Professional Documents
Culture Documents
تقديم وتقريظ
فضيلة الشيخ العالمة حمدث العصر
شعيب األرنؤوط
أ .د .بسام خضر الشطي أ .د .حممد عبد الرزاق الطبطبائي
رئيس قسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة جبامعة الكويت عميد كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية السابق جبامعة الكويت
تأليف
ماهر مقدم
>عرضت هذه األمساء كلها على املفيت العام للمملكة العربية السعودية
مساحة الشيخ /عبد العزيز آل الشيخ حفظه اهلل ورعاه فأجازها<
C
ا
إال ملن أراد طبعه ،وتوزيعهه انًهن
بدون حذف ،أو إضهنة ،،أو تييهر
ا
هههرا ةلهههه ،ههها ،وهللهههًا ا
ثم هلذا العمل العجيب ا كبر يف هذا ا كتنب كتب ا تعنىل يل اهلداي،
َ
بنتلربع بطبنعته وتوزيعه ىلع انلنس ،حىت ي َروا
ُّ واإلًنب ،،وهلذا ةقد رغبت
َّ
ويتذوقوا حالوة من ةيه من املعنين اجلميل ،،واثلمرات اجلليل ،،ومن لطنئف
تعنىل أن سهل وبسيط ،يستفيد منه اجلميع ،لعل ا
االقرتان ،من رشح ٍ
يهدي به اتلنئهني كمن كتب يل اهلداي ،سبحنًه.
وإًين آمل أن ينترش بني ماليني املسلمني ،كمن اًترش كتنب (حصن
املسلم) ،ألن ةيه أىلع وأعظم األسمنء يف ا وهللود ،وقد كتبت هذ املقدم،،
ر
حىت أشجع إ واين ليشنركوين يف نرش هذا العمل العظيم ،وإًين أشكر اإل وة
يف مكتب ،اذلهيب أصحنب حقوق نرش ا كتنب ىلع مواةقتهم ىلع هذ
ا
را الطبع .،وهللًاكم ا
ﺍ
( ةنعل ر )
َ ا َّ َ َ
اجل َّن َ<،
()1
َ َل َ ا َ ْ َ َ َ َ ْ َا َ ْ َ ْ ا
ني اسمن ،مِنئ ،إِال َواحِدا ،من ح ِفظهن دِ ت ِسع ،وت ِس ِع
َّ
قنل ‘> :إِن
4
5
َّ ً ِ
يلتعبد الل إيضاحا للك مسلم؛ لطائف معانيها وثمراتها؛ مما يزيدـها
ِ ً
بة ل حنو الل َّ
وادلار اآلخرة اليت تعاىل بها ْع بصية ،وتكون مقر
َّ
أعدـها الل تعاىل للمتقي.
تمَّي كتاب األستاذ ماـهر وفقه الل ،أن اعتمد ْع ما َّ
صح وقد َّ
ف ابلاب ،ثم أضىف ذللك ما اختاره من أقوال أـهل العلم ف رشح ـهذه
األسماء والصفات ،وقد سار فيها ْع منهج أـهل السنة واجلماعة،
َ َ ه
لم مسلك اذلي ومعتقد السلف الصالح ف األسماء والصفات ،وـهو ا
َّ
أحقيته وصوابه حبمد الل تعاىل. نعتقد
َّ
وقد وفق الل تعاىل األستاذ املقدم ف كتابه ،فتوالت طبعاته ف
َّ
مدة يسية ،وأرجو الل أن يكون ـهذا من اعجل برشى املؤمن؛ ف
اَّلنتفاع واَّلستفادة مما كتب ،وإين أحثه أن يواصل نشاطه العليم
َّ ه ِ
ويقدم للناس ما ـهو نافع ماتع لإلسَّلم واملسلمي ،وإين أويص لك
مسلم ومسلم ٍة ف قراءة ـهذا الكتاب املبارك إن شاء الل ،ف ابليوت،
ٍ
واملساجد ،واجللسات اإليمانية.
6
7
ـهذه التسعة والتسعي ،وإنما مقصود احلديث أن ـهذه التسعة
والتسعي ،من أحصاـها دخل اجلنة بإحصائهاَّ ،ل اإلخبار حبرص
اسم سميت به األسماء ،وهلذا جاء ف احلديث اآلخر> :أسأ ا بكل ٍ
َّ
ًفسا ،أو استأثرت به يف علم الييب عندك< ،وعلة كونها مائة إَّل
م
واحدة ،ألن الل ِوتر ،حيب الوتر ،قال انلووي :ومعناه ف حق الل
تعاىل الواحد اذلي َّل رشيك ل وَّل نظي ،ومعىن حيب الوتر ،تفضيل
الوتر ف األعمال ،وكثي من الطااعت.
واختلف العلماء ف معىن> :أحصنهن< ،فقيل :أي :حفظها،
وقيل :أيَّ :
مَّي بعضها عن بعض ،وقيل :أي :أطاقها بأحسن املرااعة
ّ
هلا ،واملحافظة ْع ما تقتضيه ،وصدق بمعانيها ،وقيل :أي :عمل بها،
وقيل غي ذلك ،والراجح األول.
وحنن أمام كتاب جامع لطيف ،لألخ الشيخ ماـهر بن مقدم،
بارك الل تعاىل ل ف علمه ،وحرصه ْع مجع الفوائد ف علم
َّ
العقيدة ،وقد أورد فيه ما ترجح دليه ف بابه ،وـهو نافع ف موضوعه،
قدمه بأسلوب مبسط وسلس ،فجزاه الل خي اجلزاء ،ونفع الل
تعاىل بعلمه آمي .واحلمد لل رب العاملي.
ً
عميد لكية الرشيعة وادلراسات اإلسَّلمية ـ جامعة الكويت سابقا
ورئيس املؤتمر ادلول للقضايا اإلسَّلمية املعارصة
أ .دحممد السيد عبد الرزاق الطبطبائي
8
9
ً
ونفيًا ،إثباتا بَّل تمثيل ،ونفيًا بَّل تعطيل.
َّ ِ َّ َ
بصحة وقت شكك فيه املشككون ٍ جاء ـهذا الكتاب ف
األسماء ،وعدم فهم معانيها ،وقلة اَّلرتباط العقدي فيها ،وذللك قال
ابن القيم رْحه الل" :لك من ل مسكة من عقل يعلم :أن فساد العالم
وخرابه ،إنما نشأ من تقديم الرأي ْع الويح ،واهلوى ْع العقل ،وما
قلب إَّل استحكم ـهَّلكه،استحكم ـهذان األصَّلن الفاسدان ف ٍ
َّ
أمة إَّل فسد أمرـها َّ
أتم فساد ،فَّل إلـه إَّل الل ،كم نيف بهذه وَّل
ه
اآلراء من حق ،وأثبت بها من باطل ،وأميت بها من ـهدى ،وأحي بها
ه ه
من ضَّللة ،وكم ـه ِد َم بها من معقل اإليمان ،وع ّمر بها من دين
املتصف بالكمالَّ ،َّ
املزنه عن لك عيب الشيطان" فالل سبحانه وتعاىل
َّ
ومثال ،قد سهل ْع عباده طريق اهلدى ،وقطع املعذرة ،وإزاحة العلة،
والشبهة ،فقال جل جَّلل{ :ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ} [األنفال].
َّ ً
فشكرا للشيخ أيب عبد الرْحن ْع ما قدم ،ووفقه الل تعاىل
َّ
وسدد خطاه ،واحلمد لل رب العاملي.
كتبه أ .د .بسام الشطي
رئيس قسم العقيدة وادلعوة
بكلية الرشيعة ـ جامعة الكويت
اخلميس 1430/10/12ـه ــ 2009/10/1م
10
تقديم الشيخ
11
( )3أن الل تعاىل حيب أسماءه وصفاته ،وحيب ظهور آثارـها ف
خلقه.
َّ
( )4أن الل خلق اخللق وأوجدـهم من العدم ،وسخر هلم ما ف
السماوات وما ف األرض يلعرفوه ويعبدوه.
( )5أن أحد أراكن اإليمان الستة ـهو اإليمان بالل وصفاته
وأسمائه احلسىن.
( )6أن العلم بالل تعاىل أصل العلوم لكها.
( )7أن معرفة الل ومعرفة أسمائه وصفاته جتارة راحبة.
( )8أن العلم بأسماء الل وصفاته ـهو الوايق من الزلل واملقيل
من العرثات.
فهذه مجلة من األسباب العظيمة ادلالة ْع فضل العلم بأسمائه
وصفاته وشدة حاجة العباد إيلها.
جهد تلقريب مثل ـهذا خيا ْع ما بذل من فجزى الل املؤلف ً
ٍ
َ َّ
فالل أسأل أن يرزقنا وإياه سهل ميَّس،ٍ العلم للناس بأسلوب
اإلخَّلص ف القول والعمل ،وآخر دعوانا أن احلمد لل رب العاملي،
وصىل الل وسلم وبارك ْع نبيه حممد وآل وصحبه أمجعي.
كتبه
أبو عمر
حاي بن سامل احلاي
/11ربيع األول 1430 /ـ 2009/3/8م
12
13
به ،اتبع فيه من ـهو أعلم من ومنه من سلف ـهذه األمة(.)1
ً
ذخرا يوم فأسأل الل جل وعَّل أن ينفع به ،وأن جيعلها ل
القيامة .والل أعلم ،وصىل الل وسلم وبارك ْع نبينا حممد.
وكتبه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(القريب) فقد أثبته لك من :ابن القيم ،وابن منده ،واألصبهاين ،وابن حجر ،وسفيان ابن عيينة ،وابن =
السعدي ،وابن باز ،وابن عثيمي ،واألشقر وغيـهم الكثي.
(احلي) فقد أثبته لك من :ابليهيق ،والقرطيب ،وابن منده ،واألصبهاين ،وابن حجر ،وابن القيم ،وابن
السعدي ،وابن باز ،والعثيمي ،واهلراس ،والقحطاين.
َّ
(املحيط) وقد حذفته كما بينت ف املقدمة.
( )1وقد علمت أن لك ـهذه األسماء أجازـها سماحة املفيت العام للمملكة العربية السعودية.
14
املقدمة
أما بعد:
فإن من اكن ف قلبه أدىن حياة ،وطلب للعلم ،أو نهمة للعبادة،
َّ
ينبيغ أن يكون أعظم شغله ،وأجل مقصوده ،معرفة أسماء الل
تعاىل احلسىن ،وصفاته العَّل ،ألنه أرشف العلوم ،وأفضلها مزنلة،
ً
وأعَّلـها ماكنة ،وأجلها رشفا ،فهو الفقه األكّب ف ادلين ،وأسَّم
املراتب ف كمال اإليمان وايلقي ،وذلك أن رشف العلم يعلو برشف
معلومه ،وَّل أرشف وأفضل من العلم بالل تبارك وتعاىل ،بأسمائه
َّ
احلسىن ،وصفاته العَّل ،اليت جاءت ف اآليات والسنة املطهرة ،قال
ابن القيم رْحه الل" :من اكن ف قلبه أدىن حياة ،أو حمبة لربه عز
وشوق إىل لقائه ،فطلبه هلذا ابلاب
ٍ وجل ،وإرادة لوجهه الكريم،
وحرصه ْع معرفته ،وازدياده من اتلبرص ،وسؤال ،واستكشافه عنه:
ّ
ـهو أكّب مقاصده ،وأعظم مطابله ،وأجل اغياته ،وليست القلوب
15
الصحيحة ،وانلفوس املطمئنة إىل يشء من األشياء أشوق منها إىل
معرفة ـهذا األمر ،وَّل فرحها بيشء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة
َ َ َّ
حل احلق فيه ،فإذا أرشقت ْع القلوب أنوار ـهذه األسماء ،اضم
عندـها لك نور ،ووراء ـهذا ما َّل خيطر بابلال ،وَّل تنال عبارة"(.)1
ِ
املتضمنة للصفات العَّل ،يه احلياة فالعلم بأسمائه احلسىن
َ ََ َ َ َّ
اخلي احلقيقية ،اليت َّل أذل وَّل أمجل منها" ،ومن فقد ـهذه احلياة فقد
تعوض من ادلنيا ،بل ليست ادلنيا بأمجعها تعوض عنها بما َّ لكَّه ،ولو َّ
ٌ ً
عوضا عن ـهذه احلياة ،فمن لك يشء يفوت عوض ،وإذا فاته الل ،لم
ّ يه ِ
عوض عنه اليشء ابلتة" ،ألنه لكما اكنت املعرفة بها أتم ،والعلم
()2
بها أكمل ،اكنت اخلشية لل تعاىل أعظم وأكرث ،قال الل العظيم:
{ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ(.)4(})3
َّ َّ
برش ِ
سيد األولي واآلخرين ‘ ،جبنة عرضها السماوات وقد
ً
اسما من واألرض ،ملن أحىص لل تبارك وتعاىل ،تسعة وتسعي
ِ
أسمائه احلسىن تعاىل ،فتسابق العلماء والعارفون ،والصديقون
ً
والصاحلون ،ف لك زمان وماكن ،إىل إحصائها ،أمَّل منهم ف نيل
ادلرجات العَّل ،عند ربهم األْع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2اجلواب الاكف (.)133 ( )1الصواعق املرسلة ( ،)161/1والوابل الصيب (.)64
( )3قال ابن عباس ريض الل عنهما" :اذلين يعلمون أن الل ْع لك يشء قدير" اتلفسي الصحيح ( .)172/4وـهذا
( )4انظر ابن كثي (.)553/3 من فقهه ~.
16
وإن مما يؤسف ل ،أن أكرث املسلمي ايلوم عن ـهذا األمر
ً
كثيا من املسلمي ف مشارق اغفلون ،ومما يؤسف ل كذلك ،أن
األرض ومغاربها ،يتعبدون بأسماء لم تثبت عن الل جل وعَّل ،وَّل
يتعبدون الل بأسماء انترشت من غي ديلل عن رسول ‘ ،وإنما َّ
17
معانيه الرشعية ،ثم ذكر اقرتانه مع أسماء أخر ،وـهذا أصعب وأدق
ما ف ـهذا ابلاب ،ثم ذكر بعض جَّلل ،وثمراته ،فما اكن صوابًا فمن
ً
الل تعاىل ،وما اكن خطأ فمن نفيس ومن الشيطان ،والل تعاىل آمل
أن يهدينا ملا اختلف فيه من احلق بإذنه ،إنه يهدي من يشاء إىل
رصاط مستقيم.
األحد 2009/3/1
/4ربيع األول1430/ـه
18
19
املعرفة ،فإن لك اسم ل ف القلب خاضع لل تعاىل ،املؤمن به أثر
َّ ه
وحالَّ ،ل حي ّصل العبد ف ـهذه ادلار ،وَّل ف دار القرار أجل وأعظم
منها(.)1
األول :داعء مسأل ،وطلب :وـهو سؤال الل تعاىل باسم ما
يناسب ذلك املطلوب ،كأن يقول :امهلل اغفر يل إنك أنت الغفور،
امهلل ارزقن يا رزاق ،أو ادلاعء باسم يدل ف مبناه ومعناه ْع كرثة
الصفات وسعة املعاين ،وادلَّلَّلت ،مثل :الل ،الرب ،الح القيوم،
املجيد ،العظيم ،امللك ،فإن ادلاعء بها يناسب لك مطلوب ومرغوب.
20
ه ً
العبد أن الل سميع بصي عليم ،أثمر ل حفظ وحاَّل ،فإذا علم
لسانه وجوارحه ،وخطرات قلبه ،عن لك ما َّل يريض ربه عز وجل،
ف ظاـهره وباطنه ،وإذا علم أن الل تعاىل جميد ،عظيم ،كبي ،أثمرت
ل السيع تلعظيمه وإجَّلل ،بكل وسيلة رشعية ممكنة.
21
22
ِ
ف سنته ،ويه صفات نقص ف حقه ،تهضاد كمال وجَّلل.
وا صفنت اثلبوتي ،تنقسم كذلك إىل قسمي :صفنت ،ات،
وصفنت أةعنل.
ةصفنت اذلات :يه الصفات اليت َّل تنفك عن الل حبال من
األحوال ،فيه مَّلزمة ذلاته العلية ْع ادلوام ،ف األزل واألبد ،مثل:
ّ
الح ،والعليم ،الوتر). الوجه ،وايلدين ،والعيني( ،ومن األسماء:
وا صفنت الفعلي :،يه الصفات اليت تتعلق بمشيئته وإرادته،
ِ
إن شاء فعلها ،وإن شاء لم يفعلها ،ولك صفات األفعال متعلقة،
وصادرة عن صفات ثَّلث :القدرة الاكملة ،واملشيئة انلافذة،
واحلكمة الشاملة.
ومن أمثلتها :الزنول إىل السماء ادلنيا ،واَّلستواء ْع العرش،
َّ َّ
واملحبة والض ِحك ،والفرح ،والعجب ،والغضب ،والسخط،
ِ
واملسعر). وحنوـها( ،ومن األسماء :الرب ،والرزاق ،والقيوم ،والشاف،
23
اثلنين :صفات ليس هلا سبب معلوم ،مثل :الزنول إىل السماء
ادلنيا لك يللة ،حي يبىق ثلث الليل اآلخر.
وا رصفنت املنفي ،كذ ا ًواعن:
ً َّ َّ
األول :صفنت منفي ،متصل :،وـهو نيف لك ما يناقض صفة من
صفات الكمال اليت وصف الل تعاىل بها نفسه ،أو وصفه بها رسول
َّ ً صىل الل عليه وسلمِ ،
يتصور قيامه وسيم متصَّل؛ ألن املنيف معىن
ِ
اكلسنة ،وانلوم املناف لكمال قيوميته ،اجلهل باذلات املنيف عنها:
املناف لكمال علمه ،الظلم املناف لكمال عدل.
اثلنين :صفنت منفي ،منفصل :،ويه تزنيه الل تعاىل عن أن
ٌ
أحد من خلقه ،ف يش ٍء من خصائصه اليت َّل تنبيغ ل، يشاركه
َّ َّ
ألوـهيته ،والودل ،والصاحبة، كنيف الرشيك عنه ف ربوبيته ،ويف
ً وانلصي ،وغي ذلك ،ه وانلِ ِدَّ ،
وس ِيم منفصَّل؛ ألن املنيف يشء
ِ َّ
منفصل عن اذلات ،وـهو أمر متعلق بها ،لكنه خارج عنها ،فنيف
الودل ،والزوجة ،أشياء منفصلة عن تلك اذلات( .)1ومن األسماء
ادلالة ْع الصفات املنفية( :السَّلم ،والسبوح ،والقدوس ،والصمد)...
َّ َّ
"ومما تقدم يظهر للناظر أن اإلثبات مقصود ذلاته ،وأما انليف
وح مر ٌز وْحاية لإلثبات"(.)2
فهو مقصود لغيه ،فهو حصن ِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر >رشح القواعد املثىل< ( 130ـ َّ )139لبن عثيمي> ،القواعد اللكية لألسماء والصفات< ()158
د .إبراهيم البريكان> ،انليف ف صفات الل عز وجل< أيب حممد سعيداين ( 120ـ .)124
(> )2القواعد اللكية لألسماء والصفات< (.)155
24
25
وصية عزيزة
َّ
إن إحصاء أسماء الل احلسىن مطلب "عظيم انلفعَّ ،ل يلقاه إَّل
ه
أصحاب انلفوس الرشيفة ،واهلمم العايلة"( .)1فهو أول ما ترصف
إيله العناية ،وأرشف ما رصفت فيه األنفس هلذه الغاية ،اذلي عليها
مدار السعادة ،فَّل تزال مرتقيًا ف املعايل ْع قدر حتصيلك هلا،
واتلعبد بمقتضاـها ،تكون لك الزلىف عند الل تعاىل ،ف ادلرجات
العَّل ف جنات املأوى ،فاحرص راعك الل تعاىل أن يكون ّ
ـهمك
ً ًّ
ـهما واحدا ،وـهو إحصاء أسماءه احلسىن ،فاجتهد ف اتلفقه فيه ،ف
يللك ونهارك ،ف حرضك وسفرك ،ف منشطك ومكرـهك ،فإنه سوف
ً
عظيما ف املعرفة ،واملحبة ،والشوق ،والذلة ،واألنس يفتح لك بابًا
يعّب عنه ِ َّ
جل وعَّل ،ما َّل يصفه الواصفون ،وفوق ما ِ
املعّبون. بالل
ً
فإن دخلت فيه ،وفتح لك ابلاب ،فَّل أكون مبالغا إن قلت
لك :رأيت ما َّل عي رأت ،وَّل أذن سمعت ،وَّل خطر ْع قلب برش،
ف ادلنيا واآلخرة.
ألن "صاحب ـهذا احلال ف جنة معجلة ،قبل جنة اآلخرة ،ويف
نعيم اعجل"( )2ليس ل مثيل ف ـهذه ادلار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2رسالة ابن القيم إىل أحد إخوانه (.)29 ( )1بدائع الفوائد (.)205/2
26
املع ٰ
ىن ا ليوي( :ا ) أصله (اإللهه)(" ،)5واإللـه ف لغة
ملعان أربعة يه :املعبود ،وامللجأ ،واملفزوع إيله، ٍ العرب ،أطلق
ً
عظيما ،واذلي حتتار العقول فيه"(.)6 واملحبوب ًّ
حبا
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تعاىل ذو األلوـهية والعبودية للك الّبية:
ً ه ًّ تؤهله قلوب العبادًّ ، ِ
حبا ،وذَّل ،وخوفا، )1فهو تعاىل اذلي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لم ندخله ف ( )99ألنه ـهو األصل ف إسناد األسماء لكها إيله كما سيأيت.
( )3أي (يا الل) انظر جَّلء األفهام (.)117 ( )2اتلوحيد َّلبن منده ( ،)268واألسىن للقرطيب (ص)348
( )5بدائع الفوائد (.)492/1 ( )4مدارج السالكي (.)32/1
( )6منهج جديد دلراسة اتلوحيد للشيخ عبد الرْحن عبد اخلالق (ص ،)12واألسىن ( 348ـ .)351
27
ً
وفزاع إيله ف احلوائج ،وانلوائب. ً
وخضواع، ً
وتعظيما، ً
ورجاء، ً
وطمعا،
حبق ،املستحق للعبادة وحده، )2فهو سبحانه اإلل املعبود ٍّ
28
َو َّسعه ،وَّل تعلَّق به ضعيف إَّل َّ
قواه ،وَّل ذيلل إَّل َّ
أعزه ،وَّل فقي إَّل
مغلوب إَّل نرصه ،فهو اَّلسم ٍ أغناه ،وَّل مستوحش إَّل آنسه ،وَّل
ه ه
اذلي تكشف به الكربات ،وتستزنل به الّباكت ،وجتاب به
ه ه ه
ادلعوات ،وترفع به ادلرجات ،وتستجلب به احلسنات ،وتستدفع به
ِ
السيئات( ،)1فَّل أعظم من جَّلل (الل) تبارك وتعاىل.
َّ
(ا ) االسم األعظم :ذـهب معظم أـهل العلم إىل أن اسم
اجلَّللة (الل) ـهو اَّلسم األعظم( ،)2اذلي إذا هد ِ َ
يع به أجاب ،وإذا هس ِئل
به أعطى ،قال اإلمام الغزايل" :اعلم أن ـهذا اَّلسم أعظم األسماء
التسعة والتسعي ،ألنه دال ْع اذلات اإلهلية اجلامعة لصفات اإلهلية
لكها حىت َّل يشذ منها يشء .)3("...وذلك ملا يل من األدلة:
ه م
( )1أنه أكرث األسماء ِذك ًرا ف القرآن ،حيث ذكر ()2724
ً َّ
مرة( ،)4وافتتح سبحانه به ف كتابه الكريم ثَّلثا وثَّلثي آية.
ِ َّ
( )2أنه اَّلسم الوحيد اذلي ورد ف لك األحاديث اليت أخّب بها
الرسول ‘ أن فيها اسم الل األعظم(.)5
( )3أن الل تبارك وتعاىل يضيف سائر األسماء احلسىن إىل
ـهذا اَّلسم العظيم ،كقول{ :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ}
ه
[األعراف ،)6(]180 :يقال( :الل) الرْحن ،والرحيم ،والقدوس ،والسَّلم...
ً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الكم ابن القيم نقَّل من تيسي العزيز احلميد (ص )30بترصف يسي.
( )3املقصد األسىن (.)37 ( )2انظر >اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص.)130
( )5انظر >اسم الل األعظم< لدلكتور ادلمييج (ص.)130 ( )4أسماء الل احلسىن د .عمر األشقر (.)33
ا َّ
( )6وكما ف احلديث> :إن تسع ،وتسعني اسمن.<...
29
من أسماء الل ،وَّل يقال( :الل) من أسماء الرْحن ،وَّل من أسماء
َّ العزيز ،وحنو ذلك ،ه
فعلم أن اسمه (الل) جل وعَّل مستلزم جلميع
معاين األسماء احلسىن ،دال عليها باإلمجال(.)1
َّ
( )4أنه أكرث ما يدىع الل جل وعَّل بلفظ( :امهلل) ومعناه :يا
الل ،قال احلسن ابلرصي" :امهلل جممع ادلاعء"" ،فإذا قال السائل:
امهلل إين أسألك :كأنه قال :أدعو الل اذلي ل األسماء احلسىن،
والصفات العىل بأسمائه وصفاته"(.)2
( )5أن الل تبارك وتعاىل قبض عنه األفئدة واأللسنة ،فلم
أحد ْع التَّ ِ
سيم به.
ٌ
يتجارس
ً ً
( )6أنه اذلي يفتتح به لك أمر تّباك وتيمنا.
َّ ٌ
( )7أنه متعارف عند اجلميع ،لم تنكره أمة من األمم.
( )8أنه إذا ارتفع من األرض قامت الساعة(.)3
َّ ٌ
اثلمرات :عندما يعلم املؤمن أن الل تعاىل متصف بهذا اَّلسم
ِ
العظيم ،ينبيغ ل أن يقوم حبقه من اتلعبد ،اذلي ـهو كمال احلب ،مع
َّ
كمال اذلل واتلعظيم ،اذلي َّل يشء أطيب للعبد ،وَّل أذل ،وَّل أـهنأ ،وَّل
حمبته تعاىل ،ودوام ذكره ،ف لسانه ،وقلبه، أنعم لقلبه وعيشه ،من َّ
ً ً
ظاـهرا وباطنا ،وـهذا وعقله ،والسيع ف مرضاته واخلشوع واخلضوع ل
ـهو الكمال اذلي َّل أكمل للعبد بدونه "ومن اكن كذلك فقد َّ
تم ل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2بدائع اتلفسي ( 491/1ـ .)493 ( )1مدارج السالكي ( 32/1ـ .)33
( )3انظر :اتلوحيد َّلبن منده ( )268واألسىن (ص 345ـ .)354
30
غناه بالل تعاىل ،وصار من أغىن العباد ،ولسان حال يقول:
مال عن انلاس لكهـم
غنيت بَّل ٍ
وإن الغىن العايل عن اليشء َّل به
َّ
فيال من غىن ما أعظم خطره وأجل قدره"(.)1
31
يشء ،وخالقه ،والقادر عليهَّ ،ل خيرج يشء عن ربوبيته ،ولك َم من
ٌ
ف األرض والسموات ،عبد ل ف قبضته ،وحتت قهره(.)1
)3فهو تعاىل السيد املطاع ،اذلي َّل شبه ل ،وَّل مثل ف سؤدده،
فهو سبحانه اذلي يسوس مربوبه ،ويربيه كيف ،وكما شاء(.)2
َّ
)4فهو سبحانه اذلي رّب مجيع املخلوقات بنعمه ،وأوجدـها
َّ َّ َّ
وأعدـها للك كمال يليق بها ،وأمدـها بما حتتاج إيله ،أعطى لك يش ٍء
ه َّ مَ ّ
الَّلئق بهَّ ،
ثم ـهدى لك خملوق ملا خلق ل ،وأغدق ْع عباده خلقه
ابلقاء .
ٰ
()3 بانلِعم العظيمة ،اليت لو فقدوـها لم يكن هلم
وـهذا اَّلسم اجلليل جيمع الكثي من صفات األفعال" ،بل إنه إذا
ه
فرد يتناول ف دَّلتله ،سائر أسماء الل احلسىن ،وصفاته العليا"(.)4
أ ِ
ٌ
عزيز ف نفوس وهلذا اكن ـهذا اَّلسم العظيم الكبي الشأن،
وقلوب األنبياء ،واألويلاء ،وأول األبلاب ،تلضمنه معاين اجلَّلل
واجلمال والكمال ،هلذا اكن تصدير ادلاعء ف اغلب أدعية القرآن
َّ
الكريم ،وسنة احلبيب ‘ به ،ف ِمن داعء أبوينا عليهما السَّلم:
{ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ}
[األعراف] ،وداعء موىس عليه السَّلم{ :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊ} [القصص ،]24 :وداعء إبراـهيم عليه السَّلم{ :ﯭ ﯮ ﯯ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1األسىن ( ،)394/1مدارج السالكي ( )2( .)34/1انظر :تفسي الطّبي ( ،)62/1ومعارج القبول (.)80
( )3فتح الرحيم امللك ( ،)40واتلفسي ( )39الكـهما للعَّلمة ابن سعدي.
( )4فقه األسماء احلسىن ،د .عبد الرزاق ابلدر (.)79
32
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ} [إبراـهيم] ،وداعء نبيِنا ‘:
{ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ} [املؤمنون] ،وداعء أول
العلم{ :ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [آل عمران ،]8 :وداعء عباد
الرْحن األصفياء{ :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ}
[الفرقان.]74 :
33
َّ * محد مجيع املخلوقنت ٰ
ىلع ربوبيته" :قال تعاىل{ :ﭞ ﭟ
ٌ
إخبار عن ْحد الكون أمجعه ناطقه ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [الزمر] ،ـهذا
وبهيمه لل رب العاملي ،عقيب قضائه باحلق والعدل بي اخلَّلئق
أمجعي ،وهلذا حذف فاعل احلمد من قول> :وقيل< يلفيد العموم
واإلطَّلق ،حىت َّل يسمع إَّل حامد لل تعاىل من أويلائه ومن أعدائه،
َّ
ومن مجيع خملوقاته ،فهو تعاىل املحمود بربوبيته ف ادلنيا واآلخرة،
كما قال تعاىل عن أـهل اجلنة{ :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ
ﮇ ﮈ} [يونس]"(.)1
َّ َّ
ربوبية هللالل ا رب :من هللالل ربوبيته تبارك وتعاىل أنها
ِ
للك العاملي ،قال تعاىل{ :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭶ ﭷ ﭸ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [الشعراء] .والعاملي :لك ما سوى
الل تعاىل( ،)2ومن هللالهلن أنها ربوبية مزنـهة عن لك انلقائص والعيوب
املتضمنة للك كمال وتعظيم ،قال سبحانه{ :ﮠ( )3ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ} [انلحل] ،ويه ربوبية عظمة وجَّلل ،مزنـهة عن الشبيه واملثال،
َّ
ربوبية قال تعاىل{ :ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ} [الواقعة] ،ويه
َّ
جل جَّلل{ :ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ عطف ورْحة ،قال
ﭛ ﭜ ﭝ} [الفاحتة] .وقال تعاىل{ :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ} [يس].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر :تفسي ابن كثي ( ،)75/4الصواعق املرسلة (.)1496/4
( )3ألن التسبيح معناه اتلزنيه ،وـهو إبعاد لك نقص عن املوصوف ،انظر (ص .)263 ( )2ابن كثي (.)53/1
34
َّ
فاقرتان ربوبيته برْحته ،اكقرتان استوائه ْع عرشه برْحته ،قال
َّ
عز شأنه{ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ} [طه] ،فوسع تعاىل لك
سرت ومغفرة ،قال
يشء بربوبيته ،ورْحته( ،)1ومن هللالهلن أنها ربوبية ٍ
تعاىل{ :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [سبأ] ،فدل ْع أن من أخص
صفات ربوبيته الرْحة ،والرأفة ،واملغفرة ،وأنها من موجبات
ربوبيته اجلليلة ،ويه ربوبيَّة عزة ،وقوة ،وغلبة ،ومنعة ،قال
سبحانه{ :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [ص]،
ومن هللالهلن أنها ربوبية كرم ،وعطاء ،وجود بَّل حدود ،قال تعاىل:
{ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [اَّلنفطار].
ومن هللالل ربوبيته أنه "قد استوى ْع عرشه وتفرد بتدبي
ملكه ،فاتلدبي لكه بيديه ،ومصي األمور لكها إيله ،فمراسيم
ِ
اتلدبيات نازلة من عندهْ ،ع أيدي مَّلئكته ف لك ساعة وحي:
خيلق ويرزق ،حيي ويميت ،خيفض ويرفع ،يعطي ويمنع ،يقبض
ويبسط ،يعز ه
ويذل ،يكشف الكرب عن املكروبي ،وجييب دعوة
ِ
املضطرين"( )2فـ{ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} [األعراف].
اثلمرات :ينبيغ للعبد أن يكتيس ثوب العبودية ،وخيلع
ِ
علو َّ
الربوبية ،لعلمه أن ربه ـهو املنفرد بها ،من عن نفسه رداء
ّ
الشأن ،والقهر ،والفوقية( ،)3فيِّب نفسه ْع الطاعة والعبودية لرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1مدارج السالكي (.)35/1
( )3انظر أسماء الل احلسىن ،د .حممود الرضواين (ص.)694 ( )2انظر الصَّلة وحكم تاركها (.)172
35
الّبية ،واتباع انليب ‘ ف لك سننه السنية" ،وأن حيسن تربية من
هجعلت تربيته إيله ،فيقوم بأمره ومصاحله كما قام احلق به" ،ومن
()1
آمن بربوبية الل تعاىل اجلليلة ،ذاق طعم اإليمان اذلي عليه الفَّلح
ف ادلنيا ،ويف ادلار األخروية ،قال ‘،> :اق طعم اإليمنن ،من ريض
ا ا ا
بن ربن وبنإلسالم دينن وبمحمد ‘ رسوال<( ،)2وينبيغ للعبد أن
يتوسل إىل ربه بهذا اَّلسم اجلليل ف لك مطلوب ومرغوب ،فإن
َّ
العلية. اإلجابة من لوازم ربوبيته
36
ئ هلا ،وَّل حدود هلا ،قد )2فبحار رْحته تبارك وتعاىل َّل شاط َ
ِ
َّ
وسعت لك يشءٍ ،ف األرض والسموات العَّل(.)1
" )3فجميع ما ف العالم العلوي والسفل ،من حصول املنافع،
ِ
واملسار واخليات ،من آثار رْحته تعاىل ،كما أن ما رصف عنهم من
ِ
املاكره ،وانلِقم ،والسيئات ،من آثار رْحته تعاىل"(.)2
)4فهو تعاىل أرحم بنا من لك راحم ،أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا
وأوَّلدنا [بل ومن] أنفسنا(.)3
الفرق بني (ا رمحن) و(ا رحيم):
األول :أن (ا رمحن) :أشد مبالغة من (ا رحيم) ،ألن بناء فعَّلن
السعة والشمول ،فهو جيمع لك أشد مبالغة من فعيل ،فهو يدل ْع َّ
َ
معاين الرْحة ،وذللك َّل يهث َّىن وَّل جيمع ،فدل ْع أنه تعاىل ذو الرْحة
ِ
الشاملة ،اليت وسعت لك اخلَّلئق ف ادلنيا ،إنسهم وجنهم ،مؤمنهم
واكفرـهم ،فما من موجو ٍد ف ـهذا الوجود ،إَّل وقد شملته رْحته ،أما
(ا رحيم) :فهو ذو الرْحة الواسعة للمؤمني يوم ادلين ،فاكن
للمؤمني احلظ وانلصيب األكّب من ـهذين اَّلسمي ف ادلارين(.)4
اثلنين :أن (ا رمحن) دال ْع الصفة اذلاتية ،اليت َّل تنفك عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2انظر فتح الرحيم امللك (.)15 ( )1قال سبحانه{ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [األعراف.]56 :
( )3تفسي ابن السعدي (.)405
( )4كما ف احلديث ...> :ةيكملهن منئ ،رمح ،ألويلنئه يوم القينم <،صحيح ْع رشط الشيخي ،انظر "زوائد
املوطأ واملسند" صالح الشايم (.)53/1
37
الل تعاىل ،و(ا رحيم) دال ْع الصفة الفعلية اليت تتعلق بمشيئته.
ٌ
اثلنلث :أن (ا رمحن) :خمتص به َّل جيوز أن ي ه َس ََّّم به أحد غي
الل تعاىل ،وَّل يوصف به غيه ،قال تعاىل{ :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ} [اإلرساء ،]110 :فعادل به اسم
اجلَّللة (الل) ،اذلي َّل يرشكه فيـه غيه .أمـا (ا رحيم) :فيوصف بــه
املخلوق ،قال تعاىل ف وصف انليب ‘{ :ﮬ ﮭ ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ} [اتلوبة] .ـهذا إن ذكرا ً
مجيعا ،أما إن ()1
ً
ذكر أحدـهما منفردا عن اآلخر فهو متضمن ل(.)2
ٰ
تعنىل لعبند : * أًواع رمحته
ا
أوال :رمح ،اعم :،ويه جلميع اخلَّلئق ،فلك اخللق مرحومون
برْحة الل تعاىل ،بإجيادـهم وتربيتهم ،ورزقهم ،وإمدادـهم بانلعم
والعطايا ،وتصحيح أبدانهم ،وتسخي املخلوقات واجلمادات هلم،
ه ه
وغي ذلك من انلعم ،اليت َّل تعد وَّل حتىص.
ا
ثنًين :رمح ،نص :،اليت تكون بها سعادة ادلنيا واآلخرة ،ويه َّل
ِ
تكون إَّل خلواص عباده املؤمني ،فيْحهم تعاىل ف ادلًين :بتوفيقهم
إىل اهلداية إىل الرصاط املستقيم ،وينرصـهم ْع أعدائهم ،ويدفع عنهم
الرشور واملهالك واملصائب ،ويرزقهم احلياة الطيبة انلافعة ،اليت تعود
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر ـهذه الفروق :تفسي الطّبي ( ،)84/1لسان العرب ( ،)230/1احلجة ف بيان املحجة ( ،)125/1بدائع
( )2تفسي سورة النساء َّلبن عثيمي (.)11/1 الفوائد ( ،)24/1األسىن للقرطيب (.)476
38
عليهم باملنافع ادلنيوية ،وادلينية( ،)1وتتجىل ف اآل رة :ف أْع
مظاـهرـها وكماهلا ،ف السعادة األبدية ،ف دخوهلم جنات الل تعاىل
ِ َّ
العلية ،واتلمتع برؤية رب الّبية(.)2
ٰ
استوى :يقرن الل تبارك وتعاىل استواءه * ا رمحن ٰ
ىلع العرش
ً
كثيا ،قال تعاىل{ :ﭾ ﭿ ﮀ ْع العرش بهذا اَّلسم اجلليل
ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ} [الفرقان] ،وذلك أن العرش ـهو
أعظم املخلوقات ْع اإلطَّلق ،املحيط بها من مجيع اجلهات ،والرْحة
حميطة جبميع اخلَّلئق ،وسعت من ف األرض والسموات ،فاستوى ْع
أوسع املخلوقات ،وـهو عرشه ،بأوسع الصفات ،ويه رْحته(.)3
اخللق ،كتب ٰ
قىض ا * رمحته سبقت غضبه :قال ‘> :ملن
َّ كتنب ةهو عند ،موضوع ٰ
ىلع العرش :إن رمحيت تيلب()4 ٍ يف
غضيب<(" ،)5وـهذا الكتاب العظيم الشأن ،اكلعهد منه سبحانه
للخليقة لكهم ،بالرْحة هلم ،والعفو عنهم ،واملغفرة واتلجاوز والسرت،
واإلمهال واحللم ،فاكن قيام العالم العلوي والسفل ،بمضمون ـهذا
الكتاب ،اذلي لوَّله لاكن للخلق شأن آخر"(.)6
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ} [يونس] ،اقرتن ف كتاب الل تعاىل بي اسم (ا رحيم) مع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر جمموع الفتاوى ( ،)79/8وشفاء العليل ( ،)263أحاكم من القرآن ( )184 ،25/1ابن عثيمي.
( )2كما جاء ف احلديث القديس عن اجلنة..> :أًت رمحيت ،أرحم با من أشنء< ابلخاري ( ،)4569مسلم (.)2846
( )3انظر مدارج السالكي ( ،)34/1خمترص الصواعق املرسلة (.)121/2
( )4ويف رواية( :سبقت غضيب) )5( .ابلخاري ( ،)7404مسلم ( )6( .)2751خمترص الصواعق املرسلة (.)303
39
ً
موضعا ،فدل ـهذا اَّلقرتان ْع مزيد من (اليفور) ف اثني وسبعي
صفات الكمال ،إضافة ْع الكمال ف لك اسم بمفرده ،ففيه "تكثي
طرق اتلعظيم للمحمود سبحانه ،بتكثي صفات كمال ،ادلالة ْع
عظمته"( :)1فمن ذلك" :أن مغفرة الل تعاىل لعبده ،مع استحقاقه
للعقوبة بمقتىض عدل ،إن ـهو إَّل أثر من آثار رْحة الل تعاىل ،وـهذا
من مقتىض رْحته اليت كتبها ْع نفسه ،وإَّل لاكن مقتىض العدل،
أن يؤاخذ العبد ْع ذنبه ،كما جيزيه ْع صالح عمله"(. )2
وا كمنل اآل ر :أن املغفرة ختلية عن اذلنوب ،اليت بها زوال
املكروه ،والرْحة حتلية ،أي :بها حصول املطلوب ،وـهو انلعمة،
واإلحسان( ،)3هلذا قدم سبحانه (اليفور) ْع (ا رحيم) وـهو أول
بالطبع :ألن املغفرة سَّلمة ،والرْحة غنيمة ،والسَّلمة تطلب قبل
الغنيمة ،فجمع بينهما لفائدة عظيمة ويه :اجلمع بي الوقاية ،ويه:
انلجاة من لك مرـهوب ،والعناية :اليت بها حصول لك مرغوب(.)4
( )2قال تعاىل{ :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [احلج] ،دل ـهذا اَّلقرتان ْع اغية
الكمال من الرْحة لعباده ،وأْع درجاتها ،فلوَّل رأفته ويه :أشد
ً
الرْحة ،وأبلغها ،ما أبىق الل أحدا من الكفرة ،والفجرة ،والظلمة
َّ
يدب ْع األرض ،لكن لشدة رْحته أن أبقاـهم ْع ذنوبهم ،ويسبغ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1القواعد اللكية لألسماء والصفات عند السلف .د .إبراـهيم الّبيكان (.)91
( )2ولل األسماء احلسىن ،عبد العزيز بن نارص اجلليل ( )3( .)147أي من لوازم الرْحة ومقتضاـها.
( )4انظر بدائع الفوائد ( ،)112/1تفسي آل عمران ( ،)515 ،193/1والنساء ( )102/2للعَّلمة ابن عثيمي.
40
عليهم آَّلءه وإنعامه ،وإمهال ،كذلك إمساكه السموات أن تقع ْع
األرض ،إن ـهو إَّل أثر من آثار رْحته سبحانه.
لق منئ، هللالل ا رمحن ا رحيم :من جَّلهلما> :أن ا
رمح ،،أًًل منهن رمح ،واحدة بني اجلن واإلنس ،وابلهنئم ،واهلوام،
ةبهن يتعنطفون ،وبهن يرتامحون ،وبهن تعطف ا وحش ٰ
ىلع ودلهن،
ا َّ
وأ ر ا تسعن وتسعني رمح ،،يرحم عبند يوم القينم ،<،ويف لفظ:
>لك رمح ،طبنق من بني ا سمنء واألرض<( .)1فاشرتك لك اخلَّلئق بهذه
ً
الرْحة ،واستأثر الل جل جَّلل املؤمني بتسعة وتسعي رْحة يوم
القيامة ،فاكنت هلم الرْحة اتلامة ،ف ادلنيا واآلخرة.
عمت حىت الاكفر" ،فإنه تعاىل قرن الرْحة مع ومن هللالهلن أنها َّ
41
رْحة ضعف وذلة اكلّبية ،قال الل العظيم{ :ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ} [الشعراء].
ومن هللالهلن" :أنه تعاىل أوجب ْع نفسه الرْحة ،وـهو إجياب
تفضل وإنعام ،ليس إجياب استحقاق ،قال تعاىل{ :ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ} [األنعام.)1("]54 :
ٰ
تعنىل :أنها َّل تقترص ْع املؤمني فقط ،بل ومن هللالل رمحته
ً
تكريما هلم ،قال تعاىل{ :ﯛ تمتد لتشمل ذريتهم من بعدـهم،
ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ
ﯱ ﯲ} [الكهف.)2(]82 :
ومن هللالهلن :أنه كما "خلق اجلنة برْحته [كذلك أنه خلق] انلار
ً
أيضا برْحته ،فإنها سوطه اذلي يسوق به عباده املؤمني إىل جنته،
ِ
ويطهر بها أدران املوحدين من أـهل معصيته ،وسجنه اذلي يسجن فيه
أعداءه من خليقته"(.)3
ٌ
ومن هللالل رمحته :أنها تتضمن أنه َّل يهلك عليه أحد من
املؤمني ،من أـهل توحيده َّ
وحمبته . ()4
َّ
اثلمرات :إن ـهذين اَّلسمي يثمران جتريد حمبة الل عز وجل،
وعبودية الرجاء واتلعلق برْحة الل تعاىل ،واتلعرض لألسباب اليت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية ملعايل الشيخ صالح آل الشيخ (.)359/1
( )4الصَّلة َّلبن القيم (.)174 ( )3اجلواب الاكف (.)168 ( )2أسماء الل احلسىن د .الرضواين (.)240
42
تستوجب رْحته تعاىل اخلاصة اليت من أعظمها ،طاعة الل تعاىل
ورسول ‘ {ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ} [آل عمران]،
وامتَّلء القلب بالرْحة والعطف مع اإلنسان ،واحليوان ،قال ‘:
>ا رامحون يرمحهم ا ،ارمحوا من يف األرض ،يرمحكم من يف ا سمنء<(،)1
ُ
وقال ‘ وـهو ْع املنّب> :ارمحوا ترمحوا ،واغفروا ييفر لكم<(.)2
43
( )4وـهو اذلي به َح َيا لك ّ
يح ،فهو اذلي حيي األجسام بعد العدم
وحييىي انلفوس بنور اهلدى واإليمان بعد اجلهل.
( )5ومن كماهلا :أنه تعاىل اكمل القدرة ،نافذ اإلرادة ،واملشيئة ،ف
ِ
وحي(َّ )1ل يعىص عليه أمر مهما يكون. ٍ وقت
ٍ لك
هللالل اليح :أنه جيمع لك صفات اذلات وـهو أصلهاَّ ،ل
تفوته صفة كمال ابلتة :من السمع ،وابلرص ،والعلم ،واإلرادة،
واملشيئة ،والالكم ،وسائر صفات الكمال(.)2
44
والسموات ،فَّل بقاء هلا ،وَّل صَّلح إَّل به سبحانه ،فيه فقية إيله
من لك وجه ،وـهو غن عنها من لك وجه ،حىت العرش وْحلته ،فإن
العرش إنما قام بالل ،وْحلة العرش ما قامت إَّل بالل تعاىل.
( )3وـهو سبحانه القائم ْع لك العوالم ،العلوي ،والسفل ،وما
فيهما من خملوقات ،ف مجيع أحواهلم :بتدبيـهم ،وأرزاقهم ،وحفظهم،
وقت وحي.
ويف لك شؤونهم ،بالعناية والراعية ،ف لك ٍ
( )4وـهو ابلايق اذلي َّل يزول وَّل حيول ،ادلائم ف ديمومته
بالكمال واجلَّلل ،ف لك األحوال :بذاته ،وصفاته ،وأفعال ،وسلطانه.
( )5وقيامه تعاىل بتدبي اخلَّلئق وترصيف لك أمورـهم بتمام
العدل ،والقسط ،قال الل العظيم{:ﭮ ﭯ} [آل عمران.]18 :
( )6ومن تمام قيوميته :أن قامت السموات واألرض واستقرتا
وثبتتا بأمره ،وقدرته ،بَّل عمد يعمدـهما(.)1
من لطنئف االقرتان :يقرن الل تبارك وتعاىل بي (اليح)
ِ
و(القيوم) ف كتابه ،ألن عليهما مدار األسماء احلهسىن لكها ،وترجع
َ َّ
يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضم ٍن، معانيها إيلهما ،فهما
َ
وأصدقه ،ويدل ْع بقائها ،ودوامها ،بنهاياتها ،وحقائقها ْع الكمال
ً ً
األقىص ،وانتفاء انلقص والعدم عنها ،أزَّل وأبدا:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :جامع ابليان ( ،)388/5اشتقاق أسماء الل ( )105اتلوحيد َّلبن منده ( ،)84/2الآللئ
ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية ( ،)237/1تفسي ابن السعدي (.)303/5
45
َ َّ ُّ
فكمال األوصاف ف (اليح) ،وكمال األفعال ف (القيوم)( ،)1فدَّل
َ َّ
أجل منها ،وكمال صفات اذلات، ْع كمال اذلات اليت َّل أكمل وَّل
واألفعال ،اليت َّل أْع منها" ،اذلي فيهما الكمال اذلايت والكمال
السلطاين" " .فانتظم ـهذان اَّلسمان صفات الكمالَّ ،
أتم انتظام" .
