يمسا ا سموات ٰ‬
‫ىلع‬ ‫أقطارـها‪ ،‬فخالقها ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫ٰ‬
‫والرثى‬ ‫ىلع إصبع‪ ،‬واجلبنل وا شجر ٰ‬
‫ىلع إصبع‪ ،‬واملنء‬ ‫إصبع‪ ،‬واألرضني ٰ‬
‫ُّ َّ‬ ‫ىلع إصبع‪ ،‬وسنئر اخللق ٰ‬
‫ٰ‬
‫يهًهن ةيقول‪ :‬أًن امللا< ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫ىلع إصبع‪ ،‬ثم‬
‫فإذا اكن تبارك وتعاىل جيعل ـهذه األجرام واألجسام العظام بي‬
‫عز وجل حيث‬ ‫أصابعه اجلليلة‪ ،‬فكيف بعظمته وجَّلل‪ ،‬وصدق َّ‬

‫قال‪{ :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الزمر‪.]67 :‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه َّل تتعاظم عليه املسائل مهما كرثت‪ ،‬وكّبت(‪.)3‬‬
‫نهاية"(‪)4‬‬ ‫ومن هللالهل‪" :‬أنه ليس لعظمته بداية‪ ،‬وَّل جلَّلل‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك مؤمن أن يعظم ربه تعاىل اتلعظيم لكه‪،‬‬
‫ف قلبه‪ ،‬ولسانه‪ ،‬وجوارحه‪ ،‬ومن تعظيمه‪ :‬أن يطاع فَّل يعىص‪،‬‬
‫ويذكر وَّل ينىس‪ ،‬ويشكر وَّل يكفر‪ ،‬ومن تعظيمه تعاىل أنه يعظم ما‬
‫وأقوال‪ ،‬وأشخاص(‪.)5‬‬
‫ٍ‬ ‫وأعمال‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫عظمه جل وعَّل من زمان‪ ،‬وماكن‪،‬‬

‫‪ 32‬ـ ـ اهلل (القوي) عز شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓﮔ} [الشورى]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬القوة‪ :‬الشدة نقيض الضعف‪ ،‬والوـهن‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬ابلخاري (‪ ،)7417‬مسلم (‪.)2786‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن (‪.)234‬‬
‫(‪ )3‬كما ف احلديث‪> :‬إ‪،‬ا داع أحدكم ةليعظم ا رغب‪ ،،‬ةإن ا ال يتعنظمه يشء أعطن < مسلم (‪.)6812‬‬
‫(‪ )5‬فتح الرحيم امللك (ص ‪ ،.)30‬واحلق الواضح (‪ 28‬ـ ‪.)29‬‬ ‫(‪ )4‬رشح األسماء للرازي (‪.)247‬‬

‫‪111‬‬
‫‪‬‬
‫والعجز‪ ،‬يقال‪ :‬قوي ْع يشء إذا أطاقه‪ ،‬وقدر عليه(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫مجيعا‪:‬‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القوي ل القوة‬
‫حال‪ ،‬وَّل حلظة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(‪ )1‬اتلام القوة املطلقة‪ ،‬اليت َّل تتخلف ف أي ٍ‬
‫القوي اذلي َّل يعرتيه ضعف‪ ،‬أو قصور‪ ،‬وَّل يتأثر‬‫ِ‬ ‫(‪ )2‬وـهو‬
‫ِ‬
‫بوـهن‪ ،‬أو فتور‪ ،‬ل املشيئة انلافذة ْع لك األمور‪ْ ،‬ع ِ‬
‫مر ادلـهور‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه القوي اتلام القوة‪ ،‬فَّل يغلبه اغلب‪ ،‬وَّل يمنعه‬
‫مانع‪ ،‬وَّل يدفعه دافع‪ ،‬وَّل يرد قضاءه راد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫(‪ )4‬ومن كمال قوته تعاىل أنه ٌ‬
‫قادر ْع األشياء لكها‪َّ ،‬ل يستول‬
‫حال من األحوال‪.‬‬
‫عليه عجز‪ ،‬وَّل نصب‪ ،‬ف ٍ‬
‫(‪ )5‬وـهو املتنايه ف القوة‪ ،‬اليت تتصاغر لك قوة أمام َّ‬
‫قوته جل‬
‫وعَّل‪ ،‬شديد عقابه‪ ،‬ملن كفر وجحد بآياته‪.‬‬
‫وقت‬
‫(‪ )6‬وـهو القوي‪ :‬انلافذ أمره‪ ،‬القادر ْع إتمام فعله‪ ،‬ف أي ٍ‬
‫َ َ‬
‫أمر يريده ف َعله‪َّ ،‬ل يتعاىص عليه يشء‪ ،‬وليس ل‬
‫شاء سبحانه‪ ،‬فلك ٍ‬
‫عوين‪ ،‬وَّل مساعد ْع أمر يكون‪ ،‬بل إذا أراد ً‬
‫أمرا قال ل‪" :‬كن ةيكون"‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫(‪ )7‬القوي ف بطشه وعقابه‪ ،‬إذا بطش بيشء أـهلكه‪ ،‬ل مطلق‬
‫املشيئة واألمر ف مملكته‪ ،‬فَّل يرده راد‪ ،‬وَّل يفوته ـهارب(‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)206/15‬معجم مقاييس اللغة (‪.)36/5‬‬
‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬ابن جرير (‪ ،)39/12( ،)17/10‬شأن ادلاعء (‪ ،)77‬ابن كثي (‪ ،)320/2‬اشتقاق أسماء الل‬
‫(‪ ،)149‬فتح الرحيم (‪ ،)27‬أسماء الل للرضواين (‪.)399‬‬

‫‪112‬‬
‫‪‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1 :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ} [الشورى]‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل قوي ْع إـهَّلك من أراد إـهَّلكه‪ ،‬فَّل‬
‫ٌ‬
‫أحد‬
‫يستطيع أحد مدافعته‪ ،‬عًيً‪ :‬اغلب‪ ،‬ومنيع‪َّ ،‬ل يفتقر إىل نرصة ٍ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫من خلقه(‪ ،)1‬ودل ـهذا اَّلقرتان ْع نيف ما يتوـهمه بعض عباده‪ ،‬من‬
‫انلقائص ف حقه‪ ،‬وذلك أنه "ملا اكن القوي من املخلوقات قد‬
‫وقت‪ ،‬نىف ذلك سبحانه بقول‪:‬‬
‫يكون غيه أقوى من غيه‪ ،‬ولو ف ٍ‬
‫(عًيً)‪ :‬أي‪ :‬اغلب غلبة‪َّ ،‬ل جيد معها املغلوب‪ ،‬نوع مدافعة‪،‬‬
‫وانفَّلت‪ ،‬دائم ل ـهذا الوصف ْع ادلوام"(‪.)2‬‬
‫(‪ )2‬وقال سبحانه‪{ :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ}‬
‫[الشورى]‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل يرزق من يشاء‪ ،‬مهما شاء‪ْ ،‬ع سبيل من‬
‫السعة‪ ،‬أو الضيق‪ ،‬أو اتلوسط‪َّ ،‬ل مانع ل من يشء من ذلك‪َّ ،‬‬
‫ولما‬
‫ذلك َّل يستطيعه أحد سواه‪ ،‬ملا حيتاج إيله من القوة الاكملة‪ ،‬والعزة‬
‫الشاملة‪ ،‬قال‪( :‬وهو القوي)‪ :‬أي‪ :‬فَّل يضيق عطاؤه بيشء‪( ،‬العًيً)‬
‫ٌ‬
‫فَّل يقدر أحد أن يمنعه عن يشء(‪.)3‬‬
‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ} [احلديد]‪ ،‬أي‪ :‬أنه (قوي) قادر ْع إـهَّلك من أراد‬
‫إـهَّلكه‪ ،‬ومن ذلك أعداءه‪ ،‬وتأييد من ينرصه من أويلائه‪( ،‬عًيً)‪،‬‬
‫أي‪ :‬منيع غي مفتقر إىل نرصة أحد من خلقه‪ ،‬وإنما داع عباده إىل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬املصدر السابق (‪.)619/6‬‬ ‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)506/7‬‬ ‫(‪ )1‬ابليضاوي (‪ )376/3‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫‪‬‬
‫نرصة دينه‪ ،‬إنما ـهو يلنتفعوا به‪ ،‬ويستوجبوا اثلواب املرتتب ْع‬
‫جهاده(‪ ،)1‬فبقوته ينرص أويلاءه‪ ،‬وبعزته يمنع عنهم أعداءه‪ ،‬فجاء‬
‫ـهذا اَّلقرتان حىت يقطع ما قد يتوـهمه أنه حمتاج إىل أحد سواه‪ ،‬فهو‬
‫تعاىل غن بقدرته وعزته عنهم ف لك ما يريده‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن جَّللة ـهذا اَّلسم تظهر َّ‬
‫جلية ف الكون‪،‬‬ ‫هللالل القوي‪:‬‬
‫من ْحله للسماوات أن تسقط ْع األرض‪ ،‬وْحله العرش أعظم‬
‫املخلوقات‪ ،‬وْحلته العظام‪.‬‬
‫ومن هللالل َّ‬
‫قوته سبحانه "إـهَّلكه للظاملي‪ ،‬وانتقامه من‬
‫املجرمي ف لك العصور‪ ،‬وإحَّلل بهم أنواع العقوبات‪ ،‬وصنوف‬
‫قوتهم وجّبوتهم‪{ ،‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬ ‫املثَّلت‪ ،‬مهما اكنت َّ‬

‫ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ} [فصلت‪.]15 :‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل ينرص من ينرصه‪ ،‬وخيذل من خيذل‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ} [احلج]‪،‬‬
‫َّ‬
‫قل عددـهم ه‬
‫وعددـهم" ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫كتب الغلبة ل وألويلائه ْع أعدائهم‪ ،‬وإن‬
‫{ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ} [املجادلة]‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬مىت علم املؤمن بقوة الل تعاىل ينبيغ ل أن َّ‬
‫يتعزز‬
‫بقوته ف الصدع باحلق‪ ،‬ف أمره باملعروف‪ ،‬ونهيه عن املنكر‪ ،‬وَّل خياف‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬فتح الرحيم (‪ ،)76‬واحلق الواضح (‪ )46‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )1‬تفسي أيب السعود (‪ ،)209/6‬وابلقايع (‪.)460/7‬‬

‫‪114‬‬
‫‪‬‬
‫قوتك ف طاعة الل سبحانه‪ ،‬تكون لك‬‫ف الل لومة َّلئم‪ ،‬وْع قدر َّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫املحبة منه تعاىل‪ ،‬قال ‘‪> :‬املومن القوي ر وأحب إىل ا من‬
‫املؤمن ا ضعيف< ‪ ،‬وعليك أن َّ‬
‫تتقوى ْع طاعة الل‪ ،‬باإلكثار من‬ ‫(‪)1‬‬

‫قول‪( :‬ال حول وال قوة إال بن ‪ ،‬ةإًهن كزن من كنوز اجلن‪.)2()،‬‬

‫‪ 33‬ـ اهلل (املتني) تبارك وتعاىل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪.‬‬


‫قوته‪ ،‬الشديد ف‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬املتني ـهو‪ :‬اليشء اثلابت ف َّ‬
‫املع ٰ‬
‫عزمه‪ ،‬وتماسكه‪ ،‬وصَّلبته‪ ،‬ويطلق ْع السعة‪ ،‬واثلبات‪ ،‬واَّلمتداد‪،‬‬
‫ومنه‪" :‬منت انلاس يوم كذا" أي‪ :‬سار بهم ف يومهم أمجع‪ ،‬ومنت ف‬
‫ه‬
‫فاملتي ـهو‪ :‬ابلالغ ف صفاته نهايتها‪ ،‬يقال‪ :‬ـهذا‬ ‫األرض إذا ذـهب ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫يشء متي‪ :‬يعن بالغ نهاية ما يناسبه(‪.)4‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو املتني اذلي ليس ل مثيل‪:‬‬
‫عزته‪ ،‬الشديد ف مجيع صفات‬ ‫قوته‪ ،‬الشديد ف ّ‬ ‫(‪ )1‬الشديد ف َّ‬

‫اجلّبوت(‪ ،)5‬شديد ف لك ما تقتيض احلكمة الشدة فيه(‪.)6‬‬


‫(‪ )2‬وـهو سبحانه الشديد اذلي َّل تنقطع َّ‬
‫قوته‪ ،‬وَّل يلحقه ف أفعال‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬ابلخاري (‪ ،)6409‬ومسلم (‪.)6868‬‬ ‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2663‬‬
‫(‪ )4‬رشح الواسطية آلل الشيخ (‪.)291/1‬‬ ‫(‪ )3‬انلهاية (‪ ،)855‬واللسان (‪.)299/13‬‬
‫(‪ )5‬اكلقهر‪ ،‬واَّلنتقام‪ ،‬وابلطش‪ ،‬واألخذ‪ ،‬واإلـهَّلك‪ ،‬واإلذَّلل‪ ،‬واتلنكيل‪.‬‬
‫(‪ )6‬رشح الواسطية َّلبن عثيمي (‪ ،)363/1‬وتفسي سورة احلجرات ل (‪.)169‬‬

‫‪115‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫مشقة‪ ،‬وَّل تعب‪ ،‬وَّل لكفة(‪ ،)1‬لكمال عظمته‪ ،‬وقوته‪ ،‬وتمام قدرته‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو الواسع املطلق‪ ،‬ابلالغ انلهاية ف الكمال‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬
‫وأفعال‪ ،‬ما َّل تدركه عقول العاملي‪ ،‬وَّل حتيط به عبارة املعّبين(‪.)2‬‬
‫ٍ‬
‫وطاغ‬ ‫(‪ )4‬وـهو سبحانه ذو ابلطش الشديد‪ ،‬للك ظالم عنيد‪،‬‬
‫عتيد‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} [الّبوج‪.]12 :‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪ ،‬اقرتان (املتني) بـ(القوي) فيه كمال آخر ف‬
‫القوة‪ ،‬وـهو‪ :‬اتلنايه ف القدرة‪ ،‬واتلنايه ف شدة القوة‪ ،‬وـهذا أكمل ما‬
‫يكون ف القوة‪ ،‬واقرتانه بـ(ا رزاق)‪ :‬فألن من آثار قوته تعاىل‪،‬‬
‫َّ‬
‫وكمال قدرته اليت َّل حد هلا‪ ،‬أنه تكفل بإيصال رزقه إىل مجيع‬
‫ٌ‬ ‫العاملي ‪ ،‬ف ِ‬
‫وقت شاء‪ ،‬فَّل يستطيع أحد سواه‪ ،‬أن يضيق‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫(‪)3‬‬

‫عطاءه‪ ،‬أو يمنع ما أراده‪ ،‬ولو اجتمع لك خلقه‪.‬‬


‫هللالل املتني‪ :‬أنه جيمع املتنايه ف الشدة‪ ،‬مع كمال القوة‪،‬‬
‫والقدرة‪ ،‬مع بلوغ انلهاية ف السعة ف الكمال ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬
‫ألحد‬
‫ٍ‬ ‫وسلطانه‪ ،‬ومن هللالهل‪ :‬أن كيده باملجرمي شديد َّل يمكن‬
‫رده‪ ،‬أو منعه‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ}‬
‫[األعراف] "وصفه باملتانة‪ ،‬لقوة أثره ف التسبب ف إـهَّلكه"(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انلهاية (‪.)855‬‬
‫(‪ )2‬انظر الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية‪ ،‬آلل الشيخ (‪ ،)290/1‬وتفسي األسماء (‪ ،)55‬توضيح الاكفية (‪.)89‬‬
‫(‪ )4‬فتح ابليان (‪.)178/7‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪ ،)110/5‬ونظم ادلرر (‪.)619/6‬‬

‫‪116‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫"ومن هللالهل‪ :‬أنه َّل حيتاج ف إمضاء حكمه إىل جند‪ ،‬أو مدد‪،‬‬
‫وَّل إىل معي‪ ،‬أو عضد‪ ،‬اذلي بلغت قدرته أقىص الغايات‪ ،‬ف ِ‬
‫أي‬
‫وقت من األوقات"(‪.)1‬‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ ملن عرف الل بهذا اَّلسم أن يكون شديدا‬
‫ً‬
‫ف اثلبات ْع احلق‪ ،‬متينا ف اإليمان وايلقي‪ ،‬واتلمسك حببل الل‬
‫ِ‬
‫تعاىل املتي‪ ،‬مع احللم‪ ،‬والرفق‪ ،‬واللي‪ ،‬مع نفسه‪ ،‬وأـهله‪ ،‬وخلقه‬
‫َّ‬
‫إن هذا ر‬
‫ادلين متني‪ ،‬ةأوغلوا ةيه برةق<(‪.)2‬‬ ‫أمجعي‪ ،‬قال ‘‪> :‬‬

‫‪ 34‬ـ ـ اهلل (السَّميع) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭡ ﭢ ﭣﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [الشورى]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا سميع اذلي َّل أسمع منه‪:‬‬
‫‪ )1‬اذلي أحاط سمعه جبميع املسمواعت‪ ،‬باختَّلف اللغات‪ْ ،‬ع‬
‫تفنن احلاجات‪ ،‬فالَّس عنده عَّلنية‪َّ ،‬‬
‫وانلجوى إيله مفضية‪ ،‬وابلعيد‬ ‫ِ‬
‫عنده قريب‪.‬‬
‫‪ )2‬فهو تعاىل يسمع نداء املضطرين‪ ،‬وداعء املحتاجي‪ ،‬وغيث‬
‫مستو ْع عرشه‪ ،‬فوق لك املخلوقي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫امللهوفي‪ ،‬وشكوى املظلومي‪ ،‬وـهو‬
‫‪ )3‬وـهو اذلي يسمع خطرات القلوب‪ ،‬وـهواجس انلفوس‪،‬‬
‫ومناجاة الضمائر‪ ،‬وما ختيف الصدور من الَّسائر‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)2246‬‬ ‫(‪ )1‬موسوعة ل األسماء احلسىن (‪.)294/1‬‬

‫‪117‬‬
‫‪‬‬
‫ٰ‬
‫تعنىل ًواعن‪:‬‬ ‫‪ )4‬وسمعه‬
‫أحدهمن‪ :‬سمعه جلميع األصوات الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬اخلفية واجللية‪،‬‬
‫اتلامة بها‪ ،‬فَّل ختتلف عليه األصوات‪ ،‬مهما كرثت‪َّ ،‬‬‫َّ‬
‫وتنوعت‪،‬‬ ‫وإحاطته‬
‫وكأنها دليه صوت واحد‪.‬‬
‫اثلنين‪ :‬سمع اإلجابة منه للسائلي‪ ،‬وادلاعي فيجيبهم‪ ،‬والعابدين‬
‫أي‬ ‫[إبراـهيم]‬ ‫فيثيبهم‪ ،‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ}‬
‫جميب ادلاعء(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قول تعاىل‪{ :‬ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﮧ} [يوسف]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع مزيد من صفات الكمال‪ ،‬وذلك‪:‬‬
‫أن السمع بدون علم نقص‪ ،‬والعلم بدون سمع كذلك نقص‪،‬‬
‫والسمع‪ :‬يتعلق باألصوات‪ ،‬ويه ظاـهرة‪ ،‬والعلم‪ :‬يتعلق باألمور‬
‫َّ‬
‫ابلاطنة‪ ،‬ويه خفية‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع كمال إحاطة الل تعاىل‬
‫بالظواـهر‪ ،‬وابلواطن‪ ،‬ومن ذلك أنه سميع ملن داعه‪ ،‬عليم حبال‪،‬‬
‫وحاجته‪ ،‬واضطراره‪ ،‬فَّل يفوته تعاىل قول من جيهر به‪ ،‬أو من يَّس‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫وانليات‪ ،‬اليت أدت إيله‪ ،‬فهو سبحانه‬ ‫عليم بابلواعث‪ ،‬واألسباب‪،‬‬ ‫به‪،‬‬
‫عليم بمن داعه‪ ،‬أو ذكره بإخَّلص‪ ،‬أو خَّلف ذلك‪.‬‬
‫وكذلك "فإن تلقديم صفة (ا سميع) أثره ف ذكر العبد وداعئه‪ ،‬ف‬
‫مراقبة أقوال ملوَّله‪ ،‬حي يستشعر أنه خياطب من يسمعه ويصيغ إىل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬إاغثة اللهفان (‪ ،)3/1‬احلق الواضح (‪ ،)34‬توضيح الاكفية (‪ ،)118‬وموسوعة ل األسماء احلسىن (‪ )151/1‬بترصف‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪‬‬
‫جنواه‪ ،‬وصفة العلم تقتيض أن حيسن العبد باطنه‪ ،‬بإحسان الظن لربه‪،‬‬
‫وهلذا قدم (السميع) ْع (العليم) ف لك آيات اَّلقرتان"(‪ )1‬الكريم‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال عز وجل‪{ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [سبأ]‪ ،‬فإن سمعه‬
‫(قريب) من لك أحد‪ ،‬بل أقرب إىل نفس العبد من نفسه‪ ،‬وأنه "َّل‬
‫يبعد عليه يشء‪ ،‬يلحتاج ف إدراكه إىل تأخي لقطع مسافة أو حنوـها‪،‬‬
‫َّ‬
‫بل ـهو مدرك للك ما أراد‪ ،‬لكما أراد‪ ،‬ألنه ليس يسمع عن بعد"(‪.)2‬‬
‫اعل ف قربه‪.‬‬
‫وَّل أنه جييب إَّل من قرب‪ ،‬ألنه سميع قريب ف علوه‪ٍ ،‬‬
‫رس القول وجهره‪،‬‬‫هللالل ا سميع‪ :‬أنه قد استوى ف سمعه َّ‬

‫فَّل ختتلط‪ ،‬وَّل ختتلف عليه األصوات‪ ،‬وَّل تتشابه عليه اللكمات‪،‬‬
‫مهما اختلفت اللغات‪ ،‬وتنوعت‪ ،‬فَّل يشغله سمع عن سمع‪ ،‬وَّل‬
‫تغلطه املسا ئل‪ ،‬وَّل يّبمه كرثة السائلي وادلاعي‪ ،‬ف اآلن الواحد‪،‬‬
‫كصوت واحد(‪.)3‬‬
‫ٍ‬ ‫بل يه عنده لكها‬
‫ِ‬
‫ومن هللالهل سبحنًه‪ :‬أنه يدرك مقاصد املتلكمي‪ ،‬ومعاين‬
‫املعتّبين‪ ،‬ونظرة املتأملي‪ ،‬ف لك حلظة وحي‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬عندما يدرك املؤمن أن الل تعاىل من فوق عرشه‬
‫يسمع الَّس وأخىف‪ ،‬فإنه يوجب ل املراقبة واَّلستحياء من الل تعاىل‬
‫ِ‬
‫الَّس وانلجوى‪ ،‬وجيتهد أَّل يسمع ربه األْع‪ ،‬ما َّل حيب‪ ،‬وَّل‬ ‫ف‬
‫يرض‪ ،‬وأن َّ‬
‫يتقرب إيله بسماع احلق واهلدى‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪ ،)196/6‬وتفسي الرازي (‪.)272/18‬‬ ‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (‪ )349‬بترصف يسي‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر إاغثة اللهفان (‪ ،)3/1‬وطريق اهلجرتي (‪.)76‬‬

‫‪119‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 35‬ـ ـ اهلل (البصري) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫ﰒ ﰓ} [ابلقرة]‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ابلصر‪ :‬من أبنية املبالغة‪ ،‬يطلق ْع العالم‬
‫خبفيات األمور‪ ،‬وْع املبرص لألشياء(‪.)1‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ابلصر اذلي َّل أبرص منه‪:‬‬
‫‪ )1‬اذلي أحاط برصه جبميع املبرصات‪ ،‬ف أقطار األرض‬
‫والسموات‪ ،‬دقيقها وجليلها‪ ،‬ف لك اللحظات‪.‬‬
‫‪ )2‬فهو اذلي يبرص مجيع املوجودات‪ ،‬ف اعلم الغيب والشهادة‪،‬‬
‫فَّل حيجبه ظاـهر عن باطن‪ ،‬وَّل قريب عن بعيد‪ ،‬فالَّس عنده‬
‫عَّلنية‪ ،‬والغيب عنده شهادة(‪.)2‬‬
‫‪ )3‬وـهو ابلصي "العليم بمن يستحق اهلداية‪ ،‬ممن يستحق‬
‫الضَّللة‪ ،‬وبمن يستحق اجلزاء حبسب حكمته"(‪.)3‬‬
‫‪ )4‬وبرصه تعاىل نواعن‪:‬‬
‫َّ‬
‫األول‪ :‬برص رؤية‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل متصف بكمال ابلرص‪ ،‬اذلي‬
‫يليق جبَّلل‪ ،‬وكمال‪ ،‬وعظمته‪ ،‬فَّل حيجب عن برصه يشء‪ ،‬ما حتت‬
‫األرضي السبع‪ ،‬وَّل فوق السموات السبع‪.‬‬
‫اثلنين‪ :‬أنه ذو ابلصية باألشياء‪ ،‬اخلبي بها‪َّ ،‬‬
‫املطلع ْع بواطنها‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)21‬وأسماء الل للرضواين (‪.)326‬‬ ‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)64/4‬شأن ادلاعء (‪.)60‬‬
‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ} [آل عمران‪ ،]15 :‬انظر تفسي ابن كثي (‪ ،)354/1‬والسعدي (‪.)299/5‬‬

‫‪120‬‬
‫‪‬‬
‫وـهو بمعىن (العليم)‪ ،‬وـهذه بصية علم(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ} [الشورى]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع اغية الكمال ف‬
‫سعة املراقبة‪ ،‬واإلحاطة الاكملة‪ ،‬من مجيع الوجوه‪ ،‬وذلك أن األشياء‬
‫ف ـهذا الكون إما أن تكون مرئية‪ ،‬أو مسموعة‪ ،‬ظاـهرة‪ ،‬أو خمفية‪،‬‬
‫فدل ـهذا اَّلقرتان ْع إحاطة سمعه تعاىل جبميع املسمواعت‪ ،‬وكذلك‬
‫برصه جبميع املرئيات‪ ،‬واملخفيات‪ ،‬وكذلك أن "السمع وابلرص من‬
‫حيث ـهما سمع وبرص‪ ،‬يتصف بهما مجيع (املخلوقات)‪ ،‬فكأن الل‬
‫تعاىل يشي للخلق‪ ،‬أَّل ينفوا عنه صفة سمعه وبِّص ‪ ،‬باداعء أن‬
‫احلوادث تسمع وتبرص‪ ،‬وأن ذلك تشبيه"(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫ودل ـهذا اَّلقرتان ف ـهذه اآلية ْع أصل من أصول أـهل السنة‬
‫ً‬
‫ف الصفات‪ ،‬أن انليف يكون جممَّل‪( :‬ليس كمثله يش)‪ ،‬واإلثبات‬
‫ً‬
‫مفصَّل‪( :‬وهو ا سميع ابلصر)(‪.)3‬‬
‫هللالل ابلصر‪ :‬أنه يرى تعاىل دبيب انلملة السوداء‪ ،‬حتت‬
‫الصماء‪ ،‬ف الليلة الظلماء‪ ،‬حيث اكنت من سهله أو جبال‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫الصخرة‬
‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ورسيان َّ‬
‫والقوت ف أعضائها ادلقيقة‪ ،‬ويرى تفاصيل خلق اذلرة(‪)4‬‬
‫ِ‬ ‫ادلمِ‬
‫ه َّ‬
‫الصغية‪ ،‬وأعضاءـها‪ ،‬وحلمها‪ ،‬ودمها‪ ،‬وخمها‪ ،‬ويرى نياط عروق انلملة‪،‬‬
‫حتيت العقول ف عظمة‪،‬‬ ‫وابلعوضة‪ ،‬وأصغر من ذلك‪ ،‬فسبحان من َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر طريق اهلجرتي (‪ ،)234‬انلونية (‪ ،)141‬توضيح الاكفية (‪ )183‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬منهج ودراسات آليات األسماء والصفات للعَّلمة الشنقيطي (ص‪.)4‬‬
‫(‪ )3‬انظر جمموع الفتاوى (‪ ،)478/2‬الصواعق املرسلة (‪ )4( .)1009/3‬أي‪ :‬انلملة‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫‪‬‬
‫وسعة متعلقات صفاته‪ ،‬ولطفه(‪ ،)1‬وجَّلل‪.‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن‪ ،‬ثمرتي‬
‫من ثمار اإليمان‪ ،‬وـهما‪ :‬املراقبة‪ ،‬واحلياء من الل تعاىل أن يراه حيث‬
‫نهاه‪ ،‬وأن يفتقده حيث أمره‪ ،‬فمن َّلزم ـهذه العبادة‪ ،‬أوصلته إىل أْع‬
‫مقام اإليمان‪ ،‬وـهو‪ :‬اإلحسان‪.‬‬

‫‪ 36‬ـ ـ ‪ 37‬ـ ـ اهلل (القاهر‪ ،‬القهَّار) جل جالله‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام‪]18 :‬‬

‫وقال عز وجل‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [إبراـهيم]‬

‫ىن ا ليوي‪ :‬القهر‪ :‬مأخوذ من الغلبة‪ ،‬والعلو‪ ،‬واتلذيلل‬‫املع ٰ‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫معا‪ ،‬ويستعمل لك منهما منفردا(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫والفرق بي القنهر‪ ،‬والقهنر‪ :‬أن القنهر‪ :‬ـهو اذلي ل علو القهر‬
‫اليلك املطلق‪ْ ،‬ع مجيع املخلوقات‪ْ ،‬ع اختَّلف تنوعهم‪ ،‬فهو القاـهر‬
‫ً‬
‫فوق عباده‪ ،‬ل علو القهر مقرتنا بعلو الشأن‪ ،‬والفوقية‪.‬‬
‫َّ‬
‫والقهنر ‪ :‬صيغة مبالغة من القاـهر‪ ،‬فهو أبلغ منه‪ ،‬فيقتيض‬
‫ه‬
‫تكثي القهر‪ ،‬فهو تعاىل قهر من اجلبابرة ما َّل حيىص(‪.)4()3‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القنهر القهنر‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي قهر مجيع الاكئنات‪ ،‬وذلت ل مجيع املخلوقات‪ ،‬ودانت‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)3764/5‬عمدة احلفاظ (‪.)344/3‬‬ ‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ ،)234‬انظر احلق الواضح (‪.)35‬‬
‫(‪ )3‬أـهلك قوم نوح وقهرـهم‪ ،‬وقهر قوم اعد‪ ،‬وقوم ثمود‪ ،‬وقهر فرعون وـهامان وانلمرود‪ ،‬وأبا جهل‪ ،‬واملرشكي‪،‬‬
‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬لدلكتور حممود الرضواين (ص ‪.)386‬‬ ‫والصليبيي‪ ،‬وغيـهم ممن َّل حيىص‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪‬‬
‫لقدرته ومشيئته‪ ،‬مواد وعنارص العالم العلوي‪ ،‬والسفل(‪.)1‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل القهار ألـهل السموات واألرض‪ ،‬فأـهل السموات‬
‫بالتسخي‪ ،‬وأـهل األرض فباتلعبيد واتلذيلل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫بعلو اذلات‪،‬‬ ‫(‪ )3‬ـهو سبحانه القهار املستعل ْع لك اخلَّلئق‬
‫وعلو القهر‪ ،‬واملاكنة‪ ،‬والقدر‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰂ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعلو السلطان‪،‬‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام‪.]18 :‬‬
‫(‪ )4‬وـهو اذلي قهر املعاندين بما أقام من اآليات وادلَّلَّلت ْع‬
‫املستحق للعبادة وحده‪ ،‬وقهر جبابرة خلقه بالعقوبة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وحدانيته‪ ،‬وأنه‬
‫بعز سلطانه‪ ،‬وقهر باملوت لك خلقه(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫ويذل رقاب‬
‫(‪ )5‬وـهو القهار اذلي يقصم ظهور العتاة واجلبابرة‪ِ ،‬‬
‫الطغاة واألكارسة‪ ،‬ويقطع اآلمال باحلافرة(‪.)3‬‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل يقهر العباد‪ ،‬باحلرش إىل أرض املعاد‪ ،‬يلقيم هلم‬
‫مَّيان العدل‪ ،‬واحلق‪ ،‬والصواب‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [إبراـهيم]‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو سبحانه يقهر من نازعه ف ألوـهيته‪ ،‬وربوبيته‪،‬‬
‫وحكمه‪ ،‬باحلجة وابليان‪ ،‬والغلبة واذلل واهلوان‪.‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ} [الرعد]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع معىن بديع‪ ،‬وـهو‪ :‬أن الغلبة‪،‬‬
‫واإلذَّلل من ملوك ادلنيا‪ ،‬إنما يكون بأعوانهم‪ ،‬وجندـهم‪ ،‬وعددـهم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬احلق الواضح (ص‪ )2( .)76‬األسىن للقرطيب (‪ ،)213/1‬تفسي األسماء (‪ )38‬بترصف‪ )3( .‬انظر‪ :‬األسىن (‪.)213/1‬‬

‫‪123‬‬
‫‪‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ه َّ‬ ‫ه َ‬
‫يقهر لك اخللق‪ ،‬وـهو واحد أحد‪ ،‬فرد‬ ‫وعد ِدـهم‪ ،‬والل تبارك وتعاىل‬
‫ه‬
‫القهار إَّل‬ ‫مستغن عن الظهي واملعي(‪ ،)1‬وكذلك َّل يكون‬ ‫صمد‪،‬‬
‫ٍ‬
‫َّ‬
‫قه ً‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫ارا ْع‬ ‫واحدا‪ ،‬إذ لو اكن معه كفؤ ل‪ ،‬فإن لم يقهره لم يكن‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫القه ه‬ ‫ً‬
‫ار واحدا(‪.)2‬‬ ‫اإلطَّلق‪ ،‬وإن قهره لم يكن كفؤا‪ ،‬فاكن‬
‫وا كمنل اآل ر‪ :‬أن وحدته تعاىل وقهره متَّلزمان‪ ،‬فالواحد َّل‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫والقه ه‬ ‫َّ‬
‫قه ً‬
‫ار َّل يكون إَّل واحدا‪ ،‬وذلك ينيف الرشكة‬ ‫ارا‪،‬‬ ‫يكون إَّل‬
‫َّ‬
‫من لك وج ٍه‪ ،‬فإن القهر مَّلزم للوحدة‪ ،‬فَّل يكون اثنان قهاران‬
‫ً‬
‫متساويان ف قهرـهما أبدا‪ ،‬فاذلي يقهر مجيع األشياء ـهو الواحد‪،‬‬
‫ً‬
‫قاـهرا‬ ‫يستحق أن يعبد وحده‪ ،‬كما اكن‬ ‫اذلي َّل نظي ل‪ ،‬وـهو اذلي‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫وحده(‪ ،)3‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع انفراده سبحانه ف الكمال لكه‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ف قهره‪ ،‬اذلي يستلزم اختصاصه ف استحقاقه للعبادة وحده‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال سبحان وتعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫َّ‬
‫ﰉ ﰊ} [األنعام]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان العظيم‪ْ ،‬ع أن قهر تعاىل‬
‫مقرون باحلكمة‪ ،‬واخلّبة‪ ،‬فاحلكمة تتضمن فعل الصواب ف األفعال‬
‫َّ‬
‫واألحاكم‪ ،‬واخلّبة‪ :‬تتضمن العلم ببواطن األمور‪ ،‬وحقائقها‪ ،‬فدل ْع‬
‫علوه عليهم بتذيلله هلم‪ ،‬جيري ْع مقتىض‬ ‫ِ‬ ‫أن قهره لعباده ف‬
‫احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬واخلّبة‪ ،‬وفعله لألحسن واألصلح هلم‪َّ ،‬‬
‫املزنه فيه‬
‫عن لك ظلم وجور‪ ،‬وأن قهره عن كمال خّبته‪ ،‬بمصالح األمور‪،‬‬
‫ً‬
‫اعلما حبقائقها‪ ،‬من غي اشتباه‪ ،‬وَّل اتلباس بمآهلا‪ ،‬وأحواهلا‪ ،‬وـهو فوق‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬تفسي ابن السعدي (‪)308 ،299/4‬‬ ‫(‪ )2‬الصواعق املرسلة (‪.)1018/3‬‬ ‫(‪ )1‬عمدة احلفاظ (‪.)344/3‬‬

‫‪124‬‬
‫‪‬‬
‫مستو عليه‪َّ ،‬ل خيىف عليه يشء من أمر عباده‪ ،‬فسبحانه ما‬
‫ٍ‬ ‫عرشه‪،‬‬
‫أكمله‪ ،‬أنه جامع ف كمال قهره‪ ،‬مع حكمته‪ ،‬وسعة خّبته‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫يشء عن سيطرته‪ ،‬وغلبته‪،‬‬ ‫هللالل القنهر القهنر‪ :‬أنه َّل خيرج‬
‫ولك يشء خاضع ألمره‪ ،‬ف حركته وسكونه‪ ،‬فهو حيي خلقه إذا شاء‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ويميتهم إذا شاء‪ ،‬ويفقرـهم إذا شاء‪ ،‬ويغنيهم إذا شاء‪َّ ،...‬ل يقدر أحد‬
‫منهم إذا حكم عليه حبكم‪ ،‬أن يزيل ما حكم الل به‪ ،‬أو أن يرد‬
‫تدبيه‪ ،‬أو خيرج من تقديره‪ ،‬فالعقول لكها مقهورة عن الوصول إىل‬
‫هكنه صمديته‪ ،‬واألبصار لكها مقهورة عن اإلحاطة بأنوار َّ‬
‫عزته ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي اجلليلي يورثان املؤمن اذلل‬
‫واخلضوع واإلكبار‪ ،‬للرب الواحد القهار‪ ،‬والعزة والرفعة‪ْ ،‬ع ذوي‬
‫اإلحلاد‪ ،‬واملرشكي‪ ،‬والكفار‪ ،‬باحلجة وابليان والسطوة‪ ،‬واثلبات ْع‬
‫احلق‪ ،‬ف ـهذه ادلار‪ ،‬قال ‘‪> :‬ال تًال عصنب‪ ،‬من أميت يقنتلون ٰ‬
‫ىلع‬
‫أمر ا ‪ ،‬قنهرين لعدوهم‪ ،‬ال يرضهم من نلفهم ح ٰ‬
‫ىت تأيت ا سنع‪،‬‬
‫وهم ٰ‬
‫ىلع ‪ ،‬ا<(‪.)2‬‬

‫‪ 38‬ـ ـ اهلل (الوهَّاب) تبارك وتعاىلٰ‬

‫ﯺﯻ} [آل عمران]‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯸ ﯹ‬


‫َّ‬
‫العطية اخلايلة عن األعواض‪ ،‬واألغراض‪،‬‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬اهلب‪:،‬‬
‫َّ‬
‫سَّم صاحبها وـهابًا‪ ،‬وـهو من أبنية املبالغة‪ ،‬فيه اإلعطاء‬ ‫فإذا كرثت ت َ َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم (‪.)1924‬‬ ‫(‪ )1‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)150/1‬األسماء والصفات (‪.)163/1‬‬

‫‪125‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استحقاق‪ ،‬وَّل ماكفأة(‪.)1‬‬
‫ٍ‬ ‫وابتداء‪ ،‬من غي‬ ‫تفضَّل‪،‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو ا وهنب‪:‬‬
‫‪ )1‬واسع اهلبات‪ ،‬شمل لك الاكئنات‪ ،‬من ف األرض والسماوات‪،‬‬
‫ـهباته تدر ْع عباده ف ِ‬
‫الَّس واجلهار‪ ،‬ويف الليل وانلهار‪.‬‬
‫‪َّ )2‬ل ينقطع نوال حبال‪ ،‬وَّل ف املآل‪ ،‬يعطي من غي سؤال‪ ،‬وَّل‬
‫وسيلة‪ ،‬وينعم بَّل سبب‪ ،‬وَّل حيلة‪.‬‬
‫‪ )3‬فيهب العطايا وانلعم‪ ،‬واألفضال واملنن‪ ،‬من غي استحقاق‪،‬‬
‫وَّل عوض‪ ،‬يهب ما شاء ملن يشاء بَّل غرض‪.‬‬
‫‪ )4‬فكرثت نوافله‪ ،‬ودامت مواـهبه‪ ،‬واتصلت مننه وعوائده ف‬
‫ِ‬
‫لك األوقات‪ ،‬نعمه اكمنة ف األنفس‪ ،‬ومجيع املصنواعت‪ ،‬ظاـهرة بادية‬
‫ف سائر املخلوقات‪.‬‬
‫‪ )5‬ـهباته سبحانه اليت تسبغ ْع خلقه بَّل انقطاع وَّل نفاد‪ ،‬بل‬
‫ف نماء‪ ،‬وازدياد‪ ،‬مع اآلباد(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫وـهذا اَّلسم املبارك يدل ف مادته ْع السعة‪ ،‬والكرثة‪ ،‬والزيادة‪،‬‬
‫حبيث يدخل ف معناه املعّب عنه‪ ،‬باللفظ الكثي من معاين أسماء‬
‫الل تعاىل احلسىن‪ ،‬والصفات العَّل(‪.)3‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)803/1‬تفسي األسماء (‪ )2( .)38‬انظر‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)53‬واألسىن (‪ ،)396/1‬ورشح‬
‫أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪ ،)215‬وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪ )3( .)674‬بدائع الفوائد (‪.)175/1‬‬

‫‪126‬‬
‫‪‬‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ} [ص]‪ ،‬أي‪ :‬أن ـهباته تعاىل الصادرة منه لعباده‪،‬‬
‫عن كمال العزة(‪ ،)1‬فهو يهب هلم العطايا‪َّ ،‬ل يمنعه مانع‪ ،‬وَّل يرده راد‪،‬‬
‫فَّل مانع ملا أعطى‪ ،‬وَّل معطي ملا منع‪ ،‬وأنه يهب العطايا عن كمال‬
‫الغىن(‪َّ ،)2‬ل جللب منفعة‪ ،‬وَّل دلفع مرضة‪ ،‬وَّل لعوض‪ ،‬وَّل لغرض‪،‬‬
‫َّ‬
‫أما اخللق فمنهم من يكون وـهابًا‪ ،‬وـهو ذيلل‪ ،‬ليس بعزيز‪ ،‬ومنهم‬
‫ً‬
‫عزيزا‪ ،‬وـهو خبيل‪ ،‬وكذلك أنه إذا غضب منع ـهباته‪.‬‬ ‫من يكون‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫أما تعاىل فَّل ينقطع عطاؤه‪ ،‬حىت عن أشد أعدائه‪ ،‬فدل ْع أن‬
‫ٌ‬ ‫َّ ٌ‬ ‫من كمال َّ‬
‫عزيز‪.‬‬ ‫عزته أنه وـهاب‪ ،‬وأن من كمال ـهباته أنه‬
‫هللالل ا وهنب‪ :‬أن ـهباته تعاىل ف لك اللحظات‪ ،‬اليت يتقلب بها‬
‫أـهل األرض والسموات‪ ،‬اليت َّل تنفك عنهم طرفة عي‪ ،‬منذ أن خلق‬
‫ـهذه املعمورة واألفَّلك‪ ،‬فإنها لم تنقص مما عنده ً‬
‫شيئا من اخليات‬
‫املكنونات(‪.)3‬‬
‫اثلمرات‪ :‬من ثمراته أنه يورث املؤمن حمبة ربه العظيم‪،‬‬
‫والقيام حبمده وشكره ف لك حي‪ْ ،‬ع نعمة اإلسَّلم‪ ،‬اليت يه أعظم‬
‫العطايا واهلبات‪ ،‬ويثمر للعبد كذلك قوة الرجاء‪ ،‬واتلعلق برب األرض‬
‫والسماء‪ ،‬ف السؤال والعطاء‪ ،‬والرض بما قسمه تعاىل من األوَّلد‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [الشورى‪.]49 :‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬ألن من معاين (العزيز) املنيع‪ ،‬الغن عن لك ما سواه‪.‬‬ ‫(‪ )1‬ويه القوة والغلبة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ٰ‬
‫مألى‪ ،‬ال يييضهن(‪ً )3‬فق‪ ،،‬سحنء(‪ )3‬ا ليل وانلهنر‪ ،‬أرأيتم من أًفق منذ لق ا سمنوات واألرض‪،‬‬ ‫(‪ )3‬قال ‘‪> :‬يد ا‬
‫ييض من يف يد < البخاري (‪ ،)4684‬ومسلم (‪.)993‬‬
‫ةإًه م ِ‬

‫‪127‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 39‬ـ ـ اهلل (الـمُتكبِّر) جل ثناؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ} [احلرش‪.]23 :‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬املتكرب‪ :‬ذو الكّبياء‪ ،‬والكّب‪ :‬العظمة‪،‬‬
‫والرفعة ف الرشف‪ ،‬والكّبياء‪ :‬امللك‪ ،‬قال تعاىل حاكية عن فرعون‪:‬‬
‫ً‬
‫{ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [يونس‪ ،)1(]78 :‬ويه أيضا‪ :‬اتلجّب‬
‫َّ‬
‫والعظمة‪ ،‬وأصل لكمة الكّب‪ :‬اَّلمتناع‪ ،‬وقلة اَّلنقياد(‪.)2‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املتكرب ل فيه لك معاين‬
‫تفرد به وحده‪ ،‬دون خلقه‪:‬‬ ‫اجلَّلل والكمال‪ ،‬اذلي َّ‬
‫َهَ َ ه‬
‫ّب وعظ َم ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وسلطانه‪،‬‬‫(‪ )1‬ـهو اذلي ك‬
‫فلك يشء دونه صغي وحقي‪.‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )2‬وـهو سبحانه املتعظم‪ ،‬اذلي أْع نفسه‪ ،‬وعظمها‪ ،‬املتعايل‬
‫عن صفات خلقه‪ ،‬فليس ل شبيه‪ ،‬وَّل مثيل‪ ،‬وَّل نظي‪.‬‬
‫ِ‬
‫املتكّب‪ :‬ل امللك الاكمل‪ ،‬اذلي َّل يزول سلطانه‪،‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو تعاىل‬
‫ادلائم بدوامه‪ ،‬واللك فيه عبيده وممايلكه‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )4‬املتكّب عن ظلم عباده‪ ،‬فَّل يظلم أحدا من خلقه‪ ،‬حىت لو‬
‫اكن من أـهل كفرانه‪ ،‬عدل ظاـهر ف سائر خلقه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬يعن‪( :‬امللك)‪ ،‬صح عن جماـهد‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)30/3‬‬
‫(‪ )2‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)153/5‬الصحاح للجوـهري (‪ ،)801/2‬تفسي القرطيب (‪.)31/18‬‬

‫‪128‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫وجتّبوا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫املتكّب ْع عتاة خلقه‪ ،‬وجبابرتهم‪ ،‬إذا عتوا‬ ‫(‪)5‬‬
‫ونازعوه ف عظمته‪ ،‬فيقصمهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )6‬وـهو سبحانه املتعايل عن لك نقص‪ ،‬وعيب‪ ،‬املتعظم عن‬
‫مجيع ما َّل يليق بكّبيائه‪ ،‬وجمده‪ ،‬وجَّلل‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو العظيم انلافذ أمره ْع لك العبيد‪ ،‬فَّل جيري ف ملكه‬
‫إَّل ما يريد‪ ،‬ل احلجة ابلالغة‪ ،‬والسطوة ادلامغة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ورش‪ ،‬وسيئات‪ ،‬فَّل‬ ‫(‪ )8‬وـهو املتكّب جل ثناؤه عن لك سوء‪،‬‬
‫يصدر منه إَّل اآلَّلء واخليات‪.‬‬
‫(‪ )9‬وـهو سبحانه املتكّب‪ :‬العايل فوق لك خلقه‪ ،‬بكل أنواع‬
‫العلو‪ :‬ف اذلات‪ ،‬ويف الغلبة‪ ،‬والقهر‪ ،‬والصفات‪.‬‬
‫(‪ )10‬وـهو تعاىل املنيع‪ ،‬ابلليغ الكّبياء‪ ،‬والعظمة‪ ،‬اذلي ليس‬
‫لكّبيائه نهاية‪ ،‬وَّل لعظمته اغية‪.‬‬
‫(‪ )11‬وـهو املتكّب ف ربوبيته‪ ،‬فليس ل رشيك ف ملكه‪،‬‬
‫َّ‬
‫ألوـهيته‪ ،‬فَّل يقبل أن يعبد غيه‪.‬‬ ‫واملتكّب ف‬
‫املستحق للك تكبي‪ ،‬وتعظيم‪ ،‬وإجَّلل‪ ،‬من عباده‪،‬‬
‫ِ‬ ‫(‪ )12‬وـهو‬
‫بكل أنواعه(‪.)1‬‬
‫علو قدر الل تبارك وتعاىل‪،‬‬ ‫ر‬
‫املتكرب‪ :‬أنه يدل ْع ِ‬ ‫هللالل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬الطّبي (‪ ،)37/28‬تفسي القرطيب (‪ ،)301/9‬شأن ادلاعء (‪ ،)48‬خمترص الصواعق‬
‫املرسلة (‪ ،)212‬أسماء الل للرازي (‪.)209‬‬

‫‪129‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫علوا‪ ،‬وكماَّل‪َّ ،‬ل يتناىه‪ ،‬وهلذا دخلت فيه‬ ‫املستحق ل‪ ،‬وكمال‬
‫(اتلاء) وسماـها من فهم معناـها‪ :‬تاء اَّلختصاص‪ ،‬ألن ـهذا املعىن‬
‫خيتص بالل تعاىل وحده‪ ،‬ويه ف حق غيه تكلف‪ ،‬فهو يتضمن‬
‫مجيع صفات الكمال واجلَّلل‪ ،‬اليت تنال مع بهعد الغاية‪ ،‬وعدم انلهاية‪،‬‬
‫فهو اذلي تاـهت األبلاب ف جَّلل‪ ،‬وكّب عن اتلصور صفاته(‪.)1‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه جامع ألعظم أصلي ف توحيد األسماء‬
‫والصفات‪ ،‬فإن ـهذا اتلوحيد اجلليل يقوم ْع ركني عظيمي ـهما‪:‬‬
‫(‪ )1‬إثبات لك صفات الكمال لل تعاىل‪.‬‬
‫(‪ )2‬نيف لك انلقائص اليت تناف صفات كمال(‪.)2‬‬
‫تضمنه من وصف الكّبياء‪ ،‬من‬‫َّ‬ ‫وهلذا فإن ـهذا اَّلسم وما‬
‫خصائص الل سبحانه‪ ،‬اليت َّل تنبيغ إَّل ل‪ ،‬قال تعاىل‪> :‬العظم‪،‬‬
‫ا‬
‫واحدا منهمن قذةته يف انلنر<‬ ‫إزاري‪ ،‬وا كربينء ردايئ‪ ،‬ةمن ًنزعين‬
‫َّ ُ ُ‬
‫ويف لفظ‪> :‬ةمن يننزعين عذبته<(‪ .)3‬أما املخلوق فإن اتلكّب نقص‬
‫ِ‬ ‫وعيب ٍّ‬
‫ٌ‬
‫وذم ف حقه‪ ،‬ألنه فقي وحمتاج لغيه‪َّ ،‬ل يقوم بنفسه‪.‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن اتلواضع‬
‫واإلخبات جلَّلل الل تعاىل‪ ،‬واتلواضع لعباد الل جل وعَّل‪ ،‬فإن َمن‬
‫نازع كّبياء الل‪ ،‬فإن مآل انلار‪ ،‬وبئس املآل‪ ،‬قال الل العظيم‪:‬‬
‫{ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ} [الزمر]‪ ،‬ويف احلديث‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬األسىن (ص ‪ ،)466‬وشفاء العليل (‪ ،)511/2‬الرازي (‪)252‬‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪ ،)2620‬وصحيح أيب داود (‪.)4090‬‬ ‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪ ،)182/4‬اتلدمرية (‪.)58‬‬

‫‪130‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬ ‫ر‬
‫املتكربون يوم القينم‪ ،‬أمثنل اذل رر يف صور ا رهللنل‪ ،‬ييشنهم‬ ‫>حيرش‬
‫ر‬ ‫ُّ ُّ‬
‫ماكن‪ ،‬ةيسنقون إىل سجن يف هللهنم يسىم بو س<(‪.)1‬‬‫ٍ‬ ‫لك‬ ‫من‬ ‫ل‬ ‫اذل‬

‫‪ 40‬ـ ـ اهلل (املؤمن) عز وجل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯗ ﯘ ﯙ} [احلرش‪.]23 :‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬املؤمن ل معنيان ف اللغة‪:‬‬
‫(‪ )1‬اتلصديق واثلقة(‪.)2‬‬
‫(‪ )2‬األمان اذلي ـهو ضد اإلخافة(‪.)3‬‬
‫كمال كثية‪ ،‬وجليلة‪ ،‬ينبيغ‬
‫ٍ‬ ‫دل ـهذا اَّلسم اجلليل ْع معاين‬
‫للعبد أن يتأملها ويفهم مدلوَّلتها‪ ،‬ويعمل بمقتضاـها‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املؤمن‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي أمن لك اخلليقة من ظلمه‪ ،‬وجوره‪ ،‬ف األول‪ ،‬والعقىب‪:‬‬
‫فأمن أويلاءه من ظلمه‪ :‬فَّل ينقص من حسناتهم ً‬ ‫َّ‬
‫شيئا‪ ،‬وَّل‬ ‫أ)‬
‫َّ‬ ‫يبطل ما عملوا من الصاحلات ً‬
‫شيئا‪ ،‬ب) وأمن أعداءه من جوره‪ ،‬فَّل‬
‫َّ‬
‫يزيد ْع ما اجرتوا من السيئات مثقال ذرة‪ ،‬وَّل أدىن‪ ،‬ج) وأمن من‬
‫َّ‬
‫عذابه من َّل يستحقه‪ ،‬د) وأمن من آمن به من عقابه وبطشه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)2492‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ} [يوسف]‪.‬‬
‫(‪ )3‬قال سبحانه‪{ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [قريش]‪ .‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)133/1‬والزجاج (ص‪.)31‬‬

‫‪131‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تبارك وتعاىل اذلي آمن بقول أنه حق(‪.)1‬‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه اذلي يصدق العباد وعده‪ ،‬ووعيده‪ ،‬وذلك‪:‬‬
‫ف ادلًين‪ :‬بكل ما خيّب عنه من أمور الغيب‪ ،‬عن طريق وحيه‪.‬‬
‫ويف اآل رة‪ :‬أ) مصدق املؤمني بكل ما وعدـهم من اثلواب‪.‬‬
‫ب) ومصدق الاكفرين ما وعدـهم من العقاب(‪.)2‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )4‬وـهو تعاىل اذلي يهؤمن اخلائفي‪ ،‬فينرش األمان واَّلطمئنان‪،‬‬
‫ملن شاء من األنام‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ} [قريش]‪.‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )5‬وأخص من ذلك أنه يهؤمن أويلاءه وعباده املؤمني‪ ،‬فيهب‬
‫ا‬
‫هلم اَّلطمئنان ف قلوبهم ف ادلنيا‪ ،‬واآلخرة‪ :‬أوال‪ :‬يف ادلًين‪:‬‬
‫أ) ف القتال وعند الشدائد واملحن‪ ،‬فيما يزنل عليهم من األسباب‬
‫ِ‬
‫اليت تؤمنهم‪{ ،‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [األنفال‪{ ،]11 :‬ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ} [األنفال‪.]12 :‬‬
‫ب) وعند املوت‪ :‬عند اَّلحتضار ونزول مَّلئكة املوت‬
‫بالبشارة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ} [فصلت]‪.‬‬
‫ج) ويف الربزخ‪ :‬عند رؤية امللكي‪ ،‬كما جاء عن انليب ‘ أنه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬تفسي القرطيب (‪.)300/9‬‬ ‫َّ‬
‫صح عن قتادة‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)469/4‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪132‬‬
‫‪‬‬
‫قال‪> :‬إ‪،‬ا أهلللس ا رهللل ا صنلح يف قرب غر ةًع وال مشعوف(‪.)2(<)1‬‬
‫ا‬
‫ثنًين‪ :‬ويف اآل رة‪ :‬عند الفزع األكّب‪{ ،‬ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ} [األنبياء‪ ،]103 :‬وْع قدر اإليمان يكون األمان‪{ ،‬ﭑﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛﭜ} [األنعام]‪.‬‬
‫(‪ )6‬وـهو اذلي يصدق ظنون عباده املؤمني‪ ،‬وَّل خييب آماهلم‪،‬‬
‫ر‬
‫قال تعاىل‪> :‬أًن عند ظن عبدي يب‪ ،‬وأًن معه إ‪،‬ا داعين‪.)3(<...‬‬
‫َِ‬
‫(‪ )7‬وـهو اذلي يهؤمن املظلوم من الظالم‪ ،‬فيجيه‪ ،‬وينرصه عليه‪.‬‬
‫(‪ )8‬وـهو املصدق لرسله وأنبياءه‪ ،‬وذلك بأمرين‪:‬‬
‫ِ‬
‫أ) فيما يزنل عليهم من اآليات ابلينات‪ ،‬واملعجزات ابلاـهرات‪،‬‬
‫اليت تدل ْع صدقهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫ب) وـهو اذلي يصدق الصادقي من أتباعهم‪ ،‬بما يقيم هلم من‬
‫الساطعات(‪.)4‬‬ ‫شواـهد صدقهم من الكرامات‬
‫ِ‬
‫هللالل املؤمن‪ :‬أنه تعاىل يصدق نفسه بتوحيده‪ ،‬وشهادته‬
‫نلفسه بالوحدانية‪ ،‬وانفراده بالعبودية‪ ،‬وبما أثىن ْع نفسه‪ ،‬بما ل‬
‫َّ‬
‫من الكمال‪ ،‬والصفات العلية‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ} [آل عمران‪ ،]18 :‬وـهذه أجل الشهادات‪ ،‬الصادرة من امللك العظيم‪،‬‬
‫ِ‬
‫وـهو الل رب العاملي‪ْ ،‬ع أجل مشهود‪ ،‬وـهو توحيد الل تعاىل‪ ،‬وقيامه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)3557‬‬ ‫(‪ )1‬شدة الفزع اذلي يذـهب بالقلب‪ ،‬انلهاية (‪.)483‬‬
‫(‪ )4‬انظر تفسي السعدي (‪ ،)301/5‬أسماء الل احلسىن لألشقر (‪)64‬‬ ‫(‪ )3‬ابلخاري (‪ ،)6970‬ومسلم (‪.)6805‬‬

‫‪133‬‬
‫‪‬‬
‫بالقسط ‪ ،‬وـهذا املعىن ـهو َ‬
‫أجل املعاين ف اسمه (املؤمن) والل أعلم‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه ملا اكن اإليمان صفته‪ ،‬واسمه (املؤمن)‪ ،‬لم‬
‫َّ‬
‫أحب اخللق إيله ‪.‬‬ ‫يعطه إَّل‬
‫(‪)2‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن املؤمن عندما يدرك أن الل تعاىل متصف‬
‫باألمان لعباده‪ ،‬وتصديق أنبيائه ورسله‪ ،‬وأويلائه‪ ،‬فَّل ريب أنه يثق‬
‫بوعد الل تعاىل‪ ،‬وأمانه ل من لك خوف(‪ ،)3‬فيكون ربه املؤمن ـهو‬
‫َِ‬
‫وانلقم‪ ،‬وينبيغ ل‬ ‫ملجأه ومعاذه عند املحن‪ ،‬والشدائد‪ ،‬واملصائب‪،‬‬
‫ه ِ‬
‫أمن املؤمني َّ‬
‫رشه‪ ،‬وغوائله‪ ،‬قال ‘‪> :‬أال أ ربكم بنملؤمن! من‬ ‫أن ي‬
‫أم َِن ُه انلنس ٰ‬
‫ىلع أمواهلم وأًفسهم‪ ،‬واملسلم من سلِ َم املسلمون من‬
‫ال‬ ‫ال يؤمن‪ ،‬وا‬ ‫سنًه ويد <(‪ ،)4‬وأول بذلك جاره‪ ،‬قال ‘‪> :‬وا‬
‫ال يؤمن‪ ،‬من ال يأمن هللنر بوائقه<(‪.)5‬‬ ‫يؤمن‪ ،‬وا‬

‫‪ 41‬ـ ـ اهلل (البَرُّ) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الطور]‬