()3 ()2
عد ٌَّ
مجع من أـهل العلم( )4أنهما اسم الل األعظم(.)5 هلذا
هللالل (القيوم) :أنه جامع جلميع صفات األفعالَّ ،ل يتعذر
عليه فعل ممكن ،اكخللق ،والرزق ،واإلنعام ،واإلحياء ،واإلماتة(.)6
َّ
اثلمرات :إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يثمران للعبد اتلولك
ْع الل ،واَّلستسَّلم ل تعاىل ف ظاـهره ،وباطنه ،ف رغبته ورـهبته،
قال سبحانه وتعاىل{ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ } [الفرقان ،]85 :ومن داعء انليب ‘ >امهلل ا أسلمت ،وبا
آمنت ،وعليا تولكت ،وإيلا أًبت ،وبا نصمت ،امهلل إين أعو،
ُ ُ بعًتا ال إلهه إال أًت أن ت ُ ِضلَّين ،أًت ُّ
اليح اذلي ال يموت ،واإلنس َّ
ُّ
جلن يموتون<(.)7 وا ِ
وهلذين اَّلسمي الكريمي تأثي خاص ف إجابة ادلعوات(،)8
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1جمموع الفتاوى ( ،)311/18رشح العقيدة الطحاوية ( ،)125األسىن (.)378
( )3رشح العقيدة الطحاوية (.)125 ( )2رشح العقيدة الواسطية ،ابن عثيمي (.)166/1
( )5جمموع الفتاوى ( ،)311/18ومدارج السالكي ( )4اكبن تيمية وابن القيِم وغيـهما.
ً
( .)488/1كما جاء أن انليب ‘ سمع رجَّل يدعو فقال> :امهلل إين أسأ ا بأن ا احلمد ،ال هلإ إال أًت،
َ َّ
املننن ،ين بديع ا سمنوات واألرض ،ين ،ا اجلالل واإلكرام ،ين ُّ
يح ين قيوم< فقال ‘> :لقد سألت ا بنسمه
ٰ ُ ُ
أعطى< سلسلة األحاديث الصحيحة (.)3411 األعظم ،اذلي إ،ا ديع به أهللنب ،وإ،ا سئل به
( )7مسلم (.)2717 ( )6اتلبيان ( ،)205والصواعق املرسلة (.)2290
( )8كما ف احلديث السابق اذلكر ،أنهما مظنة اَّلسم األعظم ،انظر ص .29
46
أمر َّ
(أـهمه) ٌ وكشف الكربات ،وإاغثة اللهفات ،فقد اكن ‘ إذا حزبه
قال> :ين ُّ
يح ين قيوم ،برمحتا أستييث<( ،)1وتكفي اذلنوب والسيئات
العظام ،قال ‘> :من قنل :استيفر ا العظيم اذلي ال هلإ إال هو
َ ُ
اليح القيوم ،وأتوب إيله ،غ ِف َر هل ،وإن اكن ة َّر من ا ًحف<(. )2
املع ٰ
ىن ا ليوي :العلو :السمو واَّلرتفاع ،ويطلق ْع العظمة
واتلمجيد ،واتلجّب( ،)3ويأيت بمعىن :الغلبة ،والقهر( ،)4والع ُّ
ل:
ًّ
علوا :إذا ارتفع، ِ
العلو ،يقال :عَّل يعلو الرفيع ،وـهو مشتَق من
وأعجز من رامه ،ول معنيان :أحدـهما :علو املاكن ،واثلاين :علو
األىلعْ :ع وزن أفعل اتلفضيل ،وـهو اذلي ارتفع عن غيه،
ٰ املاكنة ،و
َّ ِ
العلو مجيعها ،فدل ْع
()6 وفاقه ف وصفه ،فهو جيمع معاين ()5
اتلفضيل املطلق ف العلو ،واملتعنيل :من العلو ،أي املرتفع ،وـهو يدل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2صحيح الرتغيب والرتـهيب (.)1622 ( )1صحيح اجلامع (.)2290
( )3ومنه قول تعاىل{ :ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ} [القصص.]4 :
( )4ومنه قول تعاىل{ :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ} [املؤمنون.]91 :
( )5لسان العرب ( 3088/5ـ ،)3091معجم مقاييس اللغة ( 112/4ـ ،)120األسىن (.)201
( )6اتلفسي الكبي َّلبن تيمية (.)135/6
47
ْع كمال العلو ،ونهايته ،وصيغت الصفة بصيغة اتلفاعل ،لدلَّللة
ْع أن العلو صفة ذاتية لَّ ،ل غيه(.)1
ً
ومعىن متقارب، اشتقاق واحد، دلت ـهذه األسماء اجلليلة ْع
ٍ
ِ
العلو" ،وأعظم املباينة ،وأجلها ،وأكملها"( ،)2املطلق فتدل ْع كمال
ه
لل من مجيع الوجوه ،فَّل أحد حييص أفراد كمال علوه إَّل ـهو تعاىل.
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو العل األ ٰ
ىلع املتعنل: املع ٰ
( )1اذلي ل علو اذلات (املاكن) :أي أنه تبارك وتعاىل عل
ِ
مستو ْع عرشه ،فوق مجيع خلقه ،قال
ٍ يشء، لك بذاته أْع من
تعاىل{ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ( )3ﮍ} [طه].
( )2وعلو القدر (املاكنة) :أي علو الصفات ،وعظمتها ،فلك
صفة من صفاته تعاىل ل من الكمال أعَّلـها ،واغيتها من لك الوجوه،
فَّل يقاربها صفة أحد ،وَّل يقدر أحد من اخلَّلئق من َّ
أوهلم إىل
ِ
آخرـهم ،من إنسهم وجنهم ،أن حييطوا بمعاين صفة من صفاته
الكمال العَّل ،قال تعاىل{ :ﮘ ﮙ ﮚ} [انلحل.]60 :
( )3وعلو القهر والغلبة :فهو سبحانه الغالب اذلي َّل يهغلب،
والقاـهر اذلي َّل يهقهر ،فلك املخلوقات حتت قهره ،وسلطانه ،خاضعون
ِ
لعلوه سبحانه ،قال تعاىل{ :ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام.]18 :
( )4املتعايل عن الشبيه ،وانلظي ،واملثيل ،جلت صفاته أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2الصواعق املرسلة (.)338/4 ( )1بدائع الفوائد ( ،)159/2تفسي الطاـهر بن اعشور (.)274/15
( )3أي :عَّل وارتفع كما يليق بكمال وجَّلل .الطّبي (.)184/5
48
شبها ،وتعالت ذاته أن تشبه من اذلوات شيئًا.
تقاس بصفات خلقه ً
( )5وـهو اذلي عَّل عن لك عيب ،ونقص ،وسوء ،ورشَّ ،
مزنه
عنه من مجيع وجوـهه ،لكمال سبحانه ْع اإلطَّلق.
( )6وـهو العل عن لك كمال يساويه ،أو يقرب منه ،أو يدانيه،
ألنه ليس فوقه ما جيب ل من املعاين اجلَّلل والكمال أحد.
يستحق العبادة إَّل
ِ ( )7املتعايل عن لك الرشيك ف عبادته ،فَّل
ـهو ،قال تعاىل{ :ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ} [املؤمنون].
( )8وـهو املتعايل عن الرشيك ف ربوبيته ،فليس ل ظهي ،وَّل
ً
معي ،وَّل ول من اذلل ،وَّل نصي من خلقه أحدا.
( )9وـهو اذلي تعاىل عن الصاحبة ،والودل ،قال تعاىل{ :ﭪ
ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [اجلن].
َّ
( )10وـهو اذلي جل عن إفك املفرتين ،واملبطلي ،وإحلاد
كبيا ،قال تعاىل{ :ﮋ ً امللحدين ف حقه سبحانه وتعاىلًّ ،
علوا
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [اإلرساء].
َّ
( )11وـهو اذلي تعاىل أن حياط به وصف الواصفي ،وجل عن
لك ثناء ،فهو أعظم ،وأجل ،وأْع مما يهثىن عليه.
( )12وـهو تعاىل أْع من أن يدركه اخللق باألبصار الفانية بَّل
حجاب ،فليس لكمال ِ
علوه تعاىل حد ،وَّل عد ،وَّل نِد. ()1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :اللسان ( ،)3089/4معجم مقاييس اللغة ( 112/4ـ ،)120تفسي الطّبي (،)406/5
اتلفسي الكبي ( 135/6ـ ،)140جمموع الفتاوى ( 119/16ـ ،)124انلونية ( ،)213/2األسىن (.)213/2
49
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ}
[الشورى] ،ذلك أن العل من اخللق قد يتفق علوه ،وَّل تصحبه ف ِ
علوه
بالقهر،
ِ مستعل
ٍ حكمة ،فكم من ع ٍّ
ل وـهو سفيه ،ظالم ،جهول،
وابلطش بغي احلق ،أما الرب فعلوه سبحانه املطلق من لك الوجوه،
علية ،شاملة ف مجيع أفراد ِ
علوه ،وهلذا قال سبحانه مقرون حبكم َّ
ٍ ٍ
وتعاىل{ :ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ} أي :بليغ ف ـهاتي الصفتي،
فعلوه تعاىل ف ذاته عن حكمة ،وعلوه ف قهره لعباده عن حكمة،
وعدم إدراك اخللق ل باألبصار حلكمة ...إَّل ما َّل نهاية.
ىلع املتعنل :أنها تدل ْع صفة العلو اذلاتية هللالل العل األ ٰ
َّ ً ً
العلية ،فهو لل تعاىل ،اليت َّل تنفك عنه أزَّل وأبدا ،ويه من لوازم ذاته
ِ اعل ْع خلقه ْع ادلوام ،ةمن هللالل ر
علو تعاىل ْع لك يشء ،أنه َّل ()1 ٍ
خيىف عليه يشء ،من عرشه إىل قرار أرضه ،يسمع ويرىَّ ِ ،
الَّس
ِ
بالعلو األْع. وانلجوى ،ويزنل لك يللة إىل السماء ادلنيا ،وـهو
فهو سبحانه "فوق مجيع خلقه ،مباين هلم ،وـهو مع ـهذا َّ
مطلع ْع
ِ
أحواهلم ،مشاـهد هلم ،مدبِر ألمورـهم الظاـهرة وابلاطنة ،متلكم بأحاكمه
القدرية ،وتدبياته الكوينة ،وبأحاكمه الرشعية"(.)2
َّ
وفوقيته اثلمرات :من شهد مشهد ِ
علو الل تعاىل ْع خلقه،
لعباده من لك الوجوهَّ ،
وتعبد بمقتىض ـهذه الصفة العلية ،يصي لقلبه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أما استواؤه ْع العرش :فهو صفة فعلية تتعلق بمشيئته .انظر جمموع الفتاوى (.)68/6
( )2توضح الاكفية الشافية (.)116
50
ً ً ً
صمدا يعرج القلب إيله ناجيًا ل مطرقا ،واقفا بي يديه( ،)1ف
السؤال ،والرغبة ،والرـهبة ،واذلل ،واملحبة ،ويتجىل ـهذا املشهد للعبد
عند سجوده ،وتسبيحه تعاىل بعلوه املطلق اذلي ـهو ف اغية اذلل
ّ
للعبد ،واغية العزة واملجد للرب ،فَّل يزال العبد يعلو بعز العبودية،
اليت َّل ّ
أعز منها ف لك الوجود ،إىل أن يصل إىل دار اخللود.
والكريم ـهو :اذلي ل لك كمال وصفات ،فهو اجلامع ألنواع اخلي ،والرشف،
والفضائل( ،)3ويطلق ْع اليشء احلسن املحمود ،يوصف بالكرم(،)4
والكريمَّ :
الصفوح ،ويأيت بمعىن العزيز ،أي :اذلي َّل يهغلب .
()6()5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1طريق اهلجرتي ( )82بترصف.
( )2كما قالت بلقيس عن كتاب سليمان عليه السَّلم{ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} [انلمل].
( )3ومنه احلديث> :إن ا كريم بن ا كريم يوسف بن يعقوب< ألنه اجتمع ل رشف َّ
انلبوة ،والعلم ،واجلمال.
( )4قال تعاىل{ :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ} [الشعراء] ،وقال تعاىل{ :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
هه
أكرمه بالضم :إذا غلبته فيه. (" )5يقال :اكرمت الرجل :إذا فاخرته ف الكرم ،فكرمته ﭱﭲ} [يوسف].
( )6األسىن للقرطيب ( 99/1ـ ،)112جمموع الفتاوى ( ،)294/16خمتار الصحاح ( ،)308اشتقاق أسماء الل (.)176
51
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه ـهو ا كريم اذلي َّل أكرم منه:
( )1فهو أكرم األكرميَّ ،ل يوازيه أي كريم ،وَّل يعادل فيه نظي.
()2وـهو تعاىل ابليه :الكثي اخلي ،العظيم انلفع ،اذلي َّل ينقطع.
َّ ( )3وـهو سبحانه الكريمَّ :
الصفوح اذلي يعفو عن عبده الزَّلت،
ه ِ ِ ِ
وييَّس ل سبل األوبة واخليات. بل ويبدل سيئاته حسنات،
( )4وـهو تعاىل دائم اخلي ،بَّل انقطاع وَّل انتهاء ،يبدأ بانلعمة
قبل اَّلستحقاق ،ويعطي قبل ادلاعء ،ويبتدئ باإلحسان من غي
طلب اجلزاء ،ويعطي ما زاد ْع منتىه الرجاء ،وَّل يبايل كم
أعطى ،وملن أعطى.
( )5وـهو تعاىل الكريم :العزيز ،املنيع ،العظيم اجلناب ،الغالب
اذلي َّل يهغلب ،وَّل يهرام جنابه ،وَّل يوصل إىل كنه ذاته.
( )6وـهو الكريم :ل رشف اذلات ،وكمال الصفات ،والزناـهة
كرموا من وجه،عن لك انلقائص واآلفات ،خبَّلف اخللق ،فإنهم إن ه
ه
سفلوا من وجه آخر ،وبيق الكريم بالكمال من لك وجه واعتبار.
( )7والل تعاىل الكريم :اذلي ل قدر عظيم ،وخطر كبي ،ليس
ل مثيل ،وَّل عديل ،فَّل يساميه أحد ف كمال قدره وشأنه.
( )8ومن كرمه اذلي ليس ل حدود ،وَّل مقيد بقيود :أنه تعاىل
يسرت مساوئ األخَّلق( ،)1بإظهار معايلها مع ما فيها من العيوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :مفتاح دار السعادة ( ،)241/2اتلبيان ف أقسام القرآن ( ،)286شأن ادلاعء (،)71
اشتقاق أسماء الل ( ،)302األسىن ( ،)121/1نظم ادلرر للبقايع (.)228/5
52
من لطنئف االقرتان )1( :اقرتن ـهذا اَّلسم اجلليل باسم
ٌ
كريم يستحي إ،ا رةع ا رهللل إيله احلي) قال ‘> :إن ربكم ُّ
حي ( ر
ِ
َ َّ ُ َّ ُ ُ ا
زائد ف الكمال،يديه ،أن يردهمن صفرا نئبتني<( ،)1فدل ْع معىن ٍ
وـهو أن حياءه تعاىل ـهو ترك ما ليس يتناسب مع سعة كرمه وجوده،
َّ
فدل ْع أن حياءه حياء كرم ،وبر ،وجَّلل ،وجود بَّل حدود(.)2
( )2اقرتن بصفة الكمال (ا وهلله) اذلاتية ،كما جاء عن انليب
العظيم ،وبوهللهه ا كريم، ‘ أنه إذا دخل املسجد ،قال> :أعو ،بن
وسلطنًه القديم من ا شيطنن ا رهلليم<( ،)3فإن من معاين الكريم
كما سبق :اجلامع ألنواع اخلي ،والرشف ،والفضائل ،املوصوف بغاية
َّ احلسن ،واجلمال ،وابلهاءَّ ،
املزنه عن انلقائص واآلفات ،فدل ـهذا
اَّلقرتان ْع أن وجه الل تبارك وتعاىل اذلي ـهو من صفات اذلات،
موصوف بأْع صفات الكمال ،من اغية احلسن ،وابلهاء ،واجلمال،
أحد من األنام. َّ
واجلَّلل ،املزنه عن مشابهة ٍ
رب َّ ِ
العزة واجلَّلل: كما جاء عن املصطىف ‘ فيما حيكيه عن
ٰ ُ ُ ُ
اًتىه إيله > ...حجنبه انلور ،و كشفه ألحرقت سبحنت وهللهه من
من لقه< والسبحات :مجع هسبهحة ،ويه :مجال الوجه ،وبهاؤه، ()4
53
إىل وهللها ،وا شوق ٰ
إىل لقنئا<(.)1 > ...امهلل إين أسأ ا ذلة انلظر ٰ
َّ
فدل ـهذا اَّلقرتان ْع كمال ،وعظمة صفات اذلات ،واألفعال.
َّ
( )3قال تعاىل{ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [انلمل] ،دل ـهذا
اَّلقرتان اجلليل ْع اجتماع عدة كماَّلت ،من ذلك :أنه ليس لك
كريما ،وليس لك كريم ًّ
غنيا ،أما الل تعاىل فغناه مع كمال ً ٍّ
ٍ غن()2
مغن لك
الكرم ،وكرمه عن كمال غىن ،فهو مع ـهذا الغىن املطلقٍ ،
عباده من أفضال وإحسانه ف يلله ونهاره.
وا كمنل اآل ر" :أنه تعاىل حمسن إىل عبده مع غناه عنه ،يريد
َّ
الرضَّ ،ل جللب منفعة إيله من العبد ،وَّل به اخلي ،ويكشف عنه
َّ
مرضة"( ، )3بل من حمض فضله وكرمه ،وجوده إيله ،فهو تعاىل دلفع
من كمال غناه وكرمه ،أنه خلق العباد يلعبدوهَّ ،ل ليزقوه ،وَّل
يلطعموه ،بل ـهو رازق العاملي(،)4أما العباد فإنهم لفقرـهم وحاجتهم
ً
بعض حلاجته إىل ذلك ،وانتفاعه به اعجَّل أو
إنما حيسن بعضهم إىل ٍ
ً
آجَّل ،ولوَّل ذلك انلفع ملا أحسن إيله ،فهو ف احلقيقة إنما أراد
اإلحسان إىل نفسه ،أما الل سبحانه مع كمال استغنائه عن عباده،
ه
فهو جيود عليهم ف لك وقت من آَّلئه ،يريد اإلحسان إيلهمَّ ،ل إىل
نفسه سبحانه(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه النسايئ ف املجتىب ( ،)54/3وصححه األبلاين ف صحيح النسايئ (.)1305
( )3إاغثة اللهفان (.)41/1 ( )2املقصود من الغىن ـهنا ـهو عدم اَّلحتياج إىل أحد.
( )4قال تعاىل{ :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
( )5انظر إاغثة اللهفان (.)41/1 ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ} [اذلاريات].
54
هللالل ا كريم :من هللالل كرمه تعاىل أنه يسهل خيه وجوده،
ويقرب تناول ما عنده بأيَّس األسباب ،ألنه سبحانه ليس بينه وبي
العبد حجاب ،فهو تعاىل يعطي بغي سبب ،وبدون عوض ،ألنه بدأ
اخللق بانلعم ،وختم أحواهلم بانلعم( ،)1ومن هللالهل أنه َّل تستعظمه
املسائل وادلعوات ،مهما كرثت ،وكّبت ،قال ‘> :إ،ا داع أحدكم
ال يتعنظم عليه يشء أعطن <(.)2 ةليعظم رغبته ،ةإن ا
ومن هللالل كرمه :أنه تعاىل خيص عباده املؤمني من فضله،
حي كريم ،يستحي فَّل يَ هرد سؤاهلم إذا سألوه ،قال ‘> :إن ربكم ٌّ
ِ
ا َّ
صفرا نئبتني< ،بل ويزيدـهم من
()3 إ،ا رةع ا رهللل إيله يديه أن يردهمن
األجر ،واثلواب ْع قدر السؤال ،قال ‘> :أةضل العبندة ادلاعء<(.)4
ب إيلهم ومن هللالهل :أنه يعطي ويثن ،كما فعل بأويلائهَّ ،
حب َ
اإليمانَّ ،
وكره إيلهم الكفر والفسوق والعصيان( ،)5ثم يدخلهم ف
اآلخرة اجلنان ،فمنه السبب ،ومنه املسبب.
ومن هللالل كرمه :أنه تعاىل أسبغ صفة اسمه (ا كريم) ْع
َّ
أعظم عطاياه ف اآلخرة ،ويه جنته ،قال الل تعاىل{ :ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ} [النساء]" ،وإذا اعتّبت مجيع ما قيل ف معىن
الكرم ،علمت أن اذلي وجب لل تعاىل من ذلك َّل حيىص"(.)6
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2صحيح أيب داود ( ،)1333وبنحوه مسلم (.)6753 ( )1األسىن (.)116/1
( )4سلسلة األحاديث الصحيحة (.)1579 ( )3صحيح الرتمذي (.)3556
( )6املصدر السابق. ( )5األسىن (.)113/1
55
اثلمرات :ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن الل سبحانه وتعاىل
أحق من َّ
تسَّم بالكرم ،فيسأل لك يشءٍ ،فيزنل حاجاته به وحده ،ف
َّ
يلله ونهاره ،فإنه كريم َّل يرد من سأل ،ثم جيب عليه أن يتصف
ه ه َّ
بالكرم ،ويسىع ف أسبابه ،ويتحىل به ف خلقه ،ويف قول ،وفعله،
فيصفح َّ
عمن أساء ل ،ويقابل املحسن بأكرث من إحسانه .
()1
أحب إيلهم منه سبحانه ،فيه نسيمهم ،وروح أبدانهم "فَّل تعادل َّ
حمبة أخرىَّ ،ل ف أصلها ،وَّل ف حمبة الل تعاىل ف قلوب أصفيائه َّ َّ
َّ َّ
كيفيتها ،وَّل ف متعلقاتها"( ،)4فهو سبحانه يود أويلاءه ،ويودونه(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2معجم مقاييس اللغة ( ،)75/6روضة املحبي َّلبن القيم (.)46 ( )1األسىن ( )123/1بترصف.
( )4احلق الواضح (ص )5( .)69الاكفية الشافية ()245 ( )3جَّلء األفهام ( ،)447وأشتقاق أسماء الل ()152
56
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه ـهو ا ودود املحبوب للك معبود:
)1املتودد إىل أويلائه بمعرفته ونعوته اجلميلة.
)2واملتودد إىل املذنبي بعفوه ،وسرته ،ورْحته.
ِ
)3واملتودد إىل مجيع خلقه برزقه ،وآَّلئه الواسعة ،وألطافه ونعمه
َّ
واجللية. َّ
اخلفية
)4وـهو املحبوب املستحق أن َّ
حيب ذلاته ،وصفاته ،وأفعال(.)1
من لطنئف االقرتان" :وما ألطف اقرتان اسم (ا ودود)
بـ(ا رحيم) و(اليفور) ،قال تعاىل{ :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [ـهود]،
وقال سبحانه{ :ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ} [الّبوج] ،فإن الرجل قد يغفر
ه
حيبه ،وكذلك قد يرحم من َّل حيبه ،والرب تعاىل
ملن أساء إيله وَّل ِ
يغفر لعبده ،إذا تاب إيله ،ويرْحه ،وحيبه مع ذلك ،فإنه سبحانه حيب
اتلوابي ،قال تعاىل{ :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ} [ابلقرة ،]222 :وإذا تاب الل َّ
ْع عبده َّ
أحبه ،ولو اكن منه ما اكن( ،)2فارتباط ـهذا اَّلسم الكريم
حمبة الل لَّلستغفار من اذلنوب، جلي ًةْ ،ع َّ
َّ ً
باملغفرة ،يدل دَّللة
وحمبته لألوبة والرجوع ،وأن ذلك من أعظم مقتضيات ،وموجبات
َّ
املودة ،اليت تقتيض املغفرة والرْحة ف ادلنيا واآلخرة.
هللالل ا ودود :من هللالل ـهذا اَّلسم املبارك أنه يدل ْع
َّ َّ
املحبة لل تبارك وتعاىل ،اليت نطق بها الكتاب والسنة ،ويه صفة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2اتلبيان ف أقسام القرآن (.)124 ( )1أسماء الل للرازي ( ،)274فتح الرحيم ( 40ـ ،)41جَّلء األفهام (.)318
57
فعلية َّ
علية ،تتعلق بمشيئته وقدرته ،تقتيض اإلحسان ،واثلواب، صفة َّ
واإلنعام ،واإلكرام.
لربه جل وعَّل فضل من الل ومن هللالهل :أن َّ
حمبة العبد ِ
وقوته ،فهو تعاىل اذلي َّ
أحب عبده فجعل وإحسان ،ليست حبول العبد َّ
أحبه العبد بتوفيقه ،جازاه الل تعاىل ٍّ
حبب آخر، املحبة ف قلبه ،ثم ملا َّ
َّ
وـهذا ـهو اإلحسان املحض ْع احلقيقة ،إذ منه السبب ،ومنه املسبب.
وـهو تعاىل حيبهم لكمال إحسانه ،وسعة ِ
بره ،بل حب العباد ل
ربهم ،حب وضعه ف قلوبهم ،فانقادوا ل بمحبتي من َِّ تعاىل ،حمفوف
جزاء حبِهم ،وكمل هلم َّ
َ ت قلوبهم ،ثم َّ َّ م ً
حمبته، أحبهم طواع ،واطمأن
ً ً َّ
وآخرا(.)1 والفضل لكه منه ،واملنة لل أوَّل،
ومن هللالل ا ودود :أنه يرزق أويلاءه َّ
حمبة انلاس ،فيحببهم إىل
ً ً
عظيما ،وودادا ف قلوب خلقه ،فيجعل لعباده الصاحلي هو ًّدا ،أي ًّ
حبا
العباد ،وأـهل السماء ،وأـهل األرض ،من غي تودد منهم ،وَّل تعر ٍض
َّ
لألسباب اليت تكسب بها انلاس ،مودات القلوب من قرابة ،أو
ًّ
صداقة ،أو اصطناع غيه ،أو غي ذلك ،داَّل ْع ما هلم عندـهم من
هِ
الود ،قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ} [مريم](.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1احلق الواضح ( 69ـ ،)70توضيح الاكفية الشافية (.)125
( )2ابن السعدي ( ،)140/5نظم ادلرر للبقايع ( )559/4بترصف.
58
َّ َّ
ومن هللالهل :أنه تعاىل جعل املودة والرْحة آية ْع وحدانيته ف
األلوـهية ،وكمال رْحته ف أسَّم العَّلقة بي الزوجي ،قال الل
،]21وارتضاـها [الروم: العظيم{ :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ}
تلكون نهاية للمتخاصمي مع اآلخرين ،قال تعاىل{ :ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [املمتحنة ،)1(]7 :أي" :حمبة
بعد ابلغضة ،ومودة بعد انلفرة ،وألفة بعد الفرقة"(.)2
اثلمرات :من ظهر ل اسم (الودود) وكشف ل عن معاين ـهذا
ّ
اَّلسم ولفظه ،وتعلقه بظاـهر العبد وباطنه :اكن احلال احلاصل ل من
َّ ه
حال اشتغال هح ٍّ ً
ب وشوق ،وذلة، مناسبا ل ،فاكن حرضة ـهذا اَّلسم
ومناجاةَّ ،ل أحىل منها ،وَّل أطيب ،حبسب استغراقه ف شهوده معىن
وحظه من أثره ،وهلذا اكن ِ ِ
سيد األولي واآلخرين ‘ ()3 ـهذا اَّلسم
ِ ربه الودود ،أن يرزقه َّ يَّلزم سؤال ِ
حمبته اليت يه أعظم املحاب ،فاكن
ُ َّ ُّ ُ َّ ُ َّ
عمل
ٍ ب وح ا، حيب من ب وح ا، ب من داعئه...> :امهلل وأسأ ا ح
ُ َّ َّ ُ ً ٰ ُر ر
إىل حبا<( ،)4ومن داعئه أيضا> :امهلل ارزقين حبا ،وحب يقربين
ُّ
من ينفعين حبه عندك.)5(<...
َّ
وينبيغ للمؤمن أن يتودد إىل الل تعاىل ،باَّلشتغال باألسباب
اليت تقتيض حمبَّته تعاىل ،من األقوال ،واألفعال ،وأعظمها ،طاعة
الل ورسول ‘ ،قال تعاىل{ :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2ابن كثي (.)460/4 ( )1مع الل اَّلسم األعظم ( )189د .سلمان العودة.
( )4صحيح الرتمذي (.)3235 ( )3مدارج السالكي (.)165/3
َّ
وحسنه ،ووافقه األرنؤوط ف جامع األصول (.)341/4 ( )5أخرجه الرتمذي (،)3491
59
ﭴ ﭵ} [آل عمران" ،]31 :فمن اتبع رسول فيما جاء به ،وصدق ف
َّ َّ َّ َّ ِ
وأحبه الل"( ،)1وأن َّل يه َواد من حاد أحب الل، اتباعه ،فذلك اذلي
الل ورسول ،ولو اكنوا من أـهله ،قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [املجادلة.]22 :
60
َّ
ةنليفور :لذلنوب اثلقال العظام ،واليفنر :للكم والكرثة من اذلنوب
َّ َّ
الكمية
()1 واآلثام ،ةنليفور املبالغة باعتبار الكيفية ،واليفنر باعتبار
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه ـهو اليفور اليفنر:
)1املبالغ ف السرت ذلنوب عباده ،ف الَّس واجلهار ،اذلي يغطيهم
بسرته ،ف لك األحوال.
ٌ
)2فهو تعاىل َّل يطلع ْع ذنوب عباده أحد غيه ،فَّل يشهرـهم،
وَّل يفضحهم بي خلقه.
ه
املتجاوز عن خطاياـهم وذنوبهم ،مهما عظمت، )3فهو سبحانه
ومهما كرثتَّ ،ل تزال آثار ذلك تشمل اخلليقة آناء الليل وانلهار.
َّ ه مرة بعد َّ )4فهو يغفر ذنوب عباده َّ
مرة ،إىل ما َّل حيىص ،لكما
ِ َّ َّ
تكررت املغفرة من الرب(.)2 تكررت توبة العبد من اذلنب،
من لطنئف االقرتان )1( :اقرتن ـهذان اَّلسمان بـ(العًيً)،
َّ
قال تعاىل { :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} [امللك] ،وقال جل ثناؤه{ :ﭷ
َّ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [ص] ،دل ـهذان
كمال لل تعاىل ،واليت منها :أنه
ٍ اَّلقرتانان ْع مزيد من صفات
عزته ،فهو تعاىل مع كمال َّ
عزته ٌ
عًيً ف مغفرته ،غفور ف َّ سبحانه
اليت من معانيها أنه :القوي الغالب" ،العظيم املنيع اجلناب ،فهو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املقصد األسىن ( ،)95ورشح أسماء الل احلسىن للرازي ( ،)220ورشح مصابيح السنة للبيضاوي
( ،)60/2وأسماء الل احلسىن اثلابتة ( ،)663ويف الكتاب املقدس ( )488للرضواين.
( )2شأن ادلاعء ( ،)52تفسي أسماء الل ( )46بترصف.
61
تعاىل مع ذلك غفور ملن تاب إيله وأناب ،بعد ما عصاه وخالف أمره،
يغفر ،ويرحم ،ويصفح ،ويتجاوز"( ،)1فَّل يعاجل العقوبة فور وقوع
السيئة ،بل يمهل للتوبة واألوبة.
َّ فمغفرته تعاىل عن َّ
ضعف وعجز و ِذلة،
ٍ عزة ،وقدرةَّ ،ل عن
"خبَّلف من يتصف بالعزة من املخلوقي ،فإنه ف الغالب تكون
ً
عزته تغلب مغفرته ،أو من اتصف باملغفرة ،فتجد عنده ضعفا،
عزة" ،وملا اكن من معاين العزيز أنه :املنيع الغن وليس عنده َّ
()2
اذلي َّل يهوصل إيله ،فَّل ترضه معصية العباد ،وَّل تنفعه طاعتهم،
َّ
دل ْع أن مغفرته تعاىل نلا فضل حمض منه ْع اإلطَّلق ف
احلقيقة ،ألنه سبحانه َّل ينتفع باملغفرة هلم ،وَّل يرضه كفرـهم.
( )2واقرتن (اليفور) بـ(ا رحيم) ،قال تعاىل{ :ﭬ ﭭ
َّ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [انلحل ،]18 :دل ـهذا
اَّلقرتان اجلليل ،اذلي جاء ف سياق اتلذكي باإلنعام( ،)3أن الل تعاىل
يسرت ويتجاوز عن اتلقصي ف أداء شكرـها ،ومن اتلفريط ف
كفرانها ،واإلخَّلل بالقيام حبقوقها ،وـهو مع ذلك (رحيم) بكم،
فلم يعاجلكم بالعقوبة ْع كفرانها ،بل يفيضها عليكم ،مع
استحقاقكم لقطعها ،وحرمانكم منها(.)4
يدَّلن ْع سرت الل تعاىل ف
ِ هللالل اليفور اليفنر :أنهما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2تفسي سورة (ص) َّلبن عثيمي (.)706/8 ( )1انظر ابن كثي (.)524/4
ً
( )3ذكر الل ف ـهذه السورة بضعا وعرشين من أمهات انلعم.
( )4تفسي ابليضاوي ( ،)257/2وأيب السعود ( )51/4بترصف.
62
احلال ويف املآل ،وتغطية القبيح عن اطَّلع الغي ل ،وإىل العفو
َّ َ
وتضمنا ْع كمال الصّب واحللم ل تعاىل ،واإلمهال وإسقاط احلق،
َّ
وتضمنا نيف انلقائص اليت واألناة ،وكرم اذلات والصفات وغي ذلك،
تضاد ـهذه الصفات( ،)1ومن هللالهلمن :أنه مهما بلغ عظم اذلنب،
َّ ِ َّ
واستغفر منه العبد ،وأخلص ووحد الرب" ،غفر الل ل لك ما صدر
نقص وعيب"( ،)2قال تعاىل ف
منه من ذنب ،وأزال عنه ما ترتب من ٍ
احلديث القديس> :ين ابن آدم! و بليت ً،وبا عننن ا سمنء ثم
َ ُ ُ ُ
استيفرتين ،غفرت ا وال أبنيل ،ين ابن آدم! و أتيتين بقراب األرض
ُ َ ُ ا ُ ُ
رشك يب شيئن ،ألتيتا بقرابهن ميفرة<(.)3
طنين ،ثم لقيتين ال ت ِ
اثلمرات :ـهذان اَّلسمان الكريمان يثمران ف قلب العبد تويق
معايص الل تعاىل ،ومراقبة األعمال ف الظاـهر وابلاطن ،ويثمران قوة
الرجاء ف قلب العبد ،وقطع ايلأس من رْحته تعاىل ،وينبيغ للمؤمن أن
يسترت عن انلاس بذنبه ،ويعرتف به لربه ،فإنه أرىج ف املغفرة ذلنبه(.)4
63
بها العبارة ،وَّل يشار إيلها بإشارة ،فمنها :أنه الغالب ،واجلليل
الرشيف ،الرفيع الشأن والقدر ،والقوي القاـهر ،والرفيع املنيع،
واملنقطع انلظي ،اذلي يصعب منال ،ووجود مثله(.)1
ىن ا رشيع :الل جل جَّلل ـهو العًيً :اذلي َّل َّ
أعز منه املع ٰ
ً ً
ْع اإلطَّلق ،ل مجيع معاين العزة ،وصفا ،وملاك ،ف أسَّم معانيها،
وأْع كماهلا ،قال الل تعاىل{ :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ} [يونس.]65 :
( )1فهو تعاىل العزيز :ل عزة الغلبة والقهر ،فهو تعاىل الغالب
اذلي َّل يهغلب ،والقاـهر اذلي َّل يهقهر.
( )2ول عزة اَّلمتناع :فهو املنيع سبحانه ،فَّل ينال منه ،وَّل
يرام جنابه ،وَّل يلحقه سوء ،لعظمته ،وجَّلل(.)2
( )3ول عزة القوة والقدرة :فهو تعاىل الشديد ف َّ
قوته ،اذلي
لعزته الصعاب ،وَّلنت َّ
لقوته الشدائد الصَّلب. ذلت َّ
( )4وـهو تعاىل املنقطع انلظي ،اذلي َّل شبيه ل ،وَّل مثيل ل،
وَّل عديل ،لكمال من مجيع الوجوه واَّلعتبارات.
( )5وـهو سبحانه العزيز الشديد ف نقمته ،إذا انتقم من
ٌ
أعدائه( ،)3فَّل يقدر أحد ْع دفعه ،أو منعه مىت أراده سبحانه.
( )6وـهو تعاىل العزيز :اذلي يهب العزة ملن يشاء من عباده(،)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لسان العرب ( ،)374/5املفردات ( ،)563األسىن للقرطيب (.)240
( )3صح عن قتادة ،انظر اتلفسي الصحيح (.)470/4 ( )2ابن كثي ( )343/4بترصف يسي.
َّ
دنيوية اعمة يمنحها ملن شاء من خلقه ،قد تكون للمؤمن والاكفر والفاجر. ( )4وـهذه َّ
العزة
64
قال تعاىل{ :ﮓ ﮔ ﮕ} [آل عمران.]26 :
يذل أنصاره ،فيعز أـهل ه
( )7وـهو اذلي َّل يضام جاره ،وَّل ِ
اإليمان ،ويذل أـهل الكفران{ ،ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ} [املنافقون].
( )8وـهو سبحانه :اجلليل الرفيع الشأن ،والقدر ،ل رشف
اذلات ،واتلفرد ف كمال انلعوت ،والصفات.
( )9ومن تمام َّ
عزته :براءته من لك نقص ،وسوء ،وعيب:
{ﯺ( )1ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ} [الصافات].
( )10ومن كمال َّ
عزته سبحانه أنه أمنع األبصار أن تدركه،
ّ
تكيفه . وعن األوـهام أن ()2
65
ٌ
صادر حكم به تعاىل بي الرسل وأتباعهم ،وأـهل ِ
احلق وأعدائهم،
عن َّ
عزة ورْحة ،وأنه تعاىل من كمال وعظيم شأنه :أنه سبحانه عزيز
ف رْحته ،رحيم ف َّ
عزته ،وـهذا ـهو أْع الكمال :العزة مع الرْحة،
والرْحة مع َّ
العزة ،فهو رحيم بَّل ضعف ،وَّل ذلة .
()1
عزة َّ
قوة ،وغلبة، عزته جل وعَّل كما يه َّ
هللالل العًيً :أن َّ
ه َ
وقهر ،ورفعة ،فإن من جَّلهلا أنها مقرتنة بكماَّلت أخر ،من
احلكمة ،والعدل ،والرْحة ،واملغفرة ،فيه عزة حكمة ،وعزة رْحة،
وعزة عدل .قال تعاىل{ :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ}
[آل عمران]
66
َ َّ
خاش ًعا ،يكون ً
خاضعا ،وسجو ِدك ِِ واعلم أن ْع قدر ركوعك
عزك ف دينك ،ودنياك ،وآخرتك ،قال ‘ ملن سأل مرافقته ف اجلنة:
َّ َ َ >أع رِين ٰ
ًفسا بكرثة ا سجود<( ،)1وعليك أن تتذلل ألويلائه وأـهل ىلع ِ
طاعته ،قال تعاىل{ :ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [احلجر] ،وقال
سبحانه{ :ﮪ ﮫ ﮬ} [املائدة ،]54 :وأن َّ
تعزت ْع أـهل كفرانه،
قال تعاىل{ :ﮭ ﮮ ﮯ} [املائدة ،]54 :وأن تعفو عمن َ
أساء إيلك
ا ا
بعفو إال عًا<(.)3()2
ٍ من عباده ،قال ‘> :ومن زاد ا عبدا
67
ّ
فاألمر أجل وأعز مما خيطر بابلال ،أو يعّب عنه املقال.
ومجنهل سبحانه ْع (مخس )،مراتب :مجال اذلات ،ومجال األسماء،
ومجال الصفات ،ومجال األفعال( ،ومجال امللك والسلطان).
األول :أمن مجنل اذلات :وما ـهو عليهٌ ،
فأمر َّل يدركه سواه ،وَّل
يعلمه غيه ،وليس ف املخلوقي منه ،إَّل تعريفات تعرف بها إىل من
ٌ
أكرمه من عباده ،فإن ذلك اجلمال مصون عن األغيار ،حمجوب
بسرت الرداء واإلزار( ،)1فَّل يمكن ملخلوق أن يعّب عن بعض مجال
ذاته تعاىل ،حىت أن أـهل اجلنة مع ما ـهم فيه من انلعيم املقيم ،اذلي َّل
ٌ
يوصف ،فيما َّل عي رأت ،وَّل أذن سمعت ،وَّل خطر ْع قلب برش،
َّ إذا رأوا َّ
ربهم وتمتعوا جبمال ،نسوا ما ـهم فيه من انلعيم ،وتَّلىش ما ـهم
فيه من األفراح ،وودوا لو تدوم ـهذه احلال ،اليت يه أْع نعمة وذلة،
ً
واكتسبوا من مجال ،ونوره ،مجاَّل إىل ما ـهم فيه من اجلمال.
اثلنين :مجنل األسمنء :فإنها لكها حسىن ،بل أحسن األسماء ْع
اإلطَّلق ،وأجلها ،فيه ف اغية احلسن واجلمال ،اذلي ليس فوقها ،أو
بعدـها كمال ،قال سبحانه{ :ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ} [مريم ،]65 :وقال
تعاىل{ :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ} [األعراف.]180 :
اثلنلث :مجنل ا صفنت :فيه أْع الصفات ،وأكملها ،وأعظمها،
ً
وأوسعها ،وأكرثـها تعلقا بالل ،اذلي لم يبق صفة كمال إَّل اتصف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1اجلواب الاكف ( ،)331بدائع الفوائد ( ،)300/1الفوائد (.)203
68
بها ،ووصف بغايتها ،حبيث َّل حتيط اخلَّلئق ببعض تلك الصفات
ً
خصوصا أوصاف الرْحة ،والّب، بقلوبهم ،وَّل تعّب عنها ألسنتهم،
واإلحسان ،واجلود ،والكرم ،فإنها من آثار مجال.
ا رابع :مجنل األةعنل :فلكها ف اغية احلسن واجلمال ،ألنها
دائرة بي أفعال الّب واإلحسان ،اليت حيمد عليها ،ويثىن عليه
بها ،وي هشكر عليها ،وبي أفعال العدل اليت حيمد عليها ،ملوافقتها
للحكمة واحلمد ،فليس ف أفعال عبث وَّل سفه ،وَّل سدى وَّل
ظلم ،بل لكها خي ،وـهدى ،ونور ،ورْحة ،وعدل ،قال تعاىل { :ﭻ
ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ} [ـهود] ،وقال عز شأنه{ :ﮤ ﮥ
ﮦ ﮧ ﮨ} [السجدة.]7 :
(اخلنمس :مجنل ا سلطنن) :فلك مجال ف ادلنيا وما حوته
األكوان من أصناف اجلمال ،ولك مجال ف دار انلعيم ،فإنه أثر مجال،
وكيف يقدر أحد أن يعّب عن مجال ،وقد قال أعرف اخللق به ‘:
ىلع ًفسا< . أحيص ا
ثننء عليا أًت كمن أثنيت ٰ >ال ِ
()2()1
ً
هللالل اجلميل :قال ‘ واصفا جَّلل ومجال ربه تبارك
ٰ ْ ُ ُ ُ
اًتىه وتعاىل> :حجنبه انلور ،و كشفه ألحرقت سبحنت وهللهه( )3من
إيله بِّص من لقه< ،فإذا اكنت هسبهحات وجهه األْعَّ ،ل يقوم ()4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسلم (.)486 ()1
انظر ما سبق :الفوائد ( ،)202وتوضيح الاكفية الشافية ( ،)117وفتح الرحيم امللك ( ،)31بهجة قلوب األبرار ()291 ()2
أي نوره ،وجَّلل ،وبهاؤه ،رشح صحيح مسلم ( ،)13/3املفهم بما أشلك ف صحيح مسلم (.)410/1 ()3
مسلم (.)293 ()4
69
يشء من خلقه ،ولو كشف حجاب انلور من تلك السبهحات،
ٌ هلا
َّلحرتق العالم العلوي والسفل ،فما الظن جبَّلل ذلك الوجه الكريم،
وعظمته ،وكّبيائه ،وكمال ،قال ابن عباس ~( :حجب اذلات
ببن صفنت ،وحجب ا صفنت بنألةعنل) ،فما ظنك جبمال هحج َ
ِ ٍ
وس َ
رت بنعوت العظمة واجلَّلل(.)1 ه
بأوصاف الكمالِ ،
ِ إن من ِ َّ
أعز أنواع املعرفة ،معرفة الرب سبحانه اثلمرات:
ِ ه
وتعاىل باجلمال ،ويه معرفة خواص اخللق ،ولكهم عرفه بصف ٍة من
صفاته ،وأتمهم معرفة من عرفه بكمال ،وجَّلل ،ومجال سبحانه،
َّ
ليس كمثله يشء ف سائر صفاته ،وذلك أنه تعاىل إذا جتىل ف صفات
اجلمال والكمال ،وـهو كمال األسماء ،ومجال الصفات ،ومجال األفعال،
اذلات ،فيستنفد ّ َّ ِ
حبه من قلب العبد ،قوة احلب ادلال ْع كمال
لكها ،حبسب ما عرفه من صفات مجال ،ونعوت كمال ،فيصبح فؤاد
ً املحبة ً
َّ ً
فاراغ إَّل من َّ
طبعاَّ ،ل تكلفا ،فينبيغ حمبته ،فتبىق عبده
ّ
فيجمل ظاـهره ،وباطنه ،باجلمال للعبد أن َّ
يتعبد بهذا اَّلسم اجلليل،
اذلي حيبه تعاىل من األقوال ،واألفعال.
ّ
فيجمل ظاـهره وجوارحه بالطاعة ،ومن ذلك الصدق ف األقوال،
وطيب الالكم مع األنام ،وبدنه بإظهار نعمه عليه ف بلاسه وتطهيه
مجيل ل ،من األجناس ،واألدران( ،)2لقول رسول الل ‘> :إن ا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الصواعق املرسلة ( ،)1082/3الفوائد ( ،)203اجلواب الاكف ( )2( .)323الفوائد ( )207بترصف يسي.
70
تعنىل أن ٰ
يرى أثر ًعمته ٰ
ىلع عبد <( ، )1ولقول ٰ حيب اجلمنل ،وحيب
َّ
‘ أليب األحوص حي رآه رث اثلياب> :أ ا منل؟< قال :نعم ،فقال
ةلر أثر ًعم ،ا عليا وكرامته< ، ‘> :ةإ،ا آتنك ا منالاَ ُ ،
()2
71
زيادة املبىن تدل ْع زيادة املعىن ،فهو جيمع دَّللة اسم القادر،
والقدير ،فهو أبلغ منهما ف ادلَّللة ْع الوصف ،ومعناه :اتلام القدرة
ََ
بمن َع ٍة وقوة ( ،والقدير) ٌ
يشء ،وَّل حيتجز عنه اذلي َّل يمتنع عليه
ـهو الفاعل ملا يشاء ْع ما تقتضيه احلكمة(.)1
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو القندر القدير املقتدر:
)1املتنايه ف القدرة واَّلقتدارَّ ،ل يمتنع عليه يشء ف لك
األقطار" ،ل انلفوذ املطلق والسلطان ،واتلرصف اتلام ،ف لك األكوان،
َّل يعارضه معارض ،وَّل ينازعه منازع ،وَّل خيرج عن قبضته،
خمالف ،أو طائع"(.)2
" )2وـهو سبحانه مقدر لك يش ٍء وقاضيه ،وـهو ْع لك يشء قدير،
ٌ
عجز وَّل فتور ،وَّل يعجزه يشء ،وَّل يفوته مطلوب" . َّل يعرتضه
()3
ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ} [ابلقرة].
ِ
)5وـهو تعاىل مقدر مقادير اخلَّلئق ،قبل أن خيلق األرض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انلهاية ( ،)22/4وتفسي أيب السعود ( ،)161/2وشأن ادلاعء ( ،)86وأسماء الل احلسىن للرضواين (.)543
( )2موسوعة ل األسماء احلسىن للرشبايص ( )354/1بترصف.
( )3شأن ادلاعء ( ،)85تفسي أسماء الل للزجاج (.)59
72
والسماوات الطوابق ،خبمسي ألف سنة(.)1
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷ ﭸ} [املمتحنة] ،قرن الل تعاىل (القدير) مع (اليفور) و(ا رحيم)
ٌ
فيه مزيد من الكمال ،وذلك :أن مغفرته تعاىل ورْحته لعباده عن
كمال القدرة" ،فَّل يتعاظم عليه ذنب أن يغفره ،وَّل عيب أن
يسرته"( ،)2وَّل رْحة أن يوصلها ،فليس لك من ل قدرة ،وقوة ،يغفر
ويرحم ملن قدر عليه ،وليس لك من يغفر ويرحم ل قدرة نافذة ،فهو
سبحانه مع كمال القدرة ،فهو موصوف باملغفرة ،مع سعة الرْحة.
( )2قال تعاىل{ :ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [انلحل] ،واملعنـى
املستفاد من اقرتان ـهذين اَّلسمي الكريمي :أن قدرته ف إجياد
األشياء ،أو إعدامها ،أو تغييـهاٌ ،
منوط بالعلم ،فيه قدرة شاملة ،عن
تمام العلم واخلّبة بما يأمر به ،من األحاكم وغيـها ،وأنه عليم
بمصاحله أو مفاسده( ،)3فوسع علمه لك يشء مع قدرته ْع لك
َّ
يشء ،وكذلك دل ـهذا اَّلقرتان اجلليلْ :ع كمال عز وجل ف
َّ
الوصفية ،ألن العلم بدون قدرة عجز ،والقدرة بدون علم مظنة
اإلفساد ،والظلم ،والطغيان ،والل تعاىل َّ
مزنه عن لك نقصان. ()4
73
ه
حتاط به عبارة ،أو يشار إيله بإشارة ،فأينما وقع انلظر ْع يشء ف
اآلفاق ،ويف األنفس ،رأيت كمال قدرة القادر ،فبقدرته خلق الكون
وما فيه ،وبقدرته أمسك السماوات أن تقع ْع األرض إَّل بإذنه،
ه َّ ه َّ ً
مجيعا أينما كنا ،وحيث كنا ،قال تعاىل: يأت بنا
وبكمال قدرته ِ
{ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ} [ابلقرة] ،ومن هللالل قدرته تعاىل أنه خلق السموات واألرض
َّ
ستة أيام ،وما َّ
مسه من تعب ،وَّل عجز ،وَّل نصب(،)1 وما بينهما ف
وـهو ٌ
قادر تعاىل أن خيلقهما ف حلظ ٍة واحد ٍة ،وبكلمة واحدة.