‫وس ِميَت‬ ‫املعىن ا ليوي‪ُّ َ :‬‬


‫الرب‪ :‬ـهو اتلوسع ف فعل اخلي واإلحسان‪ ،‬ه‬

‫برت يمينه‪ :‬صدقت ‪ .‬والّب‬ ‫برية َّلتِساعها‪ ،‬ويطلق ْع الصدق‪ ،‬يقال‪َّ :‬‬
‫َّ‬
‫(‪)6‬‬

‫كذلك‪ :‬العطوف الرحيم(‪ ،)7‬والّب‪ :‬اللطيف(‪.)8‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬شفاء العليل (‪.)676/2‬‬ ‫(‪ )1‬تفسي ابن السعدي (‪ 364/1‬ـ ‪.)301/5‬‬
‫منهج ابن القيم ف رشح أسماء الل احلسىن (ص ‪.)284‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫(‪ )5‬صحيح ابلخاري (‪.)6016‬‬ ‫صحيح ابن ماجه (‪ ،)3934‬وصحيح النسايئ (‪.)4622‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫(‪ )7‬لسان العرب (‪.)252/1‬‬ ‫املفردات (ص‪ ،)114‬الصحاح للجوـهري (‪.)588/2‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫َّ‬
‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر‪ :‬اتلفسي الصحيح (‪.)396/4‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫‪134‬‬
‫‪‬‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو الرب اذلي َّل َّ‬
‫أبر منه‪:‬‬ ‫املع ٰ‬
‫عم إحسانه‪ ،‬وبره‪ ،‬وخيه‪ ،‬مجيع أـهل‬ ‫(‪ )1‬الكثي اإلحسان‪ ،‬اذلي َّ‬
‫ِ‬
‫األرض والسماوات‪ ،‬ف لك اللحظات‪ ،‬من أصناف الّب‪ ،‬الظاـهرة‪،‬‬
‫وابلاطنة‪{ ،‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ } [لقمان‪.]20 :‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الصادق ف وعده‪ ،‬ووعيده‪ ،‬وخّبه‪ ،‬وقول‪ ،‬ف‬
‫آت َّل حمالة ل‪.‬‬
‫ادلنيا‪ ،‬ويف اآلخرة‪ ،‬فلك ما وعد به سبحانه ٍ‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه العطوف ْع عباده‪ ،‬الرحيم الرفيق بهم‪،‬‬
‫املصلح ألحواهلم‪ ،‬وشؤونهم‪ ،‬ادلنيوية‪ ،‬والرشعية‪.‬‬
‫(‪ )4‬ومن كمال بره تعاىل‪ :‬أنه يّب باملحسن ف مضاعفة اثلواب‬
‫ل‪ ،‬والّب بامليسء ف الصفح واتلجاوز عنه‪.‬‬
‫الّب اللطيف بعباده‪ ،‬يريد بهم اليه َ‬
‫َّس‪ ،‬وَّل يريد بهم‬ ‫(‪ )5‬وـهو َ‬
‫ِ‬
‫كثي من سيئاتهم‪ ،‬وَّل يؤاخذـهم جبميع جناياتهم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫العَّس‪ ،‬يعفو عن‬
‫جيزيهم باحلسنة عرش أمثاهلا‪ ،‬وَّل جيزي بالسيئة إَّل مثلها‪.‬‬
‫خصهم بوَّليته‪ ،‬واصطفاـهم لعبادته‪،‬‬‫الّب بأويلائه‪ ،‬إذ َّ‬
‫(‪ )6‬وـهو َ‬
‫َمَ‬
‫ويدفع عنهم مجيع أنواع الرشور‪ ،‬والسيئات‪ ،‬وامللمات‪.‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )7‬وتتجىل سعة ِ‬
‫بره‪ ،‬ما أعده ألويلائه ف دار خدله‪ ،‬يتنعمون‬
‫جبواره‪ ،‬ف حببوحة داره‪ ،‬يقولون وـهم فيها فاكهون‪{ :‬ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الطور](‪.)1‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي األسماء (‪ ،)61‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)150/1‬شأن ادلاعء (‪ ،)90‬املنهاج (‪)204/1‬‬

‫‪135‬‬
‫‪‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ}‬
‫[الطور]‪ ،‬الّب كما سبق ـهو املحسن الرفيق املتفضل‪ ،‬وـهذه الصفات‬
‫من موجبات رْحته اخلاصة بعباده املؤمني‪ ،‬فّب الل تعاىل وإنعامه‪،‬‬
‫أثر من آثار رْحته الواسعة‪ ،‬اليت غمرت الوجود‪ ،‬وتقلب فيها لك‬
‫موجود‪ ،‬وعن طريق تلك املنن اجلزيلة‪ ،‬وذلك اإلحسان العميم‪،‬‬
‫عرف العباد أن ربهم رحيم(‪.)1‬‬
‫هللالل الرب‪ :‬من هللالل بِ ّره تعاىل أنه مع كمال غناه عن‬
‫عبده‪ ،‬وكمال فقر العبد إيله‪ ،‬أنه يَّب به ف سرته حال ارتكابه‬
‫املعصية‪ ،‬مع كمال رؤيته تعاىل ل‪ ،‬ولو شاء لفضحه بي خلقه‬
‫فحذروه(‪ ،)2‬بل يدر عليه من إحسانه‪ ،‬وإنعامه‪ ،‬وإمهال‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يتعبد بمقتىض أسمائه تعاىل‬
‫وصفاته‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬ـهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬ف القيام ِ‬
‫بالّب من مجيع أنواعه‪،‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ} [ابلقرة‪ ،]177 :‬وأن َّ‬
‫يّب من أوجب عليه تعاىل بره‪ ،‬وـهما‬
‫الوادلان‪ ،‬ويكون ف حياتهما حبسن صحبتهما‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭢ‬
‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [مريم]‪ ،‬وبعد مماتهما بادلاعء‪،‬‬
‫ر‬ ‫وصلة أحبابهما‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن َّ‬
‫أبر الرب صل‪ ،‬ا ودل أهل ود أبيه<(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2552‬‬ ‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪.)206/1‬‬ ‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (ص‪.)151‬‬

‫‪136‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 42‬ـ ـ ‪ 43‬ـ اهلل (الوَلِيُّ‪ ،‬الـمَوْىلٰ) جل جالله‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الشورى]‪.‬‬


‫وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [األنفال]‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا ويل‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‪ :‬الوايل‪،‬‬
‫ويدل ْع القرب وادلنو‪ ،‬ويطلق ْع‪ :‬انلارص‪ ،‬والسيد‪ ،‬ومتول األمر‪،‬‬
‫ومالك اتلدبي‪ ،‬فلك من تول أمر آخر‪ :‬فهو ويله‪ ،‬أي متول أمره‪،‬‬
‫والقيم ْع شؤونه‪.‬‬
‫هم‬ ‫ٰ هم‬
‫والمعتَق‪ ،‬ويطلق ْع املالك‪ ،‬واملنعم‪ ،‬وانلارص‪،‬‬ ‫المع ِتق‪،‬‬ ‫املول‪:‬‬
‫واملحب‪ ،‬واملعي‪ ،‬والصاحب‪ ،‬والقريب(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫والفرق بينهمن‪ :‬أن ا ويل ـهو من تول أمرك‪ ،‬وقام بتدبي حالك‬
‫َ‬
‫واملول‪ :‬ـهو من ت مركن إيله‪،‬‬
‫ٰ‬ ‫وحال غيك‪ ،‬وـهذه من وَّلية العموم‪،‬‬
‫َّ‬
‫والرضاء‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الَّساء‬ ‫وتعتمد عليه‪ ،‬وحتتيم به عند الشدة والرخاء‪ ،‬ويف‬
‫وـهذه من وَّلية اخلصوص(‪.)2‬‬
‫ٰ‬
‫املول‪:‬‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو ا ويل‬
‫للك اخللق أمجعي‪ ،‬باخللق‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬وترصيف األمور واملقادير‪،‬‬
‫ِ‬
‫وقت وحي‪ ،‬فليس نلا ول سواه‪،‬‬‫ف السموات السبع واألرضي‪ ،‬ف لك ٍ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ )411/5‬وانلهاية (‪ ،)227/5‬اشتقاق أسماء الل احلسىن (‪ 113‬ـ ‪ ،)115‬شأن ادلاعء (‪.)101‬‬
‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)411/5‬أسماء الل احلسىن لدلكتور حممود الرضواين (‪.)330‬‬

‫‪137‬‬
‫‪‬‬
‫َّ َّ‬
‫جيلب نلا املنافع‪ ،‬ويدفع عنا الرض والرشور واملساوئ‪ ،‬نواصينا لكها‬
‫بيده تعاىل‪ ،‬وـهذه ا والي‪ ،‬العنم‪ ،‬للّب‪ ،‬والفاجر‪ ،‬واملؤمن والاكفر‪.‬‬
‫َّ‬
‫ووالي‪ ،‬نص‪ :،‬ألويلائه املتقي‪ ،‬خيرجهم من الظلمات إىل‬
‫ِ‬
‫عدوـهم‪ ،‬ويصلح هلم أمورـهم ادلنيوية‪ ،‬وادلينية‪،‬‬ ‫انلور‪ ،‬وينرصـهم ْع‬
‫فيه وَّلية تقتيض الرأفة‪ ،‬والرْحة‪ ،‬واإلصَّلح‪ ،‬واملحبَّة‪ ،‬قال‬
‫الل العظيم‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ} [ابلقرة‪ ،]257 :‬وـهذا اتلول اخلاص منه تعاىل هلم‪ ،‬يقتيض عنايته‪،‬‬
‫خاصة‪ ،‬يصلحون بها‬ ‫َّ‬ ‫ولطفه بعباده املؤمني‪ ،‬وأن الل ِ‬
‫يربيهم تربية‬
‫َّ‬
‫للقرب منه‪ ،‬وجماورته ف جنات انلعيم(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٰ‬
‫واملول‪ :‬أن مواَّلته لعبده إحسانا إيله‪ ،‬وحمبة ل‪،‬‬ ‫هللالل ا ويل‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وجّبا ل‪ ،‬ورْحة‪َّ ،‬ل يتكرث به من قلة‪ ،‬وَّل ّ‬ ‫ًّ‬
‫يتعزز به من ِذلة‪،‬‬ ‫وبرا به‪،‬‬
‫وَّل ينترص به من غلبة‪ ،‬وَّل يستعي به ف أي أمر(‪ )2‬وحاجة‪ ،‬فوَّليته‬
‫ه‬ ‫عزة‪ ،‬ومنعة‪َّ ،‬‬‫َّ‬
‫وقوة‪ ،‬وغىن‪ ،‬ونرصة‪ ،‬فهو تعاىل‪{ :‬ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ} [األنفال]‪.‬‬
‫ً‬
‫ظالما مثله‪ ،‬يسومونهم‬ ‫ومن هللالهلمن‪ :‬أنه تعاىل يول لك ظالم‪،‬‬
‫سوء العذاب‪ ،‬ويأخذون منهم بالظلم واجلور‪ ،‬أضعاف ما منعوا من‬
‫حقوق الل‪ ،‬وحقوق عباده(‪.)3‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يوجبان للعبد وَّلية‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ينظر احلق الواضح (‪ ،)12‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)51‬تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي (‪.)461/3‬‬
‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪ ،)273‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬ ‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪.)495/1‬‬
‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [األنعام‪.]129 :‬‬

‫‪138‬‬
‫‪‬‬
‫الل تعاىل‪ ،‬ورسول‪ ،‬واملؤمني‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [املائدة] وقطع وَّلية لك‬
‫َّ‬
‫حاد الل ورسول من الاكفرين‪ ،‬واملنافقي‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭑ‬ ‫من‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ} [املمتحنة‪ ،]1 :‬وينبيغ‬
‫َّ‬
‫للمؤمن أن يرايع الل تعاىل فيمن وَّله عليهم‪ ،‬فيتيق الل بهم‪.‬‬

‫‪ 44‬ـ ـ اهلل (اجلبَّارُ) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ} [احلرش‪.]23 :‬‬


‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬اجلبنر‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‪:‬‬
‫َّ‬
‫اجلابر‪ ،‬ويدل ْع عدة معان كمال وجَّلل‪ ،‬منها‪ :‬العظيم‪،‬‬
‫َ‬
‫يد املتناول‪ ،‬ومنه قوهلم‪ :‬خنلة َّ‬
‫جبارة‪،‬‬ ‫القوي(‪،)1‬وْع الطويل اذلي فات‬
‫ِ‬
‫ويطلق ْع املتكّب املتعظم‪ ،‬املمتنع عن اذلل والقهر‪ ،‬من قوهلم‪ :‬رجل‬
‫جّبية‪ ،‬وجّبوت‪ ،‬أي‪ :‬تكّب وعظمة‪ ،‬وإصَّلح اليشء برضب من‬
‫القهر‪ ،‬ومنه جّب العظم‪ ،‬أي‪ :‬أصلح كَّسه‪ ،‬وجّب الفقي أغناه(‪.)2‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو اجلبنر‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي قهر خلقه ْع ما يريد‪ ،‬من أمر‪ ،‬ونيه‪ْ ،‬ع مقتىض‬
‫احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬ومن ذلك دينه‪ ،‬اذلي ارتضاه للك عبيده‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو َّ‬
‫اجلبار‪ :‬املصلح أمر خلقه‪ ،‬املرصفهم فيما فيه صَّلحهم‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [املائدة‪.]22 :‬‬
‫(‪ )2‬املفردات (‪ ،)183‬تهذيب اللغة (‪ ،)57/11‬تفسي السمعاين (‪ ،)26/2‬إبطال اتلأويَّلت (‪ ،)666‬األسىن (‪.)459‬‬

‫‪139‬‬
‫‪‬‬
‫اذلي جّب مفاقرـهم‪ ،‬فكفاـهم أسباب عيشهم‪ ،‬ورزقهم(‪.)1‬‬
‫(‪ )3‬وـهو َّ‬
‫اجلبار‪ :‬اذلي جيّب ضعف الضعيف من عباده‪:‬‬
‫أ) فيجّب الكسي‪ .‬ب) ويغن الفقي‪ .‬هلل) وييَّس ْع املعَّس لك‬
‫عسي‪ .‬د) وجيّب القلوب املنكَّسة من أجله‪ ،‬اخلاضعي جلَّلل‬
‫وعظمته‪ .‬هه) وجيبـر ضعف األبدان‪ ،‬فييسـر أسبـاب الشـفاء هلا‪.‬‬
‫و) وجيّب عبده املؤمن بإصَّلح حال ومآل‪ ،‬ف دينه ودنياه وآخرته‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وـهذا اجلّب ف حقيقته إصَّلح للعبد‪ ،‬ودفع مجيع املاكره عنه(‪.)2‬‬
‫اجلبار‪ :‬العايل فوق خلقه‪ ،‬اذلي ْع العرش استوى‪ ،‬وْع‬‫(‪ )4‬وـهو َّ‬

‫امللك احتوى‪ ،‬وْع السلطان وأنواع اتلصاريف استول(‪.)3‬‬


‫(‪ )5‬وـهو املنيع اذلي َّل ينال‪ ،‬فَّل يوصل إيله‪ ،‬وَّل يدانيه يشء‪.‬‬
‫(‪ )6‬وـهو املتعاظم املتكّب‪ ،‬تقدس أن تنال انلقائص‪ ،‬وصفات‬
‫ٌ‬
‫كفوء‪ ،‬أو ِضد‪ ،‬أو نِد‪ ،‬أو‬ ‫أحد‪ ،‬وعن أن يكون ل‬‫احلدث‪ ،‬وعن مماثلة ٍ‬
‫َس ِيم‪ ،‬أو رشيك ف خصائصه‪ ،‬وحقوقه(‪.)4‬‬
‫اجلبار‪ :‬إذا أراد شيئًا اكن كما أراد‪ ،‬ولم يمتنع عليه‪،‬‬
‫(‪ )7‬وـهو َّ‬
‫َّ‬
‫ولم يتخلف كونه عن حال إرادته‪ ،‬فيكون فعله ل اكجلّب(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الطّبي (‪ ،)36/28‬وابن كثي (‪ ،)343/4‬شأن ادلاعء (‪.)48‬‬
‫(‪ )2‬تفسي القرطيب (‪ ،)301/9‬احلق الواضح (‪ ،)77‬األسىن (‪ 456‬ـ ‪.)459‬‬
‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪ )4( .)18‬تفسي القرطيب (‪ ،)301/9‬واألسىن (ص‪ ،)458‬احلق الواضح (‪ )77‬الاكفية (‪)146‬‬
‫(‪ )5‬األسماء والصفات (‪.)89/1‬‬

‫‪140‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫هللالل اجلبنر‪ :‬من جَّلل أنه تعاىل لم جيّب أحدا من خلقه‪،‬‬
‫ْع إيمان أو كفر‪ ،‬بل هلم املشيئة ف ذلك واَّلختيار‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫فكونه عز وجل‬ ‫[الكهف‪]29 :‬‬ ‫{ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ}‬
‫جّب اخللق ْع ما شاء من أمر أو نيه‪ ،‬يعن أنه رشع هلم من ادلين‬
‫ما ارتضاه‪ ،‬كما قال‪{ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [الشورى‪.]13 :‬‬
‫فرشع هلم من الرشائع ما شاء‪ ،‬وأرسل هلم الرسل‪ ،‬وأمرـهم بما‬
‫ينفعهم‪ ،‬ونهاـهم عن العدول عن طريقهم‪ ،‬فهو سبحانه وتعاىل أجل‪،‬‬
‫وأعظم‪ ،‬وأقدر‪ ،‬أن جيّب عبده‪ ،‬ويكرـهه ْع فعل ما يشاء منه(‪.)1‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه كما جيمع صفات القهر‪ ،‬والعلو‪ ،‬والعظمة‪،‬‬
‫كذلك أنه جيمع صفات الرْحة‪ ،‬والعدل‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬والرأفة‪ ،‬ونزاـهته‬
‫عن صفات انلقائص اكلظلم‪ ،‬واجلور‪ ،‬ولك آفة‪ ،‬فقهره لعباده‪ ،‬وجّبه هلم‪،‬‬
‫ْع ما أراد حسبما تقتضيه احلكمة(‪.)2‬‬
‫َ َّ‬
‫"فبجّبوته قهر اجلبابرة‪ ،‬وأذل األكارسة‪ ،‬وأنصف املظلومي من‬
‫الظلمة‪ ،‬ونرص جنده ْع املعاندين‪ ،‬والاكفرين‪ ،‬والفجرة‪ ،‬فكم من‬
‫َّ‬
‫ظالم جبار من البرش قصم الل ظهره‪ ،‬ورد كيده ف حنره"(‪ ،)3‬فهو تعاىل‬
‫يقصم ظهور العتاة‪ ،‬وينلك باجلناة‪ ،‬ويشدد العقاب ْع الطغاة‪ ،‬وذلك‬
‫بعد اإلعذار واإلنذار‪ ،‬وبعد اتلمكي واإلمهال(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬وهلذا اكن ‘ ِ‬
‫يزنه جّبوته تعاىل عن لك نقص‪ ،‬ف ركوعه‪:‬‬ ‫(‪ )1‬شفاء العليل (‪.)251‬‬
‫>سبحنن ‪،‬ي اجلربوت وامللكوت وا كربينء والعظم‪ ،<،‬صحيح أيب داود (‪.)873‬‬
‫(‪ )3‬حتقيق العبودية بمعرفة األسماء والصفات (‪ ،)335‬د‪ .‬فوز الكردي‪ ،‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )4‬املقصد األسىن (‪.)100‬‬

‫‪141‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫إن املؤمن حينما يدرك أنه تعاىل َّ‬
‫اجلبار املتصف‬ ‫اثلمرات‪:‬‬
‫بكمال العظمة‪ ،‬وكمال الرأفة‪ ،‬والرْحة‪ ،‬فإن ذلك يثمر ل املحبة‬
‫ِ‬
‫واَّلعزتاز به‪ ،‬واَّلفتقار إيله‪ ،‬ف لك حال‪ ،‬وحلظة‪ ،‬فعامل عباده بكل‬
‫خي وصَّلح‪ ،‬واسرتجع عند املصيبة عند نزول األقدار‪ ،‬فإن الل‬
‫سبحانه جابر مصيبتك ف احلال‪ ،‬أو ف املآل >من اسرتهللع عند املصيب‪،‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫صنحلن يرضن < ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫هللرب ا مصيبته‪ ،‬وأحسن عقبن ‪ ،‬وهللعل هل لفن‬
‫ٌ‬
‫وـهذه الصفة العلية َّل جيوز أن يتعاطاـها أحد من اخلليقة‪ ،‬فإن‬
‫ﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬ ‫مآل اهلوان واذللة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ} [اغفر]‪ ،‬قال ‘‪> :‬خيرج عنق من انلنر يوم‬
‫القينم‪ ،،‬هل عيننن يبِّص بهمن‪ ،‬وأ‪ً،‬نن يسمع بهمن‪ ،‬و سنن ينطق به‪،‬‬
‫هللبنر عنيد‪.)2(<..‬‬
‫ٍ‬ ‫ةيقول‪ :‬إين ولكت بثالث‪ :،‬بكل‬

‫‪ 45‬ـ ـ اهلل (الرَّؤوف) جل ثناؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [ابلقرة]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا رؤوف‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‬
‫الرائف‪ ،‬وـهو املوصوف بالرأفة‪ ،‬والرأفة‪ :‬أشد الرْحة‪ ،‬وأبلغها‪ ،‬وأْع‬
‫معانيها‪ ،‬فيه رْحة وزيادة(‪.)3‬‬
‫والفرق بي ا رأة‪ ،‬وا رمح‪ :،‬أن ا رأة‪ ،‬أعم‪ ،‬وأبلغ من الرْحة‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عباس ريض الل عنهما‪ ،‬يرفعه للنيب ‘‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)263/1‬‬
‫ٍ‬ ‫(‪ )1‬عن ابن‬
‫(‪ )2‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪ )3( .)512‬لسان العرب (‪ ،)112/9‬شأن ادلاعء (ص‪ ،)91‬تفسي الطّبي (‪)12/2‬‬

‫‪142‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫فيه املزنلة اثلانية‪ ،‬يقال‪ :‬فَّلن رحيم‪ ،‬فإذا اشتدت رْحته فهو‬
‫رؤوف‪ ،‬فيه نعمة مذلة من مجيع الوجوه‪ ،‬وا رمح‪ :،‬قد تكون مؤملة ف‬
‫َّ‬
‫احلال‪ ،‬ويكون عقباـها ذلة‪.‬‬
‫ا رمح‪ :،‬تكون ف الكراـهة للمصلحة‪ ،‬وا رأة‪َّ :،‬ل تكون ف‬
‫الكراـهة‪ ،‬والرأفة اعمة جلميع اخللق ف ادلنيا‪ ،‬وبلعضهم ف اآلخرة‪،‬‬
‫وا رحيم‪ :‬فيه للمؤمني ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وليست للك اخللق‪،‬‬
‫وا رأة‪ ،‬إذا انسدلت ْع خملوق‪ ،‬لم يلحقه مكروه(‪.)1‬‬
‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا رؤوف اذلي َّل أرأف منه‪:‬‬
‫‪ )1‬فهو ذو الرأفة الواسعة‪ ،‬اليت َّل تضاـهيها‪ ،‬وَّل تساميها أي رأفة‪،‬‬
‫فهو سبحانه شديد الرأفة‪ ،‬بالغ منتهاـها‪ ،‬وأعَّلـها‪.‬‬
‫‪ )2‬فهو تعاىل الرحيم جبميع عباده‪ ،‬العطوف عليهم بألطافه‪ ،‬ورأفته‪،‬‬
‫فما من خملوق ف ـهذا الوجود إَّل وـهو مرؤوف برأفته سبحانه(‪.)2‬‬
‫‪ )3‬ومن كمال رأفته‪ :‬أنه أرأف بنا من لك رائف‪ ،‬أرأف بنا من‬
‫آبائنا‪ ،‬وأمهاتنا‪ ،‬وأوَّلدنا‪ ،‬بل أرأف بنا من أنفسنا‪ ،‬فما ظنك برأفته‪،‬‬
‫فيه فوق ما خيطر ْع ابلال‪ ،‬أو يدور ف اخليال‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪َّ )4‬ل تزال آثار رأفته "سارية ف الوجود‪ ،‬مائلة للموجود‪ ،‬تسح‬
‫يداه باخليات‪ ،‬آناء الليل وانلهار‪ ،‬ويوايل انلعم والفواضل ْع‬
‫العباد‪ ،‬ف ِ ِ‬
‫الَّس واجلهار"(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي األسماء (ص‪ ،)62‬األسىن للقرطيب (‪ )2( .)173/1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮩ ﮪ ﮫ} آل عمران‪30 :‬‬
‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪.)1020‬‬

‫‪143‬‬
‫‪‬‬
‫ورأةته سبحنًه بعبند ًواعن‪:‬‬
‫انلوع األول‪ :‬ا رأة‪ ،‬العنم‪ :،‬وـهذه "الرأفة صفة شاملة َّلستصَّلح‬
‫ً‬
‫العباد‪ ،‬والرفق بهم‪ ،‬ف تربيتهم مجلة وتفصيَّل‪ ،‬وانلظر بما ـهم عليه‬
‫من الضعف‪ ،‬واحلاجة‪ ،‬واملسكنة والفقر"(‪ .)1‬وـهذه الرأفة شاملة‬
‫َِ‬
‫للّب والفاجر‪ ،‬والصالح والطالح‪.‬‬

‫انلوع اثلنين‪ :‬ا رأة‪ ،‬اخلنص‪ :،‬ويه ألنبيائه‪ ،‬وأويلائه ف معاشهم‬


‫َّ‬
‫واملَّسات‪،‬‬ ‫ومعادـهم‪ ،‬واليت فيها من صنوف املنافع‪ ،‬واخليات‪،‬‬
‫ودفع الرشور‪ ،‬واهللاكت ف ادلنيا‪ ،‬والّبزخ‪ ،‬والعرصات‪.‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪ { :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬


‫َّ‬
‫ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ} [ابلقرة]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان‬
‫ٌ ه ٍّ‬
‫بود‪،‬‬ ‫ْع اغية اجلَّلل والكمال ف الرْحة‪ ،‬وأْع درجاتها‪ ،‬إذ يه رْحة‬
‫وعطف‪ ،‬وشفقة‪ ،‬رْحة فيها من صنوف الّب والعطاء‪ ،‬ما َّل خيطر ْع‬
‫ٍ‬
‫البرش‪ ،‬ويه خاصة باملؤمني‪ ،‬فإن الرأفة من موجبات الرْحة‪،‬‬
‫وآثارـها‪.‬‬
‫ويف ـهذا اَّلقرتان "بشارة عظيمة ملن َّ‬
‫من الل عليهم باإلسَّلم‪،‬‬
‫واإليمان‪ ،‬بأن الل سيحفظ عليهم إيمانهم‪ ،‬فَّل يضيعه"(‪ )2‬فاجلمع‬
‫بينهما إلفادته أنه يرحم الرْحة ابلالغة ملستحقيها‪ ،‬ويرحم مطلق‬
‫الرْحة من دون ذلك(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬روح املعاين (‪.)11/2‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)71‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن (‪.)174‬‬

‫‪144‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫صَّلحا‬ ‫هللالل ا رؤوف‪ :‬من هللالل رأةته تعاىل أن فيها‬
‫للعباد ف دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪ ،‬وآخرتهم‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫(‪ )1‬أن حذرـهم‪ ،‬ورغبهم‪ ،‬ورـهبهم‪ ،‬ووعدـهم‪ ،‬وأوعدـهم‪ ،‬رأفة‬
‫ً‬
‫بهم‪ ،‬ومرااعة لصَّلحهم‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ} [آل عمران]‪.‬‬
‫(‪ )2‬إنزال الكتاب ْع رسول يلخرجنا من الظلمات إىل انلور‪،‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ} [احلديد]‪.‬‬
‫(‪ )3‬ومنها‪ :‬أن سخر نلا وسائل انلقل‪ ،‬اكجلمال واخليول‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قديما‪ ،‬والسيارات‪ ،‬والطائرات حديثا‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬ ‫واحلمي‬
‫{ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟﭠ} [انلحل]‪.‬‬
‫(‪ )4‬أن ما اشرتاه من العباد من أنفسهم وأمواهلم‪ ،‬إنما ـهو‬
‫خالص ملكه‪ ،‬ثم إنه سبحانه يشرتي منهم ملكه اخلالص‪ ،‬بما َّل‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫ي َعد وَّل حيىص‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [ابلقرة] (‪.)1‬‬
‫(‪ )5‬ومن هللالل رأفته أنه جييب داعء أويلائه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي أيب مظفر السمعاين (‪ ،)31/1‬وابليضاوي (‪ ،)255/1‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪.‬عمر األشقر (‪ ،)259‬تفسي‬
‫الّبوسوي (‪.)160/1‬‬

‫‪145‬‬
‫‪‬‬
‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ‬
‫ﭨ} [احلرش]‪ ،‬أي‪ :‬فحقيق بأن جييب داعءنا(‪.)1‬‬
‫(‪ )6‬ومنها أنه نصب احلدود الزاجرة عن احلدود‪ ،‬احلاملة ْع‬
‫اتلقوى‪ ،‬فإن الرأفة تقيم املرؤوف به‪ ،‬ألنها ألطف الرْحة‪ ،‬وأبلغها‪،‬‬
‫{ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ} [انلور](‪.)2‬‬
‫(‪ )7‬ومن هللالهلن إمهال للاكفرين‪ ،‬والعاصي‪" ،‬من أن يأخذـهم‬
‫بالعذاب ْع َّ‬
‫غرة وـهم َّل يشعرون‪ ،‬بل يمهلهم‪ ،‬ويعافيهم‪ ،‬ويرزقهم" ‪،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫قال سبحانه‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ} [انلحل]‪.‬‬

‫(‪ )8‬ومن هللالل رأفته سبحانه‪ ،‬أنه يمسك {ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬


‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [احلج]‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك ملكف أن يعلم أنه َّل رؤوف ْع‬
‫اإلطَّلق إَّل الل تعاىل‪ ،‬وأن رأفته ليست كرأفتنا‪ ،‬ومن رأفته لعباده‬
‫ورْحته بهم أن دفعهم عن مراتع اهللكة‪ ،‬ومنعهم من موارد‬
‫الشهوات‪ ،‬فمىت أصابهم نصيب من كتاب سبق‪ ،‬أقال عرثاتهم‪،‬‬
‫وأيقظهم من سبات غمراتهم‪ ،‬وربما رأف بهم ورْحهم‪ ،‬بما يكون‬
‫ف الظاـهر بَّلء وشدة‪ ،‬وـهو ف احلقيقة رأفة بهم‪ ،‬ورْحة‪ ،‬ثم عليك أن‬
‫ترأف بنفسك كما رأف الل سبحانه بها‪ ،‬فَّل حتملها فوق وسعها(‪،)4‬‬
‫ً‬
‫وينبيغ للعبد أن يكون رؤوفا مع أـهله‪ ،‬وإخوانه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)246/5‬‬ ‫(‪ )1‬ابليضاوي (‪.)391/1‬‬
‫(‪ )4‬األسىن للقرطيب (‪.)175/1‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪.)441‬‬

‫‪146‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 46‬ـ ـ اهلل (التوَّاب) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [ابلقرة]‪.‬‬


‫ىن ا ليوي‪ :‬اتلَّ َّواب‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬واتلوبة الرجوع‬
‫املع ٰ‬
‫عن اليشء إىل غيه‪ ،‬وترك اذلنوب ْع أمجل الوجوه‪ ،‬وـهو أبلغ وجوه‬
‫اَّلعتذار‪.‬‬
‫أواب‪:‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو َّ‬
‫اتلواب للك َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أحب توفيقه‬ ‫‪ )1‬الوـهاب لعباده اإلنابة إىل الطاعة‪ ،‬املوفق من‬
‫منهم‪ ،‬ملا يرضيه عنه جل جَّلل(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫‪ )2‬فهو سبحانه الرجاع ْع عباده بالعفو والصفح بعد اذلنب‬
‫إذا تابوا‪ ،‬وباإلحسان واإلنعام بعد املنع إذا رجعوا(‪.)2‬‬
‫‪ )3‬وـهو اذلي يعفو عن العبيد‪ ،‬بعد الوعيد‪ ،‬وخيفف عنهم بعد‬
‫ِ‬
‫التشديد‪ ،‬ويوفقهم بعد اخلذَّلن‪ ،‬ويعطيهم بعد احلرمان(‪.)3‬‬
‫ِ‬
‫‪ )4‬وـهو اذلي يهب أسباب اتلوبة‪ ،‬ويشفق ْع عباده من السيئات‬
‫واخلطوب‪ ،‬ويعينهم ْع مغابلة الشهوات‪ ،‬والشبهات‪ ،‬والكروب‪ ،‬ويصل‬
‫عليهم ومَّلئكته ف العَّل‪ ،‬يلخرجهم من ظلمات السىج إىل نور اهلدى(‪)4‬‬

‫‪ )5‬فهو تعاىل عظيم اتلوبة بالغ اغيتها‪ ،‬ومنتهاـها‪ ،‬مهما اكنت‬


‫املعصية مداـها‪ ،‬كما وصف نفسه بصيغة املبالغة ( َّ‬
‫اتلواب) وذلك‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬املوسوعة للرشبايص (‪.)386/1‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)77‬‬ ‫(‪ )1‬الطّبي (‪.)41/11‬‬
‫(‪ )4‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ} األحزاب‪.43 :‬‬

‫‪147‬‬
‫‪‬‬
‫أ) "لكرثة من يتوب عليه من اتلائبي‪ .‬ب) وتكرير الفعل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واحد‪ْ ،‬ع طول الزمان"(‪.)1‬‬
‫ٍ‬ ‫منهم دفعة بعد دفعة‪ ،‬وواحدا بعد‬
‫‪ )6‬وتوبة العبد إىل الل تبارك وتعاىل‪ :‬حمفوفة بتوبة من الل‬
‫عليه قبلها‪ ،‬وتوبة منه بعدـها‪ ،‬فتوبته بي توبتي من ربه تعاىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫وإهلاما‪ ،‬فتاب‬ ‫سابقة‪ ،‬وَّلحقة‪ ،‬فإنه تاب عليه أوَّل إذنا‪ ،‬وتوفيقا‪،‬‬
‫العبد‪ ،‬فأقبل بقلبه ْع اتلوبة‪ ،‬واإلنابة‪ ،‬والرجوع‪ ،‬فتاب الل عليه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ ،‬قبوَّل‪ ،‬وإنابة‪ ،‬ورضا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ} [اتلوبة]‪ ،‬فله الفضل ف اتلوبة والكرم‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأخيا‪َّ ،‬ل هلإ إَّل ـهو ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫أوَّل‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ} [احلجرات]‪ ،‬أي‪ :‬أن توبة الل ْع من يشاء من عباده‪ ،‬بتوفيقهم‬
‫إيلها‪ ،‬ثم قبوهلا منهم‪ ،‬ـهو من آثار رْحة الل ‪ ،‬وبِ ِره‪ ،‬وإحسانه(‪ ،)3‬فلوَّل‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫سعة رْحته ما ق ِبلها منهم‪ ،‬وَّل وفق من شاء إيلها‪ ،‬ولعاقبهم ْع‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫فتضمن ـهذا اَّلقرتان ْع عدة صفات من الكمال‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫تفريطهم‪،‬‬
‫أ ) أن الل تعاىل رحيم بعباده‪ ،‬فَّل يعاقبهم بعد اتلوبة‪.‬‬
‫ب) أنه تعاىل َّل خيذل‪ ،‬وَّل يرد من جاء منهم تائبًا‪ ،‬ولو بلغت‬
‫ذنوبه عنان السماء‪ ،‬وملء األرض‪.‬‬
‫هلل) أنه تعاىل يرحم عبده ويقبل توبته ف عي غضبه‪ ،‬ألن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املفردات (‪ ،)169‬لسان العرب (‪ ،)233/1‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)63‬شأن ادلاعء (‪.)90‬‬
‫(‪ )3‬ولل األسماء احلسىن (‪.)587‬‬ ‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪ ،)340/1‬مفتاد دار السعادة (‪.)273/2‬‬

‫‪148‬‬
‫‪‬‬
‫رْحته تعاىل تسبق غضبه‪.‬‬
‫ه‬ ‫ٌ‬
‫قتض رْحته‬
‫د) أن قبول تلوبة عباده تفضل منه عليهم‪ ،‬وـهو م ٍ‬
‫تعاىل بهم(‪ ،)1‬فإن اتلوبة من مقتضيات الرْحة‪ ،‬وآثارـها‪ ،‬فالرْحة‬
‫ِ‬
‫األعم‪ ،‬والل أعلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخص ْع‬ ‫أوسع‪ ،‬واتلوبة أخص‪ ،‬فناسب تقديم‬
‫ه) "أن ف اقرتانهما زوال املكروه‪ ،‬وحصول املطلوب"(‪ ،)2‬وذلك‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ئات‬
‫تبعات السي ِ‬
‫ِ‬ ‫أن من موجبات اتلوبة وآثارـها‪ ،‬زوال املكروه من‬
‫واآلثام‪ ،‬وكذلك الرْحة‪ ،‬من آثارـها وموجباتها‪ ،‬حصول املطلوب‬
‫واملرغوب‪ ،‬من اإلنعام واإلحسان‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫ه َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫كمال أخر‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫صفات‬ ‫ة‬ ‫عد‬ ‫ْع‬ ‫اَّلقرتان‬ ‫ـهذا‬ ‫دل‬ ‫ﰊ ﰋ} [انلور]‪،‬‬
‫أ) أن الل عز وجل َّل يعاجل أـهل املعايص بالعقوبة‪ ،‬بل يهمهلهم‬
‫الفرصة للتوبة والرجوع‪ ،‬وـهذا من كمال حكمته‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ابتداء‪ ،‬لكون ذلك عونا هلم‬ ‫ب) أنه تعاىل َّل يفضح أـهل اذلنوب‬
‫ْع توبتهم‪ ،‬وـهذا من مقتىض حكمته‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫هلل) أنه تعاىل رشع من احلدود والكفارات‪ ،‬ما يكفر به عن‬
‫ه‬
‫وعذاب ادلنيا أـهون من عذاب اآلخرة‪.‬‬ ‫عباده اذلنوب والسيئات‪،‬‬
‫د) أنه جعل ف اتلوبة حكمة ويه‪ :‬استصَّلح انلاس(‪ ،)3‬ف أمور‬
‫دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪ ،‬ومعادـهم‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر ابن جرير (‪ ،)41/11‬وانلهج األسَّم ملحمد احلمود (‪.)435‬‬
‫(‪ )2‬تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي (‪ )3( .)190/1‬انلهج األسَّم ملحمد احلمود (‪ ،)437‬اتلحرير واتلنوير (‪)169/18‬‬

‫‪149‬‬
‫‪‬‬
‫ه) أنه يوفق من يشاء من عباده إىل اتلوبة حلكمة‪ ،‬ألنه ليس‬
‫ّ‬
‫لك العباد يوفقون إيلها‪ ،‬فحكمته اقتضت أن يوفق إيلها من ـهو‬
‫أـهلها‪ ،‬ثم يقبل منها‪ ،‬وـهذا من كمال احلكمة اليت اقرتنت باتلوبة‪.‬‬
‫هللالل اتلواب‪ :‬من هللالهل أنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إيله‪،‬‬
‫َّ‬
‫أشد ما يكون من الفرح‪ ،‬مع غناه تعاىل عنه من لك وجه‪ ،‬قال ‘‪:‬‬
‫ا‬ ‫َ َ ُّ‬
‫ةرحن بتوب‪ ،‬عبد حني يتوب إيله من أحدكم‪ ،‬اكن ٰ‬
‫ىلع‬ ‫> ُ أشد‬
‫راحلته بأرض ةالة‪ ،‬ةنًفلتت منه وعليهن طعنمه ورشابه‪ ،‬ةأيس‬
‫ر‬
‫ةأىت شجرة ةنضطجع يف ظلهن قد أيس من راحلته‪ ،‬ةبينمن هو‬ ‫منهن‪ٰ ،‬‬
‫َّ‬
‫كذ ا إ‪،‬ا هو بهن قنئم‪ ،‬عند ‪ ،‬ةأ ذ خبطنمهن ثم قنل من شدة‬
‫َّ‬
‫الفرح‪ :‬امهلل أًت عبدي وأًن ربا‪ ،‬أ طأ من شدة الفرح<(‪.)1‬‬
‫فانظر يا عبد الل إىل عظم َّ‬
‫حمبته تعاىل ورأفته بنا‪ ،‬ف توبة إيله‬
‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫أحدنا‪ ،‬وـهو الغن عنا‪ ،‬فحري بنا أن َّ‬
‫احلب لكه‪ ،‬وأن‬ ‫حنب الرب‬
‫يهعظم بما ـهو أـهله‪ ،‬وأن يثىن عليه بما ـهو يستحقه‪.‬‬
‫ومن هللالهل أنه تعاىل ـهيأ األسباب‪ ،‬ويَّس للعباد أسباب اتلوبة‪،‬‬
‫ً ه‬
‫ملن تاب وأناب إيله مرة أخرى‪ ،‬بما يظهر هلم من آياته‪ ،‬ويسوق إيلهم‬
‫من تنبيهاته‪ ،‬ويطلعهم عليه من ختويفاته‪ ،‬وحتذيراته‪ ،‬حىت إذا‬
‫اطلعوا بتعريفه ْع غوائل اذلنوب‪ ،‬استشعروا اخلوف بتخويفه‪،‬‬
‫فرجعوا إىل اتلوبة‪ ،‬فرجع إيلهم فضل الل بالقبول(‪ ،)2‬وـهو اذلي َّل‬
‫تنفعه توبتنا‪ ،‬وَّل ترضه معصيتنا‪ ،‬بل بمحض فضله علينا‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬املقصد األسىن (‪.)123‬‬ ‫(‪ )1‬مسلم (‪.)2747( ،)2744‬‬

‫‪150‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن حمبة الل تعاىل‪،‬‬
‫واحلياء منه‪ ،‬واإلجَّلل ل‪ ،‬واملسارعة إىل اتلوبة انلصوح ف حال‪،‬‬
‫"وأنه لكَّما أحدث ً‬
‫ذنبا‪ ،‬أحدث ل توبة‪ ،‬وذلك أن مزنلة اتلوبة أول‬
‫املنازل‪ ،‬وأوسطها‪ ،‬وآخرـها‪ ،‬فَّل يفارقه العبد السالك‪ ،‬وَّل يزال به‬
‫حىت املمات‪ ،‬فاتلوبة يه بداية العبد‪ ،‬ونهايته‪ ،‬قال عز شأنه‪{ :‬ﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ} [انلور]" (‪.)1‬‬

‫‪ 47‬ـ ـ اهلل (احلليم) عز شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [ابلقرة]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬احلليم‪ :‬من أبنية املبالغة‪ْ ،‬ع وزن فعيل‪،‬‬
‫جاء بصيغة املبالغة‪ ،‬لكرثة حلمه تعاىل ْع عباده‪.‬‬
‫واحللم‪ :‬ضبط انلفس والطبع عن ـهيجان الغضب‪ ،‬ويدل ْع‬
‫األناة واتلمهل‪ ،‬ومعاجلة األمور بصّب‪ ،‬وعلم وحكمة(‪ ،)2‬وربنا كذلك‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل عز وجل ـهو احلليم اذلي َّل أحلم منه‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي ل احللم الاكمل‪ ،‬اذلي وسع حلمه أـهل الكفر‬
‫ً‬
‫والفسوق والعصيان‪ ،‬ومنع عقوبته أن حتل اعجَّل بأـهل الظلم‬
‫والطغيان‪ ،‬فهو يمهلهم‪ ،‬وَّل يهملهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو سبحانه احلليم ذو الصفح واألناة‪ ،‬اذلي َّل يستفزه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ )2( .)178/1‬املفردات (ص ‪ ،)129‬لسان العرب (‪ ،)146/12‬تفسي أسماء الل (ص‪.)45‬‬

‫‪151‬‬
‫‪‬‬
‫اعص(‪ ،)1‬مع كمال‬
‫غضب‪ ،‬وَّل يستخفه جهل جاـهل‪ ،‬وَّل عصيان ٍ‬
‫القدرة‪ ،‬واَّلنتقام‪.‬‬
‫(‪ )3‬ومن كمال حلمه تعاىل‪ :‬أنه يدر نعمه الظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة‬
‫ْع العاصي‪ ،‬كما يدر نعمه ْع الطائعي‪.‬‬
‫(‪ )4‬ومن سعة حلمه أنه العبد يَّسف ْع نفسه‪ ،‬والل قد أرىخ‬
‫عليه حلمه‪ ،‬فإذا تاب العبد وأناب‪ ،‬فكأنه ما جرى منه جرم‪.‬‬
‫(‪ )5‬فهو تعاىل يمهل عباده الطائعي‪ ،‬لَّيدادوا من الطاعة‬
‫واثلواب‪ ،‬ويمهل العاصي لعلهم يرجعوا إىل ِ‬
‫احلق والصواب‪.‬‬
‫َّ‬
‫استقرت‬ ‫(‪ )6‬أنه لوَّل حلمه عن اجلناة‪ ،‬ومغفرته للعصاة‪ ،‬ملا‬
‫َّ‬
‫وتأمل قول تعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫السموات واألرض ف أماكنهما‪،‬‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [فاطر](‪.)2‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قول تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [اتلغابن]‪ ،‬والل‬
‫تبارك وتعاىل ما أكرمه وما أعظمه‪ ،‬وـهو ينشئ العبد‪ ،‬ثم يرزقه‪ ،‬ثم‬
‫ً‬
‫يسأل فضل ما أعطاه‪ ،‬قرضا يضاعفه‪ ،‬ثم يشكر لعبده اذلي أنشأه‬
‫وأعطاه‪ ،‬ويعامله باحللم‪ ،‬ف تقصيه ـهو عن شكر موَّله‪ ...‬يا لل<(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬احلق الواضح (ص ‪ )55‬بترصف يسي‪ ،‬شأن ادلاعء (ص ‪.)63‬‬
‫(‪ )3‬ف ظَّلل القرآن (‪.)308/1‬‬ ‫(‪ )2‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)271/2‬وفتح الرحيم (‪.)43‬‬

‫‪152‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )2‬وقال تعاىل‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [ابلقرة]‪ .‬أي‪ :‬إن الل‬
‫ٌ‬
‫يشء من صدقاتكم‪ ،‬وإنما احلظ األوفر‬ ‫تعاىل ٌّ‬
‫غين عنكم‪ ،‬لن ينال‬
‫لكم ف الصدقة‪ ،‬فنفعها اعئد عليكم‪َّ ،‬ل إيله سبحانه وتعاىل‪،‬‬
‫ِ‬
‫اتلام عنها‪ ،‬وعن لك ما‬ ‫فكيف يمن بنفقته‪ ،‬ويؤذي مع غىن الل‬
‫سواه‪ ،‬ومع ـهذا فهو تعاىل حليم‪ ،‬يعطي عباده الرزق فَّل يشكروه‪،‬‬
‫فَّل يعاجلهم بالعقاب‪ ،‬وَّل يبادرـهم باإليذاء‪.‬‬
‫َّ‬
‫ومن ذلك أنه لم يعاجل املان بصدقته بالعقوبة‪ ،‬ويف ـهذا تعليم‬
‫ِ‬
‫للعبا ِد من رب العباد‪ ،‬أن يتعلموا من حلمه‪ ،‬فَّل يعجلوا باألذى‬
‫ً‬
‫جزاء مما أعطاـهم الل هلم‪ ،‬حي َّل يروقهم‬ ‫والغضب‪ْ ،‬ع من يعطونهم‬
‫منه أمر‪ ،‬وَّل يناهلم منهم شكر(‪ ،)1‬وأنه مع كمال غناه من لك وجه‪،‬‬
‫َّ‬
‫والعزة‪ ،‬ـهو موصوف باحللم‪َّ ،‬‬
‫واتلجاوز‪،‬‬ ‫وعطائه الواسع للك فاجر َ‬
‫وب ٍّر‪،‬‬
‫ّ‬
‫والعز‪.‬‬ ‫ضعف‪ ،‬أو عجز‪ ،‬وـهذا ـهو كمال الغىن‪،‬‬ ‫والصفح‪َّ ،‬ل عن‬
‫ٍ‬
‫(‪ )3‬وجاء اقرتان (احلليم) بـ(العظيم) ف داعء الكرب‪> :‬ال هلإ‬
‫العظيم احلليم<(‪ .)2‬دل ـهذا اَّلقرتان ْع صفة زائدة ثاثلة ف‬ ‫إال ا‬
‫الكمال‪ ،‬وذلك أن حلمه تبارك وتعاىل عن كمال العظمة‪ ،‬واجلَّلل‪،‬‬
‫"فلم تمنعه عظمته وقدرته ْع خلقه أن حيلم عنهم‪ ،‬ولم يكن‬
‫حلمه سبحانه عن ضعف‪ ،‬وعجز‪ ،‬وـهوان‪ ،‬فعظمته يزينها احللم‪ ،‬فيه‪:‬‬
‫عظمة مع حلم‪ ،‬وحلم عن عظمة‪ ،‬ألن الغالب ف عظماء البرش‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ 365‬ـ ‪ ،)370‬وظَّلل القرآن (‪ )308/1‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )2‬ابلخاري (‪ ،)6345‬ومسلم (‪.)2730‬‬

‫‪153‬‬
‫‪‬‬
‫وملوكهم ضعف احللم عندـهم‪ ،‬ألنهم يغرتون بعظمتهم‪ ،‬ويبطشون‬
‫بمن خالفهم‪ ،‬وَّل حيلمون عنه"(‪.)1‬‬
‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [فاطر]‪ ،‬أي أنه تعاىل‬
‫يرى عباده وـهم يكفرون به‪ ،‬ويعصونه‪ ،‬وـهو حيلم‪ ،‬فيؤخر‪،‬‬
‫وينظر‪ ،‬ويؤجل‪ ،‬وَّل يعجل‪ ،‬ويسرت آخرين‪ ،‬ويغفر ذنوب آخرين(‪.)2‬‬
‫هللالل احلليم‪ :‬أنه تعاىل َّل أحد أصّب وأحلم منه‪ ،‬وذلك أنه‬
‫يؤخر العقوبة ف ادلنيا عن الكفرة‪ ،‬والفجرة‪ ،‬ومع ذلك أنهم‬
‫ىلع ٰ‬ ‫َّ‬
‫أ‪،‬ى‬ ‫معافون‪ ،‬ف نعم الل يتقلبون‪ ،‬قال ‘‪> :‬من أحد أصرب ٰ‬
‫تعنىل‪ ،‬إًهم جيعلون هل ً ًِّدا‪ ،‬وجيعلون هل ا‬
‫ودلا‪ ،‬وهو مع‬ ‫ٰ‬ ‫يسمعه من ا‬
‫‪ ،‬ا يرزقهم ويعنةيهم ويعطيهم<(‪.)3‬‬
‫عرف عبده سعة حلمه‪ ،‬وكرمه‪ ،‬وإمهال‪ ،‬ف سرته‬‫ومن هللالهل‪ :‬أن َّ‬

‫عليه‪ ،‬وأنه لو شاء لعاجله ْع ذنبه‪ ،‬وهلتكه بي عباده‪ ،‬فلم يطب ل‬


‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫وقيض ل من حيفظه‪ ،‬وـهو ف‬ ‫معهم عيش أبدا‪ ،‬ولكن جلله بسرته‪،‬‬
‫ً‬
‫حاتله تلك‪ ،‬بل اكن شاـهدا‪ ،‬وـهو يبادره باملعايص واآلثام‪ ،‬ومع ذلك‬
‫حيرسه بعينه اليت َّل تنام(‪ ،)4‬فأي حلم أجل وأسَّم من ـهذا احللم؟‪.‬‬
‫ربه األْع بمقتىض ـهذا‬ ‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن َّ‬
‫يتعبد َّ‬

‫تعبد بأسمائه احلسىن‪ ،‬قال ‘‪:‬‬ ‫اَّلسم الكريم‪ ،‬فإنه تعاىل حيب من َّ‬

‫>إن ا حيب اليين احلليم‪ ،‬املتعفف‪ ، <..‬فمن عبوديَّته هلذا اَّلسم‬


‫(‪)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2804‬‬ ‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)22/8‬‬ ‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (‪ )566‬بترصف يسي‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)819‬‬ ‫(‪ )4‬مفتاح دار السعادة (‪.)271/2‬‬

‫‪154‬‬
‫‪‬‬
‫أن حيلم ـهو ْع من خالف أمره‪ ،‬فإنه تعاىل مع كمال قدرته َّ‬
‫وقوته‬
‫حليم‪ ،‬فمن باب أول بالعبد العاجز الضعيف‪" ،‬فكما حتب أن حيلم‬
‫عنك مالكك‪ ،‬فاحلم أنت عمن تملك"(‪.)1‬‬

‫‪ 48‬ـ اهلل (الشَّهيد) عز وجل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ} [احلج‪.]17 :‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا شهيد‪ :‬صيغة مبالغة من اسم الفاعل‬
‫الشاـهد‪ ،‬والشهود ـهو‪ :‬احلضور مع الرؤية واملشاـهدة‪ ،‬فهو يرجع معناه‬
‫إىل (العليم) مع خصوص إضافة‪ ،‬فالغيب عبارة عما بطن‪ ،‬والشهادة‬
‫عما ظهر‪ ،‬ويأيت بمعىن احلكم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ} [يوسف‪.)2(]26 :‬‬
‫دان وبعيد‪:‬‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا شهيد ْع لك ٍ‬
‫‪ )1‬املطلع ْع مجيع األشياء‪ ،‬اذلي َّل يغيب عنه يشء منها‪ ،‬وَّل‬
‫خيىف عليه مثقال َّ‬
‫ذر ٍة ف األرض‪ ،‬وَّل ف السماوات العَّل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ )2‬فهو تعاىل َّ‬
‫املطلع احلارض ْع لك حركة وسكنة‪ ،‬مشاـهد ل‪،‬‬
‫ذرة من َّ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫ذراته‪،‬‬ ‫حبيث َّل يعزب عنه وجه من وجوه تفاصيله‪ ،‬وَّل ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاـهرا وَّل باطنا(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬األسىن (‪.)97/1‬‬
‫(‪ )2‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)132‬واملقصد األسىن (‪ ،)112‬وتفسي سورة العنكبوت (‪َّ )640/6‬لبن عثيمي‪.‬‬
‫(‪ )3‬مدارج السالكي (‪.)466/3‬‬

‫‪155‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )3‬وـهو اذلي شهد لعباده‪ ،‬وْع عباده بما عملوه‪ ،‬فهو َّ‬
‫املطلع‬
‫ْع ما ف الضمائر‪ ،‬وأكنة الَّسائر‪ ،‬وحلظته العيون‪ ،‬وما اختىف ف‬
‫خبايا الصدور‪ ،‬فكيف األقوال‪ ،‬واألفعال الظاـهرة(‪.)1‬‬
‫‪ )4‬فشهادته تعاىل أصل الشهادات‪ ،‬ومبعثها‪ ،‬وأعظمها‪" ،‬ألنه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جل جَّلل ملا اكنت األشياء َّل ختىف عليه‪ ،‬اكن شهيدا هلا‪ ،‬وشاـهدا‬
‫ً‬
‫اعلما حبقائقها‪ ،‬علم املشاـهدة هلا‪ ،‬ألنه َّل ختىف عليه‬ ‫هلا‪ ،‬أي‪:‬‬
‫خافية"(‪.)2‬‬
‫هللالل ا شهيد‪ :‬أن شهادته أجل شهادة‪ ،‬وأعظمها‪ ،‬وأعدهلا‪،‬‬
‫وأصدقها‪ ،‬فيه شاملة من لك الوجوه‪ ،‬وـهو تعاىل فوق عرشه "تشمل‪:‬‬
‫العلم‪ ،‬والرؤية‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬والقدرة"(‪ ،)3‬فمن هللالهلن‪:‬‬
‫(‪ )1‬أنه تعاىل شهد نلفسه بالوحدانية والقيام بالقسط(‪ْ ،)4‬ع‬
‫لك اخلليقة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [آل عمران‪ ،]18 :‬وـهذه أجل شهادة وأعظمها‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من أجل شاـهد‪ ،‬بأجل مشهود‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )2‬شهادته جل وعَّل بصدق املؤمني إذا وحدوه‪ ،‬وشهادته‬
‫لرسله‪ ،‬ومَّلئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬حبقيقة ما ـهم عليه‪.‬‬
‫(‪ )3‬شهادته تعاىل للمظلوم اذلي َّل شاـهد ل‪ ،‬وَّل نارص ل‪ْ ،‬ع‬
‫الظالم إَّل ـهو سبحانه‪ ،‬وـهذه الشهادة تقتيض العون وانلرصة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬اشتقاق أسماء الل (‪.)132‬‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسي السعدي (‪ ،)303/5‬وفتح الرحيم (‪.)21‬‬
‫(‪ )3‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ ،)524‬تفسي سورة األنعام َّلبن عثيمي (‪.)608/4‬‬
‫(‪ )4‬تفسي السمعاين (‪.)301/1‬‬

‫‪156‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )4‬أن العباد يشهدون ل بالوحدانية‪ ،‬ويقرون ل بالعبودية‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ} [األعراف‪.)1(]172 :‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )5‬ومن جَّلل أن اذلي شهد به سبحانه قد بينه‪ ،‬وأوضحه‬
‫وأظهره‪ ،‬حىت جعله ف أْع مراتب الظهور وابليان(‪.)2‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫(‪ )6‬وتتجىل شهادته العلية يوم القيامة‪ْ ،‬ع لك الّبية‪ ،‬بما‬
‫عملوه من األعمال الظاـهرة‪ ،‬واخلفية‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ} [احلج]‪.‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ} [اإلرساء]‪" ،‬أي‪ :‬أن‬
‫ً‬
‫مجيعا" ‪،‬‬ ‫شهادته تعاىل نتجت من خّبته‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬ورؤيته للعباد‬
‫(‪)3‬‬

‫وـهذه يه أعظم شهادة‪ ،‬ألنها عن‪ :‬علم‪ ،‬وخّبة‪ ،‬ورؤية‪ ،‬فبها حيكم‬
‫باحلق والعدل يوم املعاد‪ ،‬فَّل جيور وَّل يظلم مثقال ذرة من العباد‪.‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يوجب للعبد أعظم أعمال‬
‫القلوب‪ ،‬فمىت علم العبد أن حراكته الظاـهرة وابلاطنة‪ ،‬قد أحاط الل‬
‫بعلمها‪ ،‬واستحرض ـهذا العلم‪ ،‬وـهذا الشهود ف لك أحوال‪ ،‬أوجب ل‬
‫ذلك حراسة باطنة عن لك فكر وـهاجس يبغضه الل تعاىل‪ ،‬وحفظ‬
‫ظاـهره عن لك قول‪ ،‬أو فعل يسخط الل تعاىل‪ ،‬فعند ذلك تعبد بمقام‬
‫اإلحسان‪ ،‬اذلي ـهو أعظم مقام‪ ،‬فيعبد الل تعاىل كأنه يراه(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪ ،)450/3‬أحاكم القرآن َّلبن العرِّب (‪ ،)800/2‬أسماء الل احلسىن للرازي (‪.)292‬‬
‫(‪ )3‬انظر موسوعة األسماء احلسىن‪ .‬ا‪.‬د عقيل حسي (‪.)90/4‬‬ ‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪.)450/3‬‬
‫(‪ )4‬احلق الواضح (‪ )58‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 49‬ـ ـ ‪ 50‬ـ ـ اهلل (الرزّاق‪ ،‬الرَّازق) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [املائدة]‪.‬‬