اثلمرات :من ثمرات ـهذه األسماء أنها تورث املؤمن
اإلجَّلل واملهابة [لل تعاىل] ،واخلوف ،واخلشية [منه سبحانه]،
ورجاء اإلنعام ،وخوف اَّلنتقام ،لشمول قدرته ،ألنواع ما نفع ورض،
ورس ،وتورث كمال احلب لل تعاىلَّ ،
وقوة اإليمان ،وبرد ّ وساء ()2
74
صيغ املبالغة ،والعفو :ـهو اتلجاوز عن اذلنب ،وترك العقاب عليه،
وأصله املحو والطمس ،مأخوذ من قوهلم :عفت الرياح اآلثار ،إذا
درستها ،وحمتها ،ويأيت بمعىن الكرثة والزيادة ،فعفو املال ما يفضل عن
انلفقة ،قال تعاىل{ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ} [ابلقرة،]219 :
والعفو كذلك :ما يسهل قصده ،وتناول ،وقد يكون بمعىن :ابلذل،
قال سبحانه{ :ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ} [البقرة.)1(]178 :
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه وتعاىل ـهو العفو:
َّ
( )1الكثي الصفح عن ذنوب عباده ،إىل ما َّل نهاية ل ،فهو جل
َّ
باللكية ،فَّل يطالب وعَّل يتجاوز عن اذلنوب ،ويزيل آثارـها عنهم
بها العباد يوم القيامة ،ويمحوـها من ديوان الكرام الاكتبي ،بل
وينسيها من قلوبهم ،كيَّل خيجلوا عند تذكرـها ،ويثبت ماكن لك
ِ
سيئ ٍة حسنة(" ،)2والغالب أن العفو يكون عن ترك الواجبات،
واملغفرة عن فعل املحرمات"(.)3
( )2وـهو تعاىل كثي اخلي "يعطي اجلزيل من الفضل
واإلنعام"( ،)4اذلي َّل ينقطع آناء الليل ،وأطراف انلهار.
( )3وـهو تعاىل يقبل العفو وـهو السهل( )5بتيسي الواجبات ْع
عباده "ملا يقع من العبد من تقصي وضعف ،فالل أوجب الوضوء ملن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لسان العرب ( ،)3019/4املفردات (ص ،)574اشتقاق أسماء الل (ص ،)134األسىن (.)147/1
( )3رشح الواسطية للعَّلمة ابن عثيمي رْحه الل (.)92/2 ( )2رشح أسماء الل احلسىن للرازي (.)340
( )5تفسي القرطيب (.)213/3 ( )4اَّلعتقاد للبيهيق (ص .)56
75
أراد الصَّلة إذا انتقض وضوؤه ،ولكنه عفا عمن َّل جيد املاء أن
يتيمم مرااعة لضعف العباد"(.)1
اذلنب"()2 (" )4وـهو اذلي يبذل اتلوبة ،واثلواب مع وجود
واستحقاقه للعقاب.
( )5والل تعاىل عفو يسهل خيه ،ويقرب تناول ما عنده بأيَّس
األسباب ،ألنه تعاىل ليس بينه وبي العباد حجاب.
ٰ
تعنىل ًواعن" :عفو العنم :عن مجيع املجرمي ،من وعفو
الكفار وغيـهم ،بدفع العقوبات املنعقدة أسبابها ،واملقتضية لقطع
انلعم عنهم ،فهم يؤذونه بالسب والرشك وغيـها من أصناف
ّ
ويدر عليهم انلعم ،الظاـهرة املخالفات ،وـهو يعافيهم ،ويرزقهم،
وابلاطنة ،ويبسط هلم ادلنيا ،ويعطيهم من نعيمها ومنافعها ،ويمهلهم
وَّل يهملهم ،بعفوه وحلمه.
انلوع اثلنين :عفو اخلنص :ومغفرته للتائبي ،واملستغفرين،
وادلاعي ،والعابدين ،واملصابي باملصائب املحتسبي"(.)3
من لطنئف االقرتان :قال الل العظيم{ :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء] ،أي :إن
ً
أكمل العفو ـهو اذلي يصدر عن قدرة تامةْ ،ع اَّلنتقام واملؤاخذة(،)4
َّ
عجز وَّل ِذلة ،كما يقال" :العفو عند املقدرة". ٍ ضعف وَّل ٍ َّل عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أسماء الل احلسىن د .عمر األشقر (ص.)255
( )4رشح الواسطية للهراس (.)77/2 ( )3فتح الرحيم امللك (.)28 ( )2األسىن (.)148/1
76
هللالل العفو سبحنًه وتعنىل:
( )1أن ما عفا الل عنه ف ادلنيا ،فالل أكرم من أن يعود عفوه
يوم القيامة ،فهو كريم َّل يرجع ف عفوه ،فهذه سنة الل مع أويلائه.
( )2من هللالهل :أنه كما يعفو ف ادلنيا عن املذنبي اتلائبي،
ّ ِ
املرصين. فإنه تعاىل ف اآلخرة يعفو عن املوحدين
ذنب عبده ،مهما اكن جرمه ،حىت عن ( )3أنه تعاىل يعفو عن ِ
ِ ِ ه ِ
حسنـات ،بل ويدر عليه من اآلَّلء واخليات(،)1
ٍ ويبَدل سيئاتـه حقه،
فمن اذلي يكافئ اذلنب بمثل ـهذا غي الرب سبحانه!.
( )4من هللالل عفوه أنه بعد حلم وإعذار ،وعن كمال الغىن
والقدرة واَّلنتقام ،قال تعاىل{ :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [النساء].
َّ
( )5أنه دل عباده ْع األسباب ،اليت ينال بها عفوه الكريم ،من
األعمال ،واألخَّلق ،واألقوال ،واألفعال.
( )6أنه لوَّل هللالل عفوه تعاىل ،لغارت األرض بأـهلها ،لكرثة ما
يهرتكب من املعايص ْع ظهرـها(.)2
اثلمرات :عندما يؤمن املؤمن بأن َّ
ربه ل كمال العفو ،فإن ذلك
َّ
املحبة ،ويه حمبة العبد لربه ،اليت تثمر ل من يغرس ف قلبه شجرة
ينابيع اآلثار واثلمرات الظاـهرة وابلاطنة ،من الرجاء ،واَّلنقطاع،
واألمل ،والركون ل تعاىل وحده ،ومن ذلك اتلعبد بهذا اَّلسم الكريم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1كما جاء ف اقرتانه مع (الكريم) ف ادلاعء اذلي علمه انليب ‘ لعائشة >امهلل إنك عفو كريم <..صحيح
( )2ابن كثي ( ،)142الشواكين ( ،)1556وتفسي السعدي ( )759األسىن (.)149/1 الرتمذي (.)3513
77
مع خلقه ،ابتغاء وجهه تعاىل ،حىت يدخل ف الزمرة اليت أثىن عليها ف
َّ ِ
كتابه ،وسنة نبيه ‘ ،قال تعاىل{ :ﭥ ﭦ ﭧ} [آل عمران]134 :
المىن ،ويه َّ
حمبته تعاىل ،ألنه تعاىل تعبد به ،نال أسَّم مراتب ه فمن َّ
ُ ُّ ٌ ٌّ
كريم ،حتب العفو ،ةنعف عفو حيب العفو وأـهله >امهلل إًا ِ
ا عين< ،وكذلك نال َّ ر
العزة ف ادلنيا ،قال ‘> :ومن زاد ا عبدا ()1
ا بعفو إال ًّ
عًا<( ،)2والعىل ف اآلخرة ،قال ‘> :من كظم غيظن وهو ٍ
ىلع رؤوس اخلالئق يوم القينم ،ح ٰ
ىت ٰ قندر ٰ
ىلع أن ينفذ ،داع ا
ر
خير من احلور العني من شنء<(.)3
78
ً
جعله وصفا ألي يشء يريد ،فيصح القول :رجل واحد ،وثوب
واحد .واثلنين :اذلي َّل نظي ل ،وَّل مثيل ،يقال :فَّلن واحد العالم،
أي َّل نظي ل ف العالم(.)1
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو ا واحد األحد:
َّ َّ
وتفرد بكل كمال ،وباين ( )1اذلي توحد جبميع الكماَّلت،
بأحديته مجيع املوجودات ،حبيث َّل يشاركه فيها مشارك( ،)2فمن ذلك:
ِ َّ
وعلوـها ْع مجيع أ) أنه توحد ف ذاته ،ف كماهلا ،وعظمتها،
ً اخلَّلئق ،فـ"تعالت ذاته أن تشبه ً
شيئا من اذلوات أصَّل"(.)3
َّ
ب) اذلي توحد ف كمال صفاته ،فلكها عَّلَّ ،ل نقص فيها ،وَّل
ْحد ،وثناء ،وجمد.
مثيل هلا ،وَّل أْع منها ،ألنها لكها صفات ٍ
َّ
ـج) وتوحد ف كمال أسمائه ،فلكها حسىن ليس فيها اسم سوء،
فَّل أحسن منها ،وَّل ِ َّ
سيم ل بها ،وليس هلا منتىه ف عددـها ،وكمال
متعلقاتها ،ألنبائها عن أحسن املعاين ،وأرشفها.
َّ
د) اذلي توحد ف كمال أفعال ،فلكها حكمة ،وـهدى ،ليس فيها
ً ً
خال عن املصلحة ،مألت اخلليقة عدَّل ،ورْحة ،وإحسانا. فعل ٍ
َّ
وآخريته بادليمومة تفرد ف َّ
أويلته ف الوجود بَّل ابتداء، ( )2اذلي َّ
79
ِ ِ
املتفردَّ ،ل مثيل ،وَّل شبيه ،وَّل عديل ل ،متوحدَّ ،ل ( )3وـهو
رشيك ل ،وَّل صاحبة ،وَّل ودل.
ِ
املتفرد عن لك نقص ،وعيب ،وسوء ،لكمال ْع ( )4وـهو تعاىل
اإلطَّلق ،واتلمام ،والكمال ،من لك وجه ،ويف لك حال.
َّ
( )5املنفرد ف ربوبيته ،فَّل رشيك ل ف ملكه ،وَّل معي ،وَّل
املزنه عن الرشيك ف خصائصه وحقوقه. منازع ،وَّل مغالبَّ ،
ِ
املتفرد حبق، َّ
ألوـهيته ،فهو اإلل املعبود ٍّ ( )6وـهو الواحد األحد ف
ٌ َّ
املحبة ،واتلعظيم ،ليس ل نِد ،وَّل ِضد ،وَّل عديل. ف
تفرع ـهو عن يشءٍ،يتفرع عنه يشء ،وَّل َّ ( )7وـهو اذلي لم ّ
وليس ل ماكفئ من خلقه يساميه ،أو يساويه ،أو يقرب منه أو يدانيه(.)1
( )8وـهو سبحانه اذلي يوحده عباده ،ويعتمدون عليه،
ويقصدونه ف مجيع حواجئهم ادلنيوية ،وادلينية(.)2
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ} [اإلخَّلص] ،اقرتن اسم (األحد) بـ(ا صمد) :دل ـهذا اَّلقرتان
ٌ ِ
أنه تعاىل متوحد ف صمديته ،صمد ف أحديته ،فاألحدية :دلت ْع
نيف انلعوت السلبية ،من نيف الرشيك ،والشبيه ،واملثلية ،والصمدية:
إثبات لك صفات الكمال العلية ،وصفات الرب نواعن :صفات ثبوتية،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [اإلخَّلص].
( )2انظر املعاين السابقة ف :طريق اهلجرتي ( ،)214ابن جرير ( ،)265/3ابن كثي ( ،)793/4اشتقاق أسماء الل
( ،)90وفتح الرحيم امللك ( ،)36وبهجة األبرار ( .)291األسىن (.)230
80
وصفات سلبية ،فدل ـهذا اَّلقرتان ْع اجتماع لك صفات الكمال لرب
َّ ٌ
الّبية" ،فاألحدية دالة ْع انفراده املطلق ،والصمدية ْع كمال املطلق،
وـهذه يه جمامع اتلوحيد العليم اَّلعتقادي"( ،)1وهلذا قال شيخ اإلسَّلم
ابن تيمية" :فإن ـهذين اَّلسمي يستلزمان سائر األسماء احلسىن ،وما
ً ً
فيها من اتلوحيد لكه قوَّل وعمَّل.)2("..
ِ َّ
هللالل ا واحد األحد :أنهما يدَّلن ْع أعظم خصائص الرب
جل جَّلل ،وـهو توحيده اخلالص ف العبودية ،ملا َّ
تفرد به من األلوـهية،
َّ
العلية ،وـهذا ـهو املقصد األْع، والربوبية ،وأسمائه احلسىن ،وصفاته
اذلي جاء به مجيع األنبياء واملرسلي ،للك َّ
الّبية ،فـ"اتلوحيد َّ
أول دعوة
الرسل ،وأول منازل الطريق ،وأول مقام يقوم به السالك إىل الل ،فهو
أول ما يدخل به ف اإلسَّلم ،وآخر ما خيرج به من ادلنيا ،فهو أول
واجب وآخر واجب ،فاتلوحيد :أول األمر ،وآخره"(.)3
َّ
اثلمرات :عندما يدرك املؤمن بأحديته تعاىل ،ووحدانيته ف
الوجود ْع اإلطَّلق ،ينبيغ ل أن يوحد ربه ف حمبته ،وخوفه ،ورجائه،
وداعئه ،ولك عباداته ،ف ظاـهره وباطنه ،وباجلملة "جيب ْع العبيد
ً ً ً
توحيده :عقدا ،وقوَّل ،وعمَّل"(" ،)4فإن حاجة العبد إىل توحيد الل
تعاىل ف عبادته وحده َّل رشيك ل ،أعظم من حاجة اجلسد إىل روحه،
نظي ته ه
قاس به ،فإن حقيقة ٌ والعي إىل نورـها ،بل ليس هلذه احلاجة
العبد روحه وقلبه ،وَّل صَّلح هلا ،إَّل بإهلها اذلي َّل هلإ إَّل ـهو"(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر جمموع الفتاوى ( 107/17ـ ،)325وزاد املعاد ( )2( .)316/1بيان تلبيس اجلهمية (.)409/2
( )5انظر طريق اهلجرتي (.)99/1 ( )4تفسي السعدي (.)485/5 ( )3مدارج السالكي (.)433/3
81
82
سموات هم مستَ ٍو ْع عرشه ،فوق لك خلقه ،أقرب
ٍ جل وعَّل فوق سبع
ٌ َّ
إىل العبد من عنق راحلته إيله ،قال ‘> :إن اذلين تدعوًه سميع
ُ
قريب ،أقرب إىل أحدكم من عنق راحلته<( ،)1بل ـهو أقرب من
انلفس إىل انلفس ،قال الل العظيم{ :ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
علوه ،عل ف قربه(.)2 ٌ
قريب ف ِ ﭟ} [ق ،]16 :فهو سبحانه
َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث العبد السيع ف القرب
من الل تعاىل بالعبودية ،ومن أجلها ادلاعء "فلكما استحرض القلب
َّ
وتصور ذلك، قرب الل تعاىل منه ،وأنه أقرب إيله من لك قريب،
أخىف داعءه ما أمكنه ،ولم يتأت ل رفع الصوت به"(.)3
83
ف األزل ،فدبَّر أسباب كفاية احلاجات ،خبلق األطعمة واألقوات ،ف
لك اللحظات ،وتيسي األسباب واآلَّلت املوصلة إىل مجيع َِّ
املهمات .
()1
{ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ}
ا ا ر ا
ويفرج كربن ،ويرةع قومن، [الرْحن] قال ‘> :من شأًه أن ييفر ً،بن،
ً
جائعا ،ويكسو كسيا ،ويغن ً
فقيا ،ويشبع ً ويضع آ رين<( ،)3وجيّب
ويقصم َّ
جب ً ه ً ً ً
ارا(،)4 مظلوما، عريانا ،ويشيف مريضا ،ويعاف مبتىل ،وينرص
فسأل أـهل سمواته وأرضه ْع اختَّلفهم وـهو يسعفهم ف مراداتهم.
ٌ ٌ َّ
هللالل املجيب :إن إجابته فضل وإحسان ،ليست كإجابة
األنام ،اذلي يغضب عند السؤال ،والل يغضب إن لم يهطلب منه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1موسوعة ل األسماء احلسىن للرشباص ( ،)242/1ورشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (.)266
( )4الوابل الصيِب (.)62 ( )3صحيح موارد الظمآن (.)1487 ( )2انظر احلق الواضح (.)65
84
لك حال " ،فَّل َِّ
يتّبم ()2 انل َوال( ،)1بل يهكرم من يسأل ،ويلوذ به ف
َّ
85
ٰ
تسىم ملا األمالك ،ال رهللل قال ‘> :إن أ نع اسم عند ا
عً وهللل<(.)1 من ا إال ا
املعىن ا ليوي :امللا ـهو :احتواء اليشء ،والقدرة ْع
اَّلستبداديَّة ،انلافذ األمر ف ملكه .
()2
* الفرق بني هذ األسمنء :أن املن ا :ـهو صاحب امللك ،أو من
ل ملكة اليشء ،املترصف بفعله ،وامللا هو :املترصف بفعله ،وأمره.
واملليا :من صيغ املبالغة ،وـهو املالك العظيم امللك ،فهو اسم
كيته ،فله علو الشأن،العلو املطلق للملك ف هملكه ،وملم َّ
ِ يدل ْع
ِ
ً ً َّ
والفوقية ف وصف امللكية ْع ادلوام ،أزَّل وأبدا ،فهذا والقهر،
اَّلسم يشمل معىن امللك ،واملالك(.)3
املعىن ا رشيع :الل سبحانه وتعاىل ـهو امللا املليا املن ا:
َّ
)1ل امللك لكه ،ول احلمد لكه ،أزمة األمور لكها بيده ،ومصدرـها
مستو ْع عرشه ،فوق مجيع خلقه.
ٍ منه ،ومردـها إيله ،وـهو
)2ومن تمام ملكه سبحانه أنه َّل ختىف عليه خافية ف أقطار
مط ِل ًعا ْع أرسارـهم وعَّلنيتهم. ملكهً ،
اعلما بنفوس عبيدهَّ ،
ٌِ
متفرد وحده بتدبي اململكة ،يسمع )3ومن كمال ملكه أنه تعاىل
ويرى ،ويعطي ويمنع ،ويثيب ويعاقب ،ه
ويكرم ويهي ،وخيلق ويرزق،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2انلهاية ( ،)358/4اللسان (.)4266/7 ( )1مسلم (.)2143
( )3انظر بدائع الفوائد ( ،)972/4زاد املسي ( ،)104/8والقرطيب ( ،)248/11الرازي ( ،)188األسماء والصفات
للبيهيق (.)46
86
ِ
ويقدر َ
ويقيض. ويأمر وينىه ،ويميت وحيي،
ٌ َّ
)4سلطانه جل جَّلل نافذ ف السماوات وأقطارـها ،ويف األرض
وما عليها وما حتتها ،ويف ابلحار واجل َ ِو ،يداول األيام بي انلاس،
ويقلب ادلول ،يذـهب بدولة ويأيت بأخرى.
)5فهو تعاىل مالك امللوك واألمَّلك لكهاِ ،
يرصفهم حتت أمره
ونهيه ،وـهو يؤيت امللك من يشاء ،ويزنع امللك ممن يشاء(.)1
َ ِ
املترصف ف املمالك لكها وحده ،ت َرصف َم ِل ٍك قادر،
ِ )6فهو
قاـهر ،رحيم ،فترصفه ف اململكة دائر بي العدل ،واإلحسان،
واحلكمة ،واملصلحة ،والرْحةَّ ،ل تتحرك ذرة ف ملكه إَّل بإذنه ،وَّل
تسقط ورقة إَّل بعلمه({ )2ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ} [يس].
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﭛ ﭜ ﭝ
عز شأنه{ :ﮌ ﮍ ﮎ ﭞ ﭟ ﭠﭡ} [الفاحتة] ،وقال َّ
ﮏ} [الفرقان ،]26 :قرن (ا رمحن ا رحيم) بـ(من ا) :وذلك أن ثبوت
امللك ل تعاىل ف ذلك ايلوم اذلي ه
يدل ْع كمال القهر ،واَّلستعَّلء،
واإلحاطة ،واتلفرد ف احلساب واملجازاة ،إَّل أنه تعاىل مع لك ـهذه
ٌ
رحيم ،وأن من رْحته تعاىل بعباده :أنه ـهو ٌ
رْحن العظمة فهو ملك
ِ
املتفرد بامللك فيه ،وذلك أنه حياسب عباده ،بالعدل ،والقسط،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال تعاىل{ :ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ} [آل عمران.]26 :
( )2انظر :شأن ادلاعء ( ،)40وتفسي األسماء ( ،)62وطريق اهلجرتي ( ،)228شفاء العليل (.)652/2
87
أحد ،وـهذا ـهو ٌ مَ ه ِ َّ
والفضل ،فَّل يظلم مثقال ذرة ،وَّل حيمل أحد ِوزر ٍ
الملك.الكمال :هملك مع الرْحة ،ورْحة مع ه
88
ً
فجعله حمفوظا حبمد قبله( ،)1وْحد بعده(،)2
ومن هللالهل :أنه َّل ينازعه ف ملكه معارض ،وَّل يمانعه مناقض،
فهو بتقديره متفرد ،وبتدبيه متوحد ،ليس ألمره مرد ،وَّل حلكمه رد(.)3
ٰ
تعنىل :أن ملكه حق ثابت بَّل زوال ،وَّل ومن هللالل ملكه
انتقال ،وَّل نقصان ْع ادلوام( ،)4فلم يكن ل رشيك فيه ،وَّل معي ل
أحد من اخللق ،قال سبحانه{ :ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
فيه من ٍ
ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ} [اإلرساء ،]111 :ورصف أموره فيه باحلكمة،
والعدل ،واحلق ،قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ} [املؤمنون.]116 :
اثلمرات :إذا اكن ربنا سبحانه وتعاىل ـهو ملك امللوكَّ ،ل
ينازعه فيه منازع ،وَّل يشاركه فيه مشارك ،فإن ذلك يوجب نلا أن
يكون ـهو تعاىل مَّلذنا ومعاذنا ،ورجاءنا ،فَّل غىن نلا عنه طرفة
عي ف لك أحوانلا ،فينبيغ نلا أن نوحده تعاىل ف لك شؤوننا وأمورنا.
89
َّ
املسَّم به( ،)1فيطلق ْع السيد املطاع ،اذلي َّل الصفات املحمودة ف
يقىض دونه أمر ،وـهو اذلي يصمد ويقصد إيله ف احلوائج ،وـهو اذلي
َّل جوف ل ،فَّل يأكل وَّل يرشب ،وـهو السيد اذلي ينتيه إيله
السؤدد ف لك يشء ،وـهو ادلائم ابلايق ،وـهو اذلي َّل خيرج منه يشء،
ويطلق ْع العايل اذلي تناىه علوه ،من قوهلم :بناء مصمد ،أي:
َّ
معىل( ،)2وـهو الرفيع ف لك يشء ،لكرثة خصال اخلي فيه ،وكرثة
األوصاف احلميدة ل(.)3
َّ املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تعاىل ـهو ا صمد املصمود للك موجود:
َ
( )1السيد اذلي قد ك همل ف سؤدده ،والرشيف اذلي قد كمل ف
رشفه ،والعظيم اذلي قد كمل ف عظمته ،واحلليم اذلي قد كمل ف
حلمه ،والغن اذلي قد كمل ف غناه ،...وـهو اذلي قد كمل ف أنواع
الرشف والسؤدد ،وـهو الل سبحانه ـهذه صفاتهَّ ،ل تنبيغ إَّل ل(.)4
( )2فهو اذلي تقصده اخلَّلئق لكها ،إنسها وجنها ،بل العالم
ّ
وملماتها ادلقيقة ،واجلليلة ،فجميع بأرسه العلوي والسفل ،حباجاتها
الاكئنات فقية إيله بذاتهم ،ف إجيادـهم ،وإعدادـهم ،وإمدادـهم ،ليس
ألحد غىن عنه مثقال ذرة واحدة( ،)5وَّل حلظة ،وَّل خطرة ،وَّل خطوة.
ٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الصواعق املرسلة (.)1024/3
( )2اللسان ( ،)2495/4الطّبي ( ،)222/30وابن كثي ( ،)570/4وتفسي سورة اإلخَّلص َّلبن تيمية ( 35ـ .)60
( )3ولك املعاين السابقة ثبتت عن السلف ،ولكها يصح أن يوصف به ربنا تعاىل ،كما ذكر ذلك ابلغوي ف تفسيه
( ،)321/7وابن كثي ( )570/4بعد أن ذكر قول احلافظ الطّباين ف كتاب السنة.
( )5تفسي ابن السعدي (.)621/5 ( )4صح عن ابن عباس ريض الل عنهما ،اتلفسي الصحيح (.)681/4
90
( )3وـهو اذلي َّل جوف ل ،فَّل يأكل وَّل يرشب ،وـهو يهط ِعم وَّل
يه َ
طعم( ،)1املستغن عما سواه ،اذلي حيتاج إيله لك ما عداه.
( )4ـهو تعاىل َّ
الصمد" :اذلي لم يدل ولم يودل.
( )5وـهو اذلي َّل يموت وَّل يورث :ألنه ليس يشء يودل إَّل سيموت،
وليس يشء يموت إَّل سيورث ،والل تعاىل َّل يموت وَّل يورث"(.)2
َّ ه
انلافذ أمره ف أرضه وسمواته، ( )6وـهو سبحانه السيِد املطاع،
َّل يقىض دونه أمر ،إَّل بإذنه ومشيئته.
( )7وـهو تعاىل الرفيع الشأن والقدر ،فهو واسع الصفات،
وعظيمها ،اذلي لم يبق صفة كمال إَّل اتصف بها ،بغايتها ،وكماهلا(،)3
حبيث َّل حتيط اخلَّلئق لكهم ،من أوهلم وآخرـهم ،وإنسهم وجنهم،
بواحد ٍة منها ،قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [الزمر.]67 :
( )8وـهو سبحانه الصمد اذلي تناىه علوه ،ل العلو املطلق من
لك الوجوه :بعلو اذلات ،واتلعايل ف لك الصفات "من قوهلم :بناء
همصمد ،املاكن املرتفع ،وبناء همصمد ،أي همعىل" .
()4
( )9وـهو تعاىل الصمد" :اذلي ليس كمثله يشء ،قال تعاىل:
{ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ} [اإلخَّلص]"( ،)5فليس ل من خلقه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1تفسي ابن جرير ( ،)222/30انلهاية (.)52/3
( )2الك املعنيي صح عن أيب بن كعب ريض الل عنه ،صحيح الرتمذي (.)3364
( )3بهجة قلوب األبرار (ص .)291
(َّ )5
صح عن ابن عباس ريض الل عنهما ،انظر اتلفسي الصحيح (.)681/4 ( )4األسىن للقرطيب (.)186/1
91
نظي يساميه ،أو قريب يدانيه(.)1
( )10وـهو سبحانه املصمود إيله ف احلوائج وانلوازل ،املقصود
إيله ف َّ
الراغئب ،املستغاث به عند املصائب .
()2
92
93
ّ
والول ( )4املحمود ْع وحدانيَّته ،وتعايله عن الرشيك َّ
وانلظي،
ِ
من اذلل(.)1
ً ً
( )5وـهو اذلي جيعل من يشاء من عباده حممودا ،فيهبه ْحدا من
عنده ،فيحمده اخللق ،ويثنون عليه.
( )6فمن كمال ْحده ،يوجب أن َّل ينسب إيله رش ،وَّل سوء،
وَّل نقص ف ذاته ،وَّل ف أسمائه ،وَّل ف أفعال ،وَّل ف صفاته.
( )7وـهو اذلي حيمد من يستحق احلمد ،فهو يصف من يستحق من
عباده الصفات الاكملة بما يستحقه ،وهلذا أثىن ْع أنبيائه ،وْع أويلائه(.)2
ِ
( )8وـهو املحمود بكل لسان ،وْع لك حال ،فجميع املخلوقات
ناطقة حبمده ،من اجلمادات ،وانلاطقات ،ف مجيع األوقاتْ ،ع آَّلئه
وإنعامه ،وْع كمال ،وجَّلل(.)3
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ} [الّبوج] ،العزة صفة كمال لل عز
كمال أخرى ،واقرتان العزة باحلمد ،صفة كمال
ٍ وجل ،واحلمد صفة
ثاثلة لل تعاىل ،فهو تعاىل ل احلمد ْع َّ
عزته وغلبته ،وْع إعزازه
ألويلائه ،ونرصه حلزبه وجنده ،والل تعاىل حممود ف عزته ،ألنها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال تعاىل{ :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ} [اإلرساء].
( )2جَّلء األفهام ( ،)244شأن ادلاعء ( ،)78بدائع الفوائد ( ،)178/2شفاء العليل ( ،)511/2تفسي سورة الّبوج
( )3( .)462/10قال سبحانه{ :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ} [اإلرساء.]44 :
94
جارية عن سنن الرْحة ،واحلكمة ،والعدل(.)1
فعزته تعاىل رْحة ألويلائه ،وعدل ألعدائه ،فيه َّ
عزة ْحد َّ
َّ َ
مزنـهة عن لك العيوب وانلقائص ،اكلظلم واجلور ،كما كذلك ،ألنها
يكون ف اغلب أعزاء املخلوقي ،اذلين إذا أعزوا وغلبوا أرسفوا،
استحق سبحانه أن حيمد ْع َّ
عزته، َّ وظلموا ،أو سفهوا ،وذللك
تلزنـهها عن لك انلقائص ،وشموهلا للك األوصاف ،واملدائح.
( )2قال تعاىل{ :ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [احلديد] ،أي :ومن يعرض عن اإلنفاق،
فإن الل تعاىل غن عنه ،وعن إنفاقه ،حممود ف ذاتهَّ ،ل يرضه اإلعراض
عن شكره ،وَّل ينفعه اتلقرب إيله بشكر من َّ
نعمه ،ل مجيع املحامد،
وإن كفره مجيع اخلَّلئق(.)2
َّ
( )3قال تعاىل{ :ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [السشورى] ،دل ـهذا
اَّلقرتان ْع أنه تعاىل حممود ْع وَّليته ،ألنها وَّلية كمال ْع
َّ
اإلطَّلق ،فمن ذلك :أ) أنه ينرش رْحته لعباده ،ويتوَّلـهم بإحسانه،
ب) ومنها :أنه سبحانه حيمد من يطيعه ،فَّييده من فضله ،ويصل
ً ً
وجّبا ل، حبله ادلائم حببله ،هلل) أنه تعاىل يوايل عبده إحسانا إيله، ()3
95
عدوـهم ،وحيفظهم من كيدـهم ،ويدفع ِ وَّليته ألويلائه ،ينرصـهم ْع
ّ
عنهم الرشور ،ولك ما يرضـهم ،ف دنياـهم وأخراـهم.
ه
هللالل احلميد :أنه تعاىل حممود من وجوه َّل حتىص ،وجوانب
ه
َّل تستقىص ،ل أسماء وأوصاف ،ومدائح وثناءَّ ،ل يعلمها ملك
هم َّ
مقرب ،وَّل نيب مرسل ،تقرص بَّلاغت الواصفي عن بلوغ كن ِهها،
بالواحد منها ،ومع ذلك فلله سبحانه
ِ وتعجز األوـهام عن اإلحاطة
َّ
تتحرك به اخلواطر ،وَّل وتعاىل حمامد ،ومدائح ،وأنواع من اثلناء ،لم
ملتوسم ،وَّل سنحت ف فكر ،فهو ِ ـهجست ف الضمائر ،وَّل َّلحت
ً حممود ف الكون لكِهً ،
دائما بدوامهَّ ،ل يزول أبدا( ،)1ف ادلنيا
ٌ
تعاىل
ِ
واآلخرة ،قال الل العظيم{ :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫﭬ} [الروم] .وقال سبحانه{ :ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ
ﰂ} [القصص.]70 :
96
97
َُ ر َ ر َّ
عنل ،يمجدالقديس> :أًن اجلبنر ،أًن املتكرب ،أًن امللا ،أًن املت ِ
ًفسه.)1(<..
َّ
)5وـهو اذلي جمده خلقه لعظمته ،قال تعاىل..> :وإ،ا قنل(:)2
َّ َ
{ﭞ ﭟ ﭠ} ،قنل :ادين عبدي<(.)3
" )6ل اتلعظيم واإلجَّلل ،ف قلوب أويلائه األبرار ،وأصفيائه
األخيار"( ،)4جلزيل خياته ،وإحسانه املدرار.
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ}
َّ
زائد ،وذلك أن املجيد من معانيه
كمال ٍٍ [ـهود] دل ـهذا اَّلقرتان ْع
ً
ـهو :املنيع املحمود ،ألن العرب َّل تقول للك حممود :جميدا ،وَّل للك
ً ً
منيعا غي حممود ،اكللص منيع جميدا ،ألن الواحد قد يكون
ً
املتحصن ببعض القَّلع ،وقد يكون حممودا غي منيع ،أما املجيد،
منيعا َّل يرام ،واكن ف منعته حسن ً فهو من مجع بينهما ،فاكن
اخلصال ،مجيل الفعال ،والل سبحانه وتعاىل جيهل عن أن يرام ،أو
حمسن ،منعمّ ،
ممجدَّ ،ل يستطيع العبد أن ٌ يوصل إيله ،وـهو مع ذلك:
َّ
حييص نعمته ،ولو استنفد فيها مدته(.)5
وا كمنل اآل ر :أن احلمد :كرثة الصفات ،واخليات ،واملجد:
عظمة الصفات ،وسعتها ،فهو ْحيد لكرثة صفاته احلميدة ،املجيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه أْحد ف مسنده ( )5608وصحح إسناده شعيب األرناؤوط (.)432/9
( )5املنهاج للحلييم (.)197/1 ( )4السعدي (.)315/1 ( )3مسلم (.)395 ( )2أي :العبد.
98
لعظمتها ،وعظمة ملكه وسلطانه ،فإذا مجع بينهما ،صار احلميد:
أخص بكرثة الصفات ،واملجيد :أخص بعظمتها( ،)1فذللك اكن
"احلمد واملجد إيلهما يرجع الكمال لكه"(.)2
َّ
هللالل املجيد :أنه تتجىل فيه عظمة الصفات ،وكرثتها،
ٌ
وسعتها ،وتمامها ،وكماهلا ،حبيث َّل يستطيع أحد من اخللق إحصاءـها،
واإلحاطة بواحدة منها ،فلك وصف من أوصافه عظيم شأنه ،فهو
َّ
العليم الاكمل ف علمه ،الرحيم اذلي وسعت رْحته لك يشءٍ ،القدير
اذلي َّل يعجزه يشء ،احلليم الاكمل ف حلمه ،إىل َّ
بقية أسمائه وصفاته،
يدل ْع مجلة أوصاف عديدة ،وـهو متناول جلمي ِعهاَّ ،ل ختتص فهو ه
99
100
ويلا من اذلل ،ه) ولم يكن ل ً ً
رشيكا ف امللك ،د) وَّل ًّ
كفوا أحد(.)1
وي ِع هدـهم
( )5من سعة غناه تعاىل وكرمه ،أنه يأمر عباده بداعئهَ ،
معىن الغىن أنه يغن عباده من إنعامه وآَّلئه ،ومع ذلك يهكفر وَّل
ويعىص وَّل حيمد ،فلوَّل حلمه وإمهال اذلي َّل يرام، يشكر ،ه
َّ
لعاجلهم بالعقاب والعذاب ،ولكنه ـهو الغن احلليم بكل األنام.
ﭟ} [األنعام: ( )2وقال سبحانه وتعاىل{ :ﭜ ﭝ ﭞ
،]133أي أن الل جل شأنه ـهو (اليين) عن إيمان العباد ،وطاعتهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2املصدر السابق ( ،)47وفتح الرحيم امللك (.)38 ( )1انظر :احلق الواضح (.)48
( )4تفسي الطّبي (.)43/3 ( )3تفسي ابن السعدي (.)629/5
101
َّل ينفعه إيمانهم ،وَّل يرضه كفرـهم ،ومع ذلك فهو (،و رمح :)،بهم،
فلم يكن غناه عنهم ً
مانعا من اتلفضل عليهم برْحته ،وفيه تنبيه أن
ما سبق ذكره( )1ليس نلفعه ،بل لرتْحه ْع عباده( ،وـهذا أكمل الكمال):
فإن الرْحة هلم ،مع الغىن عنهم ،يه اغية اتلفضل ،واتلطول"(.)2
102
َّ
ومن هللالهل :أن خزائن السموات واألرض والرْحة بيده ،وأن جوده
ْع خلقه متواصل ،وأن يده الكريمة َّ
سحاء الليل وانلهار ،وخيه ْع
خلقه مدرار(.)1
اثلمرات :إذا شهد القلب غىن الرب ،استغىن به عن لك
اخللق ،وـهذا ـهو العز للعبد ،قال الل ف احلديث القديس> :ين ابن
آدم تفرغ لعبنديت أمأل صدرك غ ٰ
ىن ،وأسد ةقرك<( .)2فهذا "ـهو الغن
احلقييق ،ف ادلنيا ،ويف املعاد ،وابلايق بغناه أبد اآلباد"(.)3
( )3األسىن ( )4( .)270لسان العرب ( ،)951/2املفردات ( ،)248معجم مقاييس اللغة ( ،)91/2تفسي األسماء ()43
103
يفعل ،وَّل يفصل ،إَّل احلق ،والعدل ،والصواب(.)1
( )2فهو اذلي حيكم األشياء ويتقنها ،فَّل تفاوت فيها ،ويضعها
ف أحسن مواضعها ،ويزنهلا ف أفضل منازهلا الَّلئقة بها(.)2
( )3وـهو تبارك وتعاىل احلكيم :اذلي َّل يدخل ف تدبيه خلل،
َّ
وَّل زلل( ،)3اذلي أوجد اخللق بأحسن نظام ،ورتبه بأكمل إتقان.
( )4وـهو احلكيم :ل احلكمة العليا ،ف خلقه ،وأمره ،فَّل خيلق
ً ً ً
عبثا ،وَّل يرشع هس ًدى ،وَّل ه
يرتك عباده ـهمَّل. ()4 شيئا
( )5وـهو احلكيم :ل احلكم ف األول واآلخرة ،ول األحاكم
اثلَّلثة :األحاكم ادلينية الرشعية ،واألحاكم القدرية الكونية،
واألحاكم اجلزائيةَّ ،ل يشاركه فيها مشارك(.)5
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ}
ً
موضعا ،فيه [املائدة] ،كرث ـهذا اَّلقرتان ف القرآن ،حنو ستة وأربعي
دَّللة جلية ْع أـهميته ،ملا حواه من مزيد من الكماَّلت اليت َّل
ه
حتىص ،إضافة ْع كمال لك اسم ْع انفراده ،فتكون عًة أكمل،
وحكم ،أكمل ،فمن ذلك:
فعزته َّل تقتيض ً
ظلما ،وَّل أوالا :أن َّ
عزته تعاىل مقرونة باحلكمةَّ ،
جورا ،وَّل سوء فعل ،كما قد يكون من أعزاء املخلوقي ،اذلين إذا ً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2انظر شأن ادلاعء (.)73 ( )1ابن كثي ( ،)459 ،184/1األسماء والصفات للبيهيق (.)22
( )5نفس املصدر. ( )4تفسي ابن السعدي (.)621/5 ( )3ابن جرير (.)608/1
104
َعزوا وغلبوا ،أرسفوا وظلموا ،وكذلك العزيز منهم قد تأخذه َّ
العزة
باإلثم ،فيظلم ،وجيور ،وييسء اتلرصف ،وتقع أفعال ف طيش،
َّ
ويترصف بدون حكمة. َّ
فيتهور ف ترصفاته، وسفه،
ّ
بالعز الاكمل ،فإن ـهذه وكذلك حكمه تعاىل وحكمته مقرونان
حال من األحوال ،خبَّلف هحكم ِ َّ
العزة َّل خترج عن احلكمة بأي ٍ
م
وحكمته ،فإنهما يعرتيهما اذلل واهلوان ،فإذا اقرتنتاملخلوق ِ
بعزته ،صار ل سلطان َّ
وقوة ،ولم تفته األمور ،فجمع الل حكمته َّ
105
ٌ
فَّل يستطيع أحد نقض يش ٍء منه ،أو نقض ما دبَّره ،وَّل يمتنع عليه
َّ
َّ
يتحول ،وَّل يشء إذا أراده ،فلك ما دبَّره حبكمته َّل يتخلف ،وَّل
ٌ
يتغي ،ألنه (عًيً) نافذ قوته وقدرتهْ ،ع ما يريده( ،حكيم) :يعلم
أنه كيف ينبيغ أن يفعل ،ما يريده(.)1
ا
نمسن :أنه تعاىل عزيز ف انتقامه ،فيمن خالفه من أعدائه،
وأنه بمقتىض حكمته وعدل.
ا
سندسن :أنه سبحانه جدير بإعزاز من انقطع إيله ،وأنه تعاىل إذا
َّ ً
أعز أحدا ،منعته حكمته من اتلعرض ل بإذَّلل بفعل ،أو مقال .
()2
ا
سنبعن :أي :أنه تعاىل القادر القوي ْع اثلواب والعقاب ،اذلي
َّل يثيب ،وَّل يعاقب ،إَّل عن حكمة وصواب ،وـهو يغلب من يشاء
َّ ٌ َّ
يغرت أحد فيظن أنه إلـهمال .
()3 بعزته ،ويمهله إن شاء حبكمته ،فَّل
ً
هللالل احلكيم :أنه إذا أمر بأمر اكن حسنا ف نفسه ،وإذا
ً ً
قبيحا ف نفسه ،وإذا أخّب خبّب اكن ِصدقا ،وإذا نىه عن يشء اكن
ً
فعَّل اكن صوابًا ،وإذا أراد ً
شيئا اكن أول باإلرادة من غيه ،فهو فعل
حكيم ف إراداته ،وأفعال ،وأحوال(.)4
ومن هللالهل :أنه أحكم خلق األشياء ْع مقتىض حكمته ،ل
َّ
احلكمة ف ما فعله ،وخلقه ،ويه حكمة تامة اقتضت صدور ـهذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3ابليضاوي ( ،)475/1نظم ادلرر (.)562/5 ( )2نفس املصدر (.)552/5 ( )1نظم ادلرر (.)192/3
( )4مدارج السالكي (.)427/3
106
َّ
اخللق ،ونتج منها ارتباط املعلول بعلته ،وارتباط السبب بنتيجته،
َّ وتيسي لك خملوق لغايته ،فبحكمته خلق َّ
فسوى ،وقدر فهدى ،وأسعد
َّ
وأشىق ،وأضل وـهدى ،ومنع وأعطى ،فهو تعاىل اذلي يضع األشياء ف
ِ َّ
خواصها ،ومنافعها ،ويرتب أسبابها ،ونتاجئها .
()1 مواضعها ،ويعلم
اثلمرات :عندما يؤمن العبد بكمال حكمته سبحانه ،وأنه
ً ً حكيم ف أمره ،ونهيه ،وقضائه ،ه
وحكمه ،فإنه يمتلئ قلبه أمنا وطمأنينة
ً
وتسليما حلكمه ،وينبيغ للمؤمن "أن يتعلم احلكمة بقضاء الل وقدره،
ً
حكيما يضع األشياء مواضعها، ويطلبها عند أـهلها ،حىت يكون
وحقيقة احلكمة إصابة الصواب ،وموافقة احلق ،والعدل ،ف القول
كثيا ،قال تعاىل{ :ﯩ ﯪً والعمل" ،فمن أوتيها فقد أويت ً
خيا ()2
107
والعظم :الكّب ،والقوة ،واتلعظيم :اتلبجيل ،والعظمة :الكّبياء،
فالعظيم يطلق ملعنيي:
ّ
العلو، أحدهمن :عظم األجسام ،وكرثة أجرامها ،واثلنين:
والقدر ،ورفع املزنلة ،فيستعمل للمحسوس ،واملعقول ،ومنه عظيم
القوم :من ل العظمة ،والرياسة منهم(.)1
وـهذا اَّلسم اجلليل ،لربنا العظيم ،حيمل ف مبناه ،ومعانيه،
َّ
اجلَّلل ،والعظمة ،والرشف ،والسؤدد" ،اذلي جاوز قدره ،وجل عن
حدود مجيع العقول ،حىت َّل تتصور اإلحاطة بكنهه ،وحقيقته"(" ،)2
ً ً
ورشاع، فلفظه موضوع لدلَّللة ْع السعة ،والكرثة ،والزيادة ،لغة،
املعّب عنه ،باللفظ الكثي من معاين أسماء ّ حبيث يدخل ف معناه
الل تعاىل ،وصفاته العليةَّ ،ل خيتص بصفة معينة"(.)3
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه وتعاىل ـهو العظيم ْع اإلطَّلق:
( )1العظيم ف ذاته :اليت ليس كمثلها يشء ،فمن عظمته أن
السماوات واألرض ف كف الرْحن أصغر من اخلردلة( ،)4وغيه ،قال
تعاىل{ :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الزمر ،]67 :قال ‘> :من
ا سمنوات ا سبع يف ا كريس إال كحلق ،بأرض ةالة ،وةضل العرش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لسان العرب ( ،)3004/4اشتقاق أسماء الل ( ،)111األسىن (.)232
( )3انظر بدائع الفوائد (.)175/1 ( )2انلهاية ( ،)259/3واملقصد األسىن (.)64
( )4رواه عبد الل بن أْحد ف السنة (الرد ْع اجلهمية) ( .)476/2( )1090كما قال ابن عباس ريض الل عنهما.
108
ىلع ا كريس كفضل تلا الفالة ٰ
ىلع تلا احللق.)1(<، ٰ
( )2وـهو العظيم ف صفاته :فهو موصوف بكل صفة كمال ،ل
فيها من الكمال أكمله ،وأعظمه ،وأوسعه ،فهو العظيم ف لك يشء،
ٌ
عظيم ف ـهباته وعطائه ،فهو عظيم ف رْحته ،عظيم ف قدرته،
العظيم املطلق ،فَّل أحد يساويه ،وَّل عظيم يدانيه(.)2
( )5ومن كمال عظمته أنه تعاىل َّل يمكن اَّلمتناع عليه
ً
كرـها ،وَّل خيالف أمره ً
قهرا .
()4 باإلطَّلق ،فَّل يمكن أن يعىص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1سلسلة األحاديث الصحيحة (.)109
( )2بدائع الفوائد ( ،)63/1ورشح انلونية للهراس ( ،)68/2وأسماء الل احلسىن لألشقر (ص .)146
( )4املنهاج (.)195/1 ( )3احلق الواضح (ص ،)27واتلفسي (.)1232
109
هم
( )6وـهو تعاىل العظيم اذلي يع ِظم الرزق ،واألجر ،واثلواب ،ملن
يشاء من العباد ،قال تعاىل{ :ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ
ُ ﰇ ﰈ ﰉ} [الطَّلق] ،وقال ‘َ > :م ْن َّ
رس أن يعظم ا رزقه ،وأن
َّ
يمد يف أهللله ،ةليصل رمحه<(.)1
َّ َ َّ
( )7ومن كمال عظمته ،أنه عظم نفسه ،وجمدـها ،قال تعاىل:
َ َّ
{ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ} [الزمر ،]67 :وعظمه خلقه ،وأثنوا عليه بما ـهو
َّ
أـهله فيف احلديث >وإ،ا قنل{ :ﭞﭟﭠ} قنل :ادين عبدي<(.)2
ً
صاحبة ،وَّل ً
ودلا ،قال الل ( )8ومن تمام عظمته أنه لم يتخذ
العظيم{ :ﭪ ﭫ ﭬ( )3ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} [اجلن].
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ}
[ابلقرة]" ،فلله عز وجل صفة كمال من اسمه (العل) ،وصفة كمال
من اسمه (العظيم) وصفة ثاثلة من اجتماعهما ،فقد حاز بهذا
اَّلقرتان العلو بكل أنواعه ،ومجع العظمة بكل صورـها ،فهو عظيم
اعل ف عظمته سبحانه.
ف علوهٍ ،
ولعل تقديم اسم (العل) ْع (العظيم) من تقديم السبب ْع
ّ
فالعلو :رفعته،املسبب ،ألنه سبحانه عظم ،لعلوه ْع لك يشء"(" ،)4
ً ً ِ
وعلو ذاته ،والعظمة :عظمة قدره ،ذاتا ،ووصفا"( ،)5فاجتمع الكمال ف
علوه ،وعظمته ،الكمال لكه ،أعَّله ،وأعظمه ،ف ذاته ،وصفاته ،وسلطانه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2أي عظمته .الصحاح (.)157 ( )2مسلم (.)395 ( )1صحيح اجلامع (.)6291
( )5الصواعق املرسلة ( 1364/4ـ .)1371 ( )4ولل األسماء احلسىن (.)244
110
َّ
هللالل العظيم :إن األجسام وإن عظمت أقدارـها ،وتباعدت
حميط بها ،قال ‘> :إن ا يمسا ا سموات ٰ
ىلع أقطارـها ،فخالقها ٌ
()1
ٰ
والرثى ىلع إصبع ،واجلبنل وا شجر ٰ
ىلع إصبع ،واملنء إصبع ،واألرضني ٰ
ُّ َّ ىلع إصبع ،وسنئر اخللق ٰ
ٰ
يهًهن ةيقول :أًن امللا< .
()2 ىلع إصبع ،ثم
فإذا اكن تبارك وتعاىل جيعل ـهذه األجرام واألجسام العظام بي
عز وجل حيث أصابعه اجلليلة ،فكيف بعظمته وجَّلل ،وصدق َّ
ومن هللالهل :أنه َّل تتعاظم عليه املسائل مهما كرثت ،وكّبت(.)3
نهاية"()4 ومن هللالهل" :أنه ليس لعظمته بداية ،وَّل جلَّلل
اثلمرات :ينبيغ للك مؤمن أن يعظم ربه تعاىل اتلعظيم لكه،
ف قلبه ،ولسانه ،وجوارحه ،ومن تعظيمه :أن يطاع فَّل يعىص،
ويذكر وَّل ينىس ،ويشكر وَّل يكفر ،ومن تعظيمه تعاىل أنه يعظم ما
وأقوال ،وأشخاص(.)5
ٍ وأعمال،
ٍ عظمه جل وعَّل من زمان ،وماكن،
111
والعجز ،يقال :قوي ْع يشء إذا أطاقه ،وقدر عليه(.)1
ً
مجيعا: املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو القوي ل القوة
حال ،وَّل حلظة. ِ
( )1اتلام القوة املطلقة ،اليت َّل تتخلف ف أي ٍ
القوي اذلي َّل يعرتيه ضعف ،أو قصور ،وَّل يتأثرِ ( )2وـهو
ِ
بوـهن ،أو فتور ،ل املشيئة انلافذة ْع لك األمورْ ،ع ِ
مر ادلـهور.
( )3وـهو سبحانه القوي اتلام القوة ،فَّل يغلبه اغلب ،وَّل يمنعه
مانع ،وَّل يدفعه دافع ،وَّل يرد قضاءه راد.
ِ ( )4ومن كمال قوته تعاىل أنه ٌ
قادر ْع األشياء لكهاَّ ،ل يستول
حال من األحوال.
عليه عجز ،وَّل نصب ،ف ٍ
( )5وـهو املتنايه ف القوة ،اليت تتصاغر لك قوة أمام َّ
قوته جل
وعَّل ،شديد عقابه ،ملن كفر وجحد بآياته.
وقت
( )6وـهو القوي :انلافذ أمره ،القادر ْع إتمام فعله ،ف أي ٍ
َ َ
أمر يريده ف َعلهَّ ،ل يتعاىص عليه يشء ،وليس ل
شاء سبحانه ،فلك ٍ
عوين ،وَّل مساعد ْع أمر يكون ،بل إذا أراد ً
أمرا قال ل" :كن ةيكون". ٍ
( )7القوي ف بطشه وعقابه ،إذا بطش بيشء أـهلكه ،ل مطلق
املشيئة واألمر ف مملكته ،فَّل يرده راد ،وَّل يفوته ـهارب(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لسان العرب ( ،)206/15معجم مقاييس اللغة (.)36/5
( )2انظر املعاين السابقة :ابن جرير ( ،)39/12( ،)17/10شأن ادلاعء ( ،)77ابن كثي ( ،)320/2اشتقاق أسماء الل
( ،)149فتح الرحيم ( ،)27أسماء الل للرضواين (.)399
112
من لطنئف االقرتان )1 :قال تعاىل{ :ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ} [الشورى] ،أي :أنه تعاىل قوي ْع إـهَّلك من أراد إـهَّلكه ،فَّل
ٌ
أحد
يستطيع أحد مدافعته ،عًيً :اغلب ،ومنيعَّ ،ل يفتقر إىل نرصة ٍ
َّ َّ
من خلقه( ،)1ودل ـهذا اَّلقرتان ْع نيف ما يتوـهمه بعض عباده ،من
انلقائص ف حقه ،وذلك أنه "ملا اكن القوي من املخلوقات قد
وقت ،نىف ذلك سبحانه بقول:
يكون غيه أقوى من غيه ،ولو ف ٍ
(عًيً) :أي :اغلب غلبةَّ ،ل جيد معها املغلوب ،نوع مدافعة،
وانفَّلت ،دائم ل ـهذا الوصف ْع ادلوام"(.)2
( )2وقال سبحانه{ :ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ}
[الشورى] ،أي :أنه تعاىل يرزق من يشاء ،مهما شاءْ ،ع سبيل من
السعة ،أو الضيق ،أو اتلوسطَّ ،ل مانع ل من يشء من ذلكَّ ،
ولما
ذلك َّل يستطيعه أحد سواه ،ملا حيتاج إيله من القوة الاكملة ،والعزة
الشاملة ،قال( :وهو القوي) :أي :فَّل يضيق عطاؤه بيشء( ،العًيً)
ٌ
فَّل يقدر أحد أن يمنعه عن يشء(.)3
( )3قال تعاىل{ :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ ﭯ} [احلديد] ،أي :أنه (قوي) قادر ْع إـهَّلك من أراد
إـهَّلكه ،ومن ذلك أعداءه ،وتأييد من ينرصه من أويلائه( ،عًيً)،
أي :منيع غي مفتقر إىل نرصة أحد من خلقه ،وإنما داع عباده إىل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3املصدر السابق (.)619/6 ( )2نظم ادلرر (.)506/7 ( )1ابليضاوي ( )376/3بترصف يسي.
113
نرصة دينه ،إنما ـهو يلنتفعوا به ،ويستوجبوا اثلواب املرتتب ْع
جهاده( ،)1فبقوته ينرص أويلاءه ،وبعزته يمنع عنهم أعداءه ،فجاء
ـهذا اَّلقرتان حىت يقطع ما قد يتوـهمه أنه حمتاج إىل أحد سواه ،فهو
تعاىل غن بقدرته وعزته عنهم ف لك ما يريده.
َّ
إن جَّللة ـهذا اَّلسم تظهر َّ
جلية ف الكون، هللالل القوي:
من ْحله للسماوات أن تسقط ْع األرض ،وْحله العرش أعظم
املخلوقات ،وْحلته العظام.
ومن هللالل َّ
قوته سبحانه "إـهَّلكه للظاملي ،وانتقامه من
املجرمي ف لك العصور ،وإحَّلل بهم أنواع العقوبات ،وصنوف
قوتهم وجّبوتهم{ ،ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ املثَّلت ،مهما اكنت َّ
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ
ﮞ ﮟ ﮠ} [فصلت.]15 :
ومن هللالهل :أنه تعاىل ينرص من ينرصه ،وخيذل من خيذل ،قال
تعاىل{ :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ} [احلج]،
َّ
قل عددـهم ه
وعددـهم" :
()2 كتب الغلبة ل وألويلائه ْع أعدائهم ،وإن
{ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ} [املجادلة].
اثلمرات :مىت علم املؤمن بقوة الل تعاىل ينبيغ ل أن َّ
يتعزز
بقوته ف الصدع باحلق ،ف أمره باملعروف ،ونهيه عن املنكر ،وَّل خياف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2فتح الرحيم ( ،)76واحلق الواضح ( )46بترصف. ( )1تفسي أيب السعود ( ،)209/6وابلقايع (.)460/7
114
قوتك ف طاعة الل سبحانه ،تكون لكف الل لومة َّلئم ،وْع قدر َّ
ُّ َّ
املحبة منه تعاىل ،قال ‘> :املومن القوي ر وأحب إىل ا من
املؤمن ا ضعيف< ،وعليك أن َّ
تتقوى ْع طاعة الل ،باإلكثار من ()1
قول( :ال حول وال قوة إال بن ،ةإًهن كزن من كنوز اجلن.)2()،
115
َّ
مشقة ،وَّل تعب ،وَّل لكفة( ،)1لكمال عظمته ،وقوته ،وتمام قدرته.
( )3وـهو الواسع املطلق ،ابلالغ انلهاية ف الكمال ،ف ذاته ،وصفاته،
وأفعال ،ما َّل تدركه عقول العاملي ،وَّل حتيط به عبارة املعّبين(.)2
ٍ
وطاغ ( )4وـهو سبحانه ذو ابلطش الشديد ،للك ظالم عنيد،
عتيد ،قال تعاىل{ :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ} [الّبوج.]12 :
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊ ﮋ} [اذلاريات] ،اقرتان (املتني) بـ(القوي) فيه كمال آخر ف
القوة ،وـهو :اتلنايه ف القدرة ،واتلنايه ف شدة القوة ،وـهذا أكمل ما
يكون ف القوة ،واقرتانه بـ(ا رزاق) :فألن من آثار قوته تعاىل،
َّ
وكمال قدرته اليت َّل حد هلا ،أنه تكفل بإيصال رزقه إىل مجيع
ٌ العاملي ،ف ِ
وقت شاء ،فَّل يستطيع أحد سواه ،أن يضيق ٍ أي ()3
116
َّ
"ومن هللالهل :أنه َّل حيتاج ف إمضاء حكمه إىل جند ،أو مدد،
وَّل إىل معي ،أو عضد ،اذلي بلغت قدرته أقىص الغايات ،ف ِ
أي
وقت من األوقات"(.)1
ٍ
ً
اثلمرات :ينبيغ ملن عرف الل بهذا اَّلسم أن يكون شديدا
ً
ف اثلبات ْع احلق ،متينا ف اإليمان وايلقي ،واتلمسك حببل الل
ِ
تعاىل املتي ،مع احللم ،والرفق ،واللي ،مع نفسه ،وأـهله ،وخلقه
َّ
إن هذا ر
ادلين متني ،ةأوغلوا ةيه برةق<(.)2 أمجعي ،قال ‘> :
117
ٰ
تعنىل ًواعن: )4وسمعه
أحدهمن :سمعه جلميع األصوات الظاـهرة وابلاطنة ،اخلفية واجللية،
اتلامة بها ،فَّل ختتلف عليه األصوات ،مهما كرثتَّ ،َّ
وتنوعت، وإحاطته
وكأنها دليه صوت واحد.
اثلنين :سمع اإلجابة منه للسائلي ،وادلاعي فيجيبهم ،والعابدين
أي [إبراـهيم] فيثيبهم ،ومنه قول تعاىل{ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ}
جميب ادلاعء(.)1
من لطنئف االقرتان )1( :قول تعاىل{ :ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
ﮧ} [يوسف] ،دل ـهذا اَّلقرتان ْع مزيد من صفات الكمال ،وذلك:
أن السمع بدون علم نقص ،والعلم بدون سمع كذلك نقص،
والسمع :يتعلق باألصوات ،ويه ظاـهرة ،والعلم :يتعلق باألمور
َّ
ابلاطنة ،ويه خفية ،فدل ـهذا اَّلقرتان ْع كمال إحاطة الل تعاىل
بالظواـهر ،وابلواطن ،ومن ذلك أنه سميع ملن داعه ،عليم حبال،
وحاجته ،واضطراره ،فَّل يفوته تعاىل قول من جيهر به ،أو من يَّس
َّ َّ ٌ
وانليات ،اليت أدت إيله ،فهو سبحانه عليم بابلواعث ،واألسباب، به،
عليم بمن داعه ،أو ذكره بإخَّلص ،أو خَّلف ذلك.
وكذلك "فإن تلقديم صفة (ا سميع) أثره ف ذكر العبد وداعئه ،ف
مراقبة أقوال ملوَّله ،حي يستشعر أنه خياطب من يسمعه ويصيغ إىل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1إاغثة اللهفان ( ،)3/1احلق الواضح ( ،)34توضيح الاكفية ( ،)118وموسوعة ل األسماء احلسىن ( )151/1بترصف.
118
جنواه ،وصفة العلم تقتيض أن حيسن العبد باطنه ،بإحسان الظن لربه،
وهلذا قدم (السميع) ْع (العليم) ف لك آيات اَّلقرتان"( )1الكريم.
( )2قال عز وجل{ :ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [سبأ] ،فإن سمعه
(قريب) من لك أحد ،بل أقرب إىل نفس العبد من نفسه ،وأنه "َّل
يبعد عليه يشء ،يلحتاج ف إدراكه إىل تأخي لقطع مسافة أو حنوـها،
َّ
بل ـهو مدرك للك ما أراد ،لكما أراد ،ألنه ليس يسمع عن بعد"(.)2
اعل ف قربه.
وَّل أنه جييب إَّل من قرب ،ألنه سميع قريب ف علوهٍ ،
رس القول وجهره،هللالل ا سميع :أنه قد استوى ف سمعه َّ
فَّل ختتلط ،وَّل ختتلف عليه األصوات ،وَّل تتشابه عليه اللكمات،
مهما اختلفت اللغات ،وتنوعت ،فَّل يشغله سمع عن سمع ،وَّل
تغلطه املسا ئل ،وَّل يّبمه كرثة السائلي وادلاعي ،ف اآلن الواحد،
كصوت واحد(.)3
ٍ بل يه عنده لكها
ِ
ومن هللالهل سبحنًه :أنه يدرك مقاصد املتلكمي ،ومعاين
املعتّبين ،ونظرة املتأملي ،ف لك حلظة وحي.
اثلمرات :عندما يدرك املؤمن أن الل تعاىل من فوق عرشه
يسمع الَّس وأخىف ،فإنه يوجب ل املراقبة واَّلستحياء من الل تعاىل
ِ
الَّس وانلجوى ،وجيتهد أَّل يسمع ربه األْع ،ما َّل حيب ،وَّل ف
يرض ،وأن َّ
يتقرب إيله بسماع احلق واهلدى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2نظم ادلرر ( ،)196/6وتفسي الرازي (.)272/18 ( )1ولل األسماء احلسىن ( )349بترصف يسي.
( )3انظر إاغثة اللهفان ( ،)3/1وطريق اهلجرتي (.)76
119
120
وـهو بمعىن (العليم) ،وـهذه بصية علم(.)1
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ} [الشورى] ،دل ـهذا اَّلقرتان ْع اغية الكمال ف
سعة املراقبة ،واإلحاطة الاكملة ،من مجيع الوجوه ،وذلك أن األشياء
ف ـهذا الكون إما أن تكون مرئية ،أو مسموعة ،ظاـهرة ،أو خمفية،
فدل ـهذا اَّلقرتان ْع إحاطة سمعه تعاىل جبميع املسمواعت ،وكذلك
برصه جبميع املرئيات ،واملخفيات ،وكذلك أن "السمع وابلرص من
حيث ـهما سمع وبرص ،يتصف بهما مجيع (املخلوقات) ،فكأن الل
تعاىل يشي للخلق ،أَّل ينفوا عنه صفة سمعه وبِّص ،باداعء أن
احلوادث تسمع وتبرص ،وأن ذلك تشبيه"(.)2
َّ
ودل ـهذا اَّلقرتان ف ـهذه اآلية ْع أصل من أصول أـهل السنة
ً
ف الصفات ،أن انليف يكون جممَّل( :ليس كمثله يش) ،واإلثبات
ً
مفصَّل( :وهو ا سميع ابلصر)(.)3
هللالل ابلصر :أنه يرى تعاىل دبيب انلملة السوداء ،حتت
الصماء ،ف الليلة الظلماء ،حيث اكنت من سهله أو جبال، َّ الصخرة
َّ َّ َّ ورسيان َّ
والقوت ف أعضائها ادلقيقة ،ويرى تفاصيل خلق اذلرة()4
ِ ادلمِ
ه َّ
الصغية ،وأعضاءـها ،وحلمها ،ودمها ،وخمها ،ويرى نياط عروق انلملة،
حتيت العقول ف عظمة، وابلعوضة ،وأصغر من ذلك ،فسبحان من َّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر طريق اهلجرتي ( ،)234انلونية ( ،)141توضيح الاكفية ( )183بترصف.
( )2منهج ودراسات آليات األسماء والصفات للعَّلمة الشنقيطي (ص.)4
( )3انظر جمموع الفتاوى ( ،)478/2الصواعق املرسلة ( )4( .)1009/3أي :انلملة.
121
وسعة متعلقات صفاته ،ولطفه( ،)1وجَّلل.
َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن ،ثمرتي
من ثمار اإليمان ،وـهما :املراقبة ،واحلياء من الل تعاىل أن يراه حيث
نهاه ،وأن يفتقده حيث أمره ،فمن َّلزم ـهذه العبادة ،أوصلته إىل أْع
مقام اإليمان ،وـهو :اإلحسان.
122
لقدرته ومشيئته ،مواد وعنارص العالم العلوي ،والسفل(.)1
( )2وـهو تعاىل القهار ألـهل السموات واألرض ،فأـهل السموات
بالتسخي ،وأـهل األرض فباتلعبيد واتلذيلل.
ِ َّ
بعلو اذلات، ( )3ـهو سبحانه القهار املستعل ْع لك اخلَّلئق
وعلو القهر ،واملاكنة ،والقدر ،قال تعاىل{ :ﰂِ ِ
وعلو السلطان،
ﰃ ﰄ ﰅ} [األنعام.]18 :
( )4وـهو اذلي قهر املعاندين بما أقام من اآليات وادلَّلَّلت ْع
املستحق للعبادة وحده ،وقهر جبابرة خلقه بالعقوبة،
ِ وحدانيته ،وأنه
بعز سلطانه ،وقهر باملوت لك خلقه(.)2
َّ
ويذل رقاب
( )5وـهو القهار اذلي يقصم ظهور العتاة واجلبابرةِ ،
الطغاة واألكارسة ،ويقطع اآلمال باحلافرة(.)3
( )6وـهو تعاىل يقهر العباد ،باحلرش إىل أرض املعاد ،يلقيم هلم
مَّيان العدل ،واحلق ،والصواب ،قال تعاىل{ :ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [إبراـهيم].
( )7وـهو سبحانه يقهر من نازعه ف ألوـهيته ،وربوبيته،
وحكمه ،باحلجة وابليان ،والغلبة واذلل واهلوان.
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﮪ ﮫ ﮬ
ﮭ} [الرعد] ،دل ـهذا اَّلقرتان ْع معىن بديع ،وـهو :أن الغلبة،
واإلذَّلل من ملوك ادلنيا ،إنما يكون بأعوانهم ،وجندـهم ،وعددـهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1احلق الواضح (ص )2( .)76األسىن للقرطيب ( ،)213/1تفسي األسماء ( )38بترصف )3( .انظر :األسىن (.)213/1
123
ٌ ٌ ه َّ ه َ
يقهر لك اخللق ،وـهو واحد أحد ،فرد وعد ِدـهم ،والل تبارك وتعاىل
ه
القهار إَّل مستغن عن الظهي واملعي( ،)1وكذلك َّل يكون صمد،
ٍ
َّ
قه ً ٌ ً
ارا ْع واحدا ،إذ لو اكن معه كفؤ ل ،فإن لم يقهره لم يكن
ً َّ
القه ه ً
ار واحدا(.)2 اإلطَّلق ،وإن قهره لم يكن كفؤا ،فاكن
وا كمنل اآل ر :أن وحدته تعاىل وقهره متَّلزمان ،فالواحد َّل
ً َّ
والقه ه َّ
قه ً
ار َّل يكون إَّل واحدا ،وذلك ينيف الرشكة ارا، يكون إَّل
َّ
من لك وج ٍه ،فإن القهر مَّلزم للوحدة ،فَّل يكون اثنان قهاران
ً
متساويان ف قهرـهما أبدا ،فاذلي يقهر مجيع األشياء ـهو الواحد،
ً
قاـهرا يستحق أن يعبد وحده ،كما اكن اذلي َّل نظي ل ،وـهو اذلي
ِ
َّ
وحده( ،)3فدل ـهذا اَّلقرتان ْع انفراده سبحانه ف الكمال لكه ،ومن
ذلك ف قهره ،اذلي يستلزم اختصاصه ف استحقاقه للعبادة وحده.
( )2قال سبحان وتعاىل{ :ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
َّ
ﰉ ﰊ} [األنعام] ،دل ـهذا اَّلقرتان العظيمْ ،ع أن قهر تعاىل
مقرون باحلكمة ،واخلّبة ،فاحلكمة تتضمن فعل الصواب ف األفعال
َّ
واألحاكم ،واخلّبة :تتضمن العلم ببواطن األمور ،وحقائقها ،فدل ْع
علوه عليهم بتذيلله هلم ،جيري ْع مقتىض ِ أن قهره لعباده ف
احلكمة ،والعدل ،واخلّبة ،وفعله لألحسن واألصلح هلمَّ ،
املزنه فيه
عن لك ظلم وجور ،وأن قهره عن كمال خّبته ،بمصالح األمور،
ً
اعلما حبقائقها ،من غي اشتباه ،وَّل اتلباس بمآهلا ،وأحواهلا ،وـهو فوق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3تفسي ابن السعدي ()308 ،299/4 ( )2الصواعق املرسلة (.)1018/3 ( )1عمدة احلفاظ (.)344/3
124
مستو عليهَّ ،ل خيىف عليه يشء من أمر عباده ،فسبحانه ما
ٍ عرشه،
أكمله ،أنه جامع ف كمال قهره ،مع حكمته ،وسعة خّبته.
ٌ َّ
يشء عن سيطرته ،وغلبته، هللالل القنهر القهنر :أنه َّل خيرج
ولك يشء خاضع ألمره ،ف حركته وسكونه ،فهو حيي خلقه إذا شاء،
ٌ
ويميتهم إذا شاء ،ويفقرـهم إذا شاء ،ويغنيهم إذا شاءَّ ،...ل يقدر أحد
منهم إذا حكم عليه حبكم ،أن يزيل ما حكم الل به ،أو أن يرد
تدبيه ،أو خيرج من تقديره ،فالعقول لكها مقهورة عن الوصول إىل
هكنه صمديته ،واألبصار لكها مقهورة عن اإلحاطة بأنوار َّ
عزته .
()1
َّ
اثلمرات :إن ـهذين اَّلسمي اجلليلي يورثان املؤمن اذلل
واخلضوع واإلكبار ،للرب الواحد القهار ،والعزة والرفعةْ ،ع ذوي
اإلحلاد ،واملرشكي ،والكفار ،باحلجة وابليان والسطوة ،واثلبات ْع
احلق ،ف ـهذه ادلار ،قال ‘> :ال تًال عصنب ،من أميت يقنتلون ٰ
ىلع
أمر ا ،قنهرين لعدوهم ،ال يرضهم من نلفهم ح ٰ
ىت تأيت ا سنع،
وهم ٰ
ىلع ،ا<(.)2
125
ً ً
استحقاق ،وَّل ماكفأة(.)1
ٍ وابتداء ،من غي تفضَّل،
َّ املع ٰ
ىن ا رشيع :الل جل جَّلل ـهو ا وهنب:
)1واسع اهلبات ،شمل لك الاكئنات ،من ف األرض والسماوات،
ـهباته تدر ْع عباده ف ِ
الَّس واجلهار ،ويف الليل وانلهار.
َّ )2ل ينقطع نوال حبال ،وَّل ف املآل ،يعطي من غي سؤال ،وَّل
وسيلة ،وينعم بَّل سبب ،وَّل حيلة.
)3فيهب العطايا وانلعم ،واألفضال واملنن ،من غي استحقاق،
وَّل عوض ،يهب ما شاء ملن يشاء بَّل غرض.
)4فكرثت نوافله ،ودامت مواـهبه ،واتصلت مننه وعوائده ف
ِ
لك األوقات ،نعمه اكمنة ف األنفس ،ومجيع املصنواعت ،ظاـهرة بادية
ف سائر املخلوقات.
)5ـهباته سبحانه اليت تسبغ ْع خلقه بَّل انقطاع وَّل نفاد ،بل
ف نماء ،وازدياد ،مع اآلباد(.)2
َّ
وـهذا اَّلسم املبارك يدل ف مادته ْع السعة ،والكرثة ،والزيادة،
حبيث يدخل ف معناه املعّب عنه ،باللفظ الكثي من معاين أسماء
الل تعاىل احلسىن ،والصفات العَّل(.)3
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لسان العرب ( ،)803/1تفسي األسماء ( )2( .)38انظر :شأن ادلاعء ( ،)53واألسىن ( ،)396/1ورشح
أسماء الل احلسىن للبيضاوي ( ،)215وأسماء الل احلسىن للرضواين ( )3( .)674بدائع الفوائد (.)175/1
126
ﮯ ﮰ ﮱ} [ص] ،أي :أن ـهباته تعاىل الصادرة منه لعباده،
عن كمال العزة( ،)1فهو يهب هلم العطاياَّ ،ل يمنعه مانع ،وَّل يرده راد،
فَّل مانع ملا أعطى ،وَّل معطي ملا منع ،وأنه يهب العطايا عن كمال
الغىن(َّ ،)2ل جللب منفعة ،وَّل دلفع مرضة ،وَّل لعوض ،وَّل لغرض،
َّ
أما اخللق فمنهم من يكون وـهابًا ،وـهو ذيلل ،ليس بعزيز ،ومنهم
ً
عزيزا ،وـهو خبيل ،وكذلك أنه إذا غضب منع ـهباته. من يكون
َّ ِ
أما تعاىل فَّل ينقطع عطاؤه ،حىت عن أشد أعدائه ،فدل ْع أن
ٌ َّ ٌ من كمال َّ
عزيز. عزته أنه وـهاب ،وأن من كمال ـهباته أنه
هللالل ا وهنب :أن ـهباته تعاىل ف لك اللحظات ،اليت يتقلب بها
أـهل األرض والسموات ،اليت َّل تنفك عنهم طرفة عي ،منذ أن خلق
ـهذه املعمورة واألفَّلك ،فإنها لم تنقص مما عنده ً
شيئا من اخليات
املكنونات(.)3
اثلمرات :من ثمراته أنه يورث املؤمن حمبة ربه العظيم،
والقيام حبمده وشكره ف لك حيْ ،ع نعمة اإلسَّلم ،اليت يه أعظم
العطايا واهلبات ،ويثمر للعبد كذلك قوة الرجاء ،واتلعلق برب األرض
والسماء ،ف السؤال والعطاء ،والرض بما قسمه تعاىل من األوَّلد ،قال
تعاىل{ :ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [الشورى.]49 :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2ألن من معاين (العزيز) املنيع ،الغن عن لك ما سواه. ( )1ويه القوة والغلبة.
َّ ٰ
مألى ،ال يييضهن(ً )3فق ،،سحنء( )3ا ليل وانلهنر ،أرأيتم من أًفق منذ لق ا سمنوات واألرض، ( )3قال ‘> :يد ا
ييض من يف يد < البخاري ( ،)4684ومسلم (.)993
ةإًه م ِ
127
128
َّ
وجتّبوا، ّ
املتكّب ْع عتاة خلقه ،وجبابرتهم ،إذا عتوا ()5
ونازعوه ف عظمته ،فيقصمهم.
ِ
( )6وـهو سبحانه املتعايل عن لك نقص ،وعيب ،املتعظم عن
مجيع ما َّل يليق بكّبيائه ،وجمده ،وجَّلل.
( )7وـهو العظيم انلافذ أمره ْع لك العبيد ،فَّل جيري ف ملكه
إَّل ما يريد ،ل احلجة ابلالغة ،والسطوة ادلامغة.
ّ َّ
ورش ،وسيئات ،فَّل ( )8وـهو املتكّب جل ثناؤه عن لك سوء،
يصدر منه إَّل اآلَّلء واخليات.
( )9وـهو سبحانه املتكّب :العايل فوق لك خلقه ،بكل أنواع
العلو :ف اذلات ،ويف الغلبة ،والقهر ،والصفات.
( )10وـهو تعاىل املنيع ،ابلليغ الكّبياء ،والعظمة ،اذلي ليس
لكّبيائه نهاية ،وَّل لعظمته اغية.
( )11وـهو املتكّب ف ربوبيته ،فليس ل رشيك ف ملكه،
َّ
ألوـهيته ،فَّل يقبل أن يعبد غيه. واملتكّب ف
املستحق للك تكبي ،وتعظيم ،وإجَّلل ،من عباده،
ِ ( )12وـهو
بكل أنواعه(.)1
علو قدر الل تبارك وتعاىل، ر
املتكرب :أنه يدل ْع ِ هللالل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :الطّبي ( ،)37/28تفسي القرطيب ( ،)301/9شأن ادلاعء ( ،)48خمترص الصواعق
املرسلة ( ،)212أسماء الل للرازي (.)209
129
ً ً ِ
علوا ،وكماَّلَّ ،ل يتناىه ،وهلذا دخلت فيه املستحق ل ،وكمال
(اتلاء) وسماـها من فهم معناـها :تاء اَّلختصاص ،ألن ـهذا املعىن
خيتص بالل تعاىل وحده ،ويه ف حق غيه تكلف ،فهو يتضمن
مجيع صفات الكمال واجلَّلل ،اليت تنال مع بهعد الغاية ،وعدم انلهاية،
فهو اذلي تاـهت األبلاب ف جَّلل ،وكّب عن اتلصور صفاته(.)1
ومن هللالهل :أنه جامع ألعظم أصلي ف توحيد األسماء
والصفات ،فإن ـهذا اتلوحيد اجلليل يقوم ْع ركني عظيمي ـهما:
( )1إثبات لك صفات الكمال لل تعاىل.
( )2نيف لك انلقائص اليت تناف صفات كمال(.)2
تضمنه من وصف الكّبياء ،منَّ وهلذا فإن ـهذا اَّلسم وما
خصائص الل سبحانه ،اليت َّل تنبيغ إَّل ل ،قال تعاىل> :العظم،
ا
واحدا منهمن قذةته يف انلنر< إزاري ،وا كربينء ردايئ ،ةمن ًنزعين
َّ ُ ُ
ويف لفظ> :ةمن يننزعين عذبته<( .)3أما املخلوق فإن اتلكّب نقص
ِ وعيب ٍّ
ٌ
وذم ف حقه ،ألنه فقي وحمتاج لغيهَّ ،ل يقوم بنفسه.
َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن اتلواضع
واإلخبات جلَّلل الل تعاىل ،واتلواضع لعباد الل جل وعَّل ،فإن َمن
نازع كّبياء الل ،فإن مآل انلار ،وبئس املآل ،قال الل العظيم:
{ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ} [الزمر] ،ويف احلديث:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1األسىن (ص ،)466وشفاء العليل ( ،)511/2الرازي ()252
( )3مسلم ( ،)2620وصحيح أيب داود (.)4090 ( )2جمموع الفتاوى ( ،)182/4اتلدمرية (.)58
130
َّ ر
املتكربون يوم القينم ،أمثنل اذل رر يف صور ا رهللنل ،ييشنهم >حيرش
ر ُّ ُّ
ماكن ،ةيسنقون إىل سجن يف هللهنم يسىم بو س<(.)1ٍ لك من ل اذل
131
( )2وـهو تبارك وتعاىل اذلي آمن بقول أنه حق(.)1
( )3وـهو سبحانه اذلي يصدق العباد وعده ،ووعيده ،وذلك:
ف ادلًين :بكل ما خيّب عنه من أمور الغيب ،عن طريق وحيه.
ويف اآل رة :أ) مصدق املؤمني بكل ما وعدـهم من اثلواب.
ب) ومصدق الاكفرين ما وعدـهم من العقاب(.)2
ِ
( )4وـهو تعاىل اذلي يهؤمن اخلائفي ،فينرش األمان واَّلطمئنان،
ملن شاء من األنام ،قال تعاىل{ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ
ﭤ ﭥ} [قريش].
ِ
( )5وأخص من ذلك أنه يهؤمن أويلاءه وعباده املؤمني ،فيهب
ا
هلم اَّلطمئنان ف قلوبهم ف ادلنيا ،واآلخرة :أوال :يف ادلًين:
أ) ف القتال وعند الشدائد واملحن ،فيما يزنل عليهم من األسباب
ِ
اليت تؤمنهم{ ،ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ} [األنفال{ ،]11 :ﮉ ﮊ
ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ} [األنفال.]12 :
ب) وعند املوت :عند اَّلحتضار ونزول مَّلئكة املوت
بالبشارة ،قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ} [فصلت].
ج) ويف الربزخ :عند رؤية امللكي ،كما جاء عن انليب ‘ أنه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2تفسي القرطيب (.)300/9 َّ
صح عن قتادة ،انظر اتلفسي الصحيح (.)469/4 ()1
132
قال> :إ،ا أهلللس ا رهللل ا صنلح يف قرب غر ةًع وال مشعوف(.)2(<)1
ا
ثنًين :ويف اآل رة :عند الفزع األكّب{ ،ﭜ ﭝ ﭞ
ﭟ} [األنبياء ،]103 :وْع قدر اإليمان يكون األمان{ ،ﭑﭒ
ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛﭜ} [األنعام].
( )6وـهو اذلي يصدق ظنون عباده املؤمني ،وَّل خييب آماهلم،
ر
قال تعاىل> :أًن عند ظن عبدي يب ،وأًن معه إ،ا داعين.)3(<...
َِ
( )7وـهو اذلي يهؤمن املظلوم من الظالم ،فيجيه ،وينرصه عليه.
( )8وـهو املصدق لرسله وأنبياءه ،وذلك بأمرين:
ِ
أ) فيما يزنل عليهم من اآليات ابلينات ،واملعجزات ابلاـهرات،
اليت تدل ْع صدقهم.
ِ
ب) وـهو اذلي يصدق الصادقي من أتباعهم ،بما يقيم هلم من
الساطعات(.)4 شواـهد صدقهم من الكرامات
ِ
هللالل املؤمن :أنه تعاىل يصدق نفسه بتوحيده ،وشهادته
نلفسه بالوحدانية ،وانفراده بالعبودية ،وبما أثىن ْع نفسه ،بما ل
َّ
من الكمال ،والصفات العلية ،قال تعاىل{ :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ} [آل عمران ،]18 :وـهذه أجل الشهادات ،الصادرة من امللك العظيم،
ِ
وـهو الل رب العامليْ ،ع أجل مشهود ،وـهو توحيد الل تعاىل ،وقيامه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2صحيح الرتغيب والرتـهيب (.)3557 ( )1شدة الفزع اذلي يذـهب بالقلب ،انلهاية (.)483
( )4انظر تفسي السعدي ( ،)301/5أسماء الل احلسىن لألشقر ()64 ( )3ابلخاري ( ،)6970ومسلم (.)6805
133
بالقسط ،وـهذا املعىن ـهو َ
أجل املعاين ف اسمه (املؤمن) والل أعلم. ()1
ومن هللالهل :أنه ملا اكن اإليمان صفته ،واسمه (املؤمن) ،لم
َّ
أحب اخللق إيله . يعطه إَّل
()2
َّ
اثلمرات :إن املؤمن عندما يدرك أن الل تعاىل متصف
باألمان لعباده ،وتصديق أنبيائه ورسله ،وأويلائه ،فَّل ريب أنه يثق
بوعد الل تعاىل ،وأمانه ل من لك خوف( ،)3فيكون ربه املؤمن ـهو
َِ
وانلقم ،وينبيغ ل ملجأه ومعاذه عند املحن ،والشدائد ،واملصائب،
ه ِ
أمن املؤمني َّ
رشه ،وغوائله ،قال ‘> :أال أ ربكم بنملؤمن! من أن ي
أم َِن ُه انلنس ٰ
ىلع أمواهلم وأًفسهم ،واملسلم من سلِ َم املسلمون من
ال ال يؤمن ،وا سنًه ويد <( ،)4وأول بذلك جاره ،قال ‘> :وا
ال يؤمن ،من ال يأمن هللنر بوائقه<(.)5 يؤمن ،وا
برت يمينه :صدقت .والّب برية َّلتِساعها ،ويطلق ْع الصدق ،يقالَّ :
َّ
()6
134
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو الرب اذلي َّل َّ
أبر منه: املع ٰ
عم إحسانه ،وبره ،وخيه ،مجيع أـهل ( )1الكثي اإلحسان ،اذلي َّ
ِ
األرض والسماوات ،ف لك اللحظات ،من أصناف الّب ،الظاـهرة،
وابلاطنة{ ،ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ } [لقمان.]20 :
( )2وـهو تعاىل الصادق ف وعده ،ووعيده ،وخّبه ،وقول ،ف
آت َّل حمالة ل.
ادلنيا ،ويف اآلخرة ،فلك ما وعد به سبحانه ٍ
( )3وـهو سبحانه العطوف ْع عباده ،الرحيم الرفيق بهم،
املصلح ألحواهلم ،وشؤونهم ،ادلنيوية ،والرشعية.
( )4ومن كمال بره تعاىل :أنه يّب باملحسن ف مضاعفة اثلواب
ل ،والّب بامليسء ف الصفح واتلجاوز عنه.
الّب اللطيف بعباده ،يريد بهم اليه َ
َّس ،وَّل يريد بهم ( )5وـهو َ
ِ
كثي من سيئاتهم ،وَّل يؤاخذـهم جبميع جناياتهم، ٍ العَّس ،يعفو عن
جيزيهم باحلسنة عرش أمثاهلا ،وَّل جيزي بالسيئة إَّل مثلها.
خصهم بوَّليته ،واصطفاـهم لعبادته،الّب بأويلائه ،إذ َّ
( )6وـهو َ
َمَ
ويدفع عنهم مجيع أنواع الرشور ،والسيئات ،وامللمات.
َّ ( )7وتتجىل سعة ِ
بره ،ما أعده ألويلائه ف دار خدله ،يتنعمون
جبواره ،ف حببوحة داره ،يقولون وـهم فيها فاكهون{ :ﯨ ﯩ
ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [الطور](.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :تفسي األسماء ( ،)61احلجة ف بيان املحجة ( ،)150/1شأن ادلاعء ( ،)90املنهاج ()204/1
135
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ}
[الطور] ،الّب كما سبق ـهو املحسن الرفيق املتفضل ،وـهذه الصفات
من موجبات رْحته اخلاصة بعباده املؤمني ،فّب الل تعاىل وإنعامه،
أثر من آثار رْحته الواسعة ،اليت غمرت الوجود ،وتقلب فيها لك
موجود ،وعن طريق تلك املنن اجلزيلة ،وذلك اإلحسان العميم،
عرف العباد أن ربهم رحيم(.)1
هللالل الرب :من هللالل بِ ّره تعاىل أنه مع كمال غناه عن
عبده ،وكمال فقر العبد إيله ،أنه يَّب به ف سرته حال ارتكابه
املعصية ،مع كمال رؤيته تعاىل ل ،ولو شاء لفضحه بي خلقه
فحذروه( ،)2بل يدر عليه من إحسانه ،وإنعامه ،وإمهال.
اثلمرات :ينبيغ للمؤمن أن يتعبد بمقتىض أسمائه تعاىل
وصفاته ،ومن ذلك :ـهذا اَّلسم الكريم ،ف القيام ِ
بالّب من مجيع أنواعه،
قال تعاىل{ :ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ
ﭫ} [ابلقرة ،]177 :وأن َّ
يّب من أوجب عليه تعاىل بره ،وـهما
الوادلان ،ويكون ف حياتهما حبسن صحبتهما ،قال تعاىل{ :ﭢ
ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [مريم] ،وبعد مماتهما بادلاعء،
ر وصلة أحبابهما ،قال ‘> :إن َّ
أبر الرب صل ،ا ودل أهل ود أبيه<(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3مسلم (.)2552 ( )2مدارج السالكي (.)206/1 ( )1ولل األسماء احلسىن (ص.)151
136
137
َّ َّ
جيلب نلا املنافع ،ويدفع عنا الرض والرشور واملساوئ ،نواصينا لكها
بيده تعاىل ،وـهذه ا والي ،العنم ،للّب ،والفاجر ،واملؤمن والاكفر.
َّ
ووالي ،نص :،ألويلائه املتقي ،خيرجهم من الظلمات إىل
ِ
عدوـهم ،ويصلح هلم أمورـهم ادلنيوية ،وادلينية، انلور ،وينرصـهم ْع
فيه وَّلية تقتيض الرأفة ،والرْحة ،واإلصَّلح ،واملحبَّة ،قال
الل العظيم{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
ﭙ} [ابلقرة ،]257 :وـهذا اتلول اخلاص منه تعاىل هلم ،يقتيض عنايته،
خاصة ،يصلحون بها َّ ولطفه بعباده املؤمني ،وأن الل ِ
يربيهم تربية
َّ
للقرب منه ،وجماورته ف جنات انلعيم(.)1
ً ً ٰ
واملول :أن مواَّلته لعبده إحسانا إيله ،وحمبة ل، هللالل ا ويل
َّ ّ ً
وجّبا ل ،ورْحةَّ ،ل يتكرث به من قلة ،وَّل ّ ًّ
يتعزز به من ِذلة، وبرا به،
وَّل ينترص به من غلبة ،وَّل يستعي به ف أي أمر( )2وحاجة ،فوَّليته
ه عزة ،ومنعةَّ ،َّ
وقوة ،وغىن ،ونرصة ،فهو تعاىل{ :ﯮ ﯯ ﯰ
ﯱ ﯲ} [األنفال].
ً
ظالما مثله ،يسومونهم ومن هللالهلمن :أنه تعاىل يول لك ظالم،
سوء العذاب ،ويأخذون منهم بالظلم واجلور ،أضعاف ما منعوا من
حقوق الل ،وحقوق عباده(.)3
َّ
اثلمرات :إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يوجبان للعبد وَّلية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ينظر احلق الواضح ( ،)12فتح الرحيم امللك ( ،)51تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي (.)461/3
( )3تفسي السعدي ( ،)273قال تعاىل{ :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ( )2مدارج السالكي (.)495/1
ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [األنعام.]129 :
138
الل تعاىل ،ورسول ،واملؤمني ،قال تعاىل{ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [املائدة] وقطع وَّلية لك
َّ
حاد الل ورسول من الاكفرين ،واملنافقي ،قال سبحانه{ :ﭑ من
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ} [املمتحنة ،]1 :وينبيغ
َّ
للمؤمن أن يرايع الل تعاىل فيمن وَّله عليهم ،فيتيق الل بهم.
139
اذلي جّب مفاقرـهم ،فكفاـهم أسباب عيشهم ،ورزقهم(.)1
( )3وـهو َّ
اجلبار :اذلي جيّب ضعف الضعيف من عباده:
أ) فيجّب الكسي .ب) ويغن الفقي .هلل) وييَّس ْع املعَّس لك
عسي .د) وجيّب القلوب املنكَّسة من أجله ،اخلاضعي جلَّلل
وعظمته .هه) وجيبـر ضعف األبدان ،فييسـر أسبـاب الشـفاء هلا.
و) وجيّب عبده املؤمن بإصَّلح حال ومآل ،ف دينه ودنياه وآخرته،
ٌ
وـهذا اجلّب ف حقيقته إصَّلح للعبد ،ودفع مجيع املاكره عنه(.)2
اجلبار :العايل فوق خلقه ،اذلي ْع العرش استوى ،وْع( )4وـهو َّ
140
ً َّ
هللالل اجلبنر :من جَّلل أنه تعاىل لم جيّب أحدا من خلقه،
ْع إيمان أو كفر ،بل هلم املشيئة ف ذلك واَّلختيار ،قال تعاىل:
فكونه عز وجل [الكهف]29 : {ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ}
جّب اخللق ْع ما شاء من أمر أو نيه ،يعن أنه رشع هلم من ادلين
ما ارتضاه ،كما قال{ :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [الشورى.]13 :
فرشع هلم من الرشائع ما شاء ،وأرسل هلم الرسل ،وأمرـهم بما
ينفعهم ،ونهاـهم عن العدول عن طريقهم ،فهو سبحانه وتعاىل أجل،
وأعظم ،وأقدر ،أن جيّب عبده ،ويكرـهه ْع فعل ما يشاء منه(.)1
ومن هللالهل :أنه كما جيمع صفات القهر ،والعلو ،والعظمة،
كذلك أنه جيمع صفات الرْحة ،والعدل ،واحلكمة ،والرأفة ،ونزاـهته
عن صفات انلقائص اكلظلم ،واجلور ،ولك آفة ،فقهره لعباده ،وجّبه هلم،
ْع ما أراد حسبما تقتضيه احلكمة(.)2
َ َّ
"فبجّبوته قهر اجلبابرة ،وأذل األكارسة ،وأنصف املظلومي من
الظلمة ،ونرص جنده ْع املعاندين ،والاكفرين ،والفجرة ،فكم من
َّ
ظالم جبار من البرش قصم الل ظهره ،ورد كيده ف حنره"( ،)3فهو تعاىل
يقصم ظهور العتاة ،وينلك باجلناة ،ويشدد العقاب ْع الطغاة ،وذلك
بعد اإلعذار واإلنذار ،وبعد اتلمكي واإلمهال(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2وهلذا اكن ‘ ِ
يزنه جّبوته تعاىل عن لك نقص ،ف ركوعه: ( )1شفاء العليل (.)251
>سبحنن ،ي اجلربوت وامللكوت وا كربينء والعظم ،<،صحيح أيب داود (.)873
( )3حتقيق العبودية بمعرفة األسماء والصفات ( ،)335د .فوز الكردي ،بترصف.
( )4املقصد األسىن (.)100
141
َّ
إن املؤمن حينما يدرك أنه تعاىل َّ
اجلبار املتصف اثلمرات:
بكمال العظمة ،وكمال الرأفة ،والرْحة ،فإن ذلك يثمر ل املحبة
ِ
واَّلعزتاز به ،واَّلفتقار إيله ،ف لك حال ،وحلظة ،فعامل عباده بكل
خي وصَّلح ،واسرتجع عند املصيبة عند نزول األقدار ،فإن الل
سبحانه جابر مصيبتك ف احلال ،أو ف املآل >من اسرتهللع عند املصيب،
ا ا
صنحلن يرضن < .
()1 هللرب ا مصيبته ،وأحسن عقبن ،وهللعل هل لفن
ٌ
وـهذه الصفة العلية َّل جيوز أن يتعاطاـها أحد من اخلليقة ،فإن
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈ مآل اهلوان واذللة ،قال تعاىل{ :
ﮉ ﮊ ﮋ} [اغفر] ،قال ‘> :خيرج عنق من انلنر يوم
القينم ،،هل عيننن يبِّص بهمن ،وأً،نن يسمع بهمن ،و سنن ينطق به،
هللبنر عنيد.)2(<..
ٍ ةيقول :إين ولكت بثالث :،بكل
142
َّ
فيه املزنلة اثلانية ،يقال :فَّلن رحيم ،فإذا اشتدت رْحته فهو
رؤوف ،فيه نعمة مذلة من مجيع الوجوه ،وا رمح :،قد تكون مؤملة ف
َّ
احلال ،ويكون عقباـها ذلة.
ا رمح :،تكون ف الكراـهة للمصلحة ،وا رأةَّ :،ل تكون ف
الكراـهة ،والرأفة اعمة جلميع اخللق ف ادلنيا ،وبلعضهم ف اآلخرة،
وا رحيم :فيه للمؤمني ف ادلنيا واآلخرة ،وليست للك اخللق،
وا رأة ،إذا انسدلت ْع خملوق ،لم يلحقه مكروه(.)1
املعىن ا رشيع :الل تعاىل ـهو ا رؤوف اذلي َّل أرأف منه:
)1فهو ذو الرأفة الواسعة ،اليت َّل تضاـهيها ،وَّل تساميها أي رأفة،
فهو سبحانه شديد الرأفة ،بالغ منتهاـها ،وأعَّلـها.
)2فهو تعاىل الرحيم جبميع عباده ،العطوف عليهم بألطافه ،ورأفته،
فما من خملوق ف ـهذا الوجود إَّل وـهو مرؤوف برأفته سبحانه(.)2
)3ومن كمال رأفته :أنه أرأف بنا من لك رائف ،أرأف بنا من
آبائنا ،وأمهاتنا ،وأوَّلدنا ،بل أرأف بنا من أنفسنا ،فما ظنك برأفته،
فيه فوق ما خيطر ْع ابلال ،أو يدور ف اخليال.
ً ً
َّ )4ل تزال آثار رأفته "سارية ف الوجود ،مائلة للموجود ،تسح
يداه باخليات ،آناء الليل وانلهار ،ويوايل انلعم والفواضل ْع
العباد ،ف ِ ِ
الَّس واجلهار"(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1تفسي األسماء (ص ،)62األسىن للقرطيب ( )2( .)173/1قال تعاىل{ :ﮩ ﮪ ﮫ} آل عمران30 :
( )3تفسي السعدي (.)1020
143
ورأةته سبحنًه بعبند ًواعن:
انلوع األول :ا رأة ،العنم :،وـهذه "الرأفة صفة شاملة َّلستصَّلح
ً
العباد ،والرفق بهم ،ف تربيتهم مجلة وتفصيَّل ،وانلظر بما ـهم عليه
من الضعف ،واحلاجة ،واملسكنة والفقر"( .)1وـهذه الرأفة شاملة
َِ
للّب والفاجر ،والصالح والطالح.
144
ً
صَّلحا هللالل ا رؤوف :من هللالل رأةته تعاىل أن فيها
للعباد ف دينهم ،ودنياـهم ،وآخرتهم ،فمنها:
( )1أن حذرـهم ،ورغبهم ،ورـهبهم ،ووعدـهم ،وأوعدـهم ،رأفة
ً
بهم ،ومرااعة لصَّلحهم ،قال سبحانه{ :ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ
ﭫ ﭬ ﭭ} [آل عمران].
( )2إنزال الكتاب ْع رسول يلخرجنا من الظلمات إىل انلور،
قال تعاىل{ :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ} [احلديد].
( )3ومنها :أن سخر نلا وسائل انلقل ،اكجلمال واخليول،
ً ً
قديما ،والسيارات ،والطائرات حديثا ،قال سبحانه: واحلمي
{ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟﭠ} [انلحل].