‫وقال تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ} [اذلاريات]‪.‬‬
‫ر‬
‫قال ‘‪> :‬إن ا هو املسعر‪ ،‬القنبض‪ ،‬ابلنسط‪ ،‬ا رازق<(‪.)1‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا رزاق من صيغ املبالغة‪ ،‬أي كثي الرزق‪،‬‬
‫والرزق‪ :‬ـهو ما ينتفع به‪ ،‬وـهو العطاء‪.‬‬
‫ًّ‬
‫أخرويا‪،‬‬ ‫ً‬
‫دنيويا اكن‪ ،‬أم‬ ‫وا رزق‪ :‬يقال للعطاء اجلاري تارة‪،‬‬
‫وا رزق ًواعن‪ :‬ظاـهره لألبدان اكألقوات‪ ،‬وباطنه للقلوب وانلفوس‪،‬‬
‫اكملعارف والعلوم(‪.)2‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو ا رزاق ا رازق‪:‬‬
‫‪ )1‬للخلق أمجعي‪ ،‬املتكفل بالرزق للك العاملي‪ ،‬القائم ْع لك‬
‫ِ‬
‫وقت وحي‪.‬‬
‫نفس بما يقيمها من قوتها‪ ،‬ف لك ٍ‬
‫‪ )2‬اذلي وسع اخللق لكه رزقه ورْحته‪ ،‬فلم خيتص بذلك‬
‫املؤمني دون الاكفرين‪ ،‬وَّل ًّ‬
‫ويلا دون عدو‪.‬‬
‫‪ )3‬ومن كمال رزقه سبحانه أنه يسوقه إىل الضعيف اذلي َّل‬
‫حيل ل‪ ،‬وَّل همتكسب فيه‪ ،‬كما يسوقه إىل اجلدل القوي‪ ،‬ذي املرة‬
‫الس ّ‬
‫وي(‪.)3‬‬ ‫َّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬شأن ادلاعء (ص ‪.)54‬‬ ‫(‪ )2‬املفردات (ص ‪ ،)351‬واللسان (‪.)1636/3‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)3451‬‬

‫‪158‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬
‫‪ )4‬فهو سبحانه خالق األرزاق‪ ،‬املتفضل بإيصاهلا إىل مجيع‬
‫العباد‪ ،‬املسبِب هلا من مجيع أنواع األسباب ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ّ‬
‫‪ )5‬وـهو اذلي يمد لك اكئن بما حيفظ مادته‪ ،‬وصورته‪ ،‬فأمد‬
‫األجساد بالطعوم‪ ،‬والعقول بالعلوم‪ ،‬والقلوب بالفهوم(‪.)2‬‬
‫"ورزقه لعبند ًواعن‪ً :‬وع هل سبب‪ :‬كما جعل الل تعاىل احلراثة‬
‫ً‬
‫واتلجارة والصناعة وحنوـها طرقا يرتزق بها مجهور انلاس‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [احلجر‪ ،]20 :‬أي أسبابًا ترزقون بها‪ ،‬وًوع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قدريا‬ ‫يرزقه الل تعاىل به عبده بير سبب منه‪ :‬كأن يقيض الل ل رزقا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سماويا حمضا‪ ،‬أو ْع يد غيه‪ ،‬من غي أن يكون من املرتزق سيع ف‬
‫ذلك ألجل اَّلحرتاز عن السؤال"(‪ .)3‬ومن كمال رزقه تعاىل "أنه يوصله‬
‫بسبب وبغي سبب‪ ،‬ويكون بطلب وبغي طلب"(‪.)4‬‬
‫َّ‬
‫هللالل ا رزاق ا رازق‪ :‬إن هللالل ـهذين اَّلسمي يتجىل ف‬
‫رزقه العام للك اخلَّلئق‪ ،‬ف األرض والسموات‪ ،‬وـهو رزق األبدان‪،‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ}‬
‫َّ‬
‫[العنكبوت]‪ ،‬أي‪َّ :‬ل تطيق مجعه‪ ،‬وَّل حتصيله‪ ،‬وَّل تدخر شيئًا لغد‪،‬‬
‫(ا يرزقهن)‪ ،‬أي‪ :‬يقيِض هلا رزقها ْع ضعفها‪ ،‬وييَّسه عليها‪،‬‬
‫َّ‬
‫فيبعث إىل لك خملوق من الرزق ما يصلحه‪ ،‬حىت اذلر ف قرار‬
‫األرض‪ ،‬والطي ف اهلواء‪ ،‬واحليتان ف املاء(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬موسوعة ل اَّلسماء احلسىن (‪.)116/1‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬رشح أسماء الل احلسىن وفوائدـها وخصائصها أليب العباس أْحد بن حممد الّبنيس (‪.)49‬‬
‫(‪ )5‬تفسي ابن كثي (‪.)420/3‬‬ ‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (ص ‪ )4( .)35‬شأن ادلاعء (ص ‪.)55‬‬

‫‪159‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬
‫ومن هللالهلمن‪ :‬أنه سبحانه خيص أويلاءه برزق خاص‪ ،‬وـهو‬
‫الرزق انلافع املستمر نفعه ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وـهو َّل تبعة فيه‪ ،‬وـهو‬
‫ٌ‬
‫موصل للعبد إىل أْع الغايات‪ ،‬وـهو نواعن‪:‬‬
‫األول‪ :‬رزق القلوب وتغذيتها بالعلم انلافع‪ ،‬واإليمان‪.‬‬
‫اثلنين‪ :‬رزق األبدان بالرزق احلَّلل‪ ،‬اذلي يغن عبده حبَّلل عن‬
‫ٌ‬
‫حرامه‪ ،‬وـهذا الرزق وسيلة ومعي للعبد‪ْ ،‬ع الطاعة‪ ،‬والصَّلح‪،‬‬
‫وادلين‪ ،‬واإليمان(‪ ،)1‬ويتجىل كمال رزقه هلم‪ ،‬ف جنات انلعيم‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [اغفر]‪،‬‬
‫وقال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [ص]‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك من علم جبَّلل ـهذين اَّلسمي أن َّل‬
‫خياف ضيق العيش‪ ،‬وقلة ايلد‪ ،‬فإن الرزق آتيه َّل حمالة ف ايلوم‪ ،‬أو‬
‫الغد‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا رزق يلطلب العبد أكرث ممن يطلبه أهللله<(‪،)2‬‬
‫"فارزق مما رزقك الل‪ ،‬يأتيك اخللف من الل {ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫[سبأ‪ ،]29 :‬وأسأل الل تعاىل أن يرزقك الرزق ادلائم‬ ‫"(‪)3‬‬ ‫ﰀ ﰁ}‬
‫انلافع‪ ،‬اذلي يعينك ف أمور دينك‪ ،‬ودنياك‪ ،‬وآخرتك‪> :‬امهلل إين‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫أسأ ا علمن ًنةعن‪ ،‬ورزقن طيبن‪ ،‬وعمال متقبال<(‪ ،)4‬واعلم ـ رْحك‬
‫الل ـ أن اتلقوى‪ ،‬يه أعظم سبب ف حصول الرزق للورى(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)1630‬‬ ‫(‪ )1‬تفسي السعدي (‪ ،)302/5‬واحلق الواضح (‪.)85‬‬
‫(‪ )4‬صحيح ابن ماجه (‪.)925‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)284/1‬‬
‫(‪ )5‬قال تعاىل‪{ :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} الطَّلق (‪ 2‬ـ ‪.)3‬‬

‫‪160‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 51‬ـ ـ اهلل (القدُّوس) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ} [احلرش‪.]23 :‬‬


‫ُ ُّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬القدوس‪ْ :‬ع وزن فعول‪ ،‬من أبنية املبالغة‪،‬‬
‫َّ‬
‫وـهو‪ :‬الطهارة‪ ،‬والزناـهة‪ ،‬واتلعظيم‪ ،‬واتلكبي‪ ،‬يقال‪ :‬قدس الرجل‬
‫وكّبه ‪ ،‬ومنه ِ‬‫عظمه‪َّ ،‬‬‫َّ‬ ‫َّ‬
‫سميت اجلنة حظية القدس‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ربه‪ ،‬أي‪:‬‬
‫لطهارتها ونزاـهتها من لك آفات ادلنيا‪ ،‬كما جاء ف احلديث القديس‪:‬‬
‫َّ‬
‫>من ترك اخلمر‪ ،‬وهو يقدر عليه ألسقينه من حظرة القدس‪.)2(<..‬‬
‫ُّ‬
‫والقدوس‪ :‬املبارك(‪ ،)3‬ومنه األرض املقدسة أي‪ :‬املباركة(‪.)4‬‬
‫وـهذا اَّلسم الكريم يرجع إىل صفات العظمة‪ ،‬وإىل السَّلمة من‬
‫العيوب وانلقائص(‪ ،)5‬اليت تناف كمال‪.‬‬
‫ُ ُّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو القدوس‪:‬‬
‫(‪َّ )1‬‬
‫املزنه عن لك ما يناف كمال ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو املبارك اذلي كرثت َّ‬
‫وعمت خياته‪ْ ،‬ع طول األوقات‬
‫ف األرض والسموات‪ ،‬تبارك اسمه‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وذاته‪ ،‬وصفاته العَّل‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )3‬املعظم(‪ ،)6‬اذلي ل لك قدس وطهارة وتعظيم املمدوح بالفضائل‪،‬‬
‫واملحاسن‪ ،‬واملحامد لكها‪ ،‬املوصوف بأكمل الصفات‪ ،‬وأوسعها‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ثبت عن جماـهد أنه قال ف قول تعاىل‪{ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} قال‪" :‬نعظمك‪ ،‬ونكّبك"‬
‫(‪ )2‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)2375‬‬ ‫اتلفسي الصحيح (‪.)135/1‬‬
‫(‪ )4‬اللسان (‪ ،)3549/6‬انلهاية (‪)23/5‬‬ ‫َّ‬
‫صح عن قتادة أنه قال‪( :‬املبارك)‪ .‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)469/4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫(‪ )6‬صح عن جماـهد‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)135/1‬‬ ‫(‪ )5‬فتح الرحيم امللك (‪.)19‬‬

‫‪161‬‬
‫‪‬‬
‫ٌ‬
‫(‪ )4‬املزنه عن أن يقاربه‪ ،‬أو يماثله أحد ف يشء من الكماَّلت‪،‬‬
‫أو أن يكون ل مثيل‪ ،‬أو شبيه‪ ،‬أو كفؤ‪ ،‬أو ِ ّ‬
‫سيم من املخلوقات‪.‬‬
‫(‪ )5‬املقدس عن لك عيب‪ ،‬السالم من لك نقص‪ ،‬ابلليغ ف‬
‫الزناـهة عن لك ما يستقبح‪ ،‬وذلك لكمال من لك وجه سبحانه‪.‬‬
‫ه ِ‬
‫والم َطهر من شاء من خلقه‪ ،‬وفق‬ ‫(‪ )6‬وـهو الطاـهر ف نفسه‪،‬‬
‫حكمته ف استجابتهم ألمره ورشعه‪ ،‬اكملَّلئكة وأنبيائه‪ ،‬ومن شاء‬
‫من عباده‪ ،‬منهم أـهل بيت انليب ‘‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ} [األحزاب] وـهو‬
‫هَ ِ‬
‫تعاىل َّل يقدس من شاء من خلقه‪ْ ،‬ع مقتىض حكمته‪ ،‬قال ‘‪:‬‬
‫ا‬ ‫ُ ر‬
‫>إن ا ال يقدس أم‪ ،‬ال يأ ذ ا ضعيف حقه من القوي‪.)1(<..‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫واملذام‪ ،‬اليت‬ ‫(‪ )7‬وـهو القدوس سبحانه املطهر من األدناس‪،‬‬
‫ينسبها إيله املبطلون‪ ،‬وامللحدون‪ ،‬والاكفرون‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ} [اإلرساء‪.]43 :‬‬
‫َّ‬
‫ألوـهيته‪ ،‬أو ظهي‪ ،‬أو معي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫املتزنه أن يكون ل رشيك ف‬ ‫(‪)8‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫أو ول من اذلل‪ ،‬ف ربوبيته‪ ،‬أو منازع‪ ،‬أو مغالب ف ملكيته‪.‬‬
‫(‪ )9‬فهو سبحانه القدوس ف خلقه‪ ،‬وفعله‪ ،‬وقضائه‪ ،‬ويف مجيع‬
‫أحاكمه اجلزائية‪ ،‬والرشعية‪ ،‬والقدرية‪ ،‬فيه ٌ‬
‫خي لكها‪ ،‬لزناـهتها عن‬
‫لك ما يناف احلكمة‪ ،‬واهلدى‪ ،‬والرشد‪ ،‬والعدل‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)1857‬‬

‫‪162‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )10‬وـهو الطاـهر املزنه عن األوَّلد‪ ،‬والصاحبة‪ ،‬واألنداد‪ ،‬واألضداد‪.‬‬
‫(‪ )11‬وـهو تعاىل املستحق للتقديس‪ ،‬واتلزنيه‪ ،‬واإلجَّلل‪ ،‬من‬
‫مجيع اخلَّلئق‪ ،‬وهلذا قالت املَّلئكة‪{ :‬ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫نزنـهك َّ‬
‫عما َّل يليق بك ‪.‬‬ ‫ﭦ ﭧ} [ابلقرة‪ ،]30 :‬أي ِ‬
‫(‪)1‬‬

‫[اجلمعة‪]1 :‬‬ ‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭙ ﭚ}‬


‫َّ‬
‫"ملا اكن تداىع امللك ملوجبات اذل ِم‪ ،‬قال عقب صفات امللك‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫(القدوس) مرصحا بما لزم عن تمام ملكه من أنه بليغ ف الزناـهة"(‪)2‬‬
‫ِ‬
‫عن لك انلقائص والعيوب من لك الوجوه‪ ،‬اكلظلم‪ ،‬واجلور‪ ،‬والعجز‪،‬‬
‫والنسيان‪ ،‬والغفلة‪ ،‬واَّلحتياج إىل اجلند للعون وانلرصة‪ ،‬كما يقع‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫معظم‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫مزنه‪ ،‬ومقدس ف ملكه‪.‬‬ ‫مللوك ادلنيا‪ ،‬فدل ْع أنه ملك‬
‫هللالل القدوس‪ :‬اتلقديس ـهو خَّلصة اتلوحيد‪ ،‬وأحد ركن‬
‫توحيد األسماء والصفات‪ ،‬وذلك أنه يقوم ْع ركني‪:‬‬
‫(‪ )1‬إثبات الكمال ف أسماء الل تعاىل‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪.‬‬
‫(‪ )2‬تزنيه الل تعاىل عن لك انلقائص اليت تناف كمال‪ ،‬ف ذاته‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬فإن اتلزنيه مراد لغيه‪ ،‬ومقصود به حفظ كمال‬
‫عن الظنون السيئة(‪ ،)3‬اليت َّل تليق جبَّلل وعظمته‪.‬‬
‫وملا اكن من معاين القدوس ـهو اتلزنيه‪ ،‬لزم من ذلك اتلعظيم‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي الطّبي (‪ ،)167/1‬ابن كثي (‪ ،)363/4‬شفاء العليل (‪ ،)512/2‬ابن السعدي‬
‫(‪ ،)487/5‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)66/2‬تفسي األسماء (‪ ،)30‬شأن ادلاعء (‪ ،)40‬األسىن (‪ ،)274‬توضيح الاكفية‬
‫(‪ )3‬احلق الواضح (‪.)81‬‬ ‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)540/7‬‬ ‫(‪ ،)127‬احلق الواضح (‪.)81‬‬

‫‪163‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫مدحا‪ ،‬حىت‬ ‫وإثبات صفات الكمال‪ ،‬فإن اتلزنيه املحض ليس‬
‫يتضمن إثبات كمال ضده‪ ،‬فهو تعاىل املزنه عن النسيان والغفلة‪،‬‬
‫لكمال علمه وحفظه‪ ،‬وـهو مزنه عن اتلعب واإلعياء‪ ،‬لكمال قدرته‬
‫َّ‬
‫وقوته‪ ،‬مزنه عن السنة وانلوم‪ ،‬لكمال حياته‪ ،‬مزنه عن الظلم‪ ،‬لكمال‬
‫عدل‪ ،)1(...‬فجمع ـهذا اَّلسم اجلليل لك كمال‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬ف أوسع‬
‫املعاين‪ ،‬وأجل ادلَّلَّلت‪.‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث املؤمن احلب واتلعظيم‬
‫لرب العاملي‪ ،‬وينبيغ للمؤمن أن يطهر نفسه من أدران الرشك‬
‫والظلم‪ ،‬ولك تأثيم‪ ،‬وأن يَّلزم الطهارة احلسية واملعنوية ف لك حي‪،‬‬
‫ّ‬
‫املرضة‪ ،‬ف ادلنيا‪ ،‬وادلين‪.‬‬ ‫من ذلك الشبهات‪ ،‬والشهوات‬

‫‪ 52‬ـ ـ ‪ 53‬ـ اهلل (اخلالق‪ ،‬اخلالق) تقدَّست أمساؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ} [احلرش‪.]24 :‬‬


‫وقال جل ثناؤه‪{ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ} [احلجر]‪.‬‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬اخللق يطلق ْع وجهي‪:‬‬
‫(‪ )1‬اإلبداع‪ :‬وـهو إجياد يشء من غي أصل ْع غي مثال سابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬اتلقدير املستقيم(‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)425/16‬شفاء العليل (‪.)129/2‬‬
‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)1243/2‬املفردات (ص‪ ،)296‬اشتقاق األسماء (ص‪.)167‬‬

‫‪164‬‬
‫‪‬‬
‫ـهذا اَّلسمان اجلليَّلن َّل جيوز إطَّلقهما باأللف والَّلم إَّل ْع‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫الل تعاىل‪َّ ،‬لختصاصه بهما‪َّ ،‬ل يشاركه فيهما أحد اكئنا من اكن‪.‬‬
‫والفرق بينهمن‪ :‬أن اخلنلق ‪ :‬ـهو اذلي ينشئ اليشء من العدم‪،‬‬
‫بتقدير وعلم سابق للوجود ف اخلارج‪ ،‬واخلالق‪ :‬من أفعال املبالغة‬
‫فعال‪ ،‬ويدل‪ْ :‬ع كرثة خلق الل تبارك وتعاىل‪ ،‬وإجياده‬ ‫ْع وزن َّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫كما‪ ،‬وكيفا(‪.)1‬‬
‫فلك أن تتأمل كم خيلق الل تعاىل من بَّليي املخلوقات ف‬
‫اللحظة الواحدة‪َّ ،‬‬
‫بشىت أنواعها‪ ،‬واختَّلف أشاكهلا‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو اخلنلق اخلالق‪:‬‬
‫َّ‬
‫‪ )1‬اذلي أوجد مجيع األشياء بعد أن لم تكن موجودة‪ ،‬وقدر‬
‫أمورـها ف األزل بعد أن اكنت معدومة‪ ،‬فأبدعها ْع غي مثال مسبوقه‪.‬‬
‫‪ )2‬وـهو املقدر للخلق واألخَّلق‪ ،‬فقسمهما بي العباد‪ ،‬العليم‬
‫بأـهل الوفاق‪ ،‬وانلفاق(‪.)2‬‬
‫‪" )3‬واخللق منه سبحانه وتعاىل ْع رضوب‪ :‬منه خلق بيديه‬
‫(كآدم)‪ ،‬و(العرش‪ ،‬والقلم‪ ،‬وجنات عدن)(‪ ،)3‬وخيلق بهما إذا شاء‪،‬‬
‫ومنه خلق بمشيئته والكمه (كسائر اخللق)‪ ،‬وـهو خيلق إذا شاء"(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬رشح أسماء الل للرازي (‪ ،)210‬األسماء والصفات (‪ ،)73/1‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)588‬‬
‫(‪ )2‬انظر انلهاية (‪ ،)70/2‬وتفسي القرطيب (‪ ،)54/10‬وأسماء الل الرضواين (‪.)284‬‬
‫(‪ )3‬كما ف أثر عبد الل بن عمر ريض الل عنهما اذلي رواه اذلـهيب ف (العلو للعل الغفار) وقال األبلاين‪:‬‬
‫(‪ )4‬اتلوحيد َّلبن منده (‪.)76/2‬‬ ‫(إسناده صحيح ْع رشط مسلم) (ص ‪ )105‬وحكمه حكم املرفوع‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫‪‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ}‬
‫[احلجر]‪ ،‬أي‪ :‬أنه تعاىل خلق اخللق مع اختَّلف طبائعهم‪ ،‬وتفاوت‬
‫أحواهلم‪ ،‬مع علمه بكونهم كذلك‪ ،‬فألجل املصلحة واحلكمة‪ ،‬فهو‬
‫تعاىل خلقنا وعلم األصلح نلا‪ ،‬فمصدر خلقه تعاىل وأمره‪ ،‬عن كمال‬
‫العلم واحلكمة‪ ،‬وبكمال ـهاتي الصفتي يكون املخلوق صادر‬
‫َّ‬ ‫ًّ‬
‫عن املوصوف بهما حكمة‪ ،‬ومصلحة‪ ،‬وحقا(‪ ،)1‬ودل ـهذا اَّلقرتان ْع‬
‫َّ‬
‫املختصة‬ ‫أنه ينبيغ الرض بما خلقه الل تعاىل ْع الكيفية واهليئة‪،‬‬
‫باملخلوق‪ ،‬بالطول‪ ،‬أو القرص‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو الشلك‪ ،‬أو القوة‪ ،‬أو‬
‫الضعف‪ ،‬أو السَّلمة‪ ،‬أو العاـهة‪ ،‬أو العجز‪ ،‬فلكه من تقدير اخلَّلق‬
‫العليم‪ ،‬فيما يناسب العاملي‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [الفرقان]‪،‬‬
‫وقال َّ‬
‫عز شأنه‪{ :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ} [القمر]‪ ،‬اتلقدير يرجع‬
‫واتلصوير(‪)2‬‬
‫إىل اسمه القادر والقدير‪ ،‬وـهو تقدير املقادير قبل اخللق‪،‬‬
‫َّ‬
‫ثم إنشائه وإجياده ْع وفق ـهذا اتلقدير‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫كبيا‪ ،‬بقياس مضبوط وحمكم‪،‬‬ ‫صغيا اكن‪ ،‬أم‬ ‫لك يش ٍء خلقه الل‬
‫وقت معلوم‪ ،‬وماكن حمدود مكتوب‪ ،‬ف اللوح‬ ‫ٍ‬ ‫وقسمة حمدودة‪ ،‬ف‬
‫املحفوظ‪ ،‬قبل وقوعه‪ ،‬فَّل خيرم منه مثقال َّ‬
‫ذرة‪ ،‬وَّل يتجاوز فيما‬
‫خلقه ألجله‪ ،‬وـهيئ ويَّس ل‪ ،‬إىل غيه‪ ،‬بوجه من الوجوه(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر اسم (القادر)‪.‬‬ ‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)136/4‬تفسي ابليضاوي (‪.)248/2‬‬
‫(‪ )3‬نظم ادلرر (‪.)367/7( ،)249/5‬‬

‫‪166‬‬
‫‪‬‬
‫هللالل اخلنلق اخلالق‪ :‬يتجىل هللالل الل تبارك وتعاىل‬
‫ً‬
‫أطوارا‪ ،‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﭧ‬ ‫ف خلقه بكمال اإلتقان‪ ،‬كخلق انلاس‬
‫ا‬
‫أطوارا)‬ ‫ﭨ ﭩ ﭪ} [نوح]‪ ،‬حيث أوجدـهم من العدم مقدرين (‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أخَّلطا‪ ،‬ثم‬ ‫أي‪ :‬تارات عنارص أوَّل‪ ،‬ثم مركبات تغذي احليوان‪ ،‬ثم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وحلوما‪ ،‬وأعصابًا ودماء‪ ،‬ثم خلقا‬ ‫عظاما‬ ‫نطفا ثم علقة‪ ،‬ثم مضغا‪ ،‬ثم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ناطقا‪ ،‬ه‬ ‫ًّ‬
‫يمر ف ثَّلث مراحل ف أرحام األمهات‪ ،‬ذكرانا‬ ‫آخر تاما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقصارا‪ ،‬بيضا وسودا‪ ،‬وبي ذلك‪ ،‬إىل غي ذلك(‪.)1‬‬ ‫وإناثا‪ ،‬طواَّل‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يورثان املؤمن كمال‬
‫ايلقي بأنه مربوب لرب العاملي‪ ،‬ويه الغاية ف خلقه تعاىل لإلنس‬
‫واجلن أمجعي‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ﭹ} [اذلاريات]‪ ،‬وأنه تعاىل لم خيلق اخللق ـهمَّل‪ ،‬ولن يرتكهم سدى‪،‬‬
‫{ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ} [املؤمنون]‪.‬‬
‫وأخّب سبحانه أنه خلق األرض والسموات العَّل‪ ،‬يلعرفوا الل‬
‫أحد سواه من خلقه‪ ،‬وبما ل من‬
‫تعاىل وحده‪ ،‬ويفردوا ل العبادة دون ٍ‬
‫األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات العَّل‪{ :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫ﰊﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ‬
‫َّ‬
‫ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ} [الطَّلق]‪ ،‬وأن يتأمل العبد ف أصل خلقته‪،‬‬
‫وما فيها من جَّلل حكمته‪{ :‬ﮢﮣ ﮤ ﮥﮦﮧ} [اذلاريات]‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬نظم ادلرر (‪ ،)171/8‬والقرطيب (‪.)302/9‬‬

‫‪167‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 54‬ـ ـ اهلل (البارئ) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬


‫ﯫ} [احلرش‪.]24 :‬‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬الربء هل معنيان‪ :‬األول‪ :‬اخللق‪ ،‬يقال‪ :‬برأ الل‬
‫برءا‪ ،‬واثلاين‪ :‬اتلباعد عن اليشء‪ ،‬وخلوصه منه‪،‬‬ ‫اخللق يّبؤـهم ً‬
‫تزنه‪ ،‬وتباعد‪ ،‬ومن ذلك الّبء‪ ،‬وـهو السَّلمة من السقم‪،‬‬ ‫وبرئ‪ :‬إذا َّ‬

‫ومن ذلك الّباءة من العيب‪ ،‬واملكروه‪ ،‬أو اتلهمة‪ ،‬وخلص منها‪،‬‬


‫وتزنه عن وصفه بانلقص‪ ،‬قال تعاىل حاكية عن إبراـهيم‪{ :‬ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ} [األنعام](‪.)1‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ابلنرئ‪:‬‬
‫(‪ )1‬املوجد واملبدع‪ ،‬من العدم إىل الوجود‪ْ ،‬ع مقتىض اخللق‬
‫واتلقدير {ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ} [احلديد‪.]22 :‬‬
‫جنس‬ ‫(‪ )2‬ـهو اذلي فصل بعض اخللق عن بعض‪ ،‬أي َّ‬
‫مَّي لك‬
‫ٍ‬
‫خملوق بما يناسب الغاية من خلقه‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وصور لك‬ ‫عن اآلخر‪،‬‬
‫ٍ‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه خلق اخللق بريئًا من اتلفاوت‪ ،‬واتلنافر‪ ،‬ومن‬
‫الزلل واخللل‪ ،‬أبرياء من ذلك لكه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)236/1‬لسان العرب (‪ ،)239/1‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)242‬أسماء الل احلسىن‬
‫للرضواين (‪.)290‬‬

‫‪168‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )4‬أنه تعاىل خلق اإلنسان من الرتاب‪ ،‬وأن أصله من الّبي‪،‬‬
‫وـهو الرتاب‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو قالب األعيان أي‪ :‬أنه أبدع املاء والرتاب‪ ،‬وانلار‬
‫واهلواء َّل من يشء‪ ،‬ثم خلق منها األجسام املختلفة(‪.)1‬‬
‫ه‬
‫(‪ )6‬وـهو ابلارئ‪ :‬اذلي يّبئ املظلوم مما ظلم به‪ ،‬كما برأ موىس‬
‫عليه السَّلم‪{ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ} [األحزاب‪.)2(]69 :‬‬
‫املزنه من لك انلقائص والعيوب ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪ )7‬وـهو‬
‫ِِ‬
‫وانلد‪،‬‬ ‫وأفعال(‪ ،)3‬وعن املثيل‪ ،‬والشبيه‪ ،‬والرشيك‪ ،‬والصاحبة‪ ،‬والودل‪،‬‬
‫حقه تعاىل عن ذلك ًّ‬
‫علوا ً‬ ‫ِ‬
‫كبيا‪.‬‬ ‫وعن لك ما يفرتيه املعاندون ف‬
‫(‪ )8‬وـهو اذلي يّبئ املريض مما فيه من ابلَّليا واألسقام‪ ،‬كما ف‬
‫يربيا من لك داء يشفيا‪.)4(<..‬‬ ‫رقية جّبيل خلي األنام ‘‪> :‬بسم ا‬
‫هللالل ابلنرئ‪ :‬أنه وـهب احلياة لألحياء‪ ،‬اذلي خلق األشياء‬
‫صاحلة مناسبة للغاية اليت أرادـها‪.‬‬
‫وـهو اذلي يتم الصنعة ْع وجه اتلدبي‪ ،‬ويظهر املقدور وفق‬
‫سابق اتلقدير‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫ﯦ} [احلديد]‪ ،‬وأوجد لك خملوق صاحلًا ومناسبًا لغايته‪ ،‬حمققا للعلة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬املنهاج (‪ ،)192/1‬األسماء للرازي (‪ ،)216‬تفسي أسماء الل (‪ ،)27‬األسماء للبيهيق‬
‫(‪ )2‬موسوعة األسماء احلسىن (‪ )118/2‬لدلكتور عقيل حسي‪.‬‬ ‫(‪ ،)40‬انلهج األسَّم ملحمد احلمود (‪.)117‬‬
‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2185‬‬ ‫(‪ )3‬إذا اكن تقدير فعله برء يّبأ كفعل َّلزم‪ ،‬انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)290‬‬

‫‪169‬‬
‫‪‬‬
‫من وجوده‪ ،‬فأبرأ اخلَّلئق ف لك نوع ْع وجه الكمال‪ ،‬وفصل بي‬
‫األجناس مع تعاقب األجيال(‪.)1‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يّبأ إىل الل تبارك وتعاىل من لك‬
‫شهوة ختالف أمره‪ ،‬ومن لك شبهة ختالف خّبه‪ ،‬ومن لك بدعة‬
‫ختالف سنة نبيِه‪ ،‬والّباءة ِمن لك َمن َّل يوايل الل ورسول وحزبه‪،‬‬
‫قال تعاىل عن إبراـهيم عليه السَّلم‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ‬
‫ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ} [املمتحنة‪.)2(]4 :‬‬

‫‪ 55‬ـ ـ اهلل (الـمُصوِّر) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [احلرش‪.]24 :‬‬


‫ر‬
‫املصور‪ :‬ـهو اسم فاعل للموصوف باتلصوير‪،‬‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫معلوما‪ ،‬وصورة املخلوق‪ :‬يه ـهيئة‬ ‫وصور اليشء‪ :‬أي جعل ل شالك‬
‫خلقته‪ ،‬وتطلق ْع حقيقة اليشء وصفته(‪ ،)3‬واتلصوير ـهو‪:‬‬
‫اتلخطيط والتشكيل‪ ،‬فاملصور انلاقش كيف يشاء‪ ،‬يعن املمثل‬
‫للمخلوقات‪ ،‬بالعَّلمات َّ‬
‫املمَّية‪ ،‬باهليئات املتفرقة ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬أسماء الل للرضواين (‪.)293‬‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ ،)290‬ويف الكتاب املقدس (‪.)212‬‬
‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)319/3‬اللسان (‪ ،)2523/4‬اشتقاق أسماء الل (‪.)243‬‬
‫(‪ )4‬تفسي الطّباين (‪.)253/6‬‬

‫‪170‬‬
‫‪‬‬
‫ر‬
‫املصور اذلي انفرد باتلصوير‪:‬‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو‬
‫صور بإحاكمه وحسن خلقه مجيع الاكئنات كيف شاء‪،‬‬ ‫‪ )1‬اذلي َّ‬

‫فعدهلا‪ ،‬وألبسها حلل الكمال‪.‬‬


‫َّ‬ ‫‪ )2‬فهو سبحانه َّ‬
‫صور مجيع املوجودات‪ ،‬ورتبها‪ ،‬فأعطى لك يشء‬
‫صورة خاصة‪ ،‬وـهيئة مفردة‪َّ ،‬‬
‫يتمَّي بها ْع اختَّلفها وكرثتها‪.‬‬ ‫منها َّ‬

‫‪ )3‬فهو تعاىل أعطى لك خملوق صورة تتناسب مع نظام الوجود‪،‬‬


‫ودور لك موجود‪.‬‬
‫‪ )4‬وقد َّ‬
‫صور سبحانه لك صورة َّل ْع مثال احتذاء‪ ،‬وَّل رسم‬
‫ً‬
‫كبيا ‪.‬‬ ‫ارتسمه تعاىل عن ذلك ًّ‬
‫علوا‬ ‫(‪)1‬‬

‫الفرق بني‪( :‬اخلنلق)‪( ،‬ابلنرئ)‪( ،‬املصور)‪:‬‬


‫ّ‬
‫أن (اخلنلق)‪ :‬ـهو املقدر قبل اإلجياد والظهور مجيع املخلوقات‬
‫ْع صفاتها‪ْ ،‬ع مقتىض حكمته ابلاـهرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫و(ابلنرئ) ـهو اتلنفيذ وإبراز ما قدره‪ ،‬أي املوجد من العدم‪ْ ،‬ع‬
‫ّ‬
‫مقتىض اخللق واتلقدير‪ ،‬وليس لك من قدر شيئًا أوجده‪ ،‬إَّل الل تعاىل‪.‬‬
‫( ر‬
‫املصور)‪ :‬املشلك للك موجود‪ْ ،‬ع الصورة اليت أوجده عليها‪ ،‬اليت‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ختتص به‪ ،‬فاخلالق اعم‪ ،‬وابلارئ أخص منه‪ ،‬واملصور أخص من األخص(‪)2‬‬

‫وـهذه الفروق تعرف عند اجتماع ـهذه األسماء‪ ،‬أما عند‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ابن جرير (‪ ،)55/30 ،37/28‬ابن كثي (‪ ،)344/4‬شأن ادلاعء (‪ ،)51‬تفسي أسماء الل (‪ ،)37‬وفتح الرحيم (‪.)16‬‬
‫(‪ )2‬أضواء ابليان (‪ ،)124/8‬اعرضة األحوذي (‪ ،)35/13‬تفسي األسماء (‪.)36‬‬

‫‪171‬‬
‫‪‬‬
‫افرتاقها فإن لك اسم من ـهذه األسماء احلسىن يشمل معناه‪ ،‬ومعاين‬
‫اَّلسمي اآلخرين‪ ،‬والل أعلم(‪.)1‬‬
‫اقرتان هذ األسمنء‪ :‬جاء ـهذا اَّلقرتان ف اغية املناسبة ف‬
‫ً‬
‫ترتيب اخللق‪ ،‬فاخللق أوَّل وـهو‪ :‬تقدير وجود املخلوق بعلمه‬
‫وحكمته‪ ،‬ثم بريه ثانيًا‪ :‬وـهو إجياده من العدم‪ْ ،‬ع وفق اتلقدير‪ ،‬ثم‬
‫جعله بالصورة اليت شاءـها‪ ،‬وأرادـها سبحانه وتعاىل ثاثلًا‪ ،‬وكذلك‬
‫ّ‬
‫واملصور تفصيل ملعىن اسم اخلالق‪ ،‬وكذلك أنهما أخص من‬ ‫أن ابلارئ‬
‫اخلالق كما سبق(‪.)2‬‬
‫صور املخلوقات َّ‬
‫بشىت أنواع‬ ‫ر‬
‫املصور‪ :‬أنه تعاىل اذلي َّ‬ ‫هللالل‬
‫َّ‬
‫واحلسية‪ ،‬والعقلية‪ْ ،‬ع كرثتها وتنوعها‪ ،‬فَّل‬ ‫َّ‬
‫اجللية‪ ،‬واخلفية‪،‬‬ ‫الصور‬
‫ٍّ‬
‫يتماثل جنسان‪ ،‬أو يتساوى نواعن‪ ،‬فللك صورته‪ ،‬وصور سيته‪ ،‬وما‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫ويمَّيه عن غيه‪ ،‬ف لونه‪ ،‬وشلكه‪ ،‬وذاته‪ ،‬وصفته‪ ،‬وإحصاؤـها ف‬ ‫خيصه‬
‫واحد‪ٌ ،‬‬
‫أمر يعجز العقل‪ ،‬ويذـهل‬ ‫ٍ‬ ‫جنس‬ ‫واحد‪ ،‬أو حرصـها ف‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫نوع‬
‫ٍ‬
‫صور األبدان فتعددت َّ‬
‫وتنوعت‪،‬‬ ‫الفكر‪ ،‬ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل كما َّ‬
‫َّ‬ ‫صور الطبائع والسلوك واملذاـهب‪َّ ،‬‬‫كذلك َّ‬
‫فتنوعت وتعددت(‪.)3‬‬
‫إن اتلعبد باسم الل ( ر‬ ‫َّ‬
‫املصور) يقتيض أن َّل يتشبه‬ ‫اثلمرات‪:‬‬
‫العبد بما انفرد الل تعاىل به‪ ،‬من اخللق والربوبية‪ ،‬ويقع ف رشك‬
‫ا‬ ‫َّ َّ‬
‫اتلمثيل واتلصوير املناف للعبودية‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن أشد انلنس عذابن عند‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬شفاء العليل (‪ ،)366/1‬وفقه األسماء (‪.)95‬‬ ‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (‪.)445‬‬
‫(‪ )3‬أسماء الل احلسىن (‪ ،)294‬وأسماء الل ف الكتاب املقدس (‪ )216‬للرضواين‪ ،‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫‪‬‬
‫املصورون‪ ،‬يقنل هلم‪ :‬أحيوا من لقتم<(‪ .)1‬وقال ‘‪:‬‬ ‫ر‬ ‫ا يوم القينم‪،‬‬
‫ًّ‬ ‫ا‬ ‫ُّ‬
‫>أشد انلنس عذابن يوم القينم‪ ،‬رهللل قتل ًبين‪ ...‬أو مصور اتلمنثيل<(‪.)2‬‬

‫‪ 56‬ـ ـ اهلل (السَّالم) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯕ ﯖ ﯗ} [احلرش‪.]23 :‬‬


‫َّ‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا سالم‪ :‬تدل تصاريف ـهذا اللفظ اجلليل‬
‫من السَّلمة‪ ،‬ويه الّباءة من لك آفة ظاـهرة وباطنة‪ ،‬واخلَّلص‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫والسَّلمة‪ :‬األمن واألمان‪،‬‬ ‫وانلجاة من لك مكروه‪ ،‬وعيب ورش‪،‬‬
‫واحلصانة واَّلطمئنان(‪ .)3‬فهو من اللكمات اجلامعة‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل أحق به من لك ما سواه‪ ،‬ل فيه من‬
‫لك معاين الكمال أكمله‪ ،‬وأعَّله فهو ا سالم من لك وجه واعتبار‪:‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )1‬ـهو‪ :‬اذلي َس ِلم من مجيع العيوب وانلقائص‪ ،‬املضادة‬
‫لكمال‪ ،‬فهو السَّلم ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو اذلي سلم من عذابه من َّل يستحقه‪ ،‬وسلم أويلاءه من‬
‫عقوبته‪ ،‬وسلم لك اخللق من ظلمه‪ ،‬وجوره‪ ،‬ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ه ِ‬
‫المسلم ْع أنبيائه‪ ،‬وأويلائه‪ ،‬وأصفيائه ف ادلارين‪:‬‬ ‫(‪ )3‬ـهو‬
‫أ) يف ادلًين‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭛ ﭜ ﭝ} [الصافات‪{ ،]79 :‬ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ} [الصافات‪ ،]109 :‬سلم ْع املرسلي لسَّلمة ما وصفوه من لك عيب‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح اجلامع (‪.)1000‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)5606‬ومسلم (‪.)2109‬‬
‫(‪ )3‬انظر لسان العرب (‪ ،)289/12‬انلهاية (‪.)441‬‬

‫‪173‬‬
‫‪‬‬
‫رة ألـهل اجلنة‪ ،‬قال تعاىل‪{:‬ﭑﭒﭓﭔ} [األحزاب‪:‬‬ ‫ب) ويف اآل‬
‫ٌ‬
‫فسَّلم منه‬ ‫‪ ]44‬وقال سبحانه‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [يس‪" ،]58 :‬‬
‫اكف من لك سَّلم‪ ،‬ومغن عن لك حتية‪ ،‬ه‬
‫وم ِ‬
‫قرب من لك أمنية"(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫السَّلم‪ :‬حيث إن ذاته خلصت بانفراد الوحدانية من‬ ‫(‪ )4‬وـهو َّ‬

‫لك يشء‪ ،‬وبانت عن لك يشء‪ ،‬وارتفعت ْع لك يشء‪.‬‬


‫ِ‬
‫(‪ )5‬وـهو اذلي يهسلم من يشاء من خلقه من املاكره وخيلصه من‬
‫الشدائد‪ .‬أ) ف ادلًين‪ ،‬قال ‘ لعمرو بن العاص‪> :‬إين أريد أن أبعثا‬
‫إىل هلليش ةيسلما ا ‪ ،)2(<...‬ب) ويف اآل رة‪ :‬من عذابه ألويلائه‪،‬‬
‫َ رْ َ رْ‬
‫يومئذ‪> :‬امهلل سلم سلم<(‪.)3‬‬
‫ٍ‬ ‫كما ف حديث الرصاط‪ ،‬والكم الرسل‬
‫السَّلم من‪ :‬الصاحبة‪ ،‬والودل‪ ،‬ومن اللهو واللعب‪،‬‬‫(‪ )6‬وـهو َّ‬
‫والسَّلم من انلظي‪ ،‬والكفء‪ ،‬واملثيل‪َّ ،‬‬
‫والس ِ ّ‬
‫يم‪.‬‬ ‫َّ‬
‫(‪ )7‬ـهو َّ‬
‫السَّلم عن لك رشيك ف الربوبية‪ ،‬واأللوـهية‪.‬‬
‫(‪ )8‬ـهو سبحانه مصدر َّ‬
‫السَّلم واألمان‪ ،‬فلك سَّلمة منشؤـها‬
‫َّ‬
‫معزوة إيله‪ ،‬صادرة منه‪ ،‬فَّل تطلب إَّل منه تبارك وتعاىل ‪.‬‬ ‫منه‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫َّ‬
‫فاسم ا سالم ينيف عن الل تعاىل لك انلقائص من مجيع الوجوه‪،‬‬
‫ِ‬
‫ويتضمن إثبات مجيع الكماَّلت من لك الوجوه‪ ،‬ألن انلقص إذا‬
‫أكرب)‪،‬‬ ‫انتىف‪ ،‬ثبت الكمال لكه‪ ،‬وـهذا معىن (ال هلإ إال ا ‪ ،‬وا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)651/2‬‬
‫(‪ )3‬ابلخاري (‪.)7000‬‬ ‫(‪ )2‬رواه أْحد ف املسند (‪ ،)17798‬وصححه شعيب األرنؤوط‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي ابن كثي (‪ ،)105/8‬بدائع الفوائد (‪ ،)363/2‬اتلوحيد َّلبن منده (‪ ،)68/2‬وإبطال‬
‫اتلأويَّلت (‪ ،)665‬املوسوعة للرشبايص (‪ ،)51/1‬واألسىن (‪ ،)260‬التسبيح (‪.)119/1‬‬

‫‪174‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫فانتظم َّ‬
‫(السَّلم) ابلاقيات الصاحلات‪ ،‬اليت يثىن بها ْع الرب(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫هللالل ا سالم‪ :‬أنك إذا نظرت إىل أفراد صفات كمال جل‬
‫ً‬
‫سَّلما مما يضاد كماهلا‪ ،‬فحياته سَّلم من‬ ‫وعَّل وجدت لك صفة‬
‫ِ َ‬
‫السنة وانلوم‪ ،‬وقيوميته وقدرته سَّلم من اتلعب والعجز‪،‬‬ ‫املوت‪ ،‬ومن‬
‫وعلمه سَّلم من عزوب يشء عنه‪ ،‬أو عروض نسيان‪ ،‬لكماته سَّلم من‬
‫الكذب والظلم‪ ،‬غناه سَّلم من احلاجة إىل غيه‪َّ ،‬‬
‫إهليته سَّلم من‬
‫مشارك ل فيها‪ ،‬وعذابه وانتقامه سَّلم من أن يكونا ً‬
‫ظلما أو ً‬
‫جورا‪،‬‬
‫ً‬
‫حمتاجا إىل ما حيمله‪ ،‬أو‬ ‫استواؤه ْع العرش سَّلم من أن يكون‬
‫يستوي عليه‪ ،‬بل العرش وْحلته حمتاجون إيله‪.)2(..‬‬
‫اثلمرات‪ :‬من عرف ربه بهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬ينبيغ ل أن‬
‫يترضع إيله‪ ،‬ويسأل َّ‬
‫السَّلمة ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬أما سَّلمة ادلنيا‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫ظاـهرة‪ ،‬وباطنة‪ ،‬فالظاـهرة‪ :‬العافية من األمراض واألسقام‪ ،‬ومجيع ما‬
‫تكرـهه‪ ،‬وابلاطنة ف ادلنيا‪ :‬فسَّلمة دينك‪ ،‬وسَّلمة يقينك عن‬
‫الكفر‪ ،‬وابلدع‪ ،‬والعصيان‪ ،‬حىت تقدم ْع ربك بأوثق هعرى اإليمان‪،‬‬
‫ويسلم قلبك من الصفات املذمومة‪ ،‬حىت تأيت الل بقلب سليم‪ ،‬فتنال‬
‫منه السَّلمة َّ‬
‫املؤبدة ف دار السَّلم‪ ،‬وتنجو من العذاب املهي ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫وقد مجع ـهذه املعاين املصطىف ‘ ف أمره بهذا ادلاعء‪> :‬ين أيهن‬
‫را من‪ :‬ايلقني‪ ،‬واملعنةنة‪،‬‬‫ا‬ ‫انلنس إن انلنس م يعطوا يف ادلًين‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أحاكم أـهل اذلمة (‪ ،)193‬وتيسي الكريم الرْحن (‪.)487/5‬‬
‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (ص‪ ،)264‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )2‬بدائع الفوائد (‪ )363/2‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫‪‬‬
‫َ‬
‫عً وهللل<(‪.)1‬‬ ‫ةسلوهمن ا‬
‫وجيب عليك أن يسلم لسانك‪ ،‬وجوارحك عن أذية أـهل‬
‫اإليمان‪ ،‬قال ‘‪> :‬املسلم من سلم املسلمون من يد و سنًه<(‪،)2‬‬
‫َّ‬ ‫وأن تفيش َّ‬
‫السَّلم بي األنام‪ ،‬قال ‘‪> :‬ا سالم اسم من أسمنء ا ‪،‬‬
‫ةأةشو بينكم<(‪ .)3‬فمن مجع ـهذه اخلصال "نال السَّلمة املؤبدة‪ ،‬ف‬
‫دار َّ‬
‫السَّلم" ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪ 57‬ـ ـ اهلل (الواسع) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯙ ﯚ ﯛﯜ} [ابلقرة‪.]115 :‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا واسع‪ :‬اسم فاعل للموصوف بالوسع‪ ،‬وـهو‬
‫خَّلف الضيق‪ ،‬والسعة تقال‪ :‬ف األمكنة‪ ،‬ويف احلال‪ ،‬ويف الفعل‪،‬‬
‫اكلقدرة‪ ،‬واجلود‪ ،‬والغىن‪ ،‬يقال‪ :‬فَّلن يهعطي من سعته‪ ،‬أي‪ :‬من غناه‪،‬‬
‫فالواسع‪ :‬ـهو اجلواد‪ ،‬اذلي يسع عطاؤه لك يشء(‪.)5‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ا واسع‪:‬‬
‫‪ )1‬الغن‪ ،‬اذلي وسع غناه مفاقر عباده‪ ،‬ووسع رزقه مجيع خلقه‬
‫ً َّ‬
‫بالكفاية‪ ،‬واإلفضال‪ ،‬واجلود‪ ،‬واتلدبي‪ ،‬فَّل جتد أحدا إَّل وـهو يأكل‬
‫من رزقه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬رواه أْحد ف املسند (‪ ،)212/1‬وصححه شعيب األرناؤوط‪ ،‬وحمقق مسند أيب يعىل (‪.)121/1‬‬
‫(‪ )4‬األسىن (ص‪.)264‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح اجلامع (‪.)3697‬‬ ‫(‪ )2‬ابلخاري (‪.)6119‬‬
‫(‪ )5‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)109/6‬املفردات (‪ ،)109/6‬تفسي الطّباين (‪.)451/1‬‬

‫‪176‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )2‬وـهو تعاىل ا واسع املطلق‪ :‬ف ذاته‪ ،‬ويف أسمائه‪ ،‬وصفاته‪،‬‬
‫وأفعال‪ ،‬وملكه‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬
‫فإن نظر إىل علمه فَّل ساحل بلحر معلوماته‪ ،‬بل تنفد ابلحار لو‬
‫ً‬
‫اكنت مدادا للكماته‪ ،‬وإن نظر إىل قدرته فَّل نهاية ملقدوراته‪ ،‬وإن نظر إىل‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫إحسانه ونِ َعمه‪ ،‬فيه َّل حتد‪ ،‬وَّل تعد‪ ،‬وإن نظر إىل رْحته‪ ،‬فَّل نهاية لسعتها‪،‬‬
‫وسعت لك اخللق أمجعي‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [األعراف‪،]156 :‬‬
‫وإن نظر إىل مغفرته وعفوه‪ ،‬فمهما عظمت اذلنوب‪ ،‬وبلغت امللكوت‪،‬‬
‫فمغفرته أوسع‪ ،‬وأعظم‪{ :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [انلجم‪.)1(]32 :‬‬
‫ِ‬
‫‪ )3‬وـهو الواسع ف ذاته‪ :‬فهو سبحانه أعظم من لك يشء‪ ،‬وأكّب‬
‫من لك يشء‪ ،‬وأْع من لك يشء‪.‬‬
‫‪ )4‬وـهو الواسع ف أسمائه احلسىن‪ :‬اليت َّل أسَّم منها‪ ،‬وَّل أمجل‬
‫ه‬
‫منها ْع اإلطَّلق‪ ،‬فَّل حيىص عددـها‪ ،‬وجَّللة معانيها‪ ،‬وسعة آثارـها‬
‫ومتعلقاتها‪.‬‬
‫‪ )5‬وـهو الواسع ف صفاته‪ :‬اليت بلغت انلهاية ف الكمال‪ ،‬اليت َّل‬
‫ه‬
‫حتاط أفراد كماهلا‪ ،‬من لك اَّلعتبارات‪.‬‬
‫‪ )6‬وـهو الواسع ف ملكه وسلطانه‪ :‬فجميع العوالم السفلية‬
‫والعلوية ومن فيهما‪ ،‬لكها ل تعاىل‪{ :‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ} [ابلقرة]‪ ،‬فمع سعة ـهذه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر ـهذه املعاين‪ :‬تفسي ابن جرير (‪ ،)537/2‬السمعاين (‪ ،)250/1‬الطّباين (‪ ،)403/1‬وابن كثي (‪ ،)160/1‬شأن‬
‫ادلاعء (‪ ،)72‬املقصد األسىن (‪ ،)75‬ورشح األسماء احلسىن للاكفييج (‪.)177‬‬

‫‪177‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫العوالم‪ ،‬وما فيها‪ ،‬وما بينها‪ ،‬فإن الل خلق خلقا أعظم وأوسع‪ ،‬من‬
‫[ابلقرة‪:‬‬ ‫ذلك‪ :‬الكريس‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ}‬
‫‪" ،]255‬ا كريس موضع القدمني‪ ،‬والعرش ال يقدر أحد قدر "(‪" ،)1‬ولك‬
‫ـهذه السعة والعظمة‪ ،‬فعرشه اذلي استوى عليه‪ ،‬أعظم‪ ،‬وأكّب‪،‬‬
‫وأوسع‪ ،‬قال ‘‪> :‬من ا كريس يف العرش إال كحلق‪ ،‬من حديد‬
‫ألقيت بني ظهري ةالة من األرض<(‪.)2‬‬
‫‪ )7‬فَّل حدود هلذا اَّلسم من لك الكماَّلت‪ ،‬من مجيع الوجوه‬
‫ْع اإلطَّلق‪ ،‬اذلي يقتيض تزنيهه عن انلقص‪ ،‬وعن لك اآلفات‪،‬‬
‫"واَّلعرتاف ل بأنه َّل يعجزه يشء‪ ،‬وَّل خيىف عليه يشء‪ ،‬ورْحته‬
‫وسعت لك املخلوقات"(‪.)3‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [ابلقرة]‪" ،‬ختم باسمي مطابقي لسياقهما‪ ،‬فَّل‬
‫يستبعد العبد ـهذه املضاعفة‪ ،‬وَّل يضيق عنها عطاؤه‪ ،‬فإن املضاعف‬
‫واسع العطاء‪ ،‬واسع الغىن‪ ،‬واسع الفضل‪ ،‬ومع ذلك فَّل يظن أن سعة‬
‫عطائه تقتيض حصوهلا للك منفق‪ ،‬فإنه عليم بمن تصلح ل‬
‫املضاعفة‪ ،‬وـهو أـهل هلا‪ ،‬ومن َّل يستحقها‪ ،‬وَّل ـهو أـهل هلا‪ ،‬فإن‬
‫كرمه وفضله تعاىل َّل يناف حكمته‪ ،‬بل يضع فضله لسعته ورْحته‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬رواه احلاكم ف املستدرك (‪ ،)282/2‬وقال صحيح ْع رشط الشيخي‪ ،‬وصححه األبلاين ف رشح الطحاوية (‪)312‬‬
‫ً‬
‫موقوفا عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ .‬وحكمه حكم الرفع ألنه من الغيبيات اليت َّل تعلم إَّل من الشارع‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر املنهاج (‪.)198/1‬‬ ‫(‪ )2‬صححه األبلاين ف املصدر السابق‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫‪‬‬
‫ويمنعه من ليس من أـهله‪ ،‬حبكمته‪ ،‬وعلمه"(‪.)1‬‬
‫(‪ )2‬وقال تعاىل‪ { :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ} [املائدة]‪ ،‬أي‪ :‬أنه كثي الفضل‪( ،‬واسع)‪ :‬ذو سعة‪َّ ،‬ل تنفد فواضله‬
‫ونعمه‪( ،‬عليم)‪ :‬بمن يستحقه‪ ،‬وبمن ـهو أـهله‪ ،‬فيتفضل عليه به‪.‬‬
‫(‪ )3‬وقال تعاىل‪{ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [النساء]‪ ،‬أي‪ :‬يغن الل تعاىل الزوج واملرأة‬
‫فزبوج ـهو أصلح هلا من املطلق‬
‫ٍ‬ ‫املطلقة من سعة فضله‪ ،‬أما ـهذه‬
‫األول‪ ،‬أو برزق واسع وعصمة‪ ،‬وأما ـهذا فّبزق واسع وزوجة يه‬
‫ً‬
‫واسعا‬
‫ا‬ ‫ٰ‬
‫تعنىل واسعن) يعن‪:‬‬ ‫أصلح ل من املطلقة‪ ،‬أو عفة‪( ،‬واكن ا‬
‫ا‬
‫هلما ف رزقه إياـهما‪ ،‬وغيـهما من خلقه‪( ،‬حكيمن) فيما قىض بينه‪،‬‬
‫وبينها من الفرقة والطَّلق(‪.)2‬‬
‫فالل تعاىل واسع الفضل‪ ،‬واسع الرْحة‪ ،‬وصلت رْحته‪ ،‬وإحسانه‬
‫ا‬
‫إىل حيث وصل إيله علمه‪ ،‬واكن مع ذلك (حكيمن) أي‪ :‬يعطي حبكمته‪،‬‬
‫ويمنع حلكمته‪ ،‬فإذا اقتضت حكمته منع بعض عباده من إحسانه‬
‫ً‬
‫بسبب ف العبد‪َّ ،‬ل يستحق معه اإلحسان حرمه‪ ،‬عدَّل وحكمة(‪ ،)3‬وأن‬
‫ً‬
‫واسعا‪ ،‬فالل سبحانه واسع‬ ‫ـهذه احلكمة من املنع َّل تقدح ف كونه‬
‫العطاء‪ ،‬واسع احلكمة‪ ،‬واسع الفضل واإلحسان والرْحة ً‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫َّ‬
‫فدل اقرتانه تعاىل ف سعته مع حكمته‪ ،‬أن سعته عن كمال‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪.)168/2‬‬ ‫(‪ )2‬جامع ابليان (‪.)204/5‬‬ ‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (ص‪.)540‬‬

‫‪179‬‬
‫‪‬‬
‫احلكمة‪ ،‬فَّل يوسع ف اإلفضال واإلنعام إَّل بها‪ ،‬فيضع ـهذه السعة ف‬
‫أفضل مواضعها‪ ،‬ويف أحسن أحواهلا‪.‬‬
‫هللالل ا واسع‪ :‬أنه خمتص بعدم انلهاية ف سعة الصفات‪،‬‬
‫أحد ً‬‫ٌ‬
‫ثناء عليه‪ ،‬بل ـهو كما‬ ‫وانلعوت‪ ،‬ومتعلقاتها‪ ،‬حبيث َّل حييص‬
‫أثىن ْع نفسه(‪ ،)1‬فلك سعة وإن عظمت فتنتيه إىل طرف‪ ،‬واذلي‬
‫َّل ينتيه إىل طرف ـهو أحق باسم السعة‪ ،‬والل تعاىل ـهو الواسع‬
‫املطلق(‪ ،)2‬اذلي َّل نهاية لسعة صفاته‪ ،‬وجَّلهلا‪.‬‬
‫ومن هللالل ـهذا اَّلسم املبارك أنه يتجىل لعباده املؤمني ف‬
‫ادلارين‪ ،‬ةيف ادلًين‪ :‬أنه تعاىل يغنيهم من سعته الظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة‪،‬‬
‫ةنلظنهرة منهن‪ :‬الغىن باملال احلَّلل‪ ،‬واذلرية الصاحلة‪ ،‬وابلنطن‪:،‬‬
‫غىن انلفس والقناعة‪ ،‬وكذلك أنه تعاىل " يوسع عليهم ف دينهم‪،‬‬
‫ِ‬
‫وَّل يكلفهم ما ليس ف وسعهم"(‪ ،)3‬من العبادات والطااعت(‪.)4‬‬
‫ويف اآل رة‪ :‬تتجىل سعته "ما احتوت عليه دار انلعيم من‬
‫َّ‬
‫واملَّسات‪ ،‬واألفراح‪ ،‬والذلات املتتابعات‪ ،‬مما َّل عي رأت‪،‬‬ ‫اخليات‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وَّل أذن سمعت‪ ،‬وَّل خطر ْع قلب برش‪ ،‬فخي ادلنيا واآلخرة‪،‬‬
‫وألطافهما من فضله‪ ،‬وسعته سبحانه"(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬تفسي القرطيب (‪.)84/2‬‬ ‫(‪ )2‬املقصد األسىن (‪.)106‬‬ ‫(‪ )1‬املصدر السابق (‪.)631/5‬‬

‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ} [ابلقرة‪ ،]233 :‬وقال سبحانه‪{ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬


‫(‪ )5‬فتح الرحيم امللك (‪.)48‬‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ} [ابلقرة‪.]185 :‬‬

‫‪180‬‬
‫‪‬‬
‫اثلمرات‪ :‬مىت عرف العبد أن الل تعاىل واسع الفضل‬
‫ّ‬
‫والعطاء‪ ،‬وأن فضله غي حمدود بطريق معي‪ ،‬بل وَّل بطرق معينة‪،‬‬
‫بل أسباب فضله وأبواب إحسانه َّل نهاية هلا‪ ،‬أنه َّل يعلق قلبه‬
‫َّ‬
‫باألسباب‪ ،‬بل يعلقه بمسببها‪ ،‬وَّل يتشوش إذا انسد عنه باب منها‪،‬‬
‫فإنه يعلم أن الل واسع عليم‪ ،‬وأن هط هرق فضله َّل تعد‪ ،‬وَّل حتىص‪،‬‬
‫وأنه إذا انغلق منها يشء انفتح غيه مما قد يكون ً‬
‫خيا وأحسن‬
‫للعبد اعقبة {ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [النساء‪.)1(]130 :‬‬