( )4أن ما اشرتاه من العباد من أنفسهم وأمواهلم ،إنما ـهو
خالص ملكه ،ثم إنه سبحانه يشرتي منهم ملكه اخلالص ،بما َّل
ه ه
ي َعد وَّل حيىص ،قال تعاىل{ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ
ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [ابلقرة] (.)1
( )5ومن هللالل رأفته أنه جييب داعء أويلائه ،قال تعاىل:
{ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1تفسي أيب مظفر السمعاين ( ،)31/1وابليضاوي ( ،)255/1أسماء الل احلسىن ،د.عمر األشقر ( ،)259تفسي
الّبوسوي (.)160/1
145
ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ
ﭨ} [احلرش] ،أي :فحقيق بأن جييب داعءنا(.)1
( )6ومنها أنه نصب احلدود الزاجرة عن احلدود ،احلاملة ْع
اتلقوى ،فإن الرأفة تقيم املرؤوف به ،ألنها ألطف الرْحة ،وأبلغها،
{ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ} [انلور](.)2
( )7ومن هللالهلن إمهال للاكفرين ،والعاصي" ،من أن يأخذـهم
بالعذاب ْع َّ
غرة وـهم َّل يشعرون ،بل يمهلهم ،ويعافيهم ،ويرزقهم" ،
()3
146
147
أ) "لكرثة من يتوب عليه من اتلائبي .ب) وتكرير الفعل
ً ً
واحدْ ،ع طول الزمان"(.)1
ٍ منهم دفعة بعد دفعة ،وواحدا بعد
)6وتوبة العبد إىل الل تبارك وتعاىل :حمفوفة بتوبة من الل
عليه قبلها ،وتوبة منه بعدـها ،فتوبته بي توبتي من ربه تعاىل
ً ً ً ً
وإهلاما ،فتاب سابقة ،وَّلحقة ،فإنه تاب عليه أوَّل إذنا ،وتوفيقا،
العبد ،فأقبل بقلبه ْع اتلوبة ،واإلنابة ،والرجوع ،فتاب الل عليه
ً ً ً
ثانيا ،قبوَّل ،وإنابة ،ورضا ،قال تعاىل{ :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ} [اتلوبة] ،فله الفضل ف اتلوبة والكرم،
ً ً
وأخياَّ ،ل هلإ إَّل ـهو .
()2 أوَّل
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ} [احلجرات] ،أي :أن توبة الل ْع من يشاء من عباده ،بتوفيقهم
إيلها ،ثم قبوهلا منهم ،ـهو من آثار رْحة الل ،وبِ ِره ،وإحسانه( ،)3فلوَّل
َّ َ َ
سعة رْحته ما ق ِبلها منهم ،وَّل وفق من شاء إيلها ،ولعاقبهم ْع
َّ َّ
فتضمن ـهذا اَّلقرتان ْع عدة صفات من الكمال ،منها: تفريطهم،
أ ) أن الل تعاىل رحيم بعباده ،فَّل يعاقبهم بعد اتلوبة.
ب) أنه تعاىل َّل خيذل ،وَّل يرد من جاء منهم تائبًا ،ولو بلغت
ذنوبه عنان السماء ،وملء األرض.
هلل) أنه تعاىل يرحم عبده ويقبل توبته ف عي غضبه ،ألن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1املفردات ( ،)169لسان العرب ( ،)233/1اشتقاق أسماء الل ( ،)63شأن ادلاعء (.)90
( )3ولل األسماء احلسىن (.)587 ( )2مدارج السالكي ( ،)340/1مفتاد دار السعادة (.)273/2
148
رْحته تعاىل تسبق غضبه.
ه ٌ
قتض رْحته
د) أن قبول تلوبة عباده تفضل منه عليهم ،وـهو م ٍ
تعاىل بهم( ،)1فإن اتلوبة من مقتضيات الرْحة ،وآثارـها ،فالرْحة
ِ
األعم ،والل أعلم. ِ
األخص ْع أوسع ،واتلوبة أخص ،فناسب تقديم
ه) "أن ف اقرتانهما زوال املكروه ،وحصول املطلوب"( ،)2وذلك
ِ َّ
ئات
تبعات السي ِ
ِ أن من موجبات اتلوبة وآثارـها ،زوال املكروه من
واآلثام ،وكذلك الرْحة ،من آثارـها وموجباتها ،حصول املطلوب
واملرغوب ،من اإلنعام واإلحسان.
( )2قال تعاىل{ :ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ
ه َ َّ َّ
كمال أخر:
ٍ صفات ة عد ْع اَّلقرتان ـهذا دل ﰊ ﰋ} [انلور]،
أ) أن الل عز وجل َّل يعاجل أـهل املعايص بالعقوبة ،بل يهمهلهم
الفرصة للتوبة والرجوع ،وـهذا من كمال حكمته.
ً ً
ابتداء ،لكون ذلك عونا هلم ب) أنه تعاىل َّل يفضح أـهل اذلنوب
ْع توبتهم ،وـهذا من مقتىض حكمته.
ِ َّ
هلل) أنه تعاىل رشع من احلدود والكفارات ،ما يكفر به عن
ه
وعذاب ادلنيا أـهون من عذاب اآلخرة. عباده اذلنوب والسيئات،
د) أنه جعل ف اتلوبة حكمة ويه :استصَّلح انلاس( ،)3ف أمور
دينهم ،ودنياـهم ،ومعادـهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر ابن جرير ( ،)41/11وانلهج األسَّم ملحمد احلمود (.)435
( )2تفسي سورة ابلقرة َّلبن عثيمي ( )3( .)190/1انلهج األسَّم ملحمد احلمود ( ،)437اتلحرير واتلنوير ()169/18
149
ه) أنه يوفق من يشاء من عباده إىل اتلوبة حلكمة ،ألنه ليس
ّ
لك العباد يوفقون إيلها ،فحكمته اقتضت أن يوفق إيلها من ـهو
أـهلها ،ثم يقبل منها ،وـهذا من كمال احلكمة اليت اقرتنت باتلوبة.
هللالل اتلواب :من هللالهل أنه سبحانه يفرح بتوبة عبده إيله،
َّ
أشد ما يكون من الفرح ،مع غناه تعاىل عنه من لك وجه ،قال ‘:
ا َ َ ُّ
ةرحن بتوب ،عبد حني يتوب إيله من أحدكم ،اكن ٰ
ىلع > ُ أشد
راحلته بأرض ةالة ،ةنًفلتت منه وعليهن طعنمه ورشابه ،ةأيس
ر
ةأىت شجرة ةنضطجع يف ظلهن قد أيس من راحلته ،ةبينمن هو منهنٰ ،
َّ
كذ ا إ،ا هو بهن قنئم ،عند ،ةأ ذ خبطنمهن ثم قنل من شدة
َّ
الفرح :امهلل أًت عبدي وأًن ربا ،أ طأ من شدة الفرح<(.)1
فانظر يا عبد الل إىل عظم َّ
حمبته تعاىل ورأفته بنا ،ف توبة إيله
َّ َّ َّ أحدنا ،وـهو الغن عنا ،فحري بنا أن َّ
احلب لكه ،وأن حنب الرب
يهعظم بما ـهو أـهله ،وأن يثىن عليه بما ـهو يستحقه.
ومن هللالهل أنه تعاىل ـهيأ األسباب ،ويَّس للعباد أسباب اتلوبة،
ً ه
ملن تاب وأناب إيله مرة أخرى ،بما يظهر هلم من آياته ،ويسوق إيلهم
من تنبيهاته ،ويطلعهم عليه من ختويفاته ،وحتذيراته ،حىت إذا
اطلعوا بتعريفه ْع غوائل اذلنوب ،استشعروا اخلوف بتخويفه،
فرجعوا إىل اتلوبة ،فرجع إيلهم فضل الل بالقبول( ،)2وـهو اذلي َّل
تنفعه توبتنا ،وَّل ترضه معصيتنا ،بل بمحض فضله علينا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2املقصد األسىن (.)123 ( )1مسلم (.)2747( ،)2744
150
َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن حمبة الل تعاىل،
واحلياء منه ،واإلجَّلل ل ،واملسارعة إىل اتلوبة انلصوح ف حال،
"وأنه لكَّما أحدث ً
ذنبا ،أحدث ل توبة ،وذلك أن مزنلة اتلوبة أول
املنازل ،وأوسطها ،وآخرـها ،فَّل يفارقه العبد السالك ،وَّل يزال به
حىت املمات ،فاتلوبة يه بداية العبد ،ونهايته ،قال عز شأنه{ :ﯻ
ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ} [انلور]" (.)1
151
اعص( ،)1مع كمال
غضب ،وَّل يستخفه جهل جاـهل ،وَّل عصيان ٍ
القدرة ،واَّلنتقام.
( )3ومن كمال حلمه تعاىل :أنه يدر نعمه الظاـهرة ،وابلاطنة
ْع العاصي ،كما يدر نعمه ْع الطائعي.
( )4ومن سعة حلمه أنه العبد يَّسف ْع نفسه ،والل قد أرىخ
عليه حلمه ،فإذا تاب العبد وأناب ،فكأنه ما جرى منه جرم.
( )5فهو تعاىل يمهل عباده الطائعي ،لَّيدادوا من الطاعة
واثلواب ،ويمهل العاصي لعلهم يرجعوا إىل ِ
احلق والصواب.
َّ
استقرت ( )6أنه لوَّل حلمه عن اجلناة ،ومغفرته للعصاة ،ملا
َّ
وتأمل قول تعاىل{ :ﮑ ﮒ ﮓ السموات واألرض ف أماكنهما،
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [فاطر](.)2
من لطنئف االقرتان )1( :قول تعاىل{ :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [اتلغابن] ،والل
تبارك وتعاىل ما أكرمه وما أعظمه ،وـهو ينشئ العبد ،ثم يرزقه ،ثم
ً
يسأل فضل ما أعطاه ،قرضا يضاعفه ،ثم يشكر لعبده اذلي أنشأه
وأعطاه ،ويعامله باحللم ،ف تقصيه ـهو عن شكر موَّله ...يا لل<(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1احلق الواضح (ص )55بترصف يسي ،شأن ادلاعء (ص .)63
( )3ف ظَّلل القرآن (.)308/1 ( )2مفتاح دار السعادة ( ،)271/2وفتح الرحيم (.)43
152
( )2وقال تعاىل{ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [ابلقرة] .أي :إن الل
ٌ
يشء من صدقاتكم ،وإنما احلظ األوفر تعاىل ٌّ
غين عنكم ،لن ينال
لكم ف الصدقة ،فنفعها اعئد عليكمَّ ،ل إيله سبحانه وتعاىل،
ِ
اتلام عنها ،وعن لك ما فكيف يمن بنفقته ،ويؤذي مع غىن الل
سواه ،ومع ـهذا فهو تعاىل حليم ،يعطي عباده الرزق فَّل يشكروه،
فَّل يعاجلهم بالعقاب ،وَّل يبادرـهم باإليذاء.
َّ
ومن ذلك أنه لم يعاجل املان بصدقته بالعقوبة ،ويف ـهذا تعليم
ِ
للعبا ِد من رب العباد ،أن يتعلموا من حلمه ،فَّل يعجلوا باألذى
ً
جزاء مما أعطاـهم الل هلم ،حي َّل يروقهم والغضبْ ،ع من يعطونهم
منه أمر ،وَّل يناهلم منهم شكر( ،)1وأنه مع كمال غناه من لك وجه،
َّ
والعزة ،ـهو موصوف باحللمَّ ،
واتلجاوز، وعطائه الواسع للك فاجر َ
وب ٍّر،
ّ
والعز. ضعف ،أو عجز ،وـهذا ـهو كمال الغىن، والصفحَّ ،ل عن
ٍ
( )3وجاء اقرتان (احلليم) بـ(العظيم) ف داعء الكرب> :ال هلإ
العظيم احلليم<( .)2دل ـهذا اَّلقرتان ْع صفة زائدة ثاثلة ف إال ا
الكمال ،وذلك أن حلمه تبارك وتعاىل عن كمال العظمة ،واجلَّلل،
"فلم تمنعه عظمته وقدرته ْع خلقه أن حيلم عنهم ،ولم يكن
حلمه سبحانه عن ضعف ،وعجز ،وـهوان ،فعظمته يزينها احللم ،فيه:
عظمة مع حلم ،وحلم عن عظمة ،ألن الغالب ف عظماء البرش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1طريق اهلجرتي ( 365ـ ،)370وظَّلل القرآن ( )308/1بترصف.
( )2ابلخاري ( ،)6345ومسلم (.)2730
153
وملوكهم ضعف احللم عندـهم ،ألنهم يغرتون بعظمتهم ،ويبطشون
بمن خالفهم ،وَّل حيلمون عنه"(.)1
( )4قال تعاىل{ :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [فاطر] ،أي أنه تعاىل
يرى عباده وـهم يكفرون به ،ويعصونه ،وـهو حيلم ،فيؤخر،
وينظر ،ويؤجل ،وَّل يعجل ،ويسرت آخرين ،ويغفر ذنوب آخرين(.)2
هللالل احلليم :أنه تعاىل َّل أحد أصّب وأحلم منه ،وذلك أنه
يؤخر العقوبة ف ادلنيا عن الكفرة ،والفجرة ،ومع ذلك أنهم
ىلع ٰ َّ
أ،ى معافون ،ف نعم الل يتقلبون ،قال ‘> :من أحد أصرب ٰ
تعنىل ،إًهم جيعلون هل ً ًِّدا ،وجيعلون هل ا
ودلا ،وهو مع ٰ يسمعه من ا
،ا يرزقهم ويعنةيهم ويعطيهم<(.)3
عرف عبده سعة حلمه ،وكرمه ،وإمهال ،ف سرتهومن هللالهل :أن َّ
تعبد بأسمائه احلسىن ،قال ‘: اَّلسم الكريم ،فإنه تعاىل حيب من َّ
154
أن حيلم ـهو ْع من خالف أمره ،فإنه تعاىل مع كمال قدرته َّ
وقوته
حليم ،فمن باب أول بالعبد العاجز الضعيف" ،فكما حتب أن حيلم
عنك مالكك ،فاحلم أنت عمن تملك"(.)1
155
)3وـهو اذلي شهد لعباده ،وْع عباده بما عملوه ،فهو َّ
املطلع
ْع ما ف الضمائر ،وأكنة الَّسائر ،وحلظته العيون ،وما اختىف ف
خبايا الصدور ،فكيف األقوال ،واألفعال الظاـهرة(.)1
)4فشهادته تعاىل أصل الشهادات ،ومبعثها ،وأعظمها" ،ألنه
ً ً
جل جَّلل ملا اكنت األشياء َّل ختىف عليه ،اكن شهيدا هلا ،وشاـهدا
ً
اعلما حبقائقها ،علم املشاـهدة هلا ،ألنه َّل ختىف عليه هلا ،أي:
خافية"(.)2
هللالل ا شهيد :أن شهادته أجل شهادة ،وأعظمها ،وأعدهلا،
وأصدقها ،فيه شاملة من لك الوجوه ،وـهو تعاىل فوق عرشه "تشمل:
العلم ،والرؤية ،واتلدبي ،والقدرة"( ،)3فمن هللالهلن:
( )1أنه تعاىل شهد نلفسه بالوحدانية والقيام بالقسط(ْ ،)4ع
لك اخلليقة ،قال تعاىل{ :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [آل عمران ،]18 :وـهذه أجل شهادة وأعظمها،
ِ ِ
من أجل شاـهد ،بأجل مشهود.
َّ
( )2شهادته جل وعَّل بصدق املؤمني إذا وحدوه ،وشهادته
لرسله ،ومَّلئكته ،وكتبه ،حبقيقة ما ـهم عليه.
( )3شهادته تعاىل للمظلوم اذلي َّل شاـهد ل ،وَّل نارص لْ ،ع
الظالم إَّل ـهو سبحانه ،وـهذه الشهادة تقتيض العون وانلرصة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2اشتقاق أسماء الل (.)132 ( )1انظر :تفسي السعدي ( ،)303/5وفتح الرحيم (.)21
( )3أسماء الل احلسىن للرضواين ( ،)524تفسي سورة األنعام َّلبن عثيمي (.)608/4
( )4تفسي السمعاين (.)301/1
156
( )4أن العباد يشهدون ل بالوحدانية ،ويقرون ل بالعبودية ،قال
تعاىل{ :ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ} [األعراف.)1(]172 :
َّ
( )5ومن جَّلل أن اذلي شهد به سبحانه قد بينه ،وأوضحه
وأظهره ،حىت جعله ف أْع مراتب الظهور وابليان(.)2
ِ َّ
( )6وتتجىل شهادته العلية يوم القيامةْ ،ع لك الّبية ،بما
عملوه من األعمال الظاـهرة ،واخلفية ،قال تعاىل{ :ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ} [احلج].
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ
ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ} [اإلرساء]" ،أي :أن
ً
مجيعا" ، شهادته تعاىل نتجت من خّبته ،ومراقبته ،ورؤيته للعباد
()3
وـهذه يه أعظم شهادة ،ألنها عن :علم ،وخّبة ،ورؤية ،فبها حيكم
باحلق والعدل يوم املعاد ،فَّل جيور وَّل يظلم مثقال ذرة من العباد.
َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم اجلليل يوجب للعبد أعظم أعمال
القلوب ،فمىت علم العبد أن حراكته الظاـهرة وابلاطنة ،قد أحاط الل
بعلمها ،واستحرض ـهذا العلم ،وـهذا الشهود ف لك أحوال ،أوجب ل
ذلك حراسة باطنة عن لك فكر وـهاجس يبغضه الل تعاىل ،وحفظ
ظاـهره عن لك قول ،أو فعل يسخط الل تعاىل ،فعند ذلك تعبد بمقام
اإلحسان ،اذلي ـهو أعظم مقام ،فيعبد الل تعاىل كأنه يراه(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1مدارج السالكي ( ،)450/3أحاكم القرآن َّلبن العرِّب ( ،)800/2أسماء الل احلسىن للرازي (.)292
( )3انظر موسوعة األسماء احلسىن .ا.د عقيل حسي (.)90/4 ( )2مدارج السالكي (.)450/3
( )4احلق الواضح ( )58بترصف يسي.
157
158
ِ
)4فهو سبحانه خالق األرزاق ،املتفضل بإيصاهلا إىل مجيع
العباد ،املسبِب هلا من مجيع أنواع األسباب .
()1
ّ
)5وـهو اذلي يمد لك اكئن بما حيفظ مادته ،وصورته ،فأمد
األجساد بالطعوم ،والعقول بالعلوم ،والقلوب بالفهوم(.)2
"ورزقه لعبند ًواعنً :وع هل سبب :كما جعل الل تعاىل احلراثة
ً
واتلجارة والصناعة وحنوـها طرقا يرتزق بها مجهور انلاس ،قال تعاىل:
{ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [احلجر ،]20 :أي أسبابًا ترزقون بها ،وًوع
ً ً
قدريا يرزقه الل تعاىل به عبده بير سبب منه :كأن يقيض الل ل رزقا
ً ً
سماويا حمضا ،أو ْع يد غيه ،من غي أن يكون من املرتزق سيع ف
ذلك ألجل اَّلحرتاز عن السؤال"( .)3ومن كمال رزقه تعاىل "أنه يوصله
بسبب وبغي سبب ،ويكون بطلب وبغي طلب"(.)4
َّ
هللالل ا رزاق ا رازق :إن هللالل ـهذين اَّلسمي يتجىل ف
رزقه العام للك اخلَّلئق ،ف األرض والسموات ،وـهو رزق األبدان،
قال تعاىل{ :ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ}
َّ
[العنكبوت] ،أيَّ :ل تطيق مجعه ،وَّل حتصيله ،وَّل تدخر شيئًا لغد،
(ا يرزقهن) ،أي :يقيِض هلا رزقها ْع ضعفها ،وييَّسه عليها،
َّ
فيبعث إىل لك خملوق من الرزق ما يصلحه ،حىت اذلر ف قرار
األرض ،والطي ف اهلواء ،واحليتان ف املاء(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1موسوعة ل اَّلسماء احلسىن (.)116/1
( )2انظر :رشح أسماء الل احلسىن وفوائدـها وخصائصها أليب العباس أْحد بن حممد الّبنيس (.)49
( )5تفسي ابن كثي (.)420/3 ( )3فتح الرحيم امللك (ص )4( .)35شأن ادلاعء (ص .)55
159
ِ
ومن هللالهلمن :أنه سبحانه خيص أويلاءه برزق خاص ،وـهو
الرزق انلافع املستمر نفعه ف ادلنيا واآلخرة ،وـهو َّل تبعة فيه ،وـهو
ٌ
موصل للعبد إىل أْع الغايات ،وـهو نواعن:
األول :رزق القلوب وتغذيتها بالعلم انلافع ،واإليمان.
اثلنين :رزق األبدان بالرزق احلَّلل ،اذلي يغن عبده حبَّلل عن
ٌ
حرامه ،وـهذا الرزق وسيلة ومعي للعبدْ ،ع الطاعة ،والصَّلح،
وادلين ،واإليمان( ،)1ويتجىل كمال رزقه هلم ،ف جنات انلعيم ،قال
تعاىل{ :ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ} [اغفر]،
وقال تعاىل{ :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [ص].
اثلمرات :ينبيغ للك من علم جبَّلل ـهذين اَّلسمي أن َّل
خياف ضيق العيش ،وقلة ايلد ،فإن الرزق آتيه َّل حمالة ف ايلوم ،أو
الغد ،قال ‘> :إن ا رزق يلطلب العبد أكرث ممن يطلبه أهللله<(،)2
"فارزق مما رزقك الل ،يأتيك اخللف من الل {ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ
[سبأ ،]29 :وأسأل الل تعاىل أن يرزقك الرزق ادلائم "()3 ﰀ ﰁ}
انلافع ،اذلي يعينك ف أمور دينك ،ودنياك ،وآخرتك> :امهلل إين
ا ا ا ا ا ا
أسأ ا علمن ًنةعن ،ورزقن طيبن ،وعمال متقبال<( ،)4واعلم ـ رْحك
الل ـ أن اتلقوى ،يه أعظم سبب ف حصول الرزق للورى(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2صحيح اجلامع (.)1630 ( )1تفسي السعدي ( ،)302/5واحلق الواضح (.)85
( )4صحيح ابن ماجه (.)925 ( )3األسىن للقرطيب (.)284/1
( )5قال تعاىل{ :ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} الطَّلق ( 2ـ .)3
160
161
ٌ
( )4املزنه عن أن يقاربه ،أو يماثله أحد ف يشء من الكماَّلت،
أو أن يكون ل مثيل ،أو شبيه ،أو كفؤ ،أو ِ ّ
سيم من املخلوقات.
( )5املقدس عن لك عيب ،السالم من لك نقص ،ابلليغ ف
الزناـهة عن لك ما يستقبح ،وذلك لكمال من لك وجه سبحانه.
ه ِ
والم َطهر من شاء من خلقه ،وفق ( )6وـهو الطاـهر ف نفسه،
حكمته ف استجابتهم ألمره ورشعه ،اكملَّلئكة وأنبيائه ،ومن شاء
من عباده ،منهم أـهل بيت انليب ‘ ،قال تعاىل{ :ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ} [األحزاب] وـهو
هَ ِ
تعاىل َّل يقدس من شاء من خلقهْ ،ع مقتىض حكمته ،قال ‘:
ا ُ ر
>إن ا ال يقدس أم ،ال يأ ذ ا ضعيف حقه من القوي.)1(<..
ّ َّ
واملذام ،اليت ( )7وـهو القدوس سبحانه املطهر من األدناس،
ينسبها إيله املبطلون ،وامللحدون ،والاكفرون ،قال تعاىل{ :ﮋ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ} [اإلرساء.]43 :
َّ
ألوـهيته ،أو ظهي ،أو معي، ّ
املتزنه أن يكون ل رشيك ف ()8
َّ ِ
أو ول من اذلل ،ف ربوبيته ،أو منازع ،أو مغالب ف ملكيته.
( )9فهو سبحانه القدوس ف خلقه ،وفعله ،وقضائه ،ويف مجيع
أحاكمه اجلزائية ،والرشعية ،والقدرية ،فيه ٌ
خي لكها ،لزناـهتها عن
لك ما يناف احلكمة ،واهلدى ،والرشد ،والعدل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1صحيح اجلامع (.)1857
162
( )10وـهو الطاـهر املزنه عن األوَّلد ،والصاحبة ،واألنداد ،واألضداد.
( )11وـهو تعاىل املستحق للتقديس ،واتلزنيه ،واإلجَّلل ،من
مجيع اخلَّلئق ،وهلذا قالت املَّلئكة{ :ﭣ ﭤ ﭥ
نزنـهك َّ
عما َّل يليق بك . ﭦ ﭧ} [ابلقرة ،]30 :أي ِ
()1
163
ً
مدحا ،حىت وإثبات صفات الكمال ،فإن اتلزنيه املحض ليس
يتضمن إثبات كمال ضده ،فهو تعاىل املزنه عن النسيان والغفلة،
لكمال علمه وحفظه ،وـهو مزنه عن اتلعب واإلعياء ،لكمال قدرته
َّ
وقوته ،مزنه عن السنة وانلوم ،لكمال حياته ،مزنه عن الظلم ،لكمال
عدل ،)1(...فجمع ـهذا اَّلسم اجلليل لك كمال ،وجَّلل ،ف أوسع
املعاين ،وأجل ادلَّلَّلت.
َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث املؤمن احلب واتلعظيم
لرب العاملي ،وينبيغ للمؤمن أن يطهر نفسه من أدران الرشك
والظلم ،ولك تأثيم ،وأن يَّلزم الطهارة احلسية واملعنوية ف لك حي،
ّ
املرضة ،ف ادلنيا ،وادلين. من ذلك الشبهات ،والشهوات
164
ـهذا اَّلسمان اجلليَّلن َّل جيوز إطَّلقهما باأللف والَّلم إَّل ْع
ً ٌ
الل تعاىلَّ ،لختصاصه بهماَّ ،ل يشاركه فيهما أحد اكئنا من اكن.
والفرق بينهمن :أن اخلنلق :ـهو اذلي ينشئ اليشء من العدم،
بتقدير وعلم سابق للوجود ف اخلارج ،واخلالق :من أفعال املبالغة
فعال ،ويدلْ :ع كرثة خلق الل تبارك وتعاىل ،وإجياده ْع وزن َّ
ً ًّ
كما ،وكيفا(.)1
فلك أن تتأمل كم خيلق الل تعاىل من بَّليي املخلوقات ف
اللحظة الواحدةَّ ،
بشىت أنواعها ،واختَّلف أشاكهلا.
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه ـهو اخلنلق اخلالق:
َّ
)1اذلي أوجد مجيع األشياء بعد أن لم تكن موجودة ،وقدر
أمورـها ف األزل بعد أن اكنت معدومة ،فأبدعها ْع غي مثال مسبوقه.
)2وـهو املقدر للخلق واألخَّلق ،فقسمهما بي العباد ،العليم
بأـهل الوفاق ،وانلفاق(.)2
" )3واخللق منه سبحانه وتعاىل ْع رضوب :منه خلق بيديه
(كآدم) ،و(العرش ،والقلم ،وجنات عدن)( ،)3وخيلق بهما إذا شاء،
ومنه خلق بمشيئته والكمه (كسائر اخللق) ،وـهو خيلق إذا شاء"(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رشح أسماء الل للرازي ( ،)210األسماء والصفات ( ،)73/1أسماء الل احلسىن للرضواين (.)588
( )2انظر انلهاية ( ،)70/2وتفسي القرطيب ( ،)54/10وأسماء الل الرضواين (.)284
( )3كما ف أثر عبد الل بن عمر ريض الل عنهما اذلي رواه اذلـهيب ف (العلو للعل الغفار) وقال األبلاين:
( )4اتلوحيد َّلبن منده (.)76/2 (إسناده صحيح ْع رشط مسلم) (ص )105وحكمه حكم املرفوع.
165
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﯚ ﯛ ﯜ}
[احلجر] ،أي :أنه تعاىل خلق اخللق مع اختَّلف طبائعهم ،وتفاوت
أحواهلم ،مع علمه بكونهم كذلك ،فألجل املصلحة واحلكمة ،فهو
تعاىل خلقنا وعلم األصلح نلا ،فمصدر خلقه تعاىل وأمره ،عن كمال
العلم واحلكمة ،وبكمال ـهاتي الصفتي يكون املخلوق صادر
َّ ًّ
عن املوصوف بهما حكمة ،ومصلحة ،وحقا( ،)1ودل ـهذا اَّلقرتان ْع
َّ
املختصة أنه ينبيغ الرض بما خلقه الل تعاىل ْع الكيفية واهليئة،
باملخلوق ،بالطول ،أو القرص ،أو اللون ،أو الشلك ،أو القوة ،أو
الضعف ،أو السَّلمة ،أو العاـهة ،أو العجز ،فلكه من تقدير اخلَّلق
العليم ،فيما يناسب العاملي.
( )2قال تعاىل{ :ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [الفرقان]،
وقال َّ
عز شأنه{ :ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ} [القمر] ،اتلقدير يرجع
واتلصوير()2
إىل اسمه القادر والقدير ،وـهو تقدير املقادير قبل اخللق،
َّ
ثم إنشائه وإجياده ْع وفق ـهذا اتلقدير ،فدل ـهذا اَّلقرتان ْع أن
ً ً َّ
كبيا ،بقياس مضبوط وحمكم، صغيا اكن ،أم لك يش ٍء خلقه الل
وقت معلوم ،وماكن حمدود مكتوب ،ف اللوح ٍ وقسمة حمدودة ،ف
املحفوظ ،قبل وقوعه ،فَّل خيرم منه مثقال َّ
ذرة ،وَّل يتجاوز فيما
خلقه ألجله ،وـهيئ ويَّس ل ،إىل غيه ،بوجه من الوجوه(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2انظر اسم (القادر). ( )1بدائع الفوائد ( ،)136/4تفسي ابليضاوي (.)248/2
( )3نظم ادلرر (.)367/7( ،)249/5
166
هللالل اخلنلق اخلالق :يتجىل هللالل الل تبارك وتعاىل
ً
أطوارا ،كما قال تعاىل{ :ﭧ ف خلقه بكمال اإلتقان ،كخلق انلاس
ا
أطوارا) ﭨ ﭩ ﭪ} [نوح] ،حيث أوجدـهم من العدم مقدرين (
ً ّ ً
أخَّلطا ،ثم أي :تارات عنارص أوَّل ،ثم مركبات تغذي احليوان ،ثم
ً ً ً ً ً
وحلوما ،وأعصابًا ودماء ،ثم خلقا عظاما نطفا ثم علقة ،ثم مضغا ،ثم
ً ً
ناطقا ،ه ًّ
يمر ف ثَّلث مراحل ف أرحام األمهات ،ذكرانا آخر تاما
ً ً ً ً ً
وقصارا ،بيضا وسودا ،وبي ذلك ،إىل غي ذلك(.)1 وإناثا ،طواَّل
َّ
اثلمرات :إن ـهذين اَّلسمي الكريمي يورثان املؤمن كمال
ايلقي بأنه مربوب لرب العاملي ،ويه الغاية ف خلقه تعاىل لإلنس
واجلن أمجعي ،قال سبحانه{ :ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ِ
ً ً
ﭹ} [اذلاريات] ،وأنه تعاىل لم خيلق اخللق ـهمَّل ،ولن يرتكهم سدى،
{ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ
ﯚ ﯛ} [املؤمنون].
وأخّب سبحانه أنه خلق األرض والسموات العَّل ،يلعرفوا الل
أحد سواه من خلقه ،وبما ل من
تعاىل وحده ،ويفردوا ل العبادة دون ٍ
األسماء احلسىن ،والصفات العَّل{ :ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ
ﰊﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ
َّ
ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ} [الطَّلق] ،وأن يتأمل العبد ف أصل خلقته،
وما فيها من جَّلل حكمته{ :ﮢﮣ ﮤ ﮥﮦﮧ} [اذلاريات].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1نظم ادلرر ( ،)171/8والقرطيب (.)302/9
167
168
( )4أنه تعاىل خلق اإلنسان من الرتاب ،وأن أصله من الّبي،
وـهو الرتاب.
( )5وـهو قالب األعيان أي :أنه أبدع املاء والرتاب ،وانلار
واهلواء َّل من يشء ،ثم خلق منها األجسام املختلفة(.)1
ه
( )6وـهو ابلارئ :اذلي يّبئ املظلوم مما ظلم به ،كما برأ موىس
عليه السَّلم{ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ} [األحزاب.)2(]69 :
املزنه من لك انلقائص والعيوب ف ذاته ،وصفاته، َّ ( )7وـهو
ِِ
وانلد، وأفعال( ،)3وعن املثيل ،والشبيه ،والرشيك ،والصاحبة ،والودل،
حقه تعاىل عن ذلك ًّ
علوا ً ِ
كبيا. وعن لك ما يفرتيه املعاندون ف
( )8وـهو اذلي يّبئ املريض مما فيه من ابلَّليا واألسقام ،كما ف
يربيا من لك داء يشفيا.)4(<.. رقية جّبيل خلي األنام ‘> :بسم ا
هللالل ابلنرئ :أنه وـهب احلياة لألحياء ،اذلي خلق األشياء
صاحلة مناسبة للغاية اليت أرادـها.
وـهو اذلي يتم الصنعة ْع وجه اتلدبي ،ويظهر املقدور وفق
سابق اتلقدير ،قال تعاىل{ :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ
َّ ً
ﯦ} [احلديد] ،وأوجد لك خملوق صاحلًا ومناسبًا لغايته ،حمققا للعلة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :املنهاج ( ،)192/1األسماء للرازي ( ،)216تفسي أسماء الل ( ،)27األسماء للبيهيق
( )2موسوعة األسماء احلسىن ( )118/2لدلكتور عقيل حسي. ( ،)40انلهج األسَّم ملحمد احلمود (.)117
( )4مسلم (.)2185 ( )3إذا اكن تقدير فعله برء يّبأ كفعل َّلزم ،انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (.)290
169
من وجوده ،فأبرأ اخلَّلئق ف لك نوع ْع وجه الكمال ،وفصل بي
األجناس مع تعاقب األجيال(.)1
اثلمرات :ينبيغ للمؤمن أن يّبأ إىل الل تبارك وتعاىل من لك
شهوة ختالف أمره ،ومن لك شبهة ختالف خّبه ،ومن لك بدعة
ختالف سنة نبيِه ،والّباءة ِمن لك َمن َّل يوايل الل ورسول وحزبه،
قال تعاىل عن إبراـهيم عليه السَّلم{ :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ
ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ} [املمتحنة.)2(]4 :
170
ر
املصور اذلي انفرد باتلصوير: املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تعاىل ـهو
صور بإحاكمه وحسن خلقه مجيع الاكئنات كيف شاء، )1اذلي َّ
171
افرتاقها فإن لك اسم من ـهذه األسماء احلسىن يشمل معناه ،ومعاين
اَّلسمي اآلخرين ،والل أعلم(.)1
اقرتان هذ األسمنء :جاء ـهذا اَّلقرتان ف اغية املناسبة ف
ً
ترتيب اخللق ،فاخللق أوَّل وـهو :تقدير وجود املخلوق بعلمه
وحكمته ،ثم بريه ثانيًا :وـهو إجياده من العدمْ ،ع وفق اتلقدير ،ثم
جعله بالصورة اليت شاءـها ،وأرادـها سبحانه وتعاىل ثاثلًا ،وكذلك
ّ
واملصور تفصيل ملعىن اسم اخلالق ،وكذلك أنهما أخص من أن ابلارئ
اخلالق كما سبق(.)2
صور املخلوقات َّ
بشىت أنواع ر
املصور :أنه تعاىل اذلي َّ هللالل
َّ
واحلسية ،والعقليةْ ،ع كرثتها وتنوعها ،فَّل َّ
اجللية ،واخلفية، الصور
ٍّ
يتماثل جنسان ،أو يتساوى نواعن ،فللك صورته ،وصور سيته ،وما
ه ِ
ويمَّيه عن غيه ،ف لونه ،وشلكه ،وذاته ،وصفته ،وإحصاؤـها ف خيصه
واحدٌ ،
أمر يعجز العقل ،ويذـهل ٍ جنس واحد ،أو حرصـها ف
ٍ ٍ
نوع
ٍ
صور األبدان فتعددت َّ
وتنوعت، الفكر ،ومن هللالهل :أنه تعاىل كما َّ
َّ صور الطبائع والسلوك واملذاـهبَّ ،كذلك َّ
فتنوعت وتعددت(.)3
إن اتلعبد باسم الل ( ر َّ
املصور) يقتيض أن َّل يتشبه اثلمرات:
العبد بما انفرد الل تعاىل به ،من اخللق والربوبية ،ويقع ف رشك
ا َّ َّ
اتلمثيل واتلصوير املناف للعبودية ،قال ‘> :إن أشد انلنس عذابن عند
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2شفاء العليل ( ،)366/1وفقه األسماء (.)95 ( )1ولل األسماء احلسىن (.)445
( )3أسماء الل احلسىن ( ،)294وأسماء الل ف الكتاب املقدس ( )216للرضواين ،بترصف يسي.
172
املصورون ،يقنل هلم :أحيوا من لقتم<( .)1وقال ‘: ر ا يوم القينم،
ًّ ا ُّ
>أشد انلنس عذابن يوم القينم ،رهللل قتل ًبين ...أو مصور اتلمنثيل<(.)2
173
رة ألـهل اجلنة ،قال تعاىل{:ﭑﭒﭓﭔ} [األحزاب: ب) ويف اآل
ٌ
فسَّلم منه ]44وقال سبحانه{ :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [يس" ،]58 :
اكف من لك سَّلم ،ومغن عن لك حتية ،ه
وم ِ
قرب من لك أمنية"(.)1 ٍ ٍ
السَّلم :حيث إن ذاته خلصت بانفراد الوحدانية من ( )4وـهو َّ
174
ِ فانتظم َّ
(السَّلم) ابلاقيات الصاحلات ،اليت يثىن بها ْع الرب(.)1
َّ
هللالل ا سالم :أنك إذا نظرت إىل أفراد صفات كمال جل
ً
سَّلما مما يضاد كماهلا ،فحياته سَّلم من وعَّل وجدت لك صفة
ِ َ
السنة وانلوم ،وقيوميته وقدرته سَّلم من اتلعب والعجز، املوت ،ومن
وعلمه سَّلم من عزوب يشء عنه ،أو عروض نسيان ،لكماته سَّلم من
الكذب والظلم ،غناه سَّلم من احلاجة إىل غيهَّ ،
إهليته سَّلم من
مشارك ل فيها ،وعذابه وانتقامه سَّلم من أن يكونا ً
ظلما أو ً
جورا،
ً
حمتاجا إىل ما حيمله ،أو استواؤه ْع العرش سَّلم من أن يكون
يستوي عليه ،بل العرش وْحلته حمتاجون إيله.)2(..
اثلمرات :من عرف ربه بهذا اَّلسم الكريم ،ينبيغ ل أن
يترضع إيله ،ويسأل َّ
السَّلمة ف ادلنيا واآلخرة ،أما سَّلمة ادلنيا ،فمنها:
ظاـهرة ،وباطنة ،فالظاـهرة :العافية من األمراض واألسقام ،ومجيع ما
تكرـهه ،وابلاطنة ف ادلنيا :فسَّلمة دينك ،وسَّلمة يقينك عن
الكفر ،وابلدع ،والعصيان ،حىت تقدم ْع ربك بأوثق هعرى اإليمان،
ويسلم قلبك من الصفات املذمومة ،حىت تأيت الل بقلب سليم ،فتنال
منه السَّلمة َّ
املؤبدة ف دار السَّلم ،وتنجو من العذاب املهي .
()3
وقد مجع ـهذه املعاين املصطىف ‘ ف أمره بهذا ادلاعء> :ين أيهن
را من :ايلقني ،واملعنةنة،ا انلنس إن انلنس م يعطوا يف ادلًين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أحاكم أـهل اذلمة ( ،)193وتيسي الكريم الرْحن (.)487/5
( )3األسىن للقرطيب (ص ،)264بترصف. ( )2بدائع الفوائد ( )363/2بترصف يسي.
175
َ
عً وهللل<(.)1 ةسلوهمن ا
وجيب عليك أن يسلم لسانك ،وجوارحك عن أذية أـهل
اإليمان ،قال ‘> :املسلم من سلم املسلمون من يد و سنًه<(،)2
َّ وأن تفيش َّ
السَّلم بي األنام ،قال ‘> :ا سالم اسم من أسمنء ا ،
ةأةشو بينكم<( .)3فمن مجع ـهذه اخلصال "نال السَّلمة املؤبدة ،ف
دار َّ
السَّلم" . ()4
176
)2وـهو تعاىل ا واسع املطلق :ف ذاته ،ويف أسمائه ،وصفاته،
وأفعال ،وملكه ،وسلطانه.
فإن نظر إىل علمه فَّل ساحل بلحر معلوماته ،بل تنفد ابلحار لو
ً
اكنت مدادا للكماته ،وإن نظر إىل قدرته فَّل نهاية ملقدوراته ،وإن نظر إىل
ه ه
إحسانه ونِ َعمه ،فيه َّل حتد ،وَّل تعد ،وإن نظر إىل رْحته ،فَّل نهاية لسعتها،
وسعت لك اخللق أمجعي{ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ} [األعراف،]156 :
وإن نظر إىل مغفرته وعفوه ،فمهما عظمت اذلنوب ،وبلغت امللكوت،
فمغفرته أوسع ،وأعظم{ :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [انلجم.)1(]32 :
ِ
)3وـهو الواسع ف ذاته :فهو سبحانه أعظم من لك يشء ،وأكّب
من لك يشء ،وأْع من لك يشء.
)4وـهو الواسع ف أسمائه احلسىن :اليت َّل أسَّم منها ،وَّل أمجل
ه
منها ْع اإلطَّلق ،فَّل حيىص عددـها ،وجَّللة معانيها ،وسعة آثارـها
ومتعلقاتها.
)5وـهو الواسع ف صفاته :اليت بلغت انلهاية ف الكمال ،اليت َّل
ه
حتاط أفراد كماهلا ،من لك اَّلعتبارات.
)6وـهو الواسع ف ملكه وسلطانه :فجميع العوالم السفلية
والعلوية ومن فيهما ،لكها ل تعاىل{ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ} [ابلقرة] ،فمع سعة ـهذه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر ـهذه املعاين :تفسي ابن جرير ( ،)537/2السمعاين ( ،)250/1الطّباين ( ،)403/1وابن كثي ( ،)160/1شأن
ادلاعء ( ،)72املقصد األسىن ( ،)75ورشح األسماء احلسىن للاكفييج (.)177
177
ً
العوالم ،وما فيها ،وما بينها ،فإن الل خلق خلقا أعظم وأوسع ،من
[ابلقرة: ذلك :الكريس ،قال تعاىل{ :ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ}
" ،]255ا كريس موضع القدمني ،والعرش ال يقدر أحد قدر "(" ،)1ولك
ـهذه السعة والعظمة ،فعرشه اذلي استوى عليه ،أعظم ،وأكّب،
وأوسع ،قال ‘> :من ا كريس يف العرش إال كحلق ،من حديد
ألقيت بني ظهري ةالة من األرض<(.)2
)7فَّل حدود هلذا اَّلسم من لك الكماَّلت ،من مجيع الوجوه
ْع اإلطَّلق ،اذلي يقتيض تزنيهه عن انلقص ،وعن لك اآلفات،
"واَّلعرتاف ل بأنه َّل يعجزه يشء ،وَّل خيىف عليه يشء ،ورْحته
وسعت لك املخلوقات"(.)3
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [ابلقرة]" ،ختم باسمي مطابقي لسياقهما ،فَّل
يستبعد العبد ـهذه املضاعفة ،وَّل يضيق عنها عطاؤه ،فإن املضاعف
واسع العطاء ،واسع الغىن ،واسع الفضل ،ومع ذلك فَّل يظن أن سعة
عطائه تقتيض حصوهلا للك منفق ،فإنه عليم بمن تصلح ل
املضاعفة ،وـهو أـهل هلا ،ومن َّل يستحقها ،وَّل ـهو أـهل هلا ،فإن
كرمه وفضله تعاىل َّل يناف حكمته ،بل يضع فضله لسعته ورْحته،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1رواه احلاكم ف املستدرك ( ،)282/2وقال صحيح ْع رشط الشيخي ،وصححه األبلاين ف رشح الطحاوية ()312
ً
موقوفا عن ابن عباس ريض الل عنهما .وحكمه حكم الرفع ألنه من الغيبيات اليت َّل تعلم إَّل من الشارع.
( )3انظر املنهاج (.)198/1 ( )2صححه األبلاين ف املصدر السابق.
178
ويمنعه من ليس من أـهله ،حبكمته ،وعلمه"(.)1
( )2وقال تعاىل { :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ
ﯤ} [املائدة] ،أي :أنه كثي الفضل( ،واسع) :ذو سعةَّ ،ل تنفد فواضله
ونعمه( ،عليم) :بمن يستحقه ،وبمن ـهو أـهله ،فيتفضل عليه به.
( )3وقال تعاىل{ :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [النساء] ،أي :يغن الل تعاىل الزوج واملرأة
فزبوج ـهو أصلح هلا من املطلق
ٍ املطلقة من سعة فضله ،أما ـهذه
األول ،أو برزق واسع وعصمة ،وأما ـهذا فّبزق واسع وزوجة يه
ً
واسعا
ا ٰ
تعنىل واسعن) يعن: أصلح ل من املطلقة ،أو عفة( ،واكن ا
ا
هلما ف رزقه إياـهما ،وغيـهما من خلقه( ،حكيمن) فيما قىض بينه،
وبينها من الفرقة والطَّلق(.)2
فالل تعاىل واسع الفضل ،واسع الرْحة ،وصلت رْحته ،وإحسانه
ا
إىل حيث وصل إيله علمه ،واكن مع ذلك (حكيمن) أي :يعطي حبكمته،
ويمنع حلكمته ،فإذا اقتضت حكمته منع بعض عباده من إحسانه
ً
بسبب ف العبدَّ ،ل يستحق معه اإلحسان حرمه ،عدَّل وحكمة( ،)3وأن
ً
واسعا ،فالل سبحانه واسع ـهذه احلكمة من املنع َّل تقدح ف كونه
العطاء ،واسع احلكمة ،واسع الفضل واإلحسان والرْحة ً
مجيعا.
َّ
فدل اقرتانه تعاىل ف سعته مع حكمته ،أن سعته عن كمال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3تفسي السعدي (.)168/2 ( )2جامع ابليان (.)204/5 ( )1طريق اهلجرتي (ص.)540
179
احلكمة ،فَّل يوسع ف اإلفضال واإلنعام إَّل بها ،فيضع ـهذه السعة ف
أفضل مواضعها ،ويف أحسن أحواهلا.
هللالل ا واسع :أنه خمتص بعدم انلهاية ف سعة الصفات،
أحد ًٌ
ثناء عليه ،بل ـهو كما وانلعوت ،ومتعلقاتها ،حبيث َّل حييص
أثىن ْع نفسه( ،)1فلك سعة وإن عظمت فتنتيه إىل طرف ،واذلي
َّل ينتيه إىل طرف ـهو أحق باسم السعة ،والل تعاىل ـهو الواسع
املطلق( ،)2اذلي َّل نهاية لسعة صفاته ،وجَّلهلا.
ومن هللالل ـهذا اَّلسم املبارك أنه يتجىل لعباده املؤمني ف
ادلارين ،ةيف ادلًين :أنه تعاىل يغنيهم من سعته الظاـهرة ،وابلاطنة،
ةنلظنهرة منهن :الغىن باملال احلَّلل ،واذلرية الصاحلة ،وابلنطن:،
غىن انلفس والقناعة ،وكذلك أنه تعاىل " يوسع عليهم ف دينهم،
ِ
وَّل يكلفهم ما ليس ف وسعهم"( ،)3من العبادات والطااعت(.)4
ويف اآل رة :تتجىل سعته "ما احتوت عليه دار انلعيم من
َّ
واملَّسات ،واألفراح ،والذلات املتتابعات ،مما َّل عي رأت، اخليات،
ٌ
وَّل أذن سمعت ،وَّل خطر ْع قلب برش ،فخي ادلنيا واآلخرة،
وألطافهما من فضله ،وسعته سبحانه"(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3تفسي القرطيب (.)84/2 ( )2املقصد األسىن (.)106 ( )1املصدر السابق (.)631/5
180
اثلمرات :مىت عرف العبد أن الل تعاىل واسع الفضل
ّ
والعطاء ،وأن فضله غي حمدود بطريق معي ،بل وَّل بطرق معينة،
بل أسباب فضله وأبواب إحسانه َّل نهاية هلا ،أنه َّل يعلق قلبه
َّ
باألسباب ،بل يعلقه بمسببها ،وَّل يتشوش إذا انسد عنه باب منها،
فإنه يعلم أن الل واسع عليم ،وأن هط هرق فضله َّل تعد ،وَّل حتىص،
وأنه إذا انغلق منها يشء انفتح غيه مما قد يكون ً
خيا وأحسن
للعبد اعقبة {ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [النساء.)1(]130 :
181
( )2اذلي يوصل األمور إىل اغياتها بألطف الوجوه ،وبأحسن ما
يكون ،فييَّس املنافع للعباد ،من حيث يعلمون أو َّل يعلمون.
( )3وـهو اللطيف الّب بعباده املؤمني ف لك آن وحي ،فمن
َّ
ذلك :أ) املوصل إيلهم مصاحلهم ومنافعهم ،بلطفه وإحسانه ،ب) وسهل
هلم لك طريق يوصل إىل مرضاته وكرامته ،هلل) وحفظهم من لك سبب
ووسيلة توصل إىل سخطه ،من طرق َّل يشعرون ،ومن حيث َّل حيتسبون.
كما قال يوسف عليه السَّلم{ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [يوسف. ]100 :
َّ
( )4وـهو سبحانه اذلي لطف صنعه ،وحكمته ودق ،حىت
عجزت األفهام ،عن إدراكه.
َّ
( )5ومن لطفه بعباده أنه تعاىل أعطاـهم فوق الكفاية ،ولكفهم
َّ َّ
دون الطاقة ،وسهل عليهم الوصول إىل السعادة ،ف مدة قصية.
( )6اذلي لطف بأويلائه حىت عرفوه ،وبأعدائه حىت جحدوه(.)1
من لطنئف االقرتان )1( :قال سبحانه{ :ﯧ ﯨ ﯩ
ﯪ} [احلج ]63 :جاء اَّلقرتان "ف موقع اتلعليل لإلنزال ،أي :أنزل املاء
املتفرع عليه اَّلخرضار ،ألنه (لطيف) :رفيق بمخلوقاته ،وألنه عليم
ِ ِ
األخص: برتتيب املسببات ْع أسبابها" ،ويف ـهذا اَّلقرتان مجع بي
()2
182
( )2قال تعاىل{ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ} [يوسف ،]100 :دل ـهذا اَّلقرتان
ْع أن من خصائص ربوبيته تعاىل اللطف بكل معانيها اجلليلة ،من
إيصال إىل أويلائه اخليات واملنافع ،ودفع عنهم الرشور واملساوئ.