‫‪ 58‬ـ ـ اهلل (اللطيف) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪ { :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [األنعام]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا لطيف ـهو‪ :‬الّب‪ ،‬واحلفاوة‪ ،‬واإلكرام‪،‬‬
‫والرتفق ف حتقيق املراد‪ ،‬والعلم بدقائق األمور‪ ،‬وغوامضها‪ ،‬فإذا‬
‫اجتمع الرفق ف الفعل‪ ،‬واللطف ف اإلدراك‪ ،‬تم معىن اللطيف‪ .‬فهذا‬
‫اَّلسم الكريم يتضمن‪ :‬علمه باألشياء ادلقيقة‪ ،‬وإيصال الرْحة‬
‫بالطرق اخلفية(‪ .)2‬وَّل جتتمع ـهذه املعاين لكها إَّل ف الل‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل ـهو ا لطيف اذلي َّل ألطف منه سبحانه‪:‬‬
‫ّ‬
‫(‪ )1‬اذلي لطف علمه ودق‪ ،‬حىت أحاط بالَّسائر واخلفايا‪،‬‬
‫وأدرك ابلواطن‪ ،‬واخلبايا‪ ،‬ومكنونات الصدور‪ ،‬ومغيبات األمور‪ ،‬وما‬
‫ف األرايض من خفايا احلبوب‪ ،‬وابلذور‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬املقصد األسىن (ص ‪ ،)101‬شفاء العليل (‪ ،)147/1‬إبطال اتلأويَّلت (‪.)657‬‬ ‫(‪ )1‬املصدر السابق (‪.)47‬‬

‫‪181‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )2‬اذلي يوصل األمور إىل اغياتها بألطف الوجوه‪ ،‬وبأحسن ما‬
‫يكون‪ ،‬فييَّس املنافع للعباد‪ ،‬من حيث يعلمون أو َّل يعلمون‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو اللطيف الّب بعباده املؤمني ف لك آن وحي‪ ،‬فمن‬
‫َّ‬
‫ذلك‪ :‬أ) املوصل إيلهم مصاحلهم ومنافعهم‪ ،‬بلطفه وإحسانه‪ ،‬ب) وسهل‬
‫هلم لك طريق يوصل إىل مرضاته وكرامته‪ ،‬هلل) وحفظهم من لك سبب‬
‫ووسيلة توصل إىل سخطه‪ ،‬من طرق َّل يشعرون‪ ،‬ومن حيث َّل حيتسبون‪.‬‬
‫كما قال يوسف عليه السَّلم‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [يوسف‪. ]100 :‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )4‬وـهو سبحانه اذلي لطف صنعه‪ ،‬وحكمته ودق‪ ،‬حىت‬
‫عجزت األفهام‪ ،‬عن إدراكه‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )5‬ومن لطفه بعباده أنه تعاىل أعطاـهم فوق الكفاية‪ ،‬ولكفهم‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫دون الطاقة‪ ،‬وسهل عليهم الوصول إىل السعادة‪ ،‬ف مدة قصية‪.‬‬
‫(‪ )6‬اذلي لطف بأويلائه حىت عرفوه‪ ،‬وبأعدائه حىت جحدوه(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال سبحانه‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ} [احلج‪ ]63 :‬جاء اَّلقرتان "ف موقع اتلعليل لإلنزال‪ ،‬أي‪ :‬أنزل املاء‬
‫املتفرع عليه اَّلخرضار‪ ،‬ألنه (لطيف)‪ :‬رفيق بمخلوقاته‪ ،‬وألنه عليم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخص‪:‬‬ ‫برتتيب املسببات ْع أسبابها" ‪ ،‬ويف ـهذا اَّلقرتان مجع بي‬
‫(‪)2‬‬

‫(اخلبي)‪ ،‬واألعم‪( :‬اللطيف)‪ ،‬ألن اللطيف فيه معىن اخلبي‪ ،‬وزيادة(‪.)3‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر احلق الواضح (ص ‪ ،)60‬وتوضيح الاكفية الشافية (ص ‪ ،)123‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)62‬تفسي السعدي‬
‫(‪ ،)488/5‬جمموع الفتاوى (‪ ،)354/16‬الصواعق املرسلة (‪ ،)492/2‬رشح أسماء الل احلسىن للرازي (‪.)254‬‬
‫(‪ )3‬الزيادة يه‪ :‬إيصال تعاىل الرْحة بالطرق اخلفية‪.‬‬ ‫(‪ )2‬اتلحرير واتلنوير (‪.)319/8‬‬

‫‪182‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [يوسف‪ ،]100 :‬دل ـهذا اَّلقرتان‬
‫ْع أن من خصائص ربوبيته تعاىل اللطف بكل معانيها اجلليلة‪ ،‬من‬
‫إيصال إىل أويلائه اخليات واملنافع‪ ،‬ودفع عنهم الرشور واملساوئ‪.‬‬
‫َّ‬
‫بالكيفية"‪،‬‬ ‫هللالل ا لطيف‪ :‬أنه تعاىل "لطف عن أن يدرك‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ً‬
‫لطفا وحكمة‪ ،‬ه‬
‫ويرى‬ ‫ﭮ ﭯ} [األنعام]‪ .‬فإن الل َّل يهرى ف ادلنيا‬
‫ً ََ ً‬
‫َّل‪ ،‬وَّل يدرك وَّل هحياط به ً‬
‫علما‪ ،‬ف ادلنيا‬ ‫ف اآلخرة إكراما وتفض‬
‫وَّل ف اآلخرة‪ ،‬جلَّلل‪ ،‬وعظمته‪ ،‬ولطفه(‪.)1‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يلطف بعبده ف أموره ادلاخلية املتعلقة‬
‫بنفسه‪ ،‬ويلطف به ف أموره اخلارجية عنه‪ ،‬فيسوقه ويسوق إيله ما‬
‫فيه صَّلحه وحسن اعقبته ف ادلنيا واآلخرى‪ ،‬من حيث َّل يشعر‪،‬‬
‫لطف وكرم‪َّ ،‬ل تدركه األفهام‪ ،‬وَّل تتصوره األوـهام(‪.)2‬‬
‫فكم لل من ٍ‬
‫ِ‬
‫اثلمرات‪ :‬عندما يدرك املؤمن اتصافه تعاىل باللطف بكل‬
‫معانيه‪ ،‬من دقة العلم‪ ،‬وإحاطته تعاىل بكنه األشياء‪ ،‬صغيـها‬
‫ِ‬
‫بويله بإيصال إحسانه إيله‪ ،‬من حيث َّل‬ ‫وكبيـها‪ ،‬وأنه يلطف‬
‫َّ‬
‫املحبة‪ ،‬اليت تثمر ل أنواع‬ ‫حيتسب‪ ،‬فإن ذلك يغرس ف قلبه شجرة‬
‫ه‬
‫الق َرب‪ ،‬والعبودية‪ ،‬من ذلك حماسبة نفسه ْع أقوال‪ ،‬وأفعال‪،‬‬
‫وحراكته‪ ،‬وسكناته‪ ،‬واتلعبد بمقتىض ـهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬ف اتللطف‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شأن ادلاعء (‪ ،)62‬األسىن للقرطيب (‪ ،)232/1‬انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ ،)349‬الصفات املنفية (‪.)334‬‬
‫(‪ )2‬احلق الواضح (‪.)61‬‬

‫‪183‬‬
‫‪‬‬
‫مع إخوانه املؤمني‪ ،‬وأخص من ذلك مع أـهله‪ ،‬ف انلصح‪ ،‬ويف أمره‬
‫ونهيه‪ ،‬وإيصال الّب واللطف بكل أنواعه ما استطاع إىل ذلك‬
‫ً‬
‫سبيَّل‪ ،‬وينبيغ ل أن يتوسل بهذا اَّلسم‪ ،‬ويستحرض معانيه "فإذا قال‬
‫العبد‪ :‬يا لطيف ألطف يب‪ ،‬أو يل‪ ،‬وأسألك لطفك‪ ،‬فمعناه‪ :‬تولن‬
‫وَّلية َّ‬
‫خاصة‪ ،‬بها تصلح أحوايل الظاـهرة وابلاطنة" ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ 59‬ـ ـ اهلل (الكبري) جل شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ} [الرعد]‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا كبر‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬والكّب يكون ف‬
‫عظمة اذلات‪ ،‬وكمال وعظمة الصفات‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ‬
‫‪ ،]58‬وقول‪{ :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ﭓ ﭔ}‬ ‫[األنبياء‪:‬‬
‫ً‬
‫ﯚ} [الفرقان]‪ ،‬ويكون أيضا ف اتلعايل باملزنلة والرفعة‪ ،‬كقول‪:‬‬
‫‪،]123‬‬ ‫[األنعام‪:‬‬ ‫{ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ}‬
‫َّ‬
‫وكّبت الل‪ ،‬أي‪ :‬وصفته بالكّبياء‪ ،‬والعظمة‪ ،‬ومنه قيل ف قصة‬
‫يوسف‪{ :‬ﭢ ﭣ ﭤ} [يوسف‪ .]31 :‬وا كبر‪ :‬ـهو ذو الكّبياء‪:‬‬
‫وـهو عبارة عن كمال اذلات‪ ،‬وكمال الوجود(‪.)2‬‬
‫وحاصل ـهذه املعاين‪ ،‬أن الكبي يدل ْع‪ :‬كّب وعظمة اذلات‪،‬‬
‫والشأن‪ ،‬والقدر‪ ،‬واملزنلة‪ ،‬والرفعة‪ ،‬والكّبياء‪ ،‬وكمال الصفات‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬املفردات (ص ‪ ،)696‬مقاييس اللغة (‪ 153/5‬ـ ‪ ،)164‬واألسىن (‪.)257‬‬ ‫(‪ )1‬املواـهب الربانية (‪ 70‬ـ ‪.)76‬‬

‫‪184‬‬
‫‪‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ا كبر ْع اإلطَّلق‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي كّب وعَّل ف ذاته‪ ،‬فهو أكّب من لك يشء‪ ،‬وأعظم‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫وأجل‪ ،‬وأْع‪ ،‬من لك يشء‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو الكبي ف أوصافه‪ ،‬فلكها صفات كمال‪ ،‬وعظمة‪ ،‬وجمد‪،‬‬
‫وجَّلل‪َّ ،‬ل ِ َّ‬
‫سيم ل فيها‪ ،‬وَّل مثيل‪ ،‬وَّل شبيه‪ ،‬وَّل نظي‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو الكبي ف أفعال‪ ،‬فعظمة خلقه‪ ،‬تشـهـد جبَّلل أفعال‪،‬‬
‫قـال تعـالـى‪{ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [اغفر]‪.‬‬
‫(‪ )4‬اذلي كّب عن شبه املخلوقي‪ ،‬فليس ل شبيه‪ ،‬وَّل مثيل‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو الكبي العظيم ذو الكّبياء‪ ،‬اذلي صغر دون جَّلل‪،‬‬
‫وعظمته لك كبي‪ ،‬فهذان الوصفان َّل يهقادر قدرـهما وَّل يهبلغ كنههما‪.‬‬
‫أمر أو نيه‪ ،‬بكمال‬
‫(‪ )6‬املرصف عباده ْع ما يريد‪ ،‬من ٍ‬
‫احلكمة والعدل‪َّ ،‬ل يقىض دونه أمر‪ ،‬وَّل يرد حكمه أحد ف الكون‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو اذلي ل العظمة واإلكبار‪ ،‬واإلجَّلل‪ ،‬والسلطان‪ ،‬ف‬
‫السماوات واألرض‪ ،‬ويف قلوب وألسنة أويلائه‪ ،‬وأصفيائه األبرار‪.‬‬
‫(‪ )8‬ـهو اذلي كّب وتعاىل عن لك انلقائص‪ ،‬واملساوئ‪،‬‬
‫والعيوب(‪ ، )1‬اليت تناف كّبياءه‪ ،‬وعظمته‪ ،‬وجَّلل‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬األسىن (ص‪ ،)248‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)66‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)155‬تفسي األسماء لدلكتور الرضواين‬
‫(ص ‪ ،)374‬تفسي السعدي (‪ ،)487/6‬وفتح الرحيم امللك (‪.)30‬‬

‫‪185‬‬
‫‪‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ} [اغفر]‪ ،‬العل‪ :‬العلو‪ ،‬والرفعة‪ ،‬والسمو‪ ،‬واتلعايل ْع اإلطَّلق ف‪:‬‬
‫اذلات‪ ،‬والصفات‪ ،‬وا كبر‪ :‬جيمع معاين العظمة‪ ،‬والسعة‪ ،‬ف ذاته‪،‬‬
‫وأفعال‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬فدل ـهذا اَّلقرتان ْع أنه تعاىل‪ :‬كبي ف‬
‫علوه‪ ،‬عل ف كّبيائه‪" ،‬فهو أكّب من لك يشء‪ ،‬وأعظم من لك يشء‪،‬‬
‫واعل ْع لك يشء"(‪.)1‬‬
‫كما ـهو فوق لك يشء‪ٍ ،‬‬
‫ودل اَّلقرتان كذلك ْع "أن حكمه سبحانه‪ ،‬يعلو وتذعن ل‬
‫انلفوس‪ ،‬حىت نفوس املتكّبين واملرشكي"(‪ ،)2‬ألن علوه وكّبياءه‪،‬‬
‫ه‬
‫ينفيان خَّلفه‪ ،‬فبهذا اَّلقرتان "حيصل الكمال املطلق‪ :‬العلو‬
‫والكّبياء‪ ،‬والكّب فيه كمال الكمال"(‪.)3‬‬

‫هللالل ا كبر‪ :‬هللالل كربينئه عز وجل َّل يعلمها إَّل ـهو‪َّ ،‬ل‬
‫ملك مقرب‪ ،‬وَّل نيب مرسل‪ ،‬فاختص الل جل وعَّل بها‪ ،‬فمن نازعه‬
‫عذبه‪ ،‬قال ‘ فيما حيكيه عن ِ‬ ‫َّ‬
‫ربه عز وجل‪> :‬العً إزار ‪،‬‬ ‫فيها‬
‫وا كربينء رداؤ ‪ ،‬ةمن يننزعين عذبته<(‪.)4‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقدرا‪ ،‬ومعىن‪ ،‬وعزة‪،‬‬ ‫أكرب)‪ :‬أي الل أكّب‪ ،‬من لك يشء ذاتا‪،‬‬ ‫(ا‬
‫وجَّللة‪ ،‬يقال‪ :‬أنها أبلغ لفظة للعرب‪ ،‬ف معىن اتلعظيم‪ ،‬واإلجَّلل‪ ،‬فهو‬
‫أكمل من صفة العظمة‪ ،‬ألنه يتضمنها‪ ،‬ويزيد عليها ف املعىن(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)188/4‬‬ ‫(‪ )1‬انظر الصواعق املرسلة (‪.)1379/4‬‬
‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2620‬‬ ‫(‪ )3‬تفسي سورة اغفر (‪َّ )188/9‬لبن عثيمي‪.‬‬
‫(‪ )5‬جمموع الفتاوى (‪ ،)253/10‬الصواعق املرسلة (‪ ،)1379/4‬تفسي ابن عطية (‪ ،)1173‬األسىن (‪.)252‬‬

‫‪186‬‬
‫‪‬‬
‫اثلمرات‪ :‬جيب أن يعلم لك ملكف أن الكّبياء‪ ،‬والعظمة لل‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫تعاىل وحده‪ ،‬وأنه َّل حظ ل من ـهذا اَّلسم‪ ،‬إنما حظه‪ :‬اذللة‬
‫َّ‬
‫واَّلفتقار‪ ،‬للكبي القهار(‪ ،)1‬فينبيغ ل أن يَّلزم اتلكبي واتلعظيم‬
‫لربه ف الليل وانلهار‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ} [اإلرساء]‪ ،‬وأن‬ ‫ِ‬

‫خيلع عن نفسه أوصاف الربوبية‪ ،‬ويلبس رداء العبودية‪ ،‬قال ‘‪:‬‬


‫>ال يد ل اجلن‪ ،‬من اكن يف قلبه مثقنل ‪،‬رة من كرب<(‪.)2‬‬

‫‪ 60‬ـ ـ ‪61‬ـ ـ اهلل (الشَّاكر‪ ،‬الشَّكور) عز شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [النساء]‪.‬‬


‫وقال جل شأنه‪{ :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [اتلغابن]‪.‬‬
‫َّ‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا شنكر‪ :‬اسم فاعل للموصوف بالشكر‪،‬‬
‫َّ‬
‫وا شكور‪ :‬صيغة مبالغة من فعول‪ ،‬أي كثي الشكر‪ ،‬وـهو أبلغ من‬
‫شاكر‪ ،‬وأصل الشكر‪ :‬الزيادة‪ ،‬وانلماء‪ ،‬والظهور‪ ،‬يقال‪ :‬شكرت‬
‫األرض‪ :‬إذا كرث انلبات فيها‪ ،‬وحقيقة الشكر‪ :‬اثلناء ْع املحسن‪،‬‬
‫بذكر إحسانه(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو أول بصفة الشكر‬
‫من لك مشكور‪ ،‬بل ـهو ا شكور ْع احلقيقة‪:‬‬
‫(‪ )1‬فهو تعاىل يشكر اليسي من الطاعة‪ ،‬فيجازي عليه الكثي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬املفردات (ص ‪ ،)461‬لسان العرب (‪)2305/4‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح مسلم (‪.)91‬‬ ‫(‪ )1‬انظر األسىن (‪.)467‬‬

‫‪187‬‬
‫‪‬‬
‫ٍّ‬
‫املضاعف من اثلواب‪ ،‬بغي عد وَّل حساب‪.‬‬
‫(‪ )2‬ويغفر الكثي من الزلل‪ ،‬ويقبل القليل من صالح العمل‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه يشكر العباد ْع شكرـهم ل‪ ،‬فَّييدـهم من‬
‫خيه وفضله‪ً ،‬‬
‫نعما ـهو أعطاـهم إياـها‪ ،‬وجعلها هلم‪ ،‬وـهذا من شكره‪.‬‬
‫(‪ )4‬ويشكر عبده بقول بأن يثن عليه بي مَّلئكته‪ ،‬ويف املأل‬
‫األْع‪ ،‬ويليق ل الشكر بي عباده‪ ،‬ويشكره بفعله‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو سبحانه يعطي اجلزيل من انلعمة‪ ،‬فيض باليسي من‬
‫الشكر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫(‪ )6‬ومن كمال شكره جل جَّلل أنه يعطي العبد‪ ،‬ويوفقه ملا‬
‫يشكره عليه‪ ،‬فمنه السبب‪ ،‬ومنه املسبب‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو تعاىل يشكر القليل من العمل والعطاء‪ ،‬مع إنعامه‬
‫ّ‬
‫الكثي‪ ،‬فَّل يستقله أن يشكره‪ ،‬ومع ـهذا يثيب عليه اثلواب اجلليل‪.‬‬
‫شيئا ل سبحانه‪َّ ،‬‬
‫عوضه‬ ‫(‪ )8‬ومن شكره اجلميل أن من ترك ً‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫أفضل منه‪ ،‬وإذا بذل ل شيئًا‪ ،‬رده عليه أضعافا مضاعفة‪ ،‬وـهو اذلي‬
‫َّ‬
‫وفقه للرتك وابلذل‪ ،‬وشكره ْع ـهذا‪ ،‬وذاك(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪ { :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ} [الشورى]‪ ،‬فإنه سبحانه يغفر اذلنوب لعباده‪ ،‬إذا تابوا وأنابوا‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)65‬جامع ابليان (‪ ،)18/25‬جمموع الفتاوى (‪ ،)203/18‬عدة الصابرين‬
‫(‪ 419‬ـ ‪ ،)431‬تفسي األسماء (‪ .)48‬احلق الواضح (‪.)70‬‬

‫‪188‬‬
‫‪‬‬
‫ويشكر هلم ْع طاعتهم ل‪ ،‬وـهو يغفر لعباده املؤمني ْع تقصيـهم‬
‫ٌ‬
‫عن شكره‪ ،‬ألنه َّل حييص أحد شكره ْع اتلمام والكمال‪ ،‬وأنه تعاىل‬
‫من غفر ل‪ ،‬فإنه يشكره بزيادة اثلواب ل‪ ،‬واثلناء عليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬وقال سبحانه‪{ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ} [ابلقرة]‪ ،‬أي‪ :‬أن‬
‫الل تعاىل (عليم) بمن يستحق الشكر‪ ،‬فيجازيه ْع وفق علمه‬
‫الواسع‪ ،‬فهو يعلم سبحانه مقادير أعمال‪ ،‬وأقوال الشاكرين‪ ،‬وكيفياتها‪،‬‬
‫وحقائقها‪ ،‬فَّل ينقص من أجورـهم شيئًا‪ ،‬فهو تعاىل عليم بمن يستحق‬
‫الشكر ْع عمله‪ ،‬وقبول‪ ،‬وإثابته عليه منهم‪ ،‬عليم بمن أخلص فيه‪،‬‬
‫أو خَّلفه‪ ،‬فهو أعلم بالشاكرين حقيقة‪ ،‬كذلك أن ترك اثلواب عن‬
‫اإلحسان َّل يكون إَّل عن جحود للفضيلة‪ ،‬أو جهل بها(‪ ،)1‬والل‬
‫تبارك وتعاىل َّ‬
‫مزنه عن ذلك لكه‪ ،‬فجاء اَّلقرتان كدَّللة ْع نيف ـهذه‬
‫العيوب‪ ،‬فإن ـهذا من وصف العباد‪َّ ،‬ل رب العباد‪.‬‬
‫هللالل ا شنكر وا شكور‪ :‬أ) أنه تعاىل جيازي عدوه بما‬
‫يفعله من اخلي واملعروف ف ادلنيا‪ ،‬وخيفف به عنه يوم القيامة‪ ،‬فَّل‬
‫يضيع عليه ما يعمله من اإلحسان‪ ،‬وـهو من أبغض خلقه‪.‬‬
‫لعبد من أجل تنحية شوكة(‪.)2‬‬
‫ب) ومن هللالهل أنه غفر ٍ‬
‫لكب َ‬
‫املنء(‪.)3‬‬ ‫بِغ سقت ا َ‬‫ ـج) ومن هللالل شكره‪ :‬أنه غفر المرأة ِ ٍّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬األلويس (‪ ،)39/2‬ابن اعشور (‪ )65/2‬بترصف‪.‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )2‬قال ‘‪> :‬بينمن رهللل يميش بطريق‪ ،‬وهللد غصن شوك ٰ‬
‫هل ةيفر هل< ابلخاري‬‫ىلع الطريق‪ ،‬ةأ ر ‪ ،‬ةشكر ا‬
‫(‪ ،)652‬مسلم (‪.)1914‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )3‬قال ‘‪> :‬غفر المرأة مومس‪ ،‬مرت بكلب ىلع رأس ريك يلهث اكد يقتله العطش‪ ،‬ةزنعت فهن ةأوثقته‬
‫خبمنرهن ةزنعت هل من املنء ةيفر هلن بذ ا< ابلخاري (‪ ،)3467‬ومسلم (‪.)2245‬‬

‫‪189‬‬
‫‪‬‬
‫د) أنه يعطي العبد ما يشكر عليه‪ ،‬ثم يشكره ْع إحسانه إىل‬
‫نفسه‪َّ ،‬ل ْع إحسانه إيله سبحانه‪ ،‬ووعده ْع إحسانه نلفسه‪ ،‬أن‬
‫حيسن جزاءه‪ ،‬ويقربه دليه‪.‬‬
‫َّ‬
‫فسَّم‬ ‫اشتق للشاكرين اسمي من أسمائه احلسىن‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ ـه) أنه‬
‫وشكورا)‪ ،‬فأعطاـهم من وصفه ‪َّ ،‬‬
‫وسماـهم باسمه‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫شنكرا‪،‬‬ ‫نفسه (‬
‫(‪)1‬‬

‫و) من هللالهل‪ :‬أنه جيازي عباده ف طااعت يسية‪ ،‬ف أيام قليلة‪،‬‬
‫علية رسمدية ‪.‬‬ ‫جنات َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك مؤمن عرف َّ‬
‫ربه بهذا اَّلسم‪ ،‬أن يَّلزم‬
‫شكره‪ ،‬ف يلله‪ ،‬ونهاره‪ ،‬ف رسه‪ ،‬وعَّلنيته‪ ،‬بفعله‪ ،‬وقول‪ ،‬وجنانه‪ ،‬ملا‬
‫أسدى إيله تعاىل من نعمه وآَّلئه اليت َّل حتد‪ ،‬وَّل حتىص‪ ،‬وَّل تعد‪،‬‬
‫وأعظمها نعمة اإلسَّلم‪ ،‬املغبون بها أكرث األنام‪.‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫شكرا خيصها‪ ،‬وْع اللسان من‬ ‫"ثم اعلم أن ْع لك جارح ٍة‬
‫ذلك مثل ما ْع سائر اجلوارح‪ ،‬وشكر لك جارحة إنما ـهو باستعماهلا‬
‫بتقوى الل العظيم‪ ،‬ف امتثال ما خيصها من الطااعت‪ ،‬واجتناب ما‬
‫ً‬
‫خيصها من العصيان"(‪ ،)3‬وينبيغ أن تشكر من أسدى إيلك معروفا‬
‫من أي إنسان‪ ،‬وأول بذلك الوادلان‪ ،‬الذلان اكنا ً‬
‫سببا لوجودك‪ ،‬بإذن‬
‫من الرْحن‪ ،‬واعلم "أن مزنلة الشكر‪ ،‬يه من أْع املنازل‪ ،‬ويه فوق‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ألن الصفات مشتقة من األسماء‪ ،‬فلك اسم يدل ْع صفة‪َّ ،‬ل العكس‪ ،‬انظر شفاء العليل (‪)277‬‬
‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬مدارج السالكي (‪ ،)252/2‬عدة الصابرين (‪ ،)426‬رشح أسماء الل للرازي (‪.)261‬‬
‫(‪ )3‬األسىن (‪.)326/1‬‬

‫‪190‬‬
‫‪‬‬
‫ٰ‬
‫رض) وزيادة"(‪ ،)1‬فالزمها حىت تنال رض ادليان‪.‬‬ ‫مزنلة (ا‬

‫‪ 62‬ـ ـ اهلل (العليم) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ} [ابلقرة]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬العلم‪ :‬معرفة اليشء‪ ،‬وإدراكه حبقيقته(‪،)2‬‬
‫وـهو من أبنية املبالغة‪ْ ،‬ع وزن فعيل‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو العليم اذلي َّل أعلم منه‪:‬‬
‫‪ )1‬العالم بكل يشء‪ ،‬اذلي لكمال علمه يعلم ما بي أيدي‬
‫اخلَّلئق وما خلفهم‪ ،‬فَّل تسقط ورقة إَّل بعلمه‪ ،‬وَّل تتحرك ذرة إَّل‬
‫بإذنه‪.‬‬
‫ََ‬ ‫‪ )2‬يعلم دبيب اخلواطر ف القلوب حيث َّل َّ‬
‫الملك‪،‬‬ ‫يطلع عليها‬
‫يطلع عليه القلب ‪.‬‬‫ويعلم ما سيكون منها‪ ،‬حىت َّل ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ )3‬فالغيب عنده شهادة‪ ،‬والَّس عنده عَّلنية‪ ،‬واملستور دليه‬


‫أحد إيله فقي ْع ادلوام ملهوف‪.‬‬‫مكشوف‪ ،‬ولك ٍ‬
‫َّ‬
‫الَّس وأخىف من الَّس‪ ،‬فالَّس‪ :‬ما انطوى عليه ضمي‬ ‫‪ )4‬يعلم‬
‫َّ‬
‫تتحرك به شفتاه‪ ،‬وأخىف منه‪ :‬ما لم خيطر‬ ‫العبد‪ ،‬وخطر بقلبه‪ ،‬ولم‬
‫بقلبه بعد‪ ،‬فيعلم أنه سيخطر بقلبه كذا وكذا‪ ،‬ف وقت كذا وكذا(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬طريق اهلجرتي (‪.)234‬‬ ‫(‪ )1‬انظر مدارج السالكي (‪ )2( .)252/2‬املفردات (‪ ،)580‬اللكيات (‪.)610‬‬
‫(‪ )4‬الوابل الصيب (‪ ،)62‬شفاء العليل (‪ 41‬ـ ‪.)43‬‬

‫‪191‬‬
‫‪‬‬
‫ةمن كمنل علمه سبحنًه وسعته‪:‬‬
‫(‪ )1‬أنه العالم بما اكن‪ ،‬وما يكون قبل كونه‪ ،‬وبما يكون وملا‬
‫م‬
‫يكن َبع هد‪ ،‬قبل أن يكون‪ ،‬فهو يعلم ما اكن وما يكون من‬
‫املستقبَّلت اليت َّل نهاية هلا‪.‬‬
‫(‪ )2‬ومن كمال علمه أنه أحاط علمه جبميع األشياء‪ ،‬باطنها‬
‫وظاـهرـها‪ ،‬دقيقها وجليلها‪ْ ،‬ع أتم اإلماكن‪.‬‬
‫(‪ )3‬يعلم ما ف السموات السبع‪ ،‬واألرضي السبع‪ ،‬وما بينهما‪،‬‬
‫وما حتت الرثى‪ ،‬وما ف قعر ابلحار‪ ،‬ومنبت لك شعرة‪ ،‬ولك شجرة‪،‬‬
‫ومسقط لك ورقة‪ ،‬وعدد احلصا والرمل والرتاب‪ ،‬ويعلم لك يشء‪،‬‬
‫وَّل خيىف عليه يشء‪ ،‬وـهو ْع العرش استوى‪ ،‬فوق لك الورى‪.‬‬
‫(‪ )4‬ومن سعة علمه أنه أحاط علمه بالواجبات‪ ،‬واملستحيَّلت‪،‬‬
‫واملمتنعات‪ ،‬واملمكنات‪ ،‬وباملاضيات‪ ،‬واملستقبَّلت‪ ،‬واملحسوسات‪،‬‬
‫واملعنويات‪ ،‬فَّل خيلو عن علمه ماكن‪ ،‬وَّل زمان‪.‬‬
‫(‪ )5‬ومن كمال أنه يعلم املمتنعات حال امتناعها‪ ،‬ويعلم ما‬
‫يرتتب ْع وجودـها لو هوجدت ‪.‬‬
‫(‪)2()1‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭰ ﭱ ﭲ‬


‫ﭳ ﯫ} [يس]‪ ،‬جاء ـهذا اَّلقرتان اجلليل ف سياق قيامه تعاىل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ} [األنبياء‪.]22 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬لسان العرب (‪ ،)3082/4‬السنة لإلمام أْحد (‪ ،)48‬احلق املبي (‪ ،)36‬توضيح الاكفية‬
‫الشافية (‪.)118‬‬

‫‪192‬‬
‫‪‬‬
‫ْع تدبي ـهذا انلظام الكوين العجيب(‪ .)1‬فإن العزة يه‪ :‬الغلبة‪،‬‬
‫َّ‬
‫والقوة كما سبق‪ ،‬فدل ذلك ْع أن قيامه ْع تدبي ـهذا الكون ابلاـهر‬
‫للعقول‪ ،‬املتقن‪ ،‬ناشئ عن كمال العلم‪ ،‬وكمال القوة والقهر‪ ،‬حيث‬
‫َّ‬
‫مكن ـهذه األجرام العظام بهيئاتها‪َّ ،‬ل تتغي‪ ،‬وَّل تتحول‪ ،‬وَّل‬
‫تصطدم‪ ،‬إَّل أن يريد الل إبادة ـهذا الكون‪ ،‬فتسكن حراكته وتفىن‬
‫موجوداته‪ ،‬وأنها مهما عظمت أجرامها‪ ،‬واتسعت أرجاؤـها‪ ،‬فَّل يعز‬
‫عليه إجيادـها وتدبي أمورـها ْع وجه العلم واحلكمة(‪ ،)2‬فَّل يستطيع‬
‫أحد أن يمنع ما أراده سبحانه ف تدبيه وتكوينه‪َّ " ،‬‬ ‫ٌ‬
‫فعزته تمنع أن‬
‫يكون ف ملكه ما َّل يشاؤه‪ ،‬أو أن يشاء ما َّل يكون"(‪.)3‬‬
‫وبعًته تعاىل كذلك قهرـهما وسيـهما ْع الوجه املخصوص‪ ،‬إىل‬
‫وقت معلوم‪ ،‬وـهو العليم بتدبيـهما(‪ ،)4‬واألنفع من اتلداوير املمكنة‬
‫هلما(‪ ،)5‬وأن عزته تعاىل إنما تكون بعلمه الشامل للك يشء‪ ،‬أي‪ :‬أن‬
‫إنفاذ ـهذه العزة‪ ،‬إنما يكون بعلم ومعرفة‪ ،‬بمواطنها‪ ،‬وعواقبها‪ ،‬وليس‬
‫كعزة املخلوق‪ ،‬اليت تنطلق ف الغالب من اهلوى‪ ،‬والظلم‪ ،‬واجلهل‪ ،‬فدل‬
‫ْع عزة قوامها شمول العلم‪ ،‬وإحاطته‪ ،‬فيه عزة (العليم)(‪ )6‬سبحانه‪.‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ} [النساء]‪ ،‬دل اَّلقرتان‬
‫ْع‪ :‬أنه تعاىل لو يعامل عباده وجيازيهم‪ ،‬بما يعلمه سبحانه من ذنوبهم‬
‫الظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة‪ ،‬هللكوا‪ ،‬ولكنه حليم بمن عصاه‪ ،‬يمهله‪ ،‬وَّل يهمله‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬كما ف سورة فصلت (‪ )12‬ف خلقه سبع سموات ف يومي‪ )2( .‬انظر نظم ادلرر (‪.)262/6‬‬
‫(‪ )4‬أي‪ :‬الشمس والقمر كما ف سورة األنعام (‪.)96‬‬ ‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)123/1‬‬
‫(‪ )6‬ولل األسماء احلسىن (‪.)349‬‬ ‫(‪ )5‬انظر تفسي ابليضاوي (‪.)507/1‬‬

‫‪193‬‬
‫‪‬‬
‫فحلمه عن علم‪ ،‬فإن املخلوق حيلم عن جهل‪ ،‬ويعفو عن عجز‪،‬‬
‫والرب تعاىل حليم مع كمال علمه‪ ،‬ويعفو مع تمام قدرته‪ ،‬وما‬
‫أضيف يشء إىل يشء أزين من حلم‪ ،‬إىل علم‪ ،‬ومن عفو‪ ،‬إىل اقتدار(‪.)1‬‬
‫(‪ )3‬وقال سبحانه‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ}‬
‫[األحزاب]‪ ،‬أي‪ :‬أن خلقه تعاىل وأمره صدرا عن حكمته‪ ،‬وعلمه‪،‬‬
‫وحكمته وعلمه اقتضيا ظهور خلقه وأمره‪ ،‬فمصدر اخللق واألمر عن‬
‫ـهذين املتضمني هلاتي الصفتي‪ ،‬وهلذا يقرن سبحانه بينهما(‪ )2‬عند‬
‫ذكر إنزال كتبه‪ ،‬وعند ذكر ملكه وربوبيته‪ ،‬إذ ـهما مصدر اخللق‬
‫َ ِ‬ ‫ً‬
‫أجلها‬ ‫واألمر‪ ،‬وملا اكن سبحانه اكمَّل ف مجيع أوصافه‪ ،‬ومن‬
‫حكمته‪ ،‬اكنت اعمة اتلعلق بكل مقدور‪ ،‬كما أن علمه اعم اتلعلق‬
‫بكل معلوم(‪.)3‬‬
‫هللالل العليم‪ :‬من هللالل علمه تبارك وتعاىل أنه >كتب‬
‫مقندير اخلالئق قبل أن خيلق ا سمنوات واألرض خبمسني ألف سن‪،،‬‬
‫وعرشه ٰ‬
‫ىلع املنء<(‪ ،)4‬وأمر القلم أن يكتب فقال ل‪> :‬اكتب مقندير‬
‫لك يشء ح ٰ‬
‫ىت تقوم ا سنع‪ .)5(<،‬فتم لك يشء‪ ،‬فجاءت املقادير‪ْ ،‬ع‬
‫وفق علمه وتقديره‪ ،‬دون تأخي‪ ،‬أو ختلف‪ ،‬أو تغي‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث املؤمن هجل مقامات‬
‫ِ‬
‫العبودية‪ ،‬اليت من أعظمها‪ ،‬وأجلها‪ ،‬معرفة أسماء الل تعاىل وصفاته‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬جاء ـهذا اَّلقرتان ف القرآن (‪ )37‬مرة‪.‬‬ ‫(‪ )1‬عدة الصابرين (ص ‪ ،)236‬ولل األسماء احلسىن (‪.)351‬‬
‫(‪ )3‬الصواعق املرسلة (‪ )4( .)1365/4‬مسلم (‪ )5( .)2044‬صححه األبلاين ف مشاكة املصابيح (‪.)34/1‬‬

‫‪194‬‬
‫‪‬‬
‫وتقديسه‪ ،‬فإن علم العباد بربهم وصفاته‪ ،‬وعبادته وحده‪ ،‬يه الغاية‬
‫املطلوبة من اخللق واألمر‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬
‫ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ‬
‫‪ ،‬وكذلك اخلوف منه تعاىل‪،‬‬ ‫[الطَّلق]‬ ‫ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ}‬
‫وخشيته‪ ،‬ومراقبته‪ ،‬واحلياء منه‪ ،‬ف الَّس والعلن‪ ،‬ألن العبد إذا أيقن‬
‫أن الل اعلم حبال‪ ،‬مطلع ْع باطنه وظاـهره‪ ،‬فإن ذلك يدفعه إىل‬
‫اَّلستقامة ْع أمر الل ف لك أحوال‪ ،‬فزتكو أعمال قلبه وجوارحه‪،‬‬
‫ويصل إىل مرتبة اإلحسان اليت يه أْع درجات اإليمان(‪.)1‬‬

‫‪ 63‬ـ ـ اهلل (احلفيظ) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ} [ـهود]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلفيظ‪ :‬مبالغة من اسم الفاعل احلافظ‪،‬‬
‫واحلفظ نقيض النسيان‪ ،‬وـهو اتلعاـهد‪ ،‬وقلة الغفلة‪ ،‬وحفظ اليشء‪:‬‬
‫صيانته من اتللف والضياع‪ ،‬ويستعمل احلفظ ف العلم‪ْ ،‬ع معىن‬
‫الضبط‪ ،‬وعدم النسيان‪ ،‬واحلفيظ‪ :‬املولك باليشء حيفظه(‪.)2‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل وعَّل ـهو احلفيظ وـهو خي احلافظي‪،‬‬
‫اذلي َّل يغيب عما حيفظه من األشياء لكها‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫(‪ )1‬أنه حيفظ السماوات واألرض ومن فيهما‪ ،‬تلبىق مدة بقائها‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)26/1‬انظر‪ :‬طريق اهلجرتي (ص‪.)275‬‬
‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)929/2‬املفردات (ص ‪.)244‬‬

‫‪195‬‬
‫‪‬‬
‫فَّل تزول‪ ،‬وَّل تدثر‪ ،‬فَّل يثقله ْحلهما‪ ،‬لكمال قدرته َّ‬
‫وقوته(‪.)1‬‬
‫(‪ )2‬وـهو اذلي حيفظ ْع خلقه وعباده ما يعملون‪ ،‬من خي أو‬
‫رش‪ ،‬من ٍّ‬
‫رس وعلن‪ ،‬وصغي أو كبي‪ ،‬فيجازيهم بها ف يوم ادلين‪.‬‬ ‫ّ‬

‫(‪ )3‬وـهو اذلي َّل يعزب عن حفظه األشياء لكها‪ ،‬ولو اكنت‬
‫مثقال ذرة ف األرض‪ ،‬أو ف السموات العَّل‪.‬‬
‫(‪ )4‬وـهو تعاىل حيفظ عبده من املهالك‪ ،‬واملعاطب‪ ،‬ويقيه مصارع‬
‫السوء‪ ،‬وقد جعل ل حفظه‪ :‬من املَّلئكة ـهم املعقبات بأمره‪.‬‬
‫(‪ )5‬وحفظ الل تعاىل نواعن‪:‬‬
‫األول‪ :‬حفظ اعم‪ :‬حفظه جلميع املخلوقات بتيسيه هلا ما يقيها‪،‬‬
‫وحيفظ بنيتها‪ ،‬وتميش إىل مصاحلها‪ ،‬بإرشاده وـهدايته العامة اليت‬
‫قال تعاىل عنها‪{ :‬ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ} [طه‪.]50 :‬‬
‫اثلنين‪ :‬حفظ نص‪ :‬وـهو أرشف انلوعي‪ :‬وـهو حفظه تعاىل‬
‫ألويلائه‪ ،‬وـهو كذلك نواعن‪ ،‬حفظهم ف دينهم‪ ،‬ودنياـهم‪:‬‬
‫أ) حفظه يف مصنلح دًين ‪ :‬كحفظه ف بدنه‪ ،‬وأـهله‪ ،‬وودله‪،‬‬
‫ومال‪ ،‬فجعل ل معقبات حيفظونه بأمر الل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮠ ﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ} [الرعد‪.]11 :‬‬
‫ب) حفظه يف دينه وإيمنًه‪ :‬فيحفظه من الشبهات املضلة‪ ،‬ومن‬
‫َّ‬
‫املحرمة‪ ،‬ولك ما يرض إيمانه‪ ،‬أو يزلزل يقينه‪ ،‬فيعافيهم‬ ‫الشهوات‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[فاطر‪ ،]41 :‬وقال‪{ :‬ﯷ ﯸ‬ ‫(‪ )1‬قال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ}‬
‫ﯹ} [ابلقرة‪.]255 :‬‬

‫‪196‬‬
‫‪‬‬
‫وخيرجهم منها بسَّلم وحفظ وأمان‪ ،‬وحيفظهم من أعدائهم من اإلنس‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫واجلان فينرصـهم عليهم‪ ،‬وحيفظه عند موته‪ ،‬فيتوفاه ْع اإليمان‪ ،‬وْع‬
‫حسب ما عند العبد من ايلقي‪ ،‬واإليمان تكون مدافعة الرْحن‪ ،‬قال‬
‫جتد جتنها<(‪.)2()1‬‬ ‫حيفظا‪ ،‬احفظ ا‬ ‫‘‪> :‬احفظ ا‬
‫هللالل احلفيظ‪ :‬أنه حيفظ األشياء بذواتها وصفاتها‪ ،‬فمن‬
‫َّ‬
‫ذلك‪ :‬أنه جعل احلفظ صيانة املتقابَّلت‪ ،‬املتضادات بعضها عن بعض‪،‬‬
‫اكتلقابل بي املاء وانلار‪ ،‬فإنهما يتعاديان بطباعهما‪ ،‬فإما أن يطفئ املاء‬
‫انلار‪ ،‬وإما أن حتيل انلار املاء إىل خبار‪.‬‬
‫َّ‬
‫وقد مجع الل بي ـهذه املتضادات املتنازعة ف سائر العنارص‬
‫واملركبات‪ ،‬وسائر األحياء‪ ،‬اكإلنسان وانلبات واحليوان‪ ،‬ولوَّل حفظه‬
‫هلذه األسباب‪ ،‬وتنظيم معادَّلتها‪ ،‬وارتباط العلل بمعلوَّلتها؛ تلنافرت‬
‫وتباعدت‪ ،‬وبطل امزتاجها‪ ،‬فهذه يه األسباب اليت حتفظ اإلنسان من‬
‫اهلَّلك‪ ،‬وتؤمن ل حبفظ الل احلياة(‪.)3‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه حيفظ العبد بصَّلحه ف ودله‪ ،‬وودل ودله(‪.)4‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن من أعظم ثمرات ـهذا اَّلسم الكريم‪ ،‬حفظ حدود‬
‫الل تعاىل‪ ،‬وحفظ ما وجب عليه من حقوقه‪ ،‬قال ‘‪> :‬احفظ ا‬
‫حيفظا<(‪ ،)5‬أي‪ :‬احفظ أوامره باَّلمتثال‪ ،‬ونواـهيه باَّلحتساب‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)2516‬‬
‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)67‬جامع العلوم (‪ ،)465/1‬تيسي الكريم (‪ ،)488/5‬احلق الواضح (‪.)59‬‬
‫(‪ )3‬املقصد األسىن (‪ ،)100‬وأسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)507‬‬
‫(‪ )4‬كما قيل ف قول‪{ :‬ﯦ ﯧ ﯨ} الكهف‪ ،82 :‬نور اَّلقتباس (‪َّ )51‬لبن رجب احلنبل‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح الرتمذي (‪.)2516‬‬

‫‪197‬‬
‫‪‬‬
‫وحدوده بعدم تعديها‪ ،‬واَّلبتعاد عنها‪ ،‬فيحفظك الل تعاىل ف نفسك‪،‬‬
‫ودينك‪ ،‬ومالك‪ ،‬وودلك‪ ،‬ويف مجيع ما آتاك الل من فضله‪ ،‬واعلم أن‬
‫أعظم احلفظ‪ ،‬حفظ القلوب‪ ،‬وحراسة ادلين عن الكفر‪ ،‬وأنواع‬
‫الفنت‪ ،‬وفنون األـهواء‪ ،‬وابلدع‪ ،‬وانلفاق(‪.)1‬‬

‫‪ 64‬ـ ـ اهلل (األكرم) جل شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ} [العلق]‪.‬‬


‫ىن ا ليوي‪ :‬أخّب سبحانه وتعاىل أنه األكرم بصيغة‬ ‫املع ٰ‬
‫ّ‬
‫اتلفضيل واتلعريف هلا‪ ،‬فدل ْع أنه األكرم وحده‪ ،‬خبَّلف ما لو قال‪:‬‬
‫(وربك أكرم)‪ ،‬فإنه َّل يدل ْع احلرص‪ ،‬بل أطلق اَّلسم يلبي أنه‬
‫ً‬
‫األكرم مطلقا‪ ،‬فدل ْع أنه متصف بغاية الكرم‪ ،‬اذلي َّل يشء فوقه‪،‬‬
‫وَّل نقص فيه‪ ،‬ولفظ الكرم لفظ جامع للمحاسن واملحامد‪َّ ،‬ل يراد‬
‫به جمرد اإلعطاء‪ ،‬بل اإلعطاء من تمام معناه‪ ،‬فإن اإلحسان إىل الغي‬
‫تمام املحاسن‪ ،‬والكرم كرثة اخلي‪ ،‬ويَّسته(‪.)2‬‬
‫واألكرم‪ :‬ـهو األحسن‪ ،‬واألنفس‪ ،‬واألوسع‪ ،‬واألعظم‪ ،‬واألرشف‪،‬‬
‫واألْع من غيه‪ ،‬ف لك وصف كمال(‪.)4()3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو األكرم اذلي َّل أكرم منه‪:‬‬
‫‪ )1‬فهو أكرم األكرمي َّل يوازيه كريم‪ ،‬وَّل يعادل فيه نظي‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر جمموع فتاوى ابن تيمية (‪ )293/16‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )1‬انظر األسىن (‪ ،)312/1‬احلق الواضح (‪.)61‬‬
‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ} [احلجرات‪.]13 :‬‬
‫(‪ )4‬لسان العرب (‪ ،)510/12‬املفردات (ص ‪ ،)707‬وارجع إىل رشح اسمه (الكريم) فهناك توسع ف الرشح‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫‪‬‬
‫ه‬
‫‪ )2‬فهو تعاىل ابليه‪ ،‬الكثي اخلي وانلعم‪ ،‬اليت َّل حتىص وَّل تعد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫وَّل تستقىص‪ ،‬وَّل حتد‪ ،‬فهو سبب لك خي‪ ،‬و همسهله وميَّسه‪.‬‬
‫‪ )3‬فهو األكرم ف ذاته‪ ،‬وأوصافه‪ ،‬وأفعال‪ ،‬واخلي لكه بيديه‪،‬‬
‫واخلي لكه منه‪ ،‬وانلعم لكها ـهو موَّلـها‪ ،‬والكمال لكه ل‪ ،‬واملجد لكه‬
‫ه ًّ‬
‫األكرم حقا‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬فهو‬
‫‪ )4‬فهو مكرم‪ ،‬متفضل‪ ،‬منعم بما َّل يستحق عليه من اإلفضال‪.‬‬
‫ويكرم‬‫‪ )5‬والل جيل نفسه‪ ،‬ويكرم نفسه‪ ،‬فهو أـهل أن هجيَ َّل ه‬
‫ه َّ‬
‫ويعظم‪ ،‬ومع ذلك العباد َّل حيصون إجَّلل‪ ،‬وإكرامه(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ}‬
‫[العلق]‪ ،‬قرن ربوبيته بـ(األكرم)‪ ،‬فدل ْع أن ربوبيته تعاىل مقرونة‬
‫بسعة اخليات‪ ،‬وانلعم‪ ،‬واجلود‪ ،‬والفضل‪ ،‬الَّلحمدود جلميع‬
‫الاكئنات‪ ،‬ف لك األحوال واألوقات‪ ،‬وإن من خصائص ـهذه الربوبية‬
‫اجلليلة اخليات والّباكت وأن ربوبيته مزنـهة من لك انلقائص‬
‫والسوء والعيوب من مجيع الوجوه(‪.)2‬‬
‫َ‬
‫هللالل األكرم‪ :‬أنه إذا ق ِد َر عفا‪ ،‬وإذا وعد وىف‪ ،‬وإذا أعطى‬
‫زاد ْع منتىه الرىج‪ ،‬وَّل يبايل كم أعطى‪ ،‬وملن أعطى‪ ،‬وإن رفعت‬
‫ً‬
‫حاجة إىل غيه َّل يرض‪ ،‬وإذا هج َ‬
‫يف اعتب وما استقىص‪ ،‬وَّل يضيع‬
‫ً‬
‫من َّلذ به واتلىج‪ ،‬ويغنيه عن الوسائل والشفعاء‪ ،‬وإذا أبرص خلَّل‬
‫ً‬
‫جّبه وما أظهره‪ ،‬وإذا أول فضَّل أجزل ثم سرته‪ ،‬فمن اجتمع ل مجيع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي األسماء (‪ ،)51‬مفتاح دار السعادة (‪ ،)242/1‬جمموع الفتاوى (‪ ،)320/16‬إبطال اتلأويَّلت (‪.)660‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )2‬ألنه كما تقدم أن من معاين الكرم اتلزنه عن انلقائص واآلفات‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫‪‬‬
‫ذلك َّل باتللكف‪ ،‬فهو الكريم املطلق‪ ،‬وذلك لل تعاىل فقط‪ ،‬فله‬
‫جَّلل الشأن ف كرمه‪ ،‬وـهو مجال الكمال‪ ،‬وكمال اجلمال(‪.)1‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن اإلكرام احلقييق‪ ،‬ـهو‬
‫إكرام الل للعبد باتلقوى‪ ،‬قال تعاىل‪ { :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ}‬
‫ٰ‬
‫اتلقوى<(‪ ،)2‬وحبسب تقوى العبد يكون‬ ‫[احلجرات‪ ،]13 :‬وقال ‘‪> :‬ا كرم‬
‫إكرامه عند الكريم األكرم‪ ،‬وينبيغ للعبد أن يهظهر كرائم الل تعاىل عليه‪،‬‬
‫ا‬
‫قال ‘‪> :‬ةإ‪،‬ا آتنك ا منال ةلر أثر ًعم‪ ،‬ا عليا وكرامته<(‪.)3‬‬

‫‪ 65‬ـ ـ ‪ 66‬ــ اهلل (األول‪ ،‬اآلخر) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯴ ﯵ ﯶ} [احلديد‪.]3 :‬‬


‫قال ‘‪> :‬امهلل أًت األول ةليس قبلا يشء‪ ،‬وأًت اآل ر‬
‫ةليس بعدك يشء<(‪.)4‬‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬األول‪ :‬نقيض اآلخر‪ ،‬من أبنية املبالغة ْع وزن‬‫املع ٰ‬
‫ً‬
‫أيضا‪ :‬الرجوع إىل َّ‬
‫أو ِل‬ ‫(أفعل)‪ ،‬وـهو اذلي يرتتب ْع غيه‪ ،‬واألويلة‬
‫ه‬
‫اليشءِ‪ ،‬ومبدؤه‪ ،‬أو مصدره‪ ،‬وأصله‪ ،‬ويهستعمل ْع أوجه ‪ ،‬واآلخر‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ً‬
‫وـهو أيضا من أبنية املبالغة ْع وزن (أفعل)‪ ،‬وـهو نقيض املتقدم(‪.)6‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو األول بَّل بداية‪:‬‬
‫‪ )1‬فلم يكن يشء قبله‪ ،‬وَّل معه‪ ،‬فهو تعاىل سابق األشياء‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املقصد األسىن (ص ‪ ،)96‬رشح األسماء للرازي (‪ ،)277‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)365‬‬
‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2713‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح أيب داود (‪.)4063‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)3271‬‬
‫(‪ )6‬انظر املرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪ )5‬انظر املفردات (‪ ،)100‬الصحاح (‪.)1839/5‬‬

‫‪200‬‬
‫‪‬‬
‫لكها‪ ،‬بأوقات َّل نهاية هلا ف الوجود‪ ،‬والصفات‪.‬‬
‫ِ‬
‫وعلو‬ ‫‪ )2‬فله سبحانه اتلقدم املطلق بالقبلية‪ ،‬بكمال اذلات‪،‬‬
‫الشأن‪ ،‬والفوقية‪ ،‬فوق لك املخلوقات‪.‬‬
‫‪ )3‬وـهو اذلي ابتدأت منه مجيع الّبية‪ ،‬فلكها مرجعها إىل الل‬
‫تعاىل‪ :‬بالعطاء‪ ،‬واإلجياد‪ ،‬واإلمداد‪.‬‬
‫والل جل جَّلل ـهو اآل ر بعد لك يشء بَّل نهاية‪:‬‬
‫‪ )1‬ف الوجود‪ ،‬وانلعوت‪ ،‬فهو ابلايق بعد فناء لك اخلليقة‪ ،‬صامتة‪،‬‬
‫وناطقة‪.‬‬
‫ِ‬
‫وعلو شأنه‪ ،‬وصفاته‬ ‫َّ‬
‫فآخريته سبحانه بَّل نهاية ف كمال ذاته‪،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫َّ‬
‫العلية‪ ،‬والسلطان بادليمومية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ادلنيوية‪ ،‬وادلينية‪،‬‬ ‫الّبية‪،‬‬ ‫‪ )3‬وـهو اذلي تنتيه إيله أمور لك‬
‫والكونية‪ ،‬بما ف ذلك من األسباب والوسائل الظاـهرية وابلاطنية‪،‬‬
‫َّ‬
‫دل ـهذان اَّلسمان ْع اإلحاطة الزمانية املطلقة(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن من أعظم ثمرات ـهذين اَّلسمي أن يلحظ‬
‫ربه‪ ،‬وسابقته عليه ف لك نعمة‪َّ ،‬‬
‫دينية‪ ،‬ودنيوية‪ ،‬إذ السبب‬ ‫العبد فضل ِ‬
‫ٍ‬
‫واملسبب منه‪ ،‬كما أن اآلخر يدل ْع أنه ـهو الغاية وانلهاية‪ ،‬اذلي تصمد‬
‫إيله املخلوقات بتأهلها ورغبتها‪ ،‬ومجيع مطابلها‪ ،‬فعبوديَّته باسمه (األول)‬
‫تقتيض اتلجرد عن مطالعة األسباب‪ ،‬والوقوف أو اَّلتلفات إيلها‪ ،‬وجتريد‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مدارج السالكي (‪ ،)31/1‬وطريق اهلجرتي (‪ ،)25‬الاكفية (‪ ،)117‬أسماء الل للرضواين (‪.)299‬‬

‫‪201‬‬
‫‪‬‬
‫انلظر إىل جمرد سبق فضله ورْحته‪ ،‬وأنه ـهو املبتدئ باإلحسان من‬
‫غي وسيلة من العبد‪ ،‬إذ َّل وسيلة ل ف العدم قبل وجوده‪ ،‬وعبوديته‬
‫ً‬
‫باسمه (اآل ر) تقتيض أيضا عدم ركونه ووثوقه باألسباب‪ ،‬والوقوف‬
‫معها‪ ،‬فإنها تنعدم َّل حمالة‪ ،‬وتنقيض باآلخرية‪ ،‬ويبىق ادلائم‪ ،‬ابلايق‬
‫بعدـها‪ ،‬فتأمل عبودية ـهذين اَّلسمي وما يوجبان من صحة‬
‫اَّلضطرار إىل الل وحده‪ ،‬ودوام الفقر إيله دون لك يشء سواه(‪.)1‬‬

‫‪ 67‬ـ ـ اهلل (الظَّاهر) عز شأنه‬

‫قال تعاىل {ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [احلديد‪.]3 :‬‬


‫َّ‬
‫قال ‘‪...> :‬وأًت الظنهر ةليس ةوقا يشء<(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬الظنهر‪ :‬اسم فاعل ملن اتصف بالظهور‪ ،‬ويطلق‬
‫معان‪ ،‬منها‪ :‬العلو‪ ،‬واَّلرتفاع‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﰛ‬ ‫ٍ‬ ‫ْع عدة‬
‫ﰜ ﰝ ﰞ} [الكهف‪ ،]97 :‬وبمعىن الغلبة‪ ،‬والقهر‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬
‫{ﰠ ﰡ} [الصف‪ ،]15 :‬واملعاونة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ} [اتلحريم]‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬ﮛ ﮜ ﮝ} [املمتحنة‪،]3 :‬‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫ظهورا‪ :‬تبي‬ ‫وابليان وإظهار اليشء اخليف‪ ،‬يقال‪ :‬ظهر اليشء‬
‫وانكشف‪ ،‬وما اغب عنك‪ ،‬يقال‪ :‬تكلمت بذلك عن ظهر غيب‪،‬‬
‫َّ‬
‫قال ‘ لسهل بن سعد‪> :‬هل تقرؤهن(‪ )3‬عن ظهر قلب(‪.)5(<)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬طريق اهلجرتي (‪ 19‬ـ ‪ ،)20‬وانظر منهج ابن القيم ف رشح أسماء الل احلسىن (‪.)414‬‬
‫(‪ )4‬صحيح النسايئ (‪.)3339‬‬ ‫(‪ )3‬أي السور من القرآن‪.‬‬ ‫(‪ )2‬مسلم (‪.)2713‬‬
‫(‪ )5‬انظر معجم مقاييس اللغة (‪ ،)471/3‬اللسان (‪ ،)2764/5‬واشتقاق أسماء الل (‪.)137‬‬

‫‪202‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو الظنهر اذلي َّل أظهر منه‪:‬‬
‫ِ‬
‫(‪ْ )1‬ع لك يشء دونه‪ ،‬وـهو العايل فوق لك يشء‪ ،‬فَّل يشء أْع‬
‫منه ‪ :‬أ) ِ‬
‫بعلو اذلات‪ ،‬والفوقية‪ ،‬ب) وعلو الغلبة‪ ،‬والقهرية‪ ،‬هلل) وعلو‬ ‫(‪)1‬‬

‫الشأن‪ ،‬والقدر‪ ،‬وانتفاء الشبيه‪ ،‬واملثلية(‪.)2‬‬


‫الظاـهر حبججه ابلاـهرة‪ ،‬وبراـهينه ِ‬ ‫َّ‬
‫انلية‪ ،‬وبشواـهد‬ ‫(‪ )2‬وـهو‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫إعَّلمه‪ ،‬ادلالة ْع ثبوت ربوبيته‪ ،‬وأدلة وحدانيته(‪.)3‬‬
‫هم‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ويظهر من يشاء من عباده‪،‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو تعاىل الظاـهر اذلي ي مطلع‬
‫من العلوم واملعارف العقلية‪ ،‬وانلقلية‪ ،‬والغيبية(‪.)4‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الظاـهر اذلي أْع ـهذا ِ‬
‫ادلين وأـهله‪ ،‬فوق لك األديان(‪،)5‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو‬
‫احلجة‪ ،‬والسيف‪ ،‬والسنان‪ْ ،‬ع لك األنام ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫نارصا ف‬ ‫وجعله‬
‫(‪)6‬‬