َّ
بالكيفية"، هللالل ا لطيف :أنه تعاىل "لطف عن أن يدرك
قال تعاىل{ :ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ
ً
لطفا وحكمة ،ه
ويرى ﭮ ﭯ} [األنعام] .فإن الل َّل يهرى ف ادلنيا
ً ََ ً
َّل ،وَّل يدرك وَّل هحياط به ً
علما ،ف ادلنيا ف اآلخرة إكراما وتفض
وَّل ف اآلخرة ،جلَّلل ،وعظمته ،ولطفه(.)1
ومن هللالهل :أنه يلطف بعبده ف أموره ادلاخلية املتعلقة
بنفسه ،ويلطف به ف أموره اخلارجية عنه ،فيسوقه ويسوق إيله ما
فيه صَّلحه وحسن اعقبته ف ادلنيا واآلخرى ،من حيث َّل يشعر،
لطف وكرمَّ ،ل تدركه األفهام ،وَّل تتصوره األوـهام(.)2
فكم لل من ٍ
ِ
اثلمرات :عندما يدرك املؤمن اتصافه تعاىل باللطف بكل
معانيه ،من دقة العلم ،وإحاطته تعاىل بكنه األشياء ،صغيـها
ِ
بويله بإيصال إحسانه إيله ،من حيث َّل وكبيـها ،وأنه يلطف
َّ
املحبة ،اليت تثمر ل أنواع حيتسب ،فإن ذلك يغرس ف قلبه شجرة
ه
الق َرب ،والعبودية ،من ذلك حماسبة نفسه ْع أقوال ،وأفعال،
وحراكته ،وسكناته ،واتلعبد بمقتىض ـهذا اَّلسم الكريم ،ف اتللطف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1شأن ادلاعء ( ،)62األسىن للقرطيب ( ،)232/1انظر أسماء الل احلسىن للرضواين ( ،)349الصفات املنفية (.)334
( )2احلق الواضح (.)61
183
مع إخوانه املؤمني ،وأخص من ذلك مع أـهله ،ف انلصح ،ويف أمره
ونهيه ،وإيصال الّب واللطف بكل أنواعه ما استطاع إىل ذلك
ً
سبيَّل ،وينبيغ ل أن يتوسل بهذا اَّلسم ،ويستحرض معانيه "فإذا قال
العبد :يا لطيف ألطف يب ،أو يل ،وأسألك لطفك ،فمعناه :تولن
وَّلية َّ
خاصة ،بها تصلح أحوايل الظاـهرة وابلاطنة" .
()1
184
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو ا كبر ْع اإلطَّلق:
( )1اذلي كّب وعَّل ف ذاته ،فهو أكّب من لك يشء ،وأعظم،
ِ ّ
وأجل ،وأْع ،من لك يشء.
( )2وـهو الكبي ف أوصافه ،فلكها صفات كمال ،وعظمة ،وجمد،
وجَّللَّ ،ل ِ َّ
سيم ل فيها ،وَّل مثيل ،وَّل شبيه ،وَّل نظي.
( )3وـهو الكبي ف أفعال ،فعظمة خلقه ،تشـهـد جبَّلل أفعال،
قـال تعـالـى{ :ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [اغفر].
( )4اذلي كّب عن شبه املخلوقي ،فليس ل شبيه ،وَّل مثيل.
( )5وـهو الكبي العظيم ذو الكّبياء ،اذلي صغر دون جَّلل،
وعظمته لك كبي ،فهذان الوصفان َّل يهقادر قدرـهما وَّل يهبلغ كنههما.
أمر أو نيه ،بكمال
( )6املرصف عباده ْع ما يريد ،من ٍ
احلكمة والعدلَّ ،ل يقىض دونه أمر ،وَّل يرد حكمه أحد ف الكون.
( )7وـهو اذلي ل العظمة واإلكبار ،واإلجَّلل ،والسلطان ،ف
السماوات واألرض ،ويف قلوب وألسنة أويلائه ،وأصفيائه األبرار.
( )8ـهو اذلي كّب وتعاىل عن لك انلقائص ،واملساوئ،
والعيوب( ، )1اليت تناف كّبياءه ،وعظمته ،وجَّلل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر :األسىن (ص ،)248شأن ادلاعء (ص ،)66اشتقاق أسماء الل ( ،)155تفسي األسماء لدلكتور الرضواين
(ص ،)374تفسي السعدي ( ،)487/6وفتح الرحيم امللك (.)30
185
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ} [اغفر] ،العل :العلو ،والرفعة ،والسمو ،واتلعايل ْع اإلطَّلق ف:
اذلات ،والصفات ،وا كبر :جيمع معاين العظمة ،والسعة ،ف ذاته،
وأفعال ،وصفاته ،وجَّلل ،فدل ـهذا اَّلقرتان ْع أنه تعاىل :كبي ف
علوه ،عل ف كّبيائه" ،فهو أكّب من لك يشء ،وأعظم من لك يشء،
واعل ْع لك يشء"(.)1
كما ـهو فوق لك يشءٍ ،
ودل اَّلقرتان كذلك ْع "أن حكمه سبحانه ،يعلو وتذعن ل
انلفوس ،حىت نفوس املتكّبين واملرشكي"( ،)2ألن علوه وكّبياءه،
ه
ينفيان خَّلفه ،فبهذا اَّلقرتان "حيصل الكمال املطلق :العلو
والكّبياء ،والكّب فيه كمال الكمال"(.)3
هللالل ا كبر :هللالل كربينئه عز وجل َّل يعلمها إَّل ـهوَّ ،ل
ملك مقرب ،وَّل نيب مرسل ،فاختص الل جل وعَّل بها ،فمن نازعه
عذبه ،قال ‘ فيما حيكيه عن ِ َّ
ربه عز وجل> :العً إزار ، فيها
وا كربينء رداؤ ،ةمن يننزعين عذبته<(.)4
ً ً
وقدرا ،ومعىن ،وعزة، أكرب) :أي الل أكّب ،من لك يشء ذاتا، (ا
وجَّللة ،يقال :أنها أبلغ لفظة للعرب ،ف معىن اتلعظيم ،واإلجَّلل ،فهو
أكمل من صفة العظمة ،ألنه يتضمنها ،ويزيد عليها ف املعىن(.)5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2تفسي السعدي (.)188/4 ( )1انظر الصواعق املرسلة (.)1379/4
( )4مسلم (.)2620 ( )3تفسي سورة اغفر (َّ )188/9لبن عثيمي.
( )5جمموع الفتاوى ( ،)253/10الصواعق املرسلة ( ،)1379/4تفسي ابن عطية ( ،)1173األسىن (.)252
186
اثلمرات :جيب أن يعلم لك ملكف أن الكّبياء ،والعظمة لل
َّ َّ
تعاىل وحده ،وأنه َّل حظ ل من ـهذا اَّلسم ،إنما حظه :اذللة
َّ
واَّلفتقار ،للكبي القهار( ،)1فينبيغ ل أن يَّلزم اتلكبي واتلعظيم
لربه ف الليل وانلهار ،قال تعاىل{ :ﯘ ﯙ ﯚ} [اإلرساء] ،وأن ِ
187
ٍّ
املضاعف من اثلواب ،بغي عد وَّل حساب.
( )2ويغفر الكثي من الزلل ،ويقبل القليل من صالح العمل.
( )3وـهو سبحانه يشكر العباد ْع شكرـهم ل ،فَّييدـهم من
خيه وفضلهً ،
نعما ـهو أعطاـهم إياـها ،وجعلها هلم ،وـهذا من شكره.
( )4ويشكر عبده بقول بأن يثن عليه بي مَّلئكته ،ويف املأل
األْع ،ويليق ل الشكر بي عباده ،ويشكره بفعله.
( )5وـهو سبحانه يعطي اجلزيل من انلعمة ،فيض باليسي من
الشكر.
ِ َّ
( )6ومن كمال شكره جل جَّلل أنه يعطي العبد ،ويوفقه ملا
يشكره عليه ،فمنه السبب ،ومنه املسبب.
( )7وـهو تعاىل يشكر القليل من العمل والعطاء ،مع إنعامه
ّ
الكثي ،فَّل يستقله أن يشكره ،ومع ـهذا يثيب عليه اثلواب اجلليل.
شيئا ل سبحانهَّ ،
عوضه ( )8ومن شكره اجلميل أن من ترك ً
ً َّ
أفضل منه ،وإذا بذل ل شيئًا ،رده عليه أضعافا مضاعفة ،وـهو اذلي
َّ
وفقه للرتك وابلذل ،وشكره ْع ـهذا ،وذاك(.)1
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل { :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ
ﭱ} [الشورى] ،فإنه سبحانه يغفر اذلنوب لعباده ،إذا تابوا وأنابوا،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :شأن ادلاعء ( ،)65جامع ابليان ( ،)18/25جمموع الفتاوى ( ،)203/18عدة الصابرين
( 419ـ ،)431تفسي األسماء ( .)48احلق الواضح (.)70
188
ويشكر هلم ْع طاعتهم ل ،وـهو يغفر لعباده املؤمني ْع تقصيـهم
ٌ
عن شكره ،ألنه َّل حييص أحد شكره ْع اتلمام والكمال ،وأنه تعاىل
من غفر ل ،فإنه يشكره بزيادة اثلواب ل ،واثلناء عليه.
( )2وقال سبحانه{ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ} [ابلقرة] ،أي :أن
الل تعاىل (عليم) بمن يستحق الشكر ،فيجازيه ْع وفق علمه
الواسع ،فهو يعلم سبحانه مقادير أعمال ،وأقوال الشاكرين ،وكيفياتها،
وحقائقها ،فَّل ينقص من أجورـهم شيئًا ،فهو تعاىل عليم بمن يستحق
الشكر ْع عمله ،وقبول ،وإثابته عليه منهم ،عليم بمن أخلص فيه،
أو خَّلفه ،فهو أعلم بالشاكرين حقيقة ،كذلك أن ترك اثلواب عن
اإلحسان َّل يكون إَّل عن جحود للفضيلة ،أو جهل بها( ،)1والل
تبارك وتعاىل َّ
مزنه عن ذلك لكه ،فجاء اَّلقرتان كدَّللة ْع نيف ـهذه
العيوب ،فإن ـهذا من وصف العبادَّ ،ل رب العباد.
هللالل ا شنكر وا شكور :أ) أنه تعاىل جيازي عدوه بما
يفعله من اخلي واملعروف ف ادلنيا ،وخيفف به عنه يوم القيامة ،فَّل
يضيع عليه ما يعمله من اإلحسان ،وـهو من أبغض خلقه.
لعبد من أجل تنحية شوكة(.)2
ب) ومن هللالهل أنه غفر ٍ
لكب َ
املنء(.)3 بِغ سقت ا َ ـج) ومن هللالل شكره :أنه غفر المرأة ِ ٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1األلويس ( ،)39/2ابن اعشور ( )65/2بترصف.
َّ ( )2قال ‘> :بينمن رهللل يميش بطريق ،وهللد غصن شوك ٰ
هل ةيفر هل< ابلخاريىلع الطريق ،ةأ ر ،ةشكر ا
( ،)652مسلم (.)1914
َّ
( )3قال ‘> :غفر المرأة مومس ،مرت بكلب ىلع رأس ريك يلهث اكد يقتله العطش ،ةزنعت فهن ةأوثقته
خبمنرهن ةزنعت هل من املنء ةيفر هلن بذ ا< ابلخاري ( ،)3467ومسلم (.)2245
189
د) أنه يعطي العبد ما يشكر عليه ،ثم يشكره ْع إحسانه إىل
نفسهَّ ،ل ْع إحسانه إيله سبحانه ،ووعده ْع إحسانه نلفسه ،أن
حيسن جزاءه ،ويقربه دليه.
َّ
فسَّم اشتق للشاكرين اسمي من أسمائه احلسىن، َّ ـه) أنه
وشكورا) ،فأعطاـهم من وصفه َّ ،
وسماـهم باسمه. ا ا
شنكرا، نفسه (
()1
و) من هللالهل :أنه جيازي عباده ف طااعت يسية ،ف أيام قليلة،
علية رسمدية . جنات َّ
()2
اثلمرات :ينبيغ للك مؤمن عرف َّ
ربه بهذا اَّلسم ،أن يَّلزم
شكره ،ف يلله ،ونهاره ،ف رسه ،وعَّلنيته ،بفعله ،وقول ،وجنانه ،ملا
أسدى إيله تعاىل من نعمه وآَّلئه اليت َّل حتد ،وَّل حتىص ،وَّل تعد،
وأعظمها نعمة اإلسَّلم ،املغبون بها أكرث األنام.
ً َّ َّ
شكرا خيصها ،وْع اللسان من "ثم اعلم أن ْع لك جارح ٍة
ذلك مثل ما ْع سائر اجلوارح ،وشكر لك جارحة إنما ـهو باستعماهلا
بتقوى الل العظيم ،ف امتثال ما خيصها من الطااعت ،واجتناب ما
ً
خيصها من العصيان"( ،)3وينبيغ أن تشكر من أسدى إيلك معروفا
من أي إنسان ،وأول بذلك الوادلان ،الذلان اكنا ً
سببا لوجودك ،بإذن
من الرْحن ،واعلم "أن مزنلة الشكر ،يه من أْع املنازل ،ويه فوق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ألن الصفات مشتقة من األسماء ،فلك اسم يدل ْع صفةَّ ،ل العكس ،انظر شفاء العليل ()277
( )2انظر املعاين السابقة :مدارج السالكي ( ،)252/2عدة الصابرين ( ،)426رشح أسماء الل للرازي (.)261
( )3األسىن (.)326/1
190
ٰ
رض) وزيادة"( ،)1فالزمها حىت تنال رض ادليان. مزنلة (ا
191
ةمن كمنل علمه سبحنًه وسعته:
( )1أنه العالم بما اكن ،وما يكون قبل كونه ،وبما يكون وملا
م
يكن َبع هد ،قبل أن يكون ،فهو يعلم ما اكن وما يكون من
املستقبَّلت اليت َّل نهاية هلا.
( )2ومن كمال علمه أنه أحاط علمه جبميع األشياء ،باطنها
وظاـهرـها ،دقيقها وجليلهاْ ،ع أتم اإلماكن.
( )3يعلم ما ف السموات السبع ،واألرضي السبع ،وما بينهما،
وما حتت الرثى ،وما ف قعر ابلحار ،ومنبت لك شعرة ،ولك شجرة،
ومسقط لك ورقة ،وعدد احلصا والرمل والرتاب ،ويعلم لك يشء،
وَّل خيىف عليه يشء ،وـهو ْع العرش استوى ،فوق لك الورى.
( )4ومن سعة علمه أنه أحاط علمه بالواجبات ،واملستحيَّلت،
واملمتنعات ،واملمكنات ،وباملاضيات ،واملستقبَّلت ،واملحسوسات،
واملعنويات ،فَّل خيلو عن علمه ماكن ،وَّل زمان.
( )5ومن كمال أنه يعلم املمتنعات حال امتناعها ،ويعلم ما
يرتتب ْع وجودـها لو هوجدت .
()2()1
192
ْع تدبي ـهذا انلظام الكوين العجيب( .)1فإن العزة يه :الغلبة،
َّ
والقوة كما سبق ،فدل ذلك ْع أن قيامه ْع تدبي ـهذا الكون ابلاـهر
للعقول ،املتقن ،ناشئ عن كمال العلم ،وكمال القوة والقهر ،حيث
َّ
مكن ـهذه األجرام العظام بهيئاتهاَّ ،ل تتغي ،وَّل تتحول ،وَّل
تصطدم ،إَّل أن يريد الل إبادة ـهذا الكون ،فتسكن حراكته وتفىن
موجوداته ،وأنها مهما عظمت أجرامها ،واتسعت أرجاؤـها ،فَّل يعز
عليه إجيادـها وتدبي أمورـها ْع وجه العلم واحلكمة( ،)2فَّل يستطيع
أحد أن يمنع ما أراده سبحانه ف تدبيه وتكوينهَّ " ، ٌ
فعزته تمنع أن
يكون ف ملكه ما َّل يشاؤه ،أو أن يشاء ما َّل يكون"(.)3
وبعًته تعاىل كذلك قهرـهما وسيـهما ْع الوجه املخصوص ،إىل
وقت معلوم ،وـهو العليم بتدبيـهما( ،)4واألنفع من اتلداوير املمكنة
هلما( ،)5وأن عزته تعاىل إنما تكون بعلمه الشامل للك يشء ،أي :أن
إنفاذ ـهذه العزة ،إنما يكون بعلم ومعرفة ،بمواطنها ،وعواقبها ،وليس
كعزة املخلوق ،اليت تنطلق ف الغالب من اهلوى ،والظلم ،واجلهل ،فدل
ْع عزة قوامها شمول العلم ،وإحاطته ،فيه عزة (العليم)( )6سبحانه.
( )2قال تعاىل{ :ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ} [النساء] ،دل اَّلقرتان
ْع :أنه تعاىل لو يعامل عباده وجيازيهم ،بما يعلمه سبحانه من ذنوبهم
الظاـهرة ،وابلاطنة ،هللكوا ،ولكنه حليم بمن عصاه ،يمهله ،وَّل يهمله،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1كما ف سورة فصلت ( )12ف خلقه سبع سموات ف يومي )2( .انظر نظم ادلرر (.)262/6
( )4أي :الشمس والقمر كما ف سورة األنعام (.)96 ( )3بدائع الفوائد (.)123/1
( )6ولل األسماء احلسىن (.)349 ( )5انظر تفسي ابليضاوي (.)507/1
193
فحلمه عن علم ،فإن املخلوق حيلم عن جهل ،ويعفو عن عجز،
والرب تعاىل حليم مع كمال علمه ،ويعفو مع تمام قدرته ،وما
أضيف يشء إىل يشء أزين من حلم ،إىل علم ،ومن عفو ،إىل اقتدار(.)1
( )3وقال سبحانه{ :ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ}
[األحزاب] ،أي :أن خلقه تعاىل وأمره صدرا عن حكمته ،وعلمه،
وحكمته وعلمه اقتضيا ظهور خلقه وأمره ،فمصدر اخللق واألمر عن
ـهذين املتضمني هلاتي الصفتي ،وهلذا يقرن سبحانه بينهما( )2عند
ذكر إنزال كتبه ،وعند ذكر ملكه وربوبيته ،إذ ـهما مصدر اخللق
َ ِ ً
أجلها واألمر ،وملا اكن سبحانه اكمَّل ف مجيع أوصافه ،ومن
حكمته ،اكنت اعمة اتلعلق بكل مقدور ،كما أن علمه اعم اتلعلق
بكل معلوم(.)3
هللالل العليم :من هللالل علمه تبارك وتعاىل أنه >كتب
مقندير اخلالئق قبل أن خيلق ا سمنوات واألرض خبمسني ألف سن،،
وعرشه ٰ
ىلع املنء<( ،)4وأمر القلم أن يكتب فقال ل> :اكتب مقندير
لك يشء ح ٰ
ىت تقوم ا سنع .)5(<،فتم لك يشء ،فجاءت املقاديرْ ،ع
وفق علمه وتقديره ،دون تأخي ،أو ختلف ،أو تغي.
َّ َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم اجلليل يورث املؤمن هجل مقامات
ِ
العبودية ،اليت من أعظمها ،وأجلها ،معرفة أسماء الل تعاىل وصفاته،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2جاء ـهذا اَّلقرتان ف القرآن ( )37مرة. ( )1عدة الصابرين (ص ،)236ولل األسماء احلسىن (.)351
( )3الصواعق املرسلة ( )4( .)1365/4مسلم ( )5( .)2044صححه األبلاين ف مشاكة املصابيح (.)34/1
194
وتقديسه ،فإن علم العباد بربهم وصفاته ،وعبادته وحده ،يه الغاية
املطلوبة من اخللق واألمر ،قال تعاىل{ :ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ
ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ
،وكذلك اخلوف منه تعاىل، [الطَّلق] ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ}
وخشيته ،ومراقبته ،واحلياء منه ،ف الَّس والعلن ،ألن العبد إذا أيقن
أن الل اعلم حبال ،مطلع ْع باطنه وظاـهره ،فإن ذلك يدفعه إىل
اَّلستقامة ْع أمر الل ف لك أحوال ،فزتكو أعمال قلبه وجوارحه،
ويصل إىل مرتبة اإلحسان اليت يه أْع درجات اإليمان(.)1
195
فَّل تزول ،وَّل تدثر ،فَّل يثقله ْحلهما ،لكمال قدرته َّ
وقوته(.)1
( )2وـهو اذلي حيفظ ْع خلقه وعباده ما يعملون ،من خي أو
رش ،من ٍّ
رس وعلن ،وصغي أو كبي ،فيجازيهم بها ف يوم ادلين. ّ
( )3وـهو اذلي َّل يعزب عن حفظه األشياء لكها ،ولو اكنت
مثقال ذرة ف األرض ،أو ف السموات العَّل.
( )4وـهو تعاىل حيفظ عبده من املهالك ،واملعاطب ،ويقيه مصارع
السوء ،وقد جعل ل حفظه :من املَّلئكة ـهم املعقبات بأمره.
( )5وحفظ الل تعاىل نواعن:
األول :حفظ اعم :حفظه جلميع املخلوقات بتيسيه هلا ما يقيها،
وحيفظ بنيتها ،وتميش إىل مصاحلها ،بإرشاده وـهدايته العامة اليت
قال تعاىل عنها{ :ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ} [طه.]50 :
اثلنين :حفظ نص :وـهو أرشف انلوعي :وـهو حفظه تعاىل
ألويلائه ،وـهو كذلك نواعن ،حفظهم ف دينهم ،ودنياـهم:
أ) حفظه يف مصنلح دًين :كحفظه ف بدنه ،وأـهله ،وودله،
ومال ،فجعل ل معقبات حيفظونه بأمر الل ،قال تعاىل{ :ﮠ ﮡ
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ} [الرعد.]11 :
ب) حفظه يف دينه وإيمنًه :فيحفظه من الشبهات املضلة ،ومن
َّ
املحرمة ،ولك ما يرض إيمانه ،أو يزلزل يقينه ،فيعافيهم الشهوات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[فاطر ،]41 :وقال{ :ﯷ ﯸ ( )1قال سبحانه وتعاىل{ :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ}
ﯹ} [ابلقرة.]255 :
196
وخيرجهم منها بسَّلم وحفظ وأمان ،وحيفظهم من أعدائهم من اإلنس
َّ ِ
واجلان فينرصـهم عليهم ،وحيفظه عند موته ،فيتوفاه ْع اإليمان ،وْع
حسب ما عند العبد من ايلقي ،واإليمان تكون مدافعة الرْحن ،قال
جتد جتنها<(.)2()1 حيفظا ،احفظ ا ‘> :احفظ ا
هللالل احلفيظ :أنه حيفظ األشياء بذواتها وصفاتها ،فمن
َّ
ذلك :أنه جعل احلفظ صيانة املتقابَّلت ،املتضادات بعضها عن بعض،
اكتلقابل بي املاء وانلار ،فإنهما يتعاديان بطباعهما ،فإما أن يطفئ املاء
انلار ،وإما أن حتيل انلار املاء إىل خبار.
َّ
وقد مجع الل بي ـهذه املتضادات املتنازعة ف سائر العنارص
واملركبات ،وسائر األحياء ،اكإلنسان وانلبات واحليوان ،ولوَّل حفظه
هلذه األسباب ،وتنظيم معادَّلتها ،وارتباط العلل بمعلوَّلتها؛ تلنافرت
وتباعدت ،وبطل امزتاجها ،فهذه يه األسباب اليت حتفظ اإلنسان من
اهلَّلك ،وتؤمن ل حبفظ الل احلياة(.)3
ومن هللالهل :أنه حيفظ العبد بصَّلحه ف ودله ،وودل ودله(.)4
َّ
اثلمرات :إن من أعظم ثمرات ـهذا اَّلسم الكريم ،حفظ حدود
الل تعاىل ،وحفظ ما وجب عليه من حقوقه ،قال ‘> :احفظ ا
حيفظا<( ،)5أي :احفظ أوامره باَّلمتثال ،ونواـهيه باَّلحتساب،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1صحيح الرتمذي (.)2516
( )2انظر املعاين السابقة :شأن ادلاعء ( ،)67جامع العلوم ( ،)465/1تيسي الكريم ( ،)488/5احلق الواضح (.)59
( )3املقصد األسىن ( ،)100وأسماء الل احلسىن للرضواين (.)507
( )4كما قيل ف قول{ :ﯦ ﯧ ﯨ} الكهف ،82 :نور اَّلقتباس (َّ )51لبن رجب احلنبل.
( )5صحيح الرتمذي (.)2516
197
وحدوده بعدم تعديها ،واَّلبتعاد عنها ،فيحفظك الل تعاىل ف نفسك،
ودينك ،ومالك ،وودلك ،ويف مجيع ما آتاك الل من فضله ،واعلم أن
أعظم احلفظ ،حفظ القلوب ،وحراسة ادلين عن الكفر ،وأنواع
الفنت ،وفنون األـهواء ،وابلدع ،وانلفاق(.)1
198
ه
)2فهو تعاىل ابليه ،الكثي اخلي وانلعم ،اليت َّل حتىص وَّل تعد،
ِ ِ ه
وَّل تستقىص ،وَّل حتد ،فهو سبب لك خي ،و همسهله وميَّسه.
)3فهو األكرم ف ذاته ،وأوصافه ،وأفعال ،واخلي لكه بيديه،
واخلي لكه منه ،وانلعم لكها ـهو موَّلـها ،والكمال لكه ل ،واملجد لكه
ه ًّ
األكرم حقا. ل ،فهو
)4فهو مكرم ،متفضل ،منعم بما َّل يستحق عليه من اإلفضال.
ويكرم )5والل جيل نفسه ،ويكرم نفسه ،فهو أـهل أن هجيَ َّل ه
ه َّ
ويعظم ،ومع ذلك العباد َّل حيصون إجَّلل ،وإكرامه(.)1
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ}
[العلق] ،قرن ربوبيته بـ(األكرم) ،فدل ْع أن ربوبيته تعاىل مقرونة
بسعة اخليات ،وانلعم ،واجلود ،والفضل ،الَّلحمدود جلميع
الاكئنات ،ف لك األحوال واألوقات ،وإن من خصائص ـهذه الربوبية
اجلليلة اخليات والّباكت وأن ربوبيته مزنـهة من لك انلقائص
والسوء والعيوب من مجيع الوجوه(.)2
َ
هللالل األكرم :أنه إذا ق ِد َر عفا ،وإذا وعد وىف ،وإذا أعطى
زاد ْع منتىه الرىج ،وَّل يبايل كم أعطى ،وملن أعطى ،وإن رفعت
ً
حاجة إىل غيه َّل يرض ،وإذا هج َ
يف اعتب وما استقىص ،وَّل يضيع
ً
من َّلذ به واتلىج ،ويغنيه عن الوسائل والشفعاء ،وإذا أبرص خلَّل
ً
جّبه وما أظهره ،وإذا أول فضَّل أجزل ثم سرته ،فمن اجتمع ل مجيع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1تفسي األسماء ( ،)51مفتاح دار السعادة ( ،)242/1جمموع الفتاوى ( ،)320/16إبطال اتلأويَّلت (.)660
َّ
( )2ألنه كما تقدم أن من معاين الكرم اتلزنه عن انلقائص واآلفات.
199
ذلك َّل باتللكف ،فهو الكريم املطلق ،وذلك لل تعاىل فقط ،فله
جَّلل الشأن ف كرمه ،وـهو مجال الكمال ،وكمال اجلمال(.)1
اثلمرات :ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن اإلكرام احلقييق ،ـهو
إكرام الل للعبد باتلقوى ،قال تعاىل { :ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ}
ٰ
اتلقوى<( ،)2وحبسب تقوى العبد يكون [احلجرات ،]13 :وقال ‘> :ا كرم
إكرامه عند الكريم األكرم ،وينبيغ للعبد أن يهظهر كرائم الل تعاىل عليه،
ا
قال ‘> :ةإ،ا آتنك ا منال ةلر أثر ًعم ،ا عليا وكرامته<(.)3
200
لكها ،بأوقات َّل نهاية هلا ف الوجود ،والصفات.
ِ
وعلو )2فله سبحانه اتلقدم املطلق بالقبلية ،بكمال اذلات،
الشأن ،والفوقية ،فوق لك املخلوقات.
)3وـهو اذلي ابتدأت منه مجيع الّبية ،فلكها مرجعها إىل الل
تعاىل :بالعطاء ،واإلجياد ،واإلمداد.
والل جل جَّلل ـهو اآل ر بعد لك يشء بَّل نهاية:
)1ف الوجود ،وانلعوت ،فهو ابلايق بعد فناء لك اخلليقة ،صامتة،
وناطقة.
ِ
وعلو شأنه ،وصفاته َّ
فآخريته سبحانه بَّل نهاية ف كمال ذاته، )2
َّ
العلية ،والسلطان بادليمومية.
َّ َّ ِ
ادلنيوية ،وادلينية، الّبية، )3وـهو اذلي تنتيه إيله أمور لك
والكونية ،بما ف ذلك من األسباب والوسائل الظاـهرية وابلاطنية،
َّ
دل ـهذان اَّلسمان ْع اإلحاطة الزمانية املطلقة(.)1
َّ
اثلمرات :إن من أعظم ثمرات ـهذين اَّلسمي أن يلحظ
ربه ،وسابقته عليه ف لك نعمةَّ ،
دينية ،ودنيوية ،إذ السبب العبد فضل ِ
ٍ
واملسبب منه ،كما أن اآلخر يدل ْع أنه ـهو الغاية وانلهاية ،اذلي تصمد
إيله املخلوقات بتأهلها ورغبتها ،ومجيع مطابلها ،فعبوديَّته باسمه (األول)
تقتيض اتلجرد عن مطالعة األسباب ،والوقوف أو اَّلتلفات إيلها ،وجتريد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر :مدارج السالكي ( ،)31/1وطريق اهلجرتي ( ،)25الاكفية ( ،)117أسماء الل للرضواين (.)299
201
انلظر إىل جمرد سبق فضله ورْحته ،وأنه ـهو املبتدئ باإلحسان من
غي وسيلة من العبد ،إذ َّل وسيلة ل ف العدم قبل وجوده ،وعبوديته
ً
باسمه (اآل ر) تقتيض أيضا عدم ركونه ووثوقه باألسباب ،والوقوف
معها ،فإنها تنعدم َّل حمالة ،وتنقيض باآلخرية ،ويبىق ادلائم ،ابلايق
بعدـها ،فتأمل عبودية ـهذين اَّلسمي وما يوجبان من صحة
اَّلضطرار إىل الل وحده ،ودوام الفقر إيله دون لك يشء سواه(.)1
202
َّ
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تعاىل ـهو الظنهر اذلي َّل أظهر منه:
ِ
(ْ )1ع لك يشء دونه ،وـهو العايل فوق لك يشء ،فَّل يشء أْع
منه :أ) ِ
بعلو اذلات ،والفوقية ،ب) وعلو الغلبة ،والقهرية ،هلل) وعلو ()1
( )5وـهو اذلي بدا بنوره مع احتجابه بعالم الغيب ،وبدت آثار
ظهوره ملخلوقاته ف اعلم الشهادة(.)7
( )6وـهو سبحانه الظاـهر املعي للك العاملي ،ف تدبي أرزاقهم،
ومعاشهم ،وتيسي أمورـهم ،وما فيه منافعهم ف دنياـهم ،وخيص
ِ
أويلاءه املوحدين ،فيعينهم ف أمور دينهم ،ومعاشهم ،ومعادـهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2انظر أسماء الل احلسىن للرضواين (.)308 ( )1ابن جرير (.)670/11
( )3شأن ادلاعء ( ،)88تفسي األسماء ( ،)60وإبطال اتلأويَّلت (.)664
( )4قال تعاىل{ :ﭺ ﭻ ﭼ} [اتلحريم ،]3 :وقال سبحانه{ :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
( )5عمدة احلفاظ (.)17/3 ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ} [اجلن 26 :ـ .]27
( )6قال تعاىل{ :ﮗ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
( )7الرضواين (.)309 ﭮ ﭯ} [اتلوبة].
203
وبنرصـهم ْع أعدائهم ،ويدفع عنهم كيدـهم ،قال تعاىل{ :ﰛ ﰜ
ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡﰢ} [الصف].
( )7وـهو تعاىل الظاـهر حبكمته ،وخلقه ،وصنائعه ،ومجيع نعمه
اليت أنعم بها ،فَّل يرى غيه(.)1
204
والضمائر ،واخلبايا ،واخلفايا ،ودقائق األشياء ،وأرسارـها.
( )4ومن كمال بطونه سبحانه :إحاطته بكل يشءٍ ،حبيث
ِ
املحب من حبيبه، قرب
يكون أقرب إيله من نفسه ،وـهذا قرب غي ِ
ـهذا لون ،وـهذا لون.
َّ
العلية، ( )5وـهو اذلي احتجب عن ذوي األبلاب كنه ذاته
وكيفية صفاته اجلليلة.
علوه. ٌ
قريب ف ِ ( )6ومن كمال بطونه تعاىل أنه عل ف ِ
دنوه،
دل ـهذان اَّلسمان ْع إحاطته سبحانه جبميع األمكنة ،وأنها
تنتيه إىل الل ف العلو ،والقرب(.)1
من لطنئف االقرتان" :دل اقرتان ـهذه األسماء األربعة
(األول واآل ر والظنهر وابلنطن) ْع إحاطة الل الزمانية ،واملاكنية،
فإحاطة أويلته وآخريته بالقبل وابلعد ،فلك سابق انتىه إىل أويلته،
ولك آخر انتىه إىل آخريته ،فأحاطت أويلته وآخريته ،باألوائل
واألواخر ،وأحاطت ظاـهريته وباطنيته ،بكل ظاـهر وباطن ،فما من
ظاـهر إَّل والل فوقه ،وما من باطن إَّل والل دونه ،فسبق لك يشء
بأويلته ،وبيق بعد لك يشء بآخريته ،وعَّل ْع لك يشء بظهوره،
ودنا من لك يشء ببطونه"(.)2
هللالل األول واآل ر والظنهر وابلنطن :أنها تشتمل ْع أراكن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :ابن جرير ( ،)124/27طريق اهلجرتي ( ،)24احلق الواضح ( ،)25اتلوحيد َّلبن منده
( )2طريق اهلجرينت (.)25 ( ،)82/2أسماء الل احلسىن للرضواين ( 312ـ .)315
205
َّ
آخريته ،واآلخر ف اتلوحيد ،وأراكن العلم واملعرفة :فهو األول ف
ً ً َّ
وآخرا، أو َّيلته ،والظاـهر ف بطونه ،وابلاطن ف ظهوره ،لم يزل أوَّل
ً ً
وظاـهرا وباطنا ،فحقيق بالعبد أن يبلغ ف معرفتها ،إىل حيث ينتيه
به قواه ،وفهمه(.)1
َّ
اثلمرات :إن اتلعبد باسمه (الظنهر) جيمع القلب ْع
ً ً املعبود ،وجيعل ل ًّ
ربا يقصده ،وصمدا يصمد إيله ف حواجئه ،وملجأ
َّ
استقر ذلك ف قلبه ،استقامت ل عبوديته ،وصار ل يلجأ إيله ،فإذا
وقت إيله.
معقل ،وموئل يلجأ إيله ،ويهرب إيله ،وي ِفر ف لك ٍ
واتلعبد باسمه (ابلنطن) :فهو اتلعبد خبالص املحبة ،وصفوة
الوداد ،وأن يكون اإللـه أقرب إيله من لك يشء ،وأقرب إيله من
ً
ظاـهرا فوق لك يشء ،فإذا شهدت إحاطته بالعوالم، نفسه ،مع كونه
وقرب العبيد منه ،وظهور ابلواطن ل ،وبدو الَّسائر ل ،وأنه َّل يشء
ّ
بينه وبينها ،فعامله بمقتىض ـهذا الشهود ،وطهر ل رسيرتك ،فإنها
ِ
عنده عَّلنية ،وأصلح ل غيبك ،فإنه عنده شهادة ،وزك ل باطنك،
فإنه عنده ظاـهر(.)2
206
وأصل اهليمنة :احلفظ واَّلرتقاب ،واهليمنة ْع اليشء :السيطرة
عليه ،وحفظه واتلمكن منه ،ويأيت بمعىن الشهيد( ،)1وبمعىن
األمي( )2أي الصادق ف قول ،وـهو اذلي آمن غيه من اخلوف ،والعايل
ْع اليشء(" ،)3فاهليمنة شهادة خّبة ،وإحاطة ،وإبصار للكية ظاـهر
يتصف بها ِ َّ
ربنا تبارك وتعاىل ،ف األمر وباطنه"( ،)4ولك ـهذه املعاين
أسَّم معانيها ،وأْع دَّلَّلتها من الكمال.
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه وتعاىل ـهو املهيمن ْع لك يشء:
قول أو فعلَّ ،ل
( )1الشاـهد ْع خلقه بما يصدر منهم من ٍ
املط ه
لع ْع خفايا األمور ،وخبايا يغيب عنه من أفعاهلم يشءَّ ،
207
السيئات شيئًا ،فَّييدـهم عقابًا ْع ما استحقوه ،لكمال عدل وصدقه.
ّ ّ
( )5وـهو سبحانه املصدق ،اذلي يصدق أنبياءه بإخباره تعاىل
عنهم ،بأنهم صادقي ،وبما يظهر من املعجزات ْع أيديهم(.)1
هللالل املهيمن :أنه يدل ْع أنه تعاىل حميط بغيه بكمال
ّ
اَّلستعَّلء ،اذلي َّل خيرج عن قدرته مقدور ،وَّل ينفك عن حكمه
مفطور ،ل امللك والفضلْ ،ع مجيع اخلَّلئق ،ف سائر األمور(.)2
ومن هللالهل :أنه املبالغ ف حفظ أويلائه األبرار ،الصائن عنهم
األرضار ،ادلافع عنهم األخطار ف ِ
الَّس واجلهار.
ومن هللالهل :أنه يتضمن "نعوت اتلعايل ،والرفعة ،واملبالغة ف
العلو ْع لك اسم تسَّم به العباد ،فهو املهيمن عليه ،أي ـهو العايل
عليه ،أي أن ل حقيقته ،وـهو املتصف به ،ول تمامه األقىص ،وكمال
األرفع ،األْع دون اغية ،وَّل نهاية ،ـهو املؤمن املهيمن ْع لك
مؤمن ،وـهو الكريم املهيمن ْع لك كريم ،والرحيم املهيمن ْع لك
رحيم ،واحلليم املهيمن ْع لك حليم ،ـهكذا ف سائر األسماء
َّ
والصفات ،جل املهيمن عن صفات عبيده"(.)3
اثلمرات :ملا اكن من معاين ـهذا اَّلسم اجلليل الشهادة،
والرقابة ،والقيامة ْع لك يشء ،ينبيغ للمؤمن أن يكون ل حظ من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :جامع ابليان ( ،)36/28ابن كثي ( ،)105/8تفسي ابن السعدي ( ،)488/5املنهاج
( )2أسماء الل احلسىن ،د .حممود الرضواين (ص .)266 ( ،)202/1الرازي (.)202
( )3األسىن ( 248/1ـ )252بترصف يسي.
208
ذلك ،ف ـهيمنته ْع نفسه ،وْع أـهله ،ف مراقبته ألعمال وأقوال،
فيحجمها عن لك ما يسخط الل ،ويبغضه من األعمال ،الظاـهرة وابلاطنة
209
عباده ،أو يريم به ابلاطل فيدمغه ،أو يريم به إىل أقطار اآلفاق،
ً
فيكون وعدا بإظهار اإلسَّلم ،وإفشائه وإعَّلئه فوق لك األنام ،قال
تعاىل{ :ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ} [سبأ].
( )5وـهو اذلي حيق احلق بكلماته ،قال تعاىل{ :ﭷ ﭸ ﭹ
،]82أي :سينفذ وعده ،ويظهر صدقه ،ف قول، [يونس: ﭺ}
ووعده ،وخّبه ،ومن ذلك أنه ينرص أويلاءه ،ويهلك أعداءه.
ً
( )6وـهو سبحانه احلق اذلي أوجب ْع نفسه تفضَّل،
ِ
وتكر ًما نرصة املؤمني ،ف لك زمان وماكن يف ادلًين ،وإن لم يكن
بي ظهرانيهم رسول ،قال تعاىل{ :ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰ} [الروم] ،ويف اآل رة :قال سبحانه{ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [اغفر].
( )7وـهو تعاىل احلق العدل اذلي َّل يعرتيه ابلاطل ْع
ً
اإلطَّلق ،من ذلك :أنه َّل يظلم أحدا من اخلَّلئق.
( )8وـهو سبحانه احلق :ف قضائه ،وأحاكمه ،ورشعه ،فلكها
حق ،ليس فيها يشء باطل ،تلضمنها احلكمة ،والرشد ،والعدل.
( )9وـهو سبحانه احلق ف ربوبيته ،فهو رب العامليَّ ،ل رب نلا
ِ
املتفرد ف اتلدبي ،وترصيف لك األمور. سواه ف الوجود،
َ
ألوـهيته ،فهو اإللـه احلق ،ولك ما هع ِبد من
َّ ( )10وـهو املتحقق ف
210
دونه باطل ،وزيغ ،واحنَّلل ،من عرشه ،إىل قرار أرضه(.)1
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔ} [املؤمنون ،]116 :دل ـهذا اَّلقرتان اجلليل ْع أن ملكه تعاىل
ملك ٍّ
حقَّ ،ل يعرتيه ابلاطل ،ثابت ْع ادلوام ،بَّل انتقال وَّل زوال،
ّ َّ
فأحقية ملكه ،ملا اتصف من صفات الكمال ،وانتفاء عنه لك صفات
ّ
املذام ،اكلظلم ،واجلور ،والغفلة ،والعبث، انلقائص ،والعيوب من َّ
211
أنه ينرص املؤمن ْع الاكفر ،والّب ْع الفاجر ،واملظلوم ْع
الظالم ،ويرفق ويعي الضعيف ،وأنها وَّلية عطف ،وإحسان
ً ً
وكرما. ألويلائهَّ ،ل يتعزز بهم ،وَّل ينتفع منهم ،بل فضَّل منه
هللالل احلق :أن لك ما يوصف به ،أو ينسب إيله ،أو يضاف
إيله حق ،ولك يش ٍء من عنده حق ،ولك ما اعد إيله حق ،ولك ما
يصدر منه حق ،من لك الوجوه :فأسماؤه حق ،وصفاته حق ،وذاته
حق ،وقول حق ،ووعده حق ،وكتبه حق ،وخلق املخلوقات بسبب
احلق ،وألجل ّ
احلق ،وخلقها متلبس باحلق ،واجلنة حق ،وانلار حق،
ّ
للحق(،)1 ِ
متضم ٌن حق ،فمصدره حق ،واغيته ّ
حق ،وـهو وـهو ف نفسه ّ
212
لكّها ،فَّل يقول إَّل احلق ،وَّل يفعل إَّل ّ
احلق ،وَّل خيالل إَّل أـهل ّ
احلق،
ِ ً وينبيغ أن َّل يستح ف بيان ّ
احلق ،تعبدا للرب احلق.
213
َّ
تعرفه ،والعقول َّل تكيفه ،ألن ل من األفعال ادلالة عليه ،ما
يستحيل معها أن خيىف ،فَّل يوقف عليه وَّل يهدرى.
( )3والل سبحانه ـهو املبي لعباده احلق ،وإبانته هلم باألدلة
ً ً
السمعية ،والعقلية ،إما قوَّل ،وإما فعَّل ،فمنها:
أ) أنه أبان عن نفسه بما ل من األسماء احلسىن ،والصفات
اجلليلة ،واألفعال احلميدة اجلميلة.
ب) وأبان هلم األدلة القاطعة ْع وحدانيته ،وربوبيته ،وانفراده
باخللق ،واتلدبي للك اخلليقة.
َّ َّ
باأللوـهية ،وإقراره تعاىل هلل) وأبان هلم األدلة ف وحدانيته
َّ
الّبية. أحد سواه من
بالعبادة ل ،دون ٍ
َّ ِ
خملوق علة وجوده ،واغيته.
ٍ د) اذلي أبان للك
)4وـهو تعاىل املبي للعباد سبل الرشاد ،من األعمال ،واتلاكيلف،
القويلة والفعلية ،املوجبة ثلوابه ،واألعمال املوجبة لعقابه ،واملبي هلم
ما يأتون وما يذرون ،ف مجيع شؤونهم ،وأحاكمهم ،ف معاشهم ،ومعادـهم.
ألحد
ٍ ( )5وـهو تعاىل املبي :الغن عن العاملي ،اذلي َّل يفتقر
من خلقه أمجعي(.)1
من لطنئف االقرتان :قال تعاىل{ :ﮮ ﮯ ﮰﮱ
ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙﯚ} [انلور] أي أنهم يتحققون ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :احلجة ف بيان املحجة ( ،)143العلو للعل الغفار ( ،)235شأن ادلاعء ( ،)102وإبطال
اتلأويَّلت ( ،)661اشتقاق أسماء الل ( ،)181املنهاج (.)189/1
214
يومئذ ،أي :يوم القيامة بالعلم القطيعَّ ،ل يقبل اخلفاء ،وَّل الرتدد،
ٍ
حينئذ الشك فيه عند
ٍ ما اكن يعدـهم ف ادلنيا من العذاب ،ويزول
أـهل انلفاق ،اذلين اكنوا فيما اكن ي ِع هدـهم ف ادلنيا يمرتون( ،)1وقد
علم أويلاؤه ف ادلنيا ،بأنه ـهو احلق ابلي ف أحقيته تعاىل الاكملة،
ً
من مجيع الوجوه ،وازدادوا يقينا حينما رأوه.
215
قال تعاىل{ :ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ
ﭷ ﭸ ﭹ} [ابلقرة.]231 :
216
َّ َّ
احلق وبينه ،وأدحض ابلاطل وأبطله.
( )3وـهو تعاىل يفتح ألويلائه منافع ادلنيا ،وادلين ،فيفتح ملن
اختصهم بلطفه وعنايته ،أقفال القلوب ملعرفته ،وحمبته ،وعيونهم َّ
يلبرصوا احلق ،ه
ويدر عليهم من املعارف َّ
الربانية ،واحلقائق اإليمانية
ما يصلح أحواهلا ،وتستقيم به ْع الرصاط املستقيم.
( )4وـهو اذلي يفتح لعباده الطائعي خزائن جوده وكرمه،
ويفتح ْع أعدائه ضد ذلك ،وذلك بفضله ،وعدل.
( )5والل سبحانه وتعاىل ـهو خي الفاحتي ،أي :خي احلاكمي،
ً
فهو العدل اذلي َّل جيور ف حكمه أبدا( ،)1قال تعاىل{ :ﮎ ﮏ
ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [األعراف].
( )6وـهو تعاىل اذلي "يفتح املمالك واألمصار ألنبيائه األطهار،
ولعباده الصاحلي األبرار ،كما فتح سبحانه نلبيِه ‘ مكة{ :ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ} [الفتح] ،وقال تعاىل{ :ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ} [الصف] "(.)2
( )7وـهو سبحانه كما يفتح خزائن فضله وجوده ْع من يشاء
ً
وابتَّلء ،وحكمة . ً
استدراجا منه، من عباده ،كذلك يفتحها
()3
َّ ّ
ويذل ابلاطل
( )8وـهو الفتاح انلارص :اذلي ينرص احلق وأـهلهِ ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1شأن ادلاعء ( ،)56األسىن ( ،)220/1تفسي األسماء ( ،)39فتح الرحيم امللك ( ،)34احلق الواضح ( ،)84ابن
( )2مع الل ،د .سلمان العودة ( )115بترصف. كثي (.)444/3
( )3قال الل العظيم{ :ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ
ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ} [األنعام].
217
وأـهله ،فينرص املؤمن ْع الاكفر ،واملظلوم ْع الظالم ،والّب ْع
الفاجر(.)1
( )9وـهو الفتاح احلكم :اذلي حيكم بي عباده باحلق ،والعدل:
أ) يف ادلًين :بفتحه ادلين ،وفتحه اجلزايئ ،وفتحه القدري(.)2
ب) ويف اآل رة :بفتحه يوم القيامة ،وحكمه بي اخلَّلئق حي
ى
يوىف لك اعمل ما عمله(.)3
( )10وـهو القايض سبحانه ،العليم بالقضاء بي خلقه ،ألنه َّل
تعرفه امل َّ
حق من ابلاطل . ختىف عنه خافية ،وَّل حيتاج إىل شهود ِ
()4
218
ّ
املحق من ابلاطل(،)1 َّل ختىف عنه خافية ،وَّل حيتاج إىل شهو ٍد تعرفه
ٌ َّ
ألنه بكل يش ٍء عليم ،ودل كذلك "ْع أن حكمه عدل حمض َّل
حتف حبكمه أسباب اخلطأ ،واجلور ،انلاشئة عن اجلهل ،والعجز،
واتباع الضعف انلفساين ،انلاشئ عن اجلهل باألحوال ،والعواقب"(.)2
َّ
هللالل الفتنح :إن ـهذا اَّلسم اجلليل ـهو ملجأ صفوة
اخلليقة ،من األنبياء واملرسلي ،واملؤمنيْ ،ع أعدائهم ف ادلين،
فبه يستنرصون ،قال نوح عليه السَّلم{ :ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ}
وشعيب عليه السَّلم{ :ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ٌ [الشعراء]،
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [األعراف] ،وأمر جل وعَّل َّ
نبيه ‘ أن يقول:
{ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ}
[سبأ] ،ففتح الل تبارك وتعاىل من توسل واستنرص به ف ادلنيا بانلرص
املبي ،وانلجاة ،واتلمكي ،ويف يوم ادلين ،يكون الفتح العظيم ،كما
َّ
قص نلا ربنا تعاىل ف كتابه الكريم.