‫(‪ )5‬وـهو اذلي بدا بنوره مع احتجابه بعالم الغيب‪ ،‬وبدت آثار‬
‫ظهوره ملخلوقاته ف اعلم الشهادة(‪.)7‬‬
‫(‪ )6‬وـهو سبحانه الظاـهر املعي للك العاملي‪ ،‬ف تدبي أرزاقهم‪،‬‬
‫ومعاشهم‪ ،‬وتيسي أمورـهم‪ ،‬وما فيه منافعهم ف دنياـهم‪ ،‬وخيص‬
‫ِ‬
‫أويلاءه املوحدين‪ ،‬فيعينهم ف أمور دينهم‪ ،‬ومعاشهم‪ ،‬ومعادـهم‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)308‬‬ ‫(‪ )1‬ابن جرير (‪.)670/11‬‬
‫(‪ )3‬شأن ادلاعء (‪ ،)88‬تفسي األسماء (‪ ،)60‬وإبطال اتلأويَّلت (‪.)664‬‬
‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﭺ ﭻ ﭼ} [اتلحريم‪ ،]3 :‬وقال سبحانه‪{ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫(‪ )5‬عمدة احلفاظ (‪.)17/3‬‬ ‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ} [اجلن‪ 26 :‬ـ ‪.]27‬‬
‫(‪ )6‬قال تعاىل‪{ :‬ﮗ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫(‪ )7‬الرضواين (‪.)309‬‬ ‫ﭮ ﭯ} [اتلوبة]‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪‬‬
‫وبنرصـهم ْع أعدائهم‪ ،‬ويدفع عنهم كيدـهم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰛ ﰜ‬
‫ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡﰢ} [الصف]‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو تعاىل الظاـهر حبكمته‪ ،‬وخلقه‪ ،‬وصنائعه‪ ،‬ومجيع نعمه‬
‫اليت أنعم بها‪ ،‬فَّل يرى غيه(‪.)1‬‬

‫‪ 68‬ـ ـ اهلل (الباطن) عز شأنه‬

‫قال تعاىل {ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [احلديد‪.]3 :‬‬


‫قال ‘‪ ...> :‬وأًت الظنهر ةليس ةوقا يشء‪ ،‬وأًت ابلنطن‬
‫ةليس دوًا يشء<(‪.)2‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ابلنطن‪ :‬ـهو اسم الفاعل ملن اتصف بابلطون‪،‬‬
‫وابلاطن‪ :‬خَّلف الظاـهر‪ ،‬ويدل ْع اخلفاء‪ ،‬واَّلحتجاب‪ ،‬وعدم‬
‫ً‬
‫الظهور‪ ،‬يقال‪ :‬بطنت فَّلنا وخّبته‪ ،‬إذا عرفت باطنه‪ ،‬وظاـهره(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ابلاطن‪:‬‬
‫(‪ )1‬املحتجب عن أبصار اخلَّلئق‪ ،‬فَّل يهرى ف ادلنيا‪ ،‬وَّل‬
‫تدركه(‪ )4‬األبصار ف اآلخرة‪ ،‬لكمال عظمته‪ ،‬وجَّلل‪ ،‬وكّبيائه‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو ابلاطن‪ :‬جلميع األشياء‪ ،‬فَّل يشء أقرب إىل يش ٍء منه‪.‬‬
‫(‪ )3‬العليم ببواطن األمور‪ ،‬وظواـهرـها‪َّ ،‬‬
‫املطلع ْع الَّسائر‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم (‪.)2713‬‬ ‫(‪ )1‬اتلوحيد َّلبن منده (‪.)82/2‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب (‪ ،)136/1‬وتفسي األسماء (‪ ،)61‬والصحاح (‪.)2079/5‬‬
‫ه‬
‫(‪ )4‬اإلدراك‪ :‬ـهو اإلحاطة باملدرك من لك وجه‪ ،‬وـهو أخص من الرؤية‪ ،‬فهو تعاىل يرى ف اآلخرة وَّل تدرك‬
‫حقيقته سبحانه‪ .‬انظر‪ :‬تفسي ابن كثي (‪ ،)161/2‬ابن السعدي (‪.)268‬‬

‫‪204‬‬
‫‪‬‬
‫والضمائر‪ ،‬واخلبايا‪ ،‬واخلفايا‪ ،‬ودقائق األشياء‪ ،‬وأرسارـها‪.‬‬
‫(‪ )4‬ومن كمال بطونه سبحانه‪ :‬إحاطته بكل يشءٍ‪ ،‬حبيث‬
‫ِ‬
‫املحب من حبيبه‪،‬‬ ‫قرب‬
‫يكون أقرب إيله من نفسه‪ ،‬وـهذا قرب غي ِ‬
‫ـهذا لون‪ ،‬وـهذا لون‪.‬‬
‫َّ‬
‫العلية‪،‬‬ ‫(‪ )5‬وـهو اذلي احتجب عن ذوي األبلاب كنه ذاته‬
‫وكيفية صفاته اجلليلة‪.‬‬
‫علوه‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫قريب ف ِ‬ ‫(‪ )6‬ومن كمال بطونه تعاىل أنه عل ف ِ‬
‫دنوه‪،‬‬
‫دل ـهذان اَّلسمان ْع إحاطته سبحانه جبميع األمكنة‪ ،‬وأنها‬
‫تنتيه إىل الل ف العلو‪ ،‬والقرب(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪" :‬دل اقرتان ـهذه األسماء األربعة‬
‫(األول واآل ر والظنهر وابلنطن) ْع إحاطة الل الزمانية‪ ،‬واملاكنية‪،‬‬
‫فإحاطة أويلته وآخريته بالقبل وابلعد‪ ،‬فلك سابق انتىه إىل أويلته‪،‬‬
‫ولك آخر انتىه إىل آخريته‪ ،‬فأحاطت أويلته وآخريته‪ ،‬باألوائل‬
‫واألواخر‪ ،‬وأحاطت ظاـهريته وباطنيته‪ ،‬بكل ظاـهر وباطن‪ ،‬فما من‬
‫ظاـهر إَّل والل فوقه‪ ،‬وما من باطن إَّل والل دونه‪ ،‬فسبق لك يشء‬
‫بأويلته‪ ،‬وبيق بعد لك يشء بآخريته‪ ،‬وعَّل ْع لك يشء بظهوره‪،‬‬
‫ودنا من لك يشء ببطونه"(‪.)2‬‬
‫هللالل األول واآل ر والظنهر وابلنطن‪ :‬أنها تشتمل ْع أراكن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬ابن جرير (‪ ،)124/27‬طريق اهلجرتي (‪ ،)24‬احلق الواضح (‪ ،)25‬اتلوحيد َّلبن منده‬
‫(‪ )2‬طريق اهلجرينت (‪.)25‬‬ ‫(‪ ،)82/2‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪ 312‬ـ ‪.)315‬‬

‫‪205‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫آخريته‪ ،‬واآلخر ف‬ ‫اتلوحيد‪ ،‬وأراكن العلم واملعرفة‪ :‬فهو األول ف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫وآخرا‪،‬‬ ‫أو َّيلته‪ ،‬والظاـهر ف بطونه‪ ،‬وابلاطن ف ظهوره‪ ،‬لم يزل أوَّل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وظاـهرا وباطنا‪ ،‬فحقيق بالعبد أن يبلغ ف معرفتها‪ ،‬إىل حيث ينتيه‬
‫به قواه‪ ،‬وفهمه(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن اتلعبد باسمه (الظنهر) جيمع القلب ْع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫املعبود‪ ،‬وجيعل ل ًّ‬
‫ربا يقصده‪ ،‬وصمدا يصمد إيله ف حواجئه‪ ،‬وملجأ‬
‫َّ‬
‫استقر ذلك ف قلبه‪ ،‬استقامت ل عبوديته‪ ،‬وصار ل‬ ‫يلجأ إيله‪ ،‬فإذا‬
‫وقت إيله‪.‬‬
‫معقل‪ ،‬وموئل يلجأ إيله‪ ،‬ويهرب إيله‪ ،‬وي ِفر ف لك ٍ‬
‫واتلعبد باسمه (ابلنطن)‪ :‬فهو اتلعبد خبالص املحبة‪ ،‬وصفوة‬
‫الوداد‪ ،‬وأن يكون اإللـه أقرب إيله من لك يشء‪ ،‬وأقرب إيله من‬
‫ً‬
‫ظاـهرا فوق لك يشء‪ ،‬فإذا شهدت إحاطته بالعوالم‪،‬‬ ‫نفسه‪ ،‬مع كونه‬
‫وقرب العبيد منه‪ ،‬وظهور ابلواطن ل‪ ،‬وبدو الَّسائر ل‪ ،‬وأنه َّل يشء‬
‫ّ‬
‫بينه وبينها‪ ،‬فعامله بمقتىض ـهذا الشهود‪ ،‬وطهر ل رسيرتك‪ ،‬فإنها‬
‫ِ‬
‫عنده عَّلنية‪ ،‬وأصلح ل غيبك‪ ،‬فإنه عنده شهادة‪ ،‬وزك ل باطنك‪،‬‬
‫فإنه عنده ظاـهر(‪.)2‬‬

‫‪ 69‬ـ اهلل (املهيمن) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯗﯘ ﯙ} [احلرش‪.]23 :‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬املهيمن‪ :‬اسم فاعل للموصوف باهليمنة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬املصدر السابق (‪.)44‬‬ ‫(‪ )1‬املصدر السابق‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫‪‬‬
‫وأصل اهليمنة‪ :‬احلفظ واَّلرتقاب‪ ،‬واهليمنة ْع اليشء‪ :‬السيطرة‬
‫عليه‪ ،‬وحفظه واتلمكن منه‪ ،‬ويأيت بمعىن الشهيد(‪ ،)1‬وبمعىن‬
‫األمي(‪ )2‬أي الصادق ف قول‪ ،‬وـهو اذلي آمن غيه من اخلوف‪ ،‬والعايل‬
‫ْع اليشء(‪" ،)3‬فاهليمنة شهادة خّبة‪ ،‬وإحاطة‪ ،‬وإبصار للكية ظاـهر‬
‫يتصف بها ِ‬ ‫َّ‬
‫ربنا تبارك وتعاىل‪ ،‬ف‬ ‫األمر وباطنه"(‪ ،)4‬ولك ـهذه املعاين‬
‫أسَّم معانيها‪ ،‬وأْع دَّلَّلتها من الكمال‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو املهيمن ْع لك يشء‪:‬‬
‫قول أو فعل‪َّ ،‬ل‬
‫(‪ )1‬الشاـهد ْع خلقه بما يصدر منهم من ٍ‬
‫املط ه‬
‫لع ْع خفايا األمور‪ ،‬وخبايا‬ ‫يغيب عنه من أفعاهلم يشء‪َّ ،‬‬

‫الصدور‪َّ ،‬ل خيىف منه خافية ـهوية‪ ،‬وَّل بادية ظاـهرة‪.‬‬


‫ِ‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الرقيب‪ ،‬احلفيظ القائم ْع لك اخلَّلئق‪،‬‬
‫بالراعية‪ ،‬والعناية‪ ،‬واإلصَّلح ألحواهلم‪ ،‬وشؤونهم‪ ،‬وأرزاقهم‪ ،‬وآجاهلم‪،‬‬
‫مستو فوقهم ْع عرشه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫املستول عليهم بقدرته‪ ،‬وـهو‬
‫َِ‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه اذلي يهؤمن من شاء من عباده من اخلوف‪،‬‬
‫انلارش األمان واَّلطمئنان‪ ،‬ملن يشاء من األنام‪.‬‬
‫(‪ )4‬وـهو األمي‪ ،‬اذلي َّل ينقص املطيعي يوم ادلين من طااعتهم‬
‫شيئًا‪ ،‬فَّل يثيبهم عليه‪ ،‬وكذلك َّل يزيد ْع العاصي‪ ،‬مما اجرتحوا من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)470/4‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫صح عن ابن عباس كذلك‪ ،‬انظر املرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫انظر لسان العرب (‪ ،)4705/6‬الطّبي (‪ ،)172/6‬الطّباين (‪ ،)407/2‬السمعاين (‪.)43/2‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫نظم ادلرر (‪.)540/7‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪207‬‬
‫‪‬‬
‫السيئات شيئًا‪ ،‬فَّييدـهم عقابًا ْع ما استحقوه‪ ،‬لكمال عدل وصدقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪ )5‬وـهو سبحانه املصدق‪ ،‬اذلي يصدق أنبياءه بإخباره تعاىل‬
‫عنهم‪ ،‬بأنهم صادقي‪ ،‬وبما يظهر من املعجزات ْع أيديهم(‪.)1‬‬
‫هللالل املهيمن‪ :‬أنه يدل ْع أنه تعاىل حميط بغيه بكمال‬
‫ّ‬
‫اَّلستعَّلء‪ ،‬اذلي َّل خيرج عن قدرته مقدور‪ ،‬وَّل ينفك عن حكمه‬
‫مفطور‪ ،‬ل امللك والفضل‪ْ ،‬ع مجيع اخلَّلئق‪ ،‬ف سائر األمور(‪.)2‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه املبالغ ف حفظ أويلائه األبرار‪ ،‬الصائن عنهم‬
‫األرضار‪ ،‬ادلافع عنهم األخطار ف ِ‬
‫الَّس واجلهار‪.‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يتضمن "نعوت اتلعايل‪ ،‬والرفعة‪ ،‬واملبالغة ف‬
‫العلو ْع لك اسم تسَّم به العباد‪ ،‬فهو املهيمن عليه‪ ،‬أي ـهو العايل‬
‫عليه‪ ،‬أي أن ل حقيقته‪ ،‬وـهو املتصف به‪ ،‬ول تمامه األقىص‪ ،‬وكمال‬
‫األرفع‪ ،‬األْع دون اغية‪ ،‬وَّل نهاية‪ ،‬ـهو املؤمن املهيمن ْع لك‬
‫مؤمن‪ ،‬وـهو الكريم املهيمن ْع لك كريم‪ ،‬والرحيم املهيمن ْع لك‬
‫رحيم‪ ،‬واحلليم املهيمن ْع لك حليم‪ ،‬ـهكذا ف سائر األسماء‬
‫َّ‬
‫والصفات‪ ،‬جل املهيمن عن صفات عبيده"(‪.)3‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ملا اكن من معاين ـهذا اَّلسم اجلليل الشهادة‪،‬‬
‫والرقابة‪ ،‬والقيامة ْع لك يشء‪ ،‬ينبيغ للمؤمن أن يكون ل حظ من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬جامع ابليان (‪ ،)36/28‬ابن كثي (‪ ،)105/8‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)488/5‬املنهاج‬
‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪ .‬حممود الرضواين (ص ‪.)266‬‬ ‫(‪ ،)202/1‬الرازي (‪.)202‬‬
‫(‪ )3‬األسىن (‪ 248/1‬ـ ‪ )252‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫‪‬‬
‫ذلك‪ ،‬ف ـهيمنته ْع نفسه‪ ،‬وْع أـهله‪ ،‬ف مراقبته ألعمال وأقوال‪،‬‬
‫فيحجمها عن لك ما يسخط الل‪ ،‬ويبغضه من األعمال‪ ،‬الظاـهرة وابلاطنة‬

‫‪ 70‬ـ ـ اهلل (احلقُّ) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} [طه‪.]144 :‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬احلق بمعىن‪ :‬العدل‪ ،‬نقيض ابلاطل‪ ،‬والظلم‪،‬‬
‫َّ‬
‫ويدل ْع حتقيق وجود اليشء‪ ،‬يقال‪ :‬حققت اليشء إذا تيقنت كونه‬
‫ووجوده‪ ،‬وبمعىن املطابقة‪ ،‬واملوافقة‪ ،‬واثلبات‪ ،‬وعدم الزوال‪ ،‬واحلق‪:‬‬
‫يقال لَّلعتقاد ف اليشء‪ ،‬املطابق ملا عليه ف احلقيقة‪ ،‬ويطلق ْع‬
‫الصدق‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭟ ﭠ ﭡ} [النساء‪.)1(]122 :‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل جَّلل ـهو احلق ْع اإلطَّلق‪:‬‬
‫(‪ )1‬املتحقق كونه‪ ،‬ووجوده ْع احلقيقة باألزيلة‪ ،‬اثلابت بادلوام‬
‫َّ‬
‫العلية‪.‬‬ ‫ف األبدية‪ ،‬فَّل حيول وَّل يزول‪ ،‬وجوده من لوازم ذاته‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل احلق ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال‪ ،‬اكمل‬
‫ف نعوته‪َّ ،‬‬
‫املزنه عن ابلاطل‪ ،‬من مجيع وجوـهه‪.‬‬
‫(‪ )3‬فهو احلق‪ ،‬اثلابت ف نفسه‪ ،‬اذلي به حتقق األشياء‪ ،‬اذلي َّل‬
‫وجود ليش ٍء من األشياء إَّل به‪ ،‬فقوامها‪ ،‬وبقاؤـها به‪.‬‬
‫(‪ )4‬وـهو احلق اذلي يليق احلق‪ ،‬ويزنل ْع من جيتبيه من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)939/2‬تفسي أسماء الل (‪ ،)53‬انلهاية (‪ )413/1‬واملفردات (ص‪ ،)246‬األسىن (ص‪.)167‬‬

‫‪209‬‬
‫‪‬‬
‫عباده ‪ ،‬أو يريم به ابلاطل فيدمغه‪ ،‬أو يريم به إىل أقطار اآلفاق‪،‬‬
‫ً‬
‫فيكون وعدا بإظهار اإلسَّلم‪ ،‬وإفشائه وإعَّلئه فوق لك األنام‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ} [سبأ]‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو اذلي حيق احلق بكلماته‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫‪ ،]82‬أي‪ :‬سينفذ وعده‪ ،‬ويظهر صدقه‪ ،‬ف قول‪،‬‬ ‫[يونس‪:‬‬ ‫ﭺ}‬
‫ووعده‪ ،‬وخّبه‪ ،‬ومن ذلك أنه ينرص أويلاءه‪ ،‬ويهلك أعداءه‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )6‬وـهو سبحانه احلق اذلي أوجب ْع نفسه تفضَّل‪،‬‬
‫ِ‬
‫وتكر ًما نرصة املؤمني‪ ،‬ف لك زمان وماكن يف ادلًين‪ ،‬وإن لم يكن‬
‫بي ظهرانيهم رسول‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ} [الروم]‪ ،‬ويف اآل رة‪ :‬قال سبحانه‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [اغفر]‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو تعاىل احلق العدل اذلي َّل يعرتيه ابلاطل ْع‬
‫ً‬
‫اإلطَّلق‪ ،‬من ذلك‪ :‬أنه َّل يظلم أحدا من اخلَّلئق‪.‬‬
‫(‪ )8‬وـهو سبحانه احلق‪ :‬ف قضائه‪ ،‬وأحاكمه‪ ،‬ورشعه‪ ،‬فلكها‬
‫حق‪ ،‬ليس فيها يشء باطل‪ ،‬تلضمنها احلكمة‪ ،‬والرشد‪ ،‬والعدل‪.‬‬
‫(‪ )9‬وـهو سبحانه احلق ف ربوبيته‪ ،‬فهو رب العاملي‪َّ ،‬ل رب نلا‬
‫ِ‬
‫املتفرد ف اتلدبي‪ ،‬وترصيف لك األمور‪.‬‬ ‫سواه ف الوجود‪،‬‬
‫َ‬
‫ألوـهيته‪ ،‬فهو اإللـه احلق‪ ،‬ولك ما هع ِبد من‬
‫َّ‬ ‫(‪ )10‬وـهو املتحقق ف‬

‫‪210‬‬
‫‪‬‬
‫دونه باطل‪ ،‬وزيغ‪ ،‬واحنَّلل‪ ،‬من عرشه‪ ،‬إىل قرار أرضه(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ} [املؤمنون‪ ،]116 :‬دل ـهذا اَّلقرتان اجلليل ْع أن ملكه تعاىل‬
‫ملك ٍّ‬
‫حق‪َّ ،‬ل يعرتيه ابلاطل‪ ،‬ثابت ْع ادلوام‪ ،‬بَّل انتقال وَّل زوال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫فأحقية ملكه‪ ،‬ملا اتصف من صفات الكمال‪ ،‬وانتفاء عنه لك صفات‬
‫ّ‬
‫املذام‪ ،‬اكلظلم‪ ،‬واجلور‪ ،‬والغفلة‪ ،‬والعبث‪،‬‬ ‫انلقائص‪ ،‬والعيوب من‬ ‫َّ‬

‫والنسيان‪ ،‬واَّلستعانة باخللق واجلند كملوك ادلنيا‪ ،‬ومما يدل أن‬


‫َّ‬
‫ملكه "َّل يشبه سائر امللوك‪ ،‬ألنهم إن تصدقوا بيش ٍء انتقص‬
‫َّ‬
‫ملكهم‪ ،‬وقلت خزائنهم‪ ،‬أما امللك احلق‪ ،‬فملكه َّل ينتقص بالعطاء‬
‫واإلحسان‪ ،‬بل يزداد‪ْ ، "...‬ع ِ‬
‫مر الزمان‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ} [األنعام‪ ،]62 :‬قرن‬


‫(احلق) باسم (املول) أي‪ :‬أنهم يرجعون ـ أي‪ :‬العباد ـ إىل الل اذلي‬
‫َّ‬
‫يتول أمورـهم باحلق‪ ،‬أي‪ :‬العدل‪ ،‬اذلي ـهو نقيض ابلاطل‪ ،‬اذلي َّل‬
‫َّ‬
‫فدل اَّلقرتان أن وَّليته تعاىل وَّلية ٍّ‬ ‫َّ‬
‫حق ْع اإلطَّلق‪،‬‬ ‫شك فيه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ألنها َّل َّ‬
‫تتغي‪ ،‬وَّل تتبدل‪ ،‬فيه اكملة من مجيع الوجوه ْع ادلوام‪،‬‬
‫فمن ذلك‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقةف‪ :‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)135/1‬جامع الرسائل (‪ ،)17/1‬نظم ادلرر (‪ ،)493/3‬األسىن‬
‫(‪.)169/165‬‬
‫(‪ )2‬تفسي الرازي (‪ .)239/1‬يقول‪ :‬بيانه أنه تعاىل إذا أعطاك ً‬
‫ودلا لم يتوجه حكمه إَّل ْع ذلك الودل الواحد‪ ،‬أما‬
‫لو أعطاك عرشة من األوَّلد اكن حكمه وتكليفه ً‬
‫َّلزما ْع اللك‪ ،‬فثبت أنه تعاىل لكما اكن أكرث عطاء اكن‬
‫ً‬
‫أوسع ملاك"‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫‪‬‬
‫أنه ينرص املؤمن ْع الاكفر‪ ،‬والّب ْع الفاجر‪ ،‬واملظلوم ْع‬
‫الظالم‪ ،‬ويرفق ويعي الضعيف‪ ،‬وأنها وَّلية عطف‪ ،‬وإحسان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وكرما‪.‬‬ ‫ألويلائه‪َّ ،‬ل يتعزز بهم‪ ،‬وَّل ينتفع منهم‪ ،‬بل فضَّل منه‬
‫هللالل احلق‪ :‬أن لك ما يوصف به‪ ،‬أو ينسب إيله‪ ،‬أو يضاف‬
‫إيله حق‪ ،‬ولك يش ٍء من عنده حق‪ ،‬ولك ما اعد إيله حق‪ ،‬ولك ما‬
‫يصدر منه حق‪ ،‬من لك الوجوه‪ :‬فأسماؤه حق‪ ،‬وصفاته حق‪ ،‬وذاته‬
‫حق‪ ،‬وقول حق‪ ،‬ووعده حق‪ ،‬وكتبه حق‪ ،‬وخلق املخلوقات بسبب‬
‫احلق‪ ،‬وألجل ّ‬
‫احلق‪ ،‬وخلقها متلبس باحلق‪ ،‬واجلنة حق‪ ،‬وانلار حق‪،‬‬
‫ّ‬
‫للحق(‪،)1‬‬ ‫ِ‬
‫متضم ٌن‬ ‫حق‪ ،‬فمصدره حق‪ ،‬واغيته ّ‬
‫حق‪ ،‬وـهو‬ ‫وـهو ف نفسه ّ‬

‫وصدق جل جَّلل حي قال‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬


‫ﯿ ﰀ ﰁ} [يونس‪ .]32 :‬قال ‘‪> :‬أصدق لكم‪ ،‬قنهلن شنعر‪،‬‬
‫بنطل<(‪.)2‬‬
‫لكم‪ ،‬بليد‪ :‬أال لك يشء من ال ا‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يقتيض حتقيق مقام اتلولك‬
‫ْع الل تعاىل‪ ،‬واَّلكتفاء به‪ ،‬واَّلتلجاء إىل ركنه الشديد‪ ،‬فإن الل ـهو‬
‫(احلق) وـهو ول احلق‪ ،‬ونارصه‪ ،‬ومؤيده‪ ،‬واكف من قام به‪ ،‬فما لصاحب‬
‫احلق أَّل يتولك عليه؟ وكيف خياف وـهو ْع احلق؟ كما قالت الرسل‬
‫ألقوامهم‪{ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ}‬
‫[إبراـهيم] ‪ ،‬فإذا اكن األمر كذلك‪ ،‬ينبيغ للعبد أن يلزتم َّ‬
‫احلق ف أموره‬ ‫(‪)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)411/2‬شفاء العليل (‪ ،)57/2‬اشتقاق أسماء الل (‪.)307‬‬
‫(‪ )3‬طريق اهلجرتي (ص‪.)463‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح ابلخاري (‪ ،)2738‬مسلم (‪.)1627‬‬

‫‪212‬‬
‫‪‬‬
‫لكّها‪ ،‬فَّل يقول إَّل احلق‪ ،‬وَّل يفعل إَّل ّ‬
‫احلق‪ ،‬وَّل خيالل إَّل أـهل ّ‬
‫احلق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫وينبيغ أن َّل يستح ف بيان ّ‬
‫احلق‪ ،‬تعبدا للرب احلق‪.‬‬

‫‪ 71‬ـ ـ اهلل (املبني) عز وجل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ} [انلور]‪.‬‬


‫ىن ا ليوي‪ :‬املبني‪ :‬اسم الفاعل من أبان فهو مبي‪ ،‬إذا‬ ‫املع ٰ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أظهر وبي‪ ،‬إما قوَّل‪ ،‬أو فعَّل‪ ،‬وتبي اليشء‪ :‬وضح وظهر(‪ .)1‬وـهذا‬
‫الفعل يأيت ْع صيغة واحدة‪ ،‬متعديًا‪ ،‬وغي متع ٍد‪ ،‬يهقال‪ :‬أبان‬
‫َّ‬
‫اليشء ف نفسه‪ ،‬إذا ظهر‪ ،‬يبي إبانة‪ ،‬وأبان فَّلن اليشء‪ :‬بينه إبانة‪،‬‬
‫فهو ل مبي‪ ،‬إذا أظهره(‪.)2‬‬
‫وابلينة يه‪ :‬ادلَّللة الواضحة عقلية اكنت أو حمسوسة(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املبي للك العاملي‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫(‪ )1‬ابلي أمره ف وجوده‪ ،‬ووحدانيته‪ ،‬وأنه َّل رشيك ل ف‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وألوـهيته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬واستقرار ذلك ف العقول‪،‬‬ ‫ربوبيته‪،‬‬
‫وال ِف َطر السليمة‪.‬‬
‫(‪ )2‬والل تعاىل ـهو املبي اذلي َّل خيىف وَّل ينكتم‪ ،‬فهو تعاىل‬
‫ٌ‬
‫حماط به‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫موصوف غي جمهول‪ ،‬وموجود غي مدرك‪ ،‬ومريئ غي‬
‫لقربه كأنك تراه‪ ،‬وـهو يسمع ويرى‪ ،‬وـهو باملنظر األْع‪ ،‬فالقلوب‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬اللسان (‪ ،)403/1‬اشتقاق أسماء الل (ص ‪.)180‬‬
‫(‪ )3‬املفردات (ص ‪.)157‬‬ ‫(‪ )2‬األسىن للقرطيب (ص‪.)171‬‬

‫‪213‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫تعرفه‪ ،‬والعقول َّل تكيفه‪ ،‬ألن ل من األفعال ادلالة عليه‪ ،‬ما‬
‫يستحيل معها أن خيىف‪ ،‬فَّل يوقف عليه وَّل يهدرى‪.‬‬
‫(‪ )3‬والل سبحانه ـهو املبي لعباده احلق‪ ،‬وإبانته هلم باألدلة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫السمعية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬إما قوَّل‪ ،‬وإما فعَّل‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫أ) أنه أبان عن نفسه بما ل من األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات‬
‫اجلليلة‪ ،‬واألفعال احلميدة اجلميلة‪.‬‬
‫ب) وأبان هلم األدلة القاطعة ْع وحدانيته‪ ،‬وربوبيته‪ ،‬وانفراده‬
‫باخللق‪ ،‬واتلدبي للك اخلليقة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫باأللوـهية‪ ،‬وإقراره تعاىل‬ ‫هلل) وأبان هلم األدلة ف وحدانيته‬
‫َّ‬
‫الّبية‪.‬‬ ‫أحد سواه من‬
‫بالعبادة ل‪ ،‬دون ٍ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫خملوق علة وجوده‪ ،‬واغيته‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫د) اذلي أبان للك‬
‫‪ )4‬وـهو تعاىل املبي للعباد سبل الرشاد‪ ،‬من األعمال‪ ،‬واتلاكيلف‪،‬‬
‫القويلة والفعلية‪ ،‬املوجبة ثلوابه‪ ،‬واألعمال املوجبة لعقابه‪ ،‬واملبي هلم‬
‫ما يأتون وما يذرون‪ ،‬ف مجيع شؤونهم‪ ،‬وأحاكمهم‪ ،‬ف معاشهم‪ ،‬ومعادـهم‪.‬‬
‫ألحد‬
‫ٍ‬ ‫(‪ )5‬وـهو تعاىل املبي‪ :‬الغن عن العاملي‪ ،‬اذلي َّل يفتقر‬
‫من خلقه أمجعي(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮮ ﮯ ﮰﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙﯚ} [انلور] أي أنهم يتحققون ذلك‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬احلجة ف بيان املحجة (‪ ،)143‬العلو للعل الغفار (‪ ،)235‬شأن ادلاعء (‪ ،)102‬وإبطال‬
‫اتلأويَّلت (‪ ،)661‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)181‬املنهاج (‪.)189/1‬‬

‫‪214‬‬
‫‪‬‬
‫يومئذ‪ ،‬أي‪ :‬يوم القيامة بالعلم القطيع‪َّ ،‬ل يقبل اخلفاء‪ ،‬وَّل الرتدد‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ الشك فيه عند‬
‫ٍ‬ ‫ما اكن يعدـهم ف ادلنيا من العذاب‪ ،‬ويزول‬
‫أـهل انلفاق‪ ،‬اذلين اكنوا فيما اكن ي ِع هدـهم ف ادلنيا يمرتون(‪ ،)1‬وقد‬
‫علم أويلاؤه ف ادلنيا‪ ،‬بأنه ـهو احلق ابلي ف أحقيته تعاىل الاكملة‪،‬‬
‫ً‬
‫من مجيع الوجوه‪ ،‬وازدادوا يقينا حينما رأوه‪.‬‬

‫هللالل املبني‪ :‬أنه تعاىل بائن عن مجيع خلقه‪ ،‬بذاته فوق‬


‫ِ‬
‫بعلو‪،‬‬ ‫مستو عليه كما يليق جبَّلل وكمال‪ ،‬فبان عن اخللق‬ ‫عرشه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وكمال ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وسلطانه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه سبحانه "يرضب األمثال‪ّ ،‬‬
‫وينوع األدلة والّباـهي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ه‬
‫وجييب عن ش َبه أعدائه أحسن األجوبة‪ ،‬ويصدق الصادقي‪ ،‬ويكذب‬
‫الاكذبي‪ ،‬ويدعو إىل دار انلعيم‪ ،‬بذكر أوصافها‪ ،‬وحسنها‪ ،‬وبهائها‪،‬‬
‫ِ‬
‫وحيذ هر من اجلحيم‪ ،‬ويذكر عذابها‪ ،‬وقبحها‪ ،‬وآَّلمها" تذكرة للعاملي‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫اثلمرات‪" :‬جيب ْع لك مؤمن أن يكون ْع بينة من ربه‬


‫عز وجل‪ ،‬بأن يستكرث من الشواـهد ف معرفته"(‪ ،)3‬من صحيح‬
‫املنقول‪ ،‬ورصيح املعقول‪ ،‬ادلالة ْع كمال تعاىل ف صفاته‪ ،‬وأسمائه‪،‬‬
‫وما أنزل علينا من األدلة واآليات الساطعات من كتابه‪ ،‬اليت بينت‬
‫نلا سبل الرشاد‪ ،‬وادلعوة إىل اهلدى والسداد‪ ،‬فإن نرش ذلك وتبليغه‬
‫ً‬
‫واستذاكرا نلعم اخلالق ْع لك خملوق‪،‬‬ ‫َ‬
‫أجل العلوم‪ ،‬وأْع املعارف‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬األسىن (‪.)172‬‬ ‫(‪ )2‬طريق اهلجرتي (‪.)250‬‬ ‫(‪ )1‬انظر الطّبي (‪ ،)106/18‬وابن اعشور (‪.)163/9‬‬

‫‪215‬‬
‫‪‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ} [ابلقرة‪.]231 :‬‬

‫‪ 72‬ـ ـ اهلل (الفتَّاح) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ} [سبأ]‪.‬‬


‫َّ‬
‫الفتنح‪ :‬من صيغ املبالغة ْع وزن َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫فعال‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪:‬‬
‫والفتح‪ :‬إزالة اإلغَّلق واإلشاكل‪ ،‬وذلك رضبان‪:‬‬
‫أحدهمن حيس‪ :‬يدرك بابلرص كفتح ابلاب‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ} [يوسف‪.]65 :‬‬
‫واثلنين معنوي‪ :‬يدرك بابلصية‪ :‬كفتح اهلم‪ ،‬وـهو إزالة الغم‬
‫وتفرجيه‪ ،‬وإزالة فقر‪ ،‬وتسهيل املعَّس‪ ،‬وفتح املستغلق من العلوم‪،‬‬
‫َّ‬
‫ويأيت الفتاح بمعىن القضاء(‪ .)1‬واحلكم ف فصل األمور(‪ .)2‬ويأيت‬
‫بمعىن انلرص ف اَّلستفتاح ف طلب انلرص(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو الفتنح وـهو خي الفاحتي‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي يفتح أبواب الرزق‪ ،‬والرْحة لعباده‪ ،‬ويفتح املنغلق‬
‫ويفرج عن مكروب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فقيا‪،‬‬ ‫عليهم من أمورـهم‪ ،‬وأسبابهم‪ ،‬فيغن‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫مطلبا للك مطلوب(‪.)4‬‬ ‫ويسهل‬
‫َّ‬
‫الفتاح‪ :‬اذلي فتح بي ِ‬
‫احلق وابلاطل‪ ،‬فأوضح‬ ‫(‪ )2‬والل سبحانه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬اللسان (‪.)3337/5‬‬ ‫(‪ )2‬املفردات (‪.)370‬‬ ‫َّ‬
‫صح عن ابن عباس ريض الل عنهما كما سيأيت‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ} [فاطر‪.]2 :‬‬

‫‪216‬‬
‫‪‬‬
‫َّ َّ‬
‫احلق وبينه‪ ،‬وأدحض ابلاطل وأبطله‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو تعاىل يفتح ألويلائه منافع ادلنيا‪ ،‬وادلين‪ ،‬فيفتح ملن‬
‫اختصهم بلطفه وعنايته‪ ،‬أقفال القلوب ملعرفته‪ ،‬وحمبته‪ ،‬وعيونهم‬ ‫َّ‬
‫يلبرصوا احلق‪ ،‬ه‬
‫ويدر عليهم من املعارف َّ‬
‫الربانية‪ ،‬واحلقائق اإليمانية‬
‫ما يصلح أحواهلا‪ ،‬وتستقيم به ْع الرصاط املستقيم‪.‬‬
‫(‪ )4‬وـهو اذلي يفتح لعباده الطائعي خزائن جوده وكرمه‪،‬‬
‫ويفتح ْع أعدائه ضد ذلك‪ ،‬وذلك بفضله‪ ،‬وعدل‪.‬‬
‫(‪ )5‬والل سبحانه وتعاىل ـهو خي الفاحتي‪ ،‬أي‪ :‬خي احلاكمي‪،‬‬
‫ً‬
‫فهو العدل اذلي َّل جيور ف حكمه أبدا(‪ ،)1‬قال تعاىل‪{ :‬ﮎ ﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [األعراف]‪.‬‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل اذلي "يفتح املمالك واألمصار ألنبيائه األطهار‪،‬‬
‫ولعباده الصاحلي األبرار‪ ،‬كما فتح سبحانه نلبيِه ‘ مكة‪{ :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ} [الفتح]‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ} [الصف] "(‪.)2‬‬
‫(‪ )7‬وـهو سبحانه كما يفتح خزائن فضله وجوده ْع من يشاء‬
‫ً‬
‫وابتَّلء‪ ،‬وحكمة ‪.‬‬ ‫ً‬
‫استدراجا منه‪،‬‬ ‫من عباده‪ ،‬كذلك يفتحها‬
‫(‪)3‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫ويذل ابلاطل‬
‫(‪ )8‬وـهو الفتاح انلارص‪ :‬اذلي ينرص احلق وأـهله‪ِ ،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬شأن ادلاعء (‪ ،)56‬األسىن (‪ ،)220/1‬تفسي األسماء (‪ ،)39‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)34‬احلق الواضح (‪ ،)84‬ابن‬
‫(‪ )2‬مع الل ‪ ،‬د‪ .‬سلمان العودة (‪ )115‬بترصف‪.‬‬ ‫كثي (‪.)444/3‬‬
‫(‪ )3‬قال الل العظيم‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ‬
‫ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ} [األنعام]‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫‪‬‬
‫وأـهله‪ ،‬فينرص املؤمن ْع الاكفر‪ ،‬واملظلوم ْع الظالم‪ ،‬والّب ْع‬
‫الفاجر(‪.)1‬‬
‫(‪ )9‬وـهو الفتاح احلكم‪ :‬اذلي حيكم بي عباده باحلق‪ ،‬والعدل‪:‬‬
‫أ) يف ادلًين‪ :‬بفتحه ادلين‪ ،‬وفتحه اجلزايئ‪ ،‬وفتحه القدري(‪.)2‬‬
‫ب) ويف اآل رة‪ :‬بفتحه يوم القيامة‪ ،‬وحكمه بي اخلَّلئق حي‬
‫ى‬
‫يوىف لك اعمل ما عمله(‪.)3‬‬
‫(‪ )10‬وـهو القايض سبحانه‪ ،‬العليم بالقضاء بي خلقه‪ ،‬ألنه َّل‬
‫تعرفه امل َّ‬
‫حق من ابلاطل ‪.‬‬ ‫ختىف عنه خافية‪ ،‬وَّل حيتاج إىل شهود ِ‬
‫(‪)4‬‬

‫من لطنئف االقرتان‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ}‬


‫َّ‬
‫[سبأ]‪ ،‬ملا اكن من معاين الفتاح‪ :‬فتح لك مغلق من األسباب‪ ،‬اكلرزق‪،‬‬
‫َّ‬
‫والعلم‪ ،‬دل ْع كمال الفتح‪ ،‬وأنه جيري ْع مقتىض العلم‪ ،‬ويف ذلك‬
‫صَّلح العباد‪ ،‬واستقامة أحواهلم‪ ،‬خبَّلف ما لو اكن ً‬
‫فتحا بغي علم‪،‬‬
‫ً‬
‫كبيا‪.‬‬ ‫تعاىل الل عن ذلك ً‬
‫علوا‬
‫َّ‬
‫وإذا أريد بالفتاح القضاء‪ ،‬والفصل‪ ،‬واحلكم‪ ،‬دل ْع كمال‬
‫ً‬
‫الفتح أيضا‪ :‬وـهو أنه تعاىل القايض العليم بالقضاء بي خلقه‪ ،‬احلاكم‬
‫الفاصل بينهم ف القضايا املنغلقة‪ ،‬العليم بما ينبيغ أن يقيض به‪ ،‬ألنه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭱﭲﭳﭴﭵ} [األنفال‪.]19 :‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ} [األعراف‪ ،]89 :‬أي‪ِ :‬‬
‫اقض بيننا وبي قومنا ثبت عن ابن‬
‫عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)336/2‬‬
‫(‪ )3‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)34‬شأن ادلاعء (‪ ،)56‬احلق الواضح (‪.)84‬‬
‫(‪ )4‬تفسي ابن جرير (‪ ،)65/22‬احلق الواضح (‪.)84‬‬

‫‪218‬‬
‫‪‬‬
‫ّ‬
‫املحق من ابلاطل(‪،)1‬‬ ‫َّل ختىف عنه خافية‪ ،‬وَّل حيتاج إىل شهو ٍد تعرفه‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ألنه بكل يش ٍء عليم‪ ،‬ودل كذلك "ْع أن حكمه عدل حمض َّل‬
‫حتف حبكمه أسباب اخلطأ‪ ،‬واجلور‪ ،‬انلاشئة عن اجلهل‪ ،‬والعجز‪،‬‬
‫واتباع الضعف انلفساين‪ ،‬انلاشئ عن اجلهل باألحوال‪ ،‬والعواقب"(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫هللالل الفتنح‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل ـهو ملجأ صفوة‬
‫اخلليقة‪ ،‬من األنبياء واملرسلي‪ ،‬واملؤمني‪ْ ،‬ع أعدائهم ف ادلين‪،‬‬
‫فبه يستنرصون‪ ،‬قال نوح عليه السَّلم‪{ :‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ}‬
‫وشعيب عليه السَّلم‪{ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫ٌ‬ ‫[الشعراء]‪،‬‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [األعراف]‪ ،‬وأمر جل وعَّل َّ‬
‫نبيه ‘ أن يقول‪:‬‬
‫{ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ}‬
‫[سبأ]‪ ،‬ففتح الل تبارك وتعاىل من توسل واستنرص به ف ادلنيا بانلرص‬
‫املبي‪ ،‬وانلجاة‪ ،‬واتلمكي‪ ،‬ويف يوم ادلين‪ ،‬يكون الفتح العظيم‪ ،‬كما‬
‫َّ‬
‫قص نلا ربنا تعاىل ف كتابه الكريم‪.‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إذا علم املؤمن بأن الل تعاىل ـهو الفتاح‪ ،‬ينبيغ ل‬
‫ٰ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ةطوب لعبد‬ ‫مفتاحا للك خي‪ ،‬مغَّلقا للك رش‪ ،‬قال ‘‪> :‬‬ ‫أن يكون‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫هللعله ا مفتنحن لخر‪ ،‬ميالقن لرش‪ ،‬وويل لعبد هللعله ا مفتنحن‬
‫ا‬
‫لرش‪ ،‬ميالقن لخر<(‪ ،)3‬وينبيغ ملن عرف أنه تعاىل ـهو الفتاح اذلي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ينظر ابليضاوي (‪ ،)107/3‬ابن جرير (‪ ،)65/22‬ولل األسماء احلسىن (ص ‪.)355‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ابن ماجه (‪.)238‬‬ ‫(‪ )2‬اتلحرير واتلنوير (‪.)195/11‬‬

‫‪219‬‬
‫‪‬‬
‫بيده لك مفتاح‪ ،‬أن يفتح يديه باجلآر‪ ،‬ف الليل وانلهار‪ ،‬من العلوم‬
‫انلافعة‪ ،‬وحقائق اإليمان الصادقة‪ ،‬واهلداية‪ ،‬والرزق‪ ،‬والرْحة الواسعة‪.‬‬

‫‪ 73‬ـ ـ اهلل (اخلبري) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [األنعام]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬اخلبر‪ :‬من مباين املبالغة‪ ،‬فالعلم إذا أضيف‬
‫سيم خّبة‪ .‬فاخلبي ـهو‪ :‬العالم بكنه اليشء‪َّ ،‬‬
‫املطلع‬ ‫إىل اخلفايا ابلاطنة‪ِ ِ ،‬‬
‫ْع حقيقته‪ ،‬كقول تعاىل‪{ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ} [الفرقان](‪.)1‬‬
‫كمال ف العلم‪َّ ،‬ل‬
‫ٍ‬ ‫واحد منهما عن‬
‫ٍ‬ ‫واخلبي والعليم ينبئ لك‬
‫ينبئ عنه اَّلسم اآلخر‪ ،‬ةنلعليم‪ :‬العليم بظواـهر األمور‪ ،‬واخلبر‪:‬‬
‫َّ‬
‫ببواطن األمور‪ ،‬يلدَّل ف اجتماعهما ْع أبلغ الكمال ف العلم‬
‫وأوسعه‪ ،‬اذلي َّل منتىه ل‪.‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو اخلبي اذلي َّل أخّب منه‪:‬‬
‫‪ )1‬اذلي انتىه علمه إىل اإلحاطة ببواطن األشياء وخفاياـها‪ ،‬كما‬
‫أحاط بظواـهرـها‪.‬‬
‫ِ‬
‫ومضارـها‪َّ ،‬ل ختىف عليه عواقب‬ ‫‪ )2‬اخلبي بمصالح األشياء‬
‫األمور وبواديها(‪.)2‬‬
‫‪ )3‬اذلي أدرك علمه الَّسائر‪َّ ،‬‬
‫واطلع ْع مكنون الضمائر‪ ،‬وعلم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬تفسي ابن جرير (‪ ،)288/11‬والصواعق املرسلة (‪.)492/2‬‬ ‫(‪ )1‬شأن ادلاعء (‪ ،)63‬املقصد األسىن (‪.)93‬‬

‫‪220‬‬
‫‪‬‬
‫خفيات ابلذور‪ ،‬ولطائف األمور‪ ،‬ودقائق اذلرات‪ ،‬ف ظلمات ادلجور(‪.)1‬‬
‫من لطنئف االقرتان‪ )1( :‬قال تعاىل‪ { :‬ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ} [األنعام]‪ ،‬أي‪ :‬أن أفعال تعاىل لطفت عن أن تدركها العقول‬
‫واألفهام‪ ،‬ألنها جارية ْع مقتىض خّبته تعاىل‪ ،‬اليت يه فوق إدراك‬
‫العقول واألفهام(‪ ،)2‬فسحائب لطفه املقرتنة خبّبته تعجز العقول‬
‫والقلوب اإلحاطة بواحد ٍة منها‪ ،‬ولو اجتمع لك خلقه‪.‬‬
‫(‪ )2‬وقال تعاىل‪{ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ} [فاطر]‪ ،‬فإن‬
‫األشياء ف ـهذا الكون‪ ،‬إما أن تكون مبرصة مرئية‪ ،‬وإما أن تكون‬
‫خمفية غي مرئية‪ ،‬وإما أن تكون معدومة غي موجودة‪ ،‬فاجتمع ف‬
‫ـهذا اَّلقرتان "شمول علم الل تعاىل للبواطن واحلقائق‪ ،‬وكذلك‬
‫لذلوات‪ ،‬واملشاـهدات‪ ،‬واملبرصات"(‪ ،)3‬ف األرض والسموات‪.‬‬
‫هللالل اخلبر‪ :‬أنه سبحانه َّل يعزب عنه األخبار ابلاطنة‪،‬‬
‫ذرة وَّل تسكن‬ ‫وَّل جيري ف امللك وامللكوت يشء‪ ،‬وَّل تتحرك َّ‬
‫ساكنة‪ ،‬وَّل يضطرب نفس وَّل يطمنئ إَّل ويكون عند ه‬
‫خّبه(‪.)4‬‬
‫ةمن هللالل خّبته أنه العالم بدقائق األمور املعقولة‪ ،‬واملحسوسة‪،‬‬
‫ّ‬
‫والظاـهرة‪ ،‬وابلاطنة(‪َّ ،)5‬ل خيلو عن علمه ماكن‪ ،‬وَّل يند عنه زمان‪.‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن حسن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬ولل األسماء احلسىن (ص ‪ )266‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )1‬فتح الرحيم امللك (‪.)25‬‬
‫(‪ )5‬اتلحرير واتلنوير (‪.)310/11‬‬ ‫(‪ )4‬املقصد األسىن (ص ‪.)103‬‬ ‫(‪ )3‬املصدر السابق (ص‪.)396‬‬

‫‪221‬‬
‫‪‬‬
‫العبادة‪ ،‬وايلقي‪ ،‬واَّلستقامة‪ ،‬ف الظاـهر وابلاطن ْع الرصاط املستقيم‪،‬‬
‫واَّلطمئنان بقضائه تعاىل وقدره‪ ،‬وأن لك ما جيري ف ملكوته‪ ،‬من‬
‫جار ْع مقتىض خّبته‪،‬‬
‫إـهَّلك وعقاب للمجرمي واملعاندين‪ ،‬أنه ٍ‬
‫ِ‬
‫وحكمته‪ ،‬اليت أحاطت بكل العاملي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ} [اإلرساء]‪.‬‬
‫وكذلك مفارقة اذلنوب الصغية والكبية‪ ،‬ف لك حي‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫غض ابلرص‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ}‬
‫[انلور]‪ ،‬ومَّلزمة العدل ف قول‪ ،‬وفعله مع اخللق‪ ،‬ف حال رضاه‪،‬‬
‫وغضبه‪ ،‬وغيه‪ ،‬حىت مع أعداء الل تعاىل من الكفرة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [املائدة]‪.‬‬
‫ِ‬
‫ومن أجل ثمرات ـهذا اَّلسم اجلليل‪ :‬طاعة الل تعاىل‪ ،‬ورسول‪،‬‬
‫اليت يه رأس العبادة‪ ،‬اليت عليها السعادة ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ} [املجادلة]‪.‬‬

‫‪ 74‬ـ ـ اهلل (الوكيل) عز شأنه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [آل عمران]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا وكيل ـهو‪ :‬فعيل من الواكلة‪ ،‬واتلولك‪ :‬إظهار‬

‫‪222‬‬
‫‪‬‬
‫العجز واَّلعتماد ْع الوكيل‪ ،‬وحقيقة الوكيل أنه يستقل بأمر املولك‬
‫معان‪ :‬أنه الكفيل‪ ،‬احلفيظ‪ ،‬املقسط‪ ،‬الاكف‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إيله‪ ،‬ول عدة‬
‫َّ‬
‫والل سبحانه ل الواكلة اتلامة‪ ،‬ويه اليت جتمع علم الوكيل بما‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ـهو وكيل عليه‪ ،‬وإحاطته بتفاصيله‪ ،‬وقدرته اتلامة عليه يلتمكن‬
‫من اتلرصف فيه‪ ،‬وحفظ ما ـهو وكيل عليه مع حكمة‪ ،‬ومعرفة‪،‬‬
‫بوجوه اتلرصفات‪ ،‬يلرصفها ويدبرـها ْع ما ـهو أيلق(‪.)1‬‬
‫ِ‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو الوكيل ْع لك العاملي‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وتقديرا‪،‬‬ ‫وتدبيا‪ ،‬وـهداية‪،‬‬ ‫(‪ )1‬اذلي تولك بالعاملي خلقا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وإمدادا‪ ،‬ورزقا‪ ،‬وراعية‪ ،‬وعونًا‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮏ ﮐ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وإجيادا‪،‬‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ} [الزمر]‪ .‬وـهذه يه الواكلة‬
‫َّ ِ‬
‫العامة اتلامة للك اخلَّلئق‪.‬‬
‫(‪ )2‬واكل‪ ،‬نص‪ :،‬أنه تعـاىل وكيل املؤمني‪ ،‬فييَّسـهم لليَّسى‪،‬‬
‫وجينبهم العَّسى‪ ،‬ويكفيهم ما يهمهم ف اآلخرة واألول‪ ،‬ألنهم‬
‫أفردوه باتلولك‪ ،‬واإلنابة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ‬
‫ﭷ ﭸ} [األنفال](‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫عمل جزاء من جنسه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫للك‬ ‫جعل‬ ‫ه‬‫سبحان‬ ‫ه‬ ‫هللالل ا وكيل‪ :‬أن‬
‫وجعل جزاء اتلولك عليه‪ ،‬نفس كفايته لعبده‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮧ ﮨ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)734/11‬األسىن للقرطيب (‪ ،)505/1‬وانظر تفسي ابن السعدي (‪.)335/4‬‬
‫(‪ )2‬انظر تفسي السعدي (‪ )488/5‬بترصف‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫‪‬‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [الطَّلق‪ ،]3 :‬ولم يقل‪ :‬نؤته كذا من األجر كما قال‬
‫ف األعمال‪ ،‬بل جعل نفسه سبحانه اكف عبده املتولك عليه(‪ )1‬وحسبه‪،‬‬
‫حتصل ل ذلك‪:‬‬‫وواقيه‪ ،‬ف لك ما يهمه ف دينه‪ ،‬ودنياه‪ ،‬وأخراه‪ ،‬فإذا َّ‬

‫"فهناك َّل تسأل عن لك أمر يتيَّس‪ ،‬وخطوب تهون‪ ،‬وكروب تزول(‪.)2‬‬


‫اثلمرات‪ :‬إذا علمت أن وكيلك غن‪ّ ،‬‬
‫ويف‪ ،‬قادر‪ ،‬مل‪ ،‬فأعرض‬
‫عن دنياك‪ ،‬وأقبل ْع عبادة موَّلك(‪ ،)3‬فمن عرف الل تعاىل بهذا‬
‫اَّلسم حق ل أن يتولك عليه ف مجيع أموره‪ّ ،‬‬
‫ويفوض إيله مجيع شؤونه‪،‬‬
‫يلحصل ل حقيقة اتلوحيد‪ ،‬اذلي ـهو حق الل ْع لك العبيد‪.‬‬

‫‪ 75‬ـ ـ اهلل (املُقِيت) جل جالله‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [النساء]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬املقيت‪ :‬اسم فاعل للموصوف باإلقاتة‪،‬‬
‫ً‬
‫والقوت ف اللغة‪ :‬ـهو ما يمسك الرمق من الرزق(‪ ،)4‬وإنما سيم قوتا‬
‫وقوته ‪.‬ويأيت بمعىن احلفيظ ‪ ،‬واملقتدر ْع‬‫ألنه مساك ابلدن‪َّ ،‬‬
‫(‪)6‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫اليشء‪ ،‬والشهيد‪ ،‬والقائم ْع لك يش ٍء باتلدبي(‪.)7‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)508/1‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪.)920‬‬ ‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)766/2‬‬
‫(‪ )4‬شأن ادلاعء (ص ‪ ،)68‬املفردات (ص ‪.)414‬‬
‫ا‬ ‫(‪ )5‬قال ‘‪ٰ > :‬‬
‫كىف بنملرء إثمن أن يضيع من يقوت<‪ .‬صحيح أيب داود (‪.)1692‬‬
‫(‪ )6‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)85/2‬‬
‫(‪ )7‬اللسان (‪ ،)3769/5‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)38/5‬ابن جرير (‪.)583/8‬‬

‫‪224‬‬
‫‪‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املقيت‪:‬‬
‫َّ‬
‫‪ )1‬املقتدر‪ ،‬اذلي خلق األقوات‪ ،‬وتكفل بإيصاهلا إىل لك‬
‫املخلوقات‪ ،‬بكمال احلفظ واَّلقتدار‪.‬‬
‫‪ )2‬فيعطي لك خملوق قوته‪ ،‬ورزقه‪ْ ،‬ع ِ‬
‫مر األوقات‪ْ ،‬ع ما‬ ‫ٍ‬
‫َّ َ‬
‫حدد هه سبحانه وتعاىل من زمان‪ ،‬أو ماكن‪ ،‬أو كم‪ ،‬أو كيف‪،‬‬
‫بكمال املشيئة واحلكمة بَّل نقصان‪ ،‬وَّل نسيان‪.‬‬
‫ِ‬
‫وقت وحي‪ْ ،‬ع اختَّلف األنواع‪،‬‬ ‫‪ )3‬فهو تعاىل يمدـها ف لك ٍ‬
‫ِ‬
‫واأللوان‪ ،‬وييَّس أسباب نفعها لإلنسان واحليوان‪ْ ،‬ع تتابع األوقات‬
‫والزمان‪.‬‬
‫ألمد طويل بَّل حسبان‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ألمد قليل‪ ،‬ومنه‬
‫ٍ‬ ‫‪ )4‬فمنه من يعطيه‬
‫بما جعله ً‬
‫قواما هلا‪ ،‬إَّل أن يريد إبطال يش ٍء منها‪ ،‬فيحبس عنه ما‬
‫وقت شاء سبحانه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جعله الل تعاىل ل مادة بلقائه‪ ،‬فيهلك ف أي ٍ‬
‫ً‬
‫‪ )5‬وكما أنه سبحانه املقيت لألبدان‪ ،‬فإنه أيضا مقيت القلوب‪،‬‬
‫باملعرفة واإليمان‪.‬‬
‫َّ‬
‫قدرـها َّ‬
‫عز وجل عند خلقه‬ ‫‪ )6‬ولك ـهذه األرزاق واألقوات‬
‫لألرض اليت وضعها لألنام‪{ ،‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫َّ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [فصلت](‪ ،)1‬أي‪ :‬قدر‬
‫فيها ما حيتاج أـهلها إيله من األرزاق واألماكن‪ ،‬اليت تزرع وتغرس(‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر املعاين السابقة‪ :‬تفسي ابن جرير (‪ ،)269/5‬شأن ادلاعء (‪ ،)68‬تفسي األسماء للرازي (‪ ،)273‬األسىن‬
‫(‪ )2‬ابن كثي (‪.)93/4‬‬ ‫للقرطيب (‪.)273/1‬‬

‫‪225‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫هللالل املقيت‪ :‬أن الل تعاىل جعل "للك خملوق قوتا‪ ،‬فاألبدان‬
‫قوتها املأكول‪ ،‬واملرشوب‪ ،‬واألرواح قوتها العلوم‪ ،‬واملَّلئكة قوتها‬
‫التسبيح"(‪.)1‬‬
‫اثلمرات‪ :‬إ َّن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن َّ‬
‫حمبة الل تعاىل‪،‬‬
‫والطمأنينة واثلقة بقوة الل سبحانه‪َّ ،‬لسيما إذا اشتد به الكرب‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ َّ‬
‫وقلت دليه سبل الكسب‪ ،‬وينبيغ للعبد أن يكون قوته حَّلَّل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طيبًا‪ ،‬وأن يكون ً‬
‫قواما بي‬ ‫وسطا‪َّ ،‬ل يكون مَّسفا‪ ،‬وَّل خبيَّل‪،‬‬
‫َّ‬
‫يترضع إىل املقيت أن يقيته اهلدى واإليمان‪ ،‬والعمل‬ ‫ذلك‪ ،‬وأن‬
‫قوت األبدان‪.‬‬
‫الصالح واإلحسان‪ ،‬اذلي ـهو أرشف من ِ‬

‫‪ 76‬ـ ـ اهلل (النصري) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬


‫ﯲ} [األنفال]‪.‬‬
‫وانل م ه‬
‫رص وانلرصة‪:‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬انلصر‪ :‬من صيغ املبالغة‪َّ ،‬‬
‫ً‬
‫العون‪ ،‬وتنارص القوم‪ :‬نرص بعضهم بعضا‪ ،‬وانترص منه‪ :‬انتقم منه‪،‬‬
‫وانلرص‪ :‬املنع‪ ،‬وانلارص‪ :‬ـهو امليَّس للغلبة‪ ،‬وانلرص إاعنة املظلوم(‪.)2‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو انلصي وـهو خي انلارصين‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي ينرص رسله‪ ،‬وأنبياءه‪ ،‬وأويلاءه ْع أعدائهم ف ادلنيا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬املفردات (ص ‪ ،)495‬لسان العرب (‪ ،)212/5‬املنهاج (‪ ،)205/1‬األسىن (‪.)319/1‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن (‪.)276/1‬‬

‫‪226‬‬
‫‪‬‬
‫نرصا َّ‬
‫مؤز ًرا‪ ،‬ويوم يقوم األشهاد‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫ً‬

‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [اغفر]‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )2‬وـهو جل وعَّل اذلي ينرص املستضعفي‪ ،‬ويرفع الظلم عن‬
‫املظلومي‪ ،‬ولو اكنوا اكفرين‪ ،‬فَّل نارص هلم إَّل الل سبحانه‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو عز وجل كما ينرص املؤمني ْع عد ِوـهم من الاكفرين‬
‫والظاملي‪ ،‬وـهما العدو اخلاريج‪ ،‬كذلك ينرصـهم ْع عدوـهم ادلاخل‬
‫َّ‬
‫العدوان الذلان َّل يفارقان العبد‪،‬‬ ‫من انلفس والشيطان‪" ،‬وـهما‬
‫وعداوتهما أرض من عداوة العدو اخلارج‪ ،‬وانلرص ْع ـهذا العدو‬
‫أـهم‪ ،‬والعبد إيله أحوج‪ ،‬وكمال انلرصة حبسب كمال اَّلعتصام‬
‫بالل"(‪ ،)1‬قال تعاىل‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ} [حممد]‪.‬‬
‫(‪ )4‬وـهو اذلي يؤيد بنرصه من يشاء‪َّ ،‬ل اغلب ملن نرصه‪ ،‬وَّل نارص‬
‫ملن خذل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ} [آل عمران‪.]160 :‬‬
‫(‪ )5‬وـهو املوثوق منه بأن َّل يسلم ويله إىل عدوه‪ ،‬وَّل خيذل(‪.)2‬‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫(‪ )6‬وـهو انلصي اذلي يهؤمن اخلائفي‪ ،‬وجيي املستجيين‪.‬‬
‫هللالل انلصر‪ :‬أن أفراد نرصه وأنواعها لعباده املؤمني‪ ،‬يأيت‬
‫ه‬
‫بها الرب من حيث َّل حيتسب‪ ،‬فَّل تعد‪ ،‬وَّل حتد‪ ،‬وَّل ترد‪ ،‬ولكها‬
‫خمزونة عنده ف الغيب‪ ،‬قد تكون باإلمداد واإلعداد‪ ،‬أو تكون‬
‫ً‬
‫بأسباب‪ ،‬أو بدون أسباب‪ ،‬وـهو حق أوجبه ْع نفسه تفضَّل وتكر ًما‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬األسماء والصفات (‪.)179/1‬‬ ‫(‪ )1‬انظر مدارج السالكي (‪.)180/1‬‬