َّ
اثلمرات :إذا علم املؤمن بأن الل تعاىل ـهو الفتاح ،ينبيغ ل
ٰ ً ً
ةطوب لعبد مفتاحا للك خي ،مغَّلقا للك رش ،قال ‘> : أن يكون
ا ا ا
هللعله ا مفتنحن لخر ،ميالقن لرش ،وويل لعبد هللعله ا مفتنحن
ا
لرش ،ميالقن لخر<( ،)3وينبيغ ملن عرف أنه تعاىل ـهو الفتاح اذلي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1ينظر ابليضاوي ( ،)107/3ابن جرير ( ،)65/22ولل األسماء احلسىن (ص .)355
( )3صحيح ابن ماجه (.)238 ( )2اتلحرير واتلنوير (.)195/11
219
بيده لك مفتاح ،أن يفتح يديه باجلآر ،ف الليل وانلهار ،من العلوم
انلافعة ،وحقائق اإليمان الصادقة ،واهلداية ،والرزق ،والرْحة الواسعة.
220
خفيات ابلذور ،ولطائف األمور ،ودقائق اذلرات ،ف ظلمات ادلجور(.)1
من لطنئف االقرتان )1( :قال تعاىل { :ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ} [األنعام] ،أي :أن أفعال تعاىل لطفت عن أن تدركها العقول
واألفهام ،ألنها جارية ْع مقتىض خّبته تعاىل ،اليت يه فوق إدراك
العقول واألفهام( ،)2فسحائب لطفه املقرتنة خبّبته تعجز العقول
والقلوب اإلحاطة بواحد ٍة منها ،ولو اجتمع لك خلقه.
( )2وقال تعاىل{ :ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ} [فاطر] ،فإن
األشياء ف ـهذا الكون ،إما أن تكون مبرصة مرئية ،وإما أن تكون
خمفية غي مرئية ،وإما أن تكون معدومة غي موجودة ،فاجتمع ف
ـهذا اَّلقرتان "شمول علم الل تعاىل للبواطن واحلقائق ،وكذلك
لذلوات ،واملشاـهدات ،واملبرصات"( ،)3ف األرض والسموات.
هللالل اخلبر :أنه سبحانه َّل يعزب عنه األخبار ابلاطنة،
ذرة وَّل تسكن وَّل جيري ف امللك وامللكوت يشء ،وَّل تتحرك َّ
ساكنة ،وَّل يضطرب نفس وَّل يطمنئ إَّل ويكون عند ه
خّبه(.)4
ةمن هللالل خّبته أنه العالم بدقائق األمور املعقولة ،واملحسوسة،
ّ
والظاـهرة ،وابلاطنة(َّ ،)5ل خيلو عن علمه ماكن ،وَّل يند عنه زمان.
َّ
اثلمرات :إن ـهذا اَّلسم الكريم يورث العبد املؤمن حسن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2ولل األسماء احلسىن (ص )266بترصف. ( )1فتح الرحيم امللك (.)25
( )5اتلحرير واتلنوير (.)310/11 ( )4املقصد األسىن (ص .)103 ( )3املصدر السابق (ص.)396
221
العبادة ،وايلقي ،واَّلستقامة ،ف الظاـهر وابلاطن ْع الرصاط املستقيم،
واَّلطمئنان بقضائه تعاىل وقدره ،وأن لك ما جيري ف ملكوته ،من
جار ْع مقتىض خّبته،
إـهَّلك وعقاب للمجرمي واملعاندين ،أنه ٍ
ِ
وحكمته ،اليت أحاطت بكل العاملي ،قال تعاىل{ :ﯾ ﯿ ﰀ
ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ} [اإلرساء].
وكذلك مفارقة اذلنوب الصغية والكبية ،ف لك حي ،فمنها:
غض ابلرص ،قال تعاىل{ :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ
ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ}
[انلور] ،ومَّلزمة العدل ف قول ،وفعله مع اخللق ،ف حال رضاه،
وغضبه ،وغيه ،حىت مع أعداء الل تعاىل من الكفرة ،قال تعاىل:
{ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ
ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ} [املائدة].
ِ
ومن أجل ثمرات ـهذا اَّلسم اجلليل :طاعة الل تعاىل ،ورسول،
اليت يه رأس العبادة ،اليت عليها السعادة ف ادلنيا واآلخرة ،قال
تعاىل{ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ} [املجادلة].
222
العجز واَّلعتماد ْع الوكيل ،وحقيقة الوكيل أنه يستقل بأمر املولك
معان :أنه الكفيل ،احلفيظ ،املقسط ،الاكف.
ٍ إيله ،ول عدة
َّ
والل سبحانه ل الواكلة اتلامة ،ويه اليت جتمع علم الوكيل بما
َّ َّ
ـهو وكيل عليه ،وإحاطته بتفاصيله ،وقدرته اتلامة عليه يلتمكن
من اتلرصف فيه ،وحفظ ما ـهو وكيل عليه مع حكمة ،ومعرفة،
بوجوه اتلرصفات ،يلرصفها ويدبرـها ْع ما ـهو أيلق(.)1
ِ
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه وتعاىل ـهو الوكيل ْع لك العاملي:
ً ً ً
وتقديرا، وتدبيا ،وـهداية، ( )1اذلي تولك بالعاملي خلقا،
ً ً
وإمدادا ،ورزقا ،وراعية ،وعونًا ،قال تعاىل{ :ﮏ ﮐ ً ً
وإجيادا،
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ} [الزمر] .وـهذه يه الواكلة
َّ ِ
العامة اتلامة للك اخلَّلئق.
( )2واكل ،نص :،أنه تعـاىل وكيل املؤمني ،فييَّسـهم لليَّسى،
وجينبهم العَّسى ،ويكفيهم ما يهمهم ف اآلخرة واألول ،ألنهم
أفردوه باتلولك ،واإلنابة ،قال تعاىل{ :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ
ﭷ ﭸ} [األنفال](.)2
َّ
عمل جزاء من جنسه،
ٍ للك جعل هسبحان ه هللالل ا وكيل :أن
وجعل جزاء اتلولك عليه ،نفس كفايته لعبده ،قال تعاىل{ :ﮧ ﮨ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لسان العرب ( ،)734/11األسىن للقرطيب ( ،)505/1وانظر تفسي ابن السعدي (.)335/4
( )2انظر تفسي السعدي ( )488/5بترصف.
223
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [الطَّلق ،]3 :ولم يقل :نؤته كذا من األجر كما قال
ف األعمال ،بل جعل نفسه سبحانه اكف عبده املتولك عليه( )1وحسبه،
حتصل ل ذلك:وواقيه ،ف لك ما يهمه ف دينه ،ودنياه ،وأخراه ،فإذا َّ
224
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو املقيت:
َّ
)1املقتدر ،اذلي خلق األقوات ،وتكفل بإيصاهلا إىل لك
املخلوقات ،بكمال احلفظ واَّلقتدار.
)2فيعطي لك خملوق قوته ،ورزقهْ ،ع ِ
مر األوقاتْ ،ع ما ٍ
َّ َ
حدد هه سبحانه وتعاىل من زمان ،أو ماكن ،أو كم ،أو كيف،
بكمال املشيئة واحلكمة بَّل نقصان ،وَّل نسيان.
ِ
وقت وحيْ ،ع اختَّلف األنواع، )3فهو تعاىل يمدـها ف لك ٍ
ِ
واأللوان ،وييَّس أسباب نفعها لإلنسان واحليوانْ ،ع تتابع األوقات
والزمان.
ألمد طويل بَّل حسبان،
ٍ ألمد قليل ،ومنه
ٍ )4فمنه من يعطيه
بما جعله ً
قواما هلا ،إَّل أن يريد إبطال يش ٍء منها ،فيحبس عنه ما
وقت شاء سبحانه. ِ
جعله الل تعاىل ل مادة بلقائه ،فيهلك ف أي ٍ
ً
)5وكما أنه سبحانه املقيت لألبدان ،فإنه أيضا مقيت القلوب،
باملعرفة واإليمان.
َّ
قدرـها َّ
عز وجل عند خلقه )6ولك ـهذه األرزاق واألقوات
لألرض اليت وضعها لألنام{ ،ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
َّ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [فصلت]( ،)1أي :قدر
فيها ما حيتاج أـهلها إيله من األرزاق واألماكن ،اليت تزرع وتغرس(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انظر املعاين السابقة :تفسي ابن جرير ( ،)269/5شأن ادلاعء ( ،)68تفسي األسماء للرازي ( ،)273األسىن
( )2ابن كثي (.)93/4 للقرطيب (.)273/1
225
ً
هللالل املقيت :أن الل تعاىل جعل "للك خملوق قوتا ،فاألبدان
قوتها املأكول ،واملرشوب ،واألرواح قوتها العلوم ،واملَّلئكة قوتها
التسبيح"(.)1
اثلمرات :إ َّن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن َّ
حمبة الل تعاىل،
والطمأنينة واثلقة بقوة الل سبحانهَّ ،لسيما إذا اشتد به الكرب،
ً َ َّ
وقلت دليه سبل الكسب ،وينبيغ للعبد أن يكون قوته حَّلَّل
ً ً ً طيبًا ،وأن يكون ً
قواما بي وسطاَّ ،ل يكون مَّسفا ،وَّل خبيَّل،
َّ
يترضع إىل املقيت أن يقيته اهلدى واإليمان ،والعمل ذلك ،وأن
قوت األبدان.
الصالح واإلحسان ،اذلي ـهو أرشف من ِ
226
نرصا َّ
مؤز ًرا ،ويوم يقوم األشهاد ،قال تعاىل{ :ﭥ ﭦ ﭧ ً
ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [اغفر].
َّ
( )2وـهو جل وعَّل اذلي ينرص املستضعفي ،ويرفع الظلم عن
املظلومي ،ولو اكنوا اكفرين ،فَّل نارص هلم إَّل الل سبحانه.
( )3وـهو عز وجل كما ينرص املؤمني ْع عد ِوـهم من الاكفرين
والظاملي ،وـهما العدو اخلاريج ،كذلك ينرصـهم ْع عدوـهم ادلاخل
َّ
العدوان الذلان َّل يفارقان العبد، من انلفس والشيطان" ،وـهما
وعداوتهما أرض من عداوة العدو اخلارج ،وانلرص ْع ـهذا العدو
أـهم ،والعبد إيله أحوج ،وكمال انلرصة حبسب كمال اَّلعتصام
بالل"( ،)1قال تعاىل{ :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ} [حممد].
( )4وـهو اذلي يؤيد بنرصه من يشاءَّ ،ل اغلب ملن نرصه ،وَّل نارص
ملن خذل ،قال تعاىل{ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ} [آل عمران.]160 :
( )5وـهو املوثوق منه بأن َّل يسلم ويله إىل عدوه ،وَّل خيذل(.)2
ه ِ
( )6وـهو انلصي اذلي يهؤمن اخلائفي ،وجيي املستجيين.
هللالل انلصر :أن أفراد نرصه وأنواعها لعباده املؤمني ،يأيت
ه
بها الرب من حيث َّل حيتسب ،فَّل تعد ،وَّل حتد ،وَّل ترد ،ولكها
خمزونة عنده ف الغيب ،قد تكون باإلمداد واإلعداد ،أو تكون
ً
بأسباب ،أو بدون أسباب ،وـهو حق أوجبه ْع نفسه تفضَّل وتكر ًما،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2األسماء والصفات (.)179/1 ( )1انظر مدارج السالكي (.)180/1
227
أحد من العباد(.)1
دون إلزامٍ من ٍ
فمنها :تأييده بمَّلئكته ،كما ف نرصه نلبيه وصحبه ف بدر،
وبالريح كما ف اع ٍد واألحزاب ،وبإرسال الطي األبابيل ،كما ف
أصحاب الفيل ،وبالصيحة كما ف ثمود ،وباخلسف كما فعل بقارون،
والقذف كما ف قوم لوط ،وإلقاء الرعب كما فعل بايلهود ،فَّل حييص
جَّلل نرصه إَّل الل اذلي ـهو خي انلارصين.
قوة ،أن ينرص بهااثلمرات :جيب ْع لك مسلم إن اكن ل ّ
ا ا ً ً
مظلومن< مظلوما ،قال ‘> :اًِّص أ نك ظن من أو ظالما أو أخاه
ً
ظالما؟ قال: ً
مظلوما ،فكيف ننرصه قالوا :يا رسول الل ،ـهذا ننرصه
>تأ ذ ٰ
ىلع يديه<( ،)2ومن أراد أن ينرصه الل سبحانه ،فلينرص دينه،
قال تعاىل{ :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ} [حممد ،]7 :وانلرص يكون مع الصّب،
َّ
مقرتنان َّل ينفاكن ،قال ‘> :واعلم أن انلِّص مع ا صرب<(.)3
228
والرتقب ،فالرقيب ـهو :احلارس احلافظ ،املولك حبفظ اليشء،
ِ
املتحرز عن الغفلة فيهَّ ،ل يغيب عنه يشء . ّ
املرتصد ل،
()1
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تعاىل ـهو الرقيب ْع لك العبيد:
املطلع ْع ما ف القلوب ،وما حوته العلوالم ،من األرسار َّ )1
والغيوب.
)2فهو سبحانه الرقيب ْع ما دار ف اخلواطر ،وْع ما ف
الضمائر ،الشاـهد ْع أكنة الَّسائر ،وحلظته العيون ،وما اختىف ف
خبايا الصدور.
َّ
)3يعلم ويرى ما دق وما بدى ،وَّل خيىف عليه الَّس وانلجوى ،ما
ف األرض ،وَّل ف السموات العَّل.
)4فهو تعاىل رقيب راصد ألعمال العباد ،وكسبهم ،يرى لك حركة
تدب ف قلوبهم ،من َّ
انليات عليم باخلواطر اليت ه
ٌ وسكنة ف أبدانهم،
الطيبة ،واإلرادات الفاسدة.
ً
)5فهو سبحانه املرايع أحوال املرقوب ،احلافظ ل مجلة وتفصيَّل،
ّ َّ
املحيص جلميع أحوال ،وعد ما يدق ،وجيل من أقوال ،وأفعال ،وسائر
أحوال.
)6اذلي حفظ املخلوقات وأجراـها ْع أحسن نظام ،وأكمل
تدبي ،وـهو َّل يغفل عما خلقه ،فَّل يلحقه نقص أو يدخل عليه خلل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1معجم مقاييس اللغة ( ،)427/2لسان العرب (.)297/5
229
من قبل غفلته عنه(.)1
مستو َّ
وفوقية ،وقدرة ،وصمدية( ،)2وـهو )7فمراقبته عن استعَّلء،
ٍ
ْع عرشه ،بائن عن لك اخلليقة.
َّ
هللالل ا رقيب :أنه رقيب ْع األشياء بعلمه املقدس عن
َ
النسيان ،ورقيب للمبرصات ببرصه اذلي َّل تأخذه ِسنة وَّل نوم،
ورقيب للمسمواعت بسمعه املدرك للك حركة والكم ،فهو سبحانه رقيب
َّ
اخلفيات، عليها بهذه الصفات ،حتت رقبته اللكيات ،واجلزئيات ،ومجيع
ف األراضي والسماوات ،وَّل خيف عنده ،بل مجيع املوجودات لكها ْع
نمط واحد ،ف أنها حتت هرقبته ،اليت يه من صفته .
()3
أوصله إىل املوافقة ف سبل املعاملة ،ومن املقامات إىل علم القلب
ِ ِ
باطَّلع الرب جل جَّلل ،حىت َّل يرى إَّل ـهو ،فصاحب املراقبة يدع
ً ً
استحياء منه وـهيبة ل ،أكرث مما يرتكها من يدع املعايص املخالفات
خلوف عقوبته ،قال تعاىل{ :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ} [العلق](.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1األسماء والصفات ( .)194/1تفسي ابن السعدي ( ،)625/5الاكفية الشافية ( )122بترصف.
( )3األسىن للقرطيب (.)402/1 ( )2األسماء احلسىن لدلكتور الرضواين (ص.)610
( )4املصدر السابق (.)405/1
230
231
( )6وـهو تعاىل اذلي ِ
يورث املؤمني ديار الاكفرين ف ادلارين:
أ) يف ادلًين ،قال تعاىل{ :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﮢ} [األحزاب.]27 :
ب) ومساكنهم يف اآل رة ،قال تعاىل{ :ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ
ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [مريم].
هللالل ا وارث :أنه سبحانه يورث من اصطفاـهم ملحبته،
ّ
واجتباـهم لكرامته ،أجل مياثه ف ادلنيا ،وـهو كتابه قال تعاىل{ :ﭣ
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ} [فاطر ،]32 :وينعم ْع من
َّ
يشاء منهم ف حفظه ،واتباعه ،أْع ادلرجات ف جناته ،قال ‘:
ر ر
>يقنل صنحب القرآن ،اقرأ ،وارتق ،ورتل كمن كنت ترتل يف ادلًين،
ُ
ةإن مزنتلا عند آ ر آي ٍ ،تقرؤهن<(.)1
اثلمرات :ينبيغ أن يعلم لك مؤمن أن عمله الصالح ـهو خي
مياثه ،وـهو املياث احلقييق ،اذلي يبىق وَّل يفىن ،قال الل العظيم:
{ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ} [مريم] ،وقال
عز شأنه{ :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ َّ
َّ
ﮓ ﮔ} [مريم] ،وينبيغ للمؤمن أن يتيق الل تعاىل ف حقوق
ً
اإلرث ،فَّل يظلم أحدا من الورثة ،وأن يسأل ربه تعاىل أن يورثه،
ويبيق ل سمعه ،وبرصه ،يلنتفع به ف أمور دنياه ،ودينه> ،امهلل أمتعين
بسميع وبِّصي ،واهللعلهمن ا وارث مين<(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2صحيح الرتمذي (.)3604 ( )1صحيح الرتمذي (.)2914
232
233
للك أمورـهم ف ادلنيا وادلين ،قال تعاىل{ :ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ
ﭻ ﭼ ﭽﭾ} [األنفال] ،أي اكفيك ،واكف أتباعك ،فعىل
قدر املتابعة تكون الكفاية وانلرصة والعناية ،وأخص من ذلك :أنه
ِ
احلسيب للمتولكي ،قال تعاىل{ :ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ}
ِ
[الطَّلق ،]3 :أي :اكفيه لك أموره ادلينية ،وادلنيوية ،فيغنيه عن لك ما
سواه من الّبية ،فكفاية الل تعاىل لعبده ،حبسب ما قام به من
ً ً
ظاـهرا ،وباطنا ،وقيامه بعبودية الل تعاىل(.)1 متابعة الرسول،
( )2وـهو احلسيب :املحاسب للك اخلَّلئق ،يوم يردون إيلهْ ،ع
احلق ،والعدل ،والفضل ،وقد أحىصأعماهلم ،وجمازيهم عليها بمَّيان ِ
ً َّ
منهم لك يش ٍء عدداَّ ،ل ختىف عليه خافية ،وَّل يعزب عن علمه مثقال
َّ
ذرة ،ف األرض وَّل ف السموات العىل .
()2
234
ادلواوين( ،)1قال تعاىل{ :ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ} [مريم.]94 :
ه ٌ
( )6وـهو جل شأنه حمسوب عطاياه ،وفواضله( )2اليت َّل حتىص،
ه
وَّل تعد ،ف ادلنيا للك أحد ،ويف اجلنة ألويلائه فقط ،ليس ل منتىه
وَّل أمد ،قال الل تعاىل{ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ} [انلبأ] "أي:
ً
ً
كثيا" . عطاء حسابًا ،اكفيًا ،وافيًا ،شامَّل
()3
ً
235
الطمأنينة واثلقة ف أن الل تعاىل كما أنه جيازي عباده باخلي والرش،
حبسب حكمته وعلمه ،بدقيق أعماهلم وجليلها ،فإنه اكف املتولكي
عليه ،اذلين َّ
فوضوا أمورـهم إيله ،فلم حيتاجوا معه إىل أحد .
()1
236
( )2وـهو اذلي يقبض الصـدقات من األغنياء ،ويبسط األرزاق
للضعفاء ،ويقبض الصدقات فيبيها ،ويبسط انلعم ويهيؤـها.
( )3ويقبض األرواح عن األشباح عند املمات ،ويبسط األرواح
ف األجساد عند احلياة.
تص َّعد ف
حرجا كأنها َّ
ً ( )4ويقبض القلوب فيضيقها حىت تصي
السماء ،ويبسطها بما يفيض عليها من معاين بِ ِره ،ولطفه ،ومجال،
فتبىق منرشحة(.)2()1
( )5والل يقبض ويبسط بيديه الكريمتيْ ،ع احلقيقة( )3ملن
َّ
العلية ،قال تعاىل: شاء من اخلليقة ،فمن ذلك األرض والسماوات
،]67قال ‘: [الزمر: {ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ}
(ويقبض >يأ ذ اجلبنر عً وهللل سمنواته وأرضه بيديه ،ةيقول :أًن ا
أصنبعه ويبسطهن) أًن امللا<( ، )4ويف حديث خماطبة الرب آلدم ،
هل ،ويدا مقبوضتنن ...ثم بسطهن<(.)5 وفيه ..> :ةقنل ا
( )6وـهو تعاىل يبسط يده باتلوبة ملن أساء ،قال ‘> :إن ا
عً وهللل يبسط يد بن ليل يلتوب ميسء انلهنر ،ويبسط يد بننلهنر
يلتوب ميسء ا ليل ،ح ٰ
ىت تطلع ا شمس من ميربهن<( ،)6وـهو اذلي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال تعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ} [األنعام]125 :
( )2انظر املعاين السابقة :املقصد األسىن ( ،)52شأن ادلاعء ( ،)857رشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (،)223
رشح اهلراس للنونية ( ،)104/2تيسي الكريم املنان (ْ )3( .)490/5ع الكيفية اليت تليق جبَّلل وكمال.
( )6مسلم (.)2759 ( )5صحيح الرتمذي (.)3368 ( )4مسلم (.)2788
237
يمل للعصاة ،فيجعلهم بي اخلوف والرجاء(.)1
( )7ويبسط يديه ملن سأل وداعه ف لك يللة ،قال ‘( ...> :)2ثم
ٰ
وتعنىل ،يقول :من يقرض غر عدوم وال ظلوم<(.)3 يبسط يديه تبنرك
( )8وـهو تعاىل ه ِ
الموسع ملن يشاء ف العلم ،واخللقة ،قال تعاىل{ :ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ} [ابلقرة،]247 :
ً
ابتَّلء ،وحكمة. ويضيقه ْع من يشاء،
ً
أقواما من انلار، ( )9وـهو سبحانه يقبض بيده الكريمة ،فيعتق
قط ،قال ‘ ...> :ةيقول ا تعنىل :شفعت املالئك،، خيا ّ
لم يعملوا ً
ُّ
وشفع انلبيون ،وشفع املؤمنون ،و م يبق إال أرحم ا رامحني ،ةيقبض قبض،
قومن م يعملوا اا
را قط<(.)4 من انلنر ،ةيخرج منهن
( )10وـهو اذلي يبسط ويقبض الظَّلل واألنوار ،وما يرتتب ْع
ذلك من اختَّلف الليل وانلهار ،وتعاقب الفصول طول العام(.)5
( )12ـهو اذلي يقبض قلوب العباد بدَّلئل اخلوف والكّبياء،
ويبسطها بدَّلئل الفضل والرجاء(.)6
(" )11والل تبارك وتعاىل يقبض باتلحريم ،ويبسط باإلباحة"(.)7
والكمال املطلق لل تعاىل يكون باجتماع ـهذين اَّلسمي
الكريمي ،عند اثلناء وادلاعء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أسماء الل احلسىن ف الكتاب املقدس (.)341
( )3مسلم (.)758 ( )2كما ف حديث نزول الرب تبارك وتعاىل إىل السماء ادلنيا لك يللة.
( )5ابن السعدي ( )584بترصف. ( )4ابلخاري ( ،)7439ومسلم (.)454
( )7تفسي أيب املظفر السمعاين (.)248/1 ( )6رشح أسماء الل احلسىن للبيضاوي (.)223
238
من لطنئف اقرتاًهمن" :أن مقام اخلوف َّل جيامع مقام اَّلنبساط،
واخلوف من أحاكم اسم (القنبض) واَّلنبساط من أحاكم (ابلنسط)،
والبسط عندـهم من مشاـهدة أوصاف اجلمال ،واإلحسان ،واتلودد،
والرْحة ،والقبض عندـهم من مشاـهدة أوصاف اجلَّلل ،والعظمة،
والعدل ،واَّلنتقام"( ،)1ويف ـهذا اَّلقرتان "يشهد العبد حراكت العالم
ِ ِ وسكونه صادرة عن ِ
متحرك ،وساكن ،يشهد تعلق احلق تعاىل ف لك
احلراكت باسمه (ابلنسط) وتعلق السكون باسمه (القنبض) فيشهد
تفرده سبحانه بالبسط والقبض"( )2ف السماء واألرض.
َّ
هللالل القنبض ابلنسط :إن جَّلل ـهذين اَّلسمي َّل يستطيع
ٌ
أحد أن حييص جَّلهلما ،وكماهلما ،وقدرـهما ،إَّل الل رب العاملي فهما
خيتصان بمصالح ادلنيا واآلخرة ،قال الل العظيم{ :ﮨ ﮩ ﮪ " َّ
ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯗ ﯘ
ﯙ ﯚ ﯛ} [الشورى] ،وذلك يتضمن قوام اخللق باللطف ،واخلّبة،
وحسن اتلدبي واتلقدير ،مع كمال القدرة ،والعلم بمصالح العباد ف
اتلفصيل ،واجلملة ،فهو تعاىل يه ِ
رصف مجلة العوالم ،جلملة العاملي" .
()3
َّ
اثلمرات :إن معرفتهما تثمر للمؤمن اخلوف من قبض منافع
ادلنيا واآلخرة ،والرجاء لبسط اخليات العاجلة واآلجلة ،وأن تبسط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2املصدر السابق (.)184/2 ( )1مدارج السالكي (.)357/2
( )3األسىن للقرطيب ( )360/1بترصف يسي.
239
برك ومعروفك ْع لك حمتاج ،حىت ْع ادلواب ،والالكب ،واذلر،
كبد رطب ،أهللر<(" ، )1وأن تقبض عن لك أحد ،ما
قال ‘> :يف لك ٍ
وعلم ،وحكمة"(.)2
ٍ مال،
ليس ل أـهَّل من ٍ
240
َّ ِ َّ
احلكمة ،فَّل مقدم ملا أخر ،وَّل مؤخر ملا قدم (.)1
ر ر
هللالل املقدم واملؤ ر :أن الل تعاىل ل جَّلل اتلقديم
واتلأخي الكوين ،واتلقديم واتلأخي الرشيع ،ةنتلقديم واتلأ ر
ا كوين :ـهو تقدير الل تعاىل ف خلقه ،وتكوينه ،وفعله( ،)2كتقديم
بعض املخلوقات ْع بعض ،وتأخي بعضها ْع بعـض ،وكتقديم
ِ
األسباب ْع مسبباتها ،والرشوط ْع مرشوطاتها ،وأنـواع اتلقديم،
واتلأخي ف اخللق ،واتلقديرٌ ،
حبر َّل ساحل ل.
َّ
بمحبة الل جل وعَّل واتلقديم واتلأ ر ا رشيع :وـهو متعلق
لفعل دون فعل ،وتقديم بعض األحاكم ْع بعض ،ملا تقتضيه
املصلحة اليت تعود ْع العباد ،كتفضيل الل األنبياء علـى اخللق،
َّ
وفضل بعضهم ْع بعـض ،وتفضيل بعض العباد ْع بعض ،وأخر
ّ
منهم من أخر ،كتقديم الصالح ْع الطالح ،والعالم ْع اجلاـهل،
والطائع ْع العايص ،وأعمال دون أعمال.
ومن هللالل تأ ر جل وعَّل أنه يؤخر العذاب بمقتىض
َّ ً
ابتَّلء للعباد ،لعلهم يتوبوا إيله قبل يوم احلساب ،قال تعاىل: حكمته
{ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
ﮬ ﮭ ﮮ} [انلحل.)3(]61 :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1انلهاية ( ،)25/4 ،29/1وشأن ادلاعء ( ،)86تفسي أسماء الل ( ،)59اَّلعتقاد للبيهيق (.)63
( )2كما ف قول تعاىل{ :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ} [سبأ]
( )3احلق الواضح (ص ،)100أسماء الل احلسىن ،د .الرضواين ( 527ـ .)535
241
ِ ِ َّ
اثلمرات :إن اإليمان بأنه سبحانه ـهو املقدم واملؤخر ،يثمر
ف قلب املؤمن اتلعلق بالل وحده ،واتلولك عليه سبحانه ،ألنه
َّ ِ َّ ِ
سبحانه َّل مقدم ملا أخر ،وَّل مؤخر ملا قدم.
ويلعلم أن اتلقدم احلقييق ـهو اتلقدم ف طاعة الل تعاىل،
واتلأخر يكون ف معصيته ،وذلا ينبيغ اتلوسل بهما إيله تعاىل ف
نيل ـهذا اتلقدم احلقييق ،اذلي يعود نفعه ف ادلين ،وادلنيا ،واآلخرة،
وترك لك ما يؤخر عن جنته ومرضاته ،من األقوال ،واألفعال( ،)1وأن
ً
تأخرا فقال هلم: يقدم ف ذلك األـهم فاألـهم ،فقد رأى ‘ ف أصحابه
>تقدموا ةنئتموا يب ،ويلأتم بكم من بعدكم ،ال يًال قوم يتأ رون
ىت يؤ رهم ا <( ،)2وقال ‘> :احرضوا اجلمع ،وادًوا من ح ٰ
اإلمنم ،ةإن ا رهللل ال يًال يتبنعد ح ٰ
ىت يؤ ر يف اجلن ،وإن د لهن<(.)3
242
ُّ املع ٰ
ىن ا ليوي :املن :العطاء ،وـهو صنع اجلميل ،وـهو اإلحسان
ّ
إىل من َّل يستثيبه ،وَّل يطلب عليه اجلزاء ،واملنة :انلعمة اثلقيلة،
ويقال :ذلك ْع وجهي:
ٌ
أحدـهما :أن يكون بالفعل ،فيقالَ :م َّن فَّلن ْع فَّلن إذا
أثقله بانلعمة ،ومنه قول تعاىل{ :ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ}
[آل عمران ،]164 :وذلك ْع احلقيقة َّل يكون إَّل لل ،واثلاين :أن يكون
ذلك بالقول ،وـهذا مستقبح فيما بي انلاس ،إَّل عند كفران انلعمة(.)1
َّ املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو املنان ْع لك األنام:
)1عظيم اهلبات ،والعطايا ،واإلحسان ،فهو سبحانه يبدأ بانلوال
ً
وانتهاء ،ويعطي فوق اآلمال ً
ابتداء قبل السؤال ،وـهو املعطي
والرجاء ،فلما اكن ّ
املن منه باجلود والعطاء ْع مجيع عباده ،اكنت ل
َّ َّ
أحد.
املنة عليهم ،وَّل منة عليه من ٍ
)2ومن عظيم ـهباته :أنه أعطى احلياة ،والعقل ،وانلطق ،وصور
فأحسن ،وأنعم فأجزل ،وأكرث العطايا واملنح( )2فأكرم.
)3ومن عظيم مننه ْع عباده أمجعي ،أنه أرسل إيلهم الرسل،
ِ
مبرشين ومنذرين ،يلبينوا هلم طريق احلق املبي.
ِ
)4فأنقذ سبحانه بمنه أويلاءه املؤمني ،بأن ـهداـهم إىل رصاطه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1املفردات ( ،)777اللسان ( ،)4277/7انلهاية (.)365/4
( )2انلبوات ( ،)68اللسان ( ،)4279/6األسماء والصفات ( ،)176/1األسىن (.)260/1
243
املستقيم ،دون غيـهم من العاملي ،اذلين عدلوا عن سلوك طريق
ِ
املرسلي ،فأنعم عليهم بأعظم دين ،وـهو اَّلستسَّلم لرب العاملي.
َّ
وامنت عليهم سبحانه بهذا الرسول األمي ،اذلي عصمهم به )5
من ظلمات طريق رصاط اجلحيمَّ ،
ومن عليهم باإليمان وايلقي،
وـهذه أعظم مننه ف ادلنيا ْع املؤمني ،قال الل العظيم{ :ﯣ ﯤ
ﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ} [آل عمران] ،وقال َّ
عز شأنه{ :ﯾ ﯿ
ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ} [احلجرات].
244
َّ َّ
هللالل املننن" :أن منة اخلالق جل وعَّل ْع املخلوق ،فيها
َّ ّ
تمام انلعمة ،وكماهلا ،وذلتها ،وطيبها ،فإنها منة حقيقية ،قال تعاىل:
{ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ
َّ
ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ} [احلجرات] ،فأما منة املخلوق ْع
َّ َّ ّ َّ
املخلوق ،فإنها منة تكدر انلعمة ،أما منة املنان اذلي مجيع اخللق
َّ
ف مننه ،فيه اليت ما طاب العيش إَّل بمنته ،فلك نعمة منه ف
ادلنيا واآلخرة ،فيه منة يمن بها ْع من أنعم عليه"( ،)1وأعظم من ٍة
َّ من الل تعاىل ْع اإلطَّلق ،من َّ
من عليه بدخول جنته ،وأنعم
عليه برضاه ،ورؤيته.
اثلمرات :ينبيغ للمؤمن مشاـهدة منن الل عليه ،واستحضارـها
ومطالعتها" ،فإذا وصل إىل القلب نور صفة املنة ،وشهد معىن اسمه
(املننن) وجتىل سبحانه ْع قلب (املؤمن) بهذا اَّلسم مع اسمه (األول)
ذـهل القلب وانلفس به ،وصار العبد ً
فقيا إىل موَّله ،بمطالعة سبق
حال ينسبه إىل نفسه"(،)2 ً
أمر أو ٍ
فضله األول ،فصار مقطواع عن شهود ٍ
وإياك يا عبد الل أن تمنن بعطيتك ،فتبطل وحيبط عملك ،قال تعاىل:
{ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [ابلقرة ،]264 :وقال
‘> :ثالث ،ال يكلمهم ا يوم القينم ،وال ينظر إيلهم وال يًكيهم ،وهلم
َّ ا
عذاب أيلم ،املسبل إزار ،واملننن اذلي ال يعطي شيئن إال منه<(.)3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3صحيح اجلامع (.)3067 ( )2طريق اهلجرتي (ص .)57 ( )1بدائع اتلفسي ( ،)272/5بترصف يسي.
245
246
)4وـهو الرفيق بمعيته العامة بكل خلقه ،واخلاصة( )1ألويلائه
فقط(.)2
هللالل ا رةيق :أنه يرفق بعباده خبفاء وسرت ولطف ،ومن
ذلك أنه َّل يعاجل املذنبي بالعقوبة ،بل يمهلهم وينظرـهم ،ويدر
ِ
عليهم آَّلءه وإحسانه ،وييَّس هلم أسباب اتلوبة ،ولو شاء لعاجلهم
بالعذاب ،لكنه ـهو الرفيق احلليم ،يمهلهم وَّل يهملهم يلحصل هلم
السعادة ف ادلنيا ،ويوم املعاد.
ومن هللالل رةقه بعباده :أنه رشع من الرخص واألسباب
الرشعية اليت تدفع عنهم احلرج ،وترفق بهم ف حياتهم.
ِ ِ
ومن هللالهل "أنه ـهو امليَّس واملسهل ألسباب اخلي لكها ،واملعطي
هلا ،وأعظمها تيسي القرآن للحفظ ،ولوَّل ما قال{ :ﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ} [القمر ،]17 :ما قدر ْع حفظه أحد ،فَّل تيسي إَّل
بتيسيه ،وَّل منفعة إَّل بإعطائه ،وتقديره"(.)3
اثلمرات :ينبيغ للمؤمن أن يأخذ من حظ ـهذا اَّلسم فيجعل
الرفق قائده ،وديلله ،يلصل إىل قلوب العباد ،ويؤثر فيهم ،وكذلك الرفق
واتلأين ف األمور ،مع انلفس ومع اخللق ،وخاصة مع أـهله ،وزوجه،
قال ‘> :من أعط ٰى حظه من ا رةق ةقد أعط ٰى حظه من اخلر<(،)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1املعية العامة ويه مع لك خلقة :بالسمع والعلم وابلرص ،واملعية اخلاصة يه ألويلائه :باتلأييد وانلرص .انظر
جمموع الفتاوى (.)130/5
( )2وتكون هلهم ف ادلنيا كما سبق ،واآلخرة معه ف اجلنة ،كما ف داعء انليب( :امهلل الرفيق األْع) .ابلخاري
( )4صحيح اجلامع (.)6055 ( )3األسىن (.)557/1 (.)4173
247
ا
را أد ل عليهم ا رةق< بأهل بيت وقال ‘> :إ،ا أراد ا
()1
َ
فمن حظي به فما أطيب عيشه ،وما أنعم بال ،وما أق َّر عينه(.)2
ٌّ
حي كريم ،يستحي من ٰ
وتعنىل قال ‘> :إن ربكم تبنرك
ا َّ
نئبتني< .وقال ‘:
()4 صفرا عبد إ،ا رةع إيله يديه أن يردهمن
()3
ُّ ٌّ ر
حي ِستر ،حيب احلينء وا سرت<(.)5
ِ >إن ا
املع ٰ
ىن ا ليوي :احليْ :ع وزن فعيل من أبنية املبالغة ،أي
كثي احلياء ،واحلياء واَّلستحياء :ضد الوقاحة(.)6
ّ
احلي: ٰ
املعىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو ِ
)1املوصوف بكمال احلياء ،اذلي يليق بكمال ،وجَّلل،
ِ
وعلوه ،ليس كحياء املخلوقي ،اذلي ـهو تغي وانكسار.
)2أما حياء الرب جل وعَّل فذاك نوع آخر َّل تدركه األفهام،
وَّل تكيفه العقول ،فإنه حياء كرمّ ،
وبر ،وجود ،وجَّلل .
()7
248
َّ
إن الل حي كريم يكن بما شاءَّ ،
عما شاء"(.)1 ِ واللمس عن اجلماع،
هللالل احلي :أن حياءه ـهو ترك ما ليس يتناسب مع سعة
رْحته ،وكمال جوده وكرمه ،وعظيم عفوه ،وحلمه ،ومن ذلك أنه
َّ
يستحي أن يرد عبده ،إذا رفع يديه إيله بادلاعء.
ومن هللالهل :أنه يستحي من عبده حيث َّل يستح العبد منه،
وذلك :أنه سبحانه مع كمال غناه ،وتمام قدرته ،يستحي من ـهتك
سرت العبد وفضحه ،حيث جياـهره باملعصية ،مع أنه أفقر يشء إيله،
ويتقوى بنعم ربه ْع معاصيه ،فهو يتحببَّ وأضعفه دليه ،ويستعي
ّ
إىل عباده بانلعم واخليات ،بعدد اللحظات ،وـهم يتبغضون إيله
باملعايص والقبائح ف لك األوقات( ،)2فأىن أن يكون ـهذا اجلَّلل من
ألحد من اخللق ،وأىن يكون حياء مع كمال الصفات من ٍ احلياء
الغىن ،والعزة ،والقوة ،والقدرة ،والرفعة ،واحلكمة ،إَّل للرب.
َّ
اثلمرات :إن من أعظم ثمرات ـهذا اَّلسم الكريم احلياء من
الل تعاىل ف ظاـهر العبد ،وباطنه ،ف أن يراه ْع مشينة يبغضها الل
حق احلينء< قلنا :يا تعاىل ،ومجاع ذلك ،ما قال ‘> :استحيوا من ا
رسول الل إنا لنستحي واحلمد لل ،قال> :ليس ،ا ،ولكن
االستحينء من ا حق احلينء ،أن حتفظ ا رأس ومن ٰ
وع ،وحتفظ
ابلطن ومن حو ٰ
ى ،وتذكر املوت وابل ٰ
ىل ،ومن أراد اآل رة ترك زين،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
َّ
صحح إسناده ابن حجر ف الفتح ( )62/9( ،)122/8ويف اتلفسي الصحيح ( )293/1د .حكمت بشي ياسي، ()1
وانظر :تفسي أيب مظفر السمعاين (.)431/1
( )2مدارج السالكي ( ،)259/2احلق الواضح (ص ،)54رشح انلونية للهراس ( )80/2بترصف يسي.
249
حق احلينء<( ،)1فمن كرث ادلًين ،ةمن ةعل ،ا ةقد استحين من ا
ه
حياؤه من الل انقبضت نفسه عن حمارم الل ،وجماـهرته بالعصيان،
واعلم أنك إذا استحييت منه تعاىل ،استحيا منك كما يليق جبَّلل،
منه<(.)2 وكمال ،قال ‘ ...> :وأمن اآل ر ةنستحين ،ةنستحين ا
عن جابر بن عبد الل ريض الل عنهما ،أن رسول الل ‘ قال:
َ ْ ََُ ٰ
بصوت يسمعه من بعد كمن ٍ تعنىل العبند ،ةيننديهم >حيرش ا
َّ َّ َ ْ َ َ
ادلينن ،وال ينبِغ ألحد من أهل انلنر يسمعه من ق ُرب ،أًن امللا ،أًن
ٰ َّ
ىت أقصه منه، أحد من أهل اجلن ،حق ،ح أن يد ل انلنر ،وهل عند ٍ
وألحد من أهل
ٍ وال ينبِغ ألحد من أهل اجلن ،أن يد ل اجلن،،
ٰ َّ
أقصه منه ،ح ٰ
ىت ا لطم.)3(<، انلنر عند حق ،حىت
ادليَّنن :صيغة مبالغة ْع وزن َّ
فعال ،ويدل ىن ا ليويَّ :
املع ٰ
َّ
عدة معان جَّلل وكمال ،منها :ه
المجازي، ٍ ٍ ـهذا اَّلسم الطيِب ْع
َّ ه
والمحاسب ،وْع امللك املطاع ،واحلاكم ،والقايض ،وْع القهار،
يقال :دان انلاس ،أي قهرـهم ْع الطاعة ،ويوم ادلين :أي يوم احلساب(.)4
ىن ا رشيع :الل سبحانه وتعاىل ـهو ادليَّان للك العاملي:
املع ٰ
250
َّ
وعنت ل الوجوه ،وذلت لعظمته اجلبابرة ،ولك الّبية(.)1
( )2وـهو تعاىل ادليَّان :اذلي حياسب العباد أمجعي ،ويفصل بينهم
باحلق يوم ادلين ،بمَّيان العدل ،والفضل املبي ،قال تعاىل{ :ﭪ
ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ
فَّل [األنبياء] ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ}
ً
يهضم أحدا من حسناته ،أو يزيد ف سيئاته ،أو يعذبه بغي جرمه.
َّ
( )3وـهو احلاكم القهار :ف دار القرار ،اذلي َّل يملك أحد ف
ألحد قول ،وَّل حكم ،حىت الشفااعت ً
حكما ،فَّل يبىق ذلك ايلوم معه
ٍ
لكها حتت إذنه"( )2فيدين اجلنة لألبرار ،ويقيص الفجار إىل انلار.
َّ
هللالل ادلينن :أنه تعاىل كما يقتص للمؤمن من الاكفر ،كذلك
أنه يقتص للاكفر من املؤمن ،حىت لو اكنت لطمة ،فيحبس ويله من
ِ
عدوه ،اذلي ـهو دخول جنته ،وـهو أحب خلقه ،حىت يقتص ل من
أبغض خلقه ،فيعامل عدوه بعدل وقسطه ،وويله بعدل ،وفضله.
251
اثلمرات :ينبيغ للك عبد اخلوف من الل تعاىل ،واَّلستعداد
يلوم حياسب به ادليَّان اخلَّلئق أمجعي ،فحاسب نفسك قبل أن
ً ً ه
جزاء ِوفاقا من حتاسب ،واعلم يا عبد الل أنك كما تدين تدان،
ادليَّان ،قال عمر بن اخلطاب ريض الل عنه" :حاسبوا أنفسكم قبل
أن حتاسبواَّ ،
وتزينوا للعرض األكّب ،وإنما خيف احلساب يوم القيامة
ْع من حاسب نفسه ف ادلنيا"( ،)1فاجتنب الظلم بينك وبي الرب،
ر َّ
وبينك وبي اخللق ،وأعد يلوم العرض ،قال ‘> :ا كيس من دان
ًفسه ،وعمل ملن بعد املوت ،والعنهللً من أتبع ًفسه هواهن ،وتم ٰ
ىن
ٰ
ىلع ا <( ،)2وـهذا اَّلسم الكريم فيه تسلية للمظلومي ،واملقهورين ،
وذلك بأن ادليَّان سوف يقتص هلم من الظاملي يوم ادلين.
سن) عز وجل
88ـ ـ اهلل (الـمُحْ ِ
ُّ ُْ
عً وهللل حم ِس ٌن حيب اإلحسنن<(.)3
َّ قال ‘> :إن ا
ً
ت اليشء حتسينا: وحسنم ه
َّ املعىن ا ليوي :احلسن :ضد القبح،
زينتهه ،وأحسنت إيله به ،واإلحسان يقال ْع وجهي:
َّ
252
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو املحسن اذلي َّل
أحسن وَّل أكمل منه ْع اإلطَّلق:
ٌ
( )1فاإلحسان ل وصف َّلزم ،فَّل خيلو موجود عن إحسانه
طرفة عي ،اذلي ما طاب العيش إَّل بإحسانه.
َّ ِ
ّ
مكون من ( )2والل تعاىل حمسن للك موجود ،فَّل بهد للك
إحسانه إيله ،بنعمة اإلجياد ،ونعمة اإلمداد(.)1
( )3وـهو سبحانه املحسن ف أفعال ،ليس فيها عبث ،وَّل ف
أوامره سفه ،بل لك أفعال َّل خترج عن احلكمة ،والعدل ،والفضل.
( )4وـهو تعاىل اذلي أحسن لك يشء خلقه ،فجعله ْع أحسن
صورة الَّلئقة بها ،فأتقن صنعة ،وأبدع كونه ،وـهداه لغايته ،قال
تعاىل{ :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [السجدة.)2(]7 :
ً
( )5وـهو املحسن اذلي أحسن رشعه ،فجعله مشتمَّل ْع
العواقب احلميدة ،والغايات العظيمة ،اذلي فيها اخلي للك اخلليقة،
{ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ} [املائدة].
( )6ومن عميم إحسانه ،أن حيسن إىل أويلائه ف ادلارين ،فيف
ادلًين :بالعلم واإليمان وايلقي ،وتفريج كرباتهم ،وشدائدـهم ،قال
تعاىل{ :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ} [يوسف ،]100 :ويتجىل
كمال إحسانه يف اآل رة ،اذلي ـهو أْع اإلحسان :احلسىن ،وزيادة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2انظر :تفسي ابن السعدي ( )915واحلق الواضح (.)31 ( )1فيض القدير (.)264/2
253
قال تعاىل{ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ} [يونس ،]26 :فاحلسىن اجلنة،
والزيادة :انلظر إىل وجه ِ
ربهم األْع ،اذلي َّل أحسن ،وَّل أمجل ،وَّل
أسَّم منه سبحانه(.)1
هللالل املحسن :أن ل األسماء احلسىن ،اليت بلغت كمال
األسىن ،املتضمنة للصفات العَّل ،قال تعاىل{ :ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮬ} [طه] .احلس ٰ
ىن :ابلالغة احلسن ف لك يشء ،من
جهة الكمال ،واجلمال ،واجلَّلل ،فله تعاىل كمال احلسن ،وأعَّله،
وأتمه معىن ،ف ذاته ،ويف أسمائه ،وصفاته ،وأفعال( ،)2فَّل حيد كمال،
ٌ
وَّل يبلغ كنه جَّلل ،وَّل حييص أحد من اخللق ثناءه ،فَّل يشء
أكمل ،وَّل أمجل ،وَّل أجل من الل سبحانه.
ومن هللالهل" :أن خيه َّل يزال إىل عباده نازل ،ورشـهم َّل يزال
إيله صاعد ،يدعوـهم إىل بابه ،وجيرمون ف حقه ،فَّل حيرمهم من
إحسانه ،يبتليهم باملصائب ،يلطهرـهم من املعايب"(.)3
ومن هللالهل :أنه حيسن إىل أعدائه ،ويسبغ عليهم من آَّلئه،
فيمهلهم ،فإن لم يتوبوا حاسبهم بعدل.