‫‪227‬‬
‫‪‬‬
‫أحد من العباد(‪.)1‬‬
‫دون إلزامٍ من ٍ‬
‫فمنها‪ :‬تأييده بمَّلئكته‪ ،‬كما ف نرصه نلبيه وصحبه ف بدر‪،‬‬
‫وبالريح كما ف اع ٍد واألحزاب‪ ،‬وبإرسال الطي األبابيل‪ ،‬كما ف‬
‫أصحاب الفيل‪ ،‬وبالصيحة كما ف ثمود‪ ،‬وباخلسف كما فعل بقارون‪،‬‬
‫والقذف كما ف قوم لوط‪ ،‬وإلقاء الرعب كما فعل بايلهود‪ ،‬فَّل حييص‬
‫جَّلل نرصه إَّل الل اذلي ـهو خي انلارصين‪.‬‬
‫قوة‪ ،‬أن ينرص بها‬‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك مسلم إن اكن ل ّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مظلومن<‬ ‫مظلوما‪ ،‬قال ‘‪> :‬اًِّص أ نك ظن من أو‬ ‫ظالما أو‬ ‫أخاه‬
‫ً‬
‫ظالما؟ قال‪:‬‬ ‫ً‬
‫مظلوما‪ ،‬فكيف ننرصه‬ ‫قالوا‪ :‬يا رسول الل‪ ،‬ـهذا ننرصه‬
‫>تأ ذ ٰ‬
‫ىلع يديه<(‪ ،)2‬ومن أراد أن ينرصه الل سبحانه‪ ،‬فلينرص دينه‪،‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ} [حممد‪ ،]7 :‬وانلرص يكون مع الصّب‪،‬‬
‫َّ‬
‫مقرتنان َّل ينفاكن‪ ،‬قال ‘‪> :‬واعلم أن انلِّص مع ا صرب<(‪.)3‬‬

‫‪ 77‬ـ اهلل (الرقيب) جل ثناؤه‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ} [األحزاب]‪.‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا رقيب‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬وـهو املوصوف‬
‫باملراقبة‪ ،‬والرقابة تأيت بمعىن احلفظ واحلراسة‪ ،‬واَّلنتظار‪ ،‬مع احلذر‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ﮰ} [املؤمنون]‪.‬‬ ‫(‪ )1‬كما قال تعاىل‪{ :‬ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫(‪ )3‬صحيح الرتمذي (‪.)2516‬‬ ‫(‪ )2‬رواه ابلخاري (‪.)6552‬‬

‫‪228‬‬
‫‪‬‬
‫والرتقب‪ ،‬فالرقيب ـهو‪ :‬احلارس احلافظ‪ ،‬املولك حبفظ اليشء‪،‬‬
‫ِ‬
‫املتحرز عن الغفلة فيه‪َّ ،‬ل يغيب عنه يشء ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املرتصد ل‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو الرقيب ْع لك العبيد‪:‬‬
‫املطلع ْع ما ف القلوب‪ ،‬وما حوته العلوالم‪ ،‬من األرسار‬ ‫‪َّ )1‬‬

‫والغيوب‪.‬‬
‫‪ )2‬فهو سبحانه الرقيب ْع ما دار ف اخلواطر‪ ،‬وْع ما ف‬
‫الضمائر‪ ،‬الشاـهد ْع أكنة الَّسائر‪ ،‬وحلظته العيون‪ ،‬وما اختىف ف‬
‫خبايا الصدور‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ )3‬يعلم ويرى ما دق وما بدى‪ ،‬وَّل خيىف عليه الَّس وانلجوى‪ ،‬ما‬
‫ف األرض‪ ،‬وَّل ف السموات العَّل‪.‬‬
‫‪ )4‬فهو تعاىل رقيب راصد ألعمال العباد‪ ،‬وكسبهم‪ ،‬يرى لك حركة‬
‫تدب ف قلوبهم‪ ،‬من َّ‬
‫انليات‬ ‫عليم باخلواطر اليت ه‬
‫ٌ‬ ‫وسكنة ف أبدانهم‪،‬‬
‫الطيبة‪ ،‬واإلرادات الفاسدة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ )5‬فهو سبحانه املرايع أحوال املرقوب‪ ،‬احلافظ ل مجلة وتفصيَّل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫املحيص جلميع أحوال‪ ،‬وعد ما يدق‪ ،‬وجيل من أقوال‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وسائر‬
‫أحوال‪.‬‬
‫‪ )6‬اذلي حفظ املخلوقات وأجراـها ْع أحسن نظام‪ ،‬وأكمل‬
‫تدبي‪ ،‬وـهو َّل يغفل عما خلقه‪ ،‬فَّل يلحقه نقص أو يدخل عليه خلل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)427/2‬لسان العرب (‪.)297/5‬‬

‫‪229‬‬
‫‪‬‬
‫من قبل غفلته عنه(‪.)1‬‬
‫مستو‬ ‫َّ‬
‫وفوقية‪ ،‬وقدرة‪ ،‬وصمدية(‪ ،)2‬وـهو‬ ‫‪ )7‬فمراقبته عن استعَّلء‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ْع عرشه‪ ،‬بائن عن لك اخلليقة‪.‬‬
‫َّ‬
‫هللالل ا رقيب‪ :‬أنه رقيب ْع األشياء بعلمه املقدس عن‬
‫َ‬
‫النسيان‪ ،‬ورقيب للمبرصات ببرصه اذلي َّل تأخذه ِسنة وَّل نوم‪،‬‬
‫ورقيب للمسمواعت بسمعه املدرك للك حركة والكم‪ ،‬فهو سبحانه رقيب‬
‫َّ‬
‫اخلفيات‪،‬‬ ‫عليها بهذه الصفات‪ ،‬حتت رقبته اللكيات‪ ،‬واجلزئيات‪ ،‬ومجيع‬
‫ف األراضي والسماوات‪ ،‬وَّل خيف عنده‪ ،‬بل مجيع املوجودات لكها ْع‬
‫نمط واحد‪ ،‬ف أنها حتت هرقبته‪ ،‬اليت يه من صفته ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إ َّن من َّ‬


‫صح علمه بأن الل سبحانه رقيب عليه‪ ،‬لم‬
‫يفن عمره ف ابلطالة‪ ،‬ولم ينفق ف الغفَّلت أوقاته‪ ،‬بل يصل ف‬
‫ِ‬
‫طاعة ربه يلله ونهاره‪ ،‬وجهده بكده ف إحساسه‪ ،‬واختَّلف‬
‫رسه وجهره‪ ،‬واتَّقاه ف أمره ونهيه‪،‬‬
‫أنفاسه‪ ،‬ومن راقب الل تعاىل ف ِ‬

‫أوصله إىل املوافقة ف سبل املعاملة‪ ،‬ومن املقامات إىل علم القلب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باطَّلع الرب جل جَّلل‪ ،‬حىت َّل يرى إَّل ـهو‪ ،‬فصاحب املراقبة يدع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استحياء منه وـهيبة ل‪ ،‬أكرث مما يرتكها من يدع املعايص‬ ‫املخالفات‬
‫خلوف عقوبته‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ} [العلق](‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬األسماء والصفات (‪ .)194/1‬تفسي ابن السعدي (‪ ،)625/5‬الاكفية الشافية (‪ )122‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪.)402/1‬‬ ‫(‪ )2‬األسماء احلسىن لدلكتور الرضواين (ص‪.)610‬‬
‫(‪ )4‬املصدر السابق (‪.)405/1‬‬

‫‪230‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 78‬ـ اهلل (الوارث) عز وجل‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [احلِجر]‪.‬‬


‫باق بعد ذاـهب‪ ،‬فهو وارث(‪.)1‬‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا وارث‪ :‬لك ٍ‬
‫ةن وارث‪ :‬ـهو الاكئن بصفة املستحق حلال املوروث‪ ،‬وربنا ـهو خي‬
‫الوارثي‪ ،‬ألنه يبىق بعد ذـهاب األمَّلك‪ ،‬فرتجع األمور لكها إيله(‪.)2‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو ا وارث وـهو خي الوارثي‪:‬‬
‫(‪ )1‬ابلايق ادلائم بعد فناء لك اخلَّلئق‪ ،‬الوارث جلميع األشياء‪،‬‬
‫بعد فناء لك من ف األرض‪ ،‬والسموات الطوابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الوارث بَّل توريث أحد‪ ،‬ابلايق ليس مللكه أمد‪.‬‬
‫ً‬
‫مالاك ألصول األشياء لكها‪ ،‬يه ِ‬
‫ورثها‬ ‫(‪ )3‬وـهو تعاىل لم يزل باقيًا‬
‫ّ‬
‫أحب(‪.)3‬‬ ‫من يشاء‪ ،‬ويستخلف فيها من‬
‫(‪ )4‬وـهو اذلي يورث املستضعفي ملك الظاملي‪ ،‬وجيعل هلم‬
‫العاقبة واتلمكي حىت حي‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )5‬وـهو اذلي أورث بن إرسائيل الكتاب فجعله متوارثا‬
‫ً‬
‫قرن إىل قرن‪ ،‬مشتمَّل ْع اهلدى ألول األبلاب(‪.)4‬‬
‫بينهم‪ ،‬من ٍ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي األسماء للزجاج (ص ‪.)65‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ} [مريم]‪ .‬األسىن للقرطيب (‪.)180‬‬
‫(‪ )3‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖﯗ} [األعراف‪> .]127 :‬شأن ادلاعء< (‪ 96‬ـ ‪.)97‬‬
‫(‪ )4‬قال تعاىل‪{ :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ} [اغفر]‪ ،‬انظر‪ :‬تفسي السعدي (‪.)740‬‬

‫‪231‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل اذلي ِ‬
‫يورث املؤمني ديار الاكفرين ف ادلارين‪:‬‬
‫أ) يف ادلًين‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ} [األحزاب‪.]27 :‬‬
‫ب) ومساكنهم يف اآل رة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [مريم]‪.‬‬
‫هللالل ا وارث‪ :‬أنه سبحانه يورث من اصطفاـهم ملحبته‪،‬‬
‫ّ‬
‫واجتباـهم لكرامته‪ ،‬أجل مياثه ف ادلنيا‪ ،‬وـهو كتابه قال تعاىل‪{ :‬ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ} [فاطر‪ ،]32 :‬وينعم ْع من‬
‫َّ‬
‫يشاء منهم ف حفظه‪ ،‬واتباعه‪ ،‬أْع ادلرجات ف جناته‪ ،‬قال ‘‪:‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫>يقنل صنحب القرآن‪ ،‬اقرأ‪ ،‬وارتق‪ ،‬ورتل كمن كنت ترتل يف ادلًين‪،‬‬
‫ُ‬
‫ةإن مزنتلا عند آ ر آي ٍ‪ ،‬تقرؤهن<(‪.)1‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن عمله الصالح ـهو خي‬
‫مياثه‪ ،‬وـهو املياث احلقييق‪ ،‬اذلي يبىق وَّل يفىن‪ ،‬قال الل العظيم‪:‬‬
‫{ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [مريم]‪ ،‬وقال‬
‫عز شأنه‪{ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫ﮓ ﮔ} [مريم]‪ ،‬وينبيغ للمؤمن أن يتيق الل تعاىل ف حقوق‬
‫ً‬
‫اإلرث‪ ،‬فَّل يظلم أحدا من الورثة‪ ،‬وأن يسأل ربه تعاىل أن يورثه‪،‬‬
‫ويبيق ل سمعه‪ ،‬وبرصه‪ ،‬يلنتفع به ف أمور دنياه‪ ،‬ودينه‪> ،‬امهلل أمتعين‬
‫بسميع وبِّصي‪ ،‬واهللعلهمن ا وارث مين<(‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)3604‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)2914‬‬

‫‪232‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 79‬ـ ـ اهلل (احلسيب) جل وعال‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ} [النساء‪.]86 :‬‬


‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلسيب‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬اسم الفاعل‬
‫احلاسب‪ ،‬وـهو املوصوف بمحاسبة غيه‪ ،‬واحلساب ـهو‪ :‬ضبط العدد‪،‬‬
‫وبيان مقادير األشياء املعدودة‪ ،‬ويأيت احلسب بمعىن الكفاية‪ ،‬من‬
‫أحسبن اليشء‪ :‬إذا كفاين(‪ .)1‬وـهذا رجل حسبك من رجل‪ ،‬أي‪:‬‬
‫اكف لك من غيه‪ ،‬وحسيبك الل‪ ،‬أي‪ :‬انتقم الل منك‪ ،‬واحلسيب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫الكريم‪ ،‬الرفيع الشأن‪ ،‬والرشيف اذلي ل خصال الرشف‪ ،‬والفعل‬
‫الصالح‪ ،‬واحلسيب‪ :‬املحاسب ْع اليشء(‪ ،)3()2‬ويأيت بمعىن‪:‬‬
‫احلفيظ(‪ ،)4‬والشهيد(‪.)5‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل ثناؤه ـهو احلسيب للك العبيد‪:‬‬
‫(‪ )1‬الاكف تعاىل مجيع عباده لك ما حيتاجون إيله من املنافع‪،‬‬
‫َّ‬
‫ادلافع عنهم لك ما يكرـهون من املساوئ‪ ،‬ةكفنيته لعبند ًواعن‪:‬‬
‫األول‪ :‬كفني‪ ،‬اعم‪ :،‬للخَّلئق لكها‪ :‬بإجيادـها‪ ،‬وإرزاقها‪ ،‬وإمدادـها‪،‬‬
‫وـهيأ للعباد من مجيع األسباب ما يغنيهم‪ ،‬ويقنيهم‪.‬‬‫للك ما خلقت ل‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫اثلنًي‪ :،‬كفني‪ ،‬نص‪ :،‬لعباده املوحديـن‪ ،‬املخلصيـن لـه فـي‬
‫ِ‬
‫العبوديـة‪ ،‬بانلرص واتلمكي‪ ،‬ادلافع عنهم ف لك ما يكرـهون‪ ،‬الاكف‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭨ ﭩ ﭪ} [انلبأ]‪ )2( .‬قال تعاىل‪’{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ} [اإلرساء]‪.‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب (‪ ،)863/2‬انلهاية (‪ ،)381‬اشتقاق أسماء الل (‪ ،)129‬القاموس املحيط (‪.)387‬‬
‫(‪ )5‬صح عن السدي‪ ،‬املصدر السابق (‪.)10/2‬‬ ‫(‪ )4‬صح عن جماـهد‪ ،‬انظر اتلفسي الصحيح (‪.)87/8‬‬

‫‪233‬‬
‫‪‬‬
‫للك أمورـهم ف ادلنيا وادلين‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽﭾ} [األنفال]‪ ،‬أي اكفيك‪ ،‬واكف أتباعك‪ ،‬فعىل‬
‫قدر املتابعة تكون الكفاية وانلرصة والعناية‪ ،‬وأخص من ذلك‪ :‬أنه‬
‫ِ‬
‫احلسيب للمتولكي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ}‬
‫ِ‬
‫[الطَّلق‪ ،]3 :‬أي‪ :‬اكفيه لك أموره ادلينية‪ ،‬وادلنيوية‪ ،‬فيغنيه عن لك ما‬
‫سواه من الّبية‪ ،‬فكفاية الل تعاىل لعبده‪ ،‬حبسب ما قام به من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ظاـهرا‪ ،‬وباطنا‪ ،‬وقيامه بعبودية الل تعاىل(‪.)1‬‬ ‫متابعة الرسول‪،‬‬
‫(‪ )2‬وـهو احلسيب‪ :‬املحاسب للك اخلَّلئق‪ ،‬يوم يردون إيله‪ْ ،‬ع‬
‫احلق‪ ،‬والعدل‪ ،‬والفضل‪ ،‬وقد أحىص‬‫أعماهلم‪ ،‬وجمازيهم عليها بمَّيان ِ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫منهم لك يش ٍء عددا‪َّ ،‬ل ختىف عليه خافية‪ ،‬وَّل يعزب عن علمه مثقال‬
‫َّ‬
‫ذرة‪ ،‬ف األرض وَّل ف السموات العىل ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬وـهو تعاىل املحيط باألجزاء واملقادير‪ ،‬اليت يعلم العباد‬


‫أمثاهلا باحلساب‪ ،‬من غي أن حيسب سبحانه وتعاىل‪ ،‬فعلمه َّل‬
‫يتوقف ْع أمر يكون‪ ،‬أو حال حادث(‪.)3‬‬
‫(‪ )4‬وـهو سبحانه احلسيب الكريم‪ ،‬الرفيع الشأن‪ ،‬واملجد‪" ،‬ل‬
‫الرشف املطلق غي مقيد بيشء‪ ،‬وَّل يكتسب من يشء"(‪.)4‬‬
‫(‪ )5‬وـهو اذلي حييص أعداد املخلوقات‪ ،‬وـهيئاتها‪ ،‬وما ِ‬
‫يمَّيـها‪،‬‬
‫َّ‬
‫ويضبط مقاديرـها‪ ،‬وخصائصها‪ ،‬وحييص أعمال امللكفي‪ ،‬ف خمتلف‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انظر زاد املعاد (‪ 36/1‬ـ ‪ ،)37‬فتح الرحيم امللك (‪ ،)45‬احلق الواضح (‪.)78‬‬
‫(‪ )2‬قال تعاىل‪{ :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ} [األنبياء]‪.‬‬
‫(‪ )4‬األسىن (‪.)503‬‬ ‫(‪ )3‬األسماء والصفات للبيهيق (‪.)27/1‬‬

‫‪234‬‬
‫‪‬‬
‫ادلواوين(‪ ،)1‬قال تعاىل‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ} [مريم‪.]94 :‬‬
‫ه‬ ‫ٌ‬
‫(‪ )6‬وـهو جل شأنه حمسوب عطاياه‪ ،‬وفواضله(‪ )2‬اليت َّل حتىص‪،‬‬
‫ه‬
‫وَّل تعد‪ ،‬ف ادلنيا للك أحد‪ ،‬ويف اجلنة ألويلائه فقط‪ ،‬ليس ل منتىه‬
‫وَّل أمد‪ ،‬قال الل تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ} [انلبأ] "أي‪:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫كثيا" ‪.‬‬ ‫عطاء حسابًا‪ ،‬اكفيًا‪ ،‬وافيًا‪ ،‬شامَّل‬
‫(‪)3‬‬
‫ً‬

‫(‪ )7‬والل تعاىل ـهو‪{ :‬ﮇ ﮈ ﮉ} [األنعام]‪َّ ،‬ل أحد‬


‫أحد عن أحد(‪.)4‬‬ ‫ً‬
‫أرسع حسابا منه‪ ،‬فَّل يشغله حساب ٍ‬
‫هللالل احلسيب‪ :‬أن من اكن ـهذا اَّلسم املبارك حسبه وملجأه‬
‫ِ‬
‫عند شدائده‪ ،‬اكن الل حسيبه‪ ،‬وعند حسن ظنه‪ ،‬فيكفيه ما يهمه ف‬
‫أمور معاشه ومعاده‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ}‪،‬‬
‫قاهلا إبراـهيم عليه السَّلم حي أليق ف انلار‪ ،‬وقاهلا نبينا حممد ‘ حي‬
‫اجتمع عليه الكفار‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [آل عمران](‪،)5‬‬
‫فكفاه الل وصحبه لك ٍّ‬
‫رش ونقمه‪ ،‬ونالوا السَّلمة‪ ،‬وحسن العاقبة ف‬
‫ادلنيا واآلخرة‪ ،‬ومن هللالهل أنه "يكيف بفضله‪ ،‬ويرصف اآلفات بطول‪،‬‬
‫وإذا رفعت إيله احلوائج قضاـها‪ ،‬وإذا حكم بقضية أبرمها وأمضاـها"(‪.)6‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن ـهذا اَّلسم اجلليل يثمر للعبد مراقبة حلال‪،‬‬
‫ومجيع شؤونه‪ ،‬وحماسبة نلفسه ف لك ما يقول‪ ،‬ويفعله‪ ،‬كما يثمر ل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬تفسي األسماء (‪.)49‬‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن د‪ .‬رضواين (‪.)621‬‬
‫(‪ )3‬ابن كثي (‪ ،)621/4‬وصح عن قتادة أنه قال‪( :‬عطاء حسابًا) أي‪ :‬عطاء ً‬
‫كثيا‪ .‬انظر اتلفسي الصحيح (‪)584/4‬‬
‫(‪ )6‬أسماء الل للرازي (‪.)260‬‬ ‫(‪ )5‬صحيح ابلخاري (‪.)4563‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن (‪.)208/1‬‬

‫‪235‬‬
‫‪‬‬
‫الطمأنينة واثلقة ف أن الل تعاىل كما أنه جيازي عباده باخلي والرش‪،‬‬
‫حبسب حكمته وعلمه‪ ،‬بدقيق أعماهلم وجليلها‪ ،‬فإنه اكف املتولكي‬
‫عليه‪ ،‬اذلين َّ‬
‫فوضوا أمورـهم إيله‪ ،‬فلم حيتاجوا معه إىل أحد ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ 80‬ـ‪ 81‬ـ اهلل (القابض‪ ،‬الباسط) تبارك وتعاىل‬

‫ثبت ـهذان اَّلسمان الكريمان ف السنة املطهرة‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن‬


‫ُ ر‬
‫هو ا مسعر‪ ،‬القنبض ابلنسط<(‪.)2‬‬ ‫ا‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬القبض خَّلف البسط‪ ،‬ويطلق ْع اتلقتي‬
‫واتلضييق‪ ،‬وْع اجلمع‪ ،‬كما ف‪ :‬قبض الل السموات واألرض‪ ،‬فقبض‬
‫ايلد ْع اليشء مجعها بعد تناول(‪.)3‬‬
‫بسط اليشء‪ :‬نرشه‪ ،‬والبسطة ف لك يشء‪ :‬السعة‪ ،‬ويطلق‬
‫البسط ْع اتلوسعة ف الرزق‪ ،‬واإلكثار منه‪ ،‬وْع الطول‪ ،‬والفضل(‪.)4‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو القابض ابلاسط‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي يبسط الرزق ملن يشاء من عباده‪ ،‬حىت َّل تبىق فاقة‪،‬‬
‫ويقبضه عمن يشاء‪ ،‬حىت َّل تبىق طاقة‪ ،‬بكمال القدرة‪ ،‬والعدل‪ْ ،‬ع‬
‫حسب ما تقتضيه حكمته‪ ،‬وما يليق بأحوال عباده‪ ،‬وإذا زاده تعاىل لم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خرقا‪ ،‬وإذا أنقصه لم ينقصه عـ ً‬ ‫ًَ‬
‫دما‪ ،‬وَّل خبَّل‬
‫(‪)5‬‬ ‫رسفا وَّل‬ ‫يزده‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬منهج ابن القيم ف رشح أسماء الل احلسىن (ص ‪.)367‬‬
‫(‪ )3‬املفردات (ص‪ ،)391‬الصحاح للجوـهري (‪.)1100/3‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)1059‬‬
‫(‪ )4‬لسان العرب (‪ ،)258/7‬املفردات (ص ‪ ،)46‬الصحاح للجوـهري (‪.)1116/3‬‬
‫(‪ )5‬قال تعاىل‪{ :‬ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ} [الشورى]‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )2‬وـهو اذلي يقبض الصـدقات من األغنياء‪ ،‬ويبسط األرزاق‬
‫للضعفاء‪ ،‬ويقبض الصدقات فيبيها‪ ،‬ويبسط انلعم ويهيؤـها‪.‬‬
‫(‪ )3‬ويقبض األرواح عن األشباح عند املمات‪ ،‬ويبسط األرواح‬
‫ف األجساد عند احلياة‪.‬‬
‫تص َّعد ف‬
‫حرجا كأنها َّ‬
‫ً‬ ‫(‪ )4‬ويقبض القلوب فيضيقها حىت تصي‬
‫السماء‪ ،‬ويبسطها بما يفيض عليها من معاين بِ ِره‪ ،‬ولطفه‪ ،‬ومجال‪،‬‬
‫فتبىق منرشحة(‪.)2()1‬‬
‫(‪ )5‬والل يقبض ويبسط بيديه الكريمتي‪ْ ،‬ع احلقيقة(‪ )3‬ملن‬
‫َّ‬
‫العلية‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫شاء من اخلليقة‪ ،‬فمن ذلك األرض والسماوات‬
‫‪ ،]67‬قال ‘‪:‬‬ ‫[الزمر‪:‬‬ ‫{ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ}‬
‫(ويقبض‬ ‫>يأ ذ اجلبنر عً وهللل سمنواته وأرضه بيديه‪ ،‬ةيقول‪ :‬أًن ا‬
‫أصنبعه ويبسطهن) أًن امللا<(‪ ، )4‬ويف حديث خماطبة الرب ‪ ‬آلدم ‪،‬‬
‫هل‪ ،‬ويدا مقبوضتنن ‪ ...‬ثم بسطهن<(‪.)5‬‬ ‫وفيه‪ ..> :‬ةقنل ا‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل يبسط يده باتلوبة ملن أساء‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا‬
‫عً وهللل يبسط يد بن ليل يلتوب ميسء انلهنر‪ ،‬ويبسط يد بننلهنر‬
‫يلتوب ميسء ا ليل‪ ،‬ح ٰ‬
‫ىت تطلع ا شمس من ميربهن<(‪ ،)6‬وـهو اذلي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال تعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [األنعام‪]125 :‬‬
‫(‪ )2‬انظر املعاين السابقة‪ :‬املقصد األسىن (‪ ،)52‬شأن ادلاعء (‪ ،)857‬رشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪،)223‬‬
‫رشح اهلراس للنونية (‪ ،)104/2‬تيسي الكريم املنان (‪ْ )3( .)490/5‬ع الكيفية اليت تليق جبَّلل وكمال‪.‬‬
‫(‪ )6‬مسلم (‪.)2759‬‬ ‫(‪ )5‬صحيح الرتمذي (‪.)3368‬‬ ‫(‪ )4‬مسلم (‪.)2788‬‬

‫‪237‬‬
‫‪‬‬
‫يمل للعصاة‪ ،‬فيجعلهم بي اخلوف والرجاء(‪.)1‬‬
‫(‪ )7‬ويبسط يديه ملن سأل وداعه ف لك يللة‪ ،‬قال ‘(‪ ...> :)2‬ثم‬
‫ٰ‬
‫وتعنىل‪ ،‬يقول‪ :‬من يقرض غر عدوم وال ظلوم<(‪.)3‬‬ ‫يبسط يديه تبنرك‬
‫(‪ )8‬وـهو تعاىل ه ِ‬
‫الموسع ملن يشاء ف العلم‪ ،‬واخللقة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ} [ابلقرة‪،]247 :‬‬
‫ً‬
‫ابتَّلء‪ ،‬وحكمة‪.‬‬ ‫ويضيقه ْع من يشاء‪،‬‬
‫ً‬
‫أقواما من انلار‪،‬‬ ‫(‪ )9‬وـهو سبحانه يقبض بيده الكريمة‪ ،‬فيعتق‬
‫قط‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬ةيقول ا تعنىل‪ :‬شفعت املالئك‪،،‬‬ ‫خيا ّ‬
‫لم يعملوا ً‬
‫ُّ‬
‫وشفع انلبيون‪ ،‬وشفع املؤمنون‪ ،‬و م يبق إال أرحم ا رامحني‪ ،‬ةيقبض قبض‪،‬‬
‫قومن م يعملوا ا‬‫ا‬
‫را قط<(‪.)4‬‬ ‫من انلنر‪ ،‬ةيخرج منهن‬
‫(‪ )10‬وـهو اذلي يبسط ويقبض الظَّلل واألنوار‪ ،‬وما يرتتب ْع‬
‫ذلك من اختَّلف الليل وانلهار‪ ،‬وتعاقب الفصول طول العام(‪.)5‬‬
‫(‪ )12‬ـهو اذلي يقبض قلوب العباد بدَّلئل اخلوف والكّبياء‪،‬‬
‫ويبسطها بدَّلئل الفضل والرجاء(‪.)6‬‬
‫(‪" )11‬والل تبارك وتعاىل يقبض باتلحريم‪ ،‬ويبسط باإلباحة"(‪.)7‬‬
‫والكمال املطلق لل تعاىل يكون باجتماع ـهذين اَّلسمي‬
‫الكريمي‪ ،‬عند اثلناء وادلاعء‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن ف الكتاب املقدس (‪.)341‬‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)758‬‬ ‫(‪ )2‬كما ف حديث نزول الرب تبارك وتعاىل إىل السماء ادلنيا لك يللة‪.‬‬
‫(‪ )5‬ابن السعدي (‪ )584‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ابلخاري (‪ ،)7439‬ومسلم (‪.)454‬‬
‫(‪ )7‬تفسي أيب املظفر السمعاين (‪.)248/1‬‬ ‫(‪ )6‬رشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (‪.)223‬‬

‫‪238‬‬
‫‪‬‬
‫من لطنئف اقرتاًهمن‪" :‬أن مقام اخلوف َّل جيامع مقام اَّلنبساط‪،‬‬
‫واخلوف من أحاكم اسم (القنبض) واَّلنبساط من أحاكم (ابلنسط)‪،‬‬
‫والبسط عندـهم من مشاـهدة أوصاف اجلمال‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬واتلودد‪،‬‬
‫والرْحة‪ ،‬والقبض عندـهم من مشاـهدة أوصاف اجلَّلل‪ ،‬والعظمة‪،‬‬
‫والعدل‪ ،‬واَّلنتقام"(‪ ،)1‬ويف ـهذا اَّلقرتان "يشهد العبد حراكت العالم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسكونه صادرة عن ِ‬
‫متحرك‪ ،‬وساكن‪ ،‬يشهد تعلق‬ ‫احلق تعاىل ف لك‬
‫احلراكت باسمه (ابلنسط) وتعلق السكون باسمه (القنبض) فيشهد‬
‫تفرده سبحانه بالبسط والقبض"(‪ )2‬ف السماء واألرض‪.‬‬
‫َّ‬
‫هللالل القنبض ابلنسط‪ :‬إن جَّلل ـهذين اَّلسمي َّل يستطيع‬
‫ٌ‬
‫أحد أن حييص جَّلهلما‪ ،‬وكماهلما‪ ،‬وقدرـهما‪ ،‬إَّل الل رب العاملي فهما‬
‫خيتصان بمصالح ادلنيا واآلخرة‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫" َّ‬

‫ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ} [الشورى]‪ ،‬وذلك يتضمن قوام اخللق باللطف‪ ،‬واخلّبة‪،‬‬
‫وحسن اتلدبي واتلقدير‪ ،‬مع كمال القدرة‪ ،‬والعلم بمصالح العباد ف‬
‫اتلفصيل‪ ،‬واجلملة‪ ،‬فهو تعاىل يه ِ‬
‫رصف مجلة العوالم‪ ،‬جلملة العاملي" ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن معرفتهما تثمر للمؤمن اخلوف من قبض منافع‬
‫ادلنيا واآلخرة‪ ،‬والرجاء لبسط اخليات العاجلة واآلجلة‪ ،‬وأن تبسط‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬املصدر السابق (‪.)184/2‬‬ ‫(‪ )1‬مدارج السالكي (‪.)357/2‬‬
‫(‪ )3‬األسىن للقرطيب (‪ )360/1‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫‪‬‬
‫برك ومعروفك ْع لك حمتاج‪ ،‬حىت ْع ادلواب‪ ،‬والالكب‪ ،‬واذلر‪،‬‬
‫كبد رطب‪ ،‬أهللر<(‪" ، )1‬وأن تقبض عن لك أحد‪ ،‬ما‬
‫قال ‘‪> :‬يف لك ٍ‬
‫وعلم‪ ،‬وحكمة"(‪.)2‬‬
‫ٍ‬ ‫مال‪،‬‬
‫ليس ل أـهَّل من ٍ‬

‫‪ 82‬ـ ‪ 83‬ـ اهلل (املقدِّم املؤخِّر) جل شأنه‬

‫اكن من داعء املصطىف ‘‪> :‬امهلل اغفر يل من قدمت ومن‬


‫أ رت‪ ،‬ومن أرسرت ومن أعلنت‪ ،‬ومن أًت أعلم به مين‪ ،‬أًت املقدم‬
‫ر‬
‫وأًت املؤ ر‪ ،‬ال هلإ إال أًت<(‪.)3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو املقدم واملؤخر‪:‬‬
‫ِ‬
‫‪ )1‬املزنل األشياء منازهلا‪ ،‬يقدم منها ما شاء‪ ،‬ويؤخر منها ما‬
‫شاء‪ ،‬بكمال املشيئة والقدرة‪ ،‬والعلم‪ ،‬واحلكمة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أحب من‬ ‫‪ )2‬قدم املقادير قبل أن خيلق اخللق‪ ،‬وقدم من‬
‫َّ‬
‫أويلائه‪ْ ،‬ع غيـهم من عبيده‪ ،‬وقدم من شاء باتلوفيق إىل مقامات‬
‫َّ‬
‫السابقي‪ ،‬وأخر من شاء عن مراتبهم‪ ،‬وثبطهم عنها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫حكما‪ ،‬وفعَّل‪ْ ،‬ع‬ ‫‪ )3‬فهو تعاىل يقدم ما جيب تقديمه من يشء‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫أحب‪ ،‬وما قدمه فهو املقدم‪ ،‬وما أخره فهو املؤخر‪.‬‬ ‫أحب‪ ،‬وكيف‬ ‫ما‬
‫‪ )4‬وـهو اذلي يؤخر ما جيب تأخيه‪ ،‬لعلمه بما ف عواقبه من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)771‬‬ ‫(‪ )2‬شجرة املعارف (ص ‪.)92‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪ ،)2363‬مسلم (‪.)2244‬‬

‫‪240‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫احلكمة‪ ،‬فَّل مقدم ملا أخر‪ ،‬وَّل مؤخر ملا قدم (‪.)1‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫هللالل املقدم واملؤ ر‪ :‬أن الل تعاىل ل جَّلل اتلقديم‬
‫واتلأخي الكوين‪ ،‬واتلقديم واتلأخي الرشيع‪ ،‬ةنتلقديم واتلأ ر‬
‫ا كوين‪ :‬ـهو تقدير الل تعاىل ف خلقه‪ ،‬وتكوينه‪ ،‬وفعله(‪ ،)2‬كتقديم‬
‫بعض املخلوقات ْع بعض‪ ،‬وتأخي بعضها ْع بعـض‪ ،‬وكتقديم‬
‫ِ‬
‫األسباب ْع مسبباتها‪ ،‬والرشوط ْع مرشوطاتها‪ ،‬وأنـواع اتلقديم‪،‬‬
‫واتلأخي ف اخللق‪ ،‬واتلقدير‪ٌ ،‬‬
‫حبر َّل ساحل ل‪.‬‬
‫َّ‬
‫بمحبة الل جل وعَّل‬ ‫واتلقديم واتلأ ر ا رشيع‪ :‬وـهو متعلق‬
‫لفعل دون فعل‪ ،‬وتقديم بعض األحاكم ْع بعض‪ ،‬ملا تقتضيه‬
‫املصلحة اليت تعود ْع العباد‪ ،‬كتفضيل الل األنبياء علـى اخللق‪،‬‬
‫َّ‬
‫وفضل بعضهم ْع بعـض‪ ،‬وتفضيل بعض العباد ْع بعض‪ ،‬وأخر‬
‫ّ‬
‫منهم من أخر‪ ،‬كتقديم الصالح ْع الطالح‪ ،‬والعالم ْع اجلاـهل‪،‬‬
‫والطائع ْع العايص‪ ،‬وأعمال دون أعمال‪.‬‬
‫ومن هللالل تأ ر جل وعَّل أنه يؤخر العذاب بمقتىض‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫ابتَّلء للعباد‪ ،‬لعلهم يتوبوا إيله قبل يوم احلساب‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫حكمته‬
‫{ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ} [انلحل‪.)3(]61 :‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬انلهاية (‪ ،)25/4 ،29/1‬وشأن ادلاعء (‪ ،)86‬تفسي أسماء الل (‪ ،)59‬اَّلعتقاد للبيهيق (‪.)63‬‬
‫(‪ )2‬كما ف قول تعاىل‪{ :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ} [سبأ]‬
‫(‪ )3‬احلق الواضح (ص ‪ ،)100‬أسماء الل احلسىن‪ ،‬د‪ .‬الرضواين (‪ 527‬ـ ‪.)535‬‬

‫‪241‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن اإليمان بأنه سبحانه ـهو املقدم واملؤخر‪ ،‬يثمر‬
‫ف قلب املؤمن اتلعلق بالل وحده‪ ،‬واتلولك عليه سبحانه‪ ،‬ألنه‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫سبحانه َّل مقدم ملا أخر‪ ،‬وَّل مؤخر ملا قدم‪.‬‬
‫ويلعلم أن اتلقدم احلقييق ـهو اتلقدم ف طاعة الل تعاىل‪،‬‬
‫واتلأخر يكون ف معصيته‪ ،‬وذلا ينبيغ اتلوسل بهما إيله تعاىل ف‬
‫نيل ـهذا اتلقدم احلقييق‪ ،‬اذلي يعود نفعه ف ادلين‪ ،‬وادلنيا‪ ،‬واآلخرة‪،‬‬
‫وترك لك ما يؤخر عن جنته ومرضاته‪ ،‬من األقوال‪ ،‬واألفعال(‪ ،)1‬وأن‬
‫ً‬
‫تأخرا فقال هلم‪:‬‬ ‫يقدم ف ذلك األـهم فاألـهم‪ ،‬فقد رأى ‘ ف أصحابه‬
‫>تقدموا ةنئتموا يب‪ ،‬ويلأتم بكم من بعدكم‪ ،‬ال يًال قوم يتأ رون‬
‫ىت يؤ رهم ا <(‪ ،)2‬وقال ‘‪> :‬احرضوا اجلمع‪ ،‬وادًوا من‬ ‫ح ٰ‬
‫اإلمنم‪ ،‬ةإن ا رهللل ال يًال يتبنعد ح ٰ‬
‫ىت يؤ ر يف اجلن‪ ،‬وإن د لهن<(‪.)3‬‬

‫‪ 84‬ـ ـ اهلل (املنَّان) تبارك وتعاىلٰ‬


‫ً‬
‫ثبت ـهذا اَّلسم املبارك عن انليب ‘‪ ،‬وذلك أنه سمع رجَّل‬
‫ِ‬
‫يصل ثم داع فقال‪> :‬امهلل إين أسأ ا بأن ا احلمد‪ ،‬ال هلإ إال أًت‪،‬‬
‫املننن‪ ،‬بديع ا سمنوات واألرض‪ ،‬ين ‪،‬ا اجلالل واإلكرام‪ ،‬ين ُّ‬ ‫َّ‬
‫يح ين‬
‫ُّ‬
‫قيوم< فقال ‘‪> :‬أتدرون بم داع ا ؟ داع ا بنسمه األعظم‪ ،‬اذلي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إ‪،‬ا ديع به أهللنب‪ ،‬وإ‪،‬ا سئل به أعط ٰى<(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬مسلم (‪.)438‬‬ ‫(‪ )1‬ولل األسماء احلسىن (ص ‪ )704‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيح أيب داود (‪.)1495‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح أيب داود (‪.)680‬‬

‫‪242‬‬
‫‪‬‬
‫ُّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬املن‪ :‬العطاء‪ ،‬وـهو صنع اجلميل‪ ،‬وـهو اإلحسان‬
‫ّ‬
‫إىل من َّل يستثيبه‪ ،‬وَّل يطلب عليه اجلزاء‪ ،‬واملنة‪ :‬انلعمة اثلقيلة‪،‬‬
‫ويقال‪ :‬ذلك ْع وجهي‪:‬‬
‫ٌ‬
‫أحدـهما‪ :‬أن يكون بالفعل‪ ،‬فيقال‪َ :‬م َّن فَّلن ْع فَّلن إذا‬
‫أثقله بانلعمة‪ ،‬ومنه قول تعاىل‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ}‬
‫[آل عمران‪ ،]164 :‬وذلك ْع احلقيقة َّل يكون إَّل لل‪ ،‬واثلاين‪ :‬أن يكون‬
‫ذلك بالقول‪ ،‬وـهذا مستقبح فيما بي انلاس‪ ،‬إَّل عند كفران انلعمة(‪.)1‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املنان ْع لك األنام‪:‬‬
‫‪ )1‬عظيم اهلبات‪ ،‬والعطايا‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬فهو سبحانه يبدأ بانلوال‬
‫ً‬
‫وانتهاء‪ ،‬ويعطي فوق اآلمال‬ ‫ً‬
‫ابتداء‬ ‫قبل السؤال‪ ،‬وـهو املعطي‬
‫والرجاء‪ ،‬فلما اكن ّ‬
‫املن منه باجلود والعطاء ْع مجيع عباده‪ ،‬اكنت ل‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أحد‪.‬‬
‫املنة عليهم‪ ،‬وَّل منة عليه من ٍ‬
‫‪ )2‬ومن عظيم ـهباته‪ :‬أنه أعطى احلياة‪ ،‬والعقل‪ ،‬وانلطق‪ ،‬وصور‬
‫فأحسن‪ ،‬وأنعم فأجزل‪ ،‬وأكرث العطايا واملنح(‪ )2‬فأكرم‪.‬‬
‫‪ )3‬ومن عظيم مننه ْع عباده أمجعي‪ ،‬أنه أرسل إيلهم الرسل‪،‬‬
‫ِ‬
‫مبرشين ومنذرين‪ ،‬يلبينوا هلم طريق احلق املبي‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ )4‬فأنقذ سبحانه بمنه أويلاءه املؤمني‪ ،‬بأن ـهداـهم إىل رصاطه‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املفردات (‪ ،)777‬اللسان (‪ ،)4277/7‬انلهاية (‪.)365/4‬‬
‫(‪ )2‬انلبوات (‪ ،)68‬اللسان (‪ ،)4279/6‬األسماء والصفات (‪ ،)176/1‬األسىن (‪.)260/1‬‬

‫‪243‬‬
‫‪‬‬
‫املستقيم‪ ،‬دون غيـهم من العاملي‪ ،‬اذلين عدلوا عن سلوك طريق‬
‫ِ‬
‫املرسلي‪ ،‬فأنعم عليهم بأعظم دين‪ ،‬وـهو اَّلستسَّلم لرب العاملي‪.‬‬
‫َّ‬
‫وامنت عليهم سبحانه بهذا الرسول األمي‪ ،‬اذلي عصمهم به‬ ‫‪)5‬‬
‫من ظلمات طريق رصاط اجلحيم‪َّ ،‬‬
‫ومن عليهم باإليمان وايلقي‪،‬‬
‫وـهذه أعظم مننه ف ادلنيا ْع املؤمني‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﯣ ﯤ‬
‫ﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ} [آل عمران]‪ ،‬وقال َّ‬
‫عز شأنه‪{ :‬ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ} [احلجرات]‪.‬‬

‫‪ )6‬ومن مننه اجلزيلة أنه ينيج املؤمني واملستضعفي ف لك‬


‫ِ‬
‫املتكّبين واملفسديـن‪ ،‬فينعم عليهم باألمن واألمان‪،‬‬ ‫زمان‪ ،‬من‬
‫َّ‬
‫واتلمكي‪ ،‬قال جل ثناؤه‪{ :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ} [القصص]‪.‬‬

‫‪ )7‬وأجزل نعمه ْع أويلائه ف يوم ادلين‪ ،‬أن وقاـهم عذاب‬


‫َّ‬
‫السعي‪ ،‬وأنعم عليهم ف دخول جنات انلعيم‪ ،‬بها خمدلين‪ ،‬قال الل‬
‫عنهم‪{ :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ} [الطور]‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫هللالل املننن‪" :‬أن منة اخلالق جل وعَّل ْع املخلوق‪ ،‬فيها‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫تمام انلعمة‪ ،‬وكماهلا‪ ،‬وذلتها‪ ،‬وطيبها‪ ،‬فإنها منة حقيقية‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫َّ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ} [احلجرات]‪ ،‬فأما منة املخلوق ْع‬
‫َّ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫املخلوق‪ ،‬فإنها منة تكدر انلعمة‪ ،‬أما منة املنان اذلي مجيع اخللق‬
‫َّ‬
‫ف مننه‪ ،‬فيه اليت ما طاب العيش إَّل بمنته‪ ،‬فلك نعمة منه ف‬
‫ادلنيا واآلخرة‪ ،‬فيه منة يمن بها ْع من أنعم عليه"(‪ ،)1‬وأعظم من ٍة‬
‫َّ‬ ‫من الل تعاىل ْع اإلطَّلق‪ ،‬من َّ‬
‫من عليه بدخول جنته‪ ،‬وأنعم‬
‫عليه برضاه‪ ،‬ورؤيته‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن مشاـهدة منن الل عليه‪ ،‬واستحضارـها‬
‫ومطالعتها‪" ،‬فإذا وصل إىل القلب نور صفة املنة‪ ،‬وشهد معىن اسمه‬
‫(املننن) وجتىل سبحانه ْع قلب (املؤمن) بهذا اَّلسم مع اسمه (األول)‬
‫ذـهل القلب وانلفس به‪ ،‬وصار العبد ً‬
‫فقيا إىل موَّله‪ ،‬بمطالعة سبق‬
‫حال ينسبه إىل نفسه"(‪،)2‬‬ ‫ً‬
‫أمر أو ٍ‬
‫فضله األول‪ ،‬فصار مقطواع عن شهود ٍ‬
‫وإياك يا عبد الل أن تمنن بعطيتك‪ ،‬فتبطل وحيبط عملك‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫{ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [ابلقرة‪ ،]264 :‬وقال‬
‫‘‪> :‬ثالث‪ ،‬ال يكلمهم ا يوم القينم‪ ،‬وال ينظر إيلهم وال يًكيهم‪ ،‬وهلم‬
‫َّ‬ ‫ا‬
‫عذاب أيلم‪ ،‬املسبل إزار ‪ ،‬واملننن اذلي ال يعطي شيئن إال منه<(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬صحيح اجلامع (‪.)3067‬‬ ‫(‪ )2‬طريق اهلجرتي (ص ‪.)57‬‬ ‫(‪ )1‬بدائع اتلفسي (‪ ،)272/5‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 85‬ـ ـ اهلل (الرَّفيق) عز شأنه‬


‫ر‬ ‫ُّ‬
‫رةيق حيب ا رةق يف األمر لكه<(‪.)1‬‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا رةيق‪ :‬من صيغ املبالغة‪ ،‬والرفق ـهو‪ :‬اللطف‪،‬‬
‫َّ‬
‫وـهو يدل ْع لي اجلانب‪ ،‬ولطافة الفعل‪ ،‬والرفيق ـهو اذلي يتول العمل‬
‫ً‬
‫برفق‪ ،‬ويقال أيضا‪ :‬أرفقته‪ ،‬أي‪ :‬نفعته‪ ،‬ويأيت بمعىن اإلرفاق‪ :‬وـهو‬
‫العطاء اكلرتفق‪ ،‬ويأيت بمعىن‪ :‬اتلمهل ف األمور‪ ،‬واتلأين بها‪ ،‬واحلليم‪،‬‬
‫والرفيق ـهو اذلي يرافقك ف السفر‪ ،‬وجيمعك وإياه رفقة واحدة(‪.)2‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو الرفيق اذلي َّل أرفق منه‪:‬‬
‫‪ )1‬الكثي الرفق ف أفعال‪ :‬خلق املخلوقات لكها باتلدريج شيئًا‬
‫فشيئا‪ ،‬حبسب حكمته ورفقه‪ ،‬مع أنه ٌ‬
‫قادر ْع خلقها دفعة واحدة‪،‬‬ ‫ً‬

‫ويف حلظة واحدة‪.‬‬


‫‪ )2‬وـهو سبحانه الرفيق ف رشعه‪ :‬ف أمره ونهيه‪ ،‬فلم يأخذ عباده‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫باتلاكيلف الشاقة‪ ،‬مرة واحدة‪ ،‬بل رشع األحاكم شيئًا فشيئًا‪ ،‬من‬
‫حال إىل حال‪ ،‬حىت تألفها نفوسهم‪ ،‬وتأنس إيلها طبائعهم(‪ ،)3‬وـهو‬
‫ً‬ ‫سبحانه ٌ‬
‫قادر ْع أن يفرضها عليهم دفعة واحدة‪.‬‬
‫‪ )3‬فهو تعاىل رفيق ف أمره‪ ،‬ونهيه‪ ،‬وفعله‪ ،‬وخلقه‪ ،‬وقدره‪،‬‬
‫وحكمه‪ ،‬فَّل نهاية لرفقه سبحانه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)1694/3‬وتهذيب اللغة (‪ ،)109/9‬األسىن (‪.)557/1‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪.)6539‬‬
‫(‪ )3‬احلق الواضح (‪ ،)63‬رشح انلونية للهراس (‪.)93/2‬‬

‫‪246‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )4‬وـهو الرفيق بمعيته العامة بكل خلقه‪ ،‬واخلاصة(‪ )1‬ألويلائه‬
‫فقط(‪.)2‬‬
‫هللالل ا رةيق‪ :‬أنه يرفق بعباده خبفاء وسرت ولطف‪ ،‬ومن‬
‫ذلك أنه َّل يعاجل املذنبي بالعقوبة‪ ،‬بل يمهلهم وينظرـهم‪ ،‬ويدر‬
‫ِ‬
‫عليهم آَّلءه وإحسانه‪ ،‬وييَّس هلم أسباب اتلوبة‪ ،‬ولو شاء لعاجلهم‬
‫بالعذاب‪ ،‬لكنه ـهو الرفيق احلليم‪ ،‬يمهلهم وَّل يهملهم يلحصل هلم‬
‫السعادة ف ادلنيا‪ ،‬ويوم املعاد‪.‬‬
‫ومن هللالل رةقه بعباده‪ :‬أنه رشع من الرخص واألسباب‬
‫الرشعية اليت تدفع عنهم احلرج‪ ،‬وترفق بهم ف حياتهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن هللالهل "أنه ـهو امليَّس واملسهل ألسباب اخلي لكها‪ ،‬واملعطي‬
‫هلا‪ ،‬وأعظمها تيسي القرآن للحفظ‪ ،‬ولوَّل ما قال‪{ :‬ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡ} [القمر‪ ،]17 :‬ما قدر ْع حفظه أحد‪ ،‬فَّل تيسي إَّل‬
‫بتيسيه‪ ،‬وَّل منفعة إَّل بإعطائه‪ ،‬وتقديره"(‪.)3‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يأخذ من حظ ـهذا اَّلسم فيجعل‬
‫الرفق قائده‪ ،‬وديلله‪ ،‬يلصل إىل قلوب العباد‪ ،‬ويؤثر فيهم‪ ،‬وكذلك الرفق‬
‫واتلأين ف األمور‪ ،‬مع انلفس ومع اخللق‪ ،‬وخاصة مع أـهله‪ ،‬وزوجه‪،‬‬
‫قال ‘‪> :‬من أعط ٰى حظه من ا رةق ةقد أعط ٰى حظه من اخلر<(‪،)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬املعية العامة ويه مع لك خلقة‪ :‬بالسمع والعلم وابلرص‪ ،‬واملعية اخلاصة يه ألويلائه‪ :‬باتلأييد وانلرص‪ .‬انظر‬
‫جمموع الفتاوى (‪.)130/5‬‬
‫(‪ )2‬وتكون هلهم ف ادلنيا كما سبق‪ ،‬واآلخرة معه ف اجلنة‪ ،‬كما ف داعء انليب‪( :‬امهلل الرفيق األْع)‪ .‬ابلخاري‬
‫(‪ )4‬صحيح اجلامع (‪.)6055‬‬ ‫(‪ )3‬األسىن (‪.)557/1‬‬ ‫(‪.)4173‬‬

‫‪247‬‬
‫‪‬‬
‫ا‬
‫را أد ل عليهم ا رةق<‬ ‫بأهل بيت‬ ‫وقال ‘‪> :‬إ‪،‬ا أراد ا‬
‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫فمن حظي به فما أطيب عيشه‪ ،‬وما أنعم بال‪ ،‬وما أق َّر عينه(‪.)2‬‬

‫‪ 86‬ـ ـ اهلل ( احلـَيـيُّ ) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫ٌّ‬
‫حي كريم‪ ،‬يستحي من‬ ‫ٰ‬
‫وتعنىل‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ربكم تبنرك‬
‫ا‬ ‫َّ‬
‫نئبتني< ‪ .‬وقال ‘‪:‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫صفرا‬ ‫عبد إ‪،‬ا رةع إيله يديه أن يردهمن‬
‫(‪)3‬‬
‫ُّ‬ ‫ٌّ ر‬
‫حي ِستر‪ ،‬حيب احلينء وا سرت<(‪.)5‬‬
‫ِ‬ ‫>إن ا‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬احلي‪ْ :‬ع وزن فعيل من أبنية املبالغة‪ ،‬أي‬
‫كثي احلياء‪ ،‬واحلياء واَّلستحياء‪ :‬ضد الوقاحة(‪.)6‬‬
‫ّ‬
‫احلي‪:‬‬ ‫ٰ‬
‫املعىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو ِ‬
‫‪ )1‬املوصوف بكمال احلياء‪ ،‬اذلي يليق بكمال‪ ،‬وجَّلل‪،‬‬
‫ِ‬
‫وعلوه‪ ،‬ليس كحياء املخلوقي‪ ،‬اذلي ـهو تغي وانكسار‪.‬‬
‫‪ )2‬أما حياء الرب جل وعَّل فذاك نوع آخر َّل تدركه األفهام‪،‬‬
‫وَّل تكيفه العقول‪ ،‬فإنه حياء كرم‪ّ ،‬‬
‫وبر‪ ،‬وجود‪ ،‬وجَّلل ‪.‬‬
‫(‪)7‬‬

‫‪ )3‬فمن كمال حيائه سبحانه أنه يكن باحلسن عن القبيح‪ ،‬قال‬


‫تعاىل‪{ :‬ﯤﯥ ﯦ} [النساء‪ ]43 :‬قال ابن عباس ¶‪" :‬كىن ادلخول‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬أي خايلتي‪.‬‬ ‫(‪ )2‬مفتاح دار السعادة (‪.)296/2‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)303‬‬
‫(‪ )6‬معجم مقاييس اللغة (‪.)122/2‬‬ ‫(‪ )5‬صحيح أيب داود (‪.)4012‬‬ ‫(‪ )4‬صحيح الرتمذي (‪.)3556‬‬
‫(‪ )7‬مدارج السالكي (‪ ،)259/2‬رشح انلونية (‪.)80/2‬‬

‫‪248‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫إن الل حي كريم يكن بما شاء‪َّ ،‬‬
‫عما شاء"(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫واللمس عن اجلماع‪،‬‬
‫هللالل احلي‪ :‬أن حياءه ـهو ترك ما ليس يتناسب مع سعة‬
‫رْحته‪ ،‬وكمال جوده وكرمه‪ ،‬وعظيم عفوه‪ ،‬وحلمه‪ ،‬ومن ذلك أنه‬
‫َّ‬
‫يستحي أن يرد عبده‪ ،‬إذا رفع يديه إيله بادلاعء‪.‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه يستحي من عبده حيث َّل يستح العبد منه‪،‬‬
‫وذلك‪ :‬أنه سبحانه مع كمال غناه‪ ،‬وتمام قدرته‪ ،‬يستحي من ـهتك‬
‫سرت العبد وفضحه‪ ،‬حيث جياـهره باملعصية‪ ،‬مع أنه أفقر يشء إيله‪،‬‬
‫ويتقوى بنعم ربه ْع معاصيه‪ ،‬فهو يتحبب‬‫َّ‬ ‫وأضعفه دليه‪ ،‬ويستعي‬
‫ّ‬
‫إىل عباده بانلعم واخليات‪ ،‬بعدد اللحظات‪ ،‬وـهم يتبغضون إيله‬
‫باملعايص والقبائح ف لك األوقات(‪ ،)2‬فأىن أن يكون ـهذا اجلَّلل من‬
‫ألحد من اخللق‪ ،‬وأىن يكون حياء مع كمال الصفات من‬ ‫ٍ‬ ‫احلياء‬
‫الغىن‪ ،‬والعزة‪ ،‬والقوة‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والرفعة‪ ،‬واحلكمة‪ ،‬إَّل للرب‪.‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬إن من أعظم ثمرات ـهذا اَّلسم الكريم احلياء من‬
‫الل تعاىل ف ظاـهر العبد‪ ،‬وباطنه‪ ،‬ف أن يراه ْع مشينة يبغضها الل‬
‫حق احلينء< قلنا‪ :‬يا‬ ‫تعاىل‪ ،‬ومجاع ذلك‪ ،‬ما قال ‘‪> :‬استحيوا من ا‬
‫رسول الل إنا لنستحي واحلمد لل‪ ،‬قال‪> :‬ليس ‪ ،‬ا‪ ،‬ولكن‬
‫االستحينء من ا حق احلينء‪ ،‬أن حتفظ ا رأس ومن ٰ‬
‫وع‪ ،‬وحتفظ‬
‫ابلطن ومن حو ٰ‬
‫ى‪ ،‬وتذكر املوت وابل ٰ‬
‫ىل‪ ،‬ومن أراد اآل رة ترك زين‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َّ‬
‫صحح إسناده ابن حجر ف الفتح (‪ )62/9( ،)122/8‬ويف اتلفسي الصحيح (‪ )293/1‬د‪ .‬حكمت بشي ياسي‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وانظر‪ :‬تفسي أيب مظفر السمعاين (‪.)431/1‬‬
‫(‪ )2‬مدارج السالكي (‪ ،)259/2‬احلق الواضح (ص ‪ ،)54‬رشح انلونية للهراس (‪ )80/2‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫‪‬‬
‫حق احلينء<(‪ ،)1‬فمن كرث‬ ‫ادلًين‪ ،‬ةمن ةعل ‪ ،‬ا ةقد استحين من ا‬
‫ه‬
‫حياؤه من الل انقبضت نفسه عن حمارم الل‪ ،‬وجماـهرته بالعصيان‪،‬‬
‫واعلم أنك إذا استحييت منه تعاىل‪ ،‬استحيا منك كما يليق جبَّلل‪،‬‬
‫منه<(‪.)2‬‬ ‫وكمال‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬وأمن اآل ر ةنستحين‪ ،‬ةنستحين ا‬

‫‪ 87‬ـ ـ اهلل (الدَّيَّان) جل وعال‬

‫عن جابر بن عبد الل ريض الل عنهما‪ ،‬أن رسول الل ‘ قال‪:‬‬
‫َ ْ ََُ‬ ‫ٰ‬
‫بصوت يسمعه من بعد كمن‬ ‫ٍ‬ ‫تعنىل العبند‪ ،‬ةيننديهم‬ ‫>حيرش ا‬
‫َّ َّ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ادلينن‪ ،‬وال ينبِغ ألحد من أهل انلنر‬ ‫يسمعه من ق ُرب‪ ،‬أًن امللا‪ ،‬أًن‬
‫ٰ َّ‬
‫ىت أقصه منه‪،‬‬ ‫أحد من أهل اجلن‪ ،‬حق‪ ،‬ح‬ ‫أن يد ل انلنر‪ ،‬وهل عند ٍ‬
‫وألحد من أهل‬
‫ٍ‬ ‫وال ينبِغ ألحد من أهل اجلن‪ ،‬أن يد ل اجلن‪،،‬‬
‫ٰ َّ‬
‫أقصه منه‪ ،‬ح ٰ‬
‫ىت ا لطم‪.)3(<،‬‬ ‫انلنر عند حق‪ ،‬حىت‬
‫ادليَّنن‪ :‬صيغة مبالغة ْع وزن َّ‬
‫فعال‪ ،‬ويدل‬ ‫ىن ا ليوي‪َّ :‬‬
‫املع ٰ‬
‫َّ‬
‫عدة معان جَّلل وكمال‪ ،‬منها‪ :‬ه‬
‫المجازي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ـهذا اَّلسم الطيِب ْع‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫والمحاسب‪ ،‬وْع امللك املطاع‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬والقايض‪ ،‬وْع القهار‪،‬‬
‫يقال‪ :‬دان انلاس‪ ،‬أي قهرـهم ْع الطاعة‪ ،‬ويوم ادلين‪ :‬أي يوم احلساب(‪.)4‬‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو ادليَّان للك العاملي‪:‬‬
‫املع ٰ‬