اثلمرات :ينبيغ للمؤمن اتلحل باإلحسان اذلي ـهو أْع
درجات اإليمان ،مع ربه ،وخلقه ،فاإلحسان مع ربه تعاىل ،اذلي
ٰ
تعنىل كأًا ترا ،ةإن م تكن عرفه ‘> :اإلحسنن أن تعبد ا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
َّ
( )1كما فَّسه انليب ‘ ،انظر صحيح مسلم ( ،)181وانظر تفسي ابن كثي (.)561/2
( )3تفسي السعدي ( )567بترصف يسي. ( )2انظر العواصم من القواصم (.)228/7
254
ترا ةإًه يراك<( ،)1والسيع بكل وسيلة رشعية ،حىت يكون من
املحسني ،قال تعاىل{ :ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ} [ابلقرة]،
واإلحسان إىل خلقه :بإيصال اخلي إيلهم بكل أنواعه ،باللسان،
واألقوال ،واألفعال ،وأول انلاس بذلك الوادلان {ﭑ ﭒ
ﭓ ﭔ} [األحقاف.]15 :
255
ً
)3وإذا سرت الل سبحانه عبدا ف ادلنيا ،سرته يوم ادلين ،قال ‘:
يوم القينم.)1(<،
عبد يف ادلًين إال سرت ا
ىلع ٍ ٰ
تعنىل ٰ >ال يسرت ا
ر
هللالل ا ستر :أن العبد جياـهر باملعايص مع فقره الشديد
إيله ،حىت أنه َّل يمكنه أن يعيص إَّل أن ي َّ
تقوى عليها بنعم
ربه ،والرب مع كمال غناه عن خلقه ،وتمام قدرته ،يستح من
ـهتكه وفضيحته ،وإحَّلل العقوبة به ،فيسرته بما يقيض ل من
ِ ِ
أسباب السرت ،ويعفو عنه ويغفر ل ،بل ويبدل سيئاته حسنات ،فهو
ً ِ
مسلما ف ادلنيا ،واآلخرة. ستي حيب أـهل السرت ،ويسرت ْع من سرت
ومن هللالهل :أنه ينرش من عباده املناقب ،ويسرت عليهم املثالب(.)2
اثلمرات :إ َّن ـهذا اَّلسم الكريم يورث املؤمن َّ
حمبة الل تعاىل
واحلياء منه ،وذلك أنه يرى عبده وـهو يعصيه ،ويسدل عليه سرته،
وينعم عليه بآَّلئه وإحسانه ،فحري بالعبد أن َّ
يتعبد َّ
ربه بهذا اَّلسم ف
ِ
اتلحل بالسرت ْع نفسه ،ومع خلق الل سبحانه ،ألنه تعاىل مع كمال
ا
غناه ،حيب السرت ويأمر به ،قال ‘> :ومن سرت مسلمن سرت ا يوم
القينم ،)3(<،ويلحذر اتلتبع لعورات املسلمي ،قال ‘ ...> :ال
َّ
تيتنبوا املسلمني ،وال تتبعوا عوراتهم ،ةإًه من اتبع عوراتهم يتبع
عورته يفضحه يف بيته<(.)4 عورته ،ومن تبع ا ا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2احلق الواضح (ص ،)54واألسىن (.)335/1 ( )1رواه مسلم (.)2590
( )4صحيح أيب داود (.)4880 ( )3ابلخاري ( ،)2442مسلم ()2580
256
257
هَ
كمل ف قد كمل ف رشفه ،واحلليم قد كمل ف حلمه ،وـهو اذلي قد
أنواع الرشف والسؤدد"(.)1
هم ر
هللالل ا سيد :من هللالهل :أنه ليس ملخلوق غنية عنه ف لك
أمره وأحوال ،ف يلله ونهاره ،ف حرضه وسفره ،ف أكله ورشبه ،فلو
ه
يوجدوا ،ولو لم يبقهم بعد اإلجياد لم يكن هلم بقاء، لم يوجدـهم لم
ولو لم يعنهم فيما يعرض هلم ،لم يكن هلم معي غيه ،فحق ْع
مجيعا ،أن يدعوه السيِد دون سواه .
()2
ً اخللق
ِ
السيد ْع اإلطَّلق، اثلمرات :إذا اكن الل تبارك وتعاىل ـهو
ل اتلرصف اتلام ف الكون ،فينبيغ أن يكون ـهو املعبود وحده ْع
اإلطَّلق ،فيطاع وَّل يهعىص ،ويشكر وَّل يهكفر ،يذكر وَّل ينىس،
فهذه يه حقيقة مواَّلة العبد لسيِده الرب عز وجل.
258
األبدان ،واألرواح ،وانلفوس(.)1
َّ املع ٰ
ىن ا رشيع :الل تبارك وتعاىل ـهو الشاف ْع احلقيقة:
( )1اذلي يرفع ابلأس والعلل ،ويشيف العليل باألسباب واألمل،
فقد يّبأ ادلاء مع انعدام ادلواء ،وقد يشىف ادلاء بلزوم ادلواء،
ويرتب عليه أسباب الشفاء والكـهما باعتبار قدر الل سواء(.)2
َّ
( )2وـهو تعاىل الشاف اذلي يشيف القلوب من أمراضها ،والصدور
من ضيقها ،واألبدان من عللها(.)3
( )3وـهو سبحانه يشيف من يشاء ،ويطوي علم الشفاء ْع
األطباء ،إذا لم يقدر الشفاء.
ِ
املتفرد بالشفاء َّل رشيك ل. ( )4والل تبارك وتعاىل ـهو وحده
َّ َّ
هللالل ا شنيف :أنه خلق أسباب الشفاء ،ورتب انلتائج ْع
أسبابها ،واملعلوَّلت ْع عللها ،فيشيف بها ،وبغيـها(.)4
َّ
ومن هللالهل :أنه جعل قتال الكفار ،شفاء ملا ف قلوب األبرار ،من
الغم واهلم واألكدار ،قال سبحانه وتعاىل{ :ﭑ ﭒ ﭓ
ﭔﭕﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ
ﭜ} [التوبة] ،وـهذا يدل ْع حمبة الل تعاىل للمؤمني ،واعتنائه بأحواهلم،
حىت إنه جعل من مجلة املقاصد الرشعية :شفاء ما ف صدورـهم ،وذـهاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2أسماء الل للرضواين (.)626 ( )1معجم مقاييس اللغة ( ،)199/3لسان العرب (.)2293
( )4أسماء الل احلسىن للرضواين (.)626 ( )3رشح أسماء الل احلسىن أليب عبد الل الرمل (ص .)98
259
غيظهم ،ومن هللالهل> :أًه م يضع ا
داء ،إال وضع هل دواء.)2(<... ()1
260
ويبتدئ بانلعمة من غي استيجاب ،ويعطي ما يشاء من غي طلب(.)1
َّ
احلسية ،واملعنوية ،الظاـهرية " )3املعطي من شاء من القوى
وابلاطنية ،ومن الكماَّلت املتنوعة من املعارف الربانية واحلقائق
اإليمانية"(.)2
ّ
يستحق َّ
استحق العطاء ،ويمنع من لم )4وـهو تعاىل يعطي من
إَّل املنع ،وـهو العادل ف مجيع ذلك ،فإذا أعطى فتفضل وإصَّلح،
وإذا منع فحكمة وصَّلحَّ ،ل مانع ملا أعطى ،وَّل معطي ملا منع(.)3
عً وهللل ًواعن: وعطنء ا
األول :عطنء اعم :للك اخلَّلئق أمجعي ،مؤمنهم واكفرـهمّ ،
برـهم
وفاجرـهم ،من اهلبات واخليات ،واألرزاق بما يقيم هلم ،ويصلح هلم
أمرـهم ف دنياـهم ،قال تعاىل{ :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ
ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ} [اإلرساء] (.)4
اثلنين :عطنء نص :ألنبيائه ،ورسله ،وعباده الصاحلي ف ادلارين:
َّ
عطية، أ) يف ادلًين :الرزق احلَّلل ،واذلرية الصاحلة ،وأعظمها
يعطي َّ
عطية اإليمان ،وايلقي ،واهلدى املبي ،قال ‘>:إن ا
ادلًين من حيب ومن ال حيب ،وال يعطي اإليمنن إال من أحب<(.)5
ب) ويف اآل رة :ويه العطية الكّبى ف جناته العَّل ،اليت َّل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2توضيح الاكفية ( )131بترصف. ( )1الرشبايص ( )232/2( )25/2بترصف.
( )4وقال تعاىل{ :ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖﰗ} [طه] ( )3تفسي أسماء الل ( ،)63شأن ادلاعء (.)93
( )5سلسلة األحاديث الصحيحة لألبلاين (.)2714
261
َّ
أكمل ،وَّل أجل منها ،قال تعاىل{ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ}
[انلبأ] ،وأعظم العطاء ف دار احلسن وابلهاء ،رضا رب العباد ،قال
‘...> :ثم يقول[ :أي الل] اد لوا اجلن ،،ةمن رأيتمو ةهو لكم،
ا ُْ
ةيقو ون :ربنن أعطيتنن من م تع ِط أحدا من العنملني ،ةيقول :لكم
عندي أةضل من هذا ،ةيقو ون :ين ربنن أي يش ٍء أةضل من هذا؟
ا
ةيقول :رضني ةال أسخط عليكم بعد أبدا<(.)1
هللالل املعطي" :أنه تعاىل يعطي من غي أن خياف نفاد
خزائنه ،ويعطي املتنايه َّل من عدد أكرث منه ،كما يفعله العباد،
ولكن يعطي اتلنايه من غي املتنايه"(.)2
ومن هللالهل أنه ـهو {ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ}
[طه] ،فأعطى لك يش ٍء ما يناسبه ف اَّلنتفاع إىل مصاحله ،مما ـهو به
َّ
املضار عنه . أيلق ف املنافع املنوطة به ،ثم أهلمه إىل منافعه ،ودفع
()3
262
ُ
ويد ا سنئل ا سف ٰ
ىل ،ةأعط الفضل وال تعجً عن ًفسا<(.)1
وملا اكن رض الل تعاىل ـهو أفضل املنح والعطايا ،فينبيغ للعبد
يلح إىل ربه تعاىل ،أن يرزقه رضاه> :امهلل إين أعو ،برضنك منأن َّ
263
َّ
( )3وـهو سبحانه الطيب ف ذاته ،فيه أكمل اذلوات ،املتصفة
بأْع وأكمل الصفات ،والطيب ف أسمائه إلنبائها عن أحسن املعاين،
وأرشف ادلَّلَّلت ،والطيب ف أفعال ألنها ف اغية احلق والصواب،
فَّل يفعل إَّل األكمل ،واألحسن ،واألطيب ،والطيب ف أقوال ،فيه
َّ ٌ
واملنهيات. صدق ف األخبار ،وعدل ف األوامر
ِ َّ َّ
طيب ٍة()1 ريح
( )4وـهو اذلي طيب اجلنة للمؤمني ،فجعلها ذات ٍ
بأطيب ما يكون ،قال تعاىل{ :ﮯ ﮰ ﮱ()2ﯓ ﯔ} [حممد]
264
ً اشتق للطيِبي ً
َّ
اسما من أسمائه احلسىن ،ووصفا ومن هللالهل :أنه
عز شأنه{ :ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ من أوصافه ،قال َّ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ} [انلور.]26 :
ومن هللالهل :أن ريح فم الصائم أطيب عند الل تعاىل من ريح املسك(.)1
اثلمرات :ينبيغ للمؤمن أن يطهر باطنه من أدران اذلنوب
واملعايص ،وظاـهره بطيب األخَّلق واألفعال ،وأن يتحرى الطيب
ّ
يتحرى أَّل يصعد إىل احلَّلل ف مأكله ومرشبه ْع ادلوام ،وأن
خالقه إَّل الطيب من اذلكر واثلناء ،وصالح األعمال.
عن أنس بن مالك ريض الل عنه أنه قال :قال انلاس :يا رسول
فسعر نلا ،فقال رسول الل ‘> :إن ا هو ِ الل :غَّل ِ
السعر،
ر
املسعر ،القنبض ابلنسط ،ا رازق<(.)2
سعر الطعام :ـهو اذلي يقوم عليه اثلمن، ىن ا ليويَّ :
املع ٰ
هسيم بذلك ألنه يرتفع ويعلو.
والتسعر :تقدير السعر ،يقال :أسعر أـهل السوق َّ
وسعروا ،إذا
َّ َّ
وسعر انلار وأسعرـها :أوقدـها اتفقوا ْع سعر ،والسعي :انلار،
َّ
وـهيجها ،وكذا أسعر احلرب(.)4()3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1قال ‘> :وخللوف ةم ا صنئم أطيب عند ا من ريح املسا< ابلخاري ( ،)5583ومسلم (.)1151
( )3معجم مقاييس اللغة ( ،)75/3اللسان (.)365/4 ( )2صحيح الرتمذي (.)1314
( )4وقول ‘> :إن ا هو املسعر< بضمي الفصل ،اذلي يفيد اتلوكيد ،واحلرص .تفسي آل عمران َّلبن عثيمي (.)54/1
265
ِ ر املع ٰ
املتفرد ف التسعي: ىن ا رشيع :الل عز وجل ـهو املسعر
( )1اذلي يرخص األشياء ،ويغليها فَّل اعرتاض عليه ،وفق
تدبيه الكوين ،أو ما أمر به العباد ،ف تدبيه الرشيع(.)1
( )2وـهو تعاىل اذلي يزيد اليشء ويرفع من قيمته ،أو تأثيه
وماكنته ،فيقبض ويبسط ،وفق مشيئته وحكمته.
( )3والل سبحانه ي ه َس ِعر بعدل العذاب ْع أعدائه ف انلار،
سعيا ْع الكفار ،قال تعاىل{ :ﮫ ﮬ ﮭﮮﮯ ﮰ ً وزادـها
ﮱ ﯓ ﯔﯕ} [الفتح].
ِ ر
هللالل املسعر :أنه متعلق بترصيف املقادير ،وـهو اتلدبي
الكوين ،فارتفاع األسعار واخنفاضها بهذا اتلدبي ،فالسعر يرتفع بي
َّ
انلاس ،إما لقلة اليشء وندرته ،وإما لزيادة الطلب وكرثته ،وـهذا أمر
َّ
يتعلق بمشيئته وحكمته ،فهو تعاىل يبتل عباده ف ترصيف أرزاقهم،
وترتيب أسبابهم ،فقد يهيئ أسباب الكسب إلغناء الفقي ،وقد يهيئ
األسباب إلفقار الغن ،وـهو ْع لك يش ٍء قدير ،فهذا لكه من تدبي الل
ف خلقه ،وحكمته ف تقدير املقادير(.)2
اثلمرات :أثر ـهذا اَّلسم الكريم ْع العبد أن يتيق الل تعاىل
ف معامَّلتهَّ ،لسيما إن اكن من اتلجار ،فَّل يستغل انلاس ف زيادة
ً
سمحا األسعار ،أو خييف األقوات سعيًا للتفرد واَّلحتاكر ،وأن يكون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2أسماء الل احلسىن لدلكتور الرضواين (ص )548بترصف يسي. ( )1انلهاية (.)430
266
ف بيعه ورشائه ،ويف لك أحوال ،سواء ف احلرض أو ف األسفار ،قال
ا
سمحن إ،ا بنع ،وإ،ا اشرت ٰ ا
ٰ
اقتىض<(.)1 ى ،وإ،ا ‘> :رحم ا رهللال
عن اعئشة ريض الل عنها ،أن رسول الل ‘ اكن يقول ف
ُّ ُ ُّ
ركوعه وسجوده> :سبوح قدوس ،رب املالئك ،وا روح<(.)2
ُّ
املعىن ا ليوي :ا سبوح :من أبنية املبالغة ْع وزن فعول،
و(سبحان) :اتلزنيه ،واتلعظيم ،واتلكبي ،واإلبعاد ،والتسبيح :اتلزنيه،
وـهو :إبعاد عن املوصوف لك سوء ونقصْ ،ع جهة اتلعظيم(.)3
ُّ املع ٰ
ىن ا رشيع :الل ـهو ا سبوح اذلي يسبحه لك مجاد وذو روح:
رش وسوء ف: َّ
واملّبأ من لك انلقائص والعيوب ،ومن لك ّ (َّ )1
املزنه
أ) ذاته :عن الفناء ،والزوال ،واإلحاطة ،واملثال ،لكماهلا من لك
الوجوهْ ،ع ادلوام.
مزنه عن لك ما يضادب) ويف صفاته :ليس فيها صفة نقصَّ ،
كماهلا ،من لك شائبة عيب ،أو ٍّ
ذم. ٍ
َّ
يتضم هن السوء أو هلل) ويف أسمائه :فلكها حسىن ،ليس فيها اسم
َ
مقامها. َّ
الرش ،وليس ف األسماء أحسن منها ،وَّل يقوم غيـها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2مسلم (.)487 ( )1ابلخاري (.)2076
( )3انظر لسان العرب ( ،)471/2األسىن ( ،)271غريب القرآن َّلبن قتيبة (.)8
267
ٌ ٌ
د) ويف أفعال :ليس فيها عبث ،وَّل سفه ،وَّل خطأ ،تلضمنها
العدل ،والفضل ،واملصلحة {ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ} [ـهود.]56:
( )2وـهو تعاىل املزنه عن لك ما َّل يليق بإَّلـهيته ،وربوبيته من:
ّ
أ) رشيك .ب) أو نِد .هلل) أو مثيل .د) أو ول من اذلل .ه) أو معي.
و) أو ضد .ز) أو صاحبة ،ح) أو ودل.
ٌ (ّ )3
املزنه عن أن يقاربه أحد ،أو يدانيه ف كمال وجَّلل ،أو أن
تسلب منه معاين الكمال الَّلئقة به سبحانه.
َّ
املزنه ف أمره الكوين ،والقدري ،والرشيع، ( )4وـهو تعاىل
واجلزايئ ،عن لك نقص ،وعن منافاة احلكمة ،فلكها جارية ْع
احلكم واحلق ،ف أصلها ،وفرعها ،واغياتها ،وثمراتها.
ً
معطَّل عن كمال ،ف ِ ( )5والل سبحانه َّ
أي املزنه من أن يكون
حال من األحوال(.)1
( )6وـهو تعاىل السبوح اذلي يسبح حبمده لك من ف األرض
والسموات ،من األحياء ،واجلمادات ،باختَّلف األصوات واللغات،
قال تعاىل{ :ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ} [اجلمعة.]1 :
( )7وـهو ا ّ
ملزنه عما يقول الاكفرون ،واملرشكون ،واملبطلون ،ف
ً ِ
حقه ً
كبيا{ ،ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ} [اإلرساء]. علوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1بدائع الفوائد ( ،)168/1توضيح الاكفية ( 120ـ ،)121الآللئ ابلهية ف رشح العقيدة الواسطية ،صالح آل
الشيخ ( ،)191/1التسبيح ف الكتاب والسنة (.)480/1
268
( )8والل تعاىل السبوح املعظم ،ل العظمة ،واتلكبي(،)1
َّ ٌ
مقيد بقيود. واإلجَّلل ،اذلي ليس ل حدود ،وَّل
نزه نفسه َّ
وسبحها عن وصف العباد ل، ( )9وـهو السبوح :اذلي َّ
269
أمراض الشبهات ،والشهوات ،وأن يكرث من تسبيحه تعاىل ف الليل
سبح الل عز وجل ف لك وانلهار ،حىت ينضم إىل بقية العوالم اليت ت ه ِ
270
ّ
العبد بأكرث من ذنبه ،ويؤدي احلقوق إىل أـهلها ،فَّل يدع صاحب
ّ ٍّ
حق ،إَّل وصل إيله حقه
( )2وـهو احلكم :اذلي حيكم بي الرسل وأتباعهم ،وبي
أعدائهم ،فيكرم الرسل وأتباعهم ،ويهي أعداءـهم ف ادلارين.
( )3وـهو اذلي ل احلكم العام ثلَّلثة أحاكم:
األول :حكم كوين :وـهو واقع َّل حمالة ألنه يتعلق بمشيئته،
ومشيئة الل تعاىل َّل تكون إَّل باملعىن الكوين ،فما حكم به ً
قدرا
نفذ من غي مانع ،وَّل منازع ،فما شاء اكن ،وما لم يشأ لم يكن،
ِ َّ
فَّل راد لقضائه ،وَّل معقب حلكمه ،وَّل أحد اغلب ألمره.
اثلنين :حكم رشيع :وـهو احلكم اتللكييف الرشيع ،اذلي
يرتتب عليه اثلواب والعقاب ف يوم احلساب ،وانلواعن نافذان ف
العبد ،ماضيان فيه ،وـهو مقهور حتت احلكمي ،قد مضيا فيه ،ونفذا
فيه ،شاء أم أىب ،لكن احلكم الكوين َّل يمكنه خمالفته ،وأما
الرشيع فقد خيالفه.
ِ
ورشـها اثلنلث :حكم هللًايئ :وـهو اجلزاء ْع األعمال خيـها،
ف ادلنيا واآلخرة ،وإثابة الطائعي ،وعقوبة العاصي( ،)1فسبحان من
َّ َ نفذ حكمه ف َّ َ
وعمهم برْحته، بريته ،وعدل بينهم ف أقضيته،
ورصفهم حتت مشيئته(.)2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1الفوائد ( ،)32وفتح الرحيم امللك ( ،)32 ،18توضيح الاكفية الشافية ( ،)127أسماء الل احلسىن لدلكتور
( )2شفاء العليل (.)42 الرضواين (.)650
271
َ َ
احلكم :أن لك أحاكمه تعاىل ف خلقه الرشعية، هللالل
ّ َ
واحلق ،ف أصلها، حلك ِم
والقدرية ،واجلزائية" ،ف نفسها جاريةْ ،ع ا ِ
وفرعها ،واغياتها ،وثمراتها"( ،)1مزنـهة عن لك نقص ،وزلل ،وخطأ ،ساملة
من لك ظلم ،وجهل ،املتضمنة لكمال احلكمة ،والعدل ،واحلمد،
والفضل ،والرْحة ،واهلدى ،والسداد ،وأن حكمه الرشيع صالح للك
زمان ،ويف لك ماكن ،ويف لك األحوال ،اذلي فيه اخلي العاجل
واآلجل ،للك األنام ،قال الل العظيم{ :ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ
ﰇ ﰈ ﰉ} [املائدة].
272
اكفة املؤمني بنصب احلاكم ،وإقامة األحاكم ،ثم جيب ْع لك مسلم
ه
إذا ديع إىل احلكم عليه ،أن جييب إىل ذلك ،وينقاد حلكم الل
َّ
توجه عليه ،وإَّل اكن ً
ظالما(.)1 تعاىل عليه إذا
فلك نعمة فمن جوده ،فَّل خيلو موجود من جوده ،وإحسانه ،طرفة
عي ،ف ـهذا الوجود.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2لسان العرب (.)720/1 ( )2سلسلة األحاديث الصحيحة (.)1627
( )4أسماء الل احلسىن للرضواين (.)679
( )5كما ف حديث عبد الل بن سَّلم ~ ،ف قصة الرؤيا للنيب ‘ ،وفيه> :بينمن أًن ًنئم ،إ ،أتنين رهللل ،ةقنل يل
قم ،ةأ ذ بيدي ،ةنًطلقت معه ،ةإ،ا أًن جبواد عن شمنيل ،...ةقنل يل :ال تأ ذ ةيهن ،ةإًهن طرق أصحنب
ِ ٌ ٌ
ا شمنل ،قنل :ةإ،ا هللواد منهج عن يميين <..أي طريق واضحة بينة مستقيمة ،حاشية صحيح مسلم ملحمد
عبد ابلايق .صحيح مسلم (.)2484
273
( )2والل سبحانه وتعاىل ـهو اجلواد ْع اإلطَّلق ،فلك جود ف
العالم العلوي والسفل إىل جوده ،أقل من قطرة ف حبار ادلنيا ،ويه
من جوده.
( )3ومن كمال جوده "أنه جيود ْع أويلائه باتلوفيق لصالح
األعمال ،ثم حيمدـهم عليها ،ويضيفها إيلهم ،ويه من جوده ،ويثيبهم
عليها من اثلواب العاجل واآلجل ،ما َّل خيطر ْع ابلال"(.)1
آن وماكن،
( )4وـهو أجود األجودين ،فيداه سحاء باجلود ،ف لك ٍ
فكم جاد تعاىل من جوده ،فلم يهنقص من جوده ْع مدى األزمان .
()2
َّ
( )5وـهو سبحانه اجلواد :اذلي يهدي( )3عباده أمجعي ،إىل جادة
إىل طريق احلق ِ
باهلداية()4
احلق املبي ،وخيص أويلاءه املؤمني
َّ
املستقيم ،ويثبتهم عليها ،حىت يتوفاـهم ْع ايلقي.
( )6وـهو اجلواد ذلاته ،كما أنه الح ذلاته ،العليم ذلاته ،السميع
وابلصي ذلاته ،فجوده العايل ،من لوازم ذاته(.)5
ً
( )7ومن أعظم منه سبحانه جودا واخلَّلئق ل اعصون ،وـهو
يكلؤـهم ف مضاجعهم ،كأنهم لم يعصوه ،جيود ْع العايص ،كما ه
ه
جيود ْع الطائع ،يتحبب إيلهم باخليات ،وـهم يتبغضون إيله بالسيئات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1تفسي السعدي (.)238
َّ ٰ
( )2قال ‘> :يد ا مألى ،ال يييضهن ًفق ،،سحنء ا ليل وانلهنر ،أرأيتم من أًفق منذ لق ا سمنوات
ييض من يف يد < َّل يغيضها :أي َّل ينقصها .سحاء :أي :كثية العطاء ،تصب اخلي صبًّا.
واألرض ،ةإًه م ِ
( )3أي ـهداية اعمة :ويه ادلَّللة واإلرشاد. ابلخاري ( ،)6484ومسلم (.)993
ّ
( )4أي :ـهداية اتلوفيق اذلي من وفق إيلها َّل يزيغ )5( .مدارج السالكي ( ،)212/1والروح (.)499
274
( )8وـهو تعاىل اجلواد :الاكمل( )1ف ذاته ،وأسمائه ،وصفاته(،)2
ً
وأفعال ،وسلطانه ،حبيث َّل يكون وراءه كمال أبدا.
ً
هللالل اجلواد :أن لك جواد خلقه الل سبحانه ،وخيلقه أبدا،
أقل من َّ
ذرة بالقياس إىل جوده.
ومن هللالهل :أن َّ
حمبته تعاىل للجود ،والعطاء ،واإلحسان ،فوق
ه َّ ما خيطر ْع ابلال ،أو يدور ف اخليال ،وهلذا َّ
خص جل ثناؤه جبوده
أـهل ادلاعء والسؤال ،بلسان املقال ،أو احلال ،من ٍّ
بر وفاجر ،ومؤمن
عً وهللل من ادلاعء<(.)4 واكفر( ،)3قال ‘> :ليس يشء أكرم ٰ
ىلع ا
ومن هللالهل" :أنه أجاد ف فعله ،وتقريره ،وتدبيه ،وتفصيله"(.)5
وتتجىل سعة جوده ف دار خلوده ،أنه يعطي مثل ادلنيا وعرشة
أمثاهلا ألدىن أـهل اجلنة مزنلة من أويلائه(.)6
اثلمرات :ينبيغ ملن عرف ربه تعاىل جبوده ،أن يتعبد بمقتىض
ً ً ً
معطاءَّ ،ل خيش من ذي العرش إقَّلَّل، ـهذا اَّلسم أن يكون جوادا
‘ أحسن انلنس ،وأهللود أنه قال> :اكن رسول ا فعن أنس ~
انلنس<( ،)7واعلم رْحن الل وإياك أن "من أعظم ما جاد به سبحانه
ْع عباده ،تعريفه هلم بأسمائه احلسىن ،وصفاته العليا"(.)8
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2أسماء الل احلسىن للرضواين (.)679 ( )1ألن من معاين اجلود كما سبق نقيض الرديء.
( )5رشح األسماء لإلشبيل (.)252/2 ( )4صحيح الرتمذي (.)3370 ( )3احلق الواضح (.)66
( )6كما ف ابلخاري ( ،)7511( ،)6571ومسلم ( )7( .)186ابلخاري ( )8( .)2665جمموع الفوائد (.)250
275
املع ٰ
ىن ا ليوي :ا وتر :ـهو الفرد ،أو ما لم يتشفع من العدد،
أي :لك عدد َّل زوج ل(.)2
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه وتعاىل ـهو الوتر ْع اإلطَّلق:
( )1الواحد الفرد ،اذلي َّل نظي ل ف ذاته ،وَّل انقسام(،)3
ِ ِ ِ
وعلوـها فوق لك األنام. املتفرد بذاته بالكمال،
( )2وـهو سبحانه املتفرد بالكمال ف أسمائه احلسان ،وأفعال
اتلمام ،وملكه ،وسلطانه بادلوام ،وصفاته العَّل اجلَّلل.
تفرد ف الوجود ،وانلعوت ،باألزيلة بَّل بداية، ( )3وـهو اذلي َّ
واألبدية بَّل نهاية.
ِ
( )4وـهو اذلي تفرده وتوحده وتقصده لك الاكئنات بأرسـها ،ف
ٌ
مجيع شؤونها ،فليس هلا رب سواه ،وَّل مقصود غيه تقصده ،وتلجأ
إيله ،ف إصَّلح أمورـها ادلينية ،ويف إصَّلح أمورـها ادلنيوية.
( )5وـهو سبحانه الفرد ف ربوبيته ،فَّل رشيك ل ف ملكه ،وَّل
منازع ،وَّل معي ،وَّل ظهي ،ل من أحد من الّبية(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3فتح ابلاري (.)227/11 ( )2اللسان ( ،)4757/6األسىن (.)196 ( )1ابلخاري (.)6410
( )4انظر املعاين السابقة :شأن ادلاعء ( ،)104انلهاية ( ،)147/5األسماء والصفات ( ،)50/1وفتح الرحيم امللك ()37
276
ِ
املستحق إلفراده ف اتلأل، َّ
األلوـهية، ِ
املتفرد ف ( )6وـهو تعاىل
والعبودية ،وإخَّلص ادلين ل من لك اخلليقة.
( )7وـهو سبحانه الفرد األحد :اذلي َّل مثيل ل ،وَّل شبيه ل،
وَّل نظي ل ،وَّل عديل ،لكمال من لك الوجوه.
هللالل ا وتر :أنه تعاىل انفرد عن مجيع اخللق باألحدية،
ً
شفعا من اخلليقة ،فَّل تستقر ،وَّل تعتدل ،إَّل فجعل لك ما دونه
َّ
بالزوجية ،وَّل تهنأ ْع الفرديَّة واألحديَّة ،قال تعاىل{ :ﯻ ﯼ
ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [اذلاريات](.)1
َّ
ومن هللالهل :أنه سبحانه خلق األشياء املتضادة من اليشء
ِ
الواحد ،فهو تعاىل خلق من لك يشء مثله شيئي ،لك منهما يراوح
أحد ِـهما إَّل
اآلخر من وجه ،وإن خالفه من وج ٍه آخر ،وَّل يتم نفع ِ
بآخر ،من احليوان ،وانلبات ،وغيـها ،ويدخل فيه األضداد ،من
َّ َ
والسقم، الغىن والفقر ،واحلسن والقبح ،والليل وانلهار ،والصحة
َّ ً والّب وابلحرَّ ،...
َّ
ولما اكن ذلك ف اغية ادلَّللة ْع أن الك من
َّ
الزوجي حيتاج إىل اآلخر ،وأنه َّل بهد أن ينتيه األمر إىل واحدَّ ،ل
م
ِمثل ل ،قال تعاىل{ :ﰀ ﰁ}(.)2
اثلمرات :أثر ـهذا اَّلسم ْع العبد يتجىل ف حمبته للتوحيد
ّ
والوترية ،ف لك العبادات القويلة والفعلية ،فيغتسل ً
وترا ،ويستنرث
وترا ،وجيعل آخر صَّلته بالليل ً
وترا ،واملتتبع لكثي من األذاكر ً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2نظم ادلرر (.)286/7 ( )1أسماء الل احلسىن لدلكتور الرضواين (ص .)358
277
واألعمال ،والرَّق الرشعية ،جيد أنها تنتيه ً
وترا ،وـهذا من حتقيق
الفردية ،واألحدية لل تعاىل بالعبادة ،اليت يه أصل دعوة األنبياء
والرسل ،للك اخلليقة.
املع ٰ
ىن ا ليوي :اإلهل :اسم مفعول املألوه :أي املعبود ،اذلي
ِ
تأهله القلوب ،أي :حتبه ،وتذل ل ،و(اإلل) ـهو لك ما اختذ من دونه
َّ ً
معبودا هلإ عند مت ِخ ِذه ،واجلمع :آهلة ،وأصل (اتلأل) :اتلعبد(.)1
املع ٰ
ىن ا رشيع :الل سبحانه ـهو (اإلهل) هلإ األولي واآلخرين:
)1فهو تعاىل املحبوب املعبود حبق ،اذلي يعبده من ف السموات
واألرض{ ،ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ
ﮱ } [ال ُّز ُ
خرف.]84 :
ً ً ًّ ِ َّ
جل ثناؤه اذلي تأهله العباد ًّ
ورجاء، حبا ،وذَّل ،وخوفا، )2فهو
وتعظيما ،وطاعة.ً
ّ
)3وـهو سبحانه اذلي يؤل إيله اخللق لكهم ،إنسهم ،وجنهم،
ناطقهم ،وبهيمهم ،فهو تعاىل املفزع للاكئنات لكها ،ف مجيع أمورـهم
اخلاصة ،والعامة ،ف لك حال ،وحلظة ،وومضة ،وحركة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1لسان العرب ( ،)4671/13مدارج السالكي (.)27/3
278
َّ
تتحي القلوب عند اتلفكر ف عظمته سبحانه، " )4وـهو اذلي
وتعجز عن بلوغ كنه جَّلل"(.)1
)5وـهو القاـهر الغالب ،اذلي َّل يهقهر وَّل يهغلب ،انلافذ اإلرادة
وحده ف مجيع مراداته ،حىت َّل يريد شيئًا إَّل اكن ،وَّل يكون إَّل
بإرادته ،من غي مانع وَّل مدافع ،قال تعاىل{ :ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ
ﯤ ﯥ} [األنبياء ،]22 :أي متغابلي وخمتلفي(.)2
)6وـهو اإلل احلق ،املوصوف بالصفات األلوـهية ،اذلي انفرد بها
عن لك الّبية ،ويه مجيع أوصاف الكمال ،وأوصاف اجلَّلل،
ّ
واملذام. وأوصاف اجلمال ،مع نيف أضدادـها ،من الشبيه ،واملثيل،
()3
َّ
)7فهو سبحانه املألوه ،املستحق ألن يؤل ،أي :يعبد ،ويوحد
وحده َّل رشيك لَّ ،ل هلإ إَّل ـهو ،فلك معبود من دلن عرشه إىل قرار
أرضه باطل(.)4
قال شيخ اإلسَّلم ابن تيمية رْحه اللَّ> :ل هلإ إَّل أنت< فيه إثبات
واأللوـهية تتضمن كمال علمه وقدرته ،ورْحته َّ انفراده باإلهلية،
وحكمته ،ففيها إثبات إحسانه إىل العباد ،فإن اإلل ـهو املألوه ،واملألوه ـهو
اذلي يستحق أن يعبد ،وكونه يستحق أن يعبد ـهو بما اتصف به من
الصفات ،اليت تستلزم أن يكون ـهو املحبوب اغية احلب ،واملخضوع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )3جمموع الفتاوى (.)202/13 ( )2إبطال اتلأويَّلت (.)651 ( )1األسىن (.)350
( )4دقائق اتلفسي (.)364/2
279
ل اغية اخلضوع ،والعبادة تتضمن اغية احلب بغاية اذلل(.)1
الفرق بني اسم (اإلهل) و(ا رب) و(ا ):
واسم >اإلهل< خيتلف ف معناه عن اسم >ا رب< ف كثي من
َّ
انلوايح ،فمنها :أن الرب معناه يعود إىل اَّلنفراد باخللق واتلدبي ،أما
ِ
>اإلهل< :فيستحق عبادة املألوه اذلي تعظمه القلوب ،وختضع ل
املحبة واتلعظيم ،املستحق للعبادة بكل أنواعها وشموهلا، َّ بكمال
ٌ
كثي من املرشكي ملا والفرق بي >ا < و>اإلهل< أن اإلل قد وصفه
عبدوه منهم ،اكلشمس والقمر والكواكب ،ولم يفعل ذلك أحد ف
اسمه >الل< ،فلم َ
يتس َّم به أحد قط .
()2
280
ً ً برشا ً
إنشاء ً
ً
سويا اعقَّل ،وتربية لك ف دار ادلنيا ،موعودا بالرْحة
الوعد الصادق حبسن العاقبة ف اآلخرة ،جدير بعبادتك ل ،والوقوف
عند أمره ونهيه ،وأطمعك بهاتي الصفتي ف سعة رْحته ،تلحقق
وحدانيته سبحانه وحده ،دون ٍ
أحد غيه(.)1
هللالل اإلهل :من جَّلل ـهذا اَّلسم الكريم أنه ـهو أعم األسماء
دَّللة بعد اسم (ا ) جل وعَّل ،قال تعاىل{ :ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ
ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ} [ابلقرة](.)2
ومن هللالهل أنه جامع جلميع صفات الكمال ،ونعوت اجلَّلل،
فيدخل ف ـهذا اَّلسم مجيع األسماء احلسىن ،والصفات العَّل( ،)3فمن
داع به فقد داع جبميع أسمائه تعاىل ،وصفاته.
اثلمرات :قال تعاىل{ :ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
ً ﮭ} [الزخرف ،]84 :أي :يأهله أـهل السماء ،وأـهل األرضً ،
طواع وكرـها،
اللك خاضعون لعظمته ،منقادون إلرادته ومشيئته ،وهلذا عباد
الرْحن يأهلونه ويعبدونه ،ويبذلون ل مقدورـهم باتلأل القليب
والرويح ،والقول والفعل ،فيعرفون من نعوته وأوصافه ما تتسع
قواـهم ملعرفته ،وحيبونه من لك قلوبهم حمبة تتضاءل مجيع املحاب
هلا ،فلما تمت حمبة الل تعاىل ف قلوبهم ،أحبوا ما أحبه من
أشخاص ،وأعمال ،وأزمنة ،وأمكنة ،فصارت حمبتهم وكراـهتهم ً
تبعا
إلَّلـههم ّ
وسيدـهم وحمبوبهم(.)4
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1تفسي أيب السعود ( ،)225/1وابلحر املحيط ( 76/2ـ ،)77واتلحرير واتلنوير (.)75/2
( )3بدائع الفوائد ( )4( .)212/2فتح الرحيم امللك (ص 13ـ )14بترصف يسي. ( )2األسىن (.)369
281
282
َّ
يتضمن اآلخر(.)1 واحد منها بعضها ،أما عند اَّلنفراد فلك
ٍ
)9ا كريم :من الصفات اذلاتي :،أن ل رشف اذلات ،وسعة الصفات،
والفعل :كرثة خيه ،وصفحه عن عباده ،وْع انليف :نزاـهته عن لك اآلفات.
)10ا ودود :من صفات األةعنل اَّلختيارية اليت تقوم بمشيئته.
َّ
11ه )12اليفور اليفنر من صفات األةعنل.
)13العًيً :من أوصاف اإلثبات وانليف ،فمن األولْ :ع اذلات :أنه
املنيع ،الرفيع الشأن والقدر ،الفعل :إعزازه من شاء من عباده ،منهم
أويلاؤه ،وْع انليف :أنه املنيع ،وأنه منقطع انلظيَّ ،ل مثيل ل.
)14اجلميل :من أسماء اذلات ،واألةعنل ،اذلات :وـهو اجلمال
ه
والكمال املطلق ،ف اذلات ،والصفات ،وْع األةعنل :أنه جي ّمل من شاء من
رْ
مجله ،وأدم مجنهل<(.)2 األنام ،كما ف داعء انليب ‘ لعمرو بن أخطب> :امهلل
15ه 16ه )17القندر ،القدير ،املقتدر :من أوصاف اذلات :دَّلتلها
ْع القدرة الاكملة ،وتقدير املقاديرْ ،ع وفق علمه ،قبل ختليقه وتكوينه،
وْع الفعل :تنفيذ مقاديره ْع وفق تقديره.
)18العفو :من صفات األةعنل،ويه اليت يفعها مىت شاء ،وكيف يشاء.
19ه )20ا واحد ،األحد :من الصفات اذلاتي ،،وكذلك من الصفات
املنفي ،بنوعيهن ،وـهما :أ) صفنت منفي ،متصل :،ويه نزاـهته عن لك العيوب
وانلقائص ف ذاته ،وصفاته العلية ،ب) صفنت منفي ،منفصل :،ويه نزاـهته
عن لك رشيك ل ف الربوبية ،واأللوـهية ،واألسماء احلسىن ،والصفات اجلليلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2صحيح موارد الظمآن (.)395/2 ( )1انظر أسماء الل احلسىن د .الرضواين (.)696 ،416 ،377
283
َم
)21القريب :من أوصاف اذلات ،وكذلك ْع الفعل :أنه يقرب من
قرب من خلقه من شاء ،قال ‘> :أقرب خلقه كيف شاء ،ومىت يشاء ،ه
وي ِ
284
)34ا سميع :من الصفات اذلاتي ،،وـهو :سماعه للك األصوات ف لك
األوقات ،والفعلي :،دَّلتله ْع سمع اإلجابة ،والقبول ،واإلثابة.
)35ابلصر :من صفات اذلات أن ل عينان يبرص بهما لك األنام،
والفعل" :أنه ينظر بلعض خلقه ،دون بعض ،نظرة عطف ،ورْحة ،وتنعيم"(.)1
36ه )37القنهر ،القهنر :من أوصاف اذلات ،ويه علوه املطلق ف
ذاته ،وشأنه ،واألةعنل :قهره لعباده ،ومنه إذَّلل ه
للعتاة من خلقه.
َّ
)38ا وهنب :من الصفات الفعلي ،اَّلختيارية.
)39املتكرب :من الصفات اذلاتي ،،واملنفي ،بنوعيها.
ِ
)40املؤمن :من أوصاف اذلات :أنه الصادق ،اذلي يستحيل اتصافه
باملقابل :اكلكذب ،وإخَّلف الوعد والعهد ،فهو تعاىل َّل خيلف وعده،
والفعل :تصديقه من شاء من خلقه.
)41ال َرب :من صفات الفعل.
42ه )43ا ويل ،املول :من صفات الفعل.
َّ
)44اجلبنر :من صفات اذلات :وـهو العظمة ،والعلو ،واملنعة،
والرفعة ،وْع األةعنل :أنه املصلح أمور خلقه ،وجّب الضعفاء منهم.
)45ا رؤوف :من صفات الفعل.
)46اتلواب :من صفات الفعل.
)47احلليم :من صفات الفعل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1أسماء الل احلسىن للرضواين (.)327
285
)48ا شهيد :من صفات اذلات ،ويه املشاـهدة ،والرؤية ،وعدم
الغفلة ،والفعل :شهادته نلفسه بالوحدانية ،وألنبيائه بالصدق ،واألمانة.
49ه )50ا رزاق ،ا َّرازق :من أسماء األةعنل.
ُ ُّ
)51القدوس :من الصفات اذلاتي :،أنه املعظم ف ذاته ،وصفاته،
ِ ِ
ويطهر من شاء من عباده، وكذلك الفعلي :،أنه املبارك ،واذلي يقدس
()1
ه
ويدل كذلك ْع الصفات املنفي ،بنوعيهن.
َّ
52ه )53اخلنلق ،اخلالق :من أوصاف الفعل.
)54ابلنرئ" :من صفات اذلات :إذا اكن تقديره كفعل َّلزم ،أي:
ّ َّ
املزنه عن لك انلقائص ،وكفعل متعد :صفة ةعل"(.)2
)55ا ر
ملصور :من صفات األةعنل.
ِ َّ
)56ا سالم :من الصفات اذلاتي ،،والفعلي :،أنه يهسلم ْع أنبيائه
يدل ْع نويع الصفات املنفي.،وأويلائه ف ادلنيا واآلخرة ،وكذلك ه
)57ا واسع :من صفات اذلات :أنه الاكمل الواسع ،ف ذاته ،وصفاته،
وسع ْع من شاء ف اخللق ،كما قال سبحانه{ :ﯰ وملكه ،والفعل :أنه يه ِ
ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ} [اذلارياتّ ،]47 :
ويوسع ْع من يشاء ف الرزق ،قال
َّ
‘> :إ،ا وسع ا ةأوسعوا<(.)3
)58ا لطيف :من الصفات اثلبوتي :،اذلاتي ،،والفعلي.،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1صفة الّبكة :من الصفات اذلاتية ،والفعلية ،انظر بدائع الفوائد ( ،)242/1وجَّلء األفهام (.)167
( )2الرضواين (.)291
( )3ابلخاري (.)358
286
)59ا كبر :من أوصاف اذلاتي ،،وكذلك ْع نويع الصفات املنفي.،
َّ
60ه )61ا شنكر وا شكور :من الصفات الفعلي.،
)62العليم :من الصفات اذلاتي ،،والفعلي ،كذلك :وـهو تعليمه من
شاء من الّبية ،قال سبحانه{ :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [الرْحن].
)63احلفيظ :من األوصاف اذلاتي ،،والفعلي.،
)64األكرم :من األوصاف اثلبوتية ،اذلاتي ،،والفعلي ،،وْع الصفات
املنفية.
65ه )66األول ،اآل ر :من الصفات اذلاتي.،
)67الظنهر :من صفات اذلات ،والفعل :إظهاره احلق للخلق ،من
العلوم العقلية ،والرشعية ،ونرصه ألويلائه ،وإعَّلئهم فوق لك اخلليقة.
)68ابلنطن :من صفات اذلات ،والفعل ،ـهو "فَّلحتجاب( )1احلق
َّ
عمن شاء من اخللق"(ْ )2ع مقتىض حكمته ومشيئته.
)69املهيمن :من أوصاف اذلات ،واألةعنل.
)70احلق :من صفات اذلات :أنه واجب الوجوب ،ادلائم بانلعوت،
واألةعنل :إحقاقه احلق ،ووعده الصدق.
)71املبني :من الصفات اذلاتي :،ابلي أمره ف وجوده ،ووحدانيته،
والفعليِ :،
املبي لعباده سبل اهلدى والرشاد
)72الفتنح :من األوصاف الفعلي.،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )2الرضواين (.)314 َّ
واختصها ف اجلنة ألويلائه فقط. ( )1أي :أنه احتجب عن رؤيته ف ادلنيا من لك أحد،
287
)73اخلبر :من األوصاف اذلاتي.،
َّ
)74ا وكيل :من األوصاف الفعلي.،
)75املقيت :من الصفات اذلاتي :،أنه بمعىن القادر ،والفعل :أنه
املوصل األرزاق للك اخلَّلئق.
)76انلصر :من صفات األةعنل.
)77ا رقيب :من صفات اذلات.
)78ا وارث :من الصفات اذلاتي :،أنه ابلايق ادلائم ،والفعلي :،أنه
ورث من يشاء من الّبية. الوارث جلميع األشياء ،اذلي يه ِ
288
ر ر
)89ا ستر :من الصفات الفعلي ،اليت يفعلها مىت شاء سبحانه.
)90ا سيد :من الصفات اذلاتي :،أن ل السؤدد ،وـهو رشف اذلات،
وجَّللة الصفات ،والفعلي :،أنه الرب ،واملول ،واحلليم.
)91ا شنيف :من الصفات الفعلي.،
)92املعطي :من الصفات الفعلي.،
ر
)93الطيب :من الصفات اذلاتي ،،والفعلي :،أنه طيب اجلنة
ألويلائه ،واستطابته تعاىل من الروائح( ،)1وْع الصفات املنفي.،
ر
)94املسعر :من الصفات الفعلي.،
)95ا ُّس ُّبوح :من أوصاف اذلاتي ،والفعلي :،أنه َّ
نزه نفسه َّ
وسبحها
عن وصف العباد ل ،إَّل ما وصف به املرسلون ،وـهذا من الكمه ،اذلي
ـهو صفة ةعلي ،،و،اتي ،،ويتضمن كذلك الصفات املنفي.،
َ َ
احلكم :من صفات األةعنل. )96
)97اجلواد" :من صفات اذلات ،إن اكن تقدير معناه :اتصاف الل
باحلسن اذلايت ،والكمال اإلليه ،ووصف ةعل :إن اكن تقدير معناه:
اإلفاضة بانلعم"(.)2
)98ا وتر :من الصفات اذلاتي ،ومن الصفات املنفي.،
)99اإلهل :من صفات اذلات ،فهو املعبود حبق ،للك موجودْ ،ع
الوجوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من ريح املسا< ابلخاري ( ،)5583ومسلم (.)1151 ( )1كما ف احلديث >وخللوف ةم ا صنئم أطيب عند ا
( )2الرضواين (.)681
289
الفهرس
14ـ اجلميل 67 ............................. تقديم الشيخ شعيب األرنؤوط 5 .......
15ـ 16ــ 17ــ القـادر ،القـدير، تقــديم ادلكتــور حممــد الســيد
املقتدر 71 ........ ................................ الطبطبايئ 7 ......................................
18ـ العفو 74 ............................... تقديم ادلكتور بسام الشطي 9 ............
19ـ 20ـ الواحد ،األحد 78............ تقديم الشيخ حاي احلاي 11..............
21ـ القريب 82 ............................ تقديم ادلكتور عثمان اخلميس 13 .....
22ـ املجيب 83............................ املقدمة 15 ........ ................................
23ـ 24ـ 25ـ امللـك ،املليـك، املراد بإحصاء األسماء احلسىن 19 .....
املالك 85 .......... ................................ الر ِب 22 .....................
أنواع صفات َّ
290
65ـ 66ـ األول ،اآلخر 200........... الم ِ
تكّب 128 ............................ 39ـ ه
َّ
67ـ الظاـهر 202 ........................... 40ـ املؤمن 131 ...............................
68ـ ابلاطن 204 ........................... الّب 134 ................................... 41ـ َ
291
97ـ اجلواد 273 ........................... 90ـ السيِد 257 .............................
َّ
99ـ اإلل 279 ................................. 91ـ الشاف 258............................
هم
دَّللـــة األســـماء احلســـىن ْع المع ِطي 260 ......................... 92ـ
صفات الل العَّل 282 ....................... الط ِيب 263.......................... 93ـ َّ
292
الفهرس األجبدي لألمساء احلسنى
293
القوي111 .................................... السيد257 ...................................
القيوم 44 .................................... الشاف 258 ..................................
الكبي 184 .................................. الشاكر الشكور 187 ....................
الكريم 51.................................... الشهيد154..................................
اللطيف181................................. الصمد79 ....................................
الل27 ......................................... الطيب 263 .................................
املبي213..................................... الظاـهر 202 ..................................
املتعال47 .................................... العزيز 63....................................
املتكّب 128 ................................. العظيم 107 ..................................
املتي115 ..................................... العفو74 ......................................
املجيب83................................... العل 47 ......................................
املجيد97 .................................... العليم 191 ...................................
املحسن252 ................................ الغفور ،الغفار60 .........................
املسعر265 .................................. الغن100 ......................................
املصور170 ................................... الفتاح216 ..................................
املعطي 260.................................. القابض ،ابلاسط 236 ...................
املقدم ،املؤخر240 ......................... القادر ،القدير ،املقتدر 71 ............
املقيت224 .................................. القاـهر ،القهار122 ........................
امللك ،املليك ،املالك85 ............... القدوس 161................................
املنان242 .................................... القريب 82 ..................................
294
الواسع 176 .................................. املهيمن206..................................
الودود56 ..................................... املؤمن 131...................................
الوكيل 222................................... انلصي226 ..................................
الول ،املول137 ........................... الواحد ،األحد78.........................
الوـهاب125 .................................. الوارث231 ..................................
295