‫(‪ )1‬اذلي استوى ْع عرشه‪ ،‬فوق ملكه‪ ،‬فدانت ل لك اخلليقة‪،‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح ابلخاري (‪ ،)66‬ومسلم (‪.)2176‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح اجلامع (‪.)935‬‬
‫(‪ )4‬لسان العرب (‪،)1467/2‬انلهاية (‪.)148/2‬‬ ‫(‪ )3‬صحيح األدب املفرد (‪.)746‬‬

‫‪250‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫وعنت ل الوجوه‪ ،‬وذلت لعظمته اجلبابرة‪ ،‬ولك الّبية(‪.)1‬‬

‫(‪ )2‬وـهو تعاىل ادليَّان‪ :‬اذلي حياسب العباد أمجعي‪ ،‬ويفصل بينهم‬
‫باحلق يوم ادلين‪ ،‬بمَّيان العدل‪ ،‬والفضل املبي‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫فَّل‬ ‫[األنبياء]‬ ‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ}‬
‫ً‬
‫يهضم أحدا من حسناته‪ ،‬أو يزيد ف سيئاته‪ ،‬أو يعذبه بغي جرمه‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )3‬وـهو احلاكم القهار‪ :‬ف دار القرار‪ ،‬اذلي َّل يملك أحد ف‬
‫ألحد قول‪ ،‬وَّل حكم‪ ،‬حىت الشفااعت‬ ‫ً‬
‫حكما‪ ،‬فَّل يبىق‬ ‫ذلك ايلوم معه‬
‫ٍ‬
‫لكها حتت إذنه"(‪ )2‬فيدين اجلنة لألبرار‪ ،‬ويقيص الفجار إىل انلار‪.‬‬
‫َّ‬
‫هللالل ادلينن‪ :‬أنه تعاىل كما يقتص للمؤمن من الاكفر‪ ،‬كذلك‬
‫أنه يقتص للاكفر من املؤمن‪ ،‬حىت لو اكنت لطمة‪ ،‬فيحبس ويله من‬
‫ِ‬
‫عدوه‪ ،‬اذلي ـهو‬ ‫دخول جنته‪ ،‬وـهو أحب خلقه‪ ،‬حىت يقتص ل من‬
‫أبغض خلقه‪ ،‬فيعامل عدوه بعدل وقسطه‪ ،‬وويله بعدل‪ ،‬وفضله‪.‬‬

‫ومن هللالهل‪ :‬أنه تعاىل كما يقتص املظالم من بن آدم‪ ،‬فإنه‬


‫يقتص كذلك من ابلهائم‪ ،‬قال ‘‪> :‬حيرش اخلالئق لكهم يوم القينم‪،،‬‬
‫أن يأ ذ‬ ‫وابلهنئم‪ ،‬وادلواب‪ ،‬والطر‪ ،‬ولك يشء‪ ،‬ةيبلغ من عدل ا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫لجمنء من القرًنء<‪ ،‬ويف لفظ‪> :‬وحىت اذل َّرة من اذل َّرة<(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬السلسلة الصحيحة (‪.)612/4( ،)609/4‬‬ ‫(‪ )2‬فتح الرحيم امللك (‪.)32‬‬ ‫(‪ )1‬انظر الرضواين (‪.)571‬‬

‫‪251‬‬
‫‪‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للك عبد اخلوف من الل تعاىل‪ ،‬واَّلستعداد‬
‫يلوم حياسب به ادليَّان اخلَّلئق أمجعي‪ ،‬فحاسب نفسك قبل أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ه‬
‫جزاء ِوفاقا من‬ ‫حتاسب‪ ،‬واعلم يا عبد الل أنك كما تدين تدان‪،‬‬
‫ادليَّان‪ ،‬قال عمر بن اخلطاب ريض الل عنه‪" :‬حاسبوا أنفسكم قبل‬
‫أن حتاسبوا‪َّ ،‬‬
‫وتزينوا للعرض األكّب‪ ،‬وإنما خيف احلساب يوم القيامة‬
‫ْع من حاسب نفسه ف ادلنيا"(‪ ،)1‬فاجتنب الظلم بينك وبي الرب‪،‬‬
‫ر‬ ‫َّ‬
‫وبينك وبي اخللق‪ ،‬وأعد يلوم العرض‪ ،‬قال ‘‪> :‬ا كيس من دان‬
‫ًفسه‪ ،‬وعمل ملن بعد املوت‪ ،‬والعنهللً من أتبع ًفسه هواهن‪ ،‬وتم ٰ‬
‫ىن‬
‫ٰ‬
‫ىلع ا <(‪ ،)2‬وـهذا اَّلسم الكريم فيه تسلية للمظلومي‪ ،‬واملقهورين ‪،‬‬
‫وذلك بأن ادليَّان سوف يقتص هلم من الظاملي يوم ادلين‪.‬‬

‫سن) عز وجل‬
‫‪ 88‬ـ ـ اهلل (الـمُحْ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُْ‬
‫عً وهللل حم ِس ٌن حيب اإلحسنن<(‪.)3‬‬
‫َّ‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬
‫ً‬
‫ت اليشء حتسينا‪:‬‬ ‫وحسنم ه‬
‫َّ‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلسن‪ :‬ضد القبح‪،‬‬
‫زينتهه‪ ،‬وأحسنت إيله به‪ ،‬واإلحسان يقال ْع وجهي‪:‬‬
‫َّ‬

‫أحدهمن‪ :‬اإلنعام ْع الغي‪ ،‬يقال‪ :‬أحسن إىل فَّلن‪.‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫علما حسنا‪ ،‬وعمل‬ ‫واثلنين‪ :‬إحسان ف فعله‪ ،‬وذلك إذا علم‬
‫ً‬
‫حسنا‪ .‬واإلحسان فوق العدل(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬صحيح اجلامع (‪.)1824‬‬ ‫(‪ )2‬املصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪ )1‬الرتمذي (‪.)2459‬‬
‫(‪ )4‬لسان العرب (‪ ،)877/2‬املفردات (ص ‪.)235‬‬

‫‪252‬‬
‫‪‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو املحسن اذلي َّل‬
‫أحسن وَّل أكمل منه ْع اإلطَّلق‪:‬‬
‫ٌ‬
‫(‪ )1‬فاإلحسان ل وصف َّلزم‪ ،‬فَّل خيلو موجود عن إحسانه‬
‫طرفة عي‪ ،‬اذلي ما طاب العيش إَّل بإحسانه‪.‬‬
‫َّ ِ‬
‫ّ‬
‫مكون من‬ ‫(‪ )2‬والل تعاىل حمسن للك موجود‪ ،‬فَّل بهد للك‬
‫إحسانه إيله‪ ،‬بنعمة اإلجياد‪ ،‬ونعمة اإلمداد(‪.)1‬‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه املحسن ف أفعال‪ ،‬ليس فيها عبث‪ ،‬وَّل ف‬
‫أوامره سفه‪ ،‬بل لك أفعال َّل خترج عن احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬والفضل‪.‬‬
‫(‪ )4‬وـهو تعاىل اذلي أحسن لك يشء خلقه‪ ،‬فجعله ْع أحسن‬
‫صورة الَّلئقة بها‪ ،‬فأتقن صنعة‪ ،‬وأبدع كونه‪ ،‬وـهداه لغايته‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [السجدة‪.)2(]7 :‬‬
‫ً‬
‫(‪ )5‬وـهو املحسن اذلي أحسن رشعه‪ ،‬فجعله مشتمَّل ْع‬
‫العواقب احلميدة‪ ،‬والغايات العظيمة‪ ،‬اذلي فيها اخلي للك اخلليقة‪،‬‬
‫{ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ} [املائدة]‪.‬‬
‫(‪ )6‬ومن عميم إحسانه‪ ،‬أن حيسن إىل أويلائه ف ادلارين‪ ،‬فيف‬
‫ادلًين‪ :‬بالعلم واإليمان وايلقي‪ ،‬وتفريج كرباتهم‪ ،‬وشدائدـهم‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪{ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ} [يوسف‪ ،]100 :‬ويتجىل‬
‫كمال إحسانه يف اآل رة‪ ،‬اذلي ـهو أْع اإلحسان‪ :‬احلسىن‪ ،‬وزيادة‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسي ابن السعدي (‪ )915‬واحلق الواضح (‪.)31‬‬ ‫(‪ )1‬فيض القدير (‪.)264/2‬‬

‫‪253‬‬
‫‪‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [يونس‪ ،]26 :‬فاحلسىن اجلنة‪،‬‬
‫والزيادة‪ :‬انلظر إىل وجه ِ‬
‫ربهم األْع‪ ،‬اذلي َّل أحسن‪ ،‬وَّل أمجل‪ ،‬وَّل‬
‫أسَّم منه سبحانه(‪.)1‬‬
‫هللالل املحسن‪ :‬أن ل األسماء احلسىن‪ ،‬اليت بلغت كمال‬
‫األسىن‪ ،‬املتضمنة للصفات العَّل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ} [طه]‪ .‬احلس ٰ‬
‫ىن‪ :‬ابلالغة احلسن ف لك يشء‪ ،‬من‬
‫جهة الكمال‪ ،‬واجلمال‪ ،‬واجلَّلل‪ ،‬فله تعاىل كمال احلسن‪ ،‬وأعَّله‪،‬‬
‫وأتمه معىن‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬ويف أسمائه‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وأفعال(‪ ،)2‬فَّل حيد كمال‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وَّل يبلغ كنه جَّلل‪ ،‬وَّل حييص أحد من اخللق ثناءه‪ ،‬فَّل يشء‬
‫أكمل‪ ،‬وَّل أمجل‪ ،‬وَّل أجل من الل سبحانه‪.‬‬
‫ومن هللالهل‪" :‬أن خيه َّل يزال إىل عباده نازل‪ ،‬ورشـهم َّل يزال‬
‫إيله صاعد‪ ،‬يدعوـهم إىل بابه‪ ،‬وجيرمون ف حقه‪ ،‬فَّل حيرمهم من‬
‫إحسانه‪ ،‬يبتليهم باملصائب‪ ،‬يلطهرـهم من املعايب"(‪.)3‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه حيسن إىل أعدائه‪ ،‬ويسبغ عليهم من آَّلئه‪،‬‬
‫فيمهلهم‪ ،‬فإن لم يتوبوا حاسبهم بعدل‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن اتلحل باإلحسان اذلي ـهو أْع‬
‫درجات اإليمان‪ ،‬مع ربه‪ ،‬وخلقه‪ ،‬فاإلحسان مع ربه تعاىل‪ ،‬اذلي‬
‫ٰ‬
‫تعنىل كأًا ترا ‪ ،‬ةإن م تكن‬ ‫عرفه ‘‪> :‬اإلحسنن أن تعبد ا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َّ‬
‫(‪ )1‬كما فَّسه انليب ‘ ‪ ،‬انظر صحيح مسلم (‪ ،)181‬وانظر تفسي ابن كثي (‪.)561/2‬‬
‫(‪ )3‬تفسي السعدي (‪ )567‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )2‬انظر العواصم من القواصم (‪.)228/7‬‬

‫‪254‬‬
‫‪‬‬
‫ترا ةإًه يراك<(‪ ،)1‬والسيع بكل وسيلة رشعية‪ ،‬حىت يكون من‬
‫املحسني‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ} [ابلقرة]‪،‬‬
‫واإلحسان إىل خلقه‪ :‬بإيصال اخلي إيلهم بكل أنواعه‪ ،‬باللسان‪،‬‬
‫واألقوال‪ ،‬واألفعال‪ ،‬وأول انلاس بذلك الوادلان {ﭑ ﭒ‬
‫ﭓ ﭔ} [األحقاف‪.]15 :‬‬

‫‪ 89‬ـ اهلل (السِّتِّري) جل وعال‬

‫عً وهللل ٌّ‬


‫حي ستر‪ ،‬حيب احلينء وا سرت‪ ،‬ةإ‪،‬ا‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬
‫اغتسل أحدكم ةليسترت<(‪.)2‬‬
‫ر‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا ستر‪ْ :‬ع وزن فعيل‪ ،‬من صيغ املبالغة‪،‬‬
‫يدل ْع‪ :‬اخلفاء‪ ،‬واتلغطية‪ ،‬والصون‪ ،‬ويأيت بمعىن املنع‪ ،‬واَّلبتعاد‬
‫عن اليشء(‪.)4()3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل جل وعَّل ـهو ا ستر اذلي ليس ل عديل‪:‬‬
‫‪ )1‬الكثي السرت‪ ،‬حيب السرت‪ ،‬ويبغض القبائح‪ ،‬ويأمر بسرت‬
‫العورات‪ ،‬ويكره الفضائح‪.‬‬
‫‪ )2‬فهو سبحانه يسرت العيوب ْع عباده املؤمني‪ ،‬وإن اكنوا بها‬
‫ِ‬
‫جماـهرين‪ ،‬ويغفر اذلنوب مهما عظمت‪ ،‬طاملا أن عبده من املوحدين‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح النسايئ (‪.)393‬‬ ‫(‪ )1‬مسلم (‪.)8‬‬
‫(‪ )3‬املفردات (‪ ،)396‬لسان العرب (‪ ،)344/4‬وانظر أسماء الل لدلكتور الرضواين (ص ‪.)370‬‬
‫ىل أحدكم ٰ‬
‫إىل يشء يسرت من انلنس‪ ،‬ةأراد أحد أن جيتنز بني يديه ةليدةعه< ابلخاري (‪.)487‬‬ ‫(‪ )4‬قال ‘‪> :‬إ‪،‬ا ص ٰ‬

‫‪255‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫‪ )3‬وإذا سرت الل سبحانه عبدا ف ادلنيا‪ ،‬سرته يوم ادلين‪ ،‬قال ‘‪:‬‬
‫يوم القينم‪.)1(<،‬‬
‫عبد يف ادلًين إال سرت ا‬
‫ىلع ٍ‬ ‫ٰ‬
‫تعنىل ٰ‬ ‫>ال يسرت ا‬
‫ر‬
‫هللالل ا ستر‪ :‬أن العبد جياـهر باملعايص مع فقره الشديد‬
‫إيله‪ ،‬حىت أنه َّل يمكنه أن يعيص إَّل أن ي َّ‬
‫تقوى عليها بنعم‬
‫ربه‪ ،‬والرب مع كمال غناه عن خلقه‪ ،‬وتمام قدرته‪ ،‬يستح من‬
‫ـهتكه وفضيحته‪ ،‬وإحَّلل العقوبة به‪ ،‬فيسرته بما يقيض ل من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أسباب السرت‪ ،‬ويعفو عنه ويغفر ل‪ ،‬بل ويبدل سيئاته حسنات‪ ،‬فهو‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫مسلما ف ادلنيا‪ ،‬واآلخرة‪.‬‬ ‫ستي حيب أـهل السرت‪ ،‬ويسرت ْع من سرت‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه ينرش من عباده املناقب‪ ،‬ويسرت عليهم املثالب(‪.)2‬‬
‫اثلمرات‪ :‬إ َّن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن َّ‬
‫حمبة الل تعاىل‬
‫واحلياء منه‪ ،‬وذلك أنه يرى عبده وـهو يعصيه‪ ،‬ويسدل عليه سرته‪،‬‬
‫وينعم عليه بآَّلئه وإحسانه‪ ،‬فحري بالعبد أن َّ‬
‫يتعبد َّ‬
‫ربه بهذا اَّلسم ف‬
‫ِ‬
‫اتلحل بالسرت ْع نفسه‪ ،‬ومع خلق الل سبحانه‪ ،‬ألنه تعاىل مع كمال‬
‫ا‬
‫غناه‪ ،‬حيب السرت ويأمر به‪ ،‬قال ‘‪> :‬ومن سرت مسلمن سرت ا يوم‬
‫القينم‪ ،)3(<،‬ويلحذر اتلتبع لعورات املسلمي‪ ،‬قال ‘‪ ...> :‬ال‬
‫َّ‬
‫تيتنبوا املسلمني‪ ،‬وال تتبعوا عوراتهم‪ ،‬ةإًه من اتبع عوراتهم يتبع‬
‫عورته يفضحه يف بيته<(‪.)4‬‬ ‫عورته‪ ،‬ومن تبع ا‬ ‫ا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬احلق الواضح (ص‪ ،)54‬واألسىن (‪.)335/1‬‬ ‫(‪ )1‬رواه مسلم (‪.)2590‬‬
‫(‪ )4‬صحيح أيب داود (‪.)4880‬‬ ‫(‪ )3‬ابلخاري (‪ ،)2442‬مسلم (‪)2580‬‬

‫‪256‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 90‬ـ ـ اهلل (السيِّد) عز شأنه‬


‫َّ ر‬
‫قال ‘‪> :‬ا سيد ا <(‪.)1‬‬
‫مشبهة للموصوف بالسيادة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ىن ا ليوي‪ :‬ا سيد‪ :‬صفة‬‫املع ٰ‬
‫معان جليلة‪ ،‬وعظيمة‪ ،‬وكثية‪ ،‬فالسيِد‬‫ٍ‬ ‫ويدل ـهذا اَّلسم املبارك ْع‬
‫يطلق‪ْ :‬ع الرب‪ ،‬واملالك‪ ،‬والرشيف‪ ،‬واملول‪ ،‬والفاضل‪ ،‬والكريم‪،‬‬
‫واحلليم‪ ،‬وسيِد لك يشء‪ :‬أرشفه‪ ،‬وأرفعه ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو السيِد ْع اإلطَّلق‪ ،‬ل‬


‫املع ٰ‬
‫السيادة الاكملة ف أْع معانيها‪ ،‬وكماهلا‪ ،‬وجَّلهلا ْع لك اخلليقة‪:‬‬
‫سيد اخللق‪ ،‬وـهو مالكهم‪ ،‬ومالك أمرـهم‪ ،‬اذلي إيله‬‫‪ )1‬فهو تعاىل ِ‬
‫َّ‬
‫يرجعون‪ ،‬وبأمره يعملون‪ ،‬نواصيهم بيده‪ ،‬يتول أمرـهم‪ ،‬ويسوسهم إىل‬
‫صَّلحهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ )2‬فإذا اكنت املَّلئكة‪ ،‬واإلنس‪ ،‬واجلن‪ ،‬خلقا وعبيدا ل سبحانه‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وتعاىل وملاك ل‪ ،‬ليس هلم ِغ ًىن عنه طرفة عي‪ ،‬ولك رغباتهم إيله‪ ،‬ولك‬
‫ر‬
‫حواجئهم إيله‪ ،‬اكن ـهو سبحانه وتعاىل (ا سيد) ْع احلقيقة(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وانكسارا ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫وخضواع‪،‬‬ ‫وتدبيا‪ ،‬وذَّل‪،‬‬ ‫‪ )3‬ل السيادة ملاك‪ ،‬وخلقا‪،‬‬
‫‪ )4‬وـهو السيِد سبحانه "اذلي كمل ف سؤدده‪ ،‬والرشيف اذلي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬الصحاح (‪ ،)490/2‬انلهاية (‪.)418/2‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)4806‬‬
‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪ ،)730/3‬وحتفة املودود (ص‪ )109‬بترصف يسي‪.‬‬
‫(‪ )4‬فقه األسماء احلسىن (ص‪ ،)78‬د‪ .‬عبد الرزاق ابلدر‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫‪‬‬
‫هَ‬
‫كمل ف‬ ‫قد كمل ف رشفه‪ ،‬واحلليم قد كمل ف حلمه‪ ،‬وـهو اذلي قد‬
‫أنواع الرشف والسؤدد"(‪.)1‬‬
‫هم‬ ‫ر‬
‫هللالل ا سيد‪ :‬من هللالهل‪ :‬أنه ليس ملخلوق غنية عنه ف لك‬
‫أمره وأحوال‪ ،‬ف يلله ونهاره‪ ،‬ف حرضه وسفره‪ ،‬ف أكله ورشبه‪ ،‬فلو‬
‫ه‬
‫يوجدوا‪ ،‬ولو لم يبقهم بعد اإلجياد لم يكن هلم بقاء‪،‬‬ ‫لم يوجدـهم لم‬
‫ولو لم يعنهم فيما يعرض هلم‪ ،‬لم يكن هلم معي غيه‪ ،‬فحق ْع‬
‫مجيعا‪ ،‬أن يدعوه السيِد دون سواه ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ً‬ ‫اخللق‬
‫ِ‬
‫السيد ْع اإلطَّلق‪،‬‬ ‫اثلمرات‪ :‬إذا اكن الل تبارك وتعاىل ـهو‬
‫ل اتلرصف اتلام ف الكون‪ ،‬فينبيغ أن يكون ـهو املعبود وحده ْع‬
‫اإلطَّلق‪ ،‬فيطاع وَّل يهعىص‪ ،‬ويشكر وَّل يهكفر‪ ،‬يذكر وَّل ينىس‪،‬‬
‫فهذه يه حقيقة مواَّلة العبد لسيِده الرب عز وجل‪.‬‬

‫‪ 91‬ـ ـ اهلل (الشَّايف) عز وجل‬

‫َّ‬ ‫ه‬ ‫ً‬


‫اكن ‘ إذا أت مريضا أو أيت به قال‪> :‬أ‪،‬هب ابلنس رب انلنس‪،‬‬
‫ا‬ ‫َّ‬
‫اشف أًت ا شنيف‪ ،‬ال شفنء إال شفنؤك‪ ،‬شفنء ال ييندر سقمن<(‪.)3‬‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫وسيم‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬أشىف ْع اليشء‪ :‬أرشف عليه‪،‬‬
‫ً‬
‫شفاء لغلبته للمرض‪ ،‬وإشفائه عليه‪ ،‬والشفاء يشمل شفاء‬ ‫الشفاء‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صح عن ابن عباس ريض الل عنهما‪ ،‬اتلفسي الصحيح (‪.)681/4‬‬
‫(‪ )3‬ابلخاري (‪ )5351‬مسلم (‪.)2191‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬احلجة ف بيان املحجة (‪.)156/1‬‬

‫‪258‬‬
‫‪‬‬
‫األبدان‪ ،‬واألرواح‪ ،‬وانلفوس(‪.)1‬‬
‫َّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو الشاف ْع احلقيقة‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي يرفع ابلأس والعلل‪ ،‬ويشيف العليل باألسباب واألمل‪،‬‬
‫فقد يّبأ ادلاء مع انعدام ادلواء‪ ،‬وقد يشىف ادلاء بلزوم ادلواء‪،‬‬
‫ويرتب عليه أسباب الشفاء والكـهما باعتبار قدر الل سواء(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل الشاف اذلي يشيف القلوب من أمراضها‪ ،‬والصدور‬
‫من ضيقها‪ ،‬واألبدان من عللها(‪.)3‬‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه يشيف من يشاء‪ ،‬ويطوي علم الشفاء ْع‬
‫األطباء‪ ،‬إذا لم يقدر الشفاء‪.‬‬
‫ِ‬
‫املتفرد بالشفاء َّل رشيك ل‪.‬‬ ‫(‪ )4‬والل تبارك وتعاىل ـهو وحده‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫هللالل ا شنيف‪ :‬أنه خلق أسباب الشفاء‪ ،‬ورتب انلتائج ْع‬
‫أسبابها‪ ،‬واملعلوَّلت ْع عللها‪ ،‬فيشيف بها‪ ،‬وبغيـها(‪.)4‬‬
‫َّ‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه جعل قتال الكفار‪ ،‬شفاء ملا ف قلوب األبرار‪ ،‬من‬
‫الغم واهلم واألكدار‪ ،‬قال سبحانه وتعاىل‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔﭕﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ} [التوبة]‪ ،‬وـهذا يدل ْع حمبة الل تعاىل للمؤمني‪ ،‬واعتنائه بأحواهلم‪،‬‬
‫حىت إنه جعل من مجلة املقاصد الرشعية‪ :‬شفاء ما ف صدورـهم‪ ،‬وذـهاب‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬أسماء الل للرضواين (‪.)626‬‬ ‫(‪ )1‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)199/3‬لسان العرب (‪.)2293‬‬
‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)626‬‬ ‫(‪ )3‬رشح أسماء الل احلسىن أليب عبد الل الرمل (ص ‪.)98‬‬

‫‪259‬‬
‫‪‬‬
‫غيظهم ‪ ،‬ومن هللالهل‪> :‬أًه م يضع ا‬
‫داء‪ ،‬إال وضع هل دواء‪.)2(<...‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك ملكف أن يعتقد أن َّل شاف ْع‬


‫اإلطَّلق إَّل الل وحده‪ ،‬فيعتقد أن الشفاء ل‪ ،‬وبه‪ ،‬ومنه‪ ،‬وأن األدوية َّل‬
‫توجب الشفاء‪ ،‬وإنما يه أسباب وأوساط‪ ،‬فهو تعاىل يشيف باألسباب أو‬
‫بدونها‪ ،‬وملا اكنت ادلنيا دار أسباب‪ ،‬جرت السنة فيها بمقتىض احلكمة‬
‫ْع تعليق األحاكم باألسباب‪ ،‬وإىل ـهذا املعىن أشار جّبيل عليه‬
‫أرقيا‪ ،‬ا يشفيا<(‪.)3‬‬ ‫السَّلم‪ ،‬وإياه أوضح لرسول الل ‘‪> :‬بسم ا‬
‫فبي أن الرقية منه‪ ،‬وـهو سبب لفعل الل تعاىل‪ ،‬وـهو الشفاء(‪.)4‬‬

‫طي) تبارك وتعاىلٰ‬


‫‪ 92‬ـ ـ اهلل (الـمُعْ ِ‬
‫املعطي‬ ‫به ا‬
‫را يفقهه يف ادلين‪ ،‬وا‬ ‫قال ‘‪> :‬من يرد ا‬
‫وأًن القنسم<(‪.)5‬‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬العطي‪ :،‬اسم ملا يعطى‪ ،‬واإلعطنء‪ :‬املناولة‪،‬‬
‫ورجل معطاء‪ ،‬أي‪ :‬كثي العطاء(‪.)6‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تعاىل ـهو املعطي ْع احلقيقة للك اخلليقة‪:‬‬
‫‪ )1‬فعطاؤه سبحانه للك موجود ف الوجود‪ ،‬ليس ل حدود‪ ،‬وَّل‬
‫مقيد بقيود‪ ،‬بكمال الكرم واجلود‪ ،‬فإذا أعطى أجزل‪ ،‬وإن عىص أمجل‪.‬‬
‫‪ )2‬اذلي يوصل العطاء بَّل سبب‪ ،‬ويسهل األمور قبل القصد‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)2186‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح أيب داود (‪.)3855‬‬ ‫(‪ )1‬انظر >تفسي السعدي< (‪.)331‬‬
‫(‪ )6‬القاموس املحيط (‪.)886‬‬ ‫(‪ )5‬ابلخاري (‪.)6882‬‬ ‫(‪ )4‬األسىن للقرطيب (‪.)532/1‬‬

‫‪260‬‬
‫‪‬‬
‫ويبتدئ بانلعمة من غي استيجاب‪ ،‬ويعطي ما يشاء من غي طلب(‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫احلسية‪ ،‬واملعنوية‪ ،‬الظاـهرية‬ ‫‪" )3‬املعطي من شاء من القوى‬
‫وابلاطنية‪ ،‬ومن الكماَّلت املتنوعة من املعارف الربانية واحلقائق‬
‫اإليمانية"(‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫يستحق‬ ‫َّ‬
‫استحق العطاء‪ ،‬ويمنع من لم‬ ‫‪ )4‬وـهو تعاىل يعطي من‬
‫إَّل املنع‪ ،‬وـهو العادل ف مجيع ذلك‪ ،‬فإذا أعطى فتفضل وإصَّلح‪،‬‬
‫وإذا منع فحكمة وصَّلح‪َّ ،‬ل مانع ملا أعطى‪ ،‬وَّل معطي ملا منع(‪.)3‬‬
‫عً وهللل ًواعن‪:‬‬ ‫وعطنء ا‬
‫األول‪ :‬عطنء اعم‪ :‬للك اخلَّلئق أمجعي‪ ،‬مؤمنهم واكفرـهم‪ّ ،‬‬
‫برـهم‬
‫وفاجرـهم‪ ،‬من اهلبات واخليات‪ ،‬واألرزاق بما يقيم هلم‪ ،‬ويصلح هلم‬
‫أمرـهم ف دنياـهم‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [اإلرساء] (‪.)4‬‬
‫اثلنين‪ :‬عطنء نص‪ :‬ألنبيائه‪ ،‬ورسله‪ ،‬وعباده الصاحلي ف ادلارين‪:‬‬
‫َّ‬
‫عطية‪،‬‬ ‫أ) يف ادلًين‪ :‬الرزق احلَّلل‪ ،‬واذلرية الصاحلة‪ ،‬وأعظمها‬
‫يعطي‬ ‫َّ‬
‫عطية اإليمان‪ ،‬وايلقي‪ ،‬واهلدى املبي‪ ،‬قال ‘‪>:‬إن ا‬
‫ادلًين من حيب ومن ال حيب‪ ،‬وال يعطي اإليمنن إال من أحب<(‪.)5‬‬
‫ب) ويف اآل رة‪ :‬ويه العطية الكّبى ف جناته العَّل‪ ،‬اليت َّل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬توضيح الاكفية (‪ )131‬بترصف‪.‬‬ ‫(‪ )1‬الرشبايص (‪ )232/2( )25/2‬بترصف‪.‬‬
‫(‪ )4‬وقال تعاىل‪{ :‬ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ} [طه]‬ ‫(‪ )3‬تفسي أسماء الل (‪ ،)63‬شأن ادلاعء (‪.)93‬‬
‫(‪ )5‬سلسلة األحاديث الصحيحة لألبلاين (‪.)2714‬‬

‫‪261‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫أكمل‪ ،‬وَّل أجل منها‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ}‬
‫[انلبأ]‪ ،‬وأعظم العطاء ف دار احلسن وابلهاء‪ ،‬رضا رب العباد‪ ،‬قال‬
‫‘‪...> :‬ثم يقول‪[ :‬أي الل] اد لوا اجلن‪ ،،‬ةمن رأيتمو ةهو لكم‪،‬‬
‫ا‬ ‫ُْ‬
‫ةيقو ون‪ :‬ربنن أعطيتنن من م تع ِط أحدا من العنملني‪ ،‬ةيقول‪ :‬لكم‬
‫عندي أةضل من هذا‪ ،‬ةيقو ون‪ :‬ين ربنن أي يش ٍء أةضل من هذا؟‬
‫ا‬
‫ةيقول‪ :‬رضني ةال أسخط عليكم بعد أبدا<(‪.)1‬‬
‫هللالل املعطي‪" :‬أنه تعاىل يعطي من غي أن خياف نفاد‬
‫خزائنه‪ ،‬ويعطي املتنايه َّل من عدد أكرث منه‪ ،‬كما يفعله العباد‪،‬‬
‫ولكن يعطي اتلنايه من غي املتنايه"(‪.)2‬‬
‫ومن هللالهل أنه ـهو {ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ}‬
‫[طه]‪ ،‬فأعطى لك يش ٍء ما يناسبه ف اَّلنتفاع إىل مصاحله‪ ،‬مما ـهو به‬
‫َّ‬
‫املضار عنه ‪.‬‬ ‫أيلق ف املنافع املنوطة به‪ ،‬ثم أهلمه إىل منافعه‪ ،‬ودفع‬
‫(‪)3‬‬

‫اثلمرات‪ :‬إذا علم العبد سعة عطائه تعاىل‪ ،‬فينبيغ ل أن‬


‫يبذل األسباب اليت تقتيض عطاءه من األقوال‪ ،‬واألفعال‪ ،‬ومن ذلك‬
‫ىلع اخلرق‪،‬‬‫ىلع ا رةق من ال يعطي ٰ‬
‫الرفق‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن ا يلعطي ٰ‬
‫ا‬
‫وإ‪،‬ا أحب ا عبدا أعطن ا رةق<(‪.)4‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معطاء‪َّ ،‬ل خيش من الفقر إقَّلَّل‪،‬‬ ‫وينبيغ للعبد أن يكون‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قال ‘‪> :‬األيدي ثالث‪ :،‬ةيد ا العلين‪ ،‬ويد املعطي اليت تليهن‪،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬نظم ادلرر (‪.)22/5‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي الطّباين (‪.)361/1‬‬ ‫(‪ )1‬مسلم (‪.)183‬‬
‫(‪ )4‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)2666‬‬

‫‪262‬‬
‫‪‬‬
‫ُ‬
‫ويد ا سنئل ا سف ٰ‬
‫ىل‪ ،‬ةأعط الفضل وال تعجً عن ًفسا<(‪.)1‬‬
‫وملا اكن رض الل تعاىل ـهو أفضل املنح والعطايا‪ ،‬فينبيغ للعبد‬
‫يلح إىل ربه تعاىل‪ ،‬أن يرزقه رضاه‪> :‬امهلل إين أعو‪ ،‬برضنك من‬‫أن َّ‬

‫سخطا‪ ،‬وبمعنةنتا من عقوبتا‪.)2(<..‬‬

‫‪ 93‬ـ ـ اهلل (الطَّيِّب) عز شأنه‬


‫را‬ ‫ٌ‬
‫طيب ال يقبل إال طيبن<(‪.)3‬‬ ‫قال ‘‪> :‬أيهن انلنس إن ا‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬الطيب‪ْ :‬ع بناء فعل‪ ،‬فعله طاب طيبًا فما‬
‫املع ٰ‬
‫أطيبه‪ ،‬يعن ما أمجله‪ ،‬وما أزاكه‪ ،‬وما أنفسه‪ ،‬ويأيت بمعىن‪ :‬الطاـهر‪،‬‬
‫خَّلف اخلبيث‪ ،‬والطيب من لك يشء أفضله‪ ،‬وأصله‪ :‬الزاكة‪،‬‬
‫وقع عظيم ف‬‫والسَّلمة من اخلبث ‪ ،‬وـهذا اَّلسم الطيب املبارك‪ ،‬ل ٌ‬
‫(‪)4‬‬

‫اللسان‪ ،‬والقلب‪ ،‬ملا تضمنه من مجال‪ ،‬وجَّلل املعاين‪ ،‬واللكمات‪.‬‬


‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو الطيب اذلي َّل أطيب منه‪:‬‬
‫املطهر عن لك انلقائص‪ ،‬والعيوب‪ ،‬املقدس عن لك آفة‪،‬‬ ‫(‪ّ )1‬‬

‫ورش‪ ،‬وسوء‪ ،‬لكمال تعاىل وجَّلل من لك الوجوه‪.‬‬


‫خال عن كمال(‪ ،)5‬أو عن‬ ‫(‪ )2‬والل تعاىل َّ‬
‫وصف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫املزنه عن لك‬
‫طيب اثلناء‪ ،‬ف أي حال من األحوال‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬مسلم (‪.)1015‬‬ ‫(‪ )2‬مسلم (‪.)486‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)1649‬‬
‫(‪ )5‬فيض القدير (‪.)239/2‬‬ ‫(‪ )4‬لسان العرب (‪.)2731/4‬‬

‫‪263‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )3‬وـهو سبحانه الطيب ف ذاته‪ ،‬فيه أكمل اذلوات‪ ،‬املتصفة‬
‫بأْع وأكمل الصفات‪ ،‬والطيب ف أسمائه إلنبائها عن أحسن املعاين‪،‬‬
‫وأرشف ادلَّلَّلت‪ ،‬والطيب ف أفعال ألنها ف اغية احلق والصواب‪،‬‬
‫فَّل يفعل إَّل األكمل‪ ،‬واألحسن‪ ،‬واألطيب‪ ،‬والطيب ف أقوال‪ ،‬فيه‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫واملنهيات‪.‬‬ ‫صدق ف األخبار‪ ،‬وعدل ف األوامر‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫طيب ٍة(‪)1‬‬ ‫ريح‬
‫(‪ )4‬وـهو اذلي طيب اجلنة للمؤمني‪ ،‬فجعلها ذات ٍ‬
‫بأطيب ما يكون‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮯ ﮰ ﮱ(‪)2‬ﯓ ﯔ} [حممد]‬

‫(‪ )5‬وـهو سبحانه الطيب ف أحاكمه القدرية‪ ،‬والرشعية‪ ،‬واجلزائية‪،‬‬


‫رش وسوء وظلم للعباد ‪.‬‬‫فلكها ـهدى ورْحة‪ ،‬مزنـهة عن لك ٍّ‬
‫(‪)3‬‬

‫هللالل الطيب‪ :‬أنه تعاىل طيب ْع اإلطَّلق من مجيع الوجوه‬


‫واَّلعتبارات‪ ،‬فلك ما يسَّم‪ ،‬ويوصف به تعاىل طيب‪ ،‬وَّل يصدر‬
‫عنه إَّل طيب‪ ،‬وَّل يصعد إيله إَّل طيب‪ ،‬وَّل يقرب منه إَّل طيب‪،‬‬
‫فلكه طيب‪ ،‬وإيله يصعد اللكم الطيب‪ ،‬فالطيبات لكها ل‪ ،‬ومضافة‬
‫ً‬
‫إيله‪ ،‬وصادرة عنه‪ ،‬ومنتهية إيله‪ ،‬فهو الطيب ْع اإلطَّلق‪ ،‬بل ما‬
‫طاب يشء قط إَّل بطيبته ‪ ،‬فطيب لك ما سواه من آثار طيبته‪.‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه قد حكم رشعه وقدره أن الطيبات للطيبي(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال ‘‪...> :‬ةإن ريح اجلن‪ ،‬يلوهللد من مسرة منئ‪ ،‬اعم<‪ .‬صحيح الرتغيب والرتـهيب (‪.)3692‬‬
‫(‪ )2‬أي طيبها‪ ،‬وـهو أحد املعاين اثلابتة ف تفسي ـهذه اآلية‪ ،‬انظر‪ :‬املفردات (ص‪ ،)561‬واتلفسي اللغوي ف‬
‫(‪ )3‬كما قال ‘‪> :‬وا رش ليس إيلا< مسلم (‪.)771‬‬ ‫القرآن (ص‪.)632‬‬
‫(‪ )4‬الصَّلة وحكم تاركها‪َّ ،‬لبن القيم (‪ )214‬بترصف يسي‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫اشتق للطيِبي ً‬
‫َّ‬
‫اسما من أسمائه احلسىن‪ ،‬ووصفا‬ ‫ومن هللالهل‪ :‬أنه‬
‫عز شأنه‪{ :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ‬ ‫من أوصافه‪ ،‬قال َّ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [انلور‪.]26 :‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أن ريح فم الصائم أطيب عند الل تعاىل من ريح املسك(‪.)1‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ للمؤمن أن يطهر باطنه من أدران اذلنوب‬
‫واملعايص‪ ،‬وظاـهره بطيب األخَّلق واألفعال‪ ،‬وأن يتحرى الطيب‬
‫ّ‬
‫يتحرى أَّل يصعد إىل‬ ‫احلَّلل ف مأكله ومرشبه ْع ادلوام‪ ،‬وأن‬
‫خالقه إَّل الطيب من اذلكر واثلناء‪ ،‬وصالح األعمال‪.‬‬

‫‪ 94‬ـ ـ اهلل (املُسَعِّر) جل ثناؤه‬

‫عن أنس بن مالك ريض الل عنه أنه قال‪ :‬قال انلاس‪ :‬يا رسول‬
‫فسعر نلا‪ ،‬فقال رسول الل ‘‪> :‬إن ا هو‬ ‫ِ‬ ‫الل‪ :‬غَّل ِ‬
‫السعر‪،‬‬
‫ر‬
‫املسعر‪ ،‬القنبض ابلنسط‪ ،‬ا رازق<(‪.)2‬‬
‫سعر الطعام‪ :‬ـهو اذلي يقوم عليه اثلمن‪،‬‬ ‫ىن ا ليوي‪َّ :‬‬
‫املع ٰ‬
‫هسيم بذلك ألنه يرتفع ويعلو‪.‬‬
‫والتسعر‪ :‬تقدير السعر‪ ،‬يقال‪ :‬أسعر أـهل السوق َّ‬
‫وسعروا‪ ،‬إذا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وسعر انلار وأسعرـها‪ :‬أوقدـها‬ ‫اتفقوا ْع سعر‪ ،‬والسعي‪ :‬انلار‪،‬‬
‫َّ‬
‫وـهيجها‪ ،‬وكذا أسعر احلرب(‪.)4()3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬قال ‘‪> :‬وخللوف ةم ا صنئم أطيب عند ا من ريح املسا< ابلخاري (‪ ،)5583‬ومسلم (‪.)1151‬‬
‫(‪ )3‬معجم مقاييس اللغة (‪ ،)75/3‬اللسان (‪.)365/4‬‬ ‫(‪ )2‬صحيح الرتمذي (‪.)1314‬‬
‫(‪ )4‬وقول ‘‪> :‬إن ا هو املسعر< بضمي الفصل‪ ،‬اذلي يفيد اتلوكيد‪ ،‬واحلرص‪ .‬تفسي آل عمران َّلبن عثيمي (‪.)54/1‬‬

‫‪265‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫املع ٰ‬
‫املتفرد ف التسعي‪:‬‬ ‫ىن ا رشيع‪ :‬الل عز وجل ـهو املسعر‬
‫(‪ )1‬اذلي يرخص األشياء‪ ،‬ويغليها فَّل اعرتاض عليه‪ ،‬وفق‬
‫تدبيه الكوين‪ ،‬أو ما أمر به العباد‪ ،‬ف تدبيه الرشيع(‪.)1‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل اذلي يزيد اليشء ويرفع من قيمته‪ ،‬أو تأثيه‬
‫وماكنته‪ ،‬فيقبض ويبسط‪ ،‬وفق مشيئته وحكمته‪.‬‬
‫(‪ )3‬والل سبحانه ي ه َس ِعر بعدل العذاب ْع أعدائه ف انلار‪،‬‬
‫سعيا ْع الكفار‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮫ ﮬ ﮭﮮﮯ ﮰ‬ ‫ً‬ ‫وزادـها‬
‫ﮱ ﯓ ﯔﯕ} [الفتح]‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫هللالل املسعر‪ :‬أنه متعلق بترصيف املقادير‪ ،‬وـهو اتلدبي‬
‫الكوين‪ ،‬فارتفاع األسعار واخنفاضها بهذا اتلدبي‪ ،‬فالسعر يرتفع بي‬
‫َّ‬
‫انلاس‪ ،‬إما لقلة اليشء وندرته‪ ،‬وإما لزيادة الطلب وكرثته‪ ،‬وـهذا أمر‬
‫َّ‬
‫يتعلق بمشيئته وحكمته‪ ،‬فهو تعاىل يبتل عباده ف ترصيف أرزاقهم‪،‬‬
‫وترتيب أسبابهم‪ ،‬فقد يهيئ أسباب الكسب إلغناء الفقي‪ ،‬وقد يهيئ‬
‫األسباب إلفقار الغن‪ ،‬وـهو ْع لك يش ٍء قدير‪ ،‬فهذا لكه من تدبي الل‬
‫ف خلقه‪ ،‬وحكمته ف تقدير املقادير(‪.)2‬‬
‫اثلمرات‪ :‬أثر ـهذا اَّلسم الكريم ْع العبد أن يتيق الل تعاىل‬
‫ف معامَّلته‪َّ ،‬لسيما إن اكن من اتلجار‪ ،‬فَّل يستغل انلاس ف زيادة‬
‫ً‬
‫سمحا‬ ‫األسعار‪ ،‬أو خييف األقوات سعيًا للتفرد واَّلحتاكر‪ ،‬وأن يكون‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن لدلكتور الرضواين (ص ‪ )548‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )1‬انلهاية (‪.)430‬‬

‫‪266‬‬
‫‪‬‬
‫ف بيعه ورشائه‪ ،‬ويف لك أحوال‪ ،‬سواء ف احلرض أو ف األسفار‪ ،‬قال‬
‫ا‬
‫سمحن إ‪،‬ا بنع‪ ،‬وإ‪،‬ا اشرت ٰ‬ ‫ا‬
‫ٰ‬
‫اقتىض<(‪.)1‬‬ ‫ى‪ ،‬وإ‪،‬ا‬ ‫‘‪> :‬رحم ا رهللال‬

‫‪ 95‬ـ ـ اهلل (السُّبُّوح) جل وعال‬

‫عن اعئشة ريض الل عنها‪ ،‬أن رسول الل ‘ اكن يقول ف‬
‫ُّ ُ ُّ‬
‫ركوعه وسجوده‪> :‬سبوح قدوس‪ ،‬رب املالئك‪ ،‬وا روح<(‪.)2‬‬
‫ُّ‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬ا سبوح‪ :‬من أبنية املبالغة ْع وزن فعول‪،‬‬
‫و(سبحان)‪ :‬اتلزنيه‪ ،‬واتلعظيم‪ ،‬واتلكبي‪ ،‬واإلبعاد‪ ،‬والتسبيح‪ :‬اتلزنيه‪،‬‬
‫وـهو‪ :‬إبعاد عن املوصوف لك سوء ونقص‪ْ ،‬ع جهة اتلعظيم(‪.)3‬‬
‫ُّ‬ ‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل ـهو ا سبوح اذلي يسبحه لك مجاد وذو روح‪:‬‬
‫رش وسوء ف‪:‬‬ ‫َّ‬
‫واملّبأ من لك انلقائص والعيوب‪ ،‬ومن لك ّ‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫املزنه‬
‫أ) ذاته‪ :‬عن الفناء‪ ،‬والزوال‪ ،‬واإلحاطة‪ ،‬واملثال‪ ،‬لكماهلا من لك‬
‫الوجوه‪ْ ،‬ع ادلوام‪.‬‬
‫مزنه عن لك ما يضاد‬‫ب) ويف صفاته‪ :‬ليس فيها صفة نقص‪َّ ،‬‬
‫كماهلا‪ ،‬من لك شائبة عيب‪ ،‬أو ٍّ‬
‫ذم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬
‫يتضم هن السوء أو‬ ‫هلل) ويف أسمائه‪ :‬فلكها حسىن‪ ،‬ليس فيها اسم‬
‫َ‬
‫مقامها‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الرش‪ ،‬وليس ف األسماء أحسن منها‪ ،‬وَّل يقوم غيـها‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬مسلم (‪.)487‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪.)2076‬‬
‫(‪ )3‬انظر لسان العرب (‪ ،)471/2‬األسىن (‪ ،)271‬غريب القرآن َّلبن قتيبة (‪.)8‬‬

‫‪267‬‬
‫‪‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫د) ويف أفعال‪ :‬ليس فيها عبث‪ ،‬وَّل سفه‪ ،‬وَّل خطأ‪ ،‬تلضمنها‬
‫العدل‪ ،‬والفضل‪ ،‬واملصلحة {ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ} [ـهود‪.]56:‬‬
‫(‪ )2‬وـهو تعاىل املزنه عن لك ما َّل يليق بإَّلـهيته‪ ،‬وربوبيته من‪:‬‬
‫ّ‬
‫أ) رشيك‪ .‬ب) أو نِد‪ .‬هلل) أو مثيل‪ .‬د) أو ول من اذلل‪ .‬ه) أو معي‪.‬‬
‫و) أو ضد‪ .‬ز) أو صاحبة‪ ،‬ح) أو ودل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫(‪ّ )3‬‬
‫املزنه عن أن يقاربه أحد‪ ،‬أو يدانيه ف كمال وجَّلل‪ ،‬أو أن‬
‫تسلب منه معاين الكمال الَّلئقة به سبحانه‪.‬‬
‫َّ‬
‫املزنه ف أمره الكوين‪ ،‬والقدري‪ ،‬والرشيع‪،‬‬ ‫(‪ )4‬وـهو تعاىل‬
‫واجلزايئ‪ ،‬عن لك نقص‪ ،‬وعن منافاة احلكمة‪ ،‬فلكها جارية ْع‬
‫احلكم واحلق‪ ،‬ف أصلها‪ ،‬وفرعها‪ ،‬واغياتها‪ ،‬وثمراتها‪.‬‬
‫ً‬
‫معطَّل عن كمال‪ ،‬ف ِ‬ ‫(‪ )5‬والل سبحانه َّ‬
‫أي‬ ‫املزنه من أن يكون‬
‫حال من األحوال(‪.)1‬‬
‫(‪ )6‬وـهو تعاىل السبوح اذلي يسبح حبمده لك من ف األرض‬
‫والسموات‪ ،‬من األحياء‪ ،‬واجلمادات‪ ،‬باختَّلف األصوات واللغات‪،‬‬
‫قال تعاىل‪{ :‬ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [اجلمعة‪.]1 :‬‬
‫(‪ )7‬وـهو ا ّ‬
‫ملزنه عما يقول الاكفرون‪ ،‬واملرشكون‪ ،‬واملبطلون‪ ،‬ف‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫حقه ً‬
‫كبيا‪{ ،‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [اإلرساء]‪.‬‬ ‫علوا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ ،)168/1‬توضيح الاكفية (‪ 120‬ـ ‪ ،)121‬الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية‪ ،‬صالح آل‬
‫الشيخ (‪ ،)191/1‬التسبيح ف الكتاب والسنة (‪.)480/1‬‬

‫‪268‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )8‬والل تعاىل السبوح املعظم‪ ،‬ل العظمة‪ ،‬واتلكبي(‪،)1‬‬
‫َّ ٌ‬
‫مقيد بقيود‪.‬‬ ‫واإلجَّلل‪ ،‬اذلي ليس ل حدود‪ ،‬وَّل‬
‫نزه نفسه َّ‬
‫وسبحها عن وصف العباد ل‪،‬‬ ‫(‪ )9‬وـهو السبوح‪ :‬اذلي َّ‬

‫إَّل ما وصف به املرسلون‪{ :‬ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬


‫ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ} [الصافات](‪.)2‬‬
‫(‪ )10‬وـهو َّ‬
‫املزنه سبحانه عن الشبيه‪ ،‬والكفء‪ ،‬واملثيل‪ ،‬وانلظي‪،‬‬
‫تلفرده بكل كمال‪ ،‬اغيته‪ ،‬وأكمله‪ ،‬وأعظمه‪.‬‬
‫هللالل ا سبوح‪ :‬أنه مشتق من التسبيح‪ ،‬اذلي ـهو أعظم ما‬
‫ِ‬
‫متضمن‬ ‫يعبد الل تعاىل به‪ ،‬وـهو عبادة أـهل السماء‪ ،‬وأـهل األرض‪ ،‬وـهو‬
‫ِ‬
‫الرب‪ ،‬اليت َّ‬
‫قررـها الكتاب والسنة‪ ،‬وـهو نزاـهته‬ ‫كذلك‪ ،‬ألعظم أوصاف‬
‫ِ‬
‫وبراءته تعاىل عن لك العيوب وانلقائص‪ ،‬املستلزم للكمال املطلق‬
‫ل‪ ،‬ف لك األوصاف واثلناء واملدائح‪ ،‬فهو جيمع اتلزنيه‪ ،‬واتلعظيم من‬
‫ِ‬
‫لك الوجوه‪ ،‬فإن من جَّلل الل أن لكمة >سبحان< لكمة ممتنعة‪َّ ،‬ل‬
‫علما ف ادلين‪ْ ،‬ع أْع‬‫جيوز أن يوصف بها غي الل ‪ ،‬ألنها صارت ً‬
‫ّ ه‬
‫يستحقها إَّل رب العاملي(‪.)3‬‬ ‫املراتب‪ ،‬وأبلغها ف اتلعظيم‪ ،‬اليت َّل‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه سبحانه ـهو أعظم املسبحي نلفسه العلية‪.‬‬
‫ِ‬
‫اثلمرات‪ :‬جيب ْع لك ملكف أن يطهر ظاـهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬من‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ألن التسبيح يتضمن اتلعظيم‪ ،‬واتلكبي‪.‬‬
‫ا‬
‫(‪ )2‬ويف احلديث القديس‪..> :‬ةسبحنين أن أختذ صنحب‪ ،‬أو ودلا<‪ .‬ابلخاري (‪.)4482‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬التسبيح (‪ 78/1‬ـ ‪ ،)479/1( ،)86‬ومنهج اللغويي ف العقيدة (‪ ،)350‬وأسماء الل لدلكتور األشقر (‪.)52‬‬

‫‪269‬‬
‫‪‬‬
‫أمراض الشبهات‪ ،‬والشهوات‪ ،‬وأن يكرث من تسبيحه تعاىل ف الليل‬
‫سبح الل عز وجل ف لك‬ ‫وانلهار‪ ،‬حىت ينضم إىل بقية العوالم اليت ت ه ِ‬

‫األحوال‪ ،‬واألوقات‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬


‫ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ} [اإلرساء]‪.‬‬

‫‪ 96‬ـ ـ اهلل (احلَكَمُ) سبحانه وتعاىلٰ‬

‫هو احلكم‪ ،‬وإيله ُ‬


‫احلكم<(‪.)1‬‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬
‫املعىن ا ليوي‪ :‬احلكم‪ :‬من صيغ املبالغة َّلسم الفاعل‬
‫ً‬
‫حاكما؛ ألنه‬ ‫احلاكم‪ ،‬وأصل ـهذه اللكمة من‪ :‬املنع‪ ،‬وسيم احلاكم‬
‫يمنع اخلصمي من اتلظالم‪ ،‬وحكمة ادلابة‪ :‬سميت حكمة‪ ،‬ألنها‬
‫تمنعها من اجلماح‪ ،‬واحلكم‪ :‬القضاء بالعدل‪ ،‬فاحلاكم‪ :‬ـهو اذلي‬
‫ً‬
‫حيكم ويفصل ويقيض ف سائر األمور(‪ ،)2‬واحلكم أيضا‪ :‬احلكمة‬
‫ا‬
‫من العلم‪ ،‬قال ‘‪> :‬إن من ا شعر حلكمن<(‪.)4()3‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل ـهو احلكم ل احلكم ف األول واآلخرة‪:‬‬
‫(‪ )1‬اذلي حيكم بي عباده ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬بعدل وقسطه‪،‬‬
‫ً‬ ‫فَّل يظلم مثقال َّ‬
‫ذرة فيهما‪ ،‬وَّل حيمل أحدا وزر أحد‪ ،‬وَّل جيازي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬لسان العرب (‪ ،)140/12‬تفسي األسماء للزجاج (ص ‪.)43‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح أيب داود (‪.)4145‬‬
‫(‪ )4‬األسىن (‪.)437/1‬‬ ‫(‪ )3‬ابلخاري (‪.)6145‬‬

‫‪270‬‬
‫‪‬‬
‫ّ‬
‫العبد بأكرث من ذنبه‪ ،‬ويؤدي احلقوق إىل أـهلها‪ ،‬فَّل يدع صاحب‬
‫ّ‬ ‫ٍّ‬
‫حق‪ ،‬إَّل وصل إيله حقه‬
‫(‪ )2‬وـهو احلكم‪ :‬اذلي حيكم بي الرسل وأتباعهم‪ ،‬وبي‬
‫أعدائهم‪ ،‬فيكرم الرسل وأتباعهم‪ ،‬ويهي أعداءـهم ف ادلارين‪.‬‬
‫(‪ )3‬وـهو اذلي ل احلكم العام ثلَّلثة أحاكم‪:‬‬
‫األول‪ :‬حكم كوين‪ :‬وـهو واقع َّل حمالة ألنه يتعلق بمشيئته‪،‬‬
‫ومشيئة الل تعاىل َّل تكون إَّل باملعىن الكوين‪ ،‬فما حكم به ً‬
‫قدرا‬
‫نفذ من غي مانع‪ ،‬وَّل منازع‪ ،‬فما شاء اكن‪ ،‬وما لم يشأ لم يكن‪،‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫فَّل راد لقضائه‪ ،‬وَّل معقب حلكمه‪ ،‬وَّل أحد اغلب ألمره‪.‬‬
‫اثلنين‪ :‬حكم رشيع‪ :‬وـهو احلكم اتللكييف الرشيع‪ ،‬اذلي‬
‫يرتتب عليه اثلواب والعقاب ف يوم احلساب‪ ،‬وانلواعن نافذان ف‬
‫العبد‪ ،‬ماضيان فيه‪ ،‬وـهو مقهور حتت احلكمي‪ ،‬قد مضيا فيه‪ ،‬ونفذا‬
‫فيه‪ ،‬شاء أم أىب‪ ،‬لكن احلكم الكوين َّل يمكنه خمالفته‪ ،‬وأما‬
‫الرشيع فقد خيالفه‪.‬‬
‫ِ‬
‫ورشـها‬ ‫اثلنلث‪ :‬حكم هللًايئ‪ :‬وـهو اجلزاء ْع األعمال خيـها‪،‬‬
‫ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وإثابة الطائعي‪ ،‬وعقوبة العاصي(‪ ،)1‬فسبحان من‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نفذ حكمه ف َّ‬ ‫َ‬
‫وعمهم برْحته‪،‬‬ ‫بريته‪ ،‬وعدل بينهم ف أقضيته‪،‬‬
‫ورصفهم حتت مشيئته(‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الفوائد (‪ ،)32‬وفتح الرحيم امللك (‪ ،)32 ،18‬توضيح الاكفية الشافية (‪ ،)127‬أسماء الل احلسىن لدلكتور‬
‫(‪ )2‬شفاء العليل (‪.)42‬‬ ‫الرضواين (‪.)650‬‬

‫‪271‬‬
‫‪‬‬
‫َ َ‬
‫احلكم‪ :‬أن لك أحاكمه تعاىل ف خلقه الرشعية‪،‬‬ ‫هللالل‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫واحلق‪ ،‬ف أصلها‪،‬‬ ‫حلك ِم‬
‫والقدرية‪ ،‬واجلزائية‪" ،‬ف نفسها جارية‪ْ ،‬ع ا ِ‬
‫وفرعها‪ ،‬واغياتها‪ ،‬وثمراتها"(‪ ،)1‬مزنـهة عن لك نقص‪ ،‬وزلل‪ ،‬وخطأ‪ ،‬ساملة‬
‫من لك ظلم‪ ،‬وجهل‪ ،‬املتضمنة لكمال احلكمة‪ ،‬والعدل‪ ،‬واحلمد‪،‬‬
‫والفضل‪ ،‬والرْحة‪ ،‬واهلدى‪ ،‬والسداد‪ ،‬وأن حكمه الرشيع صالح للك‬
‫زمان‪ ،‬ويف لك ماكن‪ ،‬ويف لك األحوال‪ ،‬اذلي فيه اخلي العاجل‬
‫واآلجل‪ ،‬للك األنام‪ ،‬قال الل العظيم‪{ :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫ﰇ ﰈ ﰉ} [املائدة]‪.‬‬

‫ومن هللالهل‪" :‬أن لك اخلَّلئق حتمده ْع حكمه يوم القيامة‪،‬‬


‫بعد أن يقيض بي اخلَّلئق‪ ،‬حىت من قىض عليهم بالعذاب‪ ،‬ما دخلوا‬
‫انلار إَّل وقلوبهم ممتلئة من ْحده‪ ،‬وأن ـهذا من جراء أعماهلم‪ ،‬وأنه‬
‫اعدل ف حكمه بعقابهم‪ ،‬وأنه لم يظلمهم مثقال ذرة‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬
‫{ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [الزمر]"(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫اثلمرات‪ :‬جيب أن يعلم لك ملكف أن َّل حكم إَّل لل تعاىل‬
‫ٌ‬
‫أحاكم وقضايا‪ ،‬ولك أقوال‪ :‬حكم ووصايا‪،‬‬ ‫وحده‪ ،‬وأن لك أفعال‪:‬‬
‫وجيب أن يعلم أن الرسل عليهم السَّلم ـهم معادن احلكمة‪ ،‬وأـهل‬
‫احلكم‪ ،‬ولم يفوض الل تعاىل احلكم إَّل هلم‪ ،‬ولك من سواـهم جيب‬
‫عليهم اَّلقتداء بهم‪ ،‬وأن َّل حيكموا إَّل بما أنزل الل‪ ،‬وتعبد الل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬األسىن (‪.)440/1‬‬ ‫(‪ )2‬تفسي السعدي (‪ ،)674‬وتوضيح الاكفية (‪.)127‬‬ ‫(‪ )1‬توضيح الاكفية (‪.)121‬‬

‫‪272‬‬
‫‪‬‬
‫اكفة املؤمني بنصب احلاكم‪ ،‬وإقامة األحاكم‪ ،‬ثم جيب ْع لك مسلم‬
‫ه‬
‫إذا ديع إىل احلكم عليه‪ ،‬أن جييب إىل ذلك‪ ،‬وينقاد حلكم الل‬
‫َّ‬
‫توجه عليه‪ ،‬وإَّل اكن ً‬
‫ظالما(‪.)1‬‬ ‫تعاىل عليه إذا‬

‫‪ 97‬ـ ـ اهلل (اجلواد) عز وجل‬


‫ٰ‬
‫تعنىل هللواد حيب اجلود‪ ،‬وحيب معنيل األ الق‪،‬‬ ‫قال ‘‪> :‬إن ا‬
‫ويكر سفنسفهن<(‪.)2‬‬
‫َّ‬
‫مشبهة للموصوف باجلود‪،‬‬ ‫املعىن ا ليوي‪ :‬اجلواد‪ :‬صفة‬
‫واجليد‪ :‬نقيض الرديء‪ ،‬واجلود ـهو الكرم‪ ،‬ورجل جواد يعن سيخ‪،‬‬
‫كثي العطاء‪ ،‬واجلود من املطر‪ :‬ـهو اذلي َّل مطر فوقه ف الكرثة(‪.)3‬‬
‫َّ‬
‫ويطلق اجلواد كذلك ْع الطريق املمهد‪ ،‬أو سواء الطريق‬
‫ووسطه‪ ،‬أو الطريق األعظم(‪.)5()4‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل تبارك وتعاىل ـهو اجلواد‪ ،‬ل اجلود لكه‪:‬‬
‫عم جوده مجيع الاكئنات‪ ،‬من أـهل األرض والسموات‪،‬‬ ‫(‪ )1‬اذلي َّ‬

‫فلك نعمة فمن جوده‪ ،‬فَّل خيلو موجود من جوده‪ ،‬وإحسانه‪ ،‬طرفة‬
‫عي‪ ،‬ف ـهذا الوجود‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬لسان العرب (‪.)720/1‬‬ ‫(‪ )2‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪.)1627‬‬
‫(‪ )4‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)679‬‬
‫(‪ )5‬كما ف حديث عبد الل بن سَّلم ~‪ ،‬ف قصة الرؤيا للنيب ‘‪ ،‬وفيه‪> :‬بينمن أًن ًنئم‪ ،‬إ‪ ،‬أتنين رهللل‪ ،‬ةقنل يل‬
‫قم‪ ،‬ةأ ذ بيدي‪ ،‬ةنًطلقت معه‪ ،‬ةإ‪،‬ا أًن جبواد عن شمنيل‪ ،...‬ةقنل يل‪ :‬ال تأ ذ ةيهن‪ ،‬ةإًهن طرق أصحنب‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ا شمنل‪ ،‬قنل‪ :‬ةإ‪،‬ا هللواد منهج عن يميين‪ <..‬أي طريق واضحة بينة مستقيمة‪ ،‬حاشية صحيح مسلم ملحمد‬
‫عبد ابلايق‪ .‬صحيح مسلم (‪.)2484‬‬

‫‪273‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )2‬والل سبحانه وتعاىل ـهو اجلواد ْع اإلطَّلق‪ ،‬فلك جود ف‬
‫العالم العلوي والسفل إىل جوده‪ ،‬أقل من قطرة ف حبار ادلنيا‪ ،‬ويه‬
‫من جوده‪.‬‬
‫(‪ )3‬ومن كمال جوده "أنه جيود ْع أويلائه باتلوفيق لصالح‬
‫األعمال‪ ،‬ثم حيمدـهم عليها‪ ،‬ويضيفها إيلهم‪ ،‬ويه من جوده‪ ،‬ويثيبهم‬
‫عليها من اثلواب العاجل واآلجل‪ ،‬ما َّل خيطر ْع ابلال"(‪.)1‬‬
‫آن وماكن‪،‬‬
‫(‪ )4‬وـهو أجود األجودين‪ ،‬فيداه سحاء باجلود‪ ،‬ف لك ٍ‬
‫فكم جاد تعاىل من جوده‪ ،‬فلم يهنقص من جوده ْع مدى األزمان ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫َّ‬
‫(‪ )5‬وـهو سبحانه اجلواد‪ :‬اذلي يهدي(‪ )3‬عباده أمجعي‪ ،‬إىل جادة‬
‫إىل طريق احلق‬ ‫ِ‬
‫باهلداية(‪)4‬‬
‫احلق املبي‪ ،‬وخيص أويلاءه املؤمني‬
‫َّ‬
‫املستقيم‪ ،‬ويثبتهم عليها‪ ،‬حىت يتوفاـهم ْع ايلقي‪.‬‬
‫(‪ )6‬وـهو اجلواد ذلاته‪ ،‬كما أنه الح ذلاته‪ ،‬العليم ذلاته‪ ،‬السميع‬
‫وابلصي ذلاته‪ ،‬فجوده العايل‪ ،‬من لوازم ذاته(‪.)5‬‬
‫ً‬
‫(‪ )7‬ومن أعظم منه سبحانه جودا واخلَّلئق ل اعصون‪ ،‬وـهو‬
‫يكلؤـهم ف مضاجعهم‪ ،‬كأنهم لم يعصوه‪ ،‬جيود ْع العايص‪ ،‬كما‬ ‫ه‬
‫ه‬
‫جيود ْع الطائع‪ ،‬يتحبب إيلهم باخليات‪ ،‬وـهم يتبغضون إيله بالسيئات‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي السعدي (‪.)238‬‬
‫َّ‬ ‫ٰ‬
‫(‪ )2‬قال ‘‪> :‬يد ا مألى‪ ،‬ال يييضهن ًفق‪ ،،‬سحنء ا ليل وانلهنر‪ ،‬أرأيتم من أًفق منذ لق ا سمنوات‬
‫ييض من يف يد < َّل يغيضها‪ :‬أي َّل ينقصها‪ .‬سحاء‪ :‬أي‪ :‬كثية العطاء‪ ،‬تصب اخلي صبًّا‪.‬‬
‫واألرض‪ ،‬ةإًه م ِ‬
‫(‪ )3‬أي ـهداية اعمة‪ :‬ويه ادلَّللة واإلرشاد‪.‬‬ ‫ابلخاري (‪ ،)6484‬ومسلم (‪.)993‬‬
‫ّ‬
‫(‪ )4‬أي‪ :‬ـهداية اتلوفيق اذلي من وفق إيلها َّل يزيغ‪ )5( .‬مدارج السالكي (‪ ،)212/1‬والروح (‪.)499‬‬

‫‪274‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ )8‬وـهو تعاىل اجلواد‪ :‬الاكمل(‪ )1‬ف ذاته‪ ،‬وأسمائه‪ ،‬وصفاته(‪،)2‬‬
‫ً‬
‫وأفعال‪ ،‬وسلطانه‪ ،‬حبيث َّل يكون وراءه كمال أبدا‪.‬‬
‫ً‬
‫هللالل اجلواد‪ :‬أن لك جواد خلقه الل سبحانه‪ ،‬وخيلقه أبدا‪،‬‬
‫أقل من َّ‬
‫ذرة بالقياس إىل جوده‪.‬‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أن َّ‬
‫حمبته تعاىل للجود‪ ،‬والعطاء‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬فوق‬
‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ما خيطر ْع ابلال‪ ،‬أو يدور ف اخليال‪ ،‬وهلذا َّ‬
‫خص جل ثناؤه جبوده‬
‫أـهل ادلاعء والسؤال‪ ،‬بلسان املقال‪ ،‬أو احلال‪ ،‬من ٍّ‬
‫بر وفاجر‪ ،‬ومؤمن‬
‫عً وهللل من ادلاعء<(‪.)4‬‬ ‫واكفر(‪ ،)3‬قال ‘‪> :‬ليس يشء أكرم ٰ‬
‫ىلع ا‬
‫ومن هللالهل‪" :‬أنه أجاد ف فعله‪ ،‬وتقريره‪ ،‬وتدبيه‪ ،‬وتفصيله"(‪.)5‬‬
‫وتتجىل سعة جوده ف دار خلوده‪ ،‬أنه يعطي مثل ادلنيا وعرشة‬
‫أمثاهلا ألدىن أـهل اجلنة مزنلة من أويلائه(‪.)6‬‬
‫اثلمرات‪ :‬ينبيغ ملن عرف ربه تعاىل جبوده‪ ،‬أن يتعبد بمقتىض‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫معطاء‪َّ ،‬ل خيش من ذي العرش إقَّلَّل‪،‬‬ ‫ـهذا اَّلسم أن يكون جوادا‬
‫‘ أحسن انلنس‪ ،‬وأهللود‬ ‫أنه قال‪> :‬اكن رسول ا‬ ‫فعن أنس ~‬
‫انلنس<(‪ ،)7‬واعلم رْحن الل وإياك أن "من أعظم ما جاد به سبحانه‬
‫ْع عباده‪ ،‬تعريفه هلم بأسمائه احلسىن‪ ،‬وصفاته العليا"(‪.)8‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)679‬‬ ‫(‪ )1‬ألن من معاين اجلود كما سبق نقيض الرديء‪.‬‬
‫(‪ )5‬رشح األسماء لإلشبيل (‪.)252/2‬‬ ‫(‪ )4‬صحيح الرتمذي (‪.)3370‬‬ ‫(‪ )3‬احلق الواضح (‪.)66‬‬
‫(‪ )6‬كما ف ابلخاري (‪ ،)7511( ،)6571‬ومسلم (‪ )7( .)186‬ابلخاري (‪ )8( .)2665‬جمموع الفوائد (‪.)250‬‬

‫‪275‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 98‬ـ ـ اهلل (الوِتْر) جل وعال‬


‫ا‬ ‫ا‬
‫قال ‘‪ > :‬تسع‪ ،‬وتسعني اسمن‪ ،‬منئ‪ ،‬إال واحدا ال حيفظهن‬
‫ٌ ُ ُّ‬
‫وتر حيب ا وتر< ‪.‬‬ ‫أحد إال د ل اجلن‪ ،،‬وهو‬
‫(‪)1‬‬

‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬ا وتر‪ :‬ـهو الفرد‪ ،‬أو ما لم يتشفع من العدد‪،‬‬
‫أي‪ :‬لك عدد َّل زوج ل(‪.)2‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه وتعاىل ـهو الوتر ْع اإلطَّلق‪:‬‬
‫(‪ )1‬الواحد الفرد‪ ،‬اذلي َّل نظي ل ف ذاته‪ ،‬وَّل انقسام(‪،)3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعلوـها فوق لك األنام‪.‬‬ ‫املتفرد بذاته بالكمال‪،‬‬
‫(‪ )2‬وـهو سبحانه املتفرد بالكمال ف أسمائه احلسان‪ ،‬وأفعال‬
‫اتلمام‪ ،‬وملكه‪ ،‬وسلطانه بادلوام‪ ،‬وصفاته العَّل اجلَّلل‪.‬‬
‫تفرد ف الوجود‪ ،‬وانلعوت‪ ،‬باألزيلة بَّل بداية‪،‬‬ ‫(‪ )3‬وـهو اذلي َّ‬
‫واألبدية بَّل نهاية‪.‬‬
‫ِ‬
‫(‪ )4‬وـهو اذلي تفرده وتوحده وتقصده لك الاكئنات بأرسـها‪ ،‬ف‬
‫ٌ‬
‫مجيع شؤونها‪ ،‬فليس هلا رب سواه‪ ،‬وَّل مقصود غيه تقصده‪ ،‬وتلجأ‬
‫إيله‪ ،‬ف إصَّلح أمورـها ادلينية‪ ،‬ويف إصَّلح أمورـها ادلنيوية‪.‬‬
‫(‪ )5‬وـهو سبحانه الفرد ف ربوبيته‪ ،‬فَّل رشيك ل ف ملكه‪ ،‬وَّل‬
‫منازع‪ ،‬وَّل معي‪ ،‬وَّل ظهي‪ ،‬ل من أحد من الّبية(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬فتح ابلاري (‪.)227/11‬‬ ‫(‪ )2‬اللسان (‪ ،)4757/6‬األسىن (‪.)196‬‬ ‫(‪ )1‬ابلخاري (‪.)6410‬‬
‫(‪ )4‬انظر املعاين السابقة‪ :‬شأن ادلاعء (‪ ،)104‬انلهاية (‪ ،)147/5‬األسماء والصفات (‪ ،)50/1‬وفتح الرحيم امللك (‪)37‬‬

‫‪276‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬
‫املستحق إلفراده ف اتلأل‪،‬‬ ‫َّ‬
‫األلوـهية‪،‬‬ ‫ِ‬
‫املتفرد ف‬ ‫(‪ )6‬وـهو تعاىل‬
‫والعبودية‪ ،‬وإخَّلص ادلين ل من لك اخلليقة‪.‬‬
‫(‪ )7‬وـهو سبحانه الفرد األحد‪ :‬اذلي َّل مثيل ل‪ ،‬وَّل شبيه ل‪،‬‬
‫وَّل نظي ل‪ ،‬وَّل عديل‪ ،‬لكمال من لك الوجوه‪.‬‬
‫هللالل ا وتر‪ :‬أنه تعاىل انفرد عن مجيع اخللق باألحدية‪،‬‬
‫ً‬
‫شفعا من اخلليقة‪ ،‬فَّل تستقر‪ ،‬وَّل تعتدل‪ ،‬إَّل‬ ‫فجعل لك ما دونه‬
‫َّ‬
‫بالزوجية‪ ،‬وَّل تهنأ ْع الفرديَّة واألحديَّة‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯻ ﯼ‬
‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [اذلاريات](‪.)1‬‬
‫َّ‬
‫ومن هللالهل‪ :‬أنه سبحانه خلق األشياء املتضادة من اليشء‬
‫ِ‬
‫الواحد‪ ،‬فهو تعاىل خلق من لك يشء مثله شيئي‪ ،‬لك منهما يراوح‬
‫أحد ِـهما إَّل‬
‫اآلخر من وجه‪ ،‬وإن خالفه من وج ٍه آخر‪ ،‬وَّل يتم نفع ِ‬
‫بآخر‪ ،‬من احليوان‪ ،‬وانلبات‪ ،‬وغيـها‪ ،‬ويدخل فيه األضداد‪ ،‬من‬
‫َّ َ‬
‫والسقم‪،‬‬ ‫الغىن والفقر‪ ،‬واحلسن والقبح‪ ،‬والليل وانلهار‪ ،‬والصحة‬
‫َّ ً‬ ‫والّب وابلحر‪َّ ،...‬‬
‫َّ‬
‫ولما اكن ذلك ف اغية ادلَّللة ْع أن الك من‬
‫َّ‬
‫الزوجي حيتاج إىل اآلخر‪ ،‬وأنه َّل بهد أن ينتيه األمر إىل واحد‪َّ ،‬ل‬
‫م‬
‫ِمثل ل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﰀ ﰁ}(‪.)2‬‬
‫اثلمرات‪ :‬أثر ـهذا اَّلسم ْع العبد يتجىل ف حمبته للتوحيد‬
‫ّ‬
‫والوترية‪ ،‬ف لك العبادات القويلة والفعلية‪ ،‬فيغتسل ً‬
‫وترا‪ ،‬ويستنرث‬
‫وترا‪ ،‬وجيعل آخر صَّلته بالليل ً‬
‫وترا‪ ،‬واملتتبع لكثي من األذاكر‬ ‫ً‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬نظم ادلرر (‪.)286/7‬‬ ‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن لدلكتور الرضواين (ص ‪.)358‬‬

‫‪277‬‬
‫‪‬‬
‫واألعمال‪ ،‬والرَّق الرشعية‪ ،‬جيد أنها تنتيه ً‬
‫وترا‪ ،‬وـهذا من حتقيق‬
‫الفردية‪ ،‬واألحدية لل تعاىل بالعبادة‪ ،‬اليت يه أصل دعوة األنبياء‬
‫والرسل‪ ،‬للك اخلليقة‪.‬‬

‫‪ 99‬ـ ـ اهلل (اإلله) تبارك وتعاىلٰ‬

‫قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ} [ابلقرة]‬

‫املع ٰ‬
‫ىن ا ليوي‪ :‬اإلهل‪ :‬اسم مفعول املألوه‪ :‬أي املعبود‪ ،‬اذلي‬
‫ِ‬
‫تأهله القلوب‪ ،‬أي‪ :‬حتبه‪ ،‬وتذل ل‪ ،‬و(اإلل) ـهو لك ما اختذ من دونه‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫معبودا هلإ عند مت ِخ ِذه‪ ،‬واجلمع‪ :‬آهلة‪ ،‬وأصل (اتلأل)‪ :‬اتلعبد(‪.)1‬‬
‫املع ٰ‬
‫ىن ا رشيع‪ :‬الل سبحانه ـهو (اإلهل) هلإ األولي واآلخرين‪:‬‬
‫‪ )1‬فهو تعاىل املحبوب املعبود حبق‪ ،‬اذلي يعبده من ف السموات‬
‫واألرض‪{ ،‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ } [ال ُّز ُ‬
‫خرف‪.]84 :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫جل ثناؤه اذلي تأهله العباد ًّ‬
‫ورجاء‪،‬‬ ‫حبا‪ ،‬وذَّل‪ ،‬وخوفا‪،‬‬ ‫‪ )2‬فهو‬
‫وتعظيما‪ ،‬وطاعة‪.‬‬‫ً‬
‫ّ‬
‫‪ )3‬وـهو سبحانه اذلي يؤل إيله اخللق لكهم‪ ،‬إنسهم‪ ،‬وجنهم‪،‬‬
‫ناطقهم‪ ،‬وبهيمهم‪ ،‬فهو تعاىل املفزع للاكئنات لكها‪ ،‬ف مجيع أمورـهم‬
‫اخلاصة‪ ،‬والعامة‪ ،‬ف لك حال‪ ،‬وحلظة‪ ،‬وومضة‪ ،‬وحركة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬لسان العرب (‪ ،)4671/13‬مدارج السالكي (‪.)27/3‬‬

‫‪278‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫تتحي القلوب عند اتلفكر ف عظمته سبحانه‪،‬‬ ‫‪" )4‬وـهو اذلي‬
‫وتعجز عن بلوغ كنه جَّلل"(‪.)1‬‬
‫‪ )5‬وـهو القاـهر الغالب‪ ،‬اذلي َّل يهقهر وَّل يهغلب‪ ،‬انلافذ اإلرادة‬
‫وحده ف مجيع مراداته‪ ،‬حىت َّل يريد شيئًا إَّل اكن‪ ،‬وَّل يكون إَّل‬
‫بإرادته‪ ،‬من غي مانع وَّل مدافع‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ} [األنبياء‪ ،]22 :‬أي متغابلي وخمتلفي(‪.)2‬‬
‫‪ )6‬وـهو اإلل احلق‪ ،‬املوصوف بالصفات األلوـهية‪ ،‬اذلي انفرد بها‬
‫عن لك الّبية‪ ،‬ويه مجيع أوصاف الكمال‪ ،‬وأوصاف اجلَّلل‪،‬‬
‫ّ‬
‫واملذام‪.‬‬ ‫وأوصاف اجلمال‪ ،‬مع نيف أضدادـها ‪ ،‬من الشبيه‪ ،‬واملثيل‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫َّ‬
‫‪ )7‬فهو سبحانه املألوه‪ ،‬املستحق ألن يؤل‪ ،‬أي‪ :‬يعبد‪ ،‬ويوحد‬
‫وحده َّل رشيك ل‪َّ ،‬ل هلإ إَّل ـهو‪ ،‬فلك معبود من دلن عرشه إىل قرار‬
‫أرضه باطل(‪.)4‬‬
‫قال شيخ اإلسَّلم ابن تيمية رْحه الل‪َّ> :‬ل هلإ إَّل أنت< فيه إثبات‬
‫واأللوـهية تتضمن كمال علمه وقدرته‪ ،‬ورْحته‬ ‫َّ‬ ‫انفراده باإلهلية‪،‬‬
‫وحكمته‪ ،‬ففيها إثبات إحسانه إىل العباد‪ ،‬فإن اإلل ـهو املألوه‪ ،‬واملألوه ـهو‬
‫اذلي يستحق أن يعبد‪ ،‬وكونه يستحق أن يعبد ـهو بما اتصف به من‬
‫الصفات‪ ،‬اليت تستلزم أن يكون ـهو املحبوب اغية احلب‪ ،‬واملخضوع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )3‬جمموع الفتاوى (‪.)202/13‬‬ ‫(‪ )2‬إبطال اتلأويَّلت (‪.)651‬‬ ‫(‪ )1‬األسىن (‪.)350‬‬
‫(‪ )4‬دقائق اتلفسي (‪.)364/2‬‬

‫‪279‬‬
‫‪‬‬
‫ل اغية اخلضوع‪ ،‬والعبادة تتضمن اغية احلب بغاية اذلل(‪.)1‬‬
‫الفرق بني اسم (اإلهل) و(ا رب) و(ا )‪:‬‬
‫واسم >اإلهل< خيتلف ف معناه عن اسم >ا رب< ف كثي من‬
‫َّ‬
‫انلوايح‪ ،‬فمنها‪ :‬أن الرب معناه يعود إىل اَّلنفراد باخللق واتلدبي‪ ،‬أما‬
‫ِ‬
‫>اإلهل<‪ :‬فيستحق عبادة املألوه اذلي تعظمه القلوب‪ ،‬وختضع ل‬
‫املحبة واتلعظيم‪ ،‬املستحق للعبادة بكل أنواعها وشموهلا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫بكمال‬
‫ٌ‬
‫كثي من املرشكي ملا‬ ‫والفرق بي >ا < و>اإلهل< أن اإلل قد وصفه‬
‫عبدوه منهم‪ ،‬اكلشمس والقمر والكواكب‪ ،‬ولم يفعل ذلك أحد ف‬
‫اسمه >الل<‪ ،‬فلم َ‬
‫يتس َّم به أحد قط ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫اقرتان (اإلهل) به(ا رمحن) مع (ا رحيم)‪:‬‬


‫قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أن من أعظم موجبات‪،‬‬ ‫ﰇ} [البقرة]‪ ،‬دل ـهذا اَّلقرتان اجلليل ْع‬
‫ومقتضيات األلوـهية‪ ،‬يه الرْحة‪ ،‬فيه ألوـهية مبنية ْع الرْحة‪ ،‬وفيه‬
‫َّ‬
‫إشارة أن اذلي جيب أن يستحق للعبودية ـهو املتصف بالرْحة الواسعة‬
‫اليت َّل تماثلها أي رْحة‪ ،‬فيف "ذكر ـهاتي الصفتي تقرير للتوحيد‪،‬‬
‫وتلميح دليلل األلوـهية‪ ،‬ف انفراده سبحانه بالعبودية‪ ،‬واستحقاقه‬
‫للعبادة ل وحده‪ ،‬فذكر من األوصاف املقتضية لأللوـهية وقرصـها عليه‬
‫ً‬
‫مويلا‬ ‫بهاتي الصفتي‪ ،‬ألنه ملا اكن [من مقتضياتهما] أنه سبحانه‬
‫جلميع انلعم أصوهلا وفروعها‪ ،‬جليلها ودقيقها‪ ،‬ومن ذلك أنه ابتدأك‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬دقائق اتلفسي (‪.)364/2‬‬

‫‪280‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫برشا ً‬
‫إنشاء ً‬
‫ً‬
‫سويا اعقَّل‪ ،‬وتربية لك ف دار ادلنيا‪ ،‬موعودا‬ ‫بالرْحة‬
‫الوعد الصادق حبسن العاقبة ف اآلخرة‪ ،‬جدير بعبادتك ل‪ ،‬والوقوف‬
‫عند أمره ونهيه‪ ،‬وأطمعك بهاتي الصفتي ف سعة رْحته‪ ،‬تلحقق‬
‫وحدانيته سبحانه وحده‪ ،‬دون ٍ‬
‫أحد غيه(‪.)1‬‬
‫هللالل اإلهل‪ :‬من جَّلل ـهذا اَّلسم الكريم أنه ـهو أعم األسماء‬
‫دَّللة بعد اسم (ا ) جل وعَّل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [ابلقرة](‪.)2‬‬
‫ومن هللالهل أنه جامع جلميع صفات الكمال‪ ،‬ونعوت اجلَّلل‪،‬‬
‫فيدخل ف ـهذا اَّلسم مجيع األسماء احلسىن‪ ،‬والصفات العَّل(‪ ،)3‬فمن‬
‫داع به فقد داع جبميع أسمائه تعاىل‪ ،‬وصفاته‪.‬‬
‫اثلمرات‪ :‬قال تعاىل‪{ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ً‬ ‫ﮭ} [الزخرف‪ ،]84 :‬أي‪ :‬يأهله أـهل السماء‪ ،‬وأـهل األرض‪ً ،‬‬
‫طواع وكرـها‪،‬‬
‫اللك خاضعون لعظمته‪ ،‬منقادون إلرادته ومشيئته‪ ،‬وهلذا عباد‬
‫الرْحن يأهلونه ويعبدونه‪ ،‬ويبذلون ل مقدورـهم باتلأل القليب‬
‫والرويح‪ ،‬والقول والفعل‪ ،‬فيعرفون من نعوته وأوصافه ما تتسع‬
‫قواـهم ملعرفته‪ ،‬وحيبونه من لك قلوبهم حمبة تتضاءل مجيع املحاب‬
‫هلا‪ ،‬فلما تمت حمبة الل تعاىل ف قلوبهم‪ ،‬أحبوا ما أحبه من‬
‫أشخاص‪ ،‬وأعمال‪ ،‬وأزمنة‪ ،‬وأمكنة‪ ،‬فصارت حمبتهم وكراـهتهم ً‬
‫تبعا‬
‫إلَّلـههم ّ‬
‫وسيدـهم وحمبوبهم(‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬تفسي أيب السعود (‪ ،)225/1‬وابلحر املحيط (‪ 76/2‬ـ ‪ ،)77‬واتلحرير واتلنوير (‪.)75/2‬‬
‫(‪ )3‬بدائع الفوائد (‪ )4( .)212/2‬فتح الرحيم امللك (ص ‪ 13‬ـ ‪ )14‬بترصف يسي‪.‬‬ ‫(‪ )2‬األسىن (‪.)369‬‬

‫‪281‬‬
‫‪‬‬

‫داللة األمساء احلسنى على صفات اهلل العال‬


‫الرب عز شأنه اثلبوتي‪ ،،‬وـهما‪:‬‬‫ّ‬ ‫‪ )1‬ا رب‪ :‬يدل ْع نويع صفات‬
‫َّ‬
‫اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ ،،‬اذلاتي‪ :،‬دل عليها معاين‪ :‬أنه املعبود‪ ،‬وامللك‪ ،‬والسيادة‪،‬‬
‫والفعلي‪ :،‬قيامه ْع خلقه باتلدبي‪ ،‬واإلصَّلح‪ ،‬والرتبية‪.‬‬
‫‪ )2‬ا رمحن‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬ألنه َّل يوصف خَّلف ذلك ْع‬
‫ادلوام‪ ،‬وْع الفعل‪ :‬إفاضة رْحته العامة للك اخلليقة‪.‬‬
‫‪ )3‬ا رحيم‪ْ :‬ع الصفة الفعلي‪ ،‬اليت تقوم بمشيئته‪ ،‬وحكمته‪ ،‬ألن‬
‫"لك فعل علقه الل باملشيئة‪ ،‬فإنه مقرون باحلكمة‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ} [اإلنسان‪.)1("]30 :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ )4‬اليح‪ :‬من أوصاف اذلات‪ :‬وـهو دوام حياته أزَّل‪ ،‬وأبدا‪ ،‬والفعل‪:‬‬
‫إحياؤه خللقه‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [يس‪.]79 :‬‬
‫‪ )5‬القيوم‪ :‬من أسماء اذلات‪ ،‬والفعل‪ْ ،‬ع اذلات‪ :‬أنه الغن بنفسه‬
‫عن لك خلقه‪ ،‬بذاته‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وديمومته‪ ،‬والفعل‪ :‬قيامه بتدبي أمور‬
‫خلقه‪ ،‬والعالم لكه‪ ،‬جبميع أحوال‪ ،‬وـهذا يقوم بمشيئته‪.‬‬
‫‪ 6‬ه ‪ )7‬العل األىلع‪ :‬من صفات اذلات اليت َّل تنفك عن الل بأي حال‪.‬‬
‫‪ )8‬املتعنل‪ْ :‬ع اذلات‪ ،‬وْع الفعل‪ :‬أنه املستعل ْع لك خلقه‬
‫بقدرته‪ ،‬وقهره‪ ،‬مىت شاء سبحانه‪ ،‬ـهذا إذا اقرتنت ـهذه األسماء مع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬رشح سورة ابلقرة للعَّلمة ابن عثيمي (‪.)85/3‬‬

‫‪282‬‬
‫‪‬‬
‫َّ‬
‫يتضمن اآلخر(‪.)1‬‬ ‫واحد منها‬ ‫بعضها‪ ،‬أما عند اَّلنفراد فلك‬
‫ٍ‬
‫‪ )9‬ا كريم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أن ل رشف اذلات‪ ،‬وسعة الصفات‪،‬‬
‫والفعل‪ :‬كرثة خيه‪ ،‬وصفحه عن عباده‪ ،‬وْع انليف‪ :‬نزاـهته عن لك اآلفات‪.‬‬
‫‪ )10‬ا ودود‪ :‬من صفات األةعنل اَّلختيارية اليت تقوم بمشيئته‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ 11‬ه ‪ )12‬اليفور اليفنر من صفات األةعنل‪.‬‬
‫‪ )13‬العًيً‪ :‬من أوصاف اإلثبات وانليف‪ ،‬فمن األول‪ْ :‬ع اذلات‪ :‬أنه‬
‫املنيع‪ ،‬الرفيع الشأن والقدر‪ ،‬الفعل‪ :‬إعزازه من شاء من عباده‪ ،‬منهم‬
‫أويلاؤه‪ ،‬وْع انليف‪ :‬أنه املنيع‪ ،‬وأنه منقطع انلظي‪َّ ،‬ل مثيل ل‪.‬‬
‫‪ )14‬اجلميل‪ :‬من أسماء اذلات‪ ،‬واألةعنل‪ ،‬اذلات‪ :‬وـهو اجلمال‬
‫ه‬
‫والكمال املطلق‪ ،‬ف اذلات‪ ،‬والصفات‪ ،‬وْع األةعنل‪ :‬أنه جي ّمل من شاء من‬
‫رْ‬
‫مجله‪ ،‬وأدم مجنهل<(‪.)2‬‬ ‫األنام‪ ،‬كما ف داعء انليب ‘ لعمرو بن أخطب‪> :‬امهلل‬
‫‪ 15‬ه ‪ 16‬ه ‪ )17‬القندر‪ ،‬القدير‪ ،‬املقتدر‪ :‬من أوصاف اذلات‪ :‬دَّلتلها‬
‫ْع القدرة الاكملة‪ ،‬وتقدير املقادير‪ْ ،‬ع وفق علمه‪ ،‬قبل ختليقه وتكوينه‪،‬‬
‫وْع الفعل‪ :‬تنفيذ مقاديره ْع وفق تقديره‪.‬‬
‫‪ )18‬العفو‪ :‬من صفات األةعنل‪،‬ويه اليت يفعها مىت شاء‪ ،‬وكيف يشاء‪.‬‬
‫‪ 19‬ه ‪ )20‬ا واحد‪ ،‬األحد‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬وكذلك من الصفات‬
‫املنفي‪ ،‬بنوعيهن‪ ،‬وـهما‪ :‬أ) صفنت منفي‪ ،‬متصل‪ :،‬ويه نزاـهته عن لك العيوب‬
‫وانلقائص ف ذاته‪ ،‬وصفاته العلية‪ ،‬ب) صفنت منفي‪ ،‬منفصل‪ :،‬ويه نزاـهته‬
‫عن لك رشيك ل ف الربوبية‪ ،‬واأللوـهية‪ ،‬واألسماء احلسىن‪ ،‬والصفات اجلليلة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬صحيح موارد الظمآن (‪.)395/2‬‬ ‫(‪ )1‬انظر أسماء الل احلسىن د‪ .‬الرضواين (‪.)696 ،416 ،377‬‬

‫‪283‬‬
‫‪‬‬
‫َم‬
‫‪ )21‬القريب‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬وكذلك ْع الفعل‪ :‬أنه يقرب من‬
‫قرب من خلقه من شاء‪ ،‬قال ‘‪> :‬أقرب‬ ‫خلقه كيف شاء‪ ،‬ومىت يشاء‪ ،‬ه‬
‫وي ِ‬

‫من يكون ا رب من العبد يف هللوف ا ليل اآل ر<(‪.)1‬‬


‫‪ )22‬املجيب‪ :‬من أسماء األةعنل اليت تقوم بمشيئته‪ ،‬وإرادته‪ ،‬وقدرته‪.‬‬
‫‪ 23‬ه ‪ 24‬ه ‪ )25‬امللا‪ ،‬املليا‪ ،‬املن ا‪ :‬من أوصاف اذلات العَّل‪.‬‬
‫‪ )26‬ا صمد‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬ألن "حقيقة الصمدية وكماهلا ل‬
‫وحده‪ ،‬واجبة َّلزمة‪َّ ،‬ل يمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه"(‪،)2‬‬
‫وكذلك يدل ْع الصفات املنفية بنوعيها‪.‬‬
‫‪ )27‬احلميد‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬أنه املستحق للك املحامد‪ ،‬ويه‬
‫أوصاف الكمال ْع ادلوام‪ ،‬والفعل‪ :‬ثناؤه ْع نفسه‪ ،‬وْع من يستحق‬
‫املحامد من خلقه‪.‬‬
‫‪ )28‬املجيد‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬وْع األةعنل‪ :‬أنه يهمجد نفسه‪،‬‬
‫ه ِ‬
‫ويعظمها‪ ،‬كما يليق جبَّلل وكمال‪.‬‬
‫‪ )29‬اليين‪ :‬من الصفات اثلبوتية‪ ،‬ويه‪ :‬اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬
‫‪ )30‬احلكيم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬
‫‪ )31‬العظيم‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪ ،،‬وكذلك الفعلي‪ ،،‬أنه يهعظم‬
‫األجر‪ ،‬والرزق‪ ،‬واثلواب ملن شاء من العباد‪.‬‬
‫‪ )32‬القوي‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬اليت َّل تنفك عن الل ف أي حال‪.‬‬
‫‪ )33‬املتني‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،‬كسابقه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)238/17‬‬ ‫(‪ )1‬صحيح الرتمذي (‪.)3579‬‬

‫‪284‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )34‬ا سميع‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬وـهو‪ :‬سماعه للك األصوات ف لك‬
‫األوقات‪ ،‬والفعلي‪ :،‬دَّلتله ْع سمع اإلجابة‪ ،‬والقبول‪ ،‬واإلثابة‪.‬‬
‫‪ )35‬ابلصر‪ :‬من صفات اذلات أن ل عينان يبرص بهما لك األنام‪،‬‬
‫والفعل‪" :‬أنه ينظر بلعض خلقه‪ ،‬دون بعض‪ ،‬نظرة عطف‪ ،‬ورْحة‪ ،‬وتنعيم"(‪.)1‬‬
‫‪ 36‬ه ‪ )37‬القنهر‪ ،‬القهنر‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬ويه علوه املطلق ف‬
‫ذاته‪ ،‬وشأنه‪ ،‬واألةعنل‪ :‬قهره لعباده‪ ،‬ومنه إذَّلل ه‬
‫للعتاة من خلقه‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ )38‬ا وهنب‪ :‬من الصفات الفعلي‪ ،‬اَّلختيارية‪.‬‬
‫‪ )39‬املتكرب‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬واملنفي‪ ،‬بنوعيها‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ )40‬املؤمن‪ :‬من أوصاف اذلات‪ :‬أنه الصادق‪ ،‬اذلي يستحيل اتصافه‬
‫باملقابل‪ :‬اكلكذب‪ ،‬وإخَّلف الوعد والعهد‪ ،‬فهو تعاىل َّل خيلف وعده‪،‬‬
‫والفعل‪ :‬تصديقه من شاء من خلقه‪.‬‬
‫‪ )41‬ال َرب‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬
‫‪ 42‬ه ‪ )43‬ا ويل‪ ،‬املول‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ )44‬اجلبنر‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬وـهو العظمة‪ ،‬والعلو‪ ،‬واملنعة‪،‬‬
‫والرفعة‪ ،‬وْع األةعنل‪ :‬أنه املصلح أمور خلقه‪ ،‬وجّب الضعفاء منهم‪.‬‬
‫‪ )45‬ا رؤوف‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬
‫‪ )46‬اتلواب‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬
‫‪ )47‬احلليم‪ :‬من صفات الفعل‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬أسماء الل احلسىن للرضواين (‪.)327‬‬

‫‪285‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )48‬ا شهيد‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬ويه املشاـهدة‪ ،‬والرؤية‪ ،‬وعدم‬
‫الغفلة‪ ،‬والفعل‪ :‬شهادته نلفسه بالوحدانية‪ ،‬وألنبيائه بالصدق‪ ،‬واألمانة‪.‬‬
‫‪ 49‬ه ‪ )50‬ا رزاق‪ ،‬ا َّرازق‪ :‬من أسماء األةعنل‪.‬‬
‫ُ ُّ‬
‫‪ )51‬القدوس‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه املعظم ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويطهر من شاء من عباده‪،‬‬ ‫وكذلك الفعلي‪ :،‬أنه املبارك ‪ ،‬واذلي يقدس‬
‫(‪)1‬‬
‫ه‬
‫ويدل كذلك ْع الصفات املنفي‪ ،‬بنوعيهن‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ 52‬ه ‪ )53‬اخلنلق‪ ،‬اخلالق‪ :‬من أوصاف الفعل‪.‬‬
‫‪ )54‬ابلنرئ‪" :‬من صفات اذلات‪ :‬إذا اكن تقديره كفعل َّلزم‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫املزنه عن لك انلقائص‪ ،‬وكفعل متعد‪ :‬صفة ةعل"(‪.)2‬‬
‫‪ )55‬ا ر‬
‫ملصور‪ :‬من صفات األةعنل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫‪ )56‬ا سالم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ :،‬أنه يهسلم ْع أنبيائه‬
‫يدل ْع نويع الصفات املنفي‪.،‬‬‫وأويلائه ف ادلنيا واآلخرة‪ ،‬وكذلك ه‬

‫‪ )57‬ا واسع‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬أنه الاكمل الواسع‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬وصفاته‪،‬‬
‫وسع ْع من شاء ف اخللق‪ ،‬كما قال سبحانه‪{ :‬ﯰ‬ ‫وملكه‪ ،‬والفعل‪ :‬أنه يه ِ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [اذلاريات‪ّ ،]47 :‬‬
‫ويوسع ْع من يشاء ف الرزق‪ ،‬قال‬
‫َّ‬
‫‘‪> :‬إ‪،‬ا وسع ا ةأوسعوا<(‪.)3‬‬
‫‪ )58‬ا لطيف‪ :‬من الصفات اثلبوتي‪ :،‬اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬صفة الّبكة‪ :‬من الصفات اذلاتية‪ ،‬والفعلية‪ ،‬انظر بدائع الفوائد (‪ ،)242/1‬وجَّلء األفهام (‪.)167‬‬
‫(‪ )2‬الرضواين (‪.)291‬‬
‫(‪ )3‬ابلخاري (‪.)358‬‬

‫‪286‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )59‬ا كبر‪ :‬من أوصاف اذلاتي‪ ،،‬وكذلك ْع نويع الصفات املنفي‪.،‬‬
‫َّ‬
‫‪ 60‬ه ‪ )61‬ا شنكر وا شكور‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬
‫‪ )62‬العليم‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ ،‬كذلك‪ :‬وـهو تعليمه من‬
‫شاء من الّبية‪ ،‬قال سبحانه‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [الرْحن]‪.‬‬
‫‪ )63‬احلفيظ‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬
‫‪ )64‬األكرم‪ :‬من األوصاف اثلبوتية‪ ،‬اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ ،،‬وْع الصفات‬
‫املنفية‪.‬‬
‫‪ 65‬ه ‪ )66‬األول‪ ،‬اآل ر‪ :‬من الصفات اذلاتي‪.،‬‬
‫‪ )67‬الظنهر‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬والفعل‪ :‬إظهاره احلق للخلق‪ ،‬من‬
‫العلوم العقلية‪ ،‬والرشعية‪ ،‬ونرصه ألويلائه‪ ،‬وإعَّلئهم فوق لك اخلليقة‪.‬‬
‫‪ )68‬ابلنطن‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬والفعل‪ ،‬ـهو "فَّلحتجاب(‪ )1‬احلق‬
‫َّ‬
‫عمن شاء من اخللق"(‪ْ )2‬ع مقتىض حكمته ومشيئته‪.‬‬
‫‪ )69‬املهيمن‪ :‬من أوصاف اذلات‪ ،‬واألةعنل‪.‬‬
‫‪ )70‬احلق‪ :‬من صفات اذلات‪ :‬أنه واجب الوجوب‪ ،‬ادلائم بانلعوت‪،‬‬
‫واألةعنل‪ :‬إحقاقه احلق‪ ،‬ووعده الصدق‪.‬‬
‫‪ )71‬املبني‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬ابلي أمره ف وجوده‪ ،‬ووحدانيته‪،‬‬
‫والفعلي‪ِ :،‬‬
‫املبي لعباده سبل اهلدى والرشاد‬
‫‪ )72‬الفتنح‪ :‬من األوصاف الفعلي‪.،‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬الرضواين (‪.)314‬‬ ‫َّ‬
‫واختصها ف اجلنة ألويلائه فقط‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أي‪ :‬أنه احتجب عن رؤيته ف ادلنيا من لك أحد‪،‬‬

‫‪287‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )73‬اخلبر‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪.،‬‬
‫َّ‬
‫‪ )74‬ا وكيل‪ :‬من األوصاف الفعلي‪.،‬‬
‫‪ )75‬املقيت‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه بمعىن القادر‪ ،‬والفعل‪ :‬أنه‬
‫املوصل األرزاق للك اخلَّلئق‪.‬‬
‫‪ )76‬انلصر‪ :‬من صفات األةعنل‪.‬‬
‫‪ )77‬ا رقيب‪ :‬من صفات اذلات‪.‬‬
‫‪ )78‬ا وارث‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه ابلايق ادلائم‪ ،‬والفعلي‪ :،‬أنه‬
‫ورث من يشاء من الّبية‪.‬‬ ‫الوارث جلميع األشياء‪ ،‬اذلي يه ِ‬

‫‪ )79‬احلسيب‪ :‬من األوصاف اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪.،‬‬


‫‪ 80‬ه ‪ )81‬القنبض‪ ،‬ابلنسط‪ :‬الصفات الفعلي‪.،‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫‪ 82‬ه ‪ )83‬املقدم املؤ ر‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬
‫َّ‬
‫‪ )84‬املننن‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬
‫َّ‬
‫باملعية العامة للك‬ ‫‪ )85‬ا رةيق‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أنه املوصوف‬
‫اخلليقة(‪ ،)1‬والفعلي‪ :،‬تعلقه باملعية اخلاصة(‪ ،)2‬وكذلك رفقه وحلمه بعباده‪.‬‬
‫‪ )86‬احلي‪ :‬من أوصاف األةعنل اَّلختيارية اليت تقوم بمشيئته‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ )87‬ادلينن‪ :‬من أوصاف األةعنل‪.‬‬
‫ًّ‬
‫‪ )88‬املحسن‪" :‬من صفات اذلات‪ :‬إن اكن مشتقا من الفعل الَّلزم‪،‬‬
‫ِ‬
‫واألةعنل‪ :‬إن اكن من أحسن املتعدي"(‪.)3‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬ويه‪ :‬باحلفظ‪ ،‬واتلأييد‪ ،‬وانلرصة‪.‬‬ ‫(‪ )1‬ويه‪ :‬بالعلم‪ ،‬والسمع‪ ،‬واإلرادة‪.‬‬
‫(‪ )3‬الرضواين (‪.)616‬‬

‫‪288‬‬
‫‪‬‬
‫ر ر‬
‫‪ )89‬ا ستر‪ :‬من الصفات الفعلي‪ ،‬اليت يفعلها مىت شاء سبحانه‪.‬‬
‫‪ )90‬ا سيد‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ :،‬أن ل السؤدد‪ ،‬وـهو رشف اذلات‪،‬‬
‫وجَّللة الصفات‪ ،‬والفعلي‪ :،‬أنه الرب‪ ،‬واملول‪ ،‬واحلليم‪.‬‬
‫‪ )91‬ا شنيف‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬
‫‪ )92‬املعطي‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬
‫ر‬
‫‪ )93‬الطيب‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،،‬والفعلي‪ :،‬أنه طيب اجلنة‬
‫ألويلائه‪ ،‬واستطابته تعاىل من الروائح(‪ ،)1‬وْع الصفات املنفي‪.،‬‬
‫ر‬
‫‪ )94‬املسعر‪ :‬من الصفات الفعلي‪.،‬‬
‫‪ )95‬ا ُّس ُّبوح‪ :‬من أوصاف اذلاتي‪ ،‬والفعلي‪ :،‬أنه َّ‬
‫نزه نفسه َّ‬
‫وسبحها‬
‫عن وصف العباد ل‪ ،‬إَّل ما وصف به املرسلون ‪ ،‬وـهذا من الكمه‪ ،‬اذلي‬
‫ـهو صفة ةعلي‪ ،،‬و‪،‬اتي‪ ،،‬ويتضمن كذلك الصفات املنفي‪.،‬‬
‫َ َ‬
‫احلكم‪ :‬من صفات األةعنل‪.‬‬ ‫‪)96‬‬
‫‪ )97‬اجلواد‪" :‬من صفات اذلات‪ ،‬إن اكن تقدير معناه‪ :‬اتصاف الل‬
‫باحلسن اذلايت‪ ،‬والكمال اإلليه‪ ،‬ووصف ةعل‪ :‬إن اكن تقدير معناه‪:‬‬
‫اإلفاضة بانلعم"(‪.)2‬‬
‫‪ )98‬ا وتر‪ :‬من الصفات اذلاتي‪ ،‬ومن الصفات املنفي‪.،‬‬
‫‪ )99‬اإلهل‪ :‬من صفات اذلات‪ ،‬فهو املعبود حبق‪ ،‬للك موجود‪ْ ،‬ع‬
‫الوجوب‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من ريح املسا< ابلخاري (‪ ،)5583‬ومسلم (‪.)1151‬‬ ‫(‪ )1‬كما ف احلديث >وخللوف ةم ا صنئم أطيب عند ا‬
‫(‪ )2‬الرضواين (‪.)681‬‬

‫‪289‬‬
‫‪‬‬
‫الفهرس‬
‫‪ 14‬ـ اجلميل ‪67 .............................‬‬ ‫تقديم الشيخ شعيب األرنؤوط ‪5 .......‬‬
‫‪15‬ـ ‪16‬ــ ‪17‬ــ القـادر‪ ،‬القـدير‪،‬‬ ‫تقــديم ادلكتــور حممــد الســيد‬
‫املقتدر ‪71 ........ ................................‬‬ ‫الطبطبايئ ‪7 ......................................‬‬
‫‪ 18‬ـ العفو ‪74 ...............................‬‬ ‫تقديم ادلكتور بسام الشطي ‪9 ............‬‬
‫‪ 19‬ـ ‪20‬ـ الواحد‪ ،‬األحد ‪78............‬‬ ‫تقديم الشيخ حاي احلاي ‪11..............‬‬
‫‪ 21‬ـ القريب ‪82 ............................‬‬ ‫تقديم ادلكتور عثمان اخلميس ‪13 .....‬‬
‫‪ 22‬ـ املجيب ‪83............................‬‬ ‫املقدمة ‪15 ........ ................................‬‬
‫‪ 23‬ـ ‪ 24‬ـ ‪ 25‬ـ امللـك‪ ،‬املليـك‪،‬‬ ‫املراد بإحصاء األسماء احلسىن ‪19 .....‬‬
‫املالك ‪85 .......... ................................‬‬ ‫الر ِب ‪22 .....................‬‬
‫أنواع صفات َّ‬

‫‪ 26‬ـ الصمد ‪79 ............................‬‬ ‫اسم الل األعظم ‪25 ..........................‬‬


‫‪ 27‬ـ احلميد ‪93 ............................‬‬ ‫وصية عزيزة ‪26 ................................‬‬
‫‪ 28‬ـ املجيد ‪97 .............................‬‬ ‫اسم اجلَّللة الل ‪27 ..........................‬‬
‫‪ 29‬ـ الغن ‪100 ...............................‬‬ ‫‪ 1‬ـ َّ‬
‫الرب ‪31 .....................................‬‬
‫‪ 30‬ـ احلكيم ‪103 ...........................‬‬ ‫‪ 2‬ـ ‪ 3‬ـ الرْحن الرحيم ‪36 ................‬‬
‫‪ 31‬ـ العظيم ‪107 ...........................‬‬ ‫ّ‬
‫الح ‪43 .....................................‬‬ ‫‪4‬ـ‬
‫َ‬
‫‪ 32‬ـ القوي ‪111 ............................‬‬ ‫‪ 5‬ـ القيوم ‪44 ...................................‬‬
‫‪ 33‬ـ املتي ‪115 .............................‬‬ ‫‪ 6‬ـ ‪7‬ـ ‪ 8‬ـ العل األْع املتعال ‪47 .....‬‬
‫‪ 34‬ـ َّ‬
‫السميع ‪117 ...........................‬‬ ‫‪ 9‬ـ الكريم ‪51 ................................‬‬
‫‪ 35‬ـ ابلصي ‪120 .............................‬‬ ‫‪ 10‬ـ الودود ‪56.................................‬‬
‫‪ 36‬ـ ‪ 37‬ـ القاـهر‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫القهار ‪122 ...........‬‬ ‫‪ 11‬ـ ‪ 12‬ـ الغفور‪ ،‬الغفار ‪60 ...........‬‬
‫َّ‬
‫‪ 38‬ـ الوـهاب ‪125 .............................‬‬ ‫‪ 13‬ـ العزيز ‪63 .............................‬‬

‫‪290‬‬
‫‪‬‬
‫‪ 65‬ـ ‪ 66‬ـ األول‪ ،‬اآلخر ‪200...........‬‬ ‫الم ِ‬
‫تكّب ‪128 ............................‬‬ ‫‪ 39‬ـ ه‬
‫َّ‬
‫‪ 67‬ـ الظاـهر ‪202 ...........................‬‬ ‫‪ 40‬ـ املؤمن ‪131 ...............................‬‬
‫‪ 68‬ـ ابلاطن ‪204 ...........................‬‬ ‫الّب ‪134 ...................................‬‬‫‪ 41‬ـ َ‬

‫‪ 69‬ـ املهيمن ‪206 ..........................‬‬ ‫الول‪َ ،‬‬


‫الم مول ‪137 ..............‬‬ ‫َ‬
‫‪ 42‬ـ ‪ 43‬ـ ِ‬
‫‪ 70‬ـ احلق ‪209 ...............................‬‬ ‫ار ‪139 ...............................‬‬ ‫‪ 44‬ـ َّ‬
‫اجلب ه‬

‫‪ 71‬ـ املبي ‪213..............................‬‬ ‫الرؤوف ‪142 .........................‬‬ ‫‪ 45‬ـ َّ‬


‫َّ‬ ‫‪ 46‬ـ َّ‬
‫‪ 72‬ـ الفتاح ‪216 ..........................‬‬ ‫اتلواب ‪147 ..........................‬‬
‫‪ 73‬ـ اخلبي ‪220 ............................‬‬ ‫‪ 47‬ـ ـ احلليم ‪151..........................‬‬
‫َّ‬
‫‪ 74‬ـ الوكيل ‪222............................‬‬ ‫‪ 48‬ـ الشهيد ‪154 ..........................‬‬
‫‪ 75‬ـ ه‬
‫الم ِقيت ‪224..........................‬‬ ‫الرازق ‪158 ..........‬‬ ‫‪ 49‬ـ ‪ 50‬ـ ّ‬
‫الرزاق‪َّ ،‬‬

‫‪ 76‬ـ انلصي ‪226 ..........................‬‬ ‫‪ 51‬ـ ـ القدوس ‪161 ........................‬‬


‫‪ 77‬ـ الرقيب ‪228 .........................‬‬ ‫‪ 52‬ـ ‪ 53‬ـ اخلالق‪ ،‬اخلَّلق ‪164 .......‬‬
‫‪ 78‬ـ الوارث ‪231...........................‬‬ ‫‪ 54‬ـ ابلارئ ‪168...........................‬‬
‫‪ 79‬ـ احلسيب ‪233 ........................‬‬ ‫صور ‪170.........................‬‬ ‫ه‬
‫الـم ِ‬ ‫‪ 55‬ـ‬
‫‪ 80‬ـ ‪ 81‬ـ القابض‪ ،‬ابلاسط ‪236 ....‬‬ ‫‪ 56‬ـ َّ‬
‫السَّلم ‪173 ..........................‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ 82‬ـ ‪ 83‬ـ املقدم املؤخر ‪240 ..........‬‬ ‫‪ 57‬ـ الواسع ‪176 ...........................‬‬
‫َّ‬
‫‪ 84‬ـ املنان ‪242.............................‬‬ ‫‪ 58‬ـ اللطيف ‪181 ........................‬‬
‫الرفيق ‪246 ...........................‬‬‫‪ 85‬ـ َّ‬ ‫‪ 59‬ـ الكبي ‪184 ...........................‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫‪248 ..........................‬‬ ‫‪ 86‬ـ احلَي‬ ‫‪ 60‬ـ ‪61‬ـ الشاكر‪ ،‬الشكور ‪187......‬‬
‫ادليَّان ‪250 ............................‬‬
‫‪ 87‬ـ َّ‬ ‫‪ 62‬ـ العليم ‪191............................‬‬
‫ه م‬
‫المح ِسن ‪252........................‬‬ ‫‪ 88‬ـ‬ ‫‪ 63‬ـ احلفيظ ‪195 .........................‬‬
‫ِ ِ‬
‫‪ 89‬ـ الستي ‪255 ..........................‬‬ ‫‪ 64‬ـ األكرم ‪198 ..........................‬‬

‫‪291‬‬
‫‪‬‬
‫‪ 97‬ـ اجلواد ‪273 ...........................‬‬ ‫‪ 90‬ـ السيِد ‪257 .............................‬‬
‫َّ‬
‫‪ 99‬ـ اإلل ‪279 .................................‬‬ ‫‪ 91‬ـ الشاف ‪258............................‬‬
‫هم‬
‫دَّللـــة األســـماء احلســـىن ْع‬ ‫المع ِطي ‪260 .........................‬‬ ‫‪ 92‬ـ‬
‫صفات الل العَّل ‪282 .......................‬‬ ‫الط ِيب ‪263..........................‬‬‫‪ 93‬ـ َّ‬

‫الفهرس ‪290 ..............................‬‬ ‫الم َس ِعر ‪265 .......................‬‬


‫‪ 94‬ـ ـ ه‬

‫‪ 95‬ـ السبوح ‪267 ........................‬‬


‫َ‬
‫‪ 96‬ـ احلَك هم ‪270 .........................‬‬

‫**‬ ‫**‬ ‫**‬

‫‪292‬‬
‫‪‬‬
‫الفهرس األجبدي لألمساء احلسنى‬

‫احلكيم‪103 ..................................‬‬ ‫األكرم‪198 ..................................‬‬


‫احلليم ‪151 ...................................‬‬ ‫اإلل ‪279 .....................................‬‬
‫احلميد‪93 ....................................‬‬ ‫األول ‪200.....................................‬‬
‫الح‪43 .......................................‬‬ ‫اآلخر ‪200.....................................‬‬
‫احلي‪248 ....................................‬‬ ‫األْع‪47 .....................................‬‬
‫اخلالق‪ ،‬اخلَّلق‪164 ......................‬‬ ‫ابلارئ‪164 ..................................‬‬
‫اخلبي‪220 ....................................‬‬ ‫ابلاسط ‪236 ................................‬‬
‫ادليان‪250 ....................................‬‬ ‫ابلاطن‪204 ...................................‬‬
‫الرب ‪31 ......................................‬‬ ‫الّب ‪134 ......................................‬‬
‫الرْحن الرحيم‪36.........................‬‬ ‫ابلصي‪120 ...................................‬‬
‫الرزاق‪ ،‬الرازق ‪158 ......................‬‬ ‫اتلواب‪147 ..................................‬‬
‫الرفيق ‪246 ..................................‬‬ ‫اجلبار‪139 ...................................‬‬
‫الرقيب‪228 .................................‬‬ ‫اجلميل‪67....................................‬‬
‫الرؤوف ‪142 .................................‬‬ ‫اجلواد‪273 ...................................‬‬
‫السبوح ‪267 ................................‬‬ ‫احلسيب‪233 ...............................‬‬
‫الستي ‪255 ..................................‬‬ ‫احلفيظ‪195 .................................‬‬
‫السَّلم ‪173 .................................‬‬ ‫احلق‪209 ......................................‬‬
‫السميع‪117 ..................................‬‬ ‫احلكم‪270..................................‬‬

‫‪293‬‬
‫‪‬‬
‫القوي‪111 ....................................‬‬ ‫السيد‪257 ...................................‬‬
‫القيوم ‪44 ....................................‬‬ ‫الشاف ‪258 ..................................‬‬
‫الكبي ‪184 ..................................‬‬ ‫الشاكر الشكور ‪187 ....................‬‬
‫الكريم ‪51....................................‬‬ ‫الشهيد‪154..................................‬‬
‫اللطيف‪181.................................‬‬ ‫الصمد‪79 ....................................‬‬
‫الل‪27 .........................................‬‬ ‫الطيب ‪263 .................................‬‬
‫املبي‪213.....................................‬‬ ‫الظاـهر ‪202 ..................................‬‬
‫املتعال‪47 ....................................‬‬ ‫العزيز ‪63....................................‬‬
‫املتكّب ‪128 .................................‬‬ ‫العظيم ‪107 ..................................‬‬
‫املتي‪115 .....................................‬‬ ‫العفو‪74 ......................................‬‬
‫املجيب‪83...................................‬‬ ‫العل ‪47 ......................................‬‬
‫املجيد‪97 ....................................‬‬ ‫العليم ‪191 ...................................‬‬
‫املحسن‪252 ................................‬‬ ‫الغفور‪ ،‬الغفار‪60 .........................‬‬
‫املسعر‪265 ..................................‬‬ ‫الغن‪100 ......................................‬‬
‫املصور‪170 ...................................‬‬ ‫الفتاح‪216 ..................................‬‬
‫املعطي ‪260..................................‬‬ ‫القابض‪ ،‬ابلاسط ‪236 ...................‬‬
‫املقدم‪ ،‬املؤخر‪240 .........................‬‬ ‫القادر‪ ،‬القدير‪ ،‬املقتدر ‪71 ............‬‬
‫املقيت‪224 ..................................‬‬ ‫القاـهر‪ ،‬القهار‪122 ........................‬‬
‫امللك‪ ،‬املليك‪ ،‬املالك‪85 ...............‬‬ ‫القدوس ‪161................................‬‬
‫املنان‪242 ....................................‬‬ ‫القريب ‪82 ..................................‬‬

‫‪294‬‬
‫‪‬‬
‫الواسع ‪176 ..................................‬‬ ‫املهيمن‪206..................................‬‬
‫الودود‪56 .....................................‬‬ ‫املؤمن ‪131...................................‬‬
‫الوكيل ‪222...................................‬‬ ‫انلصي‪226 ..................................‬‬
‫الول‪ ،‬املول‪137 ...........................‬‬ ‫الواحد‪ ،‬األحد‪78.........................‬‬
‫الوـهاب‪125 ..................................‬‬ ‫الوارث‪231 ..................................‬‬

‫‪295‬‬

You might also